أخر الاخبار

رواية رحيق الهلالي الفصل السابع عشر17بقلم داليا السيد

رواية رحيق الهلالي

 الفصل السابع عشر17
بقلم داليا السيد

سفر
وتمر الأيام كالعادة شهر أكثر لم تَعد تعِد الأيام وهي تمر دون توقف وانتهت امتحانات جواد وأصبح التعامل بينهم أفضل قليلا حيث سمحت لنفسها أن 




تتحدث معه وهو أيضا ولكنه لم يحاول إعادة ما كان وأدرك أن أي سبيل منها غير أم لجواد سيكون صعب ولن يصل إليه، ومع ذلك لم ينكر ذلك التغيير الذي تسرب إليه تجاهها.. 





وبنتيجة جواد تمسك الطفل بحقه في الجائزة وهي أن يذهب إلى جدته فتوقفت هي صامتة وهي تضع






 أطباق الغداء بينما نظر هو إلى ملامحها التي تغيرت وقال 
“حبيبي ما زال الجو برد ولم يأتِ الصيف بعد"
ولكن جواد تذمر وقال بضيق "أنت وعدتني فراس وأنا الأول على المدرسة" 
كانت عيونها تنطق بكلمات كثيرة وهو يتابعها ويقرأها جيدا بالتأكيد لا تريد البقاء معه وحدها فقال "أنا لن أتراجع عن وعدي جواد، ولكن ألا تظن أنك لابد أن تستأذن جدتك أولا؟" 
هب الصبي واقفا وأسرع يقول "حالا، سأذهب وأكلمها" 
تابعته وهو يذهب ونظرات فراس تتابعها إلى أن قال "هل أنت بخير؟" 
انتبهت إليه حيث بدا وجهها شاحبا وقد بدأت تشعر مؤخرا بتعب غريب لم تعرفه من قبل ولكنها تغاضت عن الأمر وقالت "ماذا؟ نعم أنا بخير" 
ولكن سرعان ما عاد جواد بالهاتف وقال "بابا نانا تريدني أن أذهب ولو رحيق تأتي هي الأخرى معي" 





توقفت نظراته عليها وكأنه صدم من الأمر وهو يفكر هل يمكن أن تتركه وتذهب بينما توقفت نظراتها على جواد وهي لا تفكر وكأن عقلها أصيب بعطل مفاجئ أوقفه عن التفكير. 
وقف جواد بينهم منتظر الإجابة إلى أن قال "بابا ماذا أخبر نانا؟" 
ابتعدت هي خارجة من المطبخ وتابعها هو بعيونه ثم عاد إلى جواد ليرد
خرجت إلى الحديقة التي بدأت تنبت أرضها لتبدو جميلة ولكن ما زالت في المهد، تبعها إلى الخارج واتجه إليها حيث وقفت أمام شجرة قديمة لم تمسها يد من قبل فقال
“تبدو الحديقة مختلفة"
لم تلتفت إليه وهي تشعر بالآلام بمعدتها حاولت أن تتجاهلها وقالت "ما زالت بالبداية ولم تمنحني ما كنت أتمنى"
كادت تذهب عندما أمسكها من ذراعها ولكنها أبعدت يده فهي ترفض أن يلمسها منذ ما حدث بينهم فنفخ بضيق وقال "رحيق كفي عن تصرفاتك هذه" 
نظرت إليه بقوة وقالت "أي تصرفات؟" 
واجها بقوة وقال "تعلمين ما أعني، لقد مر الكثر على الأمر و" 
ابتعدت ولم تسمعه ولكنه أمسكها مرة أخرى ولكن بقوة ليعيدها أمامه وقال بنفس القوة "لن تبعدي يدي رحيق مرة أخرى، أخبرتك أني لن أمسك بسوء فكُفي عن عنادك هذا" 
تاهت عيونها بنظراته القاتمة والغاضبة فسكنت بين يديه كالقطة الوديعة ولم ترد فهدء غضبه وقال "تريدين الذهاب لقضاء بعض الأيام عند كوثر؟ ربما كنتِ بحاجة للتغيير؟ لست على ما يرام هذه الأيام" 
لم تبعد عينيها الذهبية عنه وتألق ضوء السماء الأزرق بعينيه فأبعدت عيونها وقالت "أنا بخير ولكن كما تشاء" 
خفف قبضته عن ذراعيها وقال "حسنا عزت لن يكون موجود سأوصلكم غدا وأعود إليكم بنهاية الأسبوع" 
نظرت إليه نظرة حزن لم تفارقها وقالت "سأعد الحقائب" 
لم يفلتها وهو يتأملها كما كانت تفعل إلى أن قالت "اتركني" 
أبعد يده لتتحرك مبتعدة من أمامه وقد امتلأت عيونها بالدموع التي لا تعرف سببها 
ذهب بعد أن تركهم ببيت كوثر التي رحبت بهم بسعادة وقد كانت شقتها جميلة 





ونظيفة مما أعجب رحيق جلست كوثر وقالت "الشاطئ قريب من البيت كنت أصطحب جواد وهو صغير إليه لذا اعتاد على ذلك" 
ابتسمت وقالت "نعم كان يحكي لي كثيرا عن تلك الأيام" 
قالت كوثر "تبدين متعبة رحيق؟ هل أنت بخير؟" 
حاولت الابتسام دون الاعتراف بالتعب كالعادة وقالت "بالطبع، رؤية حضرتك أسعدتني جدا" 
ابتسمت وقالت "الآن عرفت أن سلوكك الراقي كان له سبب، لم أقتنع أبدا أنك مدبرة منزل، لكن لماذا فعلت ذلك رحيق؟" 
أخفضت وجهها وأخبرت كوثر حكايتها فقالت "أعلم حبيبتي أن حياته كانت عبارة عن حالة من الفوضى ولكنه كان يرفض مساعدة أحد واندهشت أنه وافق عليكِ، لكن عندما رأيت شخصيتك وتأثيرك على كل ما حولك أدركت أنه لم يستطع أن يتغلب عليك وتمنيت أن تكون بحياته امرأة مثلك لذا سعدت بقراره الزواج بك خاصة أن فريدة رحمها الله أوصتني بك وأخبرتني أن أكون معك بأي وقت" 
ظلت تنظر للمرأة ثم قالت "ودنيا؟" 
ضاقت عيونها وقالت "دنيا؟ دنيا لا تصلح لفراس رغم أنها تتغنى بحبها له لكني أعرف ابني جيدا لن يعيدها، البحر لا يلتهم بقاياه مرة أخرى رحيق وكذلك فراس" 
أخفضت وجهها وقالت "ولكنها تحاربني حضرتك" 
ابتسمت كوثر وقالت "ألا تظنين أن ماما أفضل من حضرتك وسيادتك؟ ألا أستحق؟ ليس بعد كل تلك المدة وعلاقتنا مؤخرا" 
رفعت إليه نظراتها بدموع فاقتربت منها كوثر وأمسكت يدها وقالت "أنا أم حبيبتي ويمكنني أن أعرف من التي ستمنح ابني السعادة ومن التي تمنحه الشقاء، لذا أنا معكِ وسنحاربها سويا إذا لزم الأمر، على فكرة طعامك رائع وكل ما كنت ترسليه لنا كان ينتهي بنفس اليوم لذا من الغد سأتناول طعامي من يدك ولن تكوني ضيفة بالبيت" 
مسحت دموعها وقالت "بل من الآن لو شأت حض.." 






نظرات كوثر أوقفتها فابتسمت وقالت "من الآن ماما سأعد أنا الغداء فهي متعتي" 
جذبتها المرأة لها فاحتضنتها بقوة وكأنها كانت بحاجة إليها خاصة من بعد رحيل فريدة.. 
 مضى يومين كانت سعيدة لأن كوثر منحتها رعاية وحنان أكثر مما منحته لجواد نفسه وكأن المرأة كانت تشعر بها وباحتياجها إليها، ورغم التعب الذي كانت تشعر به إلا أن وجودها هنا أعاد لها بعض الراحة ومع ذلك لم تتوقف عن تنظيم بيت كوثر كما اعتادت والمطبخ وكل ما كان يمنحها إحساس بالراحة
باليوم الثالث أتت فايزة لزيارتها وكم كانت سعيدة جدا لرؤيتها وتحدثا كثيرا وطالت السهرة حتى رن جرس الباب وأسرع جواد يفتح لترى مهاب يدخل فتولى الجميع الصمت وتبدلت الملامح خاصة فايزة التي لم تخبره بوجود رحيق
تقدم إلى الداخل وعيونه على رحيق وقال بوقاحة "العروسة الثرية هنا؟ يا لها من مؤامرة يا زوجة عمي" 
أبعدت رحيق وجهها عنه بينما قالت كوثر "احفظ لسانك يا مهاب زوجة عمك لا تحيك أي مؤامرات" 
جلس أمام رحيق دون أن يعير زوجته أي اهتمام وقال "إذن هي فايزة؟ لم تخبرني أنها أتت من أجلها" 
قالت فايزة بضيق "وما شأنك أنت بها مهاب؟" 
ظل ينظر إلى رحيق التي احمر وجهها وشعرت بالغثيان منه ومن نظراته وحتى من كلماته وتلوت معدتها بألم وهو يقول "وكيف ذلك وهي زوجة ابن الهلالي الكبير الذي أكل وجه الكعكة" 
لم تعد تتحمل فنهضت وقالت "عن إذنك ماما سأحضر القهوة لفايزة" 
نهض ووقف أمامها بنفس الوقاحة وقال "وأنا أقف وأعطي وجهي للحائط وأرفع يدي؟" 
ثم ضحك بشكل مثير للاستفزاز فوقفت فايزة وقالت "مهاب هيا لقد تأخرنا" 
ولكنه لم يتراجع وقال "اجلسي فايزة سهرتنا هنا الليلة مع العروسة" 
تحركت ولكنه أوقفها فقالت بغضب "من فضلك ابتعد عن طريقي" 
نهضت كوثر هي الأخرى وتحركت إليهم وجذبت رحيق خلفها وواجهت مهاب بغضب قائلة "التزم حدودك مهاب، واحترم حرمة البيت الذي أنت به وإما أن تجلس باحترامك أو لا مكان لك هنا" 
تراجع مهاب من كلمات كوثر لحظة ثم ابتسم وقال "ما هذا زوجة عمي أنا كنت أمزح هيا اجلسي ولنمرح قليلا سويا" 
ولكن رحيق قالت وهي تتراجع "اسمحوا لي أنا متعبة" 
بالتأكيد لم يعترض أحد ودخلت غرفتها وهي تشعر بألم بمعدتها الذي صاحبها بالأيام السابقة، لحظات ودق باب غرفتها لتدخل كوثر فنهضت فقالت المرأة "لقد رحل" 
هزت رأسها ولم ترد فاقتربت منها كوثر وقالت "أنت بخير حبيبتي؟ تبدين شاحبة؟" 
هزت رحيق رأسها وقالت "اطمئني ماما أنا بخير"
عادت كوثر تقول "رحيق تعلمين العداوة التي بين مهاب وفراس ولو" 
قاطعتها رحيق بتفهم "اطمئني ماما لا يمكن أن أخبر فراس بما حدث" 
ربتت عليها وقالت "حسنا حبيبتي، أعلم أن لك عقل ناضج ويثير إعجابي، هيا يا ابنتي نامي الآن فأنتِ تبدين متعبة" 
رن هاتف رحيق باسمه وقد كان يهاتفها كل يوم بنفس الموعد فابتسمت كوثر عندما رأت اسمه وتركتها وذهبت 
جلست على طرف الفراش وقد كانت كلماته مختصرة فقط للاطمئنان ومع ذلك أجابت وقد بدأت تهدأ تجاهه وربما بعده أثر بقلبها وأضعفه 
"ألو" 
جلس على مقعده بالمطبخ ووضع كوب الشاي أمامه وقد فقد طعم أي شيء منذ رحيلهم، للحقيقة برحيلها لم يعد للبيت أي بهجة أو عطر أو رحيق من رحيقها النادي، كان يأبى العودة إلى البيت الصامت إلا عند النوم ليظل مستيقظا بالفراش يفكر بها وبما تفعل هناك حتى أنه دخل غرفتها والتمس عطرها وهو يندهش من نفسه وتصرفه الصبياني وتساءل، ماذا تمثل له؟ منذ تلك الليلة وكلمات مرتضى ونظرات الألم بعينيها، وتبدل كل شيء لم يعد يقاوم مشاعره ولا يركب كبرياؤه، تمنى لو أخبرها أنه نادم على ما حدث وأنه أراد أن ينالها برضاها وبلحظات أخرى مختلفة، تمنى لو عادت ابتسامتها وحماسها بكل مكان كما كان، وأن يرى تلك النظرة التي تشع ببريق الزهو بما فعلت وليس تلك النظرة التي امتلأت بالانكسار والألم والحزن
جائه صوتها الرقيق بالهاتف فنفخ الدخان وقال "هل نمتِ؟" 
قالت "لا، ماما كانت هنا" 
هز رأسه وقال "كيف حالكم؟ هل يستمتع جواد بالبحر؟" 
قالت "لا ما زال الجو برد هو يلعب على الرمال وماما أخذته بجولة بالسينما والملاهي" 





تساءل "وأنتِ؟ لم تذهبي" 
قالت "لا، فايزة أتت اليوم لرؤيتي" 
نفخ الدخان مرة أخرى وهو يشعر بتغير بصوتها فقال "هل حدث شيء؟ أنت بخير رحيق؟" 
لا تعلم لماذا تمنت لو كان معها الآن، كما لو أنها تشعر بالخوف لا تعلم لماذا؟ مسحت دمعة وحيدة وقالت بعناد مع ضعفها "نعم بخير، والجو هنا رائع وماما كوثر تفعل الكثير لإسعادنا" 
أدرك أنها سعيدة طالما هي بعيدة عنه فقال "من الجيد أن تكوني سعيدة هناك، لن تعودي إذن هنا" 
قالت دون تفكير "لماذا؟ ألن تأتي لتأخذنا؟" 
صمت وهو يحاول تصديق كلماتها وسؤالها "ظننت أنكم تريدون البقاء" 
أدركت أنه سعيد لخلاصه منها فصمتت ولم ترد فقال "لو أردت البقاء أخبريني" 
عادت دموعها متفرقة وقالت "سأفعل" 
وانتهى الحديث وأغلق كلاهم الهاتف واليأس يملأ قلب كلا منهما، تراجعت على الفراش واستسلمت للدموع حتى نامت بينما ظل هو ينظر حوله وهو يراها تتحرك بنشاط في المكان لتضع الأطباق وتغسل غيرها وتجفف الأكواب وترص الأوعية، نهض ليبعد الأفكار عن ذهنه وتحرك إلى غرفته عندما رأى صورته وهو يحيطها بقوة ويأخذها بعنوة فشعر بالغضب من نفسه وتحرك إلى الحمام ليغلق بوابة الذكريات المؤلمة التي لا تريد أن تتركه 
كالعادة استيقظت مبكرة ولكن بنفس التعب الذي لا تعرف سببه ولكنها نفضته وأعدت الإفطار بعناد وانتهت منه عندما خرج جواد وكوثر إلى المائدة وابتسمت كوثر وقالت 
“لا أعلم كيف ستكون الأيام بعد رحيلكم رحيق، لقد أسعدتم أيامي حبيبتي" 
ابتسمت رحيق وهي تصب لها الشاي باللبن وقالت "ما رأيك لو تأتين معنا وتقضين بعض الأيام بالبلد؟" 
ضحكت وقالت "تريدين أن تنهي علاقتي بفراس نهائيا؟" 
جلست وهي تنظر إليها بدهشة وتساءلت "ولماذا ماما؟ فراس يحب وجودك أنا متأكدة" 
هزت كوثر رأسها وقالت "أتحدث عن شيء آخر رحيق الخصوصية حبيبتي أنا أريد حفيد آخر ليكون أخ أو أخت لجواد أليس كذلك جواد؟" 
احمر وجهها وأخفت عيونها لتخفي حقيقة ما بينهم بينما قال جواد "أريد أخ نانا وليس أخت البنات مزعجة" 
ضحكت كوثر وهي تتابع ملامح رحيق وصمتها فقالت "رحيق لماذا أشعر أنكِ تخفين شيء عني؟ هل يسيء فراس معاملتك؟" 
نظرت إليها على الفور وقالت "لا ماما بالعكس" 
وتذكرت ما حدث بينهم ولكنها لن تخبر أحد بسرهم ولن تنكر أنه تغير معها بالفعل وأنها بدأت تنسى ما كان ويغلب حبها على غضبها فقالت كوثر 
"إذن لماذا أشعر أن بينكم حاجز؟ عندما أتى بكم هنا لم أشعر، لا أعلم ماذا أقول ولكن هناك شيء غريب رحيق" 
رفعت عيونها للمرأة وقالت كاذبة "هو كان يشعر بالضيق لأننا سنتركه وحده ماما" 
لحظة مرت قبل أن تبتسم كوثر وتقول "ربما تكونين على حق حبيبتي المهم أنكم بخير، وأنا أعلم أنك تحبينه من قلبك" 
احمر وجهها وأبعدت عيونها فقالت كوثر "الحب لا يمكن إخفاؤه يا ابنتي أليس كذلك؟" 
لم يمكنها أن تصمت فهزت رأسها وهمست "نعم، لكن أحيانا يتوارى خلف الصعاب والعقبات" 
قالت كوثر "أعلم رحيق أن فراس لا يؤمن بالحب ولكن هو يريدك معه حبيبتي وهذا جزء من الحب فنحن نريد من نحب ونهرب ممن نكره وتظهر بعيوننا وتصرفاتنا مشاعرنا تجاههم لذلك أنا أدركت حبك لابني وسعيدة به وأعلم أنه يريدك ولن يتخلى عنكِ" 
ابتسمت وارتاحت لأن كوثر تمنحها ما لم تجده من شخص يسمعها ويعبر عن ما داخلها.. 
رن جرس الباب فأسرع جواد ليفتح لتجد دنيا تقف عند الباب فشعرت بالغضب يتملكها وهي تتذكر أنها سبب أحزانها فأبعدت وجهها بينما دخلت دنيا لتقبل كوثر وتقول 
“زوجة عمي كيف حالك؟"
رحبت بها كوثر ودعتها للجلوس ولم ترحب برحيق كالعادة فنهضت رحيق ولكن كوثر قالت "دنيا لم ترحبي برحيق" 
قالت دنيا بطريقة عابرة "أهلا رحيق" 
قالت رحيق وهي تذهب "أهلا" 
وتركتهم وتحركت إلى غرفتها بغضب مكتوم لترى هاتفها يرن باسمه فأسرعت إليه بسعادة لأنه يتصل الآن على غير العادة فأجابت بلهفة "صباح الخير" 
شعر باختلاف نبرتها وكأن هناك سعادة كاد ألا يصدقها ولكنه قال "صباح النور، لم يكن صوتك جيد بالأمس ولكن يبدو أنك بخير اليوم" 
ابتسمت وهي سعيدة لأنه يهتم وقالت "نعم نمت جيدا، من الغريب أنك تتصل الآن" 
تحرك إلى سيارته وقال "كنت أترككم للاستمتاع، لا أريد أن أشغلكم"
قالت "وهل لديك وقت لنا" 
لم يدير السيارة وهو يفكر بكلماتها ثم أجاب "هو لكم كله رحيق، لكن عدم وجودي أفضل على الأقل لكِ" 





فهمت معنى كلماته ولم تجد ما تقول ولم تكد تسعد بكلماته، فقال "ألا يضايقك وجودي؟" 
ارتبكت وقالت "نحن نعيش سويا فراس ببيت واحد" 
لم يفهم إجابتها رغم أنها كلماته السابقة فقال "ولكن نظراتك تعني الكثير رحيق" 
قالت بضيق "وهل الحياة كلها نظرات فقط فراس؟ وهل أنت تفهم كل معاني نظراتي؟" 
صمت دون أن يجد إجابة فأغمضت عيونها فقال "عندما تلمع عيونك بالدموع أفهمها جيدا رحيق" 
قالت "وماذا؟ أنا لا أبكي طوال الوقت لست كذلك" 
قال "ظننت أنك تفعلين بوجودي أو بالأحرى بسببي" 
قالت بصدق "إذن أوقف ظنونك وابحث عن الواقع، ربما اختلف كثيرا وجعلك ترى ما لا تراه" 
حدق بالفراغ أمامه وقال "الواقع الآن أني لا أرى عيونك ولا أعرف حزنها من سعادتها، ولا يمكنني حتى التخمين" 
قالت "هل سنعيش حياتنا كلها ما بين الظنون والتخمين؟ لا إجابة عندي فراس لكلامك" 
أغمض عيونه لحظة قبل أن يقول "أفتقدك رحيق" 
دق قلبها بشدة وسقطت على أقرب مقعد وهي لا تصدق كلماته هل هو بالفعل من يتحدث؟ لا إنها أخطأت، سمعته يقول 
“بلغي كوثر سلامي"
وأغلق وهي ما زالت بين الوهم والحقيقة هل حقيقي ما قاله؟ هل يفتقدها حقا كما تفتقده وتتمنى العودة إليه الآن قبل غدا؟ بعده أشعل نار حبه داخلها وجعلها تحترق بالمعاني التي داخلها تجاهه
ليتك تعلم أيها الفراس أني لا أخافك ولا أهرب منك، بل أتمناك من كل قلبي حتى ولو كان جرحك ما زال ينزف داخلي ولكني لم أستطع أن أهجر حبك أو أقتلعه من أعماق قلبي فقد سكنه دون رفيق.. 
بالظهيرة حملوا أشيائهم وتحركوا إلى الشاطئ القريب وما عكر صفوها وجود دنيا معهم بشكل أشعل غيظها دون أن تفهم سبب وجودها معهم 
قبل العصر بقليل تناولوا الساندويتشات وقد انشغلت هي مع جواد باللعب على الرمال عندما قالت دنيا "لا أظن أن هناك أمومة غير حقيقية زوجة عمي" 
التفتت رحيق إليها بينما قالت كوثر "بلى هناك دنيا بل وصادقة" 
قالت دنيا بتعمد "لا كله تمثيل الأمومة هي التي نعرفها بين الابن وأمه التي تلده، أما غير ذلك فهو تمثيل" 
نظرت رحيق إليها وقالت بغضب "ومن أين عرفت الفارق وأنتِ لم تجربي هذا أو ذاك؟" 
غضبت دنيا وقالت "أنت فتاة" 
قالت رحيق بقوة "احذري لأني لن أقبل أي إهانات وسأردها بأسوأ منها فالتزمي حدك" 
تراجعت دنيا وارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي كوثر بينما أبعدت رحيق وجهها عن دنيا
طلبت دنيا شاي رغم اعتراض كوثر ونظرت إلى رحيق وقالت "ربما تفضلين البعض" 
قالت رحيق "لا" 
ولكن دنيا نهضت لتمنحه لها ولم يعرف أحد ماذا حدث إلا بعد أن انسكب الشاي على ملابس رحيق فصرخت من الشاي الساخن وملابسها التي اتسخت وبدت اعتذارات دنيا كثيرة بشكل مبالغ بينما نهضت كوثر ورحيق التي قالت
"لابد أن أذهب لأغير ملابسي" 
اقترحت كوثر أن يذهب الجميع ولكن دنيا أسرعت تقول "لا زوجة عمي الجو جميل وجواد يستمتع أليس كذلك جواد؟" 
لم يعترض الصبي فحملت رحيق حالها وعادت إلى البيت وحدها ولكن ما أن فتحت باب الشقة حتى شعرت بيد تدفعها بقوة إلى الداخل وتغلق الباب خلفهم فاستدارت بفزع قبل أن تصرخ لترى مهاب أمامها وهو يبتسم ابتسامة تفهم معناها جيدا خاصة وأنهما وحدهما ولا تعرف من يمكن أن ينقذها من ذلك الرجل اللعين؟؟
تراجعت رحيق أمام مهاب وهو يتقدم تجاهها وقال "وأخيرا يا رحيق زهرتي أنا وأنت وحدنا" 
أسرعت لتدخل إلى غرفتها وتغلق الباب ولكنه تبعها ودفع الباب بقوة لتتراجع رحيق وتسقط على الأرض من قوة دفعته 
ضحك وتقدم للأمام وقال "ظننتِ أني سأتركك؟ أنا مهاب الهلالي أحصل على ما أريد خاصة إذا كان بمذاق ابن عمي فراس الهلالي" 
زحفت رحيق إلى الخلف وهي تقول "أنت مجنون أنت ابن عم زوجي وزوج أخته" 
اقترب منها وهي تصطدم بجانب الفراش فانحنى عليها وقال "ولكني أكرهه، نعم أكرهه وأكره أني ابن عمه، هو يحصل على كل شيء وأنا لا شيء، حتى فايزة أكرهها وأكره ضعفها، الهلالي مات وبدلا من أن يورث أملاكه بالتساوي بين أولاده الاثنان أعطاها إلى عمي وحرم أبي من كل شيء إلا من بعض الفتات القليلة وعندما مات عمي عرفت أنه سيترك أملاكه لفهد لأني جعلته يطرد فراس" 
أمسكها من ذراعها ورفعها إليه وقال بقوة "نعم أنا السبب، أنا السبب بطرده كما أنني تحكمت بفهد ودنيا ساندتني ونلت منه كل الأموال لكن الأرض حلم حياتي لم يسمح لي فهد بأن أنالها وما أن مات حتى ظهر ذلك الملعون مرة أخرى واستعاد الأرض ودمر حلمي لذا لابد أن أنتقم منه ولن أجد أفضل من شرفه لأفعل فأنتِ جميلة رحيق نعم أنت لست رحيق فراس فقط بل رحيق آل هلالي" 
وضحك بجنون وهو يمسكها بقوة ولكنها صرخت بطلب النجدة ولكنه ضحك وقال "اصرخي يا امرأة كما شأت فلا أحد سيسمعك البيت كله ملك عزت ولا يسكنه أحد، اليوم سيكون لنا نحن فقط" 
ودس رأسه في عنقها بقوة ولكنها قاومته بقوة وهي لا تعرف ماذا تفعل؟ لماذا يحدث معها ذلك؟ دفعها بقوة لتسقط على الفراش وهو فوقها مما زاد الأمر سوء وهي تدفعه بيديها وتبحث بيدها الأخرى عن أي شيء ولكنها لم تجد
عادت تدفعه عنها وهو يحاول تمزيق 






ملابسها ولكنها دفعت أظافرها بوجهه بقوة لتجرحه جروحا عميقة صرخ لها ولكنه صفعها بقوة تألمت منها وسال الدم من فمها بغزارة والتف جسدها معه من قوتها بلحظة كادت تفقدها الوعي، مسح الدماء عن وجهه واستعادت هي نفسها وهو يقول بغضب
“أيتها اللعينة لن أتركك"
ولكن استدارتها مكنتها من رؤية الأباجورة القريبة فمدت يدها لتمسكها ولكنه لاحظها فأمسك ذراعها ليثبتها وسحب جسده معها فخف ثقله عنها فدفعته بكل قوتها ليندفع جسده إلى الخلف فنهضت مسرعة إلى خارج الغرفة ووصلت إلى باب الشقة عندما لحق بها وأمسكها من شعرها فصرخت بقوة من الألم وأدارها إليه وهو يقول 
“لن تفلتي مني هل تفهمين؟ لن أرحمك"
وتأكدت أنه أصبح


 الأقوى وقد تمكن منها وهي تشعر بألم ببطنها وظنت أنها النهاية
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-