أخر الاخبار

رواية رحيق الهلالي الفصل الخامس والعشرون25بقلم داليا السيد

رواية رحيق الهلالي 
الفصل الخامس والعشرون25
بقلم داليا السيد

نيران  
ربما الآلام تدفعنا في بعض الأحيان إلى التخاذل والاستسلام 


ولكنها ببعض الأحيان إذا ما ارتبطت بعزيز وغالي فإنها تمنحنا دافع للبقاء والتحمل





 وبالطبع فقط أصحاب الإيمان هم من يمكنهم معرفة الطريق إلى تلك القوى الروحانية التي يؤمن المؤمن بوجودها لحسن ظنه بالله 





تسلقت الآلام إلى بطن وظهر رحيق مما كان كالإنذار بالخطر تجاه أبنائها الذين لم تراهم بعد وقضت تسعة أشعر تنتظرهم فلن تأتي تلك المرأة 





وتقضي على حلمها بسهولة، وقبل أن تسقط في دوامة الدوار كالمرة السابقة نتيجة نقص الاكسجين وجدت نفسها ترفع يدها وتجذب دنيا من شعرها الذي تساقط على وجهها، قاومت





 دنيا وهي تحاول ألا تفلت عنق رحيق ولكن رحيق زادت من جذب شعرها بقوة فتراجعت قليلا واستطاعت رحيق التنفس مما منحها قوة جديدة كي تصفع دنيا على وجهها بقوة لتسقط دنيا بجوارها 
صرخ فراس بجواد "جواد ابحث عن أي شيء لتفك به قيدي



 بسرعة جواد بسرعة" 
أسرع جواد يبحث ثم أسرع إلى خارج الإسطبل ثم عاد بالسكين الذي غرزه بالرجل العملاق وأسرع إلى فراس وقد زادت النيران من حولهم 
بصعوبة تحركت رحيق من آلامها كما اعتدلت دنيا هي الأخرى وكادت تلكم رحيق التي استعادت نفسها وتراجعت لتتفادى يد دنيا ثم قبضت أصابعها وبكل الغضب الذي بداخلها دفعت قبضتها بوجه دنيا لتسقط دنيا على






 الأرض فاقدة للوعي، وترنحت رحيق وهي تضع يدها على بطنها من الألم وكادت تسقط لولا أن شعرت بيد تمسكها وصوت زوجها يقول 
“رحيق"
بلحظة كانت بين أحضانه ثم أحاطها بذراعه الأيمن بقوة وجواد بيده الأخرى وقادهم بين النيران التي زاد اشتعالها بطريقهم إلى الخارج ولكن ما كاد ثلاثتهم يصلوا إلى الباب حتى شعر فراس بألم حاد بكتفه الأيسر من الخلف فدفع رحيق برفق إلى الباب وكذلك جواد والتفت إلى دنيا التي غرست نفس السكين الذي تركه جواد بعد أن فك فراس بكتف فراس بكل غضبها 
انتبهت رحيق إلى دفعت فراس لها وهي تخرج إلى الهواء والسعال يشتد بهما من الدخان وجواد يلتصق بها واستدارت تبحث عن فراس وهي تصرخ باسمه 






“فراس، فراس لا، فراس لا تتركني" 
كادت تعود لولا أن رأت النيران تسد الباب بذلك الخشب الذي سقط على الباب ولكنها لم تستسلم وهي تبعد جواد وتسرع رغم الألم حول الإسطبل تبحث عن مكان تدخل منه حتى عثرت على فتحة فلم تفكر وهي تعود إلى الداخل وقد تناثرت النيران بكل مكان حولها وبحثت




 بينها عنه حتى رأته.. 
التف فراس إلى دنيا التى ما زالت تمسك السكين بيدها وقالت بغضب "لن تعيش ولن تكون لسواي سأقتلك وأقتلها" 
تقدم منها وقال "هذا إن تركتك على قيد الحياة لقد نفذ رصيدك عندي دنيا ونفذ معه صبري ولم أعد أريد سوى موتك" 
صرخت به "تحبها؟ تحب تلك الخادمة؟" 
قال وهو يهجم عليها ويمسك معصمها بقوة "نعم أحبها، لم ولن أحب سواها والآن سأتركك للنار لتنالي عقابك" 
وتحرك وهو يدفعها إلى الخلف ولم ينتبه إلى رحيق التي كانت خلف دنيا وتفاجأت بدنيا تندفع تجاهها فتراجعت لتتفادى دنيا وهي تسقط، ولكن








 رحيق بالطبع تعثرت بالخشب ولوحت بيدها بالهواء لتمسك بأي شيء وكادت تنهار بين النيران لولا أن أمسكتها يد زوجها وجذبها إليه بقوة وهو يحكم قبضته عليها ويبحث عن مخرج حتى قادها مرة أخرى بحثا عن فجوة عندما رأت دنيا تندفع إليهم مرة أخرى وهي ترفع السكين بيدها فاستدارت رحيق لتمنح ظهرها إلى فراس وتتلقى دنيا التي كانت ترفع يدها فأمسكت رحيق يدها لتمنعها من دفعها بجسدها عندما انتبه فراس وكاد أن يبعدها عندما سقط لوح خشبي على رأسه فسقط اللوح عليه مما أسقطه واللوح على ساقه فشعر بساقه تتحطم تحت ثقله، بينما تراخت عضلات رحيق تحت قوة دنيا التي دفعت السكين بصدر رحيق التي صرخت من الألم ودنيا تصرخ بها
“موتي أيتها الخادمة، موتي" 
اتسعت عيون رحيق وهي تشعر بألم فظيع بصدرها وخارت قواها وهي تسقط والدماء تنتشر على ملابسها، وقاوم فراس ألم ساقه وأمسك بلوح الخشب واستند إليه وهو يتابع دنيا تحاول الفرار وتحرك حتى نادها دون أن يدرك ما أصاب زوجته 
“دنيا" 
وقبل أن تستعيد نفسها كان قد دفع لوح الخشب بوجهها فسقطت وهي تصرخ بين النيران بينما تراجع




 هو باحثا عن زوجته التي كانت تسعل بقوة وتحاول النهوض دون أن ترى ما حولها إلى أن شعرت بيده وصوته يقول 
“رحيق، هيا رحيق النيران تنتشر من حولنا هيا حبيبتي"
ترنحت وهي تتكل على ذراعه السليم ويتحمل ألم ساقه القوي وهو يقودها من بين النيران إلى نفس




 الفتحة التي دخلت منها حتى وصلا إلى الخارج وقد سمعوا أصوات سيارات وأضواء تنير من حولها سقطت من بين ذراعيه فنادها
“رحيق" 
ولكنها كانت تغرق في دمائها التي تنزف من صدرها ومن بين




 ساقيها وقد غابت عن الوعي، انحنى عليها بفزع عندما رأى دمائها والدوار يهاجمه بشده




 والسعال يضيق بأنفاسه بينما أسرع إليهم رجال من كل مكان ولكنه سقط هو الآخر بجوارها غائب عن الوعي
ينسدل الستار على الأبطال وتنهال التصفيقات من كل








 مكان، مسرح الحياة، مشاهدين من كل مكان، نيران، أمطار، كل ما كان وهم أو أحلام نادت الأقلام من بين الظلام هل انتهى





 الحبيبان؟ قصة حب لم تبدأ أصلا، حبيب لم يعرف الحب إلا وقت أن ضاعت حبيبته، حبيبة ظنت أن الحب بقلبها يكفيها لحبيبها ولكن هل الحب يدفع للبقاء؟ 
تحرك رجال الإسعاف داخل المشفى يسحبان الجسدين الراقدين بين الدماء وكلاهما لا يشعر بالآخر ولا يدري هل ما زال على قيد الحياة



 أم انتهى من الزمان؟ 
مضى الكثير والكثير وهي تسير بالظلام وقد ظنت أنها النهاية ولكنها بالنهاية رأت النور، حديقتها تمتلأ 




بزهور الياسمين ورأتهم نعم جدتها والعمة وكلاهما يقفان على بوابة الحديقة يبتسمان، لوحت لهما بيدها ولكنهما فقط ابتسمتا ثم استدارتا وابتعدتا في صمت 




وتعلق صوتها بحنجرتها لا يخرج وشعرت بألم بصدرها وذهب نور الحديقة وأتى ظلام ولم تعرف أين




 تذهب لتبحث عن النور الذي ضاع من أمامها وكأنه انتهى. 
سمع صوت عمته يناديه من بعيد فتحرك بذلك الطريق الطويل باحثا عن الصوت، وأخير رأى نور شديد 





أغمض عيونه لحظة قبل أن يفتحها ليرى عمته تقول
“انهض يا ابن أخي زوجتك بحاجة إليك، انهض يا ابن أخي"
راح الضوء من أمامه وعم الظلام ففتح عيونه فجأة ليجد





 نفسه بين الأجهزة بغرفة المشفى حرك




 ذراعه فتألم ولكنه لم يهتم وهو ينزع الأجهزة التي أطلقت صفارات قوية مما جعل الكثيرين




 يركضون إليه وهو ينهض بساقه الموضوعة بجبيرة ودوار يسيطر عليه





 ولكنه لم يهتم وهو يقاومه ولكن الممرضين والطبيب وصلا والطبيب يصرخ به
“أستاذ فراس ماذا تفعل؟ هذا خطر على حياتك"





ولكنه لم يهتم وهو يقول "زوجتي أريد أن أذهب إلى زوجتي، اتركوني" 







دفعه الطبيب واثنان من الممرضين الرجال وهو يقاومهم والطبيب





 يقول "هي بخير وهي هناك بغرفة العناية المجاورة، لابد أن تهدأ جرحك ما زال خطر كذلك ساقك" 
قاومهم بقوة وهو





 يقول "أريد أن أرى زوجتي، اتركوني أريد أن أرى زوجتي" 
نظر الطبيب بعينيه وهو يقول "صدقني هي بخير فقط اهدء" 





غامت الدنيا من حوله مرة أخرى من أثر الدوار بينما صرخت الأجهزة بمكان آخر حيث يرقد جسد 





زوجته التي أراد أن يراها، استدار الطبيب إلى حيث صفارة الأجهزة فترك فراس 



واتجه إلى الغرفة المجاورة وتخلص فراس من الممرضين الذين تبعوا الطبيب 



حيث جسد رحيق الذي انتفض بقوة وزادت ضربات القلب بشكل جعل الأجهزة تصفر بصوت منذر
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-