رواية غلطه وندم
الفصل التاسع والعشرون29
بقلم مروة محمد
شعور الندم يحدث عندما يقع الشخص بتصرفات لا تحمد عواقبها في وقت الغضب؛ فيشعر بندم وتردد نتيجة لذلك، وهذا قد يجلب الحُزن لقلب صاحبه، ويواجه مشاكل في تعامله مع الآخرين.
بعد أن قام بالتقدم لخطبتها بعد تحدث زهيرة مع جدها وموافقة جدها عليه لكونه ابن زهيرة المرأة المحترمه التي أغلقت بابها عليها لسنين طويله وقامت بتربيه ابنتها بمفردها...طلب من جدها الجلوس معها منفردا بعد الخطبه فوافق علي مضض رغم خوفه الشديد عليها الا أنها طمأنت جدها....جلست أمامه بمنتهي الثقه لا تخشي منه ولا من نظراته التي كادت تلتهمها...لينهض ويذهب نحوها ويجلس ملتصقا بجوارها لتبتسم بخبث علي ما يفعل وتنظر الي عينيه ويتوه في بحورهم ليتفاجئ بها وهي تبرق بعينيها لتخيفه قائله
=مش هيحصل حاجه من اللي في دماغك يا خفيف...هتفضل زى ما انت كده اهو...لغايه كتب الكتاب..وبعدها في حدود وضوابط شرعيه...
ليعبث بوجهه قائلا
=احنا اتخطبنا خلاص...وبعدين أنا اتفقت مع جدك كتب الكتاب الخميس الجاي..أنا بس قعدت جمبك علشان أقدر اتكلم معاكي وتسمعيني.
نهضت من جانبه وتوجهت الي الجانب الأخر قائله
=أسمعك...وأنا كده لما أبعد مش هسمعك....ولا قالوا ليك اني طارشه...لعلمك بقا أنا بسمع كويس جدا...لدرجه وانت بتكلم أختك في الفون بليل.
علم أنها تستهزأ به وبشخصه فأراد أن يلقنها درسا فنهض بكل صرامه يقول
=فين أوراقك الخاصه علشان كتب الكتاب...وياريت يكون عندك صور جديده...لأني مش هينفع أجي معاكي وانتي بتتصورى...وانتي مش هتروحي لوحدك.
اندهشت لصرامته لم يكن يوما ما بهذه الصرامه الصرامه التي جعلتها تخشي منه ولأول مرة لترد قائله
=الأوراق جاهزة...والصور كمان...هي صور تقديم الكليه أساسا...انا مش بحب أتصور كتير...حتي يوم الفرح يمكن أوفر عليك الفوتو سيشن.
نظر اليها بدقه من أعلي حجابها وحتي أسفل قدميها ليرد قائلا
=الفوتو سيشن ده...أنا اللي أقول هنعمله ولا لا...مش ذنبي انك معقده ومش بتحبي الحاجات دي...أنا واحد فرفوش وبحب أنبسط...وانتي لازم تبسطيني.
فهمته جيدا هو يرد علي تمردها فنهضت لتربع ذراعيها فوق صدرها قائله
=ده انت بتردها ليا بقا...عموما براحتك أنا مغلطتش...أنا ماشيه بمبدأ الحلال والحرام...انت جاي تقرب فبعدتك بالطريقه دي..أنا واضحه وصريحه.
هز غسان رأسه قائلا
=ماشي...انتي عندك حق....أنا يا ستي غلطان...بس الحماس أخدني شويه...بس انتي صح...مكنش المفروض أدلق مشاعرى كلها مرة واحده.
ابتسمت منه ولأول مرة يرى ابتسامتها ليشرق وجهها وهي تقول
=براحتك علي فكرة...المشاعر محدش يقدر يتحكم فيها...بس مش معني كده اني معنديش مشاعر...بالعكس أنا عندي وأكتر منك كمان...
نظر اليها وهو يضع يده في جيب بنطاله قائلا
=بس مشاعرك أكيد مش ليا...لأن واضح من أول يوم اتلقينا فيه وانت نافرة مني...اللي مستغرب ليه وافقتي عليا...وأعتقد ان جدك عمره ما هيغصبك.
ابتسمت منه قائله
=بس أنا مشاعرى ليك...ومن أول يوم...بس مكنش ينفع انها تظهر أو تبان...وخصوصا اني اتفاجئت انك ابن خالتي زهيرة...بعد ما كنت عارفه انك ابن جوزها.
ابتسم غسان قائلا
=لا متفكرنيش أرجوكي...موضوع ابن جوزها ده شكله هيكون وصمه عار ليا...تعرفي أنا بحمد ربنا ان الموضوع جه فيا...مجاش في غاده.
تذكرت منه غاده فردت قائله
=ايه أخبارها دلوقتي...سمعتك علي فكرة أخر مرة وانت بتبوخها في التليفون...انت المفروض سندها وضهرها....تعرف جوزها ده لما كان بيجي البيت زمان كنت بقول غاده خسارة فيه.
رفع غسان حاجبيه باندهاش قائلا
=انتي متابعه تليفوناتنا بقا...ومتابعانا من زمان...واللي يشوفك يقول عليكي لوح تلج أمريكاني..وانك في حالك ولا عايزة تعرفي حاجه عن حد.
ابتسمت بسخريه قائله
=لا مش بحب أعرف حاجه عن حد الا اللي بهتم بيهم...أنا بحب غاده جدا...بس صعبت عليا يوم فرحها..حتي بعد ما عرفت من خالتي زهيرة ان ده كله تمثيل بس برضه كنت متغاظه منه.
تنهد غسان قائلا
=مش ممكن انتي فظيعه...طب ما أنا كنت وحش واتعدلت...نهار أسود...لتكوني منهم..من الستات اللي بيطلعوا القديم والجديد بعد الجواز.
ضحكت منه بشده حتي تقطعت أنفاسها قائله
=أنا هطلع عينك...يا بتاع البنات..ده أنا سمعتك كل ليله...وانت بتظبط البنات في التليفون...لا والله كل مرة تقول للبنت في أخر التليفون ايه....اتقي الله يا شيخه.
جن جنونه من ضحكاتها يريد التهام ضحكاتها في جوفه ليقول
=عيل وغلط يا باشا...وبعدين أنا بقولهم اتقوا الله أهو...ده هما اللي كانوا بيتصلوا بيا...علشان هما كانوا يعرفوني قبل ما أعرف أمي...كانوا بنات اصحاب ما...
اقتضب كلامه يود أن يقول ماما ولكن ظل الصراع قائم منذ أكتر من عشرون عاما يناديها ماما ولكن تغير كل شئ منذ أن هاجمه المرض اللعين...تذكر لحظات مرضه الحزينه والتي جعلت منها امرأة لا يعرفها امرأة تبغضه تهتم بالأشخاص الخاصه لها فقط......ترى كان المرض جيد أم سئ له...فهمت منه سر صمته وتوقفه عن الحديث لترد قائله
=مفيش داعي تمنع نفسك أن تكمل الكلمه...أعتقد خالتي زهيرة مش هتزعل....أعتقد كمان أكيد شفت معاها أيام حلوة...باعتبار انها كانت أمك.
أظلمت عينياه لتذكره قسوتها معه وجلده بالكلمات اللاذعه و التفرقه بينه وبين اخوته وتفضليهم عليه الا في الرسميات أمام الناس كان يعامل أحسن المعامله فردد قائلا
=كل أفعالها معايا كانت بتثبتي ليا انها مش أمي...بس كنت بفسر انها بتحاول تخليني أسيطر علي كل حاجه...لخوفها الدايم لأبويا يتجوز عليها....
ثم ابتسم بمرارة قائلا
=بانت علي حقيقتها لما تعبت من ساعه ما عرفت وهي في أوضتها وتسريبها لأخواتي الله يرحمهم علشان خايفه عليهم مني... وبقيت أكذب نفسي لغايه تاني يوم بعد ما مشيت غاده ..شفت جبروت ست والاحساس عندي اتأكد اني مش ابنها
أغمض عينيه يتابع قائلا
=معاملتها الحلوة ليا كانت قدام الناس وبس مكنش بيهمها أطلع بايظ ولا لا..كل اللي يهمها أوصل لغاده وللورق اللي معاها وأمحيها من علي وش الدنيا.
ابتلع ريقه بمرارة قائلا
=لما تعبت حسيت ان كل ده اشارة من ربنا ان كل حاجه تقف وهي متوصلش للي هي عايزاه...اتأكدت من الاشارة أكتر لما شهاب قال اني شقيق غاده.
بكي كالأطفال لدرجه أن منه أشفقت علي حاله كانت دائما تستصعب موت والداها ووالداتها ووجودها في الحياة بمفردها مع جدها ولكن موقف غسان أصعب ...أب له جبروت منعه الحضن الحقيقي وأعطاه لحضن امرأة قاسيه لا تملك من المشاعر انشا واحدا... وجد له أما حقيقه ولكن متي بعد فوات الأوان وبعد عشرون عاما....حزنت علي حاله أكثر عندما بكي وهو يقول
=شقيقتي اللي حاولت أدمر حياتها... وأمي الست اللي كانت كارهه دخولي بيتها...تبقا أمي...ياريتني عرفتها من زمان...متتصوريش يا منه حضنها دافي أوى....أنا بعوض حضنها...كل يوم بدخل أنام في حضنها زى الطفل وأقولها سامحيني...أنا هعوضك.عن كل يوم عدي من غيرى.
استشعرت منه حزنا لو توزع علي العالم سينهار بأكمله فأرادت التخفيف عنه وبدون تردد تقدمت منه وأمسكت يده قائله
=أنا معاك مش عايزاك تفتكر غير الحلو وبس...انت ملكش ذنب في اللي حصل زمان....ده نصيب واراده ربنا...يمكن لو مكنش ده حصل كان فات حياتك جحيم.
تفاجئ من لمسه يدها لينفض يده ويبتعد قائلا
=كفايه كلام في الموضوع ده...خلينا في موضوعنا...ان شاء الله يوم الخميس كتب الكتاب وأخر السنه الفرح...علشان غاده تكون نزلت.
😀😀😀😀😀😀😀😀😀😀😀😀😀😀
في ألمانيا بدأت غاده بتنفيذ مخططها ولكن لم تجرؤ أن تنفذه بالخارج ارتدت كنزة بنفسجيه اللون أسفلها شورت أبيض وخرجت من الغرفه وجلست أمام التلفاز تهز رجلها منتظرة خروجه ..ولكن دون جدوى أخذت تهز رجلها غضبا وقامت برفع صوت التلفاز ليخرج مزمجرا من الصوت بصوت جهورى ليرعبها وهو غافلا عن مظهرها قائلا
=بصي بقا ...احنا مش في مصر..احنا في ألمانيا الجيران ممكن يقدموا فينا شكوى...وبعدين أنا حاليا بذاكر...متخلنيش أندم اني جبتك هنا.
ليلتفت بظهره مغادرا الصاله ولكن توقف لحظه غير مستوعبا من راه ليلتفت مرة أخرى وهو يراها تجلس بتبلد تهز رجلها بلا مبالاه تخفض صوت التلفاز ولكن ما زالت تنظر الي التلفاز غير مباليه لوجوده ليبتلع ريقه قائلا
=ابقي البس حاجه تقيله...الدنيا بتبرد بليل...وافتحي المكيف علي السخن...ألمانيا مش مصر....وبعدين انتي مش بتذاكرى ليه...انتي مش جايه هنا علشان الماستر.
فجأة سعلت ورشحت من أنفها لينتفض الي الغرفه ويأتي لها بالدواء ولم يستمع الي سبها ولعنها فيه ليقترب منها ومعه الماء قائلا
=خدي دي...اللي حسبته لقيته...وبعدين أنا كل يوم كنت بغطيكي وانتي نايمه...اتعودي بقا...تتغطي كويس بدل ما تفكرى اني بتحرش بيكي .
شعرت غاده بانسحابه تدريجيا من محيطها لتسرع بجذبه من يده قائله بخبث
=شهاب...اللبس اللي اشتريته وأنا لوحدي في مصر كله حشمه زى ما تكون كنت معايا...بس اللي جبته هنا زى ما انت شايف...وأنا مش بحب أتغطي.
نظر اليها شهاب ببلاهه قائلا
=أسف وأنا مش ملزوم بيكي....انتي رفضتي الالتزام ده...وأنا مش هحاول أضغط عليكي بعد كده....وان كان علي اللبس خدي فلوس وانزلي جيبي.
نهضت غاده بغيظ ولكن يبدو أن مفعول الدواء بدأ يهبط من حركتها لتسقط مرة أخرى ولكن بين يديه هو ينظر اليها لتتحاشي النظر اليها فيدير وجهها بين يديه يمنعها من تجنبه قائلا
=انتي زعلتي مني يا حبيبتي...لا اجمدي كده...التقيل جاي ورا...أنا عندي ليكي مفاجئه أنا مناقشة الدكتوراه بتاعتي بعد بكره...هطلب بعدها أكون المشرف علي الماستر بتاعك.
وجدها تتنهد وتلوى شفتيها بامتغاص ليحتضنها بتملك وحب قائلا
=مش انتي قلتي في مصر ليهم انك مش خايفه تشوفيني ولا تواجهيني...انتي حاليا شايفاني وفي بيتي لا وكمان هنبقي سوا في كل حاجه.
علمت أن حتي محاولاتها للتمرد عليه مثل ما حاكتها لحوريه سوف تفشل لترد بثقه قائله
=وما زلت مش خايفه...والدليل علي كده اني عرفت من تاني يوم انك هنا...وكان ممكن أستني لما أواجهك ...بس اتسرعت علشان أنا مش بخاف.
ضحك قائلا
=أسد يالا ...وحش بجد...طول عمرك بتحاولي تبيني قويه...الا معايا أنا الوحيد اللي فاهمك...ما بلاش عناد بقا....ولا تحبي بكره اعتذرلك قدام الكل في الجامعه.
رفعت أنظارها تحدق اليه ليبتسم قائلا
=تعالي نعمل كوبايتين قهوة ونذاكر...احنا طلبه فاشله...طول ما احنا قاعدين مع بعض هتقلب القعده في الأخر يا مشاكل يا حب ونحنحنه.
استجابت اليه وتناست كل شئ وأخذت تذاكر بلا مقاطعه الا أن وجدته غط في نومه فاحتارت فيما تفعل أتنام بجواره أم تتجه الي الغرفه الأخرى...اتجهت الي الغرفه الاخرى وصعدت فراشها وأخذت تتقلب والنوم يجافيها حدثت نفسها قائله وهي تزفر بحنق
=نيله علي الساعه اللي واجهته فيها....كان لازم تجيبي لنفسك وجع الدماغ....أهو معاكي في قلب البيت ومحروجه تعلني استسلامك له...
قررت الذهاب والنوم في أحضانه وهي تقول
=أنا هروح أنام جمبه...ولو سألني هقوله نمت علي نفسي وأنا قاعده بذاكر وخلاص...وهو هيصدقني لأنه نعسان...أنا كده كده مش هعرف أنام.
خرجت من الغرفه ودلفت اليه لتجده ينام بأريحيه يأخذ الفراش بأكمله فلوت شفتيها بامتغاص وحدثت نفسها قائله
=أنا كنت عارفه ان ربنا هيعاقبني أنام ازاي دلوقتي ...ده فيلم هندي علي بال ما أشيل ايده وأنام مكانها...يالا مفيش نصيب....أرجع أنام لوحدي.
والتفتت ووضعت يدها علي باب الغرفه لكي تخرج منها لتجحظ وهي تنظر الي اليد التي تعوق حركتها وصوت أنفاسه بجانب أذنها قائلا
=-غاده انتي ماشيه ليه....ليه بتكابرى ومش عايزة تصحيني...,أنا أصلا مش نايم...وكنت مفكر هتنامي جمبي من الأول...بس سيبتيني ومشيتي.
التفت اليها وهي تبتلع ريقها وتقف الكلمات في حلقها ليقترب منها أكثر قائلا
=عايزة تبعدي أكتر من كده وتروحي فين...غاده احنا ملناش غير بعض....خلينا نقرب ونعطي لبعض فرصه جديده في الحياة...أنا مش أقل من غيرى.انتي عطيتي للكل فرصه ما عدا أنا...للدرجه دي أنا مستاهلش.
هزت رأسها برفض وعيونها تدمع لتجده يضم خديها بين كفيه قائلا
=أكيد أنا أستاهل فرصه تانيه...أكيد انتي فاكرة الحلو اللي بينا...أكيد انتي عارفه اني مقدرش أبعد عنك...أكيد انتي عارفه اني غلطت...
رفع ذقنها بين يديه ونظرها لها وكأنه يحتضن العالم بين يديه ليردد قائلا
=كل اللي عملته معاكي...كان بدافع حبي ليكي....صدقيني أنا بحبك حب غريب...تقدرى تقولي انك صح...بعتبرك من ممتلكاتي...اللي لا يمكن حد يلمسها.
لم تستطع السيطرة علي مشاعرها فقامت برمي نفسها بين أحضانه قائله
=أنا بحبك أوى يا شهاب...حتي وانت هاجرني...أنا ما صدقت البعثه تيجي علشان أجيلك...والدليل علي كده اني سألت عليك في الجامعه.
اغمضت عينيها وبكت قائله
=حقك عليا....أنا اللي غلطانه اني منعتهم يقربوك مني تاني...مع اني اتمنيت قربك لدرجه اني كنت اتمنيت الموت في العمليه لأني هخرج مش هشوفك.
أخرجها سريعا من أحضانها يمنعها من استكمال كلماتها بقبلته العاصفه التي بث فيها سنه عذابه وبعده عنها....سنه كامله يود فيها الاقتراب فقط....أغمضت عينيها لتنعم بلحظه السعاده في قربه المهلك لتفتح عينيها وتلتقط أنفاسها وهو يملس علي وجنتيها بحنان قائلا
=أنا من اللحظه دي مش هسمح لنفسي ان أبعد عنك تاني...ومش هسمح لحد يفرق بينا...احنا هنكمل مع بعض وهنعمل حياة جديده...هنعوض فيها كل اللي فاتنا.
باتت غاده بين أحضان زوجها من جديد لينتهي عهد الاخطاء والندم عليها ويولد عهد جديد من السعاده والانسجام....قام شهاب بمناقشه رسالته بنجاح وجاء يوم الحفله التي قدمت خصيصا له وبقت كلمه شهاب للجميع...من المؤكد انها كانت كلمات باللغه الانجليزيه أو الألمانيه...ولكن عفوا منكم سنقوم بترجمتها اليكم...قام من علي الطاوله وأوقفها معه لتستغرب قائله
=ايه...الكلمه ليك مش ليا...هتاخدني معاك ليه...متخافش عليا...الجماعه اللي قاعدين معاهم لطاف جدا....روح انت قول لكلمتك وأنا منتظراك.
نعم هو لا يخشي عليها من جلوسها مع أغراب خصيصا مع فستانها البني الداكن المحتشتم ولكن كان له رأي أخر فردد قائلا
=هتيجي معايا...وهتقفي جمبي...وايدك في ايدي...لغايه اما أخلص كلامي...زى ما ان شاء الله هيحصل يوم تخرجك...واللي هيكون علي ايدي.
اندهشت غاده من قراره وهي منساقه في يده فسألته قائله
=ماشي يومي أنا مش هقدر أكون لوحدي وأكيد لازم تكون معايا...لأنك هتكون صاحب الفضل بعد ربنا....بس أنا مليش فضل عليك...ليه أجي معاك.
ابتسم قائلا
=انتي صاحبه الفضل الأول والأخير بعد ربنا....انتي بسببك أنا اتنقلت نقله غريبه في حياتي...ومن غير وجودك كان فاتني ولا حاجه...
حاولت أن تسحب يدها وهي تمشي معه من الممر قائله
=ايه الكلام ده ...يعني أنا لو مش موجوده...عمرك ما هتكون الدكتور شهاب...لا طبعا...تبقي بتظلم نفسك بجد...بالعكس أنا وقفت في طريقك كتير.
اقتربوا من المنصه وما زال الحديث بينهم مستمر ليدقق النظر في زمرد عينيها قائلا
=كفايه تقللي من نفسك أكتر من كده...ثقي في نفسك...انتي أحسنت للي أساء ليكي...وده كفايه ان أي حد يحبك ويحترمك ويقدرك...وأن الأوان تحسي بنفسك.
ارتفع علي المنصه وأوقفها بجواره وما زال كفه يحتضن كفيها ليقول
=أنا بنسب النجاح ده لزوجتي....من أول مرة شفتها في حياتي واتعلقت بيها غيرت حياتي من حته موظف غلبان في شركه من شركات خالي الي رجل أعمال....مش كده وبس علشان قدمت ماجستير...حتي في لحظات زعلنا عن بعض....كانت السبب في وجودي وسطكم وحصولي علي الدكتوراه....بجد أنا فخور اني اتجوزت الست دي...يمكن لو مكنتش ظهرت في حياتي كان فاتني واقف في نفس النقطه اللي بيقف عندها أي انسان.
اندهشت غاده لكلماته أيعقل بعد هذه المعاناة ينسب اليها كل الفضل...لا وألف لا...أنت لك الفضل في كل شئ أنت الذي غيرت حياتي...فخورة لكوني زوجتك..مسرورة وسعيده لكوني ارتبطت بك حتي لو كانت ظروف ارتباطنا خاطئه ولكن يكفيني ارتباط بهذا الشخص الذي يكرمني رغم أخطائى معه...كنت دوما أعلم اني لا أستحقك مثل ما قالوا عني...ولكن انت الوحيد الذي أعطيتني هذا الحق...دمت بحياتي نعمه أحسد دائما عليها
💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃💃
انتهت كلماته وأخذها بعد المباركات ليجلسوا سويا...نظرت اليه بامتنان قائله
=هو ازاي أنا السبب في حصولك علي الدكتوراه...وأنا يدوب جايه من شهر..وكان أغلبه مناقرات ما بينا...للدرجه دي حبك ليا...بيخليك تحس اني مهمه.
ابتسم شهاب بخبث وأراد أن يستفزها قائلا
=لا حب ايه وكلام فارغ ايه انتي صدقتي...ده شو لازم الراجل الشرقي يعمله قدام الألمانيات علشان يعرفوا ان الراجل المصرى ذو قيمه.
لتجحظ بعينيها غير مصدقه ليتابع قائلا
=ما تعرفيش قد ايه أنا قبل ما انتي تيجي...مكنتش عارفه أجذبهم ليا...بس انتي جيت ظبطي العمل....غاروا منك ولاموا نفسهم ان محدش فيهم بص ليا.
نهضت غاده قائله
=لااا...أنا مش سلمه يا سي شهاب...ده أنا أروح الوقت وأقولهم شغل الخطط اللي انت عيشتيني فيها...قال تجذب انتباهم وشو قال...ده أنا صدقتك.
جذبها اليه بكل شوق وحب قائلا
=صدقي كل كلمه قلتها في حقك...حبي ليكي هو اللي عمل شهاب النادي الراجل الناجح...بحبك أوى يا غاده...كل الكلام اللي جوه كان طالع من جوه قلبي.
ثم استطرد بعشق وشوق قائلا
=اوعي تزعلي مني يا غاده بعد كده...لأن خلاص معدش في مكان للزعل في قلوبنا...احنا قلوبنا هتكمل للفرح وبس....الفرح بيكي قريب.
نظرت اليه بعشق هي الأخرى قائله
=حاضر يا قلب غاده...نفسي با شهاب تكمل فرحتنا...بحته مني ومنك تعوضنا عن اللي راح...نفسي أبقي أم لأولادك...أنا المرة اللي فاتت حصل ومكنش في دماغي...دلوقتي نفسي بجد.
ربت علي يدها بحنان قائلا
=كله بأوان يا غاده....بكره يبقا عندنا أولاد وكتير...محدش عارف الخير فين...أنا كده اقتنعت بكلام أسامه ليا قبل ما يسافر...قالي لعله خير.
تذكرت غاده ما حل بها وابتلعت غصه في حلقها قائله
=كويس انه متولدش..لأنه كان هيبقي مش طبيعي...يمكن ربنا بعت الضغوطات النفسيه دي ومرض غسان..وظهور الحقيقه علشان ينهي حياة.
نظر اليها شهاب بحنان قائلا
=كله كوم وحقيقه غسان دي كوم....ساعدني كتير علي فكرة ...حسيت معاه انه أخ بمعني الكلمه...عجبني اختياره لمنه رغم اني مش بطيقها الصراحه.
تعالت ضحكات غاده ليردد قائلا
=حاسس انها بت بارده....كنت كل اما أجي عندكم وأبقي طالع مبسوط تبص ليا بصات سم...كأنها حماتي ولا مرات أبويا...بس حلال فيه.
ضربت غاده كفها في كف شهاب قائله
=أحسن فعلا وحلال فيه...هي الوحيده اللي هتربيه...تعرف أول ما خرجنا من المستشفي فضل مقضيها طلوع ونزول لغايه ما طلع عم محمد وهوووب فقعته كلمتين خليته مش علي بعض.
ابتسم شهاب قائلا
=طب و الله حلال فيه...الدور عليه بقا يخليها تتعدل شويه...أنا نفسي استغربت بقا غسان الشقي يقع في ايد منه...ده أنا كنت كل اما أشوفها أقول في سرى بووومه....فاكرة الي عملته فيا؟
تذكرت غاده رغاوى الصابون التي قامت برميها منه علي السلم بعد عقد قران غاده وشهاب ليتزحلق ويصيبه مكروه لتتحدث قائله
=حقك عليا يا شيبو..هي بس كانت متأثرة علشاني ...ففكرت تعمل فيك مقلب...اللي غاظها بقا انك نجدت من المقلب....ساعتها ماما قالت لها يبقا مظلوم.
وضع يده علي وجهها قائلا
=وانتي يا غاده ...كنتي شيفاني ازاي...ظالم ولا مظلوم...والست حوريه كانت شريكه معاكم ولا لا...ما هي كانت شريكه مع الكل...ولا يهمها.
تذكرت غاده موقف حوريه لحظات اجهاضها وتأثرها الشديد من ذلك الموقف اللذي لم تتوقعه أبدا...موقف هاداما لصداقه لطالما سعوا الاثنتين الي نجاحها فردت قائله وهي شارده
=حوريه معايا دايما علي طول الخط...الا يوم الاجهاض...محاولتش تطمن عليا...انكسرت جدا...بس رجعت قدرت موقفها وفهمها الغلط...
ثم استطردت بحزن قائله
=بس عارف يا شهاب رغم انها رجعت وصالحتني بس فضلت غصه في حلقي زى ما تكون شرخ في قلبي يمكن يكون أقوى من بعدك عني.
نظر بثقب في عينيها الزمرديه قائلا بصوت مبحوح
=سمعت اللي عملته معاكي...وكنت أول واحد لومتها وعرفتها ان أنا اللي غلطت...هي كانت شاكه من لحظه حملك رغم تأكيد أسامه ليها ان وضعك صعب.
تذكرت قسوته معها عندما تركها سابحه في دمائها ليفهم مغزى نظراتها الحزينه ويرد قائلا
=زمان أقسمت علي نفسي أرجعلك حقك من اللي ظلموكي...ولأخر لحظه كنت بحارب علشان كده...موضوع غسان كان مفاجأة ليا...مفاجأة غيرت مجرى حياتي.
ابتلعت ريقها بمرارة قائله
=ممكن بلاش نتكلم في الموضوع ده...عايزة أنسي...وأنسي اننا بعدنا عن بعض..عايزة أوقف الزمن من لحظه حقيقه غسان...مش عايزة أفتكر اني أجهضت.
زفر بحنق قائلا
=يعني عايزاني أنسي اني جلدتك وجلدت نفسي...ان كنتي انتي هتنسي فأنا هفضل فاكر لغايه ما أحس اني عوضتك بجد عن كل اللي حصلك من ساعه بعدي عنك.
هزت غاده رأسها ترفض قراره قائله
=لا...انت كده غلط...انت لو بجد عايز تعوضني اوعي تفكرني ولا تفكر نفسك بالموضوع ده....اعتبر اننا سافرنا سوا وهربنا من وجع القلب اللي كنا فيه.
قطب جبينه باندهاش قائلا
=غاده انتي متأكده من اللي انتي بتقوليه ده...أومال ليه أول ما اتقابلنا هنا كنتي معترضه...وكنتي عايزة تسيبي البيت...ايه التغيير المفاجئ ده؟
احتضنت يده في كفيها الرقيق قائله
=أنا متغيرتش ...أنا من لحظه وصولي ومعرفتي انك معايا في قلب المكان...وانا مقررة أكمل..أنا بس كنت تعبانه نفسيا...ما بين قلبي اللي ما صدق يشوفك تاني وعقلي اللي بيقولي اهربي....فضلت في صراع كأني في حرب.
شفق علي حالها وأخرج يده من يدها ليجذب يدها ويقبل باطن كفيها منكسا وجهه في يدها قائلا
=كفايه يا غاده ...أرجوكي...أنا وجعتك أوى...ولو كنت أعرف ان قلبك هيسامحني بسرعه ما كنتش سبتك وسافرت...كنت هفضل أحاول معاكي.
ارتفعت أنظاره اليها قائلا
=اللي خلاني أسافر...هو خوفي من رفضك...مش البعثه ولا حاجه...لأنها مش بعثه...دي دراسه علي حسابي...فضلت أحارب لغايه ما انتي جاتلك البعثه.
ارتبكت وتلعثمت قائله
=شهاب...في حاجه حصلت وكنت عايزة أقولك عليها...طنط فريال قالتلي ان دي الطريقه الوحيده اللي هتجيبك عندي...ان في يعني عريس متقدم.
قطب جبينه قائلا
=عريس...أه صحيح هي قالت ليا الكلام ده...وقالتلي ان أبعت أطلقك أو أنزل ونكمل...يعني دي لعبه...أنا كنت حاسس انها لعبه من أمي.
حاولت كبح جماحها وابتلاع سؤالها ولكن بالأخير زفرت قائله
=انت كان ممكن تطلقني...ولا كنت ناوى تنزل مصر علشان نرجع لبعض...أنا علي قد ما هاودتها...علي قد ما كنت خايفه من رده فعلك.
نظر الي وجهها بخبث قائله
=غاده...ليه عملتي كده...طالما خايفه من رده فعلي...مثلا لو أنا غبي وكنت بعت طلقتك...أمي ساعتها كانت هتعملك ايه...كانت هتيجي تضربني مثلا.
هزت غاده رأسها ترفض تخيل طلاقه منها لترد قائله
=لا ...انت لا يمكن تطلقني...انا عارفه انت بتحبني قد ايه...زى ما أنا بحبك وأكتر...وان اللي حصل ما بينا كان زى الغيبوبه وهنفوق منها.
ابتسم علي ثقتها في حبه قائلا
=أهو ده اللي أنا بدور عليه فيكي من زمان...وكان نفسي ألاقيه أيام أخر مشكله ما بينا...الثقه....انك تثقي ان مهما مر علينا مواقف احنا لبعض.
انفرجت أساريرها من مجرد منحه لها صفه جديده وهي أنها وصلت الي مرحله الثقه العمياء به وبحبه نهض ليأخذها الي بيتهم ليستكملا حوارهم بعد هذه الأمسيه التي أباح كل فرد منهم بما كان يحمله للأخر...حان وقت النوم وليكن ما يكن...ولكن استوقفته لتسأله قائله
=انت دلوقتي البروفيسير شهاب...اللي هيشرف علي الماستر بتاعي....يا ترى بقا انت شايفني قد المسؤوليه...ولا تحطني مع دكتور تاني أريح ليك؟
نهض وسحبها بداخل غرفتهم ليلصقها بالحائط يحتضنها بحب قائلا
=طالما سألتي السؤال ده...يبقا رجعتي مش تثقي فيا زى زمان..وكده سيادتك غلطتي تاني...ولازم تندمي...بس أنا بقا معدش عندي مجال للندم ...في عندي عقاب.
تنهدت بسعاده وهي تغمرها الفرحه وهو يطوقها بذراعيه منتظره عقابه لها بفارغ الصبر قائله بنعومه
=وأنا مش حابه أندم أكتر من كده...عايزة أتعاقب علي كل حاجه عملتها في حقك...وانت بدافع عني بكل ذرة في كيانك...أنا بحبك أوى...
داعب شفتيها بأنفه يشتم رائحه شفتيها الكريزيه مستمتعا بكلماتها التي تخرج من أعماقها ليصعب عليه اخراج صوته فيخفضه قائلا
=لا ...مش ممكن تكوني انتي غاده...غاده انتي بشعه...حتي في حبك دمار...مدمراني حب ولوعه وشوق...ااااه يا غاده القلب...أنا قلبي تمزق بدونك.
تحسست وجهه برقه ورفعته اليها قائله
=وأنا ميرضنيش قلبك يتقطع بسببي...انت عليك العقاب وأنا علي المكافأة....عقبال ما تبقي المكافأة من ربنا علي صبرنا...ويعوضنا عن اللي فات.
تضخمت مشاعره تجاهها ليقبل علي شفتيها يكتسحها بقبله عاشقه مدمرة جعلتها تذوب أمامه وتنهار قواها...لتطول قبلتهم بدون مشقه...لا يعلما متي استغرقت من الوقت...ليبتعد ويجعلها تلتقط أنفاسها ليضع جبهته علي جبهتها قائلا
=احنا هناخد أجازة من الكليه...وهلففك ألمانيا...احنا معملناش شهر عسل...ودي فرصتنا...بمعني أصح دي فرصتي...وأنا مش ناوى أضيعها.
هزت غاده رأسها بموافقه وهي تائهه بين كلماته لم تدرى بيده التي عبثت في سحاب الفستان من الخلف وهو يتحسس بشرتها الناعمه ويحملها لتجد نفسها علي الفراش تتنهد بسعاده قائله
=أنا بحبك أوى يا شيبو. أي مكان ليا معاك عسل..أنا مش محتاجه أقضي معاك شهر عسل..لأنك العسل الموجود في حياتي...انت اللي غيرت مرارة حياتي.
قبلها شهاب قبلات ناعمه قائلا من بين قبلاته
=انسي يا غاده...المر كله غرق في العسل... والعسل الوحيد هو اللي سيطر علي حالنا.
وهكذا انتهت قصتي ليبدأ عهد جديد من الحب والسعاده بين بطلي روايتي والتي أتمني أن تنول اعجابكم الهدف من الروايه هو أن الخطأ مدفوع مقدم عن طريق الندم المتأخر...كل أبطال الروايه أخطأوا سواء في حق أنفسهم أو في حق غيرهم..والنتيجه ندموا أشد الندم...منهم من كان له فرضه ثانيه لتصليح أخطائه ومنهم من فاته القطار وضاع منهم كل شئ وذلك الذي فاقت أخطائه حد الندم..أخطائه كانت منافيه لمشاعر الانسانيه وكان انتقام الله هو الحل الأمثل له...لتعدد الفرص أمامه ومع كل مرة كان يرفض الفرصه تلو الأخرى
دمتم بخير وأمان...دمتم ذواقين ومتابعين متميزين
