CMP: AIE: رواية نارة الفصل السابع7بقلم ياسمين السيد قنديل وايمان شريف الحوفي
أخر الاخبار

رواية نارة الفصل السابع7بقلم ياسمين السيد قنديل وايمان شريف الحوفي


رواية نارة

 الفصل السابع7

بقلم ياسمين السيد قنديل وايمان شريف الحوفي



دلفت معه منزله في التجمع الخامس، والتفتت له وجدته يغلق الباب وعندما انتهى والتفت إليها وجدها تنظر له بتمعن، نظرات لم يستطع تفسيرها فاقترب منها ورفع كف يده يحركه أمام وجهها قائلا باتسامة :

- مالك بتبصي لي كده ليه ؟

أزاحت نظراتها عنه بإرتباك متمتمة :

- ولا ببص ولا حاجة أنا بس سرحت شوية . 

- ويا تري سرحتي في إيه بقا ؟

جزت علي أسنانها بغيظ هاتفة بضيق :

- سرحت وخلاص فيها حاجه دي ؟

رمقها باستغراب من حالها المتغير حتي أنها طوال الطريق لم تتحدث معه أبداً، بل كانت تنظر بشرود من نافذة السيارة فاقترب منها أكثر ومد يده يضعها علي جبينها بحركه مباغتة جعلتها تنتفض ونبضات قلبها تتسارع حتي أنها خافت من أن يسمع ضربات قلبها المتسارعة من قربه المهلك بالنسبة لها وسمعته يقول بنبره قلقة :

- حرارتك كويسة أومال مالك متغيرة ليه ؟

أزاحت يده عنها بإرتباك لا تعلم بماذا تجيبه، هل تخبره إنها بدأت تشعر تجاهه بمشاعر غريبة عليها حتي أنها صارت تحب قربه ولا تريد الابتعاد عنه ، أفكار كثيرة تجتاح عقلها وشعور جديد عليها يقتحم دواخلها جعلها في متاهة لا تعلم بدايتها من نهايتها، قطع سيل أفكارها صوت شهاب وهو يقول بتساؤل :

- أنتِ بتفكري في إيه كل ده ؟ 

لا إراديًا قالت :

- بفكر فينا 

- فينا ازاي ؟

عضت علي شفتيها بإحراج من اندفاعها ولم تجبه؛ فتوقع هو أنها تريد الانفصال وربما ندمت جراء ما حدث بينهما، ضم قبضة يده بضيق هاتفًا بجدية مصطنعة :

- لو علي علاقتنا فأنا عند وعدي وهطلقك زي ما اتفقنا بس نستنى شويه عشان كلام الناس . 

ترقرقت الدموع في عينيها وهمست بتيه :

- يعني هتطلقني ؟

- مش ده اتفاقنا ولا ايه؟

ولَّته ظهرها كي لا يري دموعها وهي لا تعرف لماذا عندما سمعت أنه سيطلقها شعرت وكأن شيئا ما يعتصر قلبها فأدمعت عيناها لتجيبه بصوت متحشرج :

- صح إحنا متفقين علي كده. 

و رغم ما قاله إلا أنه كان يتمني أن تخبره إنها لا تريد الطلاق وتود أن تستمر معه، انتظر للحظات منتظرها أن تنهيه عما قاله إلا إنها لم تفعل بل ظلت متسمرة مثل التمثال توليه ظهرها، اعتصر قبضة يده محاولًا التحكم في أعصابه وتحدث بنبرة خرجت حادة :

- أنا رايح المستشفي عشان ورايا شغل. 

أنهي جملته وخرج بسرعة كالرياح العاصفة، التفتت إلى أثره ودمدمت :

- هو إيه اللي بيحصل ده ومالي زعلت كده ليه لما قالي هنتطلق .

زفرت بضيق من مشاعرها المتخبطة وتصرفاتها الغريبة والأكثر غرابة كان هبوط ماء عينيها دون إرادتها وكأنها تعترض علي حديث شهاب. مسحت دموعها بسرعة وهي تهز رأسها بنفاد صبر من حالها ، اقتربت من الأريكة وجلست عليها والتقطت الهاتف وهي تتنحنح في محاولة منها لتنظيف حنجرتها واتصلت بأختها وجاءها الرد بعد ثوان منها :

- ألو 

أجابت نارة في لهفة بصوت مشتاق :

- بتول أنا نارة . 

- نارة حبيبتي، عاملة إيه، انا كنت قلقانة عليكي أوي، أنتِ كويسة ؟

- أنا كويسة يا حبيبتي الحمد لله ورجعت القاهرة المهم طمنيني عليكم . 

- إحنا كويسين بس بابا من امبارح وهو شايط وبيخانق دبان وشه هو إيه اللي حصل ؟

تنهدت نارة هامسة بألم :

- هو اللي اضطرني أعمل كده. 

عقدت بتول حاجبيها باستغراب هاتفة:

- ليه هو ايه اللي حصل ؟

- أنا اتجوزت أنا وشهاب .

شهقة عالية خرجت من حنجرة بتول علي الجانب الآخر قائلة بصدمة :

- يخرب بيتك اتجوزتي أنتِ والدكتور اللي بيساعدك !؟

أجابت نارة باستغراب :

- أيوه اتجوزته هو بابا مقالش ليكم إني اتجوزت ؟ 

- لأ طبعًا مقالش بقولك شايط من امبارح ومحدش عارف يتكلم معاه دا حتي ماما معاه تحت في المكتب بتحاول تعرف منه ايه اللي حصل. 

- طيب يا بتول طمني ماما عليا وأنا هبقى أتصل بيكم تاني عشان أطمن عليكم. 

- حاضر يا حبيبتي وخلي بالك من نفسك 

أغلقت نارة الهاتف مع شقيقتها وبدأت الدموع تتجمع في مقلتيها وهي تحدث نفسها :

- انا آسفه يا بابا بس أنت اللي اضطرتني أعمل كده .

ظلت علي حالها هذه لدقائق قبل أن تمسح دموعها قائلة لنفسها بمرح :

- انسي كل الدراما دي دلوقتي يا نارة وتعالي نعمل أي حاجة تسلينا.. أنا هموت من الجوع. 

أنهت جملتها ودلفت الي المطبخ فوجدته مطبخًا حديثًا مصمم علي الطراز الأمريكي باللون الابيض الممزوج باللون البنفسجي الغامق لترمقه بإعجاب هاتفة:

- واو ذوقه يجنن. 

بدأت تتحرك يمينًا ويسارًا بنشاط تكتشف كل شئ في المطبخ وبدأت تفكر ماذا ستطبخ وهي بعمرها لم تدلف إلى المطبخ، فتحت هاتفها وبحثت على اليوتيوب عن وصفة سهلة ولذيذة للغداء وأمدها الموقع بالعديد منهم حتى توصلت في النهاية إلى فكرة عمل معكرونة ودجاج بصوص الجريڤي لكن عندما فتحت الفريزر لم تجد به أي لحوم فعزمت أمرها على الذهاب إلى السوق وشراء كل ما تحتاجه .

التقطت حقيبتها من علي الأريكة بعدما سوت ملابسها وشعرها وخرجت الي التسوق بقلب فرح وكأنها لأول مرة تشعر أنها حرة لها شخصيتها الخاصة ويمكن الاعتماد عليها .

***********

" في المستشفي "

وبينما شهاب يمر علي مرضاه واحدا يلوه الاخر اصطدم بفتاة وكانت علي وشك الوقوع ولكن يد شهاب حالت دون ذلك وعندما اعتدلت في وقفتها وأبعد يده عنها وهو يعتذر رفعت هي وجهها له هامسة بصدمة :

- شهاب !

ارتسمت معالم الضيق علي وجهه ليقول بابتسامه صفراء :

- رانيا!! ازيك ؟





تلقائيا نظرت إلى يده اليسري لتتأكد إذا كان يرتدي محبس الزواج وعندما وجدت يده خالية قالت بسعادة :

- الحمد الله بس إيه الصدفه الجميلة دي! 

أجاب من بين أسنانه :

- هي فعلا جميلة . 

ثم استطرد بغيظ :

- أنتِ بتعملي ايه هنا ؟

- أنا اتعينت هنا جديد بقالي يومين . 

شهاب بإيجاز :

- اه ألف مبروك.. طيب بعد إذنك بقا ورايه شغل .

وعندما كان علي وشك الذهاب أمسكت هي بذراعه في سرعة قائلة :

- استنى بس مش تحكيلي عملت إيه في الفترة اللي سيبنا بعض فيها .

أزاح يدها عن ذراعه بضيق هاتفًا بحدة :

- أظن دي حاجة ماتخصكيش وياريت متتجاوزيش حدودك معايا سلام . 

أنهى كلامه وذهب مسرعًا وهو يشعر بالضيق من لقائها بينما هي وقفت تتأمله وهو يذهب مسرعًا قائلة لنفسها بضيق :

- اتغيرت أوي يا شهاب في الفترة اللي سيبتك فيها بس ده مايمنعش إني أحاول معاك للمرة التانية. 

عقدت العزم علي أن ترده لها بما أنه ما زال لم يرتبط حتى الآن حسب اعتقادها .

**************** 


أنهى شهاب عمله وجلس في مكتبه يستريح وهو يضع يده علي رأسه يفكر في حياته مع نارة كان يتمني عندما قال لها أنه سيطلقها أن تصرخ به وتثنيه عن موضوع الطلاق طالبة منه أن يظل معها بقية حياتها ولكن أحلامه ذهبت هباءً عندما صمتت ولم تتحدث نفخ بضيق هامسًا لنفسه بتوبيخ :

- إيه اللي أنت بتفكر فيه ده يا شهاب ما ده كان اتفاقكم من الاول .

وللحظة شرد عندما كانت في أحضانه كم كان سعيدًا كونها بين يديه وصارت ملكه وحده وعندما غفت من التعب والإرهاق ظل هو مستيقظًا يشاهد تعابير وجهها وكأنه يحفظها، كم كانت جميلة ورقيقة وهي نائمة كالملاك في أحضانه وعلى صدره حتي أنه غفا دون أن يشعر وهو يملي نظره منها . ابتسامة حالمة ارتسمت علي محياه وهو يعيد أحداث هذا اللقاء الحميم ولكنها للأسف الشديد انمحت عندما دلفت رانيا بدون استئذان وجلست أمامه علي المكتب وهي تتحدث بدلع مصطنع جعله علي وشك التقيؤ :

- إيه رأيك يا شهاب أعزمك على الغدا ونقضي اليوم مع بعض .


أنهت حديثها واقتربت منه بغنج وأمسكت بكفه بين يديها تتوسله ليوافق فسحب يده ببرود يزمجر بها هادرًا :

- لتاني مرة بقولك يا رانيا.. بعيد، خليكي بعيد. 

حاولت إبعاد غيظها وتكلمت بميوعة للمرة الثانية ولكن صوتها يغلب عليه الضيق :

- تعالى ننسى اللي فات ونفتح صفحه جديدة وياسيدي أنا اللي هبادر الأول وبقولك تعالى أعزمك على الغدا أهو. 


أغمض عينيه بيأس من برودها وهي تحاول أن تلتصق به كـالعلكة و ظفر بضيق وقد قرر أن يتجاهلها وخلع معطفه الطبي وبدأ بجمع أشيائه الخاصة لتعاود هي الحديث بحدة :

- شهاب رد عليا.. 

لم يعرها شهاب انتباهًا وعندما انتهى من جمع أشيائه وكان علي وشك الاستعداد للذهاب وقف أمامها وفجر قنبلته التي جعلت وجهها يشحب وقد ارتسم الغضب علي ملامحها الجميلة التي تخفيها مساحيق التجميل الثقيلة التي تضعها :


- كان نفسي والله أقبل عزومتك بس زي ما أنتِ شايفة مبقدرش أتأخر علي مراتي حبيبتي دا أنا بعد الساعات علشان أروحلها وتبقى في حضني أصل متعرفيش أنا بشتاق لها قد ايه .

رمقها بتشفٍ وهو يرى أمارات الصدمة تحتل وجهها فيشير  لها بكفه ببرود هامسًا :

- سلام يا رانيا ! 

وبعدما ولاها ظهره وخرج من المكتب ارتسمت ابتسامة مشتاقة علي محياه هامسًا لنفسه :


- أنا مش عارف امتى ده حصل بس شكلي كده زقعت في حبك يا بنت كامل ودليل علي كده إن الكلام اللي قولته لرانيا كان طالع من قلبي .. 

**************

في منزل شهاب 

كانت تقف في المطبخ تعد الطعام بابتسامة حالمة وهي تتخيل رد فعله عندما يجدها قد حضرت الطعام له ورغم تلك الابتسامة إلا أنها استنزفت طاقتها في أن تتذكر كيف كانت الدادة سعاد مربيتها تعد الطعام لها وبعد بعض الوقت انتهت من طهي الطعام وبدأت برصّه علي السفرة وهي تنظر له بتقييم ورغم عدم رضاها عنه إلا أنها حاولت إقناع نفسها أنه يكفيها شرف المحاولة ..دخلت بعد دقائق إلي غرفة شهاب وفتحت الدولاب الخاص به وهي تبحث عن ملابس يمكن أن ترتديها وبالأخير توصلت الي تلك السترة التي تصل الي منتصف فخذيها فوقفت أمام المرآة وهي تقيم نفسها وبدأت بتمشيط شعرها ووضعت من البرفيوم الخاص به وعندما انتهت ألقت قبلة لنفسها في المرآة وهي تصيح بسعادة :

- قمر يا ناس 

- من ناحية قمر فأنتِ قمر بس مش ملاحظة ان التشيرت كبير شوية عليكي .


شهقت بفزع وأمالت بجسدها إلى اليمين قليلاً وهي تنظر في المرآة خلفها بتوجس وعندما وجدته يقف خلفها مستندًا إلى الحائط يعقد ذراعيه علي صدره وهناك ابتسامة عابثة مرتسمة علي شفتيه فضحكت بتوتر وهي تلتفت له بإرتباك وقد أصبح وجهها متوردًا من شدة الخجل وأعادت خصلة من شعرها خلف أذنها بإرتباك وهي تحاول الحديث حتي خرجت نبرتها متلعثمة :

- هـ .. هو ..انا يعني كنت ..


اعتدل في وقفته واقترب منها بتريث وعندما لاحظته عادت لا شعوريا إلى الخلف حتي اصطدمت بالحائط خلفها وحاصرها هو بذراعيه من الجانبين ورائحتها الممتزجة بعطره تداعب أنفه ليقول بنبرة جعلتها في أقصي درجات الارتباك :

- التشيرت بتاعي هياكل منك حته .


ابتلعت ريقها بخجل وهي تتمنى أن تنشق الارض وتبتلعها في تلك اللحظة عندما دفن وجهه في عنقها يستنشق عبيرها هامسًا :

- ولا البرفيوم بتاعي مع ريحتك عامل ميكس هايل .

شهقت بخفة عندما شعرت بشفتيه تطبع قبلة ناعمة علي رقبتها لتغلق عينيها بخجل وهي تكاد تنصهر من فرط التوتر مع مشاعرها التي إذا تركت لها العنان ستلتهمه بشفتيها في قبلات ألهبها الشوق، انفلتت منها ضحكة قوية لا إراديا من تفكيرها المنحل في وجهة نظرها وهي تفكر في تلك اللحظة أن تلتهم شفتيه في قبلة عنيفة.. ابتعد عنها وهو يطالعها بعدم فهم ليهتف بتساؤل :


- أنت بتضحكي علي إيه !؟

احمر وجهها وهي تديره الي الجهه الاخري وكأنه يعلم بما تفكر فهمست بإرتباك :






- غير هدومك وتعالي عشان ناكل مع بعض . 

ابتعد عنها وهو يحل أزرار قميصه أمامها مما جعلها تعض علي شفتيه وهي تلعنه بسرها هل يريدها ان تتصدر الصحف " بعنوان نارة الفتاة الخجولة والبريئة تغتصب زوجها عند عودته من العمل " ضربت رأسها بكف يدها وهي تؤنب نفسها بصوت عال :

- إيه قلت الأدب اللي بتفكري فيها دي يا نارة.. عيب كده! 

شهاب وهو يخلع بنطاله سألها بعدم فهم :

- بتقولي حاجه يا نارة ؟ 

- بقولك غير هدومك عشان ناكل سوا

انعقد حاجبيه بدهشة قائلا :

- عملتي أكل ازاي ومفيش حاجة هنا تتطبخ ؟

نارة وهي توليه ظهرها تداعب خصلات شعرها :

- خرجت اشتريت خضار وشوية حاجات من برة. 

- وجيبتي فلوس منين ؟

نارة بلا مبالاة :

- أخدت من درج الكمودينو بتاعك . 

شهاب بتساؤل :

- ده كان فيه 150 جـ بس عرفتي تشتري بيهم حاجة دول .؟!

نارة بغرور وكأنها فازت باليانصيب :


- طبعا يا بابا طب ده أنا لو مسكت وزيرة الاقتصاد في البلد دي...

- هتخربيها مش كده! 

رمته بنظرة نارية وزمت فمها وهي تقول من بين أسنانها: 

- اتريق اتريق طب ده وأنا بشتري الطماطم الراجل قالي الكيلو بعشرين جنية فاكرني أجنبية!! تخيل أنا بقا اشتريته بكام 

شهاب بتخمين يشوبه السعادة :

- يبقا أكيد اشتريتي الكيلو بعشرة. 

نارة بنفي وسعادة :

- لأ طبعا اشتريت الكيلو ونص بعشرة جنية شفت أنا شطورة ازاي وأنفع أكون ست بيت هايلة. 

واستأنفت بثقة وهي تنتظر أن يمدحها ويشكرها علي مجهودها العظيم من وجهة نظرها :

- لأ وكمان زكيت عنك جيبت تلاته كيلو طمام بـ ٢٠ جـ واديت اونكل خمسين جنية وقولتله خلي الباقي عشان ربنا يحفظك ويباركلك في فلوسك .

انتظرت منه رد ولكنه صامت لتلتفت له فاصطدمت بوجه وعيونه الحمراء وهو يقبض علي ياقة التشيرت الذي ترتديه من الخلف ويقول بحسرة :


- اديتي اونكل كام يا حبيبة اونكل ؟


نارة بصوت عال ظنا منها انه لم يسمع :


- اديته 50 جـ يا شهاب الله أنت اطرشت ولا ايه؟


جز علي أسنانه صارخا بها وهو يدفعها بعيدًا عنه :


- اطرشت ! ده انا هيجيلي سكتة قلبية روحي يا شيخة منك لله .

نارة باستنكار :

- أنت بتدعي عليا عشان زكيت عنك طب ده الراجل فرح ونده عليها وأنا ماشية وقالي كل ما تعوزي خضار تعالي خدي مني .

شهاب وهو علي وشك أن ينتف شعره :

- لقاكي هبله ياختي لقاكي عبيطة نزلت له من السماؤ . 


أكمل وهو يقبض علي شعرها من الخلف بغيظ :

- بت هو أنت مش متعلمة ؟

أزاحت نارة يدة هاتفة بغرور :

- متعلمة طبعا يا بابا ده أنا مخلصة بيزنس. 

شهاب بصراخ وحسرة :

- كمان ! ده إيه الهنا اللي أنا فيه ده يا ربي !! 


التفتت له نارة بضيق وكانت علي وشك أن توبخه وتسأله لم يتحدث معها هكذا ولكنها صدمت من رؤيته عارٍ الا من شورت قصير فصاحت بدون وعي وكأنها رأت شبح وهي تركض الي خارج الغرفة :

- لأ بقا ده انتي مش ناوي تجيبها لبر وعاوزني أطلع انور صفحة الاحداث . 


ضرب شهاب كف بأخر وهو يستغفر ربه ودلف الي الحمام يأخذ حماما باردًا ليستعيد نشاطه . 


وبعد بعض الوقت خرج من غرفته وجدها تجلس علي السفرة تنتظره فجلس بجانبها وهو يرمقها بغيظ فقالت بضيق :


- الله أنت بتبصلي كده ليه ؟!

- أبداً اصلك قمر اووي النهاردة . 

وضعت خصلة من شعرها خلف اذنها وهي تهمس برقة :

- ميرسي

نفخ شهاب بضيق مهمهمًا :

- صبرني يا رب 

نارة بتساؤل :

- بتقول حاجه يا شهاب ؟

- أبداً بقول يلا ناكل .

وضعت له الطعام في طبقه وهي تنظر له بتمعن وضربات قلبها تتسارع خوفًا من ألا يعجبه الطعام لاحظ نظراتها المتوترة المصوبة نحوه وفهمها. بدأ بتناول الطعام وعندما وضع قطعة من الدجاج في فمه كان علي وشك أن يبصقها ولكن نظراتها المترجية جعلته يتأملها وابتسامة مرسومة علي محياه حتي أنه بسبب فضوله سألها :

- أنت عاملة الفراخ دي ازاي ؟

نارة بسعادة :

- حلوة صح ؟

اومأ لها بابتسامة لسعادتها فبدأت تشرح بفرحة :

- أبداً دي حاجه سهلة خالص يدوب بس حطيت في الحلة مية وسقط الفرخه فيها وسبتها تستوي . 

- بس ؟

- ايوه بس وبعد ما استوت شيلتها من الشوربة و.... 

قاطعها شهاب بإستنكار :

- شوربة ! انتي متأكدة انها شوربة يا لينا قصدي يا نارة ؟

نارة بضيق :

- في ايه يا شهاب هو الاكل مش عجبك ؟

- لأ طبعا ده جميل جداً ده أنا عمري في حياتي ما أكلت أكل بالطعامة والحلاوة دي .

ثم همس لنفسه :

- سامحني يا رب 

شعرت نارة بالسعادة فهتفت بسرعة :

- خلاص أنا هطبخلك كل يوم 


شرق شهاب وهو يتناول الشوربة فنهضت بسرعة تناوله كوبًا من الماء وهي تربت علي ظهره بخفة وعندما هدأ قال :


- تسلم ايدك يا حبيبتي . 

- ها !؟

مسح شهاب يدة في المنديل وقال بابتسامة وهو يقترب منها ويقبل جبينها :

- بقولك تسلم ايدك يا حبيبتي . 

ردت له الابتسامة بأخري بلهاء ليقول وهو ينتشل الاطباق من علي السفرة :


- يلا شيلي معايا الاطباق . 


أومأت بسعادة وبدأت تساعده في حمل الأطباق من السفرة تطالعه بحب ونظرات حالمة وهو يجلي الأطباق وعندما انتهي مسح يده بالمنشفة وقال لها بتساؤل :

- مش هتنامي ؟

- ها اه اه هنام 

- طيب يلا بينا لأني مرهق جداً. 


أومأت له فوجدته يمد يده لها فأعطته كفها ليقبض عليه ودلف بها الي الرواق وعندما وصل الي الغرف أشار إلى غرفتها وقد ترك كفها :


- أنت هتنامي هنا وانا في اوضتي اللي جمبك دي .


أومأت له وقد ضاعت أحلامها هباءً، كانت تود أن تنام على صدره تنعم بدفئه بجانبها، رمقته بنظرات حالمة هامسة برقة :

- تصبح علي خير . 

ابتسم بحب وهو يتابعها تدلف الي الغرفة ويهمس بحب :


- وأنتِ من أهله . 





تململت نارة في فراشها باضطراب، تكاد تسيطر على حماسها المجنون الذي يجعل فمها يتسع بابتسامة عريضة وقلبها يخفق كالاعصار، انهالت التساؤلات على عقلها، ما سبب هذا الحماس المفرط؟ لمَ تشعر بقلبها يكاد يقفز من مكانه على الرغم من أنه ليس معها في تلك اللحظة، أم أن ذلك الجدار غير كافٍ ليبرد قلبها ومشاعرها تجاهه؟ كفى لم لا تستطيع النوم لقد أصيبت بالصداع من فرط التفكير ومع ذلك واتتها فكرة، أن تنهض وترى إن كان نائمًا أم يعد النجوم مثلها. 

وبالفعل نهضت وأخذت زجاجة المياه متجهة إلى الشرفة وأفرغتها على الشجرة القريبة منها، حتى إذا قابلته تزعم أنها نهضت لتملأها، فتحت باب غرفتها بهدوء وأطلت برأسها تتفقد الخارج وكان هادئًا تمامًا يغرق في الظلام؛ فأضاءت نور الطرقة الخافت وخطت بضع خطوات نحو غرفته، حينئذ لاحظت بابه مواربًا، تضرجت وجنتاها وانفعل وجيب قلبها لكن ما لبثت أن أصبحت عند الباب حتى توقف حماسها في حلقها حينما سمعت صوت شخيره العالي ينبئها بأن رفيقها قد سافر منذ وقت طويل. 

أكانت تعتقد أنه سينفق وقت راحته في التفكير بها.. هيهات يا عزيزتى فطبيعة الرجل أن أنثاه لن تشغل من حيز وقته سوى ما تستطيع اغتصابه من وقت فراغه. 

وعادت إلى غرفتها بكفي حُنين وجنحت إلى النوم بدافع دفن خيبة أملها.


                الفصل الثامن من هنا

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-