أخر الاخبار

رواية رحيق الهلالي الفصل الرابع عشر14بقلم داليا السيد


 
رواية رحيق الهلالي

 الفصل الرابع عشر14

بقلم داليا السيد


انهيار
تراجعت رحيق وهي تنظر إلى مروان بعيون متسعة


 امتلأت بالدهشة والغضب والخوف، بينما تراجع فراس بمقعده وهو يحاول أن يستوعب 


كلمات الشاب الذي ظهر فجأة أمامه بينما عاد مروان يكمل
“رحيق أعلم أنك غاضبة مني من أجل ما حدث ولكني كنت سأخبرك الحقيقة ولكن.. "
قاطعته فجأة وبقوة لم تعتادها معه ولكنها تعلمتها من أفعاله معها "مروان كفى، أنا لم يعد يهمني أي شيء ولا أريد أن أسمع أي شيء" 
انتبه مروان إلى حدتها مما جعله يتراجع ويلتفت إلى فراس وتغيرت معالم وجهه وانتبهت هي لنظراته فقالت "فراس زوجي، مروان زميل قديم نسيته ولا أحب أن أذكره" 
نظر فراس إليها بنفس الغضب الذي يملؤه من كلمات مروان الذي قال "زوجك ولكن" 
قاطعه فراس بحدة "ولكن ماذا؟" 
بالطبع ملامح فراس جعلت مروان الجبان يتراجع مبتعدا بارتباك دون أي كلمات بينما نظر فراس إليها فقالت "فراس أنا.." 
قال بحدة واضحة "أنتِ تقيمين بفيلا ولديكِ ميراث" 
هزت رأسها والخوف يملأ قلبها حتى قمته وينسكب عليها من غزارته وقالت بضعف "هذا ما كنت أريد أن أخبرك به" 
نهض وقال "لابد أن نذهب أعتقد أنك بحاجة للعودة إلي بيتك حيث تنتمين؟" 
تراجعت بدهشة وقالت "لا، أنا لم أعد انتمي إلا لك ولبيتك" 
طالت نظرته لها وتداخلت الأفكار برأسه وتمنى لو تركها وذهب بعيدا ولكنها بالنهاية زوجته ولا يمكنه تركها، جواد ابنه وكلام عمته كل ذلك أوقفه عن إخراجها من حياته فقال 
"دعينا نذهب" 
تحرك دون أن ينتظرها فتحركت خلفه بأقدام مرتجفة وقد تمنت لو كانت هي من أخبره، ما أن ركبت حتى قاد بسرعة جنونية فقالت "فراس اسمعني أرجوك" 
لم يرد فصرخت به "أبطء السرعة من فضلك، فراس لابد أن تسمعني"
لم يرد وانطلق بطريق العودة فالتزمت الصمت كما فعل وهو يحاول أن يستوعب ما حدث ويفكر فيم يجب أن يحدث بحياته وقد وقع بامرأة حياتها سلسة من الأكاذيب لا يعرف أين الصدق فيها.. 
أوقف السيارة أمام البوابة الخارجية وقال بقوة "انزلي" 
قالت من بين دموعها "فراس" 
هتف بقوة وغضب "انزلي الآن" 
انتفضت من نبرته وأسرعت تنزل من السيارة فانطلق بها بقوة جعلتها تتراجع بفزع وخوف عليه وتتابعه وهو يبتعد دون أن ينظر خلفه 
دخلت البيت والدموع ترافقها وكم شعرت بالوحدة وهي تتأمل البيت بعد أن خلا من الجميع وتحركت إلى غرفة الجلوس حيث مقعد العمة الذي كانت قد أعدته لها وجلست عليه وهي تنظر إلى الخارج دون أن ترى أي شيء، ليتها أخبرته منذ أول يوم ما كان قد حدث كل ذلك، ولكنها لم تكن تستطيع أن تفعل ففتاة تملك ما تملك ما الذي يجعلها تعمل بمكان كهذا؟ لم يمكنها أن تخبره أنها بقيت لأن قلبها تعلق به وبابنه لن يصدقها لا هو ولا أحد
أغمضت عيونها وشعرت أن الوحدة ستكون هي رفيقها بعد الآن ولكنها تساءلت عما يمكن أن يفعله معها عندما يعود وهل سيتركها أم يخرجها من حياته للأبد!؟ 
لم تشعر بالنوم الذي تسرب إليها بعد يومين دون راحة واستيقظت على يد تهزها وعندما فتحت عيونها رأت جواد ينظر إليها فاعتدلت وهي تتأمل ما حولها ولقد أوشك نهار ثاني أيام العيد على الرحيل
سمعت جواد يقول "ماما لماذا تنامين هنا؟" 





أحاطت وجهه بيدها وقالت "لم أشعر بنفسي جواد، من أعادك؟" 
نظر إلى الأعلى وقال "بابا، وصعد إلى غرفته ولكنه لا يبدو بخير فهو لم يتحدث معي ولم يرد على كلامي وتعصب عليّ جدا" 
جذبته إليها واحتضنته وقالت "لا تحزن حبيبي أنت تعلم ظروف بابا هذه الأيام" 
ابتعد وقال "أعلم أنا جائع" 
هزت رأسها ونهضت معه وأعدت له الطعام ثم صعدت معه إلى غرفته وظلت معه إلى أن نام
عندما خرجت نظرت إلى غرفة فراس ولم تعرف هل تذهب إليه أم تتركه حتى يهدأ غضبه وبالنهاية تركته واتجهت إلى غرفتها وصلت فريضتها وتذكرت وهو يخبرها أنه لا يراها تصلي فأغمضت عيونها بحزن على حظها الذي لم يكن جيدا بأي يوم حتى يوم أن ظنت أنها أخيرا وجدت الحياة المناسبة واستقرت أحاطها اليأس والحزن مرة أخرى 
اتصلت بفايزة واطمأنت على ميادة وعرفت أن مهاب عاد فلم تناقشها وأغلقت واستلقت بالفراش إلى أن نامت
بالصباح الباكر كالعادة نزلت على دقات عوض ولكن ما أن نزلت حتى رأته يأخذ منه البيض واللبن توقفت ودق قلبها بقوة وهي تراه يغلق الباب ويتجه إلى المطبخ فتنهدت ونزلت إليه 
وضع اللبن بالثلاجة ورغم أنه شعر بها إلا أنه لم يلتفت إليها ولم يرد عندما قالت "صباح الخير" 
اتجه إلى سخان الماء فتحركت إليه ووقفت بجواره وقالت "فراس لابد أن نتحدث" 
لم يرد وهو يعد الشاي لنفسه ولكنها تحركت لتقف أمامه وتنظر إليه وتقول "لابد أن تسمعني" 
نظر إليها بدون أي معنى من نظراته وقال بهدوء "لا أحتاج لأكاذيب أخرى كفاني ما نلت" 
كاد يتحرك ولكنه وضعت يدها على صدره لتمنعه وهي تقول بصدق "لا فراس ليس كذب صدقني ليس كذب" 
أبعد يدها بهدوء وقال "لم يعد يهمني، اسمعي أيا كان الغرض من وجودك هنا فأكيد سيأتي وقت وينتهي ووقتها يمكنك الرحيل حتى ولو كان الآن لن أمنعك وزواجنا لن يوقفك لأني اعتبرته غير موجود وسأنهيه باليوم الذي ترحلين به لذا أتمنى أن يكون بأقرب وقت، أنا أفعل ذلك فقط لم فعلته معنا بالأيام السابقة ولوصية عمتي لي لكن عليك أن تعرفي أن وجودك هنا بالنسبة لي أصبح كالهواء لا نراه ولا نلمسه لذا ابتعدي عني لأني لم أعد أطيق رؤيتك" 
ابتعد من أمامها وتراكمت الدموع بعيونها وقالت بضعف "ولكني لا أستطيع أن أبتعد عنك فراس فأنا"
لم تكمل عندما التفتت لتراه قد خرج فأكملت من بين دموعها "أنا أحبك فراس، لم ولن أحب رجل سواك، ليتك تدرك ذلك" 
تحركت الأيام سريعة وكأنها تنافس بعضها، تحسنت صحة ميادة وقد اطمأنت هي عليها بالهاتف وزارتها مرة بمفردها بعد أن أخبرته فلم يرد كالعادة ولم يعترض، وتوطدت صداقتها بفايزة جدا لكنها لم تخبرها عن أسرارها وأحزانها، عرفت أن زينت شفيت وخرجت من المشفى بعد عودتها من الغيبوبة التي دامت وقتا طويلا وساءت العلاقة بينها وبينه إلى درجة أنهم كانت تمر أيام دون أن يلتقيا فقد كان يخرج من الصباح الباكر دون أي طعام ولا يعود إلا بوقت متأخر متوجها إلى غرفته في صمت دون أن يراها أو يوجه لها أي حديث وقد تأكد أن وجودها بالبيت لسبب هي تخفيه ورغم أنه ذهب إلى المدينة واستفسر وعرف كل شيء عنها وأدرك أنها كانت بالفعل تعيش مع جدتها حياة مترفة وأنها تخرجت من كلية السياحة والفنادق ولم تعمل بأي مكان وعرف علاقتها بمروان وهند وأدرك صدق كلامها بكل ما أخبرته به وخيانة مروان لها، حاول أن يحصل على أي شيء يفيد في معرفة سبب هروبها وتركها لكل حياتها ولكنه لم يجد إلا أنها ابتعدت عندما عرفت بخيانة مروان لها 
بالنهاية أدرك أنها سترحل، لم يمكنه أن يطلقها ويطردها ولم يمر على زواجهم إلا أيام وإلا لأثار القيل والقال وهو في غنى عن ذلك فكان الحل الأمثل هو ما قاله لها وابتعد هو تماما وقد عاد إلى نفسه وأدرك ندمه لأنه اندفع في مشاعره معها فلا توجد امرأة تستحق الثقة ولا الأمان. 
عاد جواد إلى المدرسة مع بداية الترم الثاني وعادت هي إلى تولي أمره دون اتفاق معه وتفرغت له ولم تفكر يوما في الرحيل كما كان يظن أنها ستفعل وقد مر وقت كبير على تلك الواقعة عندما تفاجأت بزينب تدق عليها الباب 
تراجعت من المفاجأة فتقدمت منها زينب وقالت "هل تسمحين لي؟" 
هزت رأسها وقالت "بالطبع تفضلي" 
دخلت زينب وهي تتأمل البيت الذي لم تتوقف رحيق عن الإبداع فيه رغم ما حدث ربما يدرك زوجها أنها لا تنوي ترك البيت طالما لم يطردها




نظرت زينب إليها وقالت "أرى نظرات الدهشة بعيونك" 
ظلت رحيق صامتة قبل أن تقول "لأني لم أتخيل تلك الزيارة بأي يوم" 
أخفضت زينب وجهها وقالت "أعلم ولكني جئت لأعتذر وأطلب منك السماح" 
تحركت رحيق إليها وقالت "لأنك كنت سبب ما حدث بذلك اليوم؟" 
نظرت إليها زينب بقوة وقالت "كنت تعلمين؟" 
قالت رحيق "لا ولكن كلماتك وقتها جعلتني أستنتج ذلك" 
قالت زينب ببطء "ولم تخبري فراس؟" 
ابتعدت رحيق وقالت "ولن أفعل، أعلم أنك كنت تحبين فراس وتحاولين إبعادي عن طريقه ولو أخبرته يمكن أن يقتلك فما حدث كان سبب بوفاة عمته وهو ما زال يبحث عن ذلك الرجل كي يعرف من هي الفتاة" 
أخفضت زينب وجهها وقالت "لن يعثر عليه لقد رحل بعيدا، أعترف أنني لم أفكر جيدا وفقدت عقلي بلحظة غباء مني ودفعت ثمنها غاليا" 
قالت رحيق بحزن "كلنا دفعنا الثمن وبخاصة عمتي؟" 
أجابت زينب بحزن "أنا آسفة رحيق أرجوك سامحيني فأنا لا أنام بسبب ذلك الأمر وأشعر أنه حبل حول عنقي يكاد يقتلني" 
نظرت إليها رحيق وقالت "لقد انتهى الأمر زينب فلا داع لفتح جراح أغلقت وانتهت" 
وافقت زينب وقالت "أتمنى أن تغلق رحيق وشكرا لك لأنك لم تخبري فراس"
لم ترد وزينب تتحرك إلى الخارج دون أن تتبعها رحيق إلا بنظراتها من خلف النافذة وهي تتذكر ذلك اليوم وموت العمة وما تلاه من أحداث ما زالت تعاني منها حتى اليوم
عاد جواد معها بذلك اليوم من المدرسة متعب وقد لاحظت ذلك وعندما سألته أخبرها بأنه بخير 
على المساء صعدت إليه كي تذاكر معه ولكنها وجدته نائما اندهشت لحالته هذه وقالت وهي تتجه إليه "جواد ما هذا الكسل؟ متى ستنهي دروسك؟" 
كان وجهه احمر بشكل واضح وما أن وضعت يدها على وجهه حتى أدركت أنه حرارته مرتفعة فأسرعت بإحضار الخافض وكمادات الماء البارد وظلت تضعها لأكثر



 من ساعة دون أي فائدة وعندها لم تتمكن من منع نفسها من أن تذهب لتتصل به كي يحضر الطبيب وما أن خرجت من غرفة جواد حتى رأته أمامها وهي لم تشعر بسيارته ولا بأن الوقت تأخر لم ينظر إليها ولكنها أسرعت إليه وقالت
“فراس اطلب الطبيب بسرعة، جواد حرارته مرتفعة ولا يفيق" 
نظر إلى ملامحها الفزعة وأدرك أنها جادة فلم يتردد في طلب مرتضى وتحرك معها إلى غرفة جواد وهو يتحسس حرارته وسألها 
“منذ متى وهو هكذا؟"  
قالت والقلق يملأها تجاه الطفل "منذ ساعة وأنا أضع الكمادات ولكنه لا يستجيب" 
لم ينظر إليها وهو يحمله إلى الحمام وقال افتحي الماء الدافئ ثم نفتح البارد لابد أن تنخفض حرارة جسده بأي شكل"
وبالفعل ساعدته في خلع ملابس الطفل ووضعه تحت الماء وارتجف جواد بين أيديهم إلى أن أعادوه وقامت هي بوضع الملابس عليه وقد وصل الطبيب الذي أنهى كشفه وقال 
“حمى شديدة من تلك التي تصيبك فراس ولكن الصبي ليس قوي مثلك والمرض أثر به، من الجيد أنه وضع تحت الماء، هذا دواء لليلة وإن لم يستجب بالصباح لابد من نقله للمشفى فالميكروب صعب هذه المرة" 
خرج مرتضى وتبعه فراس وهي تعيد جواد إلى وضعه بالفراش وتكمل الكمادات ثم سمعته يعود ويقف بجوار الفراش فلم تجرؤ على النظر إليه بينما قال
“يمكنك الذهاب سأبقى معه" 
قالت بقوة "لن أتركه" 
نظر إلى وجهها الذي يحدق بالكمادات التي على وجه جواد وقد شحب لونه وذبلت عيونه، أبعد وجهه وقال "لا داع لذلك فهو ليس بحاجة لك" 
رفعت عيونها إليه بنظرة عتاب قوية أدرك معناها وقالت "بحاجة لمن إذن؟" 
ابتعد وقال "لي أنا والده" 
قالت وهي تبعد وجهها عنه "حقا؟ والده الذي لا يبحث عنه ولا يعرف عنه شيء، لم أكن أعرف ذلك" 
اقترب منها وقال بغضب "لا دخل لك بعلاقتي به وعليك بتركه الآن هل تسمعين؟ كنت مخطأ عندما تركته لك فمن الواضح أن انتقامك كان بابني أليس كذلك؟" 
التفتت إليه بقوة وهي تحاول أن تفهم معنى كلماته فنهضت لتواجهه رغم قصرها الواضح بجواره ولكنها لم تهتم وهي تنظر بعيونه بجرأة وتقول بنبرة حادة
“انتقامي منك؟ وبجواد؟ هل تعي ما تقول؟ ليس بيني وبينك ما يجعلني انتقم منك ولو كان فلن انتقم بجواد أنت تعلم ماذا يمثل بالنسبة لي"



لم يبعد عيونه عنها ولم تتغير نظرته وهو يقول ساخرا "لن تخبريني أنك الأم الحنون لم تعد التمثيلية تعجبني" 
حدقت به لحظة ولم تسمح للدموع بأن تهاجمها، ليس الآن وليس أمامه فقالت بقوة "هذا شأنك ولن أضيع وقتي في محاولة إقناعك بالعكس لأن ابنك بحاجة إلى ذلك الوقت شأت أم أبيت" 
ثم عادت إلى جواد بينما أغضبه كلامها وتحديها الذي عاد لها فأمسك ذراعها بقوة وجذبها ليعيدها أمامه وقال بغضب واضح "لم يعد لسانك هذا يجدي نفعا معي والآن اخرجي لا أريدك بجانبه" 
لم تستسلم وهي تقول "لا تخلط الأمور ببعضها فراس لا دخل لجواد بما بيننا" 
جذبها إلى الباب وفتحه وأخرجها وهو يقول "لست بحاجة لك لتخبريني كيف أدير أموري" 
كاد يغلق الباب بوجهها عندما صرخ جواد فجأة منتزعا كلاهما من غضبه "رحيق، الألم شديد رحيق أين أنت؟" 
لم تلتفت هي وهي تمر من أمامه بكل قوتها لتبعده عن الباب وتهرع إلى جواد الذي كان يمسك بطنه ويتلوى وهو يصرخ ويناديها فقالت
“أنا هنا جواد، أنا هنا حبيبي، ماذا أصابك؟"
أسرع هو الآخر إليه وهو يقول "جواد ماذا حدث؟" 
كان الطفل يضع يده على بطنه من الجانب الأيمن ويصرخ من الألم وهو يقول "بطني تؤلمني رحيق أوقفي الألم" 
نظر إليها وقال "لابد أن نذهب إلى المشفى" 
قالت وهي تتألم من أجل الطفل "نعم هيا أسرع من فضلك" 
توقف الاثنان كلا منهما بمكان مبتعدا عن الآخر بانتظار الطبيب الذي دخل بالطفل إلى غرفة الطوارئ وسرعان ما خرج بسرعة وقال "الزائدة ملتهبة ولابد من إزالتها بأسرع وقت قبل أن تنفجر" 
تراجع فراس ووضعت هي يدها على فمها من الخوف عليه فقال فراس "ولكنه لم يشك منها من قبل" 
قال الطبيب "لا يجب أن يفعل فهي تتدمر بلحظة حضرتك، هل توافق على إجراء الجراحة؟" 
نظر إليها فهزت رأسها بالموافقة فأبعد عيونه عنها وهو يفكر بابنه الذي بين الحياة والموت ثم قال "بالتأكيد أي شيء بمصلحة ابني أوافق عليه" 
هز الطبيب رأسه وقال "إذن سنعد الطفل للأمر وسنجريها بعد ساعة" 
وتركهم وذهب وتراجعت هي والدموع تملأ عيونها حتى اصطدمت بالحائط فأغلقت عيونها وهي تشعر بخوف على الطفل وكأنه ابنها الذي لم تنجبه، بينما ابتعد هو الآخر وهو يفكر بابنه الوحيد الذي تبقى له في الدنيا وهل يمكن أن يفقده؟ الآن لم يعد هناك إلا صورة جواد أمامه ورغم أن الطفل لم ينادي إلا باسمها إلا أنه يعلم مكانته عنده ولا يشك بمقدار حب الطفل له ومع ذلك لم يعد بإمكانه إبعادها عنه فهو يدرك تماما مقدار ما يكنه جواد لها وما تكنه هي الأخرى له رغم كل شيء
مع ظهور النهار خرج الطفل من العمليات واستقبله الاثنان بسعادة لنجاته ورافقه الاثنان إلى تلك الغرفة حيث كان لا يزال ما بين النوم واليقظة وهو يناديها وهي تمسك يده بقوة وتسمعه كلمات تطمئنه أنها بجواره
خرج ولم تراه حتى انتصف النهار عندما مر الطبيب لرؤية جواد وقد أفاق الطفل ولكن ما زال يتألم من جرحه ولكن الطبيب قال 
“أنت تتدلل على والدتك يا فتى فأنت أصبحت بخير"
قبلت رأس جواد ولم يرد الطفل فقال الطبيب "هو بخير مدام اطمأني يمكنكم الخروج الليلة أو بالصباح ولكن عليك اتباع تعليماتي جيدا" 
هزت رأسها وقالت "اطمئن حضرتك سأفعل"
دق الباب ودخل فراس وتقدم والطبيب يمنحها ورقة التعليمات فقال فراس "كيف حاله الآن؟" 






ابتسم الطبيب وقال "بخير ولكنه يتدلل على والدته من الواضح أنها تقوم بتدليله كثيرا، وهو يحبها" 
لم ينظر إليها وقال "متى يمكننا الخروج؟" 
أجاب الطبيب "الليلة إذا شأت أو بالصباح كما تشاء، أنا منحت المدام التعليمات وعليها أن تؤديها بعناية وهذا هو رقمي إذا احتجتم أي شيء" 
شكره فراس ثم نظر إلى جواد وقال "كيف حالك يا بطل؟" 
لم يجيب جواد واندهشت هي وهو أيضا فجلس على طرف الفراش وقال "جواد لم لا ترد عليّ؟" 
لم ينظر جواد إليه وقال "لا شيء" 
نظر فراس إليها كما فعلت هي قبل أن يعود إلى جواد ويقول "أنت بخير؟ هل يمكننا الذهاب للبيت؟" 
نظر جواد إليه وقال وهو يمسك يد رحيق بقوة "لا، لا أريد أن أعود للبيت" 
تراجع فراس وهي أيضا ونظرات الدهشة تتجلى بعيونهم فسأله فراس بحنان وهدوء "ولماذا؟ لماذا لا تريد العودة إلى البيت؟" 
قال جواد وهو يشد على يد رحيق بقوة أدهشتها ولفتت نظر فراس "لأنك ستطرد رحيق إذا عدنا إلى البيت ولن تجعلها تبقى معي" 
نظرت إليه وهزت رأسها نفيا فهي لم تخبر الطفل أي شيء ولكنه نهض وقال بقوة "هي أخبرتك ذلك؟ نعم لأنها ليست أمك الحقيقة جواد وهو ما لابد أن تدركه" 
نظرت إليه بقوة وتأنيب ولكنه لم يهتم بها ولكن جواد بدأ البكاء وقال "لا، أنت الذي تريد أن تحرمني منها وهي الشخص الوحيد الذي يهتم بي، أنت لا تحبني أنت تكرهني ولا تريدني" 
تراجع فراس من كلمات ابنه وهو لا يصدق ما يقوله ونظر إليها وقال "أنتِ السبب، أنتِ سبب كل ما حدث بحياتي، منذ أن دخلتِ حياتنا وانقلبت رأسا على عقب والآن تزرعين الكره بيني وبين ابني من الذي أرسلك لتدمري حياتي من؟" 
تراجعت وهي لا تصدق ما يقول وهزت رأسه نفيا وهي تهتف بصدق "لا، لا، لم أفعل صدقني لم أفعل" 
ظل ينظر إليها وقال والغضب يرتسم بعيونه "كانت دنيا على حق عندما أخبرتني أنك تراهنين على جواد وأنك ستزرعين الكره بيننا" 






هبت وقفة وقالت بقوة "ولماذا أفعل؟ ماذا سأجني من وراء ذلك؟ أنا لا أريد أن أخسرك أو أخسر جواد أنا" 
قال بغضب "أنت حية تزحفين بالبيوت بصمت وعند الوقت المناسب تلدغين لدغتك المميتة وتقضين على أصحاب البيت لتنالي ما تريدين" 
انسابت الدموع من عيونها وقالت "الذي هو ماذا فراس؟ هل تخبرني ماذا سأنال لو فعلت ذلك بك وببيتك؟ ماذا بيني وبينك لأفعل ذلك؟ أنا كل ما كنت أريده بيت وأسرة وأهل لم أنالهم 



بحياتي ووجدت ذلك ببيتك ولم أقصر تجاهكم واليوم تتهمني بماذا؟ أنا لست متهمة فراس لأني لم أضركم بشيء فلا تلقي بسموم دنيا عليّ لأنها كاذبة وتوقف 


فراس ليس هنا وقت ولا مكان لكل ما تفعل ابنك أهم من كل ذلك" 
تراجع من كلماتها وهو يعلم أن جزء كبير من كلامها صحيح ولكنه لا يريد أن يصدق إلا ما قالته دنيا من 



أنها حية أرادت أن تدمر بيته وأسرته ورغم أنه لم يجد منها ما يدل على ذلك سوى كذبها الذي لم يضره بشيء ولكنه أصابه بالغضب 



ابتعد وقال "لم يعد لك مكان معنا" 
تراجعت وسط دموعها وشعرت أنها تهتز كالأرض التي يضربها


 زلزال بينما صرخ جواد من وسط دموعه "لا لو ذهبت هي سأذهب معها أنا لا 


أريدك أنت أنا أريدها هي أنت تأخذ كل شيء مني حتى هي أنا أكرهك ولا أريدك، 

رحيق لا تتركيني" 
وأخذ جواد يصرخ ودخل بحالة هستيرية من البكاء والصراخ


 والانهيار، فأسرعت إليه وهي تنادي باسم جواد ولكن الطفل ظل يصرخ وكأنه لا يسمعها 


وأسرع فراس إلى الخارج لإحضار الطبيب 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-