CMP: AIE: رواية رحيق الهلالي الفصل الثالث عشر13بقلم داليا السيد
أخر الاخبار

رواية رحيق الهلالي الفصل الثالث عشر13بقلم داليا السيد

رواية رحيق الهلالي

 الفصل الثالث عشر13
بقلم داليا السيد

دخلة
انتهت مراسم العزاء على العصر وعاد إلى البيت حيث وضع الرجال مقاعد للعزاء الليلي، تحركت هي 


إلى الداخل والجميع خلفها، لم تنس لحظات الفراق النهائية ونظرات فراس لجثمان عمته وهو


 يواريه الثرى ولم يكن بعيون أحد أي حزن سواه، كما لاحظت تلك اللحظة عندما رأى فراس مهاب وظل الاثنان يتبادلان النظرات 





في صمت، فقط دموع كوثر هي التي بدت طبيعية وصادقة
عندما دخل الجميع دخلت المطبخ وتبعتها فايزة لإعداد القهوة 






للجميع وقد قام عوض بتنظيف البيت وإصلاح الباب أثناء مراسم الدفن
قالت فايزة "أول مرة أرى فيها فراس بهذه الحالة" 
تأملتها رحيق وقالت "كان يحبها" 
أعدت فايزة الأكواب والفناجين وقالت "بصراحة هي تستحق فهي الوحيدة التي وقفت معه ولم تقبل بتركه وحيدا منذ طرده بابا وعادت معه ولم تتركه لحظة" 
بدأت رحيق تسكب القهوة وقالت "ومع ذلك يبدو هادئا لدرجة أني أخاف عليه" 
اقتربت منها فايزة وقالت "هل تحبيه رحيق؟" 
توقفت ورفعت وجهها إليها وقالت وهي تختار كلماتها "إنه سيكون زوجي" 
قالت فايزة بدهشة "وهل تزوجته لأنه سيكون زوجك أم ماذا؟" 
أبعدت عيونها ولم تكن لتفشي سرها لأحد فقط العمة هي من كانت تستحق أن تعرف أما سواها فلا حق له لذا قالت
“فراس شخص عملي لا يؤمن بالحب حياته صعبة كما تعلمين ويحتاج لامرأة تسانده وتحمل عنه ولو فكرت بالحب فلن يمكنني أن أجيد ما يحتاج إليه"
أوقفتها يد فايزة ونظرت إليها وقالت "تخافين من التصريح بمشاعرك رحيق، هو حقك ولكني أراه بعيونك فقط أريد أن أوصيك بأخي فلم يعد له الآن سواكِ، لن نكذب على أنفسنا ونحن نعلم أننا أنا وأمي لم نمحنه الحنان والحب والمساندة العائلية ولكن كان هذا خارج إرادتنا وما زلنا مقيدين بها لذا ليس أمامي إلا أن أطلب منك البقاء بجواره وتحمل طباعه وقسوته وقسوة معيشته فأنا رغم كل ذلك أعلم أن بداخل أخي رجل آخر ربما لا يظهر للجميع ولكن بالتأكيد سيظهر لزوجته خاصة إذا كانت امرأة بعقلك ورصانتك وصبرك" 
ابتسمت لكلمات المرأة وقالت "شكرا على كلماتك وأعدك أن أكون بجواره إلى أن يشاء الله" 
ابتسمت فايزة هي الأخرى وقالت "الآن لابد من التعجيل بالدخلة لقد أصبحتم بالبيت وحدكم" 
احمر وجهها وتنبهت إلى الأمر وهي تحدق بها فقالت "وكيف تكون الدخلة الآن بتلك الظروف؟ لن يسمح فراس بذلك أبدا" 
سمعته يقول "أسمح بماذا؟" 
التفتت إليه المرأتان وقالت فايزة وهي تتجه إليه "كنت أخبر رحيق أنكم لابد أن تعجلوا من الدخلة، لا يجوز وجودها هنا بدون عمتي رحمها الله" 
كانت ملامحه جامدة وعيونه التي اختفت من الأسود الذي يحيطها بعناد وكأنه يحبسها وسط الأحزان والهموم، نظر إلى رحيق نظرة لم تفهمها وقال
“وهل رحيق لديها مكان آخر تذهب إليه؟ لن يمكننا إقامة أي أفراح الآن فايزة" 
لا تعلم لماذا شعرت أن تلك النظرة كانت اتهام لها بأنها صاحبة الفكرة بينما قالت فايزة "أعلم يا فراس وهذا ما قالته رحيق، ولكن إذا لم يكن لها مكان ولا يمكن إقامة أفراح وأنت أصلا لم تكن لتقيم فرح فلم الانتظار؟ أحضر العمدة وأبلغه هو ومن يهمه الأمر أنك ستقيم الدخلة بليلة عادية فقط من أجل الأصول" 
صمت ولم يرد وتولى الصمت رحيق وفايزة وعندها قال "هل تأتون بالقهوة للرجال، لقد وصل الكثيرين بالخارج" 
وتحرك مبتعدا ونظرت المرأتان إلى بعضهم وقالت رحيق "ما كان يجب أن نتحدث بذلك الآن" 
لم ترد فايزة واندمجتا بالخدمة ولم تلتقي به وهو يجالس الرجال
انتصف الليل عندما انصرف الجميع إلى غرفهم للبقاء ثلاث أيام العزاء وقد جهزت عشاء بسيط تناوله الجميع قبل الذهاب ما عدا هو لم يمس الطعام وهو يشعر بأن الحياة أصبحت بلا معنى.. 
صعد الجميع إلى النوم وغيرت هي ملابسها ثم أخذت نفس عميق واتجهت إلى غرفته ودقت الباب، لم يرد فعاودت الدق إلى أن رأته أمامها يفتح الباب كالعادة بالبنطلون دون القميص، نظر إليها بقوة فارتبكت وقالت
“أريد أن أتحدث معك"
ظل ينظر إليها لحظة قبل أن يترك الباب ويتحرك إلى الداخل فأغلقت الباب قليلا وهو يتجه إلى النافذة وهو يشعل سيجارة وظل واقفا دون أن يتحدث فاقتربت منه وعيونها معلقة بظهره العاري وقد تملكها الخوف لا تعلم لماذا ولكن ملامحه لا تنم عن الخير
توقفت وقالت "بخصوص ما قالته فايزة" 
لم يرد فعادت تقول "أنا لم أوافق على ما قالته ولكنها.." 
التفت إليها وبدت ملامحه جامدة وصعبة فتراجعت قليلا والخوف يملؤها ولا تعلم سببه وهو يقول بقوة "ولكنها ماذا؟ هل ظننت أنني يمكن أن أقيم أفراح ومناسبات وعمتي لم يجف دمها بعد؟ ولماذا؟ لأنك تخافين على شرفك؟ أنت أمامي منذ شهور ولم أكن همجي أو حيوان معك، لم يكن هناك داعي لتمثيل الشرف أمام الجميع لأن الحقيقة ليست بحاجة للتجميل" 
تراجعت من كلماته وشعرت بأنه يصب عليها كل غضبه وحزنه فتراجعت خطوة من أمامه ثم استدارت وأسرعت خارجة




 من غرفته وقد ندمت على أنها ذهبت إليه لتبرئة ساحتها وقد تأكدت أنه يظن بها الظنون
تراجع ومرر يده بشعره ثم أغمض عيونه وهو يطفأ السيجارة بقوة بالمطفأة ثم أمسكها ودفع بها إلى الحائط بقوة الغضب والحزن الذي بداخله وقد شعر فجأة أن العالم أصبح فارغا من حوله بعد رحيلها، ألقى نفسه على أقرب مقعد ووضع رأسه بين يديه وهو يحاول أن يداوي جراحه ويعيد التفكير في كل ما يحدث له ويتذكر كلمات عمته عن زوجته.. 
بالصباح كانت تعد الإفطار عندما شعرت بأقدامه تدخل المطبخ ولكنها لم تنظر إليه فقد بدت عيونها فاضحة من أثر البكاء 
اقترب منها ولكنها لم تتحرك وهي تعد الأطباق ولكنه أمسك يدها وقال "بالتأكيد لم تغضبي لم حدث أمس" 
لم تنظر إليه ولم تستطع أن تمنع الدموع من أن تتساقط، عندما لم ترد أمسكها من ذراعيها وجعلها تقف أمامه ثم رفع وجهها إليه بطرف يده فلم ترفع رموشها عن عيونها الدامعة فقال 
“هيا رحيق أنت تعلمين أن الوقت لم يكن مناسب لا لفتح الكلام ولا حتى للعتاب"
رفعت رموشها عن عيونها الباكية وهي تنظر إليه نظرة أسرت قلبه دون أن يشعر وقالت "لم أفعل" 






رقتها الغريبة جعلته يتوقف صامتا ثم قال "لا يمكنني إجراء أي حفل إنها عمتي" 
كانت نظرات الحزن واضحة بعيونه فقالت "لم أفعل أخبرتك ذلك، إنها أختك التي طالبتني بالبحث عن حل للأمر أنا هنا منذ شهور فراس وأنت نفسك قلتها لم أطالبك بأي شيء" 
هز رأسه وقال "حسنا وإن عاد العقل إلينا فلابد أن نعترف أنها على حق، وجودك الآن سيزيد من الأقاويل وأنا لن أسمح بالمساس بأحد من أهل بيتي" 
أخفضت وجهها فقال وهو يرفعه مرة أخرى "لا تفعليها" 
تأملته بحيرة وتساؤل وهي تقول "أفعل ماذا؟" 
قال بضعف غريب عنه "تخفين عيونك عني، هي الآن رفيقي بالأحزان" 
ابتسمت لكلماته ولم تتحدث بينما مرر يده على وجهها وقال "هل يمكن أن نأخذ فكرة فايزة بجدية ربما تكون حل هذا إذا لم يكن الأمر يضايقك" 
لم تبعد عيونها عنه وقالت "أنا لن أمانعك بأي شيء تراه صواب ولا يتعارض مع أحزانك" 
لم يبعد نظراته عن وجهها ولكنه جذبها إليه وضمها بقوة وهو يقول "من الجيد وجودك هنا رحيق" 
كانت تعلم أنه لن يعترف باحتياجه إليها بذلك الوقت ولكنها اكتفت بكلماته البسيطة فرجل بقوته وسلطته لا يضعف أمام أحد خاصة لو كانت امرأة
أبعدها وقال وهو ينظر بعينيها "إذن ليكن بعد نهاية أيام العزاء أي أول أيام العيد سنجعل الذبح هو دعوة للجميع وبذلك نحقق شرط الاشهار بالزواج" 
هزت رأسها وقالت "كما تشاء" 
عاد وضمها إليه بقوة عندما سمع صوت مهاب يقول بغيظ واضح "يبدو أنكم بحاجة للتعجيل بالزواج" 
لم يبعدها فراس رغم أنها انتفضت بين ذراعي زوجها واحمر وجهها بينما قال فراس ببرود "يبدو ذلك يا ابن عمي" 
نظرت هي إليه ولكنه ظل يحيطها بذراعه وكأنه يؤكد إلى مهاب أنها امرأته وهو لا يخجل من وجودها بين أحضانه فهي زوجته
قال مهاب وعيونه تأكل رحيق "وعمتك؟ ألا تخجل من تفكيرك هذا؟ لم يمض على وفاتها يومين وأنت تفكر بالزواج" 






أفلتها فراس وهو يتقدم تجاه مهاب ليقف أمامه ويواجهه وهو يقول "هذا أمر بيني وبين عمتي ولا دخل لأحد به خاصة أنت" 
تراجع مهاب وقال "وهي عمتي أيضا أم نسيت؟ ولن تقيم فرحك يا فراس قبل الأربعين" 
انحنى فراس ليقترب من مهاب وقال بجدية واضحة "أنا لا يفرض علي أحد ما أفعله من عدمه مهاب، فاهتم أنت بشؤونك الخاصة ولا دخل لك بشؤون الغير، هل تفهم؟" 
لم يتراجع مهاب وهو يقول "لا فراس لا أفهم لأن أمر عمتي يخصنا جميعا و" 
قاطعه فراس "لن يهتم أحد بأمر عمتي مثلي، لذا لا تحاول ادعاء عكس ذلك لأن لا أحد سيصدقك فاذهب والعب بعيدا" 
ثم التفت إلى رحيق وقال "هل أساعدك بشيء رحيق؟" 
كادت ترد عندما دق الباب فنظر إلى مهاب وقال "هل تفتح الباب يا ابن عمي؟" 
ظهر الغيظ على ملامح مهاب وهو يتراجع ليفتح ويسمع كلاهما صوت دنيا فنظرت رحيق إليه بغضب واضح فقال "إنه عزاء رحيق، هي عمتها لم تأتي من أجلي" 
حاولت أن تقتنع بكلماته عندما رأت دنيا تدخل وتسرع إلى فراس ودموع كاذبة بعيونها وهي تقول "فراس أنا لا أصدق ما حدث" 
وقبل أن يستوعب أحد ما يحدث كانت دنيا تلقي نفسها بأحضان فراس وهي تنتحب وفراس يعلم حركات دنيا فلم ينظر لوجه زوجته التي أدرك كيف سيكون وإنما أبعد دنيا بيديه وقال
“دنيا كفى" 
كانت نظرات رحيق تمتلأ بالغيظ والغضب ودنيا تنظر إليها بسخرية وابتسامة ذهبت بسرعة وهي تقول "لا فراس إنها عمتي" 
قالت رحيق بغيظ "حقا؟ وما علاقة ذلك بالأحضان؟ أم أنك تفتقدين أحضان الرجال؟" 
نظر فراس إلى رحيق بقوة ولكنها لم تبادله النظرة بينما شحب وجه دنيا وهي تتراجع وتقول "ماذا تقولين؟ فراس هل تسمح لها بإهانتي؟" 
ولم تمنحه رحيق الفرصة ليرد وقالت "أنا لم أهينك بعد، وإن لم تلزمي حدود الأدب بتصرفاتك معي ومع زوجي سأعرفك جيدا معنى الإهانة" 
تقدم فراس ووقف بين المرأتين وواجه دنيا وقال "حسنا دنيا هل تذهبين إلى  غرفة الجلوس سينزل الجميع بعد قليل" 
لم تجد دنيا أي كلمات ترد بها فالتفتت بغضب وذهبت فالتفت هو إليها فرأى نظرات تحذير بعيونها فقال "رحيق ماذا حدث؟ إنها ببيتي" 
تراجعت وقالت "والذي من المفترض أن يكون بيتي وعليها أن تحترمني وإذا لم تجبرها أنت على احترامي فسأفعل أنا، إنها ليست المرة الأولى، أم أنك سعيد بها بين أحضانك" 
قال بغضب ملجم "حسنا رحيق انتهينا لا داعي لكلمات تعلمين أن لا مجال لها خاصة الآن" 
التفتت دون أن ترد فنفخ بضيق وتحرك خارجا من المطبخ وقد أصبح الوضع لا يطاق من كل من حوله.. 
كان اليومين التاليين غاية في السوء بسبب دنيا التي جعلتها في قمة غضبها من ملاحقتها لفراس بشكل قمة في الوقاحة ومهما حاولت إيقافها إلا أنها لم تفعل حتى انتهى اليوم الثالث للعزاء والذي كان وقفة عيد الأضحى 
كان الجميع بغرفة الجلوس وهي ما زالت بالمطبخ حيث فضّلت التواجد بعيدا عن كل ما يثير غضبها ولكنه دخل وقال 
“رحيق"
نظرت إليه وهو يقف على باب المطبخ فقال "لابد أن نخبرهم بأمر الزواج قبل أن يرحلوا، هيا تعالي" 
ظنت أنه تراجع بالأمر فهو لم يتحدث معها باليومين السابقين ولكن ها هو يفعل، تحركت إليه فنظر إليها وهي تقف أمامه وقال 
“هل لديك أي اعتراض؟ عليك بإخباري الآن لأن بعد ذلك لن يكون هناك مجال للتراجع"
هزت رأسها نفيا وقالت "أخبرتك أني أترك الأمر لك" 
هز رأسه ثم أمسك يدها وجذبها برفق إلى الجميع الذين توقفوا عن الحديث برؤيتهم وتوجهت كل الانظار لهم عندما قال فراس
“بم أن الجميع هنا فأنا أبلغكم أني قررت أن أتم دخلتي على رحيق غدا"
ظل الجميع صامتا لحظة قبل أن تصرخ دنيا بغضب "لا فراس لن تتزوج تلك الفتاة" 
لم تنتظره حتى يجيب وقالت "ولكني زوجته بالفعل" 
قالت دنيا "لا لن تكوني، هذا خطأ فراس" 
شد على يدها وقال "الخطأ هو الانتظار أكثر من ذلك أنا أريد زوجتي معي ولابد أن يكون الأمر صحيح بعد وفاة عمتي" 
قالت فايزة "نعم يا فراس هذا هو عين الصواب ألف مبروك" 
ولكن مهاب قال "أي صواب وهو لم يحترم حدادنا على عمتي؟" 
وقفت كوثر وقالت "لقد فعل مهاب،  الحداد ثلاثة أيام، ثم لا يمكن بقاء رحيق هنا معه بمفردها دون دخلة كما لا يمكن أن تترك زوجها بتلك الظروف لذا هذا هو الصواب، مبروك يا بني، مبروك رحيق وإن كنت أتمنى لكِ زفاف تستحقينه" 
قالت دنيا "أنها تستحق جهنم، لقد أجادت تمثيل الدور جيدا وحققت مرادها وأنا لن أسمح لها" 
نظرت إليها كوثر وقالت بغضب "كفى يا دنيا واحترمي صاحبة البيت فهي الآن صاحبة البيت الذي أنت ضيفة به وهي أيضا زوجة ابن عمك ولا يصح أن تعامليها هكذا" 
تدخل مهاب وقال "معذرة زوجة عمي ولكن البيت ليس بيتها، هل نسيت حق عمتي؟ كلنا ورثة فيه" 
التفت الجميع إليه وبالذات فراس الذي قال "أي حق يا مهاب؟ من الواضح أنك نسيت أني اشتريت هذا البيت مع الأرض وقت حجز البنك وسددت ديونه، عمتك ليس لها أي ميراث بالبيت" 
التفت مهاب إليه وقال "والأرض الخاصة بها ثلاثة فدادين كلنا لنا الحق بها" 
ترك يدها وتحرك إلى مهاب وقد كان يعلم أنه سيفعل ذلك وعندما وقف أمامه أخرج ورقة من جيبه ورفعها بوجه مهاب وقال 
“يمكنك القراءة أليس كذلك؟"
بدت نظرات التحدي بعيون الرجلين إلى أن خطف مهاب الورقة من يد فراس وفتحها ليقرأها قبل أن يتراجع ويثور قائلا بغضب
“لا هذا لم يحدث، هذا تزوير، تزوير"
اتجهت فايزة إليه وقالت "ماذا يحدث هنا؟ ما الذي يوجد بتلك الورقة؟" 
عندما لم يرد أحد أخذت الورقة لتراها ثم التفتت إلى فراس وقالت "هذا حقك يا أخي فأنت من كنت تقوم على رعايتها ورعاية أرضها" 
صرخ بها مهاب "أي حق؟ هل جننت يا امرأة؟" 
نظر إليه فراس بقوة وقبض أصابعه بقوة قبل أن تتدخل كوثر مرة أخرى "مهاب أنت تثير المشاكل بكل مرة، فراس لديه ما يثبت ملكيته للأرض فإن كان لديك ما يثبت العكس فلتأت به أو لتصمت" 





نظر مهاب إلى كوثر بنفس الغضب وقال "بالطبع لابد أن تدافعي عن ابنك المدلل الذي سرق أرض الهلالي بتراب المال، والآن يسرق أرض عمتي" 
لم يتحمل فراس ورفع ذراعه ووجه قبضته للأمام ولكم مهاب بقوة في وجهه ليتراجع  مهاب ممسكا بأنفه قبل أن يتفادى لكمة أخرى من فراس ويسرع ويلكمه هو بوجهه فيتراجع فراس منها وقبل أن يهاجمه مهاب مرة أخرى كان قد استعاد نفسه وانقض على مهاب يلكمه بوجهه لكمات متتاليه ليرتد مهاب إلى الخلف ويسقط على المقعد الذي كان يجلس عليه متألما، بينما صرخت دنيا باسم أخيها وانحنت فايزة على زوجها تناديه بعد أن تحركت رحيق إلى فراس لتبعده عن مهاب وتبعتها كوثر وعزت بسرعة ليوقفوا فراس الذي كاد ينقض على مهاب مرة أخرى وأبعدوه بصعوبة وهو يقول بغضب
“أنا لست حرامي مهاب، أنا لم أسرق شيء والجميع يعلم ذلك إنه حقي، أيها الجبان لو أمسكتك سأمزقك" 
بالطبع لم يتحرك مهاب والدماء تسيل من أنفه ودنيا وفايزة تحاولان إسعافه، وجذب عزت وكوثر فراس إلى غرفة الطعام، وتركوه ورحيق تنظر إلى وجهه خوفا من أن يكون مصاب وهتفت بصوت مرتفع وبلهفة
“فراس أنت بخير؟ هل أصابك شيء؟"
أيقظه صوتها من نوبة غضبه فانتبه إليها وهي تنظر إليه بلوعة وهي تسأله فهدأ وقال "أنا بخير" 
هدأت عاصفة الغضب وسمع الجميع صوت سيارة ترحل فنظر عزت وقال "إنها سيارة مهاب" 
دق الباب وهرعت فايزة إلى فراس وقال بدموع "فراس أنت بخير؟" 
هز رأسه وابتعد من أمامها بينما قالت كوثر "كان عليك إخبارنا بالأمر فراس بدلا من أن يحدث كل ذلك" 
لم يرد بينما قال عزت "حسنا لقد انتهى الأمر ألن يعود مهاب يا فايزة؟" 
هزت رأسها نفيا وقالت "لا، ولكني سأبقى مع فراس من أجل الغد" 
التفت إليها فاقتربت منه وقالت "لن أتركك مرة أخرى فراس فهو لا يستحق ولكن أنت أخي ولن أكرر خطئي مرة أخرى" 
لم يرد وانتهت تلك الليلة بانصراف الجميع عدا هي ظلت واقفة في صمت حتى تقدمت منه وهو لا يشعر بوجودها ثم توقفت وقالت
“هل أنت بخير؟" 








هز رأسه وقال "نعم، هل يمكن أن تتركيني وحدي؟" 
ظلت تنظر إليه لحظة قبل أن تقول "لا أستطيع" 
التفت إليها ورآها تنظر إليه فتوقف صامتا قبل أن يقول بهدوء "أخبرتك أني بخير مشاكلي مع مهاب لا تنتهي أخبرتك ذلك من قبل فلا تهتمي بها" 
أخفضت وجهها وقالت "وفايزة؟" 
أبعد وجهه وقال "كانت لديها أعذارها فهو زوجها وأنا لا أحاسبها على قرارتها بالنهاية هي أختي" 
ظلت تنظر إليه فقال "ماذا؟" 
قالت "لا شيء، طابت ليلتك" 
التفتت لتذهب ولكنه ناداها "رحيق" 
توقفت دون حركة فاقترب منها وقال "عمتي تنازلت لي عن الأرض بيع وشراء كي لا يكون لأحد الحق في مشاركتي بها بأي يوم" 
التفتت إليه وقد كان خلفها مباشرة فقالت "أعلم وقد كانت على حق فأنت فقط من تعرف قيمة الأرض وأنت من يستحقها وهي كانت على حق" 
ضاقت عيونه وقال "تعلمين ماذا؟" 
قالت وهي تتذكر أن العمة أخبرتها بالأمر "عمتي أخبرتني أنها منحتك الأرض ولم تندم لحظة واحدة" 
ابتعد وتهالك على المقعد وقال "وكأن المصائب تتجمع كلها كالجراد الذي يهاجم المحصول كله بيوم واحد فينسفه دون رحمة وأنا تعبت من هجوم المصائب" 
تحركت إليه ووقفت أمامه وقالت "إن بعد العسر يسر" 
تألقت عيونه الساحرة وكأن بريقها يريد أن يعود ولكن أطفأته نار الأحزان فقال وهو يغمض عيونه "نعم ولكن متى هذا اليسر؟ ألا يأتي أبدا؟ أنتظره منذ سنوات ولا أقابله كل حياتي عسر بعسر ولم أرى يوما يسرا واحدا أهذا عدل؟" 
ركعت أمامه على الأرض وقالت "استغفر ربك يا فراس، كلها ابتلاءات من الله وعلينا القبول بها والدعاء باليسر بعد العسر" 
شعر بصداع يدق برأسه فأمسك رأسه بيده فقالت بقلق "هل أنت بخير؟" 
هز رأسه دون أن يجيب فقالت وهي تمسك يده الأخرى "إذن هيا لتنام فقد تأخر الوقت، لقد انتهى الأمر ولن يفيد بقائك هنا في شيء هيا" 
جذبته من يده وهي تنهض فقال "فقط اتركيني رحيق وسأذهب عندما أشعر بالرغبة في الذهاب اصعدي لغرفتك لقد انتهى الأمر" 
أدركت أنه لن يسمع لها فتركته وصعدت لغرفتها وهي تحاول أن تهدأ من القلق الذي يسيطر عليها من أجله فكل ما أصابه ليس بقليل ولا تعلم ماذا سيكون رده على كل ما حدث؟؟ 
لم تنم بالطبع وهي تجلس أمام النافذة وتفكر بكل ما مر بها وكأنها لا تصدق أنها أصبحت جزء من حياة لم تكن تعرف عنها أي شيء، هي التي أتت هنا بقدميها وظنت أنها تهرب من حزنها وتفر من أشخاص ليست نقية لتجد نفسها بين أشخاص أخرى مثلهم كمهاب ودنيا، ترى هل يمكنها أن تكمل؟ بالطبع فهي الآن تقف بمنتصف طريق لا مجال للعودة منه وقد أخبرها ذلك لن يمكنها التراجع، تلك هي الحياة التي اختارتها فهل تريدها حقا؟ 
وجدت نظراته أمامها فأجاب قلبها أنه لا يريد سوى ذلك الرجل، مهما كانت سطوته وقوته إلا أن قلبها أراده واختاره ورغم خوفها من انكشاف حقيقتها بيوم ما إلا أن كلمات العمة تطمئنها من أن الأمر لا يعنيه فأموالها وحياتها السابقة أمر يخصها ولا يحق له الغضب بشأنه
نهضت وتوضأت وصلت فرضها ثم تحركت بالغرفة بدون هدى وهي تفكر، عليها أن تخبره الحقيقة قبل أن تبدأ حياتها معه، نعم لابد من أن تواجهه بالحقيقة كي ترتاح، هي لم تخدعه بل أحبته وخشيت أن تفقده لو عرف ولكن الآن لابد أن يعرف ومنها هي 
نزلت قبل الفجر وهي تسمع التكبيرات في المساجد البعيدة احتفالا بالعيد، لحظات وسمعته ينزل هو الآخر فالتفتت لتراه وقد اغتسل وغير ملابسه دون أن يزيل شعر ذقنه ومن خلفه جواد الذي قال 
“ماما هل ستأتين لصلاة العيد؟"
أجاب هو وهو ينظر إليها "لا" 
لم تعترض هي ووقف أمامها وقال "سأعود بمن سيقوم بالذبح هل أعددت كل شيء؟" 
هزت كتفيها وقالت "الذي هو ماذا؟" 
تأمل عيونها وأدرك أنها لم تنم فقال "الزواج رحيق هل نسيت أم تراجعتِ؟" 
قالت "لا هذا ولا ذاك فقط لم أفهم سؤالك، ثم ماذا أعد للزواج وأنا لا أعرف ماذا ستفعل أنت، لم تخبرني بأي شيء" 
أدرك أنها على حق فقال "لا شيء على المساء يمكنك ارتداء فستانك ومقابلة من سيأتي هذا إذا أتى أحد، لكن بعد الصلاة سيكون علينا إعداد المائدة لإفطار من سيأتي لقد اعتدت على ذلك وستجدين الكثيرين" 
سمع فايزة تقول "وهل تظن أن عروس بيوم زفافها ستخدم الناس ثم تجد صحة ووقت لتجهز نفسها؟" 
أبعد وجهه وهي لم ترد حتى وقفت فايزة أمامه وقالت "هذا صعب جدا فراس" 
قالت رحيق "لست بحاجة لأن أفعل أي شيء ولا داع لارتداء فستان الزفاف فهو يعني فرح ونحن لسنا بصدد ذلك لن أفعل وعمتي لم يمض عليها سوى أيام، كل ما يهم هو الإشهار وطالما عرف الجميع فأنا لا أريد شيء" 
تأملتها فايزة بإعجاب وامتنان بينما اقترب هو منها وبدا بحالة سيئة وهو يقول "أنا لا أملك بديل رحيق وأنت تعلمين ذلك" 
هزت رأسها وقالت "نعم لست بحاجة لأن تخبرني، فقط كنت أريد إخبارك بشيء قبل الزواج" 
كانت قد قررت البوح بما داخلها كي ترتاح ولكنه نظر إلى جواد وقال "يمكن تأجيله فلا وقت، صلاة الفجر وجبت، هيا جواد لابد أن نذهب" 
سمع عزت يقول "خذني معك يا فراس" 
تراجعت ولم يمكنها أن تفعل شيء، تحرك الجميع إلى الخارج بينما اقتربت منها فايزة وقالت "لا أعلم ما إذا كان ما تفعلينه صواب أم لا؟ ولكن كل فتاة تحلم بتلك الليلة وفستان الزفاف فكيف تتنازلين هكذا عن الأمر؟" 
واجهت فايزة وهي تعلم أنها على حق ولكنها قالت "ليس بيدي فايزة، هل يمكن أن أتمسك بحلمي وفراس يمر بكل ذلك؟ وما البديل؟ أن أتركه وأبحث عن مكان آخر أقيم به حتى تسمح ظروفه بتحقيق حلمي؟ هل هذا هو الصواب؟ أم أتنازل وأظل بجواره وأمد له يد العون بوقت هو وحده بعد ما ترحلون جميعا"  
ابتسمت فايزة وقالت "أنتِ تحبينه رحيق، لا تتنازل فتاة عن كل ذلك إلا إذا كانت تحب رجلها وتفضله على كل شيء، أنا سعيدة بوجودك بحياة أخي وأتمنى أن يدرك مشاعرك هذه ويعلم كم هو محظوظ بوجودك بحياته"
كان يوما غير طبيعيا بالنسبة لها لم تقابل مثله منذ تركت الكلية حيث كانت تتدرب بالفنادق على مثل تلك المأدبات الكبيرة ولكن أن تطعم كل هذا العدد ما الناس على مدار اليوم فقد كان من أصعب الأمور رغم أن فايزة كانت معها وامرأة أرسلها هو لها كانت تأتي كل عام للمساعدة وعرفت أن فايزة وتلك المرأة والعمة كانوا يقومون بالأمر 
انتهى الأمر بعد صلاة المغرب وقد عرف الجميع بأمر دخلتهم ولكن لم يهتم الكثيرين لأن الأمر كان حتميا بظروف فراس الحالية.. 
بعد العشاء نظرت فايزة إليها وقالت "ألن تصعدي لترتاحي بعد كل ذلك؟" 
كانت بالفعل مجهدة جدا ولكنها قالت "لا، ليس الآن لم يذهب الجميع بعد" 
تحركت فايزة إليها وقالت "أنا آسفة رحيق ولكن لابد أن أرحل الليلة مهاب يثير مشاكل معي" 
هزت رأسها  بتفهم وقالت "لا داع للأسف، لقد كنت خير معين وأنا سعيدة جدا بوجودك معي" 
دخلت كوثر وقالت "رحيق أنا راحلة لقد كان يوما متعبا حقا هل تريدين شيء؟" 
هزت رأسها وقالت "لا حضرتك، شكرا لوجودك" 
وضعت المرأة يدها على وجه رحيق وقالت بحنان "حبيبتي كنت أتمنى لكم فرحا كبيرا وليلة تسعدكم ولكن ما باليد حيلة" 
حاولت أن تبتسم وهي تقول "أعلم" 
قالت كوثر "أنت فتاة طيبة وأنا سعيدة أنك زوجة ابني" 
ثم جذبتها إليها واحتضنتها بقوة ولحظات وتابعت الجميع وهم يرحلون وهي تقف أمام البيت وهو يودع والدته وأخته بسيارة عزت وقد رحل الجميع، التفت ونظر إليها فواجهته بنظرتها وارتدت داخل البيت وعاد هو إلى الناس.. 
لم تترك المطبخ وجواد يلهو بين هنا وهناك إلى أن تأخر الوقت فتناول عشاءه وطلبت منه الصعود إلى غرفته وجلست هي تعترف بالتعب ودخل هو بعد أن ذهب الجميع أخيرا
نظرت إليه ونهضت ولكنه قال "اجلسي أعلم أن اليوم كان مجهد لكِ، ولكن كنت أهب ثوابه لروح عمتي" 
أعدت له شاي ووضعته أمامه وقبل أن تتحرك أمسك يدها فارتجف قلبها وهي تنظر ليده وسمعته يقول "لن أطالبك بأي شيء قبل أن تكوني مستعدة له" 
رفعت عيونها إليه وقد فهمت ما يعني ولم ترد فنهض ووقف أمامها وقال "أعلم أني ظلمتك معي ولكن أعدك أن أعوضك عن كل ذلك فوجودك الآن بحد ذاته شيء لا يمكنك تخيل ماذا يعني بالنسبة لي" 
ابتسمت لكلماته وقالت "وأنا لا أريد أي شيء سوى أن أكون معك" 
تداركت كلماتها فأخفضت عيونها وكادت تبتعد ولكنه لم يتركها ويده تجذبها إليه فوقفت أمامه دون أن تواجه نظراته وهو يقول "حقا تريدين التواجد معي رغم كل شيء" 
هزت رأسها دون أن ترد ثم تذكرت سرها فرفعت وجهها إليه وقالت "ولكن هناك شيء لابد أن أخبرك به" 
مرر يده على وجنتها ونظراته تجوب وجهها وكأن عيونها تمنحه السكينة فقال "الذي هو ماذا؟" 
ثم جذب وجهها إليه والتقط شفتيها في قبلة رقيقة كان بحاجة إليها ثم أبعدها وضمها إليه بقوة فتناست ما كانت تريد ولم تذكر إلا أنها معه وهو معها واكتفت بذلك ولكن رنات هاتفه أبعدته ولم تنظر هي إليه وهو يرى رقم كوثر فقال
“أمي؟"
أجاب في الحال فوجد صوت كوثر تهتف به "فراس هل بلغك ما حدث؟" 
ابتعد عن رحيق وقال بجدية واضحة "ماذا حدث؟" 
قالت كوثر "ميادة ابنة فايزة كانت برحلة مع زميلاتها بالغردقة والاتوبيس انقلب على الطريق وأختك أسرعت إلى المشفى" 
قال بفزع "حسنا أمي سأذهب إليهم" 
نظر إليها وقال "ميادة ابنة فايزة أصيبت بحادث وهي بالمشفى لابد أن أذهب" 
نظرت إليه بفزع وقالت "سأذهب معك فايزة تستحق لن أتركها وحدها"
هز رأسه ولم يعترض، تركوا جواد عند عبد الله وانطلقوا إلى المدينة حيث المشفى وهناك كانت الحالة صعبة جدا والأمهات منهارة والأطباء بين هنا وهناك لإنقاذ الجميع والمشفى في حالة من الهرج والمرج والمصابين بكثرة
بحثا عن فايزة حتى عثروا عليها وحيدة والدموع تغطي وجهها احتضنت رحيق بقوة وهي تهتف "ابنتي، ابنتي ستضيع مني" 
حاولت أن تهدئها عندما سمعت فراس يتحدث مع أحدهم ويسأله عن الفتاة فقال "نعم رأيتها، هي بخير لكن كسور بذراعها وساقها وكدمات لكنها بخير الحمد لله هناك الأسوء بكثير" 
انهارت فايزة بالبكاء بينما قالت رحيق "اهدئي يا فايزة لقد طمأنك الطبيب" 
قالت "أريد أن أراها، فراس لنأخذها من هنا لمشفى آخر" 
نظر إليها وقال "الأمر هنا جيد فايزة أين مهاب؟" 
قالت بحسرة "لا يرد عليّ منذ ما حدث عندك ولم يبلغه أحد بالخبر فقط اتصلوا بي من على هاتف ميادة" 
ضم أخته لصدره بحنان وقال "اطمأني يا فايزة إنها بخير" 
مر بعض الوقت قبل أن يسمحوا لهم برؤيتها وقد أفاقت الفتاة التي كانت تشبه مهاب أكثر من فايزة وقد ألقت فايزة نفسها على ابنتها وظلت تقبلها بعد أن انهارت أعصابها بسبب ما رأته من حالات وفاة وإصابات خطرة
ظهر النهار بسرعة وزاد تعب رحيق وإرهاقها ولكنها لم تتنازل عن البقاء بجوار المرأة وبالنهاية سمح لهم الطبيب بالخروج فقام فراس بتوصيلهم إلى البيت وطلبت فايزة منهم الدخول ولكن فراس قال
“لا داع للأمر طالما هي أصبحت بخير، رحيق لم تنم من يومين وهي بحاجة للراحة، حاولي الوصول لمهاب هو والدها ولابد أن يعرف"
هزت رأسها واحتضنت رحيق وشكرتها ثم عادا إلى السيارة فنظر لها وقال "نتناول الإفطار بأي مكان ثم نعود تبدين متعبة" 
قالت دون الاعتراف بالتعب "بل أشعر بالحزن من أجل فايزة، الفتاة صغيرة لكن الحمد لله أنها نجت" 
قال وهو يتحرك بالسيارة "نعم ولكن كان عليها ألا تتركها هكذا وحدها بمثل تلك الرحلات" 
لم تعارض وقد كان رأيه مشابه لرأي جدتها، وصلا إلى مطعم كبير كانت تعرفه ولكنها لم تخبره بشيء وهو يقول "المكان هنا هادئ وجميل" 
نزلت معه ودخلت، تناولا الطعام وهو يقول "أخبرتك أن اليسر لا يأتي،  فها هي المصائب تتوالى" 
نظرت إليه وقالت "كلها ابتلاءات فراس وامتحان لمدى قدرة تحملنا ولتعلم أننا نبتلى بم يمكننا تحمله" 
نظر إليها وقال "علمتك جدتك هذا أيضا؟" 
قالت "نعم كانت تحب التحدث بأمور الدين كثيرا وتحثني على الالتزام بالصلاة وأنا أفعل" 
قال "لم أرك تفعلين" 
قالت "أنت لا تقيم بغرفتي" 
ابتسم وقال يداعبها "ربما أفعل بدلا من غرفتي أيهما تفضلين؟" 
احمر وجهها ولم ترد وعادت تتذكر سرها فأذهب راحتها بينما عاد يقول "ربما غرفتي أفضل وأوسع، عليك بنقل أشيائك إليها" 
رفعت وجهها إليه وقالت "فراس لابد أن أخبرك بشيء" 
انتبه وقال "نعم، لم تفعلي بالأمس ترى ما هو هذا الشيء الهام الذي يضيع بريق عيونك الجذاب؟" 





صمتت وهي تتأمله وتماسكت واستعدت لتقول "فراس أنا.." 
وقبل أن تكمل سمعت أحدهم يناديها باسمها "رحيق؟ رحيق أخيرا وجدتك، أين كنت؟ ذهبت إلى فيلتك وبحثت عنكِ كثيرا ولكن لم أجدك حتى



 محاميك أخبرني أنه لم يرك منذ أن سلمك ميراثك، كم افتقدتك حبيبتي" 
تراجعت وهي تنظر إلى مروان بعيون متسعة امتلأت بالدهشة والغضب والخوف
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-