رواية جاريتي الجزء الثاني2 الفصل التاسع والعشرون و الثلاثون29و30 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي الجزء الثاني2 

الفصل التاسع والعشرون و الثلاثون29و30

 بقلم سارة مجدي

كان ينظر إليها بشر حقيقى لم تفهم سببه ولكنها شعرت بالخوف من داخلها ... هى لم ترى غضب زين من قبل ولكن لما هو غاضب ظلت صامته تنظر إليه ثم أنتبهت لصوت ملك على الهاتف لتقول لها بهدوء حذر

- طيب يا ملك هبقا أكلمك تانى ... وأنتِ كلمى ماما هديها شويه

وأغلقت الهاتف لتقول بقلق صادق

-مالك يا زين فى حاجه حصلت

ظل على صمته ونظرات الشر ثم قال

- هاتى شنتطك وقدامى على بيت ابوكى ولحد ما نوصل مش عايز أسمع صوتك

لتقول له

- بس فهم

ليقطع كلامها قائلاً بصوت عالى

- قولت مش عايز أسمع صوتك ... اتفضلى

تحركت سريعاً وجسدها كله ينتفض وسارت أمامه حتى نزلا من الشركه مارين من أمام أيمن وملك دون أن ينتبهوا لهم شعرت ملك بالخوف على صديقتها فحالتها لا تبشر بالخير فنظرت لأيمن الذى لاحظ هو الآخر ذلك الموقف وقالت

- أرجوك يا أيمن خلينا نلحقهم شكلهم فى مشكله كبيره بينهم .

لينظر لها أيمن بحيره ثم قال

- أنا بثق فى زين وأكيد مش هيعمل حاجه غلط .... سيبيهم يحلو مشاكلهم بنفسهم من غير تدخل

رغم معرفتها بما يقول ... وإيمانها به لكنها قلقه جداً على صديقتها .... هى لا تحب ذلك الزين ولا تشعر تجاهه بالراحه .

وصلا أمام بيتهم لتنظر له باستفهام ولكنه كان ينظر إلى الأمام وكأنه لا يشعر بها من الأساس .... فتحت باب السياره وترجلت وأغلقته خلفها ودخلت بيتها لينزل خلفها دون إهتمام بإغلاق السياره

لحقها أمام باب شقتها ليجد والدها فتح الباب لينظر لهم بأبتسامه سرعان ما اختفت من حالة زين الغريبه أفسح لهم المجال حتى يمرون

وبعد أن أغلق الباب قال

- فيه أيه يا ولاد مالكم

ليتكلم زين بعصبيه عاليه وإحساس الخيانه يطرق باب قلبه من جديد

- سمعت بنتك بتكلم صاحبتها عن شخص بُعاده كسر قلبها ودمرها ... وأنه كان كل حاجه فى حياتها أخوها وحبيبها وصاحبها .

كانت نظرات السيد احمد ثابته لكن حاده والسيده أمينه تشعر بعدم الفهم أما فرح فخرجت منها شهقه عاليه

ليكمل هو دون الإنتباه لكل تلك الوجوه المصدومه

- مين طارق ده

لتهطل دموع فرح سريعاً مع جلوس السيد أحمد بتهالك على الكرسى .... تزامنا مع همسه أمينه

- طارق .

كان يشعر بالحيره من ردود الأفعال تلك ولكنه لم يتخيل فى أحلامه رده فعل فرح ... ولا حتى السيد أحمد والسيده أمينه

أنهارت من البكاء ولكنها كانت تنظر إليه بغضب يشابه غضبه هو واقتربت منه ورفعت رأسها تنظر إليه وبكل قوتها ضربت صدره وهى تقول

- أنت حيوان وشكاك .... طارق ده أخويا .... إللى مات أخويا إللى كان كل حاجه فى البيت ده سند بابا .... ونبضات قلب ماما .... كان ليا سند وحمايه ... صاحب وأخ و حبيب ...كل حاجه ... طارق إللى من يوم موته وكل إللى فى البيت دول ميتين

لتشهق السيده أمينه بصوت عالى ... ووقف السيد أحمد بصدمه ... لم يستمع لتلك الكلمات من قبل من ابنته ... هى طوال الوقت تضحك كان ينظر إليها بحيره لتكمل هى غير مهتمه او منتبهه لأحد .. لقد فاض بها الكيل و الألم من وقت وفاة طارق هى تضحك وتفرح الجميع ولا أحد فكر بها يوماً

- طارق كان أقرب صديق ليا ... كان مغامر وقوى ... وكان مرح وديما بيضحك .... كان ديماً يجبلى هدايا وشوكلاته ... وديما ياخدنى معاه السباق ... أصله كان بيحب سباق العربيات اوووى .. كنت ديما أقوله أنا بخاف عليك من السباقات دى .. يقولى ... ربنا معايا يا فروحه ... وأنا ديما قبل اى سباق ... باغتسل واتوضى واصلى واتشاهد .... وكل حاجه بأمر الله .

كان ديما يضحك ماما .... وديما يريح بابا ... ويعمل مشاويره بداله .... كانوا ديما يقولوا أن طارق نعمه كبيره وميقدروش يعيشوا من غيره ... عمرى ما زعلت ما أنا كمان كنت بقول كده

التفتت إليه وكانت نظراتها حزينه مكسوره .... ولكنها مؤلمه بشده له ..... لقد كسر شىء بها ويخشى ألا يستطيع إصلاحه من جديد

وكان السيد أحمد ينظر إلى ابنته باندهاش حزين كيف لم يفكر بها منذ وفاة طارق ... كيف نسى حزنها وسط ضحكتها المستمره ....كيف لم يفهم احتياجها لهم .... كيف لم ينتبه لمحاولتها أن تصبح طارق فى حياتهم ..وعند ذلك الخاطر نظر إلى ابنته بشفقه .

أكملت هى قائله

- يوم وفاته لأول مره مارحش معاه السباق .... لكن كل أصحابه عارفينى ... اتصلوا بيا أنا الأول جريت على المستشفى لقيته كل جسمه سليم مفيهوش حاجه ... الدكتور قال ضربه قويه بالراس .... لقيته مبتسم رغم الألم أول ما شافنى رفع إيده ليا ... مسكتها ضغط عليها بقوه وقالى ..... خلى بالك من بابا وماما أنتِ بدالى ... مش عايزهم يبطلوا ضحك .... فرح خليكى الفرح إللى فى حياتهم .... خليكى قويه خليكى فرحه فى حياتهم .... قولتله حاضر هعمل إللى أنت عايزه ... ضحك وقالى ... أنا بحبك اوى يا فرح ... ديما حاسس أنك قرينى .... هتوحشينى يا فروحه هتوحشينى اوووى ونطق الشهاده وغمض عنيه وهو مبتسم مقدرتش أعيط ... مقدرتش اصرخ قلبى كان بيصرخ لكن صوتى لأ ... قلبى وعقلى كانوا بيبكوا ...لكن عينى لأ .... مقدرش أبكى على طارق ..ولا أصدق أنه مات .. ولا أصدق أنى مش هشوفه تانى ... فضلت أبصله أحفر تفاصيله فى عقلى ..... وقلبى ... وبعد شويه سمعت صوت بابا وماما خرجت لهم مش عايزه حد يعيط ... كان كل أصحابه وقفين جمبهم وبيحاولوا يهدوهم قولت لأمى أفرحى إبنك النهارده عريس يا أمى آخر كلامه الشهاده يا أمى أفرحى وأوعى تعيطى ... كل ده قولته جوايا مخرجش من قلبى ...من يومها وأنا كل يوم أعمل هبله ومجنونه .. أحدف طوب فى الكلام واتصرف بمرح ... أضحكهم كل يوم .. وأدخل أقف قدام صورته واقوله أنا على العهد ... لكن مقدرتش أبكيه ... مقدرتش اصرخ واقول

وصرخت بصوت عالى هز جدران ذلك البيت التى ماتت فيه الفرحه منذ موت طارق صرخه انتفضت عليها أمينه وأحمد ... تألم قلب زين بشده

- أخويا مات .... سندى راح .. صاحبى الوحيد مات. ... ماتت فرحتى ... ماتت فرحتى .


وتحركت لتقف أمام أبيها قائله

- طارق مات .... وفرح إللى اندفنت

وتحركت لتقف أمام أمها قائله

- طارق روحه فى السما ... وفرح روحها اندفنت فى سابع أرض

وقفت أمام زين قائله

- فرح ماتت مع موته ... لو أنت ليك فى الجواز من الميتين .

وغادرتهم جميعاً فى حاله زهول ودخلت إلى غرفتها وأغلقتها عليها لتبكى طارق وفرح لأول مره منذ سنين .


*********************


ظل الجميع على وقفته الكل يشعر بالصدمه كانت أمينه تفكر كيف غفلت عن ابنتها الحيه لتعيش مع إبنها المتوفى ... كيف كانت ترى نظراتها الحزينه المكسورة ولم تحاول أن تنتفض كيف تسمى نفسها أم وابنتها تموت كل يوم أمام عينيها دون أن تراها وتنتفض من أجلها

جلس السيد أحمد بتهالك على الكرسى وعقله يعمل فى كل الاتجاهات يسترجع تفاصيل حياتهم من يوم موت طارق ... وكل مواقف فرح ... أكتشف الأن أن فرح تحولت لطارق ... بدأت تعمل و بدأت تقوم هى بكل المهام الذى كان يقوم بها ... كانت تجلس بالساعات تتحدث حتى تجعلهم يضحكون وتنسحب هى إلى غرفتها .... أغمض عينيه بألم ألم يشق روحه وقلبه

كان يقف أمامهم ينظر إليهم لا يعرف ماذا يشعر الأن هل يشعر بالشفقه عليهم ... أم بالبغض بسب ما فعلوه بها ... ماذا عليه أن يفعل الأن .... كيف يتصرف ... ماذا عليه أن يفعل الأن جلس هو الأخر مكانه أرضاً واستند بظهره إلى الحائط

********************

كانت هى الأخرى تجلس أرضاً بجوار الحائط المقابل للحائط المعلق عليها صورة طارق ... تنظر إليه بعيون حمراء من كثرة البكاء ... كانت تبكى بقوه تبكى فراق مؤلم ... وسنوات مرت دون أن تستطيع أن ترثى آخاها .... تبكى فرح التى تاهت منها فى وسط كل ذلك

ظلت تبكى وتبكى وتبكى ... حتى غلبها النعاس فى مكانها


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

كانت تحمل صغيرتها بين يديها تغنى لها بصوت خفيض وهى جالسه على الكرسى الهزاز بغرفة صغيرتها

وكل دقيقه وأخرى تقبل يدها الصغيره

كان يقف عند الباب ينظر إليهم بحب حقيقى ...

لم تلاحظه هى .... فكانت مراقبتها ممتعه جداً وقفت لتضع الصغيره فى مهدها لمحته فى وقفته فابتسمت له ووضعت الصغيره برفق ثم توجهت إليه لينظرا إليها نظره أخيره وخرجا من الغرفه

وضع يده حول كتفها وهو يقول

- وحشتينى ... طمنينى أخبارك أيه .

لتخبء وجهها بصدره تشتم رائحته وقالت

- طول ما أنت فى حياتى ... أنت وخديجه أنا كويسه

ليضمها بقوه وهو يقول

- يارب يديمكم نعمه عليا ... سبحان الله عشت أكتر من عشر سنين مع خديجه بدون أطفال معترضتش على أمر الله وكنت راضى ... وربنا كرمنى منها بثلاث ولاد ومنك واحده .... فضل ونعمه كبيره اوووى ... لازم أشكره عليها طول عمرى .


ربتت على كتفه ثم تحركت تخرج له ملابسه المنزليه وهى تقول

- ربنا يخليك لينا .... ويخليلك ولادك .. و مرتاتك

ليضحك بصوت عالى وهو يقول

- اه وأهم حاجه رضا مرتاتى دى .... ركزى عليها .

لتضحك بصوت عالى وهى تقول

- ايوه طبعاً عندك إعتراض .

ليرفع يده باستسلام وهو يقول

- هو أنا أقدر أقول حاجه .

تمدد على السرير بأرهاق واضح

لتجلس هى بجانبه وهى تقول

- مالك يا عادل .. أنت تعبان

ليغمض عينيه لثوانى ثم قال

- حاسس بشويه إرهاق ... كأنى منمتش بقالى كتير

لتشعر بالخوف فقالت

- خلينى أطلبلك الدكتور ... ونطمن .

ليبتسم بأرهاق وهو يربت على يديها

- هتجبيلى دكتور علشان نفسى أنام ... تعالى بس فى حضنى ..وخلينى أنام شويه وهبقا كويس ان شاء الله

ضمته بقوه ليرتاح رأسه على صدرها وأغمض عينيه ليذهب فى نوم عميق ... وظلت هى مستيقظه تربت على كتفه وتقرأ ما تحفظه من القرآن


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

كان يقف على باب الغرفه ينظر إلى ذلك الجسد الهزيل النائم .... يشعر بداخله بشفقه حقيقيه عليه

كم كان ذلك الرجل بزمانه جبار متعالِ .. ويرى نفسه فوق البشر .... يرى أن الكون بمن فيه أسفل قدميه ... الأن نائم على ذلك السرير


لا حول له ولا قوه .... أنتبه من أفكاره على صوت هاتفه ليجده أيمن خرج من الغرفه وأجابه قائلاً

- أيوه يا أيمن

صمت لثوانى ثم قال

- لا مقولتلهاش أنا جيت لوحدى .. مهيره الحمل تاعبها جدا ومش حمل تعب زياده

استمع لكلماته قائلاً

- الحاله فعلاً وحشه .... بس الدكاتره طمنونى متقلقش .

ظل صامت لثوانى أخرى ثم قال

- لأ أنا هطمن عليه كل أسبوع هاجى بنفسى أشوفه متقلقش ... بس بقولك بلاش تجيب سيره لمهيره خالص

صمت لآخر مره ثم قال

- خلاص تمام ... يلا خلى بالك من نفسك ... مع السلامه

أغلق الهاتف ليضعه فى جيبه ثم ألقى نظره أخيره على ذلك النائم وغادر .


*********************


كانت تقف أمام الموقد تعد الطعام لم يبقا الكثير على رجوع حذيفه من الجامعه ألقت نظره خاطفه على أواب المنهمك فى كتاب تلوينه ابتسمت إبتسامه خاطفة وعادت إلى ما تفعله لتشعر فجأة بدوار قوى وفى ثوانى كانت تسقط أرضاً لينتفض أواب بخوف وظل ينظر إليها كثيراً ثم أمسك هاتفها الموجود على الطاوله أمامه وأتصل بوالده وهو يبكى قائلاً

- بابا ... جودى ماتت


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


كان يقود سيارته عائداً إلى البيت ... كان يشعر بالسعاده ككل يوم أصبحت حياته جنه ... فجودى أصبحت تهتم بكل شىء ... أواب ملابسه وحمامه ومواعيد طبيبه ... و مواعيد علاجه الطبيعى ... والأدويه ... وهو كتبه و أوراقه ... دائما مرتبه وفى مكانها ... ملابسه دائما مرتبه وفى مكانها لم يحتاج أن يبحث عن اى شىء او يطلب اى شىء .... غير اهتمامها به هو شخصياً ... الأن يجذم أنه يحيا فى الجنه

خرج من أفكاره على صوت هاتفه ليجد أسم من زينت حياته ليجيبها قائلاً

- حبيبة قلبى عشر دقايق وأكون عندك

ليصدح صوت أواب الباكى قائلاً

- بابا جودى ماتت

أوقف السياره بشكل مفاجئ وجحظت عيناه خوفاً وصدمه ولكن صوت بكاء أواب وكلماته

- بابا أنا خايف تعالى بسرعه انقذ جودى ... بلاش تموت زى ماما ... هى وعدتنى متسبنيش .

أخذ نفس طويل فى محاوله لتمالك أعصابه وقال بصوت ضعيف

- متخفش يا حبيبى أنا جاى حالا جودى هتبقا كويسه .. متخفش .. بس أنا هقفل دلوقتى علشان أكلم الدكتور وهرجع أكلمك تانى ماشى .

ليهز الطفل رأسه ليسأله حذيفه من جديد

- ماشى يا أواب

- ماشى

قالها بصوت مهزوز

أغلق حذيفه الهاتف ليتصل بصديق له طبيب وأخبره العنوان

وأغلق معه وأتصل بأواب من جديد

وظل معه على الهاتف ... حتى باب البنايه وقال له

- أنا طالع السلم اهو متخافش حبيبى أنا وصلت

ليفتح الباب سريعاً واقترب من ابنه حمله ليربت على ظهره يهدئه وجثى على ركبتيه بجانب جودى ليضع يده أمام أنفها ليتنهد براحه حين شعر بأنفاسها

ظل على جلسته بجانبها لثوانى ثم قال لأواب

- متخفش جودى عايشه بس هى تعبانه شويه خلينى أشيلها أدخلها الأوضه علشان الدكتور جاى يكشف عليها .

هز الطفل رأسه بنعم ليجلسه على كرسيه المدولب .. وحمل جودى وذهب بها إلى الغرفه وتبعه أواب ألبسها شىء مناسب وحينها سمع صوت طرقات على الباب ليخرج سريعاً يستقبل الطبيب

قام الطبيب بالكشف عليها و قام بايفاقتها لتنظر لهم باندهاش وقالت

- هو فيه أيه

جلس حذيفه بجانبها ليقول الطبيب

- حضرتك بس حبيتى تشوفى غلوتك عندهم .

قال حذيفه بقلق

- أرجوك طمنى عليها

لينظر له الطبيب بتفهم وقال

- مبروك يا سيدى .. جيلكم ضيف جديد فى الطريق

ابتسمت جودى بسعاده وقطب أواب حاجبيه بعدم فهم وظل حذيفه ينظر باندهاش وكأنه تكلم بلغه غريبه

وقال

- حضرتك قولت أيه

ليبتسم الطبيب من جديد ومسح على رأس أواب و هو يقول

- هيجى أخ او أخت للملاك ده

ألتفت سريعاً لينظر إلى جودى وقلبه يرتجف من الخوف أن يرى نفس نظرة مارى فى حملها لأواب

ولكنه وجدها تبتسم بسعاده وقالت

- فى نونو صغير فى الطريق يا حذيفه ... فى أخ جاى لأواب

ليقول الصغير

- يعنى هيكون عندى أخ العب معاه .

لتبتسم له وهى تقول

- او أخت .

ليضحك الصغير بخفه .

كل ذلك وحذيفه ينظر إليها فى صمت يتابع كل حركه وهمسه منها

وعلى وجهه إبتسامه سعاده لا يستطيع أن يصفها .

حتى أنه لم يشعر بالطبيب وهو يغادر ويوصيهم بعمل تحليل لزيادة التأكد والذهاب للطبيبه النسائيه

قبل أعلى رأسها وسألها السؤال الذى سيطمئن قلبه وروحه

- مبسوطه

لتقول بسعاده حقيقيه

- اوووى ... هطير من السعاده

ليقبل رأسها بحب حقيقى .... ويديها ليقترب أواب وقال

- أنا فرحان اوووى

ليحتضنه حذيفه بحب وقبلت جودى يديه . لتضع رأسها على صدره لتسمعه يحمد الله أغمضت عينيها بسعاده

الفصل الثلاثون


كان الجميع صامتا وكأن على رؤسهم الطير ... كان والديها يلومان نفسيهما وبشده كيف غفلا عن ابنتهما ... كيف لم يفكرا للحظه فى كل ما قالته كيف تغافلوا وتناسو

كان زين ينظر إليهم يقدر مشاعر حزنهم على ولدهم ولكن كيف يعيشون فى عالم الأموات ويتركون الأحياء يموتون بالبطئ وقف على قدميه واقترب من السيده أمينه جثى أمامها على ركبتيه وقال وهو ينظر إلى عينيها بلوم

- ليه سيبتيها كده ليه وصلتيها لكده ... قلبك محسش بيها

نظرت إليه وعيونها تملئها الدموع .... وقالت

- طارق أول فرحتى ... شاب لسه بيفتح ... كان ديما حنين وطيب ديما يقولى حاضر يا أمى .. تأمرينى .... كنت بقف جمبه أحس أن أنا إللى بنته مش هو إللى ابنى ... وفرح كانت على طول ماسكه فيه رايحه جايه معاه ... لكن أنت معاك حق فى كل إللى قلته ... قلبى إزاى محسش ببنتى ... إزاى أسيبها تعيش ميته

وانهارت ببكاء مرير يقطع نياط القلب

كان السيد أحمد يستمع إلى كلماتها وهو يجلد نفسه بتلك الكلمات فأمينه ليست المخطئه الوحيده فهو أيضاً مخطئ وبشده

كان زين يشعر بالحيره ماذا عليه أن يفعل الأن قلبه معلق بذلك الباب الذى تختفى خلفه تلك المجنونه القصيره .

شعر بنظرات السيد أحمد فقال

- أدخلها يا ابنى ... أدخلها

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


استيقظت من غفوتها لتجد نفسها تنام أرضا شعرت بألم قوى فى عينيها ... ولكنها لا تتذكر ما سبب نومها هنا استمعت لصوت فتح الباب لتنظر إلى الذى يقف أمام الباب بارتباك ابتسمت شعر من نظره عينيها أن هناك شىء خاطئ فأراد التأكد فقال

- أخبارك أيه

لتبتسم وهى تقف على قدميها وقالت

- الحمد لله يا زين باشا كويسه

ليقطب جبينه وهو يردد خلفها

- باشا

لتقول موضحه بطريقتها المرحه

- أيوه باشا وشرطه و سلطه وكده يعنى .

لينظر لها بشر وهو يقول

- ماشى يا خطيبة الباشا .... أجهزى علشان عايزك فى مشوار

نظرت إلى ساعتها لتجدها تشير إلى الحاديه عشر

فقالت له

- أحنا بليل ولا الصبح

ليشير لها برأسه بإتجاه الشباك .

لتنظر إلى الشباك ثم عادت بنظرها إليه من جديد وقالت

- هنخرج دلوقتى .. الوقت اتأخر

ليقول هو بأقرار

- أولا هنتعشا معاهم بره لأنهم لسه متعشوش مستنين حضرتك تصحى ... ثانياً ... أنا مستأذن من والدك والمكان إللى رايحله على ما نوصل هنكون الصبح .

وخرج سريعاً وهو يفكر ماذا حدث لها ... أنها تتعامل بهدوء وكأن شىء لم يكن .. هل يجوز أنها تريد تخطى الموضوع ام أنها حقاً من كثرة الضغط عقلها جعلها تنسى كل ما حصل

كانوا فى انتظاره أمام الباب وشعروا بخوف عميق بسبب تلك النظره الحائره فى عينيه وصمته اقترب منه السيد أحمد وقال


- أيه يا بنى هى فيها حاجه

لينظر له زين باندهاش وقال

- بتتعامل عادى جدا وكأن مافيش حاجه حصلت

كانت نظرات السيد أحمد مندهشه و حائره وكذلك السيده أمينه عاد بنظره إلى زين وقال

- وأنت قولتلها أيه

ظل زين صامت لبضع ثواني ثم قال

- أنا أتعاملت عادى وكأن مفيش حاجه حصلت وطلبت منها تجهز علشان هنخرج نتعشى معاكم وبعدين هنخرج حتى هى إعترضت لكن أنا أقنعتها أننا هنروح مكان بعيد هنوصل الصبح وطبعاً ده بعد ما أخذت أذنك

زادت نظرات الحيره فى عين السيد أحمد وكان ينظر إلى زين بشك فأوضح زين قائلاً

- أنا عارف حضرتك بتفكر في أيه بس صدقني أنا وفرح محتاجين بعض جداً وأنا مش هاجيب لها سيرة الموضوع إللى حصل النهارده إلا لو هي أتكلمت فيه وأرجوكم أتعاملوا معها طبيعى جداً و حاجه كمان أنا عايز حضرتك تثق فيا أنا بحب فرح وعمرى ... عمرى ما هأزيها


خرجت فرح من غرفتها تبتسم ابتسامتها المعهوده .

وقالت بمرح

- أنا جاهزه جداً للفسحه الغريبه .

نظر الجميع إليها بأبتسامه بسيطه فقال زين

- طيب يا جماعه يلا بقا ألبسوا أنتو كمان علشان نخرج .

جلست فرح على أقرب كرسى ليجلس زين أمامها صامت فقالت هى باندهاش

- حاسه أنى نايمه من وقت طويل

نظر لها باستفهام وقال

- مش فاكره اى حاجه حصلت معاكى قبل النوم

جعدت أنفها كالأطفال وقالت

- لأ .. مش فاكره حاجه خالص .. حتى أنا مش فاكره أنا رجعت إزاى من الشغل .

هز رأسه بنعم دون كلام وبعد عدة دقائق خرج السيد أحمد والسيده أمينه وعلى وجههم إبتسامه هادئه وقال أحمد

- يلا أحنا جاهزين ... تعالى يا فرح

لتقترب فرح من أبيها ليضمها بقوه وقال

- ربنا يخليكى لينا يا بنتى ... ونقدر نسعدك زى ما أنتِ ديما بتسعدينا

كانت تشعر بالغرابه ولكنها أيضاً تشعر بسعاده قويه وكبيره .

وخرجا من الباب وكل منهم يفكر فيما حدث وسيحدث

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

كان يجلس خلف مكتبه فى الشركه يتحدث عبر الهاتف ... ليفهم من زهره ما هى تلك المعضله الكبيره التى تقف أمامها وحين شرحت له الوضع صمت لثوانى يفكر ثم قال لها

- أوقفى الشغل النهارده يا زهره .. وبكره ان شاء الله كل حاجه هتكون محلوله ... أنا مستنيكى

أغلق الهاتف وظل يطرق بأصبعه على سطح المكتب اعتدل فى جلسته ومد يده يضغط زر استدعاء سكرتيره الجديد

شاب فى الثلاثين من عمره نحيل ومتوسط القامه ولكن ملامحه شديدة الوسامه بخشونه رجوليه مميزه

طرق الشاب الباب برفق ثم دخل يقول بأدب

- تحت أمرك يا باشمهندس

ظل صهيب صامت لثوانى ثم قال

- أسمها افندم يا شريف مش تحت أمرك

ليبتسم الشاب فهو وقع صريعاً فى عشق صهيب من المقابله الأولى وكل ذلك بسبب تواضعه وأخلاقه الكريمه فى نفس اللحظه التى عرف فيها بحاجه شريف للعمل مع كل مؤهلاته المميزه عينه فوراً ليس فقط سكرتير له بل أيضاً مدير للمكتب فى غيابه وسكرتير تنفيذى

ومن وقتها وشريف يعتبر صهيب صاحب فضل كبير عليه

أخرجه صهيب من أفكاره وهو يمد يده بهاتفه طالباً منه إخراج رقم شركه الهاشمى .

نفذ شريف فى صمت ... فأكمل صهيب قائلاً

- عايزك تحدد مع صاحب شركه الهاشمى معاد النهارده ضرورى جداً.

أعاد شريف الهاتف إلى صهيب وقال

- ثوانى وأقول لحضرتك الميعاد .

بعد عدة دقائق طرق شريف الباب وقال بهدوء

- المعاد بعد نص ساعه .

ليهز صهيب رأسه وقال

- طيب شوف السواق فين خليه يجهز العربيه .

فى تلك اللحظه دلفت زهره إلى المكتب فحيت شريف قائله

- إزيك يا أستاذ شريف .. أخبار الشغل مع صهيب ايه

ليبتسم شريف بامتنان وهو يقول

- الباشمهندس ونعم مديرى الشركات .

ليبتسم صهيب وقال بغرور مصتنع

- يا ابنى دى أقل حاجه عندى .

وقف صهيب لتقول له زهره

- على فين كده

ليقول بغموض

- على شركة الهاشم ... ادعيلى .

وخرج هو وشريف وجلست زهره مكانها تشعر بالحيره

~~~~~~~~~~~~~~~~~

كانت جلسه العشاء مميزه حقاً ... لم تتوقف فرح عن إضحاك الجميع حتى ذلك الثلجى نجحت فى إخراج صوت ضحكه عاليه منه .... كانت الساعه قد شارفت على الثالثه صباحا حين أعاد زين السيد أحمد وحرمه إلى البيت بعد أخذ الأذن بالذهاب فى رحله صغيره وسيعودا فى نهايه النهار

كانت تشعر بالحماس وهى تخرج خارج مدينتها لأول مره إحساسها بالغموض وأنها لا تفهم إلى إين يأخذها كان يجعلها تتمرجح بين الحماسه والخوف .

وصل إلى مدينته الساعه السابعه ليذهب بها إلى حيهم القديم أوقف السياره أمام بيت قديم نسبياً وطلب منها أن تترجل وقفت تنظر إلى الحى والبيوت بتمعن ثم نظرت إلى البيت الذى يقف أمامه زين وقالت بوجه طفولى بكاء

- أنت جايبنى فين يا باشا أنت هتموتنى ولا أيه

لينظر لها بشر وأشار لها أن تدخل البيت ظلت واقفه أمام الباب فدفعها بيده إلى الداخل ودفعها مره أخرى لتصعد السلم

كانت تصعد درجات السلم لذلك البيت المهترئ بجانبه تمسك بيده بشده ويظهر الخوف جلياً على ملامحها وهو يبتسم فى سعاده من تلك الطفله التى أرتبط بها من وقت التقاها وهى دائماً تضحكه بحركاتها هى دائماً تظهر القوه وفى آخر الأمر ترتعش خوفاً وأكثر ما جعله يأتى بها إلى هنا ... إنفجارها أمس وخروج كل ذلك الضيق .. أراد أن يكشف لها ذاته كما أكتشف هو ذاتها

كان يشعر بالخوف من القادم ولكنه أراد أن يكونا سويا إلى الأبد والأن سيتضح كل شئ

نظر لها و قال

- أنتِ مسكانى كده ليه هو أنا ههرب

لتنظر له وهى تقول بصوت باكى

- هو أحنا فين يا باشا والله أنا معملتش حاجه غلط

ليقطب جبينه وهو يقول

- باشا أيه يا فرح دى تالت مره تقوليها النهارده هو أنتِ ديما كده تحبى تضايقينى

لتنظر له وعيونها تمتلئ بالدموع وتقول

- أحنا فين طيب أيه المكان الغريب ده

ليقف أمامها وهو يقول باستفهام غاضب

- أنتِ بتثقى فيا ولا لأ .

لتنظر حولها بخوف تنظر لذلك البيت القديم من حولها بخوف ثم هزت رأسها بنعم

ليرفع حاجبه متزامنه مع حركه رأسه المستفهمه

لتقول بصوت يرتعش خوفاً

- بث. بثق فيك

ليكتف يديه أمام صدره وهو يقول

- مش باين

لتبتعد خطوه للخلف وهى تمسح تلك الدمعات التى تسيل على خدها وقالت

- أنت ساعات بتبقى طيب معايا ..وساعات بتبقى مش طايق منى كلمه ساعات بحس أنك ممكن تكون بتحبنى وساعات بحس أنك مبتكرهش حد قدى وساعات بحس أنك فاهمنى شايفنى من جوه زى النهارده وساعات بحس أنك بتتعامل مع كائن فضائى وأنا دلوقتى مش فاهمه أنا فين وليه وبعدين هو أنت ليه بتضايق من كلمة باشا لما بقولهالك ما كل الناس بتقولك يا باشا وبعدين هو مش أنت باشا فعلاً وهترجع شغلك تانى وتبقى ظابط


ليظل ينظر إليها بتركيز وهو يفكر هل ظلمها يوم وضعها فى تلك الخانه هل ظلمها حين ضغط عليها بأسلوبه الجاف وتعامله الغير سوى ... لماذا كان يرى فيها هايدى رغم الإختلاف الكلى بينهم ... لابد من أن يتخلص من ذلك الماضى إلى الأبد

تقدم الخطوه التى ابتعدها وقال بهدوء عكس ما يشعر به

- أولا كل إنسان جواه جزء طيب وجزء شرير بس الجزء الشرير ده بيطلع مع إللى بيكرهّم ومين قالك أنى مش بحبك بس

صمت قليلاً يحاول استجماع كلماته تنهد بصوت عالى ثم أكمل قائلاً


- أنا فى حاجات كتير مرت عليا قبلك خلتنى بالطبع ده حذر وكل شىء تحت الأختبار ..... بس لازم تتأكدى أنى بحبك ولا مكنتش معاكى دلوقتى .. ولا جبتك هنا

ثم نظر إليها بشر وهو يقول بصوت عالى وعصبى

- هو أنتِ بتشتغلى عندى ولا حد غريب عنى علشان تقوللى يا باشا طيب أيه رأيك بقا أوقفك طبور ذنب واكدرك

ليظهر الخوف جلياً على ملامحها ليشعر بالغرابه هل صدقته

لانت ملامحه و نبرته وهو يقول لها وهو يقترب من وجهها

-أومال مين يقولى يا زين ... يا زيزو ... يا حبيبى

لتتلون وجنتاها بشده بحمره قانيه جعلته يضحك بصوت عالى

لتضربه فى صدره بغضب مصتنع وهى تقول

- مستفز

ليقبل يدها وهو يقول

- تعالى بقى أفهمك أنا جايبك هنا ليه .. قبل ما أكلك

وقال الأخيره وهو يغمز لها بشقاوه

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

كانت تشعر بالأنبهار هى الأن تقف فى غرفته القديمه ... شقاوة طفولته ... وبداية صباه حب مراهقته وبدايه عمله فى الشرطه ... كانت تنظر إلى الصور المعلقه على الحائط صوره له مع شخص يشبه بشده من الواضح أنه والده .. وشهادة تخرجه ... وصوره له مع سفيان وبعض الأصدقاء الآخرين التى لا تعرفهم

كتب دراسته ... وكتب أخرى)أدبيه ... زاد اندهاشها ذلك الثلجى يقرأ كتب أدبيه لن تندهش أن وجدت روايات عاطفيه أيضاً

كان يتابع حركتها فى غرفته واستكشافها كل أنش فيها .

اندهش من إحساسه

كان يتمنى أن يجدها منذ وقت طويل ... وكأنه كان يحلم بها منذ صباه وأحلام المراهقه .... كانت هنا معه فى تلك الغرفه

وقفت أمام صوره لأمراه جميله يبدوا عليها الوقار مصحوب بفيض حنان تنظر إليها بتمعن وقف خلفها وقال

- أمى

نظرت له نظره سريعه ثم عادت إلى الصوره قائله

- عنيك شبه عنيها رغم الفرق الكبير

فقال باستفهام

- فرق أيه

فقالت سريعاً موضحه

- عنيها كلها حب وحنان .. وعنيك كلها خوف شك برود

ثم نظرت إليه باهتمام حقيقى وأكملت

- نفسى أعرف أيه إللى غير نظرة عنيك إللى شفتها فى الصوره إللى هناك دى

وأشارت إلى صورته مع والده

ظل صامت ينظر إليها ثم قال

- لأنى نحس ..... قاتل ..... لأنى حسيت بالخيانه .

قطبت بين حاجبيها ... وظهر الأندهاش على ملامحها

ليجلس هو على سريره واسند رأسه على ظهر السرير وقال

- هحكيلك كل حاجه ... لأنى بجد محتاج أتكلم .

    الفصل الحادي والثلاثون من هنا

لقراءة الجزء الاول اضغط هنا 

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

تعليقات



<>