رواية جاريتي
الفصل الثالث والثلاثون و الرابع والثلاثو33و34
بقلم سارة مجدي
ظلت جودى تنظر الى الورقه فى يديها وهى تشعر بالحيره والخوف وكانت زهره لا تقل عنها حيره نظرت لها وهى تقول
- هتعملى أيه ؟
نظراتها كانت كلها خوف وحيره ولم تجيبها فى ذلك الوقت كان يقف من بعيد يراقب ما حدث باندهاش من هذا الشخص هيئته المزريه أثارت ريبته وقلقله وتلك الورقه الذى أعطاها لها .... وصمتها ونظراتها الخائفة لم يشعر غير وقدمه تتحرك من طلقاء نفسها فى اتجاهها وقف أمامها وما زاد من خوفه عليها أنها لم تشعر به ولم تنتبه لوقوفه أمامها نادها بهدوء عكس ما بداخله من قلق وتوتر رفعت عينيها إليه ليصدم بكل ذلك الخوف بداخلهم
تقدم خطوه واحده وهو يقول
- مالك يا جودى فى أيه ومين إللى كان واقف معاكم ده ؟
ظلت نظرات الخوف والضياع وهى تمد يدها له بالورقه امسكها وفتحها سريعاً وهو مقطب الجبين وقال
- مش فاهم أيه ده
تكلمت زهره سريعاً قائله
- إللى كان واقف ده أحمد صديق حازم العامرى
أنتبهت كل حواس حذيفه وهو يقول
- عمل حاجه تضايقكم
حركت رأسها بلا وتكلمت قائله
- لأ خالص يا دكتور هو بيقول أن حازم عمل حادثه ورجله اتقطعت وكمان اتعمى وعايز جودى تزوره فى المستشفى
والورقه دى فيها عنوان المستشفى ورقم الاوضه .
هز رأسه بنعم وهو يعود بتركيزه لجودى وقال
- طيب وأنتِ خايفه من أيه .
ظلت نظراتها ثابته ولم تجيبه
فقال هو بتقرير
- خايفه يكون فخ .... وخايفه لو مرحتيش يكون فعلاً الكلام ده حقيقى .
سالت دموعها وهى تهز رأسها بنعم .
أبتسم فى تشجيع وكأنه يتحدث لابنه أواب وقال
- خلاص مفيش مشكله .... أنتِ هتروحى بس مش لوحدك
وأخرج هاتفه وأتصل على صديقه وقال
- أنت فين يا صاحبى
اجابه سفيان بقلق على جودى فطمئنه وحكى له كل ما حدث وبعد أن استمع لاجابته أغلق الهاتف ونظر لتلك التى تنظر إليه فى خوف قائلاً
- نص ساعه وسفيان يوصل ونروح كلنا ولو الانسه زهره تحب تيجى معانا
اقتربت زهره من جودى وحاوطتها بذراعها وهى تقول
- أكيد هاجى مش هسيبها لوحدها بس ثوانى أعمل تليفون
وتركتهم و تحركت خطوتين
كانت تعلم أنه لن يجيب على الهاتف فاتصلت بزوجة عمها مباشره وقالت لها
- ارجوكى ادخلى الاوضه عنده وافتحى الأسبيكر لازم يسمعنى .
نفذت زوجة عمها و بالفعل دخلت غرفة ابنها الذى كان جالسا سارحا ومهموم ووضعت الهاتف على الطاوله أمامه وخرجت انتبه على صوت زهره الباكى وهى تقول
- أقسم بالله بحبك وعمرى ما هبعد عنك.... ومستعده أرجع لاتفقنا القديم ... أكون مجرد خدامه تحت رجليك بس أرجوك يا صهيب أوعى تفكر تسيبنى .... أوعى توجعلى قلبى .... هموت فى بعدك والله هموت ..... أنا متأكده أنك سامعنى صوت أنفاسك بالنسبالى حياه أعيش عمرى كله اسمعهم وعمرى ما آمل .... صهيب أنت كل حياتى أنت روحى كيانى قلبى وعقلى ..... أنا بكلمك دلوقتى علشان أستأذنك أروح مع جودى وخطيبها وأخوها مشوار ضرورى
وقصت عليه كل ما حدث واخبرته عن خطبة جودى للدكتور حذيفه وعن حاله جودى وبكائها وخوفها وأنها لا تريد أن تخذلها من جديد ولكنها تريد موافقته وعلمه بالأمر وختمت كلماتها وهى تقول
- هتسمحلى يا سيدى أروح معاها .
صمتت تنتظر تستمع جيداً لصوت أنفاسه العاليه .... وبعد عدة دقائق كانت على وشك اليأس من أن تجد منه رد كادت أن تتكلم حين قال لها بصوته الرخيم
- دكتور حذيفه قريب منك ... خلينى أكلمه .
ابتسمت فى سعاده وقالت
- حاضر يا سيدى حاضر
وعادت تلك الخطوات التى ابتعدتها ومدت يدها لحذيفه بالهاتف وقالت
- خطيبى عايز يكلم حضرتك
أبتسم حذيفه بمجامله وأمسك الهاتف قائلاً
- السلام عليكم
اجابه صهيب قائلاَ
- وعليكم السلام دكتور حذيفه مع حضرتك صهيب خطيب زهره وابن عمها
اجابه حذيفه بترحيب
- أهلاً وسهلاً أستاذ صهيب
أبتسم صهيب بحزن وقال
- باشمهندس لو مصر على الألقاب .
ضحك حذيفه وقال
- ما أنت كمان بتقول دكتور
أبتسم صهيب وقال مباشره
- أرجوك خلى بالك من زهره أنا عندى صوره عن حالة الآنسه جودى ... بس أرجوك زهره فى أمانتك
تكلم حذيفه سريعاً وبحميه رجوليه قائلاً
- متقلقش هى مع أخوها فرقبتى يا صهيب
تكلم صهيب سريعاً قائلاً
- وأنا مطمن .... فرصه سعيده جداً وسعيد أنى اتعرفت عليك
اجابه حذيفه بود قائلاً
- وأنا كمان ... الآنسه زهره معاك
أمسكت الهاتف وابتعدت من جديد
لتسمعه يقول
- خلصى وطمنينى
اجابته سريعاً
- حاضر
صمتت وهو أيضاً وبعد دقيقه كامله قال
- استأذنى من عمى وتعالى اتغدى معانا فى كلام كتير محتاجين نقوله .
وأغلق الخط سريعاً دون ان يستمع لرد .
فى نفس التوقيت كان سفيان قد أوصل السيد راجى إلى قصره وغادر سريعاً
وهو بالطريق قرر محادثتها يريد أن يستمع لصوتها يشعر بقربها ...
كان الهاتف على أذنه ينتظر أن يسمع صوتها الناعم الحنون
خفق قلبه بقوه وهو يستمع إلى همستها بأسمه عاده فيها حين تجيب أحدا فى الهاتف لا تقول اى عباره ترحيب ولكنها تقول أسم المتصل وكأن هذا الأسم هو أحلى عبارات الترحيب
أبتسم وهو يجيبها
- قلب سفيان
صمتت مازالت تخجل منه ومازالت لا تستطيع ان تعبر عما بداخلها
أبتسم وهو يلاعبها قائلاً
- خدودك احمرت وعنيكى بتبص فى كل الاتجاهات ومسكتى خصله شعرك بتشديها صح
صمت تام غير تلك الأنفاس الذى يسمعها بقلبه لظن أنها أغلقت الهاتف
فقال بصوت عالى نسبيا
- سيبى شعرك .
انتفضت فى مكانها وبالفعل تركت خصله شعرها التى تتلاعب بها
أبتسم وهو يقول
- وحشتينى
قطبت تلك التى تحادثه بصمت من ذلك التحول فى كلامه ولكنها بالأخير ابتسمت .
قال لها بحب حقيقى
- وحشتينى أوى يا مهيره ... تعرفى نفسى أخدك ونروح مكان بعيد بعيد جداً ... ننسى الناس واللى حصل واللى هيحصل ..... نفسى أخليكى أسعد واحده فى الدنيا
كانت تستمع إليه ودموعها تغرق وجهها شهقه خافته
جعلته ينتبه فصمت قليلاً ثم قال
- بتعيطى ليه ... قولت أيه زعلك ... طيب يارب أموت
فقالت سريعاً
- بعيد الشر عنك ليه بتقول كده انا مليش حد غيرك
أبتسم فى سعاده وقال
- شكل نوال دعتلى النهارده وهى بتصلى ... أنا هقفل على الكلمه الحلوه دى ولما أرجع لك بقا نشوف موضوع ملكيش حد دى سلام يا قلب سفيان
وصل سفيان أمام باب الجامعه وأتصل بحذيفه فخرجا إليه فترجل سفيان من السياره لترتمى جودى بين ذراعيه حتى تشعر بالأمان شعر حذيفه بالألم لماذا لم تشعر معه بالأمان لماذا لم يشعر أنها شعرت بالارتياح بوجوده كوجود سفيان بجانبها جز على أسنانه غيظا ولكنه حاول أن لا يظهر أى شىء الأن ولكن كانت عيون زهره تقراء كل ما يدور بداخله ابتسمت بداخلها وهى تقسم أن حذيفه لا يحب جودى ولكنه يعشقها .
حين وصلوا أمام المستشفى قال سفيان
- هنزل أنا أسأل إذا كان موجود فعلاً ولا لأ
أمسكت جودى فى يده وهى تهز رأسها بلا وقالت
- متسبنيش لوحدى
قطب سفيان حاجبيه وهو يقول
- خايفه من أيه يا جودى كلنا معاكى ... وبعدين الأستاذ خطيبك ده بيعمل أيه ما أنا سيبه معاكى اهو .
كان حذيفه يغلى حرفياً ... هو لا يعنى شىء بالنسبه لها هى لا تشعر بالأمان فى وجوده هو ليس السند والحمايه ظل ينظر إليها وسفيان يحدثها كأنها طفل صغير لم يتحمل فتح باب السياره وترجل منها ودخل إلى المستشفى نظر سفيان إلى ظهر صديقه وهو يتفهم حالته وحين عاد بنظره لأخته تلاقت عينيه بزهره التى ابتسمت وقالت بهمس
- بيحبها .
اومئ برأسه نعم وهو يعود بتركيزه لتلك التى ترتجف ولا يفهم سبب ذلك
عاد حذيفه بوجه غير الذى دخل به وهو يقول
- إللى قالوا أحمد صح ... وحالة حازم مطمنش ابدا .... والدكاتره مش مطمنين خالص
ترجلت جودى من السياره سريعاً ووقفت أمام حذيفه وهى تمسك بيده قائله
- أرجوك يا حذيفه خلينى انفذله طلبه خلينا ندخله
نظر إلى صديقه الذى غمز له بان يذهب بها
وحين تحرك ترجلت زهره من السياره ... ولحقها سفيان ولحقا بجودى وحذيفه
طرق حذيفه الباب ولكنه لم يستمع لرد فعاد الطرق مره أخرى ولكن لا رد ففتح الباب ببطء لتتسع عينيه دهشه وصدمه لحقته جودى لتكون حالتها تشابه حالته ولكنها كتمت شهقه كادت أن تخرج منها
كان هناك شبح رجل كان فى يوم ما فى قمه العنفوان والجبروت والشباب والصحه ... الأن تبقا منه حطام إنسان فى حالة مزريه ضماده كبيره تلف رأسه وعينيه وذراعه الأيمن فى الجبس بكامله ....وكانت الملاءه من عند قدميه مليئه بالدماء والفراغ تحتها واضح لذكرى ساقين ذهبا ولن يعودا ابدا ظل حذيفه واقف فى مكانه يشعر بالألم حقا على ذلك الشاب الذى أضاع عمره هباء تقدمت جودى ببطء استشعره ذلك الممد على السرير وقال بقلق
- مين
وضعت يدها مره أخرى تكتم شهقه ودموعها لا تتوقف أعاد سؤاله مره أخرى
- مين هنا
حاولت جودى تمالك نفسها وإخراج أى صوت فقالت بصوت يشبه الهمس
- أنا جودى .... ألف سلامه عليك يا حازم .... شد حيلك وان شاء الله هتكون كويس
مد يده يبحث عنها فى كل مكان وهو يقول
- أنتِ بجد هنا بجد جيتى زى ما طلبت ....
مدت يدها له فامسكها كالغريق الذى وجد طوق النجاه تحفزت كل عضله فى ذلك الواقف عند الباب وكذلك هؤلاء المتابعين فى صمت ما يحدث من خارج الغرفه
ظل يقبل يدها فى توسل وهو يقول
- أنا آسف سامحينى ... أنا كذبت وسرقت وزنيت وشربت خمره ولعبت قمار ..... عملت كل حاجه تغضب ربنا بس والله تبت..... تبت فاضل ذنب واحد بس إللى عملته فيك واللى كنت ناوى أعمله .... أبوس إيدك سامحنينى ولو كنت أقدر أقوم كنت ركعت تحت رجليكى وبستها علشان تسامحينى ... أنا آسف ارجوكى ارجوكى سامحينى
ربتت جودى على يده وقالت
- أهدى يا حازم والله مسمحاك .... أهدى بلاش تعمل كده وان شاء الله هتخف وهتكون كويس
بكى بصوت عالى كالاطفال وقال
- لو عشت هعذب كل إللى حوليا رجليا الاتنين اتقطعوا وبقيت أعمى .... ربنا عقابه شديد اوووى لكن أنا كمان ذنبى كان كبير كبير اوووى بس خلاص طلما أنتِ مسمحانى كل حاجه تهون ... وياريت تقولى لدكتور حذيفه كمان يسامحنى
نظرت جودى لحذيفه الذى تقدم ووقف بجانبها وقال
- مسامحك يا حازم ... وان شاء الله تقوم بالسلامه
مد حازم يده ليمسكها حذيفه وربت عليها ولكن حازم سحبها ليقبلها ولكن حذيفه ابعدها فوراً وهو يقول
- مفيش داعى يا حازم أحنى بجد مسامحينك وربنا يسامحنا جميعاً
بكا وبكا كالأطفال وهو يقول
- يارب ... يارب
كانت كل الأجهزه المحيطه به بحالة جسده الهزيله تقطع القلوب التى تشاهده .... خرجت جودى وحذيفه من الغرفه و كلماته يرتد صداها فى صدورهم
- يارب الحمد لله يارب سامحنى يارب سامحنى يارب
وفجاءه صدر صوت عالى من ذلك الجهاز بجانبه حضر الطبيب سريعاً ولكن الله أراد أن يريح ذلك الذى عاد إلى صوابه وإلى الله صحيح أخطاء ولكن الله اره قدرته وليرحمه الله
صرخت جودى صرخه صغيره كتمها صدر حذيفه الذى ضمها وهو يدعوا الله أن يرحمه كانت زهره تبكى بصمت وابتعدت عن الجميع وأخرجت هاتفها وطلبت رقمه وحين اجابها قالت سريعاً
- مات ... مات يا صهيب مات
وظلت تبكى وتبكى
وكان هو كالأسد الحبيس لا يعرف ماذا عليه أن يفعل الأن
كانت خديجه تعمل بالمطبخ بعصبيه شديده .... اليوم الذى يقضيه لدى مريم تشعر وكأن بها نار حيه تأكلها .... تستمع إلى صوت ضحكته العاليه الخارجه من قلبه بسعاده حقيقيه تتألم لما لم يحبها كحبه لمريم لما لا يراها كما يرى مريم ... ولكنها لا تستطيع الإبتعاد عنه مهما حاولت كان يراقب حركاتها وهو يقف عند باب المطبخ يعلم ما يدور بداخلها ويعلم أيضاً أنه يظلمها ولكنه ظلم نفسه ومريم لسنوات ولكن هذا لا يجعله يقبل بظلمها تقدم منها فى هدوء من المفترض اليوم هو بقائه مع مريم ولكنه أتصل بها وأخبرها عن حالة خديجه فوافقت على بقائه معها بقلب ونفس راضيه
وصل خلف خديجه مباشره و بسرعه حملها كطفله صغيره بين يديه رغم عمره الذى تجاوز الخمسين ولكنه مازال يحافظ على لياقته صرخت خديجه خوفاً وهى تقول
- نزلنى يا عادل علشان ظهرك .
ابتسم وهو يقول
- ده أنا اشيلك طول عمرى يا ديجه
وتحرك بها إلى الغرفه ومددها على السرير وجلس عند قدميها يدلكها لها سحبت قدميها وهى تقول
- ميصحش يا عادل
أعاد قدمها وظل يدلكها لها وهو يقول
- أنتِ مراتى حبيبتى ... وبعدين أحنى واحد .... وراحتك واجب عليا.
كانت الدموع تسيل من عينيها فى صمت حين لاحظها اقترب منها ليضمها إلى صدره قائلاً
- اقسملك بالله العظيم لو كان قلبى بايدى كنت حبيتك أنتِ من أول يوم وده مش معناه أنى مش بحبك ... بالعكس أنا بحبك جداً بحب قلبك الطيب وروحك الهاديه بحب إهتمامك وحبك ليا .... يا ديجه أنتِ مراتى حبيبتى ليكى مكانه فى قلبى كبيره جداَ ومحدش ابدا هيوصلها
نظرت له و دموعها تغطى وجهها
- بجد يا عادل .... بتحبنى .
أبتسم وهو يمسح تلك الدموع وقال
- بحبك .... أنا بحبك .... أقسم بالله بحبك .
اخفضت نظراتها وقالت
- ولما أنا كل ده مريم بقا عندك أيه
تنهد بصوت عالى وهو يقول
- مريم بنت عمى وحلم طفولتى وحب المراهقه وتحدى فى عنفوان الشباب .. وحرمان السنين
صمت قليلاً ثم قال
- ممكن أطلب منك طلب
هزت رأسها بنعم أمسك يدها وقبلها بحب وهو يقول
- أنا بشكرك من كل قلبى علشان ساعدتينى أشيل وزر كبير كنت هتحاسب عليه يوم القيامه .... بس كمان أنا مش عايزك تكونى زعلانه .... ممكن اليوم إلى هكون فى تحت تفكرى أن أنا مثلاً عندى شغل مسافر أى حاجه بس ارجوكى بلاش تزعلى وتنقهرى كده .... بلاش احس كل ما أشوفك أنى كفرت عن ذنب علشان أشيل ذنب جديد .
ظلت تنظر إليه بصمت ثم ابتسمت إبتسامه صغيره وهى تهز رأسها بنعم .
الفصل الرابع والثلاثون
كان يستمع لصوت بكائها وأصوات أخرى من حولها لعن الحادث ولعن نفسه ولعن عينيه التى تقيده صرخ بها بصوت عالى قائلاً
- تعالى فوراً يا زهره تعاليلى فوراً
هزت رأسها وكأنه يراها واغلقت .
عادت تقف بجانب جودى التى تشاهد كل ما يحدث حولها بشرود وصدمه تقدم منهم سفيان وقال
- يلا يا بنات خلينى اروحكوا علشان أرجع أشوف أيه إللى هيحصل ...
ثم نظر إلى حذيفه قائلاً
- خليك هنا ولو فى أى حاجه كلمنى
هز حذيفه رأسه وهو يربت على كتف سفيان
وتحرك ليقف أمام جودى قائلاً
- جودى تماسكى .... وادعيلوا هو محتاج الدعاء مش العياط .... خليكى قويه زى ما أنا متعود منك .
كانت تنظر إليه بتركيز وهزت رأسها بنعم وتحركت مع سفيان فى صمت تستند على زهره التى تحتاج أيضاً لدعم كهذا الدعم الذى يقدمه حذيفه لجودى
حين أوصلها سفيان وقفت أمام البيت تنظر إليه بضياع لا تعلم أن كانت ستجد ما تحتاجه لديه الأن
صعدت وهى غير متوقعه أى دعم بل هى تعرف جيداً ماذا يريد و كل ما سيخبرها به وليكن ما يكن هى مجهده مستنزفه لن تتمسك بأحد لا يريدها حين فتحت الحاجه راضيه الباب ألمها قلبها على مظهر زهره الذابل الحزين ... أشارت لها بالدخول حين قالت
- اتفضلى يا حبيبتى ....
هزت زهره رأسها فهى حقاً لا يوجد لديها طاقه للحديث وقبل أن تتحدث زوجة عمها مره أخرى سمعت صوته من خلفها يناديها بلهفه
ألتفتت إليه لتجده يقف عند باب الغرفه فاتح ذراعيه إليها لتركض إليه سريعاً وترتمى بين ذراعيه باكيه
ظل يربت على ظهرها فى محاوله لتهدئتها وجلس أرضا بها كانت تهزى
- اتعذب كتير يا صهيب ... رجله الاتنين اتقطعوا واتعمى ... باس أيد جودى علشان تسامحه.... كان بيقول يارب بحرقه وألم وندم
ظل يربت على ظهرها وقال
- ربنا يرحمه ويغفرله ... أهدى يا حبيبتى أهدى
رفعت رأسها عن صدره وظلت تنظر إليه ثم هدرت به بصوت عالى وهى تضربه على صدره
- حبيبتك ولما أنا حبيبتك بتعذبنى ليه .... بتكسر فرحتى بقربك ليه .... ديما محسسنى أن أنا إللى بحبك بس .. ليه ديما محسسنى أنك سراب كل ما أقرب منك تبعد ... ليه مش عايز تقتنع أن أنا بحبك بعشقك بعشق التراب إللى بتمشى عليه لو أطول اتكحل بيه هتكحل .... قلبى وعقلى وروحى ملكك من وأنا لسه فى اللفه ... ليه بتوجع قلبى ..... ليه
كانت مع كل كلمه تبكى بحرقه وتضرب صدره موضع قلبه كان مستسلم تماماً لضرباتها كان يتعذب لعذابها ... يعشقها كما تعشقه ويتمنى قربها ... ولكن هل ما حدث اليوم سيتكرر ام ستسجن نفسها معه داخل جدران البيت .... ماذا سيحدث أن ضايقها أحد بالشارع ماذا سيفعل و قتها .... ام الأهم من كل ذلك هو قربها
هدأت ضرباتها وبكائها ولم يتبقى سوى شهقات متباعده
أمسك كتفيها وهو يقول
- عارف أنى تعبك معايا بس اقسملك أنا كمان تعبان ... تعبان جداً ....
صمت قليلاً ثم قال
- بس لآخر مره هقولهالك يا زهره ... وبعد كده لا أنا ولا أنتِ لينا الحق نرجع فيها .
ظلت صامته لثوانى ثم قال
- أنتِ متأكده أنك عايزه تعيشى معايا عمرك كله ودى الإجابه الأخيره .
ظلت تنظر له بغل ووقفت على قدميها ونظرت إليه من علو وقالت
- أيوه يا صهيب آخر قرار ..عايزه أعيش معاك عمرى كله
ثم انحنت لتهمس له قائله
- بس وحياة حبى ليك قصاد كل العذاب إللى شفته منك لهوريك أيام سوده .
وتحركت سريعاً من أمامه دون أن تلمح تلك الإبتسامه السعيده التى ارتسمت على وجهه .
حين وصل إلى البيت هو وجودى أتصل على صديقه ليعرف ماذا يحدث فى المستشفى وما قرره أهل حازم
اجابه حذيفه قائلاً
- خلاص يا سفيان والده خلص كل الإجراءات ... واحنى دلوقتى فى الطريق وقربنا نوصل
فقال سفيان سريعاً وهو يدير السياره
- قولى العنوان
اجابه حذيفه قائلاً
- مش هتلحق احنى خلاص تقريبا وصلنا .... خليك أنت مع جودى
تنهد سفيان وقال
- أبقى كلمنى بعد ما تخلص .
وأغلق الهاتف وترجل من السياره وصعد إلى شقة والدته سألها عن جودى اجابته قائله
- فى اوضتها ... أيه إللى حصل يا ابنى ومالها أختك
جلس أمامها وقص عليها كل ما حدث من البدايه .. من أول ما حدث بالجامعه حتى لحظه وفاة حازم
كانت دموع السيده نوال تسيل على خدها فى صمت وظلت تدعوا له بالرحمه والمغفره ربت سفيان على ركبتها
ووقف حتى يدخل لأخته ولكن السيده نوال أمسكت يده قائله
- سيبها يا سفيان خليها تقعد مع نفسها سيبها تبكى وتزعل من غير ما حد يشوفها علشان متحسش بالحرج
هز رأسه بنعم وقال
- انا هطلع شقتى ... صحيح مهيره رجعت ولا متعرفيش
ابتسمت بهدوء وهى تقول
- لأ الأستاذ عادل وصلها من أكتر من ساعه
هز رأسه وتحرك ليصعد إلى شقته
كانت مهيره واقفه فى مطبخ بيتها تحضر طعام سريع لها ولسفيان وهى تتذكر ما حدث صباحاً فى ييت أمها
كانت جالسه بحضن والدتها تنعم بحضنها الدافئ ربتت مريم على ظهرها وقالت
- طمنينى عليكى يا مهيره .... عايزه أعرف كل حاجه عنك ... عايزه أشاركك أحزانك وفرحك .... عايزه أعوض عمرى إللى فات معاكى ....
ابتسمت مهيره وهى تعتدل لتنظر إلى أمها وقالت
- عمرك ما سبتينى كنتى على طول معايا ... كنت ديما بكلمك واحكيلك .. عمرى ما صدقت كلام بابا .. كنت ديماً متأكده أن فى سر ... و بعد كلامك مبقاش فى أى شك
صمتت قليلاً ثم قالت
- بس أنا مش فاهمه إزاى قبلتى تتجوزى عمو عادل وهو متجوز .
ابتسمت مريم بحزن وقالت
- وقت ما طردنى ابوكى رجعت بيت بابا وقتها عادل كان اتجوز خديجه .... فضلت عايشه مع أبويا سنه كامله لحد ما مات .... فضلت عايشه لوحدى شهرين بعديه .. لحد ما فى يوم لقيت عادل جايلى وقالى أنه عايز يتجوزنى رفضت لكن هو فضل مصمم لحد فى يوم قالى لو أنتِ رافضه علشان خديجه فهى عارفه وموافقه متخيلتش أنها تكون موافقه فعلاً ووقتها كانت لسه مخلفتش وفكرت ان هو ده سبب موافقتها ... لكن أكتشفت أن السبب بعيد خالص عن موضوع الخلفه .
كانت مهيره تستمع بتركيز وقالت
- وطلع أيه السبب ؟
تنهدت بصوت عالى وهى تنكس رأسها قائله
- عادل قالها أنه بيحبنى من واحنى صغيرين ... وان كان المفروض نتجوز من زمان .... وان أنا مبقاش ليا حد غيروا وأنه لازم يتجوزنى ....
تعجبت مهيره من صراحة عادل وقدرته على قول ذلك لزوجته كم من رجل يحترم زوجته ليخبرها ويجعل لها حريه الأختيار
قالت وهى تقترب من جلسة أمها أكثر
- هو كان بيخيرها يعنى ؟
هزت رأسها بلا وقالت
- مش بالظبط ... هو كان بيقولها لأنه مش عايز جوازى منه فى السر .... وفى نفس الوقت هو كان بيحترم خديجه جداً ... وقالى أن هو كان متأكد أنها هتوافق .... لأنها بتحبه .
صمتت قليلاً ثم قالت
- بس لما جاتلى هنا قبل كتب الكتاب ... حسيت بحزنها .. فقررت أنه يكون مجرد كتب كتاب علشان أكون مسؤله من عادل وفى نفس الوقت إحتراماً ليها ولمشاعرها
قالت مهيره بتعجب
- وهو وافق
ابتسمت مريم قائله
- ايوه ... قالى أن وجودى جمبه كفايه .
كان يتابعها من باب المطبخ وهى تبتسم كانت تقطع طبق سلطه متوسط أصدر صوت لتنتبه له
ابتسمت وهى تقول
- حمد لله على السلامه
قال بهدوء حزين
- الله يسلمك .
وتحرك فى إتجاه غرفته ظلت واقفه مقطبه الجبين تفكر ماذا به
تركت ما بيدها وتحركت خلفه طرقت على الباب سمعت صوته يسمح لها بالدخول
وحين خطت إلى الداخل كان منكس الرأس يسند بيديه على ركبتيه وقال مباشره دون أن ينظر إليها
- مش محتاجه تستأذنى علشان تدخلى يا مهيره .
لم تجيب عليه ولكنها تقدمت منه وجثت أمامه سائله باهتمام
- مالك ... فى حاجه حصلت
نظر لها طويلاً ثم قال
- قومى اقعدى جمبى وهحكيلك
وقفت على قدميها وجلست على الكرسى المقابل له
نظر إليها طويلاً ثم قال
- ابوكى رجع من السفر .... وخسر كل فلوسه
