رواية جاريتي
الفصل الثالث والعشرون و الرابع والعشرون23و24
بقلم سارة مجدي
ظلت مهيره جالسه فى غرفتها تشعر بالخجل حين دخل سفيان إليها ليجدها جالسه على الارض٦ تستند بظهرها على السرير
وقف أمامها لم ترفع رأسها ولم تنظر إليه فجلس أمامها وهو يقول
- طيب هو أنا قولت أيه علشان تقولى عليا قليل الأدب وقدام أمى كمان .
رفعت عينيها تتجمع بها الدموع وقالت
- أنا آسفه والله مقصدتش ... وبعدين أنت إللى قولتلها انا صوتى كان واطى ...بس أنا فعلاً آسفه أرجوك سامحنى والله مقصد هى طلعت لوحدها
رق قلبه لطيبتها الشديدة ومع تلك الدمعه التى هربت من عينيها لتسيل عل طول خدها وتستقر فوق شامتها تحركت تفاحة آدم وهو يتخيل أنه يتذوق طعم تلك الدمعه على شامتها التى يعشقها بجنون ولكنه لم يترك الفرصه وسوف يستغلها اقترب منها بهدوء يناقد النار التى تشتعل بداخل قلبه وروحه وهو يقول
- أنا مش زعلان وهى أيه المشكله لما الراجل يكون قليل الأدب مع مراته
وفى لحظه كان يتذوق طعم تلك الشامه حين تتكلم وتتحرك يشعل بداخله دائما بالرغبه فى تقبيلها كان يفكر فى كل ذلك وهو يتعمق فى قبلته أكثر وأكثر حتى سمع تاؤهها فابتعد عنها ليجد لون الجلد حول الشامه تحول للأحمر القانى كانت تنظر إلى الأرض فى خجل شديد من استجابتها له وذلك الأحساس الرائع الذى يجعلها تشعر به كلما اقترب منها ظل ينظر إليها وهو يحاول تهدئة مشاعره التى تطالبه بالمزيد أنها شهيه ولذيذه خجله وبريئه سيعلمها هو كل فنون الحب وسيسعد كثيراً وهو يعلمها ثبت نظره إلى عينيها وهو يكاد يجزم بما تفكر
فقترب منها وهو يقول
- انا بحبك جدا .... اتمنى فى يوم أنك تحبيبنى ولو عشر حبى .... وبعدين أنتِ مراتى يعنى إللى حصل دلوقتى عادى يحصل ما بينا وفى الأكبر من كده ... مش هقولك بلاش خجل هقولك حاولى تحبينى .
ثم قبل أعلى رأسها وقال
-يلا بقا جهزى نفسك علشان هنخرج .
هزت رأسها علامه الموافقة وتحركت لتخرج ثيابها
ابتسم على تلك الطفله بداخلها التى تحتاج التدليل... والمراهقه التى تحتاج إلى احتواء ..... والمرأه التى تحتاج للحب والعشق
استيقظت زهره من نومها وهى تتذكر أنها كانت تتحدث مع صهيب .. كيف غفت ... وضعت يدها على جبينها تدلكه ثم على فمها تكتم ضحكه مرحه كادت أن تخرج منها وكأن هناك من يراقبها وسيخبره أنها تضحك .
أمسكت هاتفها واتصلت به
كان جالسا يفكر ويرتب كل أفكاره حتى تكون مفاجأه رائعه فهى تستحق .... وهو يريد تعويض كل ما فات إذا لم يعد يبصر فلديه البصيره وهذه أهم وأقوى لأن مركزها القلب وليس العين استمع إلى صوت الهاتف برنينه الناطق بأسمها المحبب ابتسم حين تذكر نومها وهو معها على الهاتف حين أستقبل المكالمه قال سريعاً
- يا صباح الخير باليل ..... كده تطلعينى ممل وممكن أى حد ينام منى وهو بيتكلم معايا
انطلقت ضحكتها التى حاولت باستماته امساكها وقالت بصوت متقطع من كثرة الضحك
- أنا ... آسفه .... بس كنت بجد تعبانه جداً .... ولو سمحت متقولش على سيدى ممل .
كان يضحك معها وسكت حين سمع اعتذارها وقطب جبينه ونغزه قلبه مع كلمه سيدى الأخيره
قال باهتمام
- تعبانه مالك يا زهره .
ابتسمت من حبه الخالص لها الذى حاول حرمانها منه وقالت
- ابدا بس ضغط اليوم والموقف إللى حصل .. وبصراحه كنت مضايقه من نفسى جداً علشان تفكيرى ومعاملتى الجافه لجودى ... وبفكر اروحلها اصالحها
حاول بكل قوته تجاهل الكلمه التى تؤلمه وقال
- فكره حلوه روحيلها لأن أكيد هى مش هتروح الجامعه بكره
قالت سريعاً لمعرفتها القويه بصديقتها
- لا هتروح جودى مبتهربش بتواجه ... ويمكن دى أقوى ميزه فيها
صمت لا يستطيع الكلام ... وهو يفكر لماذا قالت هذه الكلمه مره أخرى ....
نادته بصوتها الناعم الجذاب كاد قلبه يخرج من مكانه ويركع أمامها يرجوها أن تظل تكرر الأسم مرارا وتكرارا
ظل على صمته فاعادت النداء فقال مباشره دون مراوغه
- انت ليه قولتى كده تانى مش احنى اتفقنا وقفلنا الصفحه دى .
ظلت صامته للحظه تحاول تجميع الموقف ماذا قالت وضايقه ظلت تتذكر كل كلماتها حتى وقفت عندها على هذه الكلمه هى ما قلبت كيانه هكذا
تكلمت أخيرا قائله
- أنا آسفه انى ضايقتك .... بس أنا عايزه اقولك حاجه .....
انا الكلمه دى هقولها كتير على فكره كل مره هتزعل كده
كانت أصوات أنفاسه العاليه تخبرها انه على وشك الانفجار فاكملت سريعاً قائله
- ايوه يا صهيب هقولها كثير ..... لأنك حبيبى وروحى وسيدى .... ايوه سيدى تعرف أنا قد ايه تخيلت إننا لما نبقا فى بيت واحد واعملك كل حاجه بايدى تخيلت وانا كل يوم لما اقعد تحت رجليك واسند راسى على رجلك واحكيلك كل يوم حبيتك إزاى وامتى .... لما كل يوم الصبح احضرلك الفطار واجبهولك فى السرير واكلك بايدى .... حلمت أعيش حياتى كلها جمبك بتفاصيل كتير ... وفى يوم أنت قتلت كل احلامى لما كنت بتقنعنى بالعريس إللى أتقدم لبابا .... ساعتها فضلت اعيط كتير جدا وفضلت اصلى وادعى ربنا أنك بس توافق تتجوزنى وان انا هفضل ساعتها خدامه تحت رجليك .... ومش هقولك غير يا سيدى ..... فأنت سيدى وسيد قلبى وسيد روحى ...... فهمت يا سيدى
كانت كلماتها تفتح أبواب وشبابيك داخل عقله .... و تترك بصمه ورديه على قلبه .... كان سعيد جداً بكلماتها .... وكان حزين أيضاً لكل تلك الأيام التى مرت دون أن يثبت حبه لها تنهد بصوت عالى وهو يقول
- مش عايزك تعتذرى تانى لأى سبب حتى لو غلطانه فى حاجه مش عايزك تقولى أنا آسفه دى تانى مفهوم
ضحكت بصوت عالى وهى تقول
- مفهوم يا سى السيد
قطب جبينه وقال مستفهما
- مين سيد ده
فضحكا سويا وتكلما كثيراً فقط أصبح يعشق الكلام معها يشعر ان العالم كله بين يديه انهو المكالمه بعد ان أخذت منه الأذن بطريقتها المرحه للذهاب لصديقتها ثم أغلقت معه حتى تذهب إلى صديقتها وتعتذر منها
خرجت مهيره من الحمام بعد ارتدائها فستان أسود يصل إلى أسفل ركبتيها ومن الخلف طويل يصل إلى الأرض بأكمام من الشيفون الرقيق وفتحه صدر مربعه مطرزه بحبات اللؤلؤ الصغيره .وكانت ترتدى حذاء فضى بكعب صغير نسبياً حتى تستطيع السير وحقيبه من نفس اللون .. كانت تسير بخجل هى لا تحب ارتداء تلك الفساتين وتلك الأحذية التى تظهر عرجها بوضوح مؤكد الأن سيرفض الخروج معها ... مؤكد سوف يشعر بالحرج منها ... وان لم يفعل الأن ستكون تلك المره الأولى والأخيره
كان ينظر إليها مأخوذ بجاملها ورقتها ... شعرها التى تركته حرا خلف ظهرها ... فستانها الرقيق الناعم يدها التى تمسك بالحقيبه وكأنها طوق النجاة ..... وأخيرا تلك القدمين الصغيرتين داخل حذاء فضى رقيق كم يعشق تفاصيلها .. ورقتها نظر إلى وجهها ليجد خجلها الواضح على ملامحها ولكن عينيها بهم خوف
تقدم منها فى هدوء ووقف أمامها مباشره وهو يقول
- طيب أنا أخرج معاكى إزاى كده
رفعت عينيها إليه لم تكن تتوقع أن يقولها هكذا مباشراً ولكن لماذا تلومه فقالت والدموع تترقرق فى عينيها
- أنا آسفه بس مش بأيدى .... أنا كنت عارفه أنك هتحرج من الخروج معايا بعرجى ده .... أنا آسفه
وتحركت من أمامه لكى تدخل الحمام تبدل ملابسها
أمسك يدها يمنعها من الحركه هو تفاجئ من كلماتها هو لم يقصد ما فكرت به كيف لم تفهم .... صدقاً هو لم يلاحظ عرجها ولم يلتفت إليه كل ما شغله هو أن هذه الملاك ستخرج معه إلى الشارع مؤكد سيرتكب جريمه ومن الممكن أنه تعود على طبيعة مشيتها فلم يلاحظها الأن والأهم أن هناك الأهم من عرجها ذلك الجمال الخلاب الذى يشاهده ويتمتع به .
قال لها بغضب مكتوم ... وصوته يخرج من خلف أسنانه
- إحراج أيه وأخاف أيه ..... أنتِ فاكره أنا بقول كده علشان أيه ... أنا بقول أن فى ملاك قدامى هخرج معاكى إزاى وسط البشر .... لازم حمايه ..... أنا ممكن أقتل حد النهارده
نظرت له لا تصدق ما تسمع كانت تتمنى أن تسأله هل صحيح لا يفرق معك عجزى ... قالت وقد بدأت تلك الدمعات بالأفراح عن نفسها
- معقول مش فارق معاك أن مراتك عارجه .... مش فارق معاك الناس هتقول أيه ... ولا هتبصلنا إزاى
ابتسم بتهكم و قال
- ناس أيه يا مهيره .... الناس مش وراها اى حاجه غير الكلام .... وبعدين الناس تهمنى فى أيه .... يجو الناس دى يشوفوكى بعيونى أنا ... وساعتها هيعرفوا أنا ربنا بيحبنى اوووى علشان رزقنى بيكى
كاد قلبها يتوقف من شدة السعاده والخجل
حين خرجا من الغرفه كانت جودى تجلس أمام التلفاز وحين رأت تلك الطله الرائعه لمهيره وبجانبها أخيها بتلك البدله التى زادت من وسامته واعطته هيبه وطله رائعه .... أطلقت صفير عالى وقالت
- لا لا كده كتير بصراحه .... يعنى أخويا وأنا عارفه أنه شاب وسيم وهيبه ... لكن المزه الحلوه دى أنت مش خايف تتخطف منك وأنت نازل بيها زى الملايكه اما تشوفها .
ضحكت مهيره بخجل
وشاركها سفيان الضحك لكن بصوت عالى وقال
- اه يا جودى وردايه تحلم تقطفها .. بس هى ترضى .
زاد احمرار وجه مهيره ولكن جودى سفقت بيدها وهى تقول
- أخويا وقع يا رجاله .....
ونظرت لمهيره قائله
- سرك باتع .... سفيان أخويا الراجل بزياده ... وقع فى هواكى .... ويخر ساجداً تحت قدميكى ويقول
والنبى ده حرام
ضحك سفيان على تقليد أخته للفنان سمير غانم فى إحدى الأفلام مقلداً هو الآخر أحمد مظهر قائلاً
- شنجهاى شنجهاى ... افرنقع
عمت الصاله ضحك هستيرى ....لم ترى مهيره سفيان على حقيقته إلا الأن أنسان محب طيب القلب أخ يحتوى وابن حانى وزوج متفهم ... رجل مرح يقبل المزح ... دائم الضحك إذا لماذا كان دائماً بالقصر مقطب الجبين عصبى المزاج افاقت من أفكارها على صوت السيده نوال تقول مقلده عبد المنعم إبراهيم من نفس الفيلم قائله
- أنت ولد خنزئوره عايز تاخد حفيددونا ... أنت ولد أدب سيس خرسيس .
ضحك الجميع فى سعاده حين قال
- خلاص يا جماعه بقا الفيل برى تعب من كتر الوقفه ... وبعدين أنا راكنه صف تانى أخاف الزلومه تتسحب منى ....
ثم نظر لمهيره التى كانت تبتسم فى سعاده جعلت قلبه يرفرق داخل صدره وقال
- اتفضلى يا سمو الأميره شاه فاضل قصدى يا مهيره .
ضحكت مهيره بصوت عالى وهى تشاركه اللعبه
- اتفضل يا أستاذ عادل صبرى .
كانت الضحكات تعم المنزل .... فتح لها الباب وهو يشير لها بالخروج ولكنها ظلت واقفه فى مكانها تنظر لتلك التى تقف أمام الباب حين لاحظ سفيان نظراتها نظر إلى الخارج ليجد زهره تقف فى حرج أبتسم لها وقال
- أهلاً آنسه زهره اتفضلى ...
ثم أشار إلى مهيره وقال
- مهيره مراتى .... الأنسه زهره صحبت جودى يا مهيره وزميلتها فى نفس الكليه
وأشار لزهره قائلاً
- اتفضلى جودى جوه ... عن إذنك
وخرج أغلق الباب خلفه وهو يغمز لتلك التى تسير بجانبه لكن نظرها مثبت عليه هو فقال
- عارف أنى حليوه واتعاكس بس لو سمحتى متعكسنيش علشان أنا بخاف من مراتى....
ضحكت بصوت عالى وهى تقول
- عارف أنا نفسى أعرفك .
نظر لها بحب صادق وقال
- أنا كلى ملكك ... هنروح مكان دلوقتى وهتعرفى كل حاجه وأى حاجه
خطت زهره إلى الداخل بقلق وحين لمحتها جودى وقفت سريعاً تقول باندهاش
- زهره
وقفت زهره مكانها وقالت
- أنا جايه أعتذر
تغيرت تعابير وجه جودى واشارت لها بعينيها على أمها ففهمت زهره ان السيده نوال لا تعلم شيء عما حدث بالجامعه
فتقدمت منها و ألقت التحيه التى ردتها لها السيده نوال بترحاب وسعاده ثم تركت الصديقتان بعد كلمه زهره أنا جايه أعتذر إذا فسبب تغير مزاج ابنتها هى مشاجره بينها وبين صديقتها ففضلت تركهم بمفردهم .
جلست زهره أمام جودى وقالت
- أنا آسفه يا جودى سامحينى ارجوكى .
ظلت جودى صامته تنظر إليها بلوم وعتاب صمت جعل احشاء زهره تتلوى ألماً هل خسرت صديقتها إلى الأبد .
الفصل الرابع والعشرون
ظلت جودى على صمتها تنظر إلى صديقتها بهدوء دون كلمه
تكلمت زهره بتوتر قائله
- أنا عارفه أن من حقك تزعلى بس لازم تعرفى أنا عمرى ما شكيت فيكى ... أنا بس اتفاجئت يا جودى أنا أكتر واحده عارفه قصتك .... للحظه واحده بس تخيلت أن ممكن يكون حصل ما بينكم زمان ارتباط .... لكن الفستان إللى كنتى المفروض لبساه عرفت وتأكدت أنك مش إللى فى الصوره ... أنا بعتذرلك يا جودى وممكن متسمحنيش بس ارجوكى أوعى أخسرك إلا خسارتك يا جودى .
ظلت جودى صامته تنظر لزهره ثم قالت
- أنا النهارده أخدت قلم فوقنى من حاجات كتير كنت فاكره أنى أقدر أعملها .... لكن الحقيقه عكس كده تماما ... أنا النهارده انجرحت واتهنت ..... مش قادره أنسى نظرة الطلبه ليا فى الكليه .... و لا هقدر أنسى كل إللى حصل.
تنهدت بصوت عالى .... وهى تشبك يديها وتقول
- مش هنكر أنى اتجرحت منك جداً .. ونظرة عينك وجعتنى .. وكمان مش هقدر أقول أنى صافيه تماماً من ناحيتك ..... لكن أنتِ صحبتى الوحيده يا زهره وأكيد مش هخسرك
وصل سفيان ومهيره إلى المكان المحدد كان مطعم راقى وهادئ .... رواده قلائل أختار سفيان طاوله جانبيه تطل على النيل .... سحب سفيان الكرسى فجلست مهيره التى لم ترفع وجهها من لحظه دخولهم .... جلس مكانه أمامها وقال
- حرمانى من عيونك ليه
رفعت عينيها تنظر إليه ... وجد فى عينيها خوف وقلق عدم ثقه يعرف سببها ومسببها أيضاً
أبتسم لها بحنان يفيض من عينيه لها ومن أجلها وقال
- أنا بحب لون عنيكى جداً .....
نظرت له باندهاش وقالت بعدم ثقه
- عينى أنا .... أومال لون عينيك يتقال عليها أيه
قال بغرور مصتنع
- أنا عارف طبعاً أن عينى لونها تحفه ومختلف ...بس أنتِ مش ملاحظه الجرح البشع ده
نظرت له طويلاً ثم قالت
- عارف بالجرح ده انت شبه مين
نظر لها باهتمام وقال
- شبه مين ؟
ابتسمت بخجل وقالت
- مره قرأت روايه والبطل كان عنده جروح كتير فى كل وشه وجسمه بسبب أنه أتعرض لحادثه وشوهته وكان ديماً بيحس بالحرج .... لكن البطله حبته بالجروح دى ... واتجوزته وخلفت منه كمان ... واتحدت العالم كله
وأنت جاى تتكلم عن جرح صغير لون عيونك وضيها مغطى على أى جرح .
كان مأخوذ بكلماتها وصدقها ابتسم بسعاده وقال
- تعرفى أنا كنت على طول بلبس نظارة الشمس ... مش علشان الناس ... علشان كنت خايف منك أنتِ .
اندهشت من كلماته وقالت
- منىِ أنا ... ده أنا كنت بخاف منك جداً .... كنت بترعب
أدركت ما قالته من نظره عينيه ووضعت يدها على فمها
ثم قالت بصوت منخفض
- أنا آسفه ... آسفه .... آسفه .
قطب جبينه وهو يشير لها ان تهدء وقال
- ما أنا عارف يا مهيره ... عارف أن أنا كنت بالنسبه ليكى وحش .
نظرت له باندهاش وحاولت قول شىء ما لكنه اسكتها بإشاره من يده وقال
- أيوه يا مهيره عارف وفاهم ومش زعلان .
كاد أن يكمل ولكن قاطعهم النادل فقال له سفيان
- عايز عشا مميز جداً لاحتفال مميز .
تحرك النادل لينفذ طلب سفيان حين نظرت له مهيره بحيره وقالت
- إحتفال .... إحتفال أيه
شبك يديه على الطاوله وقال
- هو الحقيقه مش احتفال واحد .... عدى معايا أول خروجه ... وأول حديث طويل ... ومن غير خوف ورعب .... وحاسس كده أن ممكن تكون فى صداقه فى الطريق كفايه ولا نقول كمان
ضحكت ضحكه رقيقه وقالت
- لأ كفايه جداً .... طيب أحنى اهو فى أول خروجه من غير خوف ورعب وبما أننا بقينا أصحاب أيه هو بقا الحديث الطويل .
صمت قليلاً يلعب بتلك الورده الصغيره الموجوده على الطاوله .وهو يقول
- عايزك تعرفى عنى كل حاجه ....
بدء يحكى لها عن طفولته التى لم تخلو من مرح وسعاده وحياه مريحه كان موفرها لهم والده وبيت كبير بحديقه كبيره كان دائما يحب الجلوس تحت اشجارها الكبيره .. وعن والده الذى لم يعش كثيراً ولكنه ترك اثره فيهم جميعاً وكم كان متفهم ومحب حنون وقوى ..... حكى لها عن صداقته بحذيفه عن صداقه دامت أكثر من عشرون عاماً ثابته راسخه ثقه وقوه .... عن أمه وعن سبب إصابة قدميها .....
كانت مهيره تستمع إليه بتركيز حين أكمل قائلاً
- أمى بعد وفاه أبويا رجعت تانى لشغلها ... كانت مدرسه لغه عربيه .... وفى يوم وهى رايحه المدرسه شافت بنت صغيره بتعدى الشارع لوحدها وكان الطريق زحمه جداً جريت علشان تساعدها لكن البنت سبقتها وعدت كان فى عربيه كبيره وفى لحظات كانت أمى والبنت تحت عجلات العربيه
تنهد بصوت عالى ثم أكمل قائلاً
- البنت مستحملتش وماتت وامى حصلها شلل فى رجليها
كانت دموع مهيره تغرق وجهها مد يده لها بمنديل وقال
- أهدى أهدى يا مهيره ... الحمد لله على كل شىء ... كنت وقتها لسه داخل كليه الشرطه وقررت أنى اسيبها وأطلع أشتغل علشان أصرف على أمى واختى بس أمى رفضت كانت صارمه جداً معايا وقتها لأنها كانت عارفه أن ده كان حلمى الكبير ...... وقررت بيع البيت وفعلاً بعنا البيت واشترينا الشقه إللى أحنى فيها وباقى الفلوس خلتها لتعليمى وتعليم أختى ..... وهى فضلت فتره طويله تدى دروس فى البيت ... وبعد ما اتخرجت بطلت وبعدين اشترتلى الشقه إللى فوقها على طول علشان أفضل جنبهم
سكت سفيان حين أتى النادل بالطعام وقال
- شوفى بقا عايزك تاكلى كويس علشان أنا عايزك النهارده قويه ..... اوك .
حركت رأسها بنعم دون شعور منها عينيه..... عينيه تجعلها دائماً سارحه فيها خاصه حين ينظر إليها بهذه النظره القويه الحنونه .
فى مكان جديد لم نذهب له من قبل فى حديقه قصر كبير تملئه الفخامه كانت سيده جميله بتلك المساحيق التى تغطى كامل وجهها ..... ترتدى فستان يكشف أكثر مما يستر ويجلس حولها مجموعه من النساء على نفس الشاكله كثيرين الزينه قليلى الملابس
تقدمت منهم الخادمه ومعها مشروبات كثيره ومنها المحرمه وضعتها على الطاوله وانصرفت فى صمت
فقالت سيده منهم بدلال مصطنع
- صحيح يا ندى ليه متجوزتوش لحد دلوقتى ده أنتِ قلتى أنكم اتخطبتم من أكثر من شهرين .
نظرت ندى الشهاوى ابنه رشاد الشهاوى سيده فى أواخر الثلاثينات ....مطلقه أربع مرات ...من أربع أزواج مختلفه وكلهم تزوجت منهم لمصلحه يريدها والدها تجمع بينهم البدايات والنهايات فقط ... وهى لها نسبه ماليه محدده غير ما تستطيع أخذه من كل زوج طوال فترة زواجها
كانت تنظر لنريمان صديقتها اللدوده بحب مصطنع قائله
- ده صحيح يا روحى بس هو عنده شغل ضرورى بره .. وكان لازم يسافر وأكيد أنا محبش اعطله عن شغله ... راجى الكاشف مش أى رجل أعمال .
كانت كل النسوه الجالسه أمامها يحقدون عليها ولكن يتوددون لها لما لوالدها من سمعه وصيت .... ولمعرفتهم بطرقه فى التعامل مع رجال الأعمال الآخرين
غادر جميع ضيوفها وكانت هى فى أشد حالات غضبها فتوجهت سريعاً إلى غرفه المكتب حيث والدها
فتحت الباب بغضب شديد وهى تهتف به قائله
- أنت خلتنى فى موقف محرج جدا. ًقدام اصحابى كلهم بيسألونى ليه ماعلناش الخطوبه أو ليه متجوزناش ....
وقف السيد رشاد عن مكتبه رجل قصير القامه خبيث النظرات ... لا يوجد به شىء يميزه سوى ذلك البطن الكبير تحرك ببطء ليقف أمام ابنته قائلاً
- الخبيث مختفى بقاله أسبوع ... ولحد دلوقتى مش عارف أوصل سافر فين .... وبنته كمان اختفت فين معرفش .
زاد غضبها وقالت
- ولما أنت مش واثق أنه ينفذ إللى أنت عايزه ليه خلتنى أقول كده لكل اصحابى .
عاد بخطوات أكثر بطئ إلى مكتبه و جلس على كرسيه وهو يقول
- هيروح منى فين ما هو لازم هيرجع متقلقيش .
ظلت تنظر إليه فى غضب قوى ثم خرجت من غرفه المكتب تضرب الأرض بقدميها وكأنها تعاقبها على شئ ما
فى مكان آخر ولكن فى بيت بسيط جداً شقه صغيره مكونه من غرفه واحده و ردهه صغيره تجلس سيده فى أواخر الأربعينات تمسك بين يديها كره من الصوف وتحوله إلى شىء فنى جميل .... كانت رغم سنينها الثمانى والأربعون ولكن يبدوا عليها الجمال والوقار ..... كانت نغمات كوكب الشرق تشدو بجانبها .
«« نسيت النوم وأحلامه ... نسيت لياليه وايامه .... بعيد عنك حياتى عذاب متبعدنيش بعيد عنك .... غلبنى الشوق ودوبنى ...دوبنى ... دوبنى ومهما البعد حيرنى ومهما السهد سهرنى لطول بعدك يغيرنى ولا الأيام بتبعدنى بعيد .... بعيد ... بعيد عنك »»
صدحت صوت طرقات على الباب تعرفها جيداً ثم المفتاح يدور وفتح الباب
روتين كل يوم دون تغير
وقف على الباب ينظر إليها فى حب لم يقل يوما ... ولم يتغير .... رغم كل ما حدث
ظل على وقفته ككل مره ينتظر الأذن بالدخول رغم زواجهم من أكثر من خمسه عشر سنه .... ولكن الأتفاق بينهم سارى لا يتغير لم يمل هو ... ولن تلين هى
ابتسمت وهى تقول
- اتفضل يا عادل .
دخل بخطوات ثابته ونظرات ثابته أيضاً ... عشقه القديم الذى لم يبرء منه يوماً ولا يريد .
وقف أمامها مباشره ثم قال
- عامله أيه يا مريم النهارده وأخبار رجلك أيه ؟
ابتسمت وهى تقول
- اه لو خديجه سمعتك وأنت بتسأل على رجلى كانت كسرت رجلك وقطعت لسانك .
ضحك بصوت عالى وهو يقول
- مجنونه متعرفش أنك بتجرى فى دمى فى كل عروقى أنتِ إللى مخليانى عايش .
كانت تنظر إليه بحب لم ولن ينتهى يوماً هو ابن عمها حبها الأول والأخير هو من تمنت أن تتزوج وتنجب منه ولكن القدر كان له رأى آخر
سألها باهتمام حقيقى
- فطرتى .
هزت رأسها بنعم
سألها
- و الدوا
عادت تهز رأسها بنعم
سألها
- لسه بتحبينى
نظرت إليه قليلاً ثم هزت رأسها بنعم
ابتسم هو الآخر فى سعاده أن هذه اللحظات من كل يوم هى ما تجعله متمسك بالحياة ... حبها اللا مشروط واللا نهائى الذى جعلها وهى فى أوج شباباها تحرم جسدها عليه حتى تحافظ على بيته وزوجته وأبنائه ... ولكنه تمسك أن يموت وهى زوجته حتى تكون زوجته فى الجنه وطلب منها أن تعاهده أن يكون زوجها الأخير مهما حدث وعاهدته دائما كان يقول لها
- سوف أطلب من الله أن يجعلك زوجتى فى الجنه ولا أحد غيرك وإذا كان لابد من حور العين ليكونوا جميعهم أنتى .
كان ينظر إليها بتمعن لا يمل من تفاصيلها حين استمعا لخطوات صغيره تقترب
وقفت مريم الصغيره على باب الشقه وقالت سريعاً حتى لا تنسى ما قالته لها أمها
- بابا ماما قول خمس دايق خلص .
ضحكا بصوت عالى أن خديجه لا تتغير .. هى متأكده أنهم يجلسون سويا يتكلمان فقط لكنها أيضاً تغير من ذلك لمعرفتها بحبه الكبير لمريم حتى أنها خاصمته شهر كامل حين كانت تفكر مع ظنونها أنه سوف يسمى صغيرتها بمريم .
أشار لها والدها أن تأتى إليه فتحركت فى خطوات صغيره ووقفت أمامه فقال لها
- مش عيب كده مش المفروض تسلمى على ماما مريم
وقفت الصغيره حائره فتكلمت مريم الكبيره قائله
- طيب أسلم عليكى أنا و كده تكونى سمعتى كلام ماما ومسلمتيش أنتِ عليا صح
حركت الصغيره ذو الثمانى سنوات رأسها بنعم .فى فرح فهى تحب ماما مريم ... ولكنها لا تفهم لما تمنعها أمها عنها قبلتها مريم على وجنتها الصغيره واحتضنتها برفق ابتسمت الصغيره ثم تحركت لتعود لأمها
كان عادل يسجل كل لمحه ونظره وابتسامه ودمعه تصدر منها ... يحفظها ككف يده .... ويعلم بما يشغل عقلها وقد سعى بكل طاقته ليسعدها ولو قليلاً ... ويعلم جيداً ما هو هذا الشئ وسيحققه مهما كان الثمن
وقف على قدميه وهو يقول
- أنا بعت لأم محمد علشان تيجى تنظف الشقه علشان فى ضيوف جاين علشانك بليل .
كانت نظرات الدهشة ترتسم على ملامح مريم لكنها أيضا تفهمه هو لن يخبرها بشئ فلتنتظر وان غدا لناظره قريب . الفصل الخامس العشرون من هنا
