أخر الاخبار

رواية القلب الاخضر الفصل الخامس عشر15 بقلم رباب عبد الصمد

رواية القلب الاخضر

 الفصل الخامس عشر15

 بقلم رباب عبد الصمد

 مر اليوم الاول وليلى فى بيت ابيها لا تتكلم كثيرا ولكن الحزن قد كسى وجهها وصار جليا لا يخفى على احد وقد اشتاقت لغرفتها فصعدت اليها واما ان رات سريرها وارتمت عليه وانفجرت باكية فقد فقدت حتى حنان جدران غرفتها


وعدتنى ان تبقى بقربى ورحلت 

وعدتنى ان تبقينى وردة وذبلت 

وعدتنى ان تسقينى الفرحة وعطشت 

فاى حب هذا يا من بعذابى تلذذت 


 ولم تشعر بان اخيها الذى لم يخفى عليه مظهرها قد دخل عليها يتحسس امرها فوجدها بهذا الوضع فوقف صامتا متالما للحظة وتقدم نحوها ببطء وهى لا تعلم بوجوده فكانت تنفس على نفسها بالبكاء بكل اريحية 

 مد يده واحتضنها من ظهرها فما ان شعرت بيده فشهقت ونظرت خلفها وما ان وجدته الا وارتمت فى حضنه باكية فتركها تبكى فى صدره لعلها تستريح دون ان يتفوه بحرف وبعد لحظات ابعدها عن حضنه فقد هدات قليلا ثم نظر فى عيناها وبحنان اخوى افتقدته من يوم زواجها قال لها / وهل الفتاة التى استطاعت ان تروض قرية باكملها برجالها ونساءها فشلت فى ان تروض قلب زوجها ؟ وهل لمن عاندت الدنيا باكملها وصممت ان تكمل علامها وظلت طوال اربع سنوات تدخل وتخرج فى الخفاء دون ان يراها ابيها لم تفلح فى خداع زوجها واستمالة قلبه ؟

 بهتت ليلى فمن اين له عرف ان سبب بكاءها هو زوجها ولما تفاجات بمعرفته تلعثمت ولم تدرى بما ترد 

 علم هو ان اخته لازالت لا تجروء على الكلام فلا بد ان يبث فيها الحنان اكثر ليحثها على الكلام فمد يده بحنان ومسح دموعها وابتسم لها وقال / دموع الانثى اما فرحة او كسرة ووجع وانا لا اتحمل ان ارى اختى موجوعه 

 ليلى بكذب / انا لست بموجوعه ولكنى اشتقت لحجرتى 

 علي / لا داعى للكذب على من يقراك من داخلك فانتى بالنسبة الى كتاب مفتوح وان اردتى الا تتكلمى ساتكلم انا واشرح ما بداخلك ولكنى احببت ان تتكلمى انتى لعلك تجدى شىء من الراحة والانفراجة بعد الفضفضة 

 ابتعدت ليلى عن حضنه وعادت لتجلس على طرف سريرها وهى تمسح دموعها وبدات الكلام قائلة / اصبحت مشتتة الراى لا اعرف ان كان طارق يحبنى ام يكرهنى فكثيرا ارى لهفته على وعطفه حتى انه ينهال على بالهدايا وقد رايت شوقه منذ ايام عندما عاد من سفره وتحسسته فكان مشتاقا لى كل الاشتياق حتى انه كان يغرق معى فى الحب ولا يخرج من غرفتى ولا يحسب للوقت حساب ووقتئذ اشعر انى اسعد مخلوقة فى الوجود وليس هناك من هى اسعد منى واحسد نفسى على تلك السعادة فبين احضانى طاووس النساء وهو يهيم بى شوقا ويمطرنى بكلمات العشق ولكنى لا اكاد افرح بهذا الا اجد منه النقيض فاجده فاترا معى لا يريدنى حتى ان طلبت انا منه واحسبه يهرب عنى ويظل طوال الوقت مع اخيه او ابيه حتى لا ينفرد بى وثناء الليل اشعر انه يتقلب فى الفراش وكانه يتقلب على جمر من النار واشعر انه يود ان ياتى الصباح ليحل محل الظلام حتى يقوم من جوارى واظل اسال نفسى ماذا اقترفت لاستحق تلك المعاملة ولكن لم اجدنى اقترفت شىء بل على العكس كنت استرضيه فى كل وقت ولا افعل الا ما يحبه ويرضاه وسرعان ما وجدته يقطع اجازته ويعود الى حيث ما كان ولازلت لا اعرف اجابة لسؤالى اهو يحبنى ام يكرهنى . اهو يريدنى ام لا . هل املا عينه ام لم اصل لتلك الدرجة ولما هو دوما متردد من ناحيتى لا يريدنى ولا يرفضنى . اهو كرهنى لانه اجبر على ام ماذا ؟ كلها اسئلة تدور فى عقلى فتحرمنى النوم وفى النهاية اهتدى ان الخطا عندى لانى لم اهتم اكثر به وهو اعتاد ان يكون الوحيد ومن حوله يفعلون ما يطلبه 

 اخذ ينصت علي لها ولم يقاطعها حتى تنهى كلامها ولكنه كان معها بنصف عقل اذ ان نصف عقله الاخر يدرس شخصية طارق ويحللها من خلال كلامها فالرجل يعرف جيدا ان يقرا الرجل مثله عكس الانثى التى دوما ما تخدع بسبب عاطفتها وما ان انتهت وقد قصت كل شىء وكل موقف من يوم ان تزوجها حتى اقتراح الحاج صالح لها ان تزور والديها لعها ترتاح من التفكير الا وساد الصمت لحظات دون ان تحاول ليلى ان تساله رايه 

 اخيرا كسر هو حاجز الصمت وقال / للاسف هناك دوما صراع بين الطبيعة وبين الحكمة فالطبيعه دوما تتلاعب بنا ولا تنتهى ولكن هناك من يقف دوما ضدها الا وهى الحكمة وما دامت الطبيعة لم تنتهى بعد فالحكمة اذن لم تنتهى بعد والمراة والرجل ايضا دوما فى صراع فتارة طبيعة الرجل هى المسيطرة وتارة حكمته وقوامته وكذلك بالنسبة للمراة فتارة طبيعتها التكوينية هى التى تسيطر وتارة حكمتها فى جمح عواطفها او حكمتها فى الاسترسال فيها على حسب الموقف 

 ويظل كلاهما يجهل لماذا بدا الصراع وكيف سينتهى وقليلا ما يتسامحموا ويقفوا فى منتصف الطريق ولكن سارعان ما يتجدد الصراع فتكون الالفة ما هى الا لحظات ومع ذلك كلا من الرجل والمراة يظلان يبحثان عن بعضهما البعض فرغم صراعاتهم الا انهم يعترفون انه صراع لذيذ لابد من وجوده ولا سيما ان روض احدهما الاخر ليحيا معا حياة مستقرة فيكون الطرف الضعيف الذى غالبا ما يكون المراة فى قمة سعادتها بضعفها هذا وتتفاخر انها فى كنف رجل فتى يظلها بعنفوانه 

 ولكن عليكى ان تعلمى انه على الرغم من فرحتها بضعفها الا انه ليس كل رجل حكيم وصل الى فراش المراة اصبح يسودها بل قد يكون خادمها فى هذا الفراش والغريب انك تجدينه يتلذذ بذلك الضعف وبتلك الخدمة مثلما تفاخرت المراة بضعفها وانها تحت مظله رجل قوى 

 وقد خلق الله المراة هى الطرف الاقوى فى السيطرة على الشهوات والملذات فتجدينها لا تتهالك على الشهوة الا اذا فقدت رجلها الذى كان بالنسبة لها اروع واقوى من اى شهوة وفى تلك الحالة تجدين طبيعتها تحولت واصبحت تحب الرجل لاجل الشهوة فقط وليس كما كانت مع رجلها الاول التى هوته واستكانت له فتكون هنا هى القوية وهو الضعيف 

 صمت لبرهه وكانه يفكر هل سينجح فى توصيل رايه بطريقة تفهمها ام لا 

 ومع ذلك لم تحاول هى ان تقاطعه وكانت تفكر بكل حرف يخرج من فمه 

 استرسل علي فى الكلام مرة اخرى قائلا / الذى لا خلاف عليه ان المعهود من المراة انها تشعر ولا تفهم شعورها او انها تفهمه ولا تعمد الى الصراحة فيه او انها تصرح به ولكنها لا تحسن التعبير عنه وهنا تكمن حالتك والشقاء الذى انتى فيه الان 

 كاد ان يكمل كلامه الا انها انفجرت باكية وقالت نعم / انا ذلك الوصف تماما فانا اشعر نحوه باشياء ولا افهما وان فهمتها اتعمد الا اعترف بها حتى لا اؤذى نفسى وان اعترفت بها لا احسن الحكى عنها مثلما عجزت انا امامك الان عن اصف ما يدور فى خلدى 

 ابتسم لها ابتسامة حزينه وقال لن اواصل كلامى الا ا واعدتينى الا ارى دموعك مرة اخرى 

 هدات من جراء كلماته وبدات تمسح دموعها لتستمع له فهو حقا يحكى ما بداخلها ويضعه امام عينها 

 علي / هناك بعض الشكوك التى تقفز لقلب العاشق نتيجة وساوس عشقه ومع ذلك مما لا شك فيه ولا نزاع ايضا ان العاشق وحده هو اصدق الناس فى شكوكه لانه عشق بصدق فاصبح قلبه شفاف يرى الحقائق واضحه ولكن بعض العاشقين من يحب ان يعيش مغفلا حتى لا يفقد معشوقه ومنهم من يحارب الشك بالمواجهة جتى لا يدع للشك مجال فاما ان يقوى حبه او ينتهى للابد وفى الحالتين سيرتاح قلبه 

 ليلى / هنا لا افهمك 

 علي / لا انتى تفهمينى جيدا ولكنك تحاولين الاغفال عن الحقيقة ومع ذلك اسمعينى للنهاية وستجدين ما يطيب نفسك 

 استرسل مرة اخرى فى تحليل موقفها مع زوجها قائلا / انتى تشكين فى زوجك ان كان يحبك ام لا والشك يرجح انه لا يحبك ولن اكذبك فى شكك لانك ادرى منى به ولكن فى ذات الوقت انا ادرى منك بطبيعة الرجال فعليكى ان تفهمى اولا طبيعة زوجك 

 اخذ نفس عميق وزفره ببطء واستطرد / زوجك جميل ويعشق الجمال وله فى المغريات كثير من النزوات واعتاد ان يرى من تغيريه فيستجيب لها بسرعة ولكن فى نفس الوقت تنتهى شهوته بسرعة الا اذا جددت حيلها فى الاغراء فيظل لها عبدا 

 وبالنسبة لكى انتى فقد عشقك لانكى شيئا جديدا فاستهويتيه ولكنه سريعا ما نفرك والادهى انكى لم تتلونين باكثر من وجه ليظل ملهوفا عليكى فلم تحاولى التجديد والتغير حتى يراكى كل يوم بوجه اخر لم يعتاده 

 ليلى / لا انا لا احب ان اتلون فلا احب ان اكون منافقة واكره ان اكون بوجهين و احب ان اعيش بطبيعتى حتى وان تلونت فى ثيابى وزينتى 

 ابتسم هو لها وقال / ان كان صاحب الوجهين منافق فصاحب الوجه الواحد ميت اما صاحب الوجوه العديدة فهو الوحيد الحى 

 ليلى بتعجب / كيف يكون هذا ؟

 علي / عليكى ان تظهرى كل يوم امامه بوجه جديد ولكن لا اعنى ان تنافقيه ولكن اظهرى له كل سمة من سماتك فى وجه جديد حتى يشعر انه كل يوم يكتشف فيكى جديد فيوم اظهرى بوجه تلك التى لا تحب الا المرح والتعليقات على كل صغيرة وكبيرة ويوم اظهرى له وجهك الحنون الهادىء ويوم اظهرى له بثقافتك واتزانك ويوم اظهرى له بالمراوغة ويوم اظهرى له بمحبة اللذات 

 ففى كل تلك الحالات انتى لا تكذبى ولكن تظهرين صفاتك له ولكن على مراحل فهكذا انتى تطلبين النجاة والدوام لحبك ولا لوم على من يطلب النجاه بل النجاة هكذا تطلب بالحيل والتلون 

 ثم ان هناك ثمة امر هام لا بد ان تاخذينه فى الاعتبار هو ان زوجك لا يروض الا اذا حاربتيه بعكس ما يتوقع اى بنفس اسلحته فاكثر شىء يخلخل افكار الانسان عندما يقف امام عدوه وهو يعرف انه يفكر بنفس اسلوبه ويستخدم نفس اسلحته فهنا لا يعرف ان يتوقع اى شىء منه ويظل طيلة الوقت مركزا معه فلماذا لا تفعلين هذا ؟

 ليلى / وضح لى اكثر 

 علي / اجعليه دوما لا ينال منك الا بصعوبه فكونى انتى المسيطرة فيصير لكى خادما فهذه هى طبيعة زوجك لا يحب من تاتى له بسهوله او من تظل على حالتها بدون تغيير لانه يمل سريعا خاصة انه يرى ان هناك غيرها فى انتظاره

 ليلى بياس وهل ساظل فى هذا الصراع من التلون والتمرد لاكسب وده ؟

 علي / لا ولكن لا ننكر انه سيستغرق منكى وقت حتى يرى فيكى كل النساء فيعترف لنفسه انك تكفيه فتعمى عينه تلقائيا عن جميع النساء وفى الحقيقة هذا طباع كل الرجال فنحن نحسد الرجل الذى يحظى بامراة يجد معها الثقافة والجهل والدهاء والحنان والقوة والضعف والاغراء والاستغناء والجراة والحياء وتعرف كيف تضع كل حالة فى محلها فهى هنا شغلت باله وجعلته يستكفى بها 

 ولهذا هناك سيدات اصغر كثيرا من الرجال ومع ذلك استطاعت بسهوله ان تروضه والعكس ايضا هناك كثيرا من الرجال تزوجوا بمن هن اكبر منهم سنا ومع ذلك وجدوا معهن كل ما يهوه حتى انهن جعلوهم ينسوا انهن اكبر منهم سنا من اغراءهم ودلالهم 

 اذن فالحل فيكن بنات حواء فالرجل دوما ما يكون سهل التشكيل بالنسبة للمراة فى عواطفه كما ان المراة سهلة التشكيل فى تطبيعها لما يحبه ويهواه 

 اقتنعت ليلى بكلامه وهدات كثيرا ولم يتركها الا بعدما راى ابتسامتها العذبة وقبل ان يخرج قال لها / استغلى اجازتك عندنا وتواصلى مرة اخرى مع الناس التى ارتبطت بكى وشجعيهم على العمل اكثر لزيادة التلاحم

 اومات براسها بنعم فابتسم هو لها واقترب منها وقبل جبينها وتركها 

 بينما هى سرحت فى افكارها واخذت تتذكر حالات طارق وهو معها فكم كان لطيفا معها واعترفت لنفسها انه حقا هو من كان يشبع رغبتها ويعطيها مالم تطلبه ولكن هى منعها حياءها ففتر منها 

 ما ان صعد علي عند فريدة الا ووجدها تنتظره فاقترب منها وقد كانت متسطحة الفراش فقبلها وسالها بحنان عن سبب انتظارها كل هذا الوقت 

 فريدة وقد مدت يدها وحاوطته وقالت / لم اعتاد ان ان انام الا وانا متوسدة صدرك من يوم زواجنا واليوم فقط عرفت ان ليلى سيطول عندما وجدت ليلى وشعرت بحزنها الدفين وعرفت انك لن تتركها الا بعد ان تتحدث معها لتفضفض معك 

 ابتسم علي لها وشد عليها وهى فى حضنه وقال لها ايتها المناغشة بت اخاف منك فقد حفظتينى وحفظتى تصرفاتى 

 رفعت فريدة راسها من حضنه وقالت وهى تتمسح بانفها جميع قسمات وجهه / وهل ترى انك لم تكن عندى كتاب مفتوح حتى من قبل زواجنا ؟

 علي / اعلم هذا وانا سعيد بذلك ويسعدنى اكثر ونحن نتقاسم انفاسنا 

 ابتسمت له وعادت ودفنت وجهها فى صدره وقالت / ماذا تريد الان ايها المراوغ 

 علي / ولما تصفينى بالمراوغ الم تعترفى منذ لحظات اننى كتاب مفتوح امامك فلابد اذن ان تعرفى ما اريده دون ان اطلبه 

 عادت وتمسحت فى صدره وقالت نعم اعرف ما تريده 

 مد يده واغلق المصباح المجاور لهم وانغمسا معا فى حبهم

         الفصل السادس عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-