رواية براءة روح
الفصل السادس والسابع6و7
بقلم اسماء عبد الهادي
براءة روح
أسماء عبد الهادي
فضلت الشهر اللي الضابط وأونس بيدوروا عليا فيه
وأنا طريحة المرض والذكريات اللي مش عايزة تسيبني في حالي .. حتى اللي حصل لسه مأثر عليا ومش عارفة إزاي أنا عملت كدا
لكني كان لازم اتخلص من الكابوس ده بأي ثمن
بقيت كل يوم بتنقل من الكابوس ده للكابوس اللي بعديه لحد ما شفتها في الليلة دي
شفت أونس بتدور عليا وأول ما شافتني مدتلي إيديها وأنا جريت على حضنها كأنها أمي وبحتمى فيها ...ياااه يا أونس
ولأول مرة أقوم من النوم وأنا حاسة بالنشاط والحيوية افتقدتها من زمان أوي
قمت وقررت إني خلاص هروح لأونس وهحاول اتخفى من الظابط بأي طريقة بس لازم اوصل لأونس ..وجودها معايا هيفرق في حاجات كتير أوي.. يمكن معاها أحس إني عايشة مش مجرد روح تايهة خرجت من جسمها بتتنقل من هنا لهنا منتظرة الملك يقبض روحها بأمر ربها .
حست بيا الست الطيبة وبالمناسبة أنا سميتها " ستي طِيبة " علشان هيه فعلا أكتر من طيبة
روحت عندها وبوست إيدها بامتنان على اللي عملته معايا وأنا بقولها بيني وبين نفسي ماهو مفيش أي تواصل بينا غير بالتلامس هيه ست ضريرة وأنا بكماء
_شكرا على كل حاجة يا ستي
ربتت على كتفي وظهر على وشها بسمة مرتاحة اني خلاص بقيت بخير
هتسألوا كنا عايشين إزاي وبنأكل منين هقولكم ان أولاد الحلال اللي يعرفوها كتير فالحمد لله مش بنبات ليلة من غير أكل وستي طِيبة رغم إنها فقيرة ومعدمة إلا إنها كريمة آخر كرم ..مفيش ولا زاد يجيلها إلا وتقاسموا معايا النص بالنص .. فأنا أخده منها وأخد جزء بسيط وأحطلها بقية نايبي على نايبها مستغلة فرصة إنها ضريرة ومش هتعرف بس بلاقيها اول ما تمد إيديها على الاكل تعرف وترجعهولي تاني وإيديها بتدور على مكان بوءي تأكلهولي بنفسها .. عندها عيني بتدمع لوحدها وأسأل نفسي
_كان هيجرى إيه لو ستي كانت جدتي بدل جدتي الساحرة الشريرة.. أكيد كان حالي غير ... كانت حياتي جنة .. لكن هقول إيه الحمد لله على كل حال وأهي جدتي انزاحت للأبد
خرجت من البيت وحاولت أفتكر مكان البيت بس حاجات كتير أوي اتغيرت بس الحمد لله قدرت أوصل ما أنا كنت كل يوم برجع من المدرسة للبيت مع أونس وطبعا إزاي هنسى بيت الوحيدة اللي حبيتها في الدنيا ..وصلت بعد معاناة مواصلات مرة ومشي على رجلي مرة لإني طبعا معاييش فلوس تكفي كل المواصلات علشان اوصل بس الحمد لله أديني وصلت .
_______
_____
طلعت البيت وأنا جسمي كله بيترعش وقفت قدام الباب وذكرياتي الجميلة اللي قضيتها مع أونس كانت بتطير حواليا وفوق راسي لكن فجأة ظهر شبح مخيف للي عملته بخر كل الذكريات السعيدة دي ووقفت أسأل نفسي
_هل أنا أستحق اونس بعد اللي عملْته ؟؟ أونس إنسانة طيبة ونقية ليه هدنسها بدمي الملطخ بالسواد ... لا أنا مش هقابلها أونس تستحق حد أحسن مني أنا منفعهاش انا هأذيها أنا هرجع .
أخدت أصعب قرار في حياتي أصعب حتى من اللي عملته في جدتي ...قرار إني أبعد عن أونس نهائيا بعد ما كان اقصى أمنياتي إني أقابل أونس تاني
قررت إني أتابعها من بعيد وأعرف أخبارها واكتفي بده أفضل من إني اقحمها في جحيم حياتي اللي ملهاش ملامح من أصله
لفيت وشي علشان أرجع من مكان ما جيت لكن لسوء الحظ كانت طنط بتفتح الباب علشان تحط الزبالة قدام باب البيت علشان عامل النظافة بيجي يأخدها
فشافتني وأول ما شفتها دمعة متمردة فرت من عيني بدأت تدقق شوية في ملامحي لكنها مقدرتش تعرف أنا مين او متخيلتش إني أظهر بعد العمر ده كله
قالتلي وهيه بتضيق عنيها علشان تعرف أنا مين
_إنتي مين يابنتي !!
بلعت ريقي هعمل إيه هرد عليها ازاي علشان أخبي وأقول إني تقريبا جيت بيت غلط لكني للأسف لسه مش بتكلم .. كنت مفكرة إني علشان صغيرة مش بعرف اتكلم ولما أكبر عقدتي هتنفك وهقدر اتكلم لكني فضلت كدا وزي ما الناس بينعتوني "خارسة"
لقيت ان انسب حل اني أهرب من قدامها وأنزل جري لكني لقيت ان أونس كانت لابسة ومستعدة أنها تخرج وأول ما شافتني الشنطة وقعت من إيديها وجرت عليا وأخدتني بين إيدها وهيه بتصرخ بإسمي بفرحة
_رووووووح ... أنا مش مصدقة نفسي
غمضت عيني واستسلمت لدفىء حضنها الحاني وأنا بصرخ في نفسي بصراخ لو اتسمع لسمع الأصم
_يااااه قد ايه كنت مفتقداه كنت مفتقداه أوي ... معقولة يا أونس لسه بتحبيني بعد السنين دي كلها !! .. وياتري لو عرفتي حقيقتي هتبقى لسه بتحبيني بردو!
نزلت الدموع من عيني مكانتش دموع فرحة دموع ندم على اللي عملته لأول مرة أندم عليه وأبكي متأثرة كدا وكإن أونس فكرتني بربنا ..وكإنها ضميري اللي كان في غفلة وبس صحي اول ما شفتها
خرجتني من حضنها ومسكت دراعاتي وهيه بتبصلي بفرحة مش سايعاها
_ياااه يا روح أنا قلبت الدنيا عليكي بقالي سنين
قالتها ورجعت تاني ضمنتي ليها بحضن أقوى من اللي قبله وكأنها بتدخلي جوا ضلوعها وكأنها بتقولي متخافيش مفيش حاجة هتأذيكي بعد كدا أنا معاكي ومش هسيبك تاني أبدا
اتأثرت وفضلت أبكي، أبكي جامد وبحرقة وصوت بكائي بدأ يعلى فقربت طنط اللي كانت الابتسامة مالية وشها من أول ما عرفت إني روح
بس كانت سايبة الفرصة لبنتها انها تعبر عن فرحتها برجوعي
قربت مني وربتت على ظهري
_ألف حمدا لله على السلامة يابنتي .. والله فرحنا برجوعك وشوفتك من تاني .
رجلي مبقتش قادرة تشيلني إنتوا ليه طيبين أوي كدا ياريتني ما عملت اللي عملته ياريتني سبتها وطفشت .. كنت اكيد هكون فرحانة بشوفتكم والفرحة مش سايعاني زيكم .. لكن دلوقتي انتم تستحقوا حد أنضف وأطهر مني .
___
في المكتب الخاص بالظابط
زين رئيس قسم شرطة ومباحث ...
كان جاسر قاعد معاه بيتناقشوا في قضية جاسر ظابط بردو لكن أصغر منه سنا وأقل رتبة منه
خلصوا شغل على القضية فانتهز جاسر الفرصة وفاتح زين في موضوع
_زين أنا كنت عايز اتكلم معاك بجدية شوية
بص زين في الساعة لإن ده معاد رجوعه البيت وبصله تاني
_ها عايز ايه !!
_زين بالله عليك .. اسمع مني كإبن عمي مش رئيسي فالشغل .
لوى زين بوءه لإنه تقريبا كدا عرف جاسر عايز بتكلم في ايه بس سابه يتكلم ويقول اللي عنده
_ماشي قول عايز ايه
_ انت ليه مصمم تقبض على روح !
بصله زين وهو متعجب وقال بحمقة
_انت لسه بتسأل .. دي متهمة في جريمة قتل .. يعني مجرمة مطلوبة للعدالة .. أسيبها ولا ءأدي واجبي وأسلمها تأخد جزاءها .
اتنهد جاسر وقال بصوت زعلان او كله شفقة
_لسه متأكدناش من ده وكمان....
قاطعه زين بحده وغيظ وقال
_متأكدناش!!! كل الأدلة والبصمات بتقول إنها اللي قاتلة جدتها انت بتحكي في ايه بس يا جاسر .
سابه زين وقام وقف بيستعد انه يمشي وهو متضايق من قلب جاسر وعواطفه اللي بتتحكم في عقله وشغله
لكن قبل ما يمشي جاله اتصال مهم فغير خطته بدل ما يرجع على البيت راح لمشواره المهم
أما جاسر ففضل في المكتب متكتف مش عارف يعمل ايه هل يتبع عقله وينفذ مهمته ولا قلبه وينفذ وعده اللي أقسم إنه يعمله !
___
رفعت أونس إيديها وحاوطت روح وقالتها بسعادة باينة اوي من نبرة صوتها
_يلا تعالي ندخل جوا .. سبحان الله كنت لسه نازلة أدور عليكي
لكني كنت متسمرة في مكاني خايفة أدخل ادنس المكان ...لا أنا مش هينفع أدخل أنا ايدي بقت ملوثة ..لا مش هينفع
هزيت راسي إني لا مش هدخل فبصتلي أونس باستغراب بس بسرعة رسمة البسمة تاني على وشها وشدتني من إيدي
_تعالي بس لا إيه ده انا ما صدقت لقيتك .. ادخلي
بلعت ريقي وأخدت نفس عميق ودخلت بعد ما طنط وأونس دخلوا وفتحوا ليا ٱيديهم وبيتهم ودي كانت رسالة صريحة انهم متقبلين رجوعي ليهم لكل هل لو عرفوا اللي عملته هيرضوا يدخلوني بيتهم تاني!!
استسلمت ليهم ودخلت وبصراحة ده كان حلمي الوحيد أني أقابلهم وأعيش معاهم ... هتسألوا وباباكي وأهلك!؟
هقولكم أنا معرفش غير أونس وبس
بابا انا عرفت انه عايش لكن هل سأل عليا !! لا .. هل دور عليا او اهتم يشوفني لا !! يبقى ليه أهتم اني اشوفه او احبه حتى
انا معرفش يعني ايه بابا وماما ومحستش بالإحساس ده قبل كدا أنا حياتي كلها مكانش فيها أي ذرة شفقة أو عطف غير من اونس وستي وزي ما قلتكم الفرق بينهم اكتر من ١٢سنة
دخلت وأونس لفت وشها علشان تقفل الباب لقت اللي بيحط رجله يمنعها إنها تقفل بنظرة عينه الحادة اللي زي الصقر وملامح وشه الجابسة والمخيفة
صرخت أونس بخضة وقالت بصوت كله غضب
_انت مين وعايز إيه
رد بكل سخافة وعلى وشه ابتسامة متهكمة
_اما سؤال غبي بصحيح انتي مش شايفة لبسي ولا إنتي عامية!!!
بدأت أونس تعرف سبب مجيئه أكيد طبعا جاي علشاني أنا .. بس يا ترى عرف مكاني إزاي
بلعت أونس ريقها وقالت بصوت متوتر وابتدت تعرق وحرارتها تعلى مش عايزاهم يا خدوني دي ما صدقت لقتني
_اااا... حضرتك عايز ايه خير .
ضحك هو بسماجة وبصلها شوية وبعدين برق بعينه واتكلم بفحيح زي الحية
_إنتي فكرك إنك لما تروحي عند صاحبتك وتوهمينا إنه بيتك .. ان الحيلة دي هتخيل علينا !!! .. اوك معاكي حق هيه فعلا انطلت على النيلة التاني... لكن أنا لأ... فضلت مترصدك ومترصد كل حركات وكنت متأكد انها هتيجلك في يوم من الأيام .. بصراحة مكنتش شاكك فيكي في الاول لكن بتصرفاتك عند صاحبتك اثبتلي إنك فعلا تعرفيها وبتداري عنها...
بهتت ملامح اونس وبرقت ومبقتش عارفة تنطق حرف واحد
فابتسم لها وقال
_شكرا علشان وصلتينا للمجرمة بسهولة
فتحت أونس بؤها بلجلجة
_ااا ... مجرمة!! .. مجرمة إزاي .. روح .. روح معملتش حاجة ..دي اطيب من الطيابة نفسها
ضحك وقال بسخرية
_لا انتي اللي طيبة وساذجة .. صاحبتك ولا مش عارف تعرفيها من أنهي داهية دي قتلت جدتها ده ان كانت جدتها أصلا .
هنا برقت أونس أكتر لإنها أكتر واحدة عارفة جدتي واللي بتعمله فيا فأكيد فاض بيا الكيل وقتلتها وده اللي حصل هيه اللي وصلتني لكدا
فشخط فيها زين بحدة وقال
_سلمي المتهمة حالا وإلا هأخدك معاها بتهمة التستر على مجرم .
متحملتش أسمع أكتر انا كنت متأكدة إني هكون مصدر إزعاج وتعب ليهم وهدخلهم في مشاكلي اللي مبتخلصش وملهاش اول من آخر
فخرجتله بسرعة واول ما شافني بصلي بنظرة مخيفة ومنزعجة في نفس الوقت وبسرعة شاور عل الشرطي اللي معاه وقال وهو بيزقني ناحيته
_حط الكلبشات في إيدها وعلى البوكس يلا .
البارت السابع
الحمد لله ان البارت جاهز من فترة
لان لولا كدا مكنتش هقدر انزل حاحة دعواتكم فلربما لست بخير
الله المستعان
....
مسكت فيا أونس جامد ومنعتهم إنهم يأخدوني ووقفت قدامي بتحميني منهم زي ما وعدتني
_لا أنتوا مش هتأخدوها يا حضرة الظابط.. فين الدليل إنها قتلت وفين التصريح بالقبض عليها
بصلها زين بكل برود ومد ايده في جيبه وخرج التصريح علشان تشوفه وقال بصوت رخيم ومخيف في نفس الوقت
_ها كدا معنديش حجة.. ولا تحبي تشرفي معاها في القسم بتهمة الاشتراك في جريمة القتل!!
اتبرجلت ووقفت مصدومة مش عارفة تعمل إيه... وبدأت تكلم نفسها _هيأخدوا روح تاني .. أنا مصدقت لقيتها ومعاناتها هتخف وأنا معاها فيجوا ياخدوها بالسرعة دي
زين استغل الفرصة فرصة توهان أونس وعجزها عن انها تنقذني منهم ومسك الكلبشات بنفسه ولبسهالي بكل قسوة وخشونة في استسلام تام مني ... أنا غلطت وأنا عارفة وعملت اللي عملته بكامل إرادتي يمكن لما اتسجن ربنا يسامحني على اللي عملته
اونس فاقك وهما بينزلوني السلم فمسكت فيا تاني ومرضيتش تسيبني وهي منهارة من البكا
_روووح... لا أرجوك يا حضرة الظابط سيبها .. بالله عليك
زعق فيها زين جامد
_لو اعترضتي طريقي تاني هأخدك معايا ومش هرحمك وأنا بحذرك .
طنط سمعت الكلمتين دول ودب الرعب في قلبها وقربت بسرعة من أونس تمسك إيديها
لكن اونس بعدت ايد مامتها وقالت لزين برجاء
_طيب بالله عليك يا حضرة الظابط براحة عليها هيه مظلومة والله أنا متأكدة وأنا هجيب محامي واجي وراكم... روح مش هسيبك
قالتها وهي بتبصلي بدموع وانهيار أنا مش قادرة استوعبه للدرجة دي خايفة عليا ويهمك أمري كأني حد من عيلتك !!
حاولت تنزل ورايا بعد ما زين شدني علشان انزل ولا كأنه سمع كلام أونس ولا رجاءها ليه انه يتعامل معايا برحمة
الا ان مامتها منعتها ومسكت ايديها وقالت بتحذير وصوت صارم
_اونس انتي مش رايحة وراها.. اطلعي على فوق يلا
اونس بصلت لأمها بصدمة تانية وقالت وهي فاتحة بوءها متسغربة رد فعل أمها
_إيه!!!
اتكلمت امها على نفس الصرامة والحزم
_اللي سمعتيه
بصلتها أونس بصدمة
_ماما .. دي روح انتي نسيتي!! .. روح
_ لا منستش.. البنت اللي تعرفيها من زمان مش نفسها دلوقتي الله اعلم طول السنين اللي فاتوا كانت فين ولا عملت ايه .. بيقولك قتلت جدتها.. يعني مجرمة اللي تقتل مرة تقتل عشرة وأنا مش هسمحلك تعرفيها تاني او تتحشري في مشاكلها... من النهاردة ملكيش دعوة بيها.
أونس هزت رأسها بمعنى انها رافضة كل اللي مامتها بتقوله وقالت بإصرار
_ لا يا ماما أنا أسفة مش هسيب روح أنا متأكدة انها بريئة ومظلومة
ردت أمها مش مهتمة
_لو بريئة هيطلعوها .. فريحي دماغك انتي وخليكي في حالك يا أونس... انا محلتيش غيرك ومش مستعدة أخسرك.
_خسارة ايه يا ماما أنا هروح معاها وأعرف ايه الحكاية وهقوم محامي ونتابع معاه القضية
_ لا انتي هتخرجي نفسك من الموضوع ده تماما ولا كأنك كنتي تعرفيها قبل كدا
_ ماما حضرتك بقولي ايه ... ارجوكي سيبيني ألحق أعرف هيأخدها أنهي قسم .. عن إذنك
الا إن أمها قالتها بكل صرامة
_أونس لو اتحركتي من مكانك خطوة لا إنتي بنتي ولا أعرفك.
هنا أونس انهارت وقربت من أمها ببكا ومسكت ايدها برجاء
_ليه يا ماما.. حضرتك عمرك ماكنتي بالقسوة دي ..ليه بتعملي معايا ومعاها كدا .
امها حنت وضمتها ليها وقالت بخوف عليها
_علشان أنا أم ومفيش ام هتشوف بنتها بتدخل النار برجليها وتسيبها
خرجت أونس من حضن أمها
_مفيش نار ولا حاجة وصدقيني انا مش هكون متضررة أبدا
_ لا انتي مش عارفة الظابط ده شكله صعب ومش بعيد يحطك في دماغه ويشيلك الليلة مع روح... لا مش هيحصل أبدا.. وبنتي هحميها لآخر يوم في عمري .
أونس باست إيدها وابتدت تكلمها بهدوء علشان تقنعها
_حبيبة قلبي أنا مقدرة خوفك عليا بس انا مبقتش صغيرة وأنا محامية وعارفة مصلحتي كويس اوي وعارفة هتصرف ازاي.. ارجوك يا ماما... حضرتك عارفة أنا دخلت حقوق ليه مش علشان السبب ده .
_قلت لا يعني لا .. اتفضلي ادخلي مفيش خروج النهاردة حتى للجامعة .
دخلتها مامتها غصب عنها البيت فدخلت أونس وعنيها على السلم ومش هاين عليها تسيبني بس الظروف دايما بتكون أقوى مني ومنها
اول ما دخلت جريت بسرعة على بلكونة الصالة علشان تشوفني ولمحت عربية الشرطة بتبعد لبعيد
فدخلت وهي بتدب الأرض برجليها وقالت بحسرة
_مشيوا يا ماما.. بالله عليكي سيبيني أروحلها .. روح غلبانة وملهاش حد .. بالله عليكي ياماما
_أونس ده اخر كلام عندي .. روح انسيها .. كانت صفحة من حياتك زمان واتقفلت ..انتي فاهمة .
هنا أونس انهارت جدا وفضلت تبكي جامد .
_ليه بيحصل كدا... حرام عليكم بجد اللي بتعملوه فيها... دي ملحقتش حتى تشوفني ملحقتش تدخل، أعزم عليها بأي حاجة ما يمكن جعانة ولا عطشانة... معرفتش لسه هيه محتاجة ايه او بتعاني من إيه.. لسه مأخدهاش في حضني وحسستها بالأمان اللي أنا متأكدة انها محتاجاه في الوقت ده أكتر من أي وقت.. لسه مفرحتش انها شافتني تاني...لسه انا موفتش بوعدي إني هحميها و هكون السند والعون ليها
لسه مبقلهاش كم ثانية معايا... ليه الظابط الرخم ده جه في الوقت ده مش عارف يستنى على الأقل شوية!!
ليه روح بيحصلها كدا والكل جاي عليها ودايس بالقوي... ليه مش من حقها تعيش لحظات حلوة زي أي حد ... ليه كل الناس بالقسوة دي معاها حتى انتي يا ماما... مش كفاية انها بكماء مش عارفة حتى تعبر عن اللي بيوجعها... انتوا مش حاسين بالنار اللي جواها حرام عليكم ... وياعالم شافت ايه في حياتها انا معرفوش بس باين أوي في قهرة عنيها انها شافت كتير
قالتها اونس وهيه منهارة ومخبية راسها بإيديها وبتبكي بحرقة
قربت منها أمها .. الا أونس بعدت عنها وسابتها ودخلت أوضتها تكمل بكا وقهر علشان سابتني لوحدي
__
أونس كانت الوحيدة اللي حاسة بيا وبمعاناتي.. وكإن روحها بتشاطر روحي وبتحس بيه من غير حتى ما نتكلم ونشتكي ... بحبك يا أونس ومحبتش في الدنيا دي غيرك ومعتقدش في علاقة أقوى من علاقتنا في العالم كله .
___
زين أخدني على القسم وأول ما وصلنا قال للعسكري
_خدها يابني ارميها في أي زنزانة وبكرة الصبح هأشوف هعمل معاها ...
زين كان وقت عمله خلص علشان كدا طلب من العسري انه يدخلني اي زنزانة ولما يرجع الصبح هيبتدي يحقق معايا قبل ما يرحلني على النيابة .
اتحطيت في زنزانة لوحدي والظاهر ان مفيش غيري هنا فحمدت ربنا إني هكون لوحدي .. عايزة أكون لوحدي حالتي متسمحش إن حد يشاركني حتى الهوا اللي بتنفسه .. جوايا خنقة تكفي العالم كله ويفيض ... اتمنيت اني اقضي أيام عقوبتي في السجن هنا لوحدي
اخدت زاوية وقعدت فيها على الأرض وانكشمت ضامة رجلي ومحاوطتها بإيديا واستسلمت للظلام الحالك اللي عايشة فيه
فجأة لاح طيف اونس قدامي فابتسمت اني شفتها واستمتعت بحضنها الحاني ولو لثواني معدودة خلاص شفتها تاني ودي اقصى أمنياتي خلاص مبقتش عايزة حاجة من الدنيا ... لو مت دلوقتي هكون مبسوطة بس ربنا يسامحني على اللي عملته .
___
في فيلا عيلة ماهر المنصوري
رجع جاسر بعد ما خلص شغله فشافه عمه فقرب منه وسأل بلهفة
_ها يا جاسر ايه الأخبار.. مفيش جديد .
هز جاسر راسه بالنفي وضم شفته بأسف
_لا ياعمي للأسف مفيش أي جديد
اتنهدت عمه وقال بصوت حزين
_لا حول ولا قوة إلا بالله
قرب منه جاسر بشفقة مش حابب يشوف عمه بالحزن ده
_معلش ياعمي هانت بإذن الله .. ارجوك متزعلش نفسك .. الزعل مش حلو علشانك.
ربت عمه علي على كتفه وابتسمله وقال
_ربنا يباركلي فيك يابني وأشوفك انت وزين في أعلى المراكز يارب.
ابتسم له جاسر ووطي على ايده باسها واستأذن منه يروح يتغدى
مشي على وهو حزين ومهموم وعلى وشه ألف سؤال وسؤال وحيرة ملهاش أول من آخر ويمكن الحيرة دي هيه السبب في إن الضغط والسكر يعلو عليه وإن صحته متكونش على أحسن حال في الفترة الأخيرة
أما جاسر فمشي وهو باصص لعمه وزعلانه على زعله والهم اللي شايفه في وشه ونفسه إنه يريحه ويعمله اللي هو عاوزه لكن عارف إن زين مش هيوفي بوعده أبدا وهيكسر بقلب أبوه ومش هينفذ الا اللي في دماغه وبس
فانتهد بأسى ماهو مفيش في ايده حاجة يعملها وهو في طريقه للأوضة المخصصة للأكل أوضة السفرة قابل يارا ويمنى بنات عمته أشجان فرمى عليهم سلام روتيني وابتسامة هادية وكمل طريقه إلا إنهم كملوا في طريقهم معاه والظاهر انهم نازلين يتغدوا هما كمان
قعدت يمنى جنبه ويارا قصادهم وابتدت يمنى تكلمه بروحها المرحة وابتسامتها الصافية وتسأله عن أخباره
_ازيك يا جاسر .. أخبارك ايه يا حضرة الظابط المبجل
ابتسملها جاسر بود
_الحمد لله يا يمنى ماشي الحال يا حبيبتي... انتي أخبارك ايه وأخبار الجامعة!!
هزت دماغها ومازالت الابتسامة على وشها
_اهو الحمد لله ماشي الحال .. بس انت اللي شكلك مش مبسوط ...يا ترى في ايه !!
حاول جاسر يداري همه وقال على سبيل الهزار يعني وتغير الموضوع
_هو حد يبقى شغال مع زين ويبقى مرتاح .. ده زين المُقلب بالمدفع عندنا هناك.. بيضرب في وش أي حد ولا يهمه .. ان صابت ولا خابت
ضحكت البنتين جامد 😂
يمنى_ لا بجد مش متخيلة أبيه زين يعمل كدا.. ده كيوت وجنتل يا ابني خالص
اتكلم جاسر وهو رافع شفته لفوق ومش عاجبه الكلام
_مين ده اللي كيوت دي انتي اللي كيوت يا يمنى ...
وهنا جت الدادة ونزلت الاكل قدامهم
فقالها
_كلي كلي ... قال كيوت وجنتل قال ...زين!!!
ضحكت يمنى تاني أما يارا فبصت في ساعة موبايلها وقالت بفضول وشكلها كانت قاعدة مستنياه
_هو زينو اتأخر ليه النهاردة .
تف جاسر الأكل اللي فوءه من كلمة يارا وقال وهو بيكح من الشرقة
_زز.. ايه يا ختي ... اوعي تقوليها تاني قدامه ليولع فيكي من غير ما يرفله رمش .
بصلته يارا مش مهتمة وحطت رجل على رجل
_لا طبعا .. زين.. بيحب الاسم ده اناديله بيه .. مسموح ليا أنا وبس مش حد تاني ... يعني لو يمنى قالتله كدا ممكن فعلا يبهدلها لكن أنا لا .. أنا غير .
بصلها جاسر بتهكم ورفع حاجب وساب التاني
_والله... الموضوع كدا بقا.. ما جمع الا ما وفق.. لايقين فعلا على بعض .
ردت عليه يارا بلهفة بعد ما نزلت رجليها للأرض ومالت بجسمها لترابيزة السفرة وهي بتقول بحماس
_مش كدا فعلا ... احنا لايقين على بعض يا جاسر!!
بص جاسر ليمنى وانفجروا الاتنين ضحك ورد جاسر وهو بيضحك
_اه طبعا لايقين خالص جدا.
رجعت يارا تاني بضهرها لورا وبصت لجاسر بغيظ
_جاسر انت بتهرج .. قصدك ايه بضحكك ده .
قالتها وضربت أخدتها في ذرعها بغضب
_وانتي يا زفتة بتضحكي ليه انتي التانية .
رد جاسر والأكل في فوءة كأنه عايز يخلص بسرعة ويطلع عليطى أوضته بدل ما يتقابل مع زين تاني النهاردة كفاية عليه طول اليوم في الشغل
_لا لا مش قصدي حاجة .. كل الحكاية بس ان زين انتي عارفاه... لو عرفتي تليني قلبه تبقي كسبتيه .
ابتسمت يارا وبصتله بثقه من نفسها فوق الوصف لدرجة الغرور
_الا أعرف... ده أنا يارا .. انت مش عارفني ولا ايه .
قام جاسر من مكانه بعد ما خلاص شبع في حين إن يارا لسه محتطش اي حاجة في بوءها لسه ويمنى لسه كانت بتأكل بهدوء وروية .. لكنه كان بياكل بسرعة علشان يطلع اوضته
_عارفك وعلشان عارفك ... متأكد انك هتتعبي مع زين يا بنت عمتي.
قالها واتحرك من مكانه بعد ما رجع الكرسي لمكانه
في حين ان يارا بصلته بغيظ لان كلامه معجبهاش وفضلت تلعب في موبايلها بنرفزة... أما يمنى كانت بتأكل ولا كأنها سامعة أي حاجة .
في اللحظة دي دخل زين من باب الفيلا وهو بيصفر بصوت عالي نسبيا وعلى وشه ابتسامة نادر لو ظهرت والظاهر انه مزاجه رايق على الاخر بعد ما خلاص مسكني ورماني في الزنزانة
شافه جاسر وهو بيطلع على السلم للدور اللي فوق فاستغرب الحالة اللي هو فيها وبصله بريبة ومش مرتاحله أبدا
_ايه مالك غريبة راجع مبسوط.. خير ابسطنا معاك .
ملحقش زين يرد لإن يارا جت تجري عليه بسرعة بعد ما يمنى قالتلها إنه رجع لإنها بتقدر بسهولة تميز صوت عربيات كل واحد فيهم وقالتها انها لسه سامعة صوت عربية زين من دقايق كانت بتركن في الجراج
فوقفت جنبه وعينيها بتلمع بنظرات الكل عارف تفسيرها كويس جدا
_زينو حمدلله على السلامة .. اتأخرت ليه قلقتني عليك .
بصلها زين بقرف من سماعه لاسمه بالطريقة دي وهو مش بيحب حد يكلمه غير بالأسلوب الرسمي فقال باستهجان
_زينو مين ده أقراص بتستخدموها للناموس ولا إيه 🙄.
ضحك جاسر على كسفة يارا اللي بقت في نص هدومها منه ومن سخرية زين المتعمدة ليها
فقالت بصوت بان إنه متضايق
_يخص عليك يا زين كدا تضحك جاسر عليا بالشكل ده.
ضحك زين لإنه اصلا جاي من برا مزاجه رايق وانتوا عارفين ليه وقالها
_ماهو مفيش ظابط ملقب بالمدفع يبقى اسمه زينو ولا إيه يا يويو .
قالها وهو بيخبطها على دماغها وبعدين طلع وسابها واقفة هيه وجاسر اللي مش قادر يمنع نفسه من الضحك عليها وهو بيتخيل ثقتها بنفسها وهيه بتتكلم من شوية قبل ما زين يجي .
ضربته بغيظ وهي بتقول بنرفزة
_بطل ضحك بقا.. ده انت رخم .
لكن نرفزتها دي زودت ضحك جاسر أكتر وأكتر
فاضطرت انها تسيبه وتمشي من قدامه تطلع غضبها في أي حد ومش هيكون غير حد من الشغالين في الفيلا زي كل مرة
راحت قريب من المطبخ وصرخت بزعيق جامد
_يا دادة .. انتي يا دادة!!
جت الدادة بسرعة وهي عارفة انها هتقابل موجة من بتاعة كل يوم ماهي خلاص اتعودت فقالت بهدوء وقلة حيلة
_نعم يا ست هانم .
_ايه الأكل اللي انتي جايباه ده .. انتي بتستعطبي ولا بتدفعي من جيب أبوكي .. ها .
بلعت الدادة الكبيرة في السن الإهانة كأنها بتبلع شوك وردت بقلة حيلة
_خير يابنتي ماله الأكل ..قوليلي لو مش عجبك أعملك غيره فورا .
_زفت الأكل كله زفت.
ردت الدادة الشقيانة طول النهار في المطبخ بتحضر الأكل لكل أهل البيت
_حاضر يا ست هانم هعملك أكل غيره فورا .
ردت يارا بقلة زوق ونزق
_يلا بسرعة ... الظاهر ان الزوق والأدب مش بينفع معاكم.
هزت الدادة راسها يمين وشمال وهي بتحوقل ومضطرة تسمع الاهانة دي كل يوم واللي بهون عليها إن هيه بقالها سنين هنا ومربياها ومربية أمها فمش هقدر تسيبهم بعد العمر ده كله.
____
أونس
معرفتش أنام الليلة دي حاسة اني خذلتها... كأني شايفة ايدين روح ممدودة ليا بطلب المساعدة وأنا متجاهلاها وعطياها ضهري ولافة بوشي الناحية التانية.. الاحساس ده بيموتني
فضلت اتقلب في السرير مش عارفة انام كأن السرير كله شوك بيأرق عليا نومي
افتكرت أيام ما كانا صغيرين وروح لسه معايا .. كنا في المدرسة.... روح مكانتش مستواها كويس في المدرسة ما هو مفيش أي اهتمام بيها من ناحية جدتها فكنت أقعد جنبها وأحاول أعلمها براحة وبهدوء وروح تبصلي وتضحك واتضح ليا ان روح حابة تتعلم بس مش لاقية اللي يشجعها او يعطيها الفرصة لده فقررت أكافئها بنفسي زي ما ماما بتعمل معايا وأجيبلها كل يوم مصاصة او شوكولاتة من مصروفي كل لما تتعلم روح حاجة جديدة فكنت بلاقي روح في قمة سعادتها وعرفت ان قد ايه روح بريئة اوي لدرجة ان أي حاجة بسيطة وملهاش اي قيمة من وجهة نظر ناس كتير ..اهميتها كبيرة جدا فوق الوصف بالنسبة لروح... روح كانت بس لما حد يبتسم في وشها... كانت بتطير من السعادة .. عرفت قد ايه البنت محتاجة لحنان محتاجة حد بيبصلها بنظرة مريحة .. برحمة ..بعطف ..بحب فوعدت نفسي أني عمري ما هتخلى عن روح أبدا وأني هحاول أكون أنا مصدر البسمة الضايعة منها طول ما أنا عايشة على وش الدنيا .
علشان كدا قررت أني أروح القسم تاني يوم لروح حتى لو ماما كانت رافضة .. هعصي أوامر أمي ولأول مرة بس علشان عارفة ان روح محتاجاني وأني مينفعش أسيبها بعد كل ده
