رواية بداية الرياح نسمة (حي المغربلين) الفصل السابع7بقلم شيماء سعيد


رواية بداية الرياح نسمة (حي المغربلين)
 الفصل السابع7
بقلم شيماء سعيد





ابتعد عنها بعد فترة غائب عن العالم فقط يشعر بنشوة و اكتفاء تلك القبلة، تفاجأ من رد فعلها و حذائها المرفوع أمام وجهه تحاول الوصول إليه بكل قوتها صار*خة بجنون:

_ يا ابن ***** أنت فاكر كل الطير و إلا إيه رو*حك هتخرج في إيدي دلوقتي. 

شرسة شهية بكل تصرف منها تقود رغبته بها إلى حد الجحيم، يده سبقتها قبل أن يسقط الحذاء على رأسه، كأنها بداخل حرب تقاوم لآخر لحظة لأخذ حق قبلة واحدة لا أكثر. 

ربما فكرة أنه الأول بكل شيء لها يجعله متحمس لتعليم هذه القطعة من الشوكلاته لذة الحياة مع فاروق المسيري، لسانها لا يمشي مع وصفه لها على الإطلاق: 

_ أبعد عني يا عرة الرجالة بتتكلم عن الدين هو أنت تعرف عنه إيه يعني يا واكل حق الولايا، سيب بقولك لو راجل سيب. 

من صغره يعرف عنه أنه ثلاجة من شدة بروده لا يعلم لما معاها بدأ يفقد أكثر ميزة يحبها بنفسه؟! بيد سيطر عليها و بالأخرى وضعها على فمها يمنعها من الحديث قائلا بغضب:

_ اخرسي شوية.. واحدة تانية كان أغمى عليها من البوسة دي أنتي إيه يا بت أنتي؟! 

حركت رأسها بقوة ليبعد يده عن فمها لتقول بشراسة:

_ يغمى عليا ليه عشان تكمل ما أنت شكلك نص كم و تعمل أبوها، و بعدين هي سم قاتل يا جدع أنت.. 

قهقه بمرح مردفا:

_ لا رومانسية يا غبية أقول إيه ما أنتي عايشة حياتك بين البتنجان و الكرنب، دلوقتي عشان أسيبك تنزلي الشبشب ده بدل ما أجيب الأمن و أقول إنك بتعرضي نفسك عليا أنا واكل حق الولايا مش هاكل حقك أنتي. 

لأول مرة تخاف فهي فتاة بسيطة مهما حدث و شرفها و سمعتها فوق كل شيء، أومأت برأسها عدة مرات ليبتعد عنها و تنزل هي الحذاء من يدها قائلة ببراءة غريبة عليها:

_ عندك حق فعلاً صنفك ده أنا عارفاه كويس، بس أقسم بالله حقي ما هسيبه و أنا و أنت و الزمن طويل، أقولك حاجة أحسن حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا شيخ خدها من قلب حزين عمره ما فرح.

جلس على مقعده و هو يحاول البقاء جامد أمامها ثم أردف بخبث:

_ طيب تعالي اقعدي عشان نمضي عقد الشغل إللي بنا، مهو لازم أضمن وجودك من أول العملية لآخرها.... الشغل شغل يا شوكولاتة، بصي هاتي بوسة كمان و أنا أمضي بدالك على عقد يا ستي.

_____ شيماء سعيد _____

لا لن تستسلم بتلك السهولة لهذا الرجل الغريب هنا ليتحكم بها، ما يفعله أوامر من فوزي ليعلم إلى أين هي تذهب دائماً بسفرها، طاقتها على تقبل أي ذكر بحياتها تحت الصفر. 

ارتدت كاش مايوه من اللون الأسود ثم رفعت خصلاتها على شكل ذيل فرس اشتاقت إلى رفيق رحلتها الدائم البحر، تعلم كم هي امرأة جميلة و ربما أكثر شيء لا تحبذه بنفسها جمالها، لعلها لو كانت بملامح أقل من العادية لتفادت الوقوع بيد فوزي الخولي. 

بخطوات رشيقة نزلت للأسفل تحضر نفسها للسباحة، ضغطت على شفتيها بحنق كبير من هذا الأحمق الذي يجلس أمام حمام سباحة و كأنه يتوقع قدومها. 

كأنها لم تراه خلعت حذائها و رفعت الكاش مايوه لتنزل المياه انتفضت على أثر صر*يخه بخروج باقي الرجال.. مقتربا منها بنظرات متوعدة مشيراً لها:

_ إيه الزفت اللي أنتي لابساه ده عايزة تنزلي المياة و الرجالة دي كلها واقفة؟!.. 

بالحقيقة لا تعلم لما كل هذا الانفعال حركت كتفها بلا مبالاة و عدم فهم قائلة:

_ و أنت مالك روح على شغلك لما أعوزك هقولك. 

عقد ذراعيه قائلا ببرود لا يعلم لما دائماً يرتاح من أعماق قلبه على استفزازها و حر*ق أعصابها:

_ مش هقول لحضرتك كل مرة أنتي شغلي يعني أنا مفيش ورايا حاجة إلا أنتي دي أوامر فوزي بيه أخو حضرتك. 

خرجت من بين شفتيها ضحكة ساخرة... أبعد كل هذا فوزي شقيقها، عجباً لك يا زمن حتى كلمة زوجته يرفض قولها أمام الحارس، خلعت ثوبها لتبقى فقط بمايوه قطعة واحدة و نزلت بالماء البارد مردفة:

_ طيب خليك بقى اتفرج... يمكن تقول لولي نعمتك عدد أنفاسي كمان، لو بتتكسف تشوف ست عريانة عادي جداً غمض عينيك يا بيضة لحد ما أخلص. 

اللعنة عليها و على وقاحتها التي يراها لأول مرة على امرأة بحياته، بالفعل الحياء تاج لا يتحلى به إلا الأميرات بأخلاقهم، رد عليها بعين ثاقبة:. 

_ أنتي ست مش محترمة محتاجة إعادة تربية من أول و جديد و ده هيكون على إيدي أنا، اطلعي يا بت بلاش تكوني أول حرمة أمد إيدي عليها... 






لا ترى لا تسمع لا تتكلم هو بالنسبة لها غير موجود أمامها من حال الأصل، كارم رجل مختلف عنها بالثقافة و طريقة التربية و الحياة، خلع بذلته النظيفة و ألقى بنفسه داخل حمام السباحة يسحبها من ذراعها للخارج قائلا بنبرة مه*ددة:

_ كام مرة أقولك اشتري عمرك و امشي عدل بدل ما أخرج عن شعوري، أنا المغربلين يا مزة مش من التجمع يعنى ممكن أخليكي تمشي تلفي وراكي، فوزي بيه مش ولي نعمتي بس قالي إنك مش مظبوطة و محتاجة ضبط مصنع و دي مهمتي، اخفي على اوضتك يلا. 

_ و أنت بقى يا تربية الشوراع اللي هتعيد تربية هاجر هانم علوان من جديد؟! 

______شيماء سعيد_______

بحي المغربلين. 

انتهى حفل الخطوبة و هي فقط تتابع ما يحدث من بعيد، لا تعلم أهي على صواب أم على خطأ بأخذ فتون دورها إلا أنها تشعر بالقليل من الراحة على سعادة شقيقتها. 

أغلقت على نفسها باب غرفتها و فتحت هاتفها لتقلل من حدة مشاعرها، كالعادة الأخبار ليس لديهم حديث إلا على فارس المهدي و حالته الصحية، شعورها بالذنب يأكلها لا تتذكر ما عاشته معه و لا تعلم ما هو مصيرها بعدما فقدت عذريتها، فقط ضميرها يؤلمها فهي تتمنى شفائه حتى تبتعد عن الجميع و تبقى بمكان خالي من البشر تتعبد الباقي من عمرها لعل الله يسامحها. 

" تدهور حالة الفنان فارس المهدي و دخوله في غيبوبة مجهولة المدى " جملة من إعلامي هدت روحها.. أكل هذا من خبطة بسيطة؟! 

تفاجأت من عناق فتون لها قائلة بدمعات خجولة:

_ شكراً يا فريدة أنا مش عارفة اقولك ايه على اللحظات اللي عشتها بره دي. 

أبعدت فريدة شقيقتها عنها ثم اخذتها من يدها إلى الفراش مردفه بجدية شديدة:

_ مفيش بنا شكر بس في شاب روحه و قلبه في إيد واحدة باسم واحدة تانية، فتون أنتي حلوة أوي من جوا و من برا يمكن مفيش فرق بنا غير اللبس و الإسم بس اللي حصل من شوية ده إسمه تزوير... كذبة مينفعش تبني حياتك عليها، لو فضلتي باسم فريدة يوم كتب كتابك أنتي و أنا و عابد حياتنا هتكون نار، مش محتاجة اسمي عشان هو يحبك لأنه حب روحك و تصرفاتك أنتي مش فريدة فكري كويس لأنه بيحبك و الكذب هيكون نهاية العلاقة دي، جليلة ممكن من الزحمة تكون مخدتش بالها لكن بعد كده اللعبة هتكون مكشوفة، تصبحي على خير. 

تركتها تعيد حساباتها مع نفسها من جديد و خلدت للنوم تحاول إصلاح كل شي قبل أن يأتي وقت الذهاب بلا عودة. 

بالغرفة المجاورة كانت جليلة تتذكر يوم زواجها من منصور و ما حدث معها على بعض النغمات الخاصة بأم كلثوم لأغنيتها الشهيرة فات الميعاد، بالفعل فات ميعاد كل شيء بينهما من سنين زاد بها الحب و شاب بها العمر. 

فلاش باااااك. 

كانت تجلس بقمة خجلها و هي ترى منصور يمسك بإيد خالها يعقد قرانه عليها، حلم العمر الآن يصبح حقيقة ملموسة رغم نقصان سعادتها بعدم وجود ابيها و شقيقها فاروق. 

ارتفاع الأصوات مع كلمة المأذون الشهيرة "بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير "، دقائق و رحل الجميع ليبقى معها بشقته بمفردهما زوجته و على اسمه و بين أحضانه. 

جذبها ليضمها لصدره قائلا بحرارة:

_ مبروك يا حلم العمر كله، اسمك بقى على اسمي يا جليلة مفيش قوة في الأرض ممكن تفرق بنا. 

انتهت تلك الليلة بسعادة و مر على زواجها السري منه عامين لتتفاجأ بليلة غريبة أن اليوم زفاف منصور على تحية إبنة عمه، لو لكسر القلب صوت لوصل لآخر العالم، ذهبت إلى شقتها معه بنيران تأكل قلبها لا تعلم لما هي هنا.... 

دلفت للداخل لتجد العريس ترك عروسته بعد إنتهاء الزفاف و يجلس هنا، لماذا أتى الآن ليس لديها القليل من القدرة على المواجهة و تحملها، جلست على المقعد بجواره قائلة كلمة واحدة :

_ ليه؟! 

سؤال بلا جواب أو ربما الجواب أشد قسوة إلا أنه سيقوله:

_ عشان أنا إنسان ضعيف بحاول أنقذ وكالة أبويا اللي أخوه اخدها بوضع اليد بحاول أرجع حقي أو على الأقل أحافظ عليه، مش هطلب منك السماح يا جليلة بس هقولك إنك حتة مني. 

ألف آه و آه على تلك اللحظة لم تفعل للغدر حساب و هي تترك أبيها و أخيها لتكون زوجة له سرا، خطأ لا يمكن إصلاحه وقعت به و عليها تحمله لذلك أردفت بصوت مقهور:

_ مبروك يا عريس أنا فعلا حتة منك بس ممكن تعيش من غيرها زي الزايدة مثلا، تعرف يا منصور لو على حد العتاب و اللوم هيبقى على واحدة غبية زيي مش عليك. 

انتهى الفلاش باااااااك. 

_ فات الميعاد بس النار لسة نار يا منصور مش بتحرق إلا قلبي انت عشت حياتك و أنا اندفنت مع سري بالحيا.

______شيماء سعيد_______

بصباح اليوم الثاني بالمشفي المقيم بها فارس، دبر خطته و بانتظار التنفيذ خبر الغيبوبة انتشر ربما تأتي و ربما لا إلا أنه يتمنى قدومها، سهل أمر دخولها للمكان رغم صعوبة الموقف.. 

و بالفعل تم نجاح الخطة بجدارة عالية، دلفت إلى المشفى بنقاب يخفي ملامح وجهها، لماذا أتت لا تعرف إلا أنها تريد الاطمئنان عليه كي يرتاح ضميرها على الأقل. 

تعجبت من سهولة دخولها لغرفة العناية و زيارته دون حتى البطاقة الشخصية، أغلقت الباب خلفها بحذر اقتربت من فراشه بقلب يدق مثل الطبول بليلة زفاف صعيدي. 






رأسه مغلفة بالشاش و القطن يبدو عليه بعض الشحوب، اهتزت بوقفتها أهي الآن تزور رجل فقدت عذريتها على يديه و تشعر بالحزن من أجله؟! أهي حمقاء أم فقدت الشعور بكل معاني الحياة حولها؟! 

ابتلعت لعابها مردفة:

_ يمكن الغلط كله من البداية أنا السبب فيه حتى لما ضربتك و مشيت.. مكانش ينفع أتحمل ذنب روح.. كفاية الذنب اللي عليا، أنت لازم تفوق و تبقى كويس أنآ أقل من إني أقتل إنسان حتى لو أنا و هو نستحق القتل، قوم كمل حياتك أرجوك أنت ممكن تكمل عادي لكن أنا لا كل حاجة بالنسبة ليا إنتهت... 

بدأ يفتح عينيه بشكل غير واضح ليراها فقط لا أكثر إلا أنها حرمته من رؤيتها بنقاب يخفي معالم وجهها، كان بالبداية سيراها فقط إلا أنه الآن قرر كشف نفسه حتى يستطيع إطفاء شوقه لها. 

نظر إليها بإبتسامة مشتاقة و كأنه عاشق لها و يعرفها من سنوات ثم مد يده يزيل عنها هذا الحاجز قائلا بصوت أجش:

_ طول ما أنا عايش مفيش حاجة إسمها إنتهت لسة كل حاجة بتبدأ يا فريدة حتى اسمك فاكره كويس أوي بقى محفور في عقلي. 

انتفضت من مكانها تحاول الفرار... مواجهة لا تريدها إلا أنه أحكم قبضته عليها مردفا بتعب:

_ رايحة فين ده أنا ما صدقت تيجي برجلك لحد هنا يا بنت المسيري. 

ابتلعت لعابها.... على حافة الهاوية هي وصلت... احمر وجهها ثم ضغطت على شفتيها قائلة:. 

_ أبعد عني لو سمحت أنا أول مرة أشوفك يمكن دخلت أوضة غلط. 

حرك رأسه نافيا و هو يقول:

_ بس أنا شوفتك قبل كده مش بس شوفتك يا فريدة أنا ملكتك بصمتي على كل حتة فيكي لو أنتي مش فاكرة أنا فاكر، مش أول مرة تدخلي معايا أوضة غلط و وعد مني ليكي مش هتكون المرة الأخيرة. 

أغلقت عينيها ها هي تقع بورطة جديدة مع نفس الرجل و للمرة الثانية تأتي إليه بنفسها، جذبت يدها منه قائلة بنبرة جامدة:. 

_ أنا متأكدة إني عمري ما شوفتك يمكن حضرتك بتتخيل ابعد ايدك. 

رد عليها بخبث واضح من لمعة عينيه:

_ يعنى كل ده تخيل حتى الكلام اللي خرج منك من شوية كان برضو تخيل، أي علاقة زوجية ناجحة بتكون من حاجة معينة و أنا متأكد إننا هنكون أنجح زوجين. 

فهمت ما يقصده و هذا جرحها إلى أكبر حد ممكن... جزء كبير من احترامها لنفسها سقط على الأرض و لاحظ هو ذلك ليكمل حديثه بلهفة :

_ فريدة أنا مقصدش حاجة وحشة، حزنك صعب عليا جداً مقدرش أتحمله بلاش النظرة دي. 

جاءت لترد عليه إلا أنه تم فتح الباب من قبل فاروق قائلا بقلق:

_ بتعمل ايه في العناية يا فارس كل ده عشان توصل للبنت إياها دي واحدة شمال. 





تعليقات



<>