رواية عاصفة باسم الحب الجزء الثاني2من(حي المغربلين) الفصل الثالث3بقلم شيماء سعيد


رواية عاصفة باسم الحب الجزء الثاني2من(حي المغربلين) 
الفصل الثالث3
بقلم شيماء سعيد






بجراج المشفى فك قيود يده من على جسدها لتسقط على الأرض للمرة التي لا تعلم عددها صارخة بألم، بهدوء ما يسبق العاصفة أزال جكيت بذلته و ألقى به هو الآخر أسفل قدمه ثم جعل كم القميص عند ساعديه... 

نزل إلى مستواها و حملها من جديد دون مقاومة منها هامسا بوعد صريح بالهلاك :

_ أخلص من الكلب ده و بعدين الدور هييجي عليكي إنتي يا شوكلاته.. 

ابتلعت ريقها برعب و أومأت بصمت ليبتسم إليها بشر ثم وضعها بداخل سيارته مغلقا الباب عليها بإحكام، زفر بارتياح اطمئن قليلا عليها و الآن أتى دور خاله العزيز.. 

وقف أمامه ليقول فوزي بغضب :

_ هي مش قالتلك مش عايزة تيجي معاك..إيه يا ابن المسيري هتخلي واحدة ست تعيش معاك غصب عنها؟! 

أومأ إليه فاروق بإبتسامة مستفزة :

_ أنت ناسي إن الخال والد... عايز من واحد خاله فوزي الخولي يبقى إمام جامع ما أكيد هكون زبالة زيك هو أنت عمرك عشت مع ست إلا بالغصب، معاك اختيارين تغور من هنا و تأخر نهايتك شوية أو تفضل هنا و لازم واحد فينا يخرج على ضهره؟! بس بشرط لو راجل رجالتك و رجالتي تبقى برة.. 

خلع فوزي هو الآخر جكيت بذلته بعدما أشار لرجاله بالابتعاد قائلاً بعيون يتطاير منها الغل :

_ من حبك في أمك يا إبن المسيري عايز تروح لها على طول.... 

على ذكر والدته اشتعلت نيران لن تستطيع الأيام اخمادها، أخذ فوزي أول ثلاث لكمات بفكه مرة واحدة من فاروق الذي صرخ به بتحذير :

_ أوعى سيرة أمي تيجي على لسان كلب زيك، قتلتها هي و خالتي عشان حقدك اللي وعد مني ليك محدش هيدفع تمنه إلا أنت.. 

رد عليه فوزي اللكمات بلكمة قائلاً بجنون مرضي :

_ قولتلك بدل المرة ألف مكنش قصدي حد فيهم أنا كنت عايز روح المسيري الكبير و أخته حنان.. كان لازم تموت عشان رفضت تكون مراتي... 

بغمضة عين كان عنق فوزي تحت يد فاروق الذي نوى قتله بكل ما لديه من قوة قائلاً بصوت رعدي و وجه متصبب عرقا :

_ لسة ليك عين بدل ما تعيش الباقي من عمرك تبكي على اخواتك، حبيت عمتي حنان إزاي و أنت استغليت بنتها بعد ما قتلت أمها و أبوها هاجر كان ذنبها إيه في اللعبة دي؟! 

_ ذنبها إن هي شبهها.. 

قالها بصوت مختنق من شدة ضغط الآخر عليه سمع كلمة واحدة من فاروق علم أنها ستكون نهاية واحد منهما :

_ موت.. أنت لازم تموت... 

اختنق أكثر لم يستطع أخذ أنفاسه ألقى نظرة سريعة على أزهار المنهارة بالسيارة، تحاول بشتى الطرق فتحها لعلها تقدر على إيقاف تلك الكارثة ليبتسم إليها بشر قبل أن يستغل جرح صدر فاروق و يلكمه به بكل قوته.. 

رغم أنه من شهر إلا أنه مازال يعاني منه و ها هو ينزف الآن ، جز على أسنانه بغضب مستمر فيما يفعله حتى فقد فوزي الوعي، تركه فاروق يقع أمام عينيه ثم بصق عليه بقرف.. 

انحني ليأخذ جكيته ثم صعد إلى السيارة بجوارها، حاول ابتلاع غصة الألم بحلقه قائلاً بسخرية :

_ بتعيطي ليه يا شوكلاته خايفة على حبيب القلب لسة عايش بس عشان عضمة كبيرة أغمى عليه... 

حركت رأسها بكل الاتجاهات تنفي ما قاله و هي تضع كفها على شفتيها تمنع شهقاتها المرتفعة مردفه بتقطع :

_ بلاش كلام فارغ دلوقتي أنت بتنزف ولازم تروح المستشفى... 

أدار محرك السيارة قائلا بهدوء :

_ مفيش داعي للمستشفى يا ريت كل الجروح علاجها طبيب المستشفى.. 

______شيماء سعيد_____

سقط القلم على وجه فتون و لم تشعر بوجعه تستحقه و ربما لو كانت أخذته من البداية لكان حالها أفضل من ذلك بكثير، نظرت إليه بأعين مشتتة كلماته نقطة ببحر ما توقعت فعله و لكن الصاعقة الحقيقة عندما أكمل حديثه بعدم تصديق :

_ أنا بجد مش مصدق إنك فتون اللي فريدة كلمتني عنها بدل المرة ألف، بتحاولي تستغلي إنها مش موجودة عشان ترسمي عليا الكذبة دي و تاخدي مكانها بسهولة... 

ذهول.. أبعد كل هذا مازال يتوهم بحب فريدة و لم يستطع التفرقة بينهما؟! قامت من مكانها مشيرة لنفسها مردفة بأعصاب منهارة :

_ أنت بجد مش مصدق إني أنا حبيبتك و فاكر إني بستغل عدم وجود أختي، بص في عينيا اسمع دقات قلبي يمكن عينيك مش بتشوف بس قلبك أكيد هيحس... 

أخذت يده تضعها على صدرها و مدت يدها على صدره، وصل إليها دقات قلبه الصاخبة العاشقة لتعطي لها أمل بسيط، رفعت عينيها إليه من جديد برجاء قائلة :

_ عابد قولي حاسس بإيه و أنا جانبك ، طلع فريدة من دماغك لأنها مجرد وهم ملوش أي أساس.... 

أبتعد عنها كأنها وباء معدي يخشى على نفسه منها، أغلق عينيه لعدة لحظات ثم فتحهم مردفا بهدوء و حنان :

_ فتون أنا ممكن أنسى الكلام الفارغ ده و اقول عيلة و غلطت أو موهومة بالحب، ارجعي على بيتك و وعد مني شهرين بالكتير و هطلقك تعيشي حياتك مع إنسان بيحبك... 

جن جنونها أكثر لتلكم قلبه عدة مرات صارخة :

_ أنت عايز توصل لإيه، تخليني مجنونة يعني و الا إيه حكايتك بالظبط؟! بقولك أنا حبيبتك قعدتنا على السطح و الخاتم ده أخدته منك يوم ميلادي، طيب بلاش كل ده بالنسبة إنك صابع في رجلك صغير جداً و بتلبس شراب عشان بتتكسف منه ايه كل ده برضو وهم في دماغي؟!

أخذها من يدها حتى وصل بها على باب المنزل قائلاً بهدوء قبل أن يغلق الباب بوجهها :

_ كل دي حاجات ممكن أخت تقول عليها لأختها عادي، أخرجي برة و اعقلي بدل ما أقول لجليلة على تصرفاتك دي كفاية إنك نزلتي من نظري بلاش تنزلي من نظر جليلة و كمان فريدة... 

_____شيماء سعيد_____

فتح كارم باب غرفتها ليراها بنفس الملابس التي تركها بها من شهر و ربما تجلس بنفس المكان، مغلقة العينين و وجه شاحب تفاصيله باردة، شفتين زرقاء، بدأ الرعب يدق بقلبه مقتربا منها... 

جلس بجوارها يهمس بحروف إسمها متوترا خائفا :

_ هاجر ردي عليا، هاجر... 

يبدو كأنها بعالم آخر لا تسمعه و لا تراه بعيدا عن هذا الظلم كل البعد، رفع يده المرتجفة يحرك وجهها إلا أنها كما هي ساكنة بجسد بارد منهار... 

ثبت شفتيه المرتجفة تحت أسنانه من درجة حرارتها التي تكاد تكون منعدمة، ضربها بكفه على وجهها بخفة هامسا :

_ هاجر بلاش الهزار البايخ ده أنا سايب لك أكل و شرب لسنة أدام مش بس شهر.. 

يتمنى لو ترد عليه بأي كلمة تريح نيران قلبه إلا أن النتيجة كانت سكوت مريب، حاول تحريك جسدها و هنا كانت الصاعقة الكبرى فهي عائمة ببحر من الدماء أسفل الغطاء عاد للضرب على وجهها بطريقة جنونية صارخا :

 هاجر ردي عليا و قوليلي مين عمل فيكي كدة ردي عليا و قوليلي إنك عايشة أبوس إيدك، ليه مصممة تكسري قلبي عليكي مش كفاية حبيتك و أنتي بتكذبي، لو فاكرة إني صورتك عارية أو قربت منك اصحي كل ده كذب.. أنا مقدرش أعمل فيكي كدة.. أرجوكي ردي عليا أنا مش قادر أتحمل وجع أكتر من كدة... 

حملها على كتفه واضعا إياها بداخل سيارته ستعيش حتى لو كانت حياتها مقابل حياته... سطح جسدها على المقعد الخلفي للسيارة ثم انطلق بها إلى أقرب مشفى.

على باب المشفى.. 

كارم بغضب جنوني :

_ هو يعني إيه ممنوع حد يدخل المريضة إلا بدفع الفلوس الأول؟! 

أجابه الحارس بهدوء :

_ دي قوانين المستشفى يا أستاذ روح أي مستشفى حكومي لو عايز تنقذ اللي معاك ببلاش... 

سقط على الأرض يبكي هي بينها و بين الموت خطوة نبضها شبه منعدم، نظر خلفه ببعض الأمل مع ضغط تلك المرأة الجميلة على ظهره قائلة بقوة :







_ قوم يا أستاذ.. 

نظرت للحارس خلفها قائلة بغضب :

_ الحالة تدخل حالا يا أحمد و لو حد كلمك قول دي أوامر دكتورة صافية شوكت... 

______شيماء سعيد_____

أخيراً قرر وضع حد لعلاقته بها، فتح باب جناحها بعدما دق عدة مرات بخفوت، تعجب من عدم وجودها بالداخل ليسرع لباب المرحاض يدق عليها، انتهزت فريدة فرصة دخوله حتى تخرج من خلف باب الغرفة و تركض بسرعة البرق للخارج... 

أدار وجهه بلهفة قبل أن يبتسم عليها بسخرية رافعا سماعة هاتفه مردفا للحرس بهدوء :

_ ممنوع فريدة هانم تخرج من الفيلا إذا كان من الباب الأمامي أو حتى الخلفي... 

أغلق الهاتف و سار بخطوات رشيقة خلفها نزل للأسفل ليراها تقف على الباب الداخلي للفيلا تحاول فتحه بشتى الطرق... 

ابتسم إليها مردفا :

_ ريحي نفسك الباب مقفول من برة، تعالي هنا و قوليلي ده استقبال برضو بعد شهر غياب؟! 

أدارت وجهها إليه بغضب طفح بها الكيل من تلك اللعبة السخيفة التي لا يوجد نهاية لها، صرخت به قائلة :

_ بلاش سخافة بقى و لعب بحياتي خرجني من هنا يا فارس و صدقني أول حاجة هعملها بعد الخروج هو إن فاروق يعرف صاحبه القذر على حقيقته.. 

كأنه لم يسمعها إقترب منها بخطوات بطيئة محاصرا جسدها بينه و بين الحائط هامسا بأنفاس تحرق بشرتها :

_ فاكرة لما قولتيلي عايز منك إيه و أنا فضلت ساكت من غير رد أهو دلوقتي ردي عايزك تحبيني يا فريدة حبيني و بس... 

أ قدر بتلك البساطة و الكلمات القليلة التأثير عليها بشكل كلي؟! نعم فعلها هذا المكار بدأت تشعر بحرارة الأجواء حولها و كأنها بمنتصف أغسطس، ابتلعت لعابها مردفة بتحذير فشعورها بالخطر يقترب :

_ ابعد لورا، و أنت كنت عملت إيه عشان أحبك.. كل حاجة بتعملها من أول مرة شوفتك فيها بتخليني أكرهك أكتر و أكتر... 

بملامح نادمة اردف :

_ عندك حق من البداية أنا سبب كل حاجة وحشة حصلت معاكي بس كمان مكنتش هقدر أشوفك مع غيري يا فريدة... 

وضعت كفها على صدره تعود بجسده للخلف قائلة بأعين على وشك السفر إلى عالم أحلى من شدة دوران المكان من حولها :

_أنت ليه مش مقدر إني بنت بعيدة عن بيت أهلي شهر و هربانة من يوم كتب كتابي كمان... 

عاد للهمس من جديد بجدية :

_ مفيش فضيحة حصلت الموضوع أساسا اتقفل متخافيش... 

وضعت يدها على رأسها قائلة :

_ هو أنا ليه دماغي..... 

و قبل أن تكمل جملتها كانت تسقط بين يديه فاقدة للوعي، استقبلها بقلب ملهوف حملها إلى غرفتها ثم طلب لها الطبيبة.. 

ظل أكثر من عشر دقائق على باب الغرفة بملامح خالية يعلم ما يحدث بالداخل و ما سيحدث بعده، خرجت الطبيبة بإبتسامة مشرقة قائلة :

_ المدام حامل يا فنان ألف مبرووك.. 

_ الله يبارك فيكي... 

_____شيماء سعيد_____

بشقة فاروق المسيري... 

فتح باب الشقة بهدوء و دلف دون أن يقول لها كلمة، دلفت خلفه بصمت ثم أغلقت الباب خلفهما، ألقى عليها نظرة ساخرة قبل أن يريح جسده على الأريكة الموجودة بالصالة متنهدا بألم.. 

جلست هي الأخرى على المقعد بالمجاور إليه مغلقة عينيها ألمها لا يقل عن ألمه بل هي أكثر سوء، لا يوجد بجسدها قطعة سليمة و جرحها النفسي ضعف جرحه، كتمت تلك الشهقة المتألمة بمجرد لمس ظهرها للمقعد... 

_ طبعا دلوقتي بتفكري تهربي من هنا إزاي صح؟! 

قالها بهدوء و كأنه يتحدث عن حالة الطقس، منتظرا هجومها و هروبها بأي لحظة و يسد عليها جميع الطرق، حدقت به بكراهية واضحة قبل أن تتحدث بجدية :

_ لا مش صح أهرب أروح فين هو أنت بالفضيحة اللي عملتها ليا خليت مكان ممكن أهرب فيه، أنا كل تفكيري في ازاي ممكن أقتلك... السكينة دخلت في صدرك و لسة عايش ايه ممكن ياخد روحك بسرعة أكبر؟!... 

اعتدل بجلسته و عينه تنظر لعينها بشكل مباشر، رغم أن قلبه لا يصدق خيانتها إلا أن كل الدلائل ضدها حتى هي ضد نفسها، بإبتسامة وجع واضحة أجابها :

_ النظرة اللي في عينك دي أسرع حاجة ممكن تقتلني، مش هقاومك المرة دي بس قبل ما روحي تطلع، روحك إنتي كمان لازم تكون معايا، عشان نرتاح إحنا الاتنين.. 

أغلقت عينيها من جديد بتفكير عميق بحديثه أهي تتعامل مع رجل مجنون أم أنها هي المختلة عقليا؟!...والدها ظل سنوات رأسه مرفوعة بها و على يد هذا اللعين إنتهت سمعتها، لأول مرة منذ وفاة عائلتها تحمد الله على موتهم بدل  رؤيتهم لها بتلك الحالة... 

رغم جسدها المنهك إلا أن أصابتها نوبة جديدة من الجنون، قامت من مكانها و سقطت يدها بكل قوتها على جرح صدره النازف صارخة :

_ أنت ليه عايش لحد دلوقتي مش كان المفروض تموت؟!.. اللي زيك بينام على سريره مرتاح ازاي أو بيجيلك نوم ازاي من الأساس و أنت دايس برجلك على شرف واحدة ست أنت متأكد إنها بريئة؟! مش خايف على اخواتك البنات من السلف و الدين، أبويا علمني أسامح اي حد غلط في حقي، علمني مكرهش حد بس لأول مرة في حياتي أكره إنسان زي كرهي ليك يا فاروق، باكرهك و ناري مش هتبرد إلا بنارك... 

وضع كفه على كفها مثبتا لها يضغط عليه يحاول إخراج ألمه به قائلاً :

_ إيه الفرق بيني و بينك أنا كل واحدة نامت في حضني كانت عارفة هي هنا ليه و حقها هيكون إيه لكن أنتي بقي غدرتي و ضربتيني في ضهري... 

حاولت سحب كفها منه بدموع رفضت الخضوع لأمرها و البقاء بداخل عينيها و أخذت مجرها على وجهها، حصرت شفتيها بين أسنانها قائلة من بينهما :

_ أنا اللي ضربتك في ضهرك و رسمت عليك الحب صح، الله لا يسامحك لا دنيا و لا آخرة... 

تركها و دلف إلى غرفته لعدة ثواني ثم خرج و بيده مسدسين  واحدا بين يديها و الآخر بين يديه هو  قائلاً بوجع قلب عاشق :

_ سلاحك متعمر إضغطي بس على الزيناد و أنا نفس الحاجة هريحك من الفضيحة و أنا هرتاح من وجع الخيانة... 

تصور منها أي شيء إلا أنها ترفعه بوجهه قائلة بقوة :

_ أنا مش عايزة أموت أنا عايزة موتك أنت.. 

جذبها إليه واضعا السلاح على صدره محل قلبه و سلاحه على صدرها محل قلبها... 

رفعت عيناها أمام عينيه بتصميم على كتب النهاية بطريقتها، كذبت و بشدة عندها قالت إنها تريد موته فقط بل تريد التخلص من حياتها بعده و بعد لعنة حبه، نظراتها زادته إصرار ليقول بصوت مهزوز:

_ اضربي يا أزهار مستنية إيه؟!..

ألقت سلاحها على الأرض قائلة بأعصاب منهارة:

_ أنا بكرهك يا فاروق بكرهك..

_ و أنا بتمني أكرهك و ده الفرق الوحيد بينا للأسف..

قالها بعدها ألقي هو الآخر سلاحه أخذا جسدها بين أحضانه و شفتيه تاكل شفتيها صاعدا بها لغرفة نومه.


                  الفصل الرابع من هنا




تعليقات



<>