رواية عناد القاسم الفصل الثالث والرابع والاخير بقلم ايه الموافي

رواية عناد القاسم 

الفصل الثالث والرابع والاخير 

بقلم ايه الموافي 

علي بإستغراب: حكالي ايه؟!


قاسم بندم: اصل انا قولتله كلام جارح من شوية.


بصله علي بنظرات معاتبة وقال: ليه كدا يا قاسم، انت متعرفش ابوك بيحس بإيه وهو شايفك بالحالة دي ومش في ايده يعمل حاجة.


بص قاسم في الارض، وعلي قال:


- ابوك يا قاسم طول عمره كان شايل همك، ياما قولتله يبطل يفكر في المستقبل بس هو مسمعش كلامي، دفن حياته وشبابه وعاش طول عمره يعمل حاجتين بس، يكبر شركته علشانك ويربيك.


هز قاسم راسه بندم وقال: انا عارف والله، بس انا كنت مخنوق ومش عارف الكلام اللي قولته دا طلع مني ازاى.


علي: يبقى نصلح الغلطة دي بإنك تعتذر له لما تيجي.


هز قاسم راسه، وعلي قال بمرح:


- تعرف ياض يا جزمة انت لو بنتي اشتكت منك انا هعمل فيه ايه.


بصله قاسم بغيظ وقال: اه صحيح، انت ازاى توافق على حاجة زي دي.


علي بضحك: علشان بنتي اعند منك، دي دماغها جزمة زي ابوها.


ضحك قاسم وعلي ضحك، فدخلت فاتن، وهي بتقول بغيظ:


- من لقى احبابه نسى اصحابه.


ضحك علي عليها وقال: بس يا هبلة.


فاتن: عمو سلطان تحت فيلا بقى علشان ناكل.


علي وهو بيبص على قاسم: خليه يجي هنا.


نزلت فاتن تحت وندهتله، فطلع وقال ببرود من غير ما يبص على قاسم:


- ندهتلي ليه؟!


ضحك علي، وقال وهو بيشاور جنبه على السرير:


- تعالى اعد بس وانت عامل زي العيال الصغيره لما تتقمص.


اعد سلطان جنبه، وقاسم قال:


- انا اسف يا بابا متزعلش مني، مكنتش قصدي الكلام اللي قولته دا.


اتنهد سلطان، وبعدين ابتسم، وطبطب على ابنه وقال:


- انا عمري ما ازعل منك يا قاسم، دا انت ابني.


ابتسم قاسم، وسلطان قال:


- انا مش هجبرك على حاجة يا ابني وهسيب القرار ليك، بس عايزك توعدني انك تفكر في موضوع العملية تاني.


اتنهد قاسم وهز راسه: حاضر يا بابا.


دخلت فاتن بصينية كبيرة وقالت: انا عارفة انكم هتعدوا تتكلموا ساعتين تلاتة وتسيبوني اموت من الجوع، علشان كدا انا جبت الاكل هنا.


ابتسم قاسم وبص عليها بتركيز، وعلى وسلطان ضحكوا عليها، حطت فاتن الصينية على السرير، وجابت كرسي وحطته جنب قاسم واقعدت عليه، فاتن بغرور:


- دوقوا بقى حلاوة وطعامة اكلي علشان تعرفوا انكم معاكم جوهرة.


قاسم بتفاجأ: هو انتي اللي عاملة الاكل دا؟!


فاتن: اه.


سلطان وهو ماسك الطبق: ربنا يستر ومنروحش كلنا المستشفى انهاردة.


بصتله بغيظ وقالت: طب هات كدا الطبق اللي في ايدك دا.


سلطان بضحك: دا بعينك.


بدأوا في الاكل، وسلطان قال بتلذذ: لا تصدقي يا بت يا فاتن انتي طلعتي تنفعي.


فاتن بغرور: عارفة.


ضربها علي بخفة على راسها وقال: دا انتي غتتة زي ابوكي.


ضحكت فاتن، وقاسم مد ايده بتردد ومسح الصوص اللي على بقها، بصتله فاتن بصدمة وخدودها احمرت، وسلطان ابتسم بخبث، رفع علي حاجبه، وقال بغيرة:


- انت بتتحرش بالبت قدامي يا حيوان.


بصله قاسم ببرود وقال: مراتي وانا حر.


شهق على بصدمة وقال لسلطان: شوف الواد بيكيدني ازاى.


سلطان بغرور: طالعلي.


علي بغيظ: دا انت رخم اوي.


ضحك سلطان، وقاسم قال بهدوء من غير ما يبص عليها:


- تسلم ايدك.


مردتش عليه فاتن لانها لسة محرجة، وعلي وسلطان فضلوا يتكلموا شوية لحد ما الليل اجى، قام علي من مكانه وقال:


- استأذن انا بقى.


سلطان: ليه ما لسة بدري.


علي بضحك: لسة بدري ايه يا كداب، دا الليل اجى خلاص.


سلطان: طب ما تبات هنا.


علي: لا انا مبعرفش انام في حتة تانية غير على سريري.


سلطان: زي ما تحب.


ودعت فاتن ابوها ولمت الاطباق الوسخة وغسلتها بسرعة، خبطة على اوضة سلطان، ودخلت وقالت:


- عايز مني حاجة يا عمو قبل ما انام؟!


سلطان: لا يا بنتي كتر خيرك.


ابتسمت فاتن وطلعت على فوق، بص عليها قاسم فتجاهلته، وخرجت بيچامة من الدولاب، ودخلت الحمام علشان تغير هدومها.


خرجت من الحمام لقت قاسم نايم على السرير وبيبصلها كإنه كان منتظرها، اتوترت اوي واتحرجت، فنامت جنبه بعيد شوية، قربها قاسم منه وحضنها، وقال وهو بيبص على السقف:


- تعرفي انا ليه مش عايز اعمل العملية؟!


بصتله فاتن بتركيز، وقاسم قال: 


-علشان بالرغم من اعاقتي الا انها بينتلي ناس كنت مفكر انهم بيحبوني بس اتضح العكس، موت امي الله يرحمها وانا صغير لسة مأثر فيا لحد دلوقتي، ومن ساعتها وانا حاسس اني وحيد، وبسبب كدا كنت بحاول على قد ما اقدر اني اوسع علاقتي بالناس


كنت عايز احس ان في ناس كتير حواليا بتحبني وتعزني ويهمهم امري، بس للاسف حصل العكس اول ما وقعت، كلهم اتخلوا عني ومفضلش غير ابويا وابوكي هما الوحيدين اللي فضلوا مكملين معايا الطريق.


نزلت دمعة من عيون قاسم، فمسحتها فاتن وقالت:


- وعلشان كدا انت مش عايز تعمل العملية، علشان خايف تظهر الناس المزيفة في حياتك تاني؟!


هز راسه، فقالت: بس دا غباء يا قاسم.


بصلها قاسم، وهي كملت:


- انت المفروض تكون اتعلمت من تجربتك القاسية، المفروض تكون قويت ونضجت وفهمت الدنيا اكتر، انت ازاى هاين عليك نفسك تسيبها كدا؟!


ازاى قابل على نفسك انك تفضل منعزل ما بين اربع حيطان، انت ليه حارم نفسك من متاع الدنيا الحلال؟!


حط قاسم دماغه على كتفها، وغمض عيونه وقال:


- انا عايز انام وارتاح.


مدت فاتن ايدها بتردد ناحية شعره، وفضلت تدلكه بخفة، ابتسم قاسم بدفا وفي خلال ثواني كان نام بعمق من كتر ارهاقه النفسي.


• تاني يوم


صحت فاتن من النوم، ولقت قاسم ساند راسه بإيده وبيبصلها، اتحرجت جدا، وقالت:


- انت بتبصلي كدا ليه؟!


قاسم: انا موافق.


فاتن بعدم فهم: على ايه؟!


قاسم: على اني اعمل العملية.


وسعت فاتن عيونها بصدمة وقالت: انت بتتكلم بجد؟!


هز راسه وهو بيبتسم بخفة، فحضنته جامد من غير قصدها وقالت: اخيرا.


بعدت عنه بإحراج لما اخدت بالها وقالت: انا اسفة.


رجع قاسم شعرها لورا وقال: متعتزريش انا جوزك.


قامت فاتن من مكانها بفرحة وقالت: انا هقول لابوك على طول، دا مهيصدق.


ضحك قاسم عليها، وهي طلعت تجري على تحت، شافت سلطان، فقالت بصوت عالي:


- عمو سلطاااان.


اتخض سلطان: فيه ايه يا بت خضتيني.


فاتن بفرح: ابنك وافق يا عمو انه يعمل العملية.


سلطان بعدم تصديق: انتي بتتكلمي جد؟!


فاتن: ايوة.


ضحك سلطان بفرح، وطلع يجري على بره: هحدد العملية بسرعة قبل ما يرجع في كلامة.


ضحكت فاتن عليه، واتنهدت بفرح وقالت: عقبال ما تنجح العملية يارب.


وسعت فاتن عيونها بصدمة لما افتكرت مهمتها وانه اول ما يعمل العملية وتطمن عليه هتطلق، حاولت تقنع نفسها انه عادي وانها مش زعلانة، بس من جواها متأثره اوي.


راحت فاتن المطبخ وحطت الفطار على الصينية، وطلعت فوق، دخلت الاوضة، وقالت بإبتسامة:


- الفطار جاهز.


قاسم: مبحبش افطر.


فاتن: لا طبعا انت لازم تفطر علشان تقوى وتعمل العملية.


مسك قاسم الصينية منها وقال: شكرا على كل حاجة انتي بتعمليها.


فاتن: انا معمتلش حاجة، دا واجب عليا مش انت جوزي برضو.


بصلها قاسم بإبتسامة، وحط الاكل في بقه، فضلت فاتن باصة عليه بسرحان، ولما خلص قاسم الاكل، قال:


- بتبصيلي كدا ليه؟!


فاتن: مبسوطة اوى.


كان لسة قاسم هيتكلم، بس سلطان دخل وقال: يلا يا قاسم الدكتور عايز يشوفك علشان الفحوصات.


قاسم بخضة: بالسرعة دي.


سلطان بضحك: عايز تهرب ولا ايه؟!


هز قاسم راسه، وسلطان ساعده علشان يعد على الكرسي، سحب سلطان الكرسي واجى علي وشالوا الكرسي هما الاتنين علشان ينزلوا على السلم، كانت فاتن هتروح معاهم، بس سلطان رفض وقال:


- احنا هنروح نعمل الفحوصات بسرعة ونيجي.


راحوا المستشفى وهي فضلت قاعدة مكانها بتدعيله، عدى ساعتين ولقتهم داخلين من الباب، خافت جدا لما شافت وش قاسم المصفر فقالت:


- هو في ايه؟!


سلطان: العملية هتبقى بكرة ان شاء الله.


فاتن بخضة: ايييه بكرة، بالسرعة دي.


سلطان: اه، الدكتور لقى ان كل حاجة تمام فقال اننا كل ما عملنا العملية بدري كل ما النتيجة هتبقى اسرع.


قاسم بهدوء: دخلوني اوضتي.


سلطان: ادخل الاوضة اللي هنا علشان منزلكش تاني على السلم.


حرك قاسم الكرسي ودخل الاوضة، وسلطان قرب من فاتن وقال:


- خليكي معاه يابنتي ومتسيبهوش لحظة.


فاتن: اكيد هعمل كدا يا عمي من غير ما تقولي.


سلطان: كتر خيرك يا بنتي.


دخلت فاتن جوه، لقت قاسم قاعد على السرير وحاطط ايده على راسه، مسكت فاتن ايده بحنان وقالت:


- متخافش، ان شاء الله خير.


حط قاسم راسه على كتفها وقال:


- احتويني يا فاتن، انا معرفتش انام من امبارح بسبب خوفي لما قررت اعمل العملية.


حضنته فاتن وهي قلبها بيوجعها عليه، لعبت في شعره بحنان، لحد ما نام في حضنها من غير ما يدري، فردته فاتن على السرير وطفت النور، ونامت جنبه من غير ما تغمض عيونها.


• تاني يوم.


دخلت فاتن الاوضة، وصحت قاسم، فتح قاسم عيونه، فقالت:


- يلا علشان تغير هدومك وتروح المستشفى.


قاسم بإستغراب: مش لما الصبح يجي؟!


فاتن: ما احنا بقينا الصبح.


بصدمة: هو انا نمت كل كدا!!


فاتن: كل لما اخش الاوضة الاقيك نايم ف ما برضاش اصحيك.


بلع قاسم ريقه وقال: هو مينفعش العملية تتأجل.


مسكت فاتن ايده وقالت: متخافش يا قاسم، انا معاك وباباك معاك وبابا كمان معاك.


هز قاسم راسه، وهي خرجت بره علشان يغير هدومه.


راحوا المستشفى والممرضة ادتله هدوم العمليات، لبسها قاسم ونام على النقاله، كانوا هيدخلوه الاوضة، بس فاتن خليتهم يستنوا، مسكت ايده، وهي بتقول بدموع:


- اوعى تخاف يا قاسم، انا عايزاك تبقى قوي.


قاسم: انتي بتعيطي!


فاتن ببكاء: لا.


ضحك قاسم، ومسح دموعها وقال: يا كدابة.


ضحكت فاتن، والممرضات دخلوه جوه.


اعدت فاتن على الكرسي، وهي بتمنع نفسها من البكاء بصعوبة، وسلطان كانت بتنزل منه الدموع من كتر خوفه على ابنه، طبطب علي عليه وقال:


- متقلقش يا علي، ابنك ان شاء الله هيقوم بالسلامة.


سلطان: يارب يا علي، دا انا محلتيش غيره


طلعت فاتن المصحف من جيبها وقالت:


- ادعوله يا جماعة وانا هقرأ قرآن، لازم نستغل الوقت لصالحنا.


فضلوا يدعوا، وهي تقرأ قرآن، لحد ما مر ساعتين، سلطان بخوف:


- هو محدش منهم خرج يطمني ليه؟!


فاتن: اهدى يا عمي ومتقلقش.


بصوا على الباب بلهفة، لما لقوا ان باب اوضة العمليات اتفتح، جروا على الدكتور، وفاتن قالت بخوف:


- طمنا يا دكتور.


الدكتور بإبتسامة: متقلقوش العملية نجحت الحمد لله.


اتنهدوا كلهم براحة، وسلطان قال:


- يعني هيقدر يمشي على رجليه تاني يا دكتور؟!


هز الدكتور راسه وقال: اه الحمد لله بس لازم الاول يعمل علاج طبيعي.


فرحوا اوي، والدكتور قال: احنا هننقلوا دلوقتي من اوضة العمليات لاوضة عادية وعلى بليل كدا هيكون فاق، مسموح بشخص بس اللي يعد معاه.


سلطان وعلي في نفس الوقت: انا اللي هعد معاه.


فاتن برفض: لا ارتاحوا انتوا علشان انا اللي هعد معاه وقبل ما بليل يجي حد منكم يبدل معايا؛ علشان انا هروح اعمل شوربة خضار علشان لما يفوق من البنج يتغذى كويس.


سلطان بإبتسامة: بنتك دي اصيلة اوي يا علي.


علي بفخر: عارف.


ابتسمت فاتن، والممرضات نقلت قاسم من اوضة العمليات لاوضة عادية، استأذنت فاتن منهم، ودخلت جوه، نزلت دموعها اول ما شافته نايم على السرير زي الملاك، جابت فاتن كرسي واعدت جنب السرير ومدت ايدها ولعبت في شعره وقالت: 


-انت تعرف انا كنت قلقانة عليك قد ايه؟! كنت حاسة اني قلبي هيقف من كتر خوفي عليك.


مسكت ايده وقالت: الحمد لله العملية نجحت وهتقدر تمشي تاني على رجليك، انا مش عايزاك تقلق ابدا طول ما انا معاك.


عدى الوقت، لحد ما اجى سلطان، بصت فات في ساعتها وقالت:


- يادوب الحق اعمل شوربة الخضار واحي.


اداها سلطان مفاتيح عربيته وقال: بدل متركبي مواصلات روحي بعربيتي، مش انتي بتعرفي تسوقي برضو؟!


اخدت منه فاتن المفاتيح، وقالت:


- اه.


مشت فاتن من المستشفى وركبت العربية وساقتها، وسلطان بص على قاسم النايم بإبتسامة، مسك ايده وقال:


- ربنا يخليك ليا يابني وتقوم بالسلامة.


وصلت فاتن البيت، وقطعت الخضار وحطتهم على النار، ودخلت تستحمى بسرعة عما الخضار يستوي.


• بعد ساعة


حرك قاسم صابع من صباعه من غير ما يفتح عيونه فاتلم سلطان وعلي حواليه بلهفة، فتح قاسم عيونه، بس قفلها تاني بسرعة بسبب الإضاءة، بلع سلطان ريقه، وقال بلهفة:


- عامل ايه يابني؟! في حاجة وجعاك؟!


فتح قاسم عيونه تاني، وابتسم بتعب، وعلي قال:


- حمدلله على السلامة يا بطل.


قاسم: الله يسلمك.


سلطان: طمني عليك يابني.


قاسم: متقلقش عليا يا  بابا انا كويس.


علي وقاسم: الحمد لله.


اعدوا حواليه، فبص قاسم على الاوضة كلها، ابتسم سلطان بخبث وقال: بتدور على حاجة يابني.


اتحمحم قاسم، وقال:


- هي فاتن مشت ولا ايه؟!


علي: اه مشت.


بان على ملامح قاسم الزعل، بس عمل نفسه انه ميفرقش معاك.


ضحك سلطان بخفة وقال: تعرف يابني انها كانت اكتر واحدة خايفة عليك.


بصله قاسم بلهفة، وسلطان كمل كلامه وقال: 


- دي فضلت تقرأ قرآن وتدعيلك وخليتنا احنا كمان ندعيلك، وكمان مرضتش تمشي ابدا وفضلت هي اللي معاك ومشت اول ما انا جيت علشان تلحق تعملك لقمة ترم عضمك.


ابتسم قاسم بفرح، ولمعت عيونه، فقال علي بخبث:


- مالك فرحان كدا ليه؟!


اتوتر قاسم اوي وقال: م ما اكيد هبقى فرحان علشان عملت العملية.


ضحك سلطان وقال: هعمل نفسي مصدقك حاضر.


بصوا على الباب لما سمعوا صوت تخبيط عليه، دخلت فاتن وابتسمت بفرح لما لقت ان قاسم فاق وبيبصلها بإبتسامة، حطت عامود الاكل على جنب، وجرت عليه بسرعة:


- انت كويس، عامل ايه دلوقتي؟!


قاسم بإبتسامة: الحمد لله كويس.


فاتن: لو عوزت اى حاجة قولها على طول، ان شاء الله كلها كام يوم وتبتدي العلاج الطبيعي وترجع تمشي على رجليك من تاني.


مسك قاسم ايدها وقال: انا مش عارف اودي جمايلك دي فين، شكرا ليكي بجد.


رفع علي حاجبه وحمحم بغيرة، فشدت فاتن ايدها بسرعة وهي مكسوفة، بصله قاسم ببرود، وسلطان ضحك وقال:


- هو انت واقفلهم زي العضمة في الزور كدا ليه؟!


علي ببرود: ملكش دعوة.


قامت فاتن من مكانها، وجابت العامود اللي حطته على الارض، واعدت جنب قاسم: 


- يلا علشان تاكلك لقمة.


قاسم: لا مليش نفس.


بوزت فاتن وقالت: مفيش حاجة اسمها كدا، جسمك محتاج تغذية.


خبط الدكتور على الباب ودخل وقال: اخبارك ايه؟! حاسس بأى وجع؟!


قاسم: لا.


الدكتور: الحمد لله، حمدلله على السلامة.


قاسم: الله يسلمك.


بص الدكتور ليهم وقال: مينفعش اعدتكم دي، المريض لسه جسمه تعبان، واحد بس اللي يعد معاه.


علي: هعد انا معاه علشان ما اعدتش انهاردة.


بصله قاسم بتوتر، ففهم سلطان نظرته، مسك سلطان علي من دراعه، وسحبه وراه وهو بيقول:


- متبقاش لازقه كدا، سيب الواد والبت مع بعضهم شوية.


علي بغيرة: واسيب ابنك يستفرد ببنتي.


ضحك سلطان وقال: دي مراته يا اهبل.


علي: بس متنساش انها هتتطلق اول ما يمشي على رجله زي ما اتفقنا.


سلطان: سيب كل حاجة لوقتها يا سلطان.


وقفت فاتن وقالت: ساعدني علشان تسند على السرير.


اعد قاسم على السرير براحة، وفاتن حطت المخدات وراه بسرعة، وحطت ايدها تحت دراعه، وسحبته بخفة لورا بمساعدته.


اعدت فاتن جنبه على السرير، ومسكت المعلقة وحطتها في شوربة الخضار، بصلها قاسم وقال:


- اوعي تقولي ان دي شوربة خضار.


فاتن: شوربة خضار بفصوص الفراخ.


قاسم: يعع، لا انا مبحبش الاكل دا.


فاتن بضحك: بطل دلع وافتح بوقك يلا.


ودى قاسم وشه الناحية التانية، فقالت فاتن وهي بتضحك:


- يلا يا قاسم ومتبقاش زي العيل الصغير.


فتح قاسم بقه بإستسلام، وفاتن حطت المعلقة في بقه، فضل قاسم باصصلها وهي بتأكله، فبصتله فاتن بتوتر وقالت:


- انت بتبصلي كدا ليه؟!


قرب منها، فبلعت ريقها بتوتر، بس بعد عنها بسرعة اول ما موبايلها رن، وبصلها بتوتر، احمرت خدود فاتن اوي، وقفلت موبايلها، وكملت اكله.


خلص قاسم الطبق وقال: الحمد لله.


فاتن: بالشفا.


ريح قاسم ضهره لورا، وبصلها بإبتسامة:


- انا لحد دلوقتي معرفش حاجة عن حياتك، ما تحكيلي عنك.


فاتن: حياتي عادية خالص، انا بشتغل دكتورة نفسية.


بصلها قاسم بصدمة: بجد.


فاتن بإستغراب من ردة فعله: اه.


قاسم: ميبانش عليكي خالص.


فاتن بضحك: ليه.


قاسم: علشان الدكاترة النفسين بيبقوا راكزين وهادين، انما انتي بصراحة شعنونة.


ضحكت فاتن بصوت عالي وقالت: بصراحة عندك حق.


قاسم بضحك: رحم الله امرئ عرف قدر نفسه.


ضحكت فاتن: طب تعرف انا كنت هتطرد من المستشفى كذا مرة لولا ان ابوك اتوسطلي.


قاسم بضحك: ليه؟!


فاتن بفخر: علشان اى حد كان بيستفزني كنت بفـ ـتح دماغه.


قاسم بصدمة: يا مفترية.


فاتن بضحك: احكيلك.


ركز قاسم معاها، وقال: احكي.


فضلت فاتن تحكيله عن اللي كانت بتعمله، وقاسم اول مرة يضحك من قلبه من بعد الحادثه اللي حصلتله.


مر الوقت لحد ما نامت فاتن على ايده من غير ما تاخد بالها، لعب قاسم في شعرها وهو بيبتسم، وبص قدامه في الفراغ، ابتسم بفرح لما قاله سلطان ان فاتن كانت اكتر واحدة خايفة عليه، وفرحان قوي انها بتهتم بحالته النفسية وصحته لدرجة انها اكلته في بوقه علشان متتعبوش.


مشى قاسم صابعه على وشها وقال بهدوء:


- انا شكلي كدا هحبك ولا ايه.


• تاني يوم الصبح


دخل سلطان الاوضة، واول ما شافهم نايمين قريب من بعض ابتسم، هز قاسم بخفة علشان يصحيه فصحت فاتن هي كمان، لما ادركت انها نايمة على دراع قاسم بعدت بسرعة بإحراج، ضحك قاسم بخفة عليها، وسلطان قال:


- اخبارك ايه انهاردة؟!


قاسم: انا كويس الحمد لله.


اعد سلطان جنبه، وقاسم قال:


- بابا انا عايز امشي من هنا.


سلطان بصدمة: انت اتجننت، انت لسه عامل العملية امبارح، عايز تمشي ازاى.


قاسم بخنقة: ما انت عارف يا بابا ان انا بكره المستشفيات.


عيون سلطان دمعت لما عرف ان قاسم بيكره المستشفيات علشان امه ماتت فيها، قام سلطان من مكانه وقال:


- انا هسأل الدكتور واشوف هو هيقول ايه.


هز قاسم راسه، وبص على فاتن الساكتة: انتي ساكتة ليه؟!


فاتن بإرتباك: اقول ايه؟!


بصلها قاسم بغيظ وقال: يعني مفيش اخبارك ايه؟! في حاجة تعباك ولا لأ.


ضحكت فاتن وقالت: ما ابوك لسة سائلك قدامي.


هرش قاسم في دماغة: تصدقي عندك حق.


ضحكت فاتن، وسلطان دخل ومعاه الدكتور اللي قال: انا ممكن اكتبلك على خروج بس لازم ممرضة تيجي معاك.


قاسم: موافق.


خرج الدكتور، وقال لسلطان: تعالا معايا علشان تمضي على خروجه.


خرج سلطان معاه، وفاتن قالت: دماغك ناشفة قوي.


ابتسم ببرود: عارف.


دخل سلطان ومعاه الممرضين وساعدوه انه يعد على الكرسي المخصص ليه وخرج سلطان مع قاسم وجنبه فاتن.


ساعده سلطان انه يعد في العربية وحط الكرسي جنبه، وركب هو وفاتن قدام، محدش اتكلم فيهم لحد ماوصلوا للبيت، عمل سلطان مع قاسم نفس اللي عمله المرة اللي فاتت ودخله الاوضة اللي في الدور الارضى.


فاتن: انا هطلع اجيب هدومنا من فوق.


هز قاسم راسه وخرجت، وسلطان اعد جنبه، وقال بخبث:


- نظرتك ليها اتغيرت اوي.


قاسم بتوتر: تقصد ايه.


ضحك سلطان وقال: مالك اتوترت ليه انا بهزر معاك.


بصله قاسم بغيظ، وسلطان ضحك، نزلت فاتن بالهدوم وحطتهم في الدولاب، وسلطان خرج بره لما سمع صوت جرس الباب، بصت فاتن على قاسم، وقالت بإبتسامة:


- تحب اطبخلك ايه انهاردة؟!


كان لسة قاسم هيتكلم، بس دخلت عليهم واحدة، بصتلها فاتن بإستغراب:


- انتي مين؟!


-انا افنان الممرضة بتاعة استاذ قاسم.


هزت فاتن راسها، وافنان قربت منهم، وحطت ايدها على جبين قاسم، بصت فاتن عليها بغيرة، وافنان كملت فحوصاتها:


- ما شاء الله حالتك كويسة ومفيش اى مضاعفات.


دخل سلطان، وقال:


- تعالي معايا علشان اوديكي الاوضة اللي هتعدي فيها.


افنان برفض: انا مش هبات هنا علشان حالة الاستاذ مفيش عليها اى خطر، انا بس هاجي بالنهار كل يوم اطمن عليه لحد ما يبدأ العلاج الطبيعي.


هز سلطان راسه وقال:


- زي ما تحبي.


طلعت افنان الكارت من جيبها وقالت:


- دا الرقم بتاعي علشان لو احتاجتم مني اى استشارة.


اخد سلطان منها الكارت، وافنان خرجت بره، قرب قاسم من ودن فاتن، وقال بخبث:


- عينك هطق من كتر ما انتي بتبرقيلها.


ارتبكت فاتن اوي وقالت: وانا هبرقلها ليه؟!


رفع قاسم حاجبه: علشان غيرانة مثلا.


ضحكت فاتن بإرتباك: لا طبعا وانا هغير ليه.


قاسم بضحك: هصدقك حاضر.


قامت فاتن من مكانها وقالت بتوتر: مش عايز تصدق براحتك.


خرجت فاتن بره، تحت ضحك قاسم عليها.


راحت فاتن المطبخ وبدأت في الطبخ وهي بتقول: عيل سئيل.


• عدى كذا يوم لحد ما اجى ميعاد العلاج الطبيعي.


كان قاسم بيقوم بصعوبة وهو ماسك العكازات والدكتور بيسنده من الناحية التانية، بص قاسم على فاتن ولقاها بتبصله بفخر وبتشجعه بعينها، ابتسم بحماس، ومد رجله ومشى اول خطوة اخيرا.


صقفت فاتن بفرح، والدكتور قال بإبتسامة:


- تقدم حلو اوي.


بص قاسم على فاتن بشكر على الدعم اللي بتقدمهوله، والدكتور قال بضحك:


- لا دا انتي لازم تبقى موجودة كل مرة يا مدام فاتن لانه بيتدلع لما مبتكونيش موجودة.


قاسم بغيظ: بتدلع!!


ضحكت فاتن على تعابير وشه، والدكتور قال:


- خلاص يا سيدي كنت بتعافر ولا تزعل نفسك.


دخل سلطان وقال بمرح: ما تضحكوني معاكم.


الدكتور: اهو الثلاثي المرح بتاعك اجى اهو.


ابتسم سلطان بغرور وقال: وانا القائد بتاعهم واى حد يقول غير كدا يعرفني بس.


قاسم بضحك: واحنا نقدر برضو.


سلطان: ايوه كدا.


اتكلم سلطان بجدية وقال: اخبار ابني ايه يا دكتور؟! ماشي على العلاج كويس؟!


الدكتور: ما شاء الله ابنك شاطر قوي وبيعافر والبركة في دي.


شاور على فاتن، فقال سلطان:


- والله يا بنتي انا مش عارف من غيرك كنا هنعمل ايه.


حطت فاتن شعرها ورا ودنها بكسوف وقالت:


- متقولش كدا يا عمي.


لم الدكتور حاجته وقال:


- ان شاء الله قريب قوي ابنك هيمشي تاني على رجليه.


ابتسموا كلهم بفرح، وخرج الدكتور بره، اعد قاسم على الكرسي تاني وقال:


- كل اللي بيحصلي دا بفضلك يا فاتن.


ابتسمتله فاتن وقالت: انا مبعملش حاجة، دا واجب عليا يا قاسم.


ابتسم قاسم، وحس انه قلبه بيدق بسرعة كبيرة، حط ايده على قلبه وبصلها بغموض وهو بيبتسم بفرح.


فضل الدكتور يجي كل يوم وكان في تحسن ملحوظ، اجى اليوم اللي كلهم منتظرينهم واخيرا مشى قاسم على رجله، اتنطط قاسم في مكانه بفرح، وحضن سلطان وفاتن:


- انا مش مصدق، انا اخيرا بمشي.


دمعت عيون سلطان، وقال ببكاء:


- انا اللي مش مصدق نفسي يا حمـ ـار.


عيط قاسم من التأثر وعيطت فاتن هي كمان وقالت:


- دا انتوا عالم نكدية اوي.


ضحكوا عليها، وفاتن بصت عليهم بزعل وقالت:


- اظن انا وقتي كدا انتهى.


بص قاسم عليها بعدم فهم، وسلطان بص عليها بصدمة، وقال:


- ب بس يا بنتي..


قاطعته فاتن وقالت: الاتفاق اتفاق يا عمي وانا عملت اللي اتفقنا عليه.


قاسم بخوف ليكون اللي في باله صح: اتفاق ايه؟!


بص سلطان على الارض، وقال بتوتر:


- كنا متفقين انها تقنعك تعمل العملية ولما تقف تاني على رجليك تطلق وترجع لحياتها.


رجع قاسم لورا بصدمة: انت بتقول ايه؟!


متكلمش سلطان، فصرخ قاسم:


- سكت ليه اوعى تقولي ان الكلام اللي انت قولته دا حقيقي؟!


معرفش سلطان يقول ايه، فقرب قاسم من فاتن وقال:


- هو كل الاهتمام دا كان بسبب اتفاق!! يعني مكنتيش بتخافي عليا بجد؟!


هزت فاتن راسها بسرعة وقالت:


- لا والله يا قاسم انا كنت خايفة عليك بجد مش بسبب الاتفاق صدقني والله.


بزعيق: اوماال ايه؟!


فاتن ببكاء: انا والله يا قاسم في الاول والآخر كنت بعمل كدا علشان اساعدك، انا مكنتش مستفادة حاجة اصلا من الموضوع بس علشان انت ابن عمو سلطان كنت عايزة اساعدك لاني بعزه جدا، بس والله بعد ما قربت منك وانا بقيت بخاف عليك بجد وبهتم بيك من كل قلبي.


قاسم: وبعد الكلام اللي انتي قولتيه دا عايزة تطلقي صح؟!


بصت فاتن في الارض من غير ما تنطق اى كلمه، بس شهقت بصدمة لما قاسم اشتالها:


- هو انتي مفكرة اني هسيبك تخرجي من حياتي بعد ما حبيتك؟! تؤتؤ دا انا قاسم يا لولو.


طلع قاسم بيها الاوضة فوق، تحت صراخها:


- انت بتعمل ايه يا مجنون؟! نزلني.


اتكلم سلطان بفرح وقال: جدع يالا جدع.


دخل قاسم الاوضة، ونزلها على الارض، اتكلمت فاتن بكسوف:


- انت ازاى تشيلني كدا وقدام عمو؟!


قرب قاسم منها، فبلعت ريقها وقالت:


- انت بتقرب ليه؟! ابعد.


حاصرها قاسم على الحيطة وقال: بقى كنتي عايزة تطلقي يا فاتن.


فاتن: انا مكنتش عايزة احس اني مجبورة عليك، كفاية انك اتجوزتني بالإجبار.


قاسم: ومين قالك كدا يا عبيطة؟!


فاتن: يعني انت مش حاسس اني مجبورة عليك؟!


ضحك قاسم وقال: دا انا لسة قايل تحت اني بحبك يا هبلة.


ضحكت فاتن بكسوف وقالت: وانا كمان.


قاسم: لا انا عايزك تقوليها.


رجعت فاتن شعرها ورا ودانها وقالت: وانا كمان بحبك يا قاسم.


ضحك قاسم بسعادة واشتالها ولف بيها تحت ضحكاتها السعيدة.

                      تمت

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

تعليقات



<>