رواية ظلمه
الفصل الثالث3
بقلم سارة مجدي
مرت ساعات العزاء مساءا وعلى راس العزاء كان كاسر يجلس يتقبل العزاء وعينيه تطلق شرر مخيف كان محروس يدور بين المعزين يوزع القهوه و عيناه لا تفارق كاسر ... وفى وسط العذاء علت صوت الهمهمات حين دلف ذلك الجسد الضخم ذو الملامح الخشنه المخيفه بسب تلك النظره ليقول ببرود
- مفيش عذا ... كل واحد على بيته
كان الجميع ينظر اليه بخوف ونفذوا ما قاله فى صمت ثم نظر الى منصور وعيناه تسال
- فى اعتراض؟ بقلمى ساره مجدى
ليتحرك منصور فى صمت
نظر صخر الى كاسر بنظره فهما الاخير وتحرك سريعا
كانت مريم جالسه فى وسط النسوه تبكى بصمت هو كل ما لديها ليس لديها ام او اخت او اخ كان الجميع ينظر اليها بشفقه فهى اصبحت الان وحيده
رحل الجميع وانتهى العزاء بعد ان حضر محروس واخبرهم ان الصخر أمر بانتهاء العذاء وظلت مريم وحدها بعد ان رفضت عرض فاطمه ان تبيت معها ... وهى تشعر بالقهر والظلم حتى بعد وفاه والدها لم يرحمه ولم يتركهم يكلموا العذاء .
ظلت تتلفت حولها تنظر لجدران المنزل الذى أصبح خالى الان من كل الاحباب فمنذ عشر سنوات توفيت امها والان والدها ... فى بلد يسوده الظلم ويتحكم بها جبار هى وحدها فتاه فى العشرين من عمرها غير متعلمه قصيره القامه هزيله الجسد بعيون عسليه لامعه ووجه خمرى جذاب بقلمى ساره مجدى
جلست مكانها تبكى بصوت عالى تنعى والدها وتنعى نفسها فها هى اصبحت فريسه سهله لظلم الصخر وتابعه الامين ... غفت مكانها من كثره التعب والبكاء .
~~~~~~~~~~~~~~~~~
كانت جالسه على سريرها ممده قدميها امامها تتحدث الى والدها
- بلد غريبه وناسها اغرب .. تصدق ان مفيش فى البلد غير كبار السن وستات واطفال مفيش شباب بقلمى ساره مجدى
صمتت قليلا ثم قالت
- غير محروس وطبعا كاسر الى حكتلك عنه
ليقول والدها باهتمام
- محروس .... ايوه يعنى شباب البلد راحوا فين ؟
وقفت على قدميها وتوجهت الى نافذه الغرفه المطله على ذلك المبنى المسمى مستشفى وقالت
- معرفش يا بابا بس انا حاسه ان البلد دى فيها سر خطير
ليقول والدها محذرا
- شيمو لو سمحتى انت هناك لوحدك ارجوكى متحشريش نفسك فى مشاكل ... بلاش تقلقينى عليكى .
تنهدت بصوت عالى وهى تتذكر نظرات ذلك الكاسر لها ومن داخلها شعور انها تورطت فى المشاكل بالفعل ولكنها قالت
- حاضر يا بابا ... حاضر
ظلمه بقلمى ساره مجدى
~~~~~~~~~~~~~~~
اغلق الهاتف مع ابنته وهو يفكر فى كل ما قالته من كلمات سائق التاكسى وتصرفات اهل البلده ونظرات وتعامل ذلك الكاسر معها وحالة اهل البلد مع حالة الوفاه وايضا غياب شباب القريه بقلمى ساره مجدى
كان يقف امامه ابن اخيه الدكتور اياد علم الدين ينظر اليه بتمعن ثم قال
- مالك يا عمى هى شيمو قالت حاجه ضايقتك .
لينظر له سعد الدين وهو يحاول حجب افكاره عن ابن اخيه قائلا
- اه و لأ ... بس انت عارف اول مره تبعد عنى وانا فى الاساس بخاف عليها من الهوا .
لييتسم اياد قائلا
- متقلقش يا عمى شيماء تربيتك .. وفى غيابك بتكون راجل .
ليضحك سعد الدين بقوه وهو يقول
- اه لو كانت سمعتك كانت رجعتك لمراتك عينك وارمه .
ليضحك اياد وهو يقول
- وده اكبر دليل على كلامى انت خاف على اهل البلد منها .
ليهز سعد الدين رأسه بنعم وهو يدعوا الله فى سره ان يحمى وحيدته من كل شر ويلوم نفسه رغم معرفته بصواب ما فاعله .
ظلمه بقلمى ساره مجدى
~~~~~~~~~~~~~~~~
فى صباح اليوم التالى استيقظت مريم على طرقات قويه على الباب لتعتدل من نومتها غير المريحه على تلك الاريكه ثم وقفت لتمسك بحجابها وتوجهت الى الباب لتفتحه بقلمى ساره مجدى لتتسع عيناها فى صدمه وهى ترى ذلك الكاسر يقف امامها بطوله الفارع وجسده الرياضى
كانت تقف امامه ترتعش خوفا وتشعر ان قدميها لا تحملانها وكان هو يقف امامها كالطود ينظر لها من علو فهى بالنسبه له قصيره للغايه كان ينظر لها من قمه رأسها الى اخمص قدميها بنظره متعاليه وقال بصوت عالى جعلها ترتد الى الخلف خوفا
- ده وقت الحساب
لتنظر له باندهاش و صدمه ليكمل هو موضحا
- هتدفعى الديون الى على ابوكى ولا لأ
لتفرق يدها بقوه وهى تقول بصوت مرتعش
- يا كاسر بيه ابويا ... ابويا مات... مات يا بيه وحضرتك عارف وانا محلتيش حاجه غير البيت ده ومليش حد بقلمى ساره مجدى
رفع حاجبه بشكل مخيف مع ذلك الشرر الذى يتطاير من عينيه وقال
- شكلك نفسك تشوفى غضب الصخر
لترتعد خوفا وتخونها قدميها من فرط خوفها لتجلس على ركبتيها تبكى خوفا وقهرا
ليظل ينظر اليها بشر دون ان يرف له جفن وقال بعد عده دقائق
- قدامك حل من الاتنين .. يا تواجهى غضب الصخر ....وانت عارفه يعنى ايه غضب الصخر ... وعارفه بيحصل ايه للى بيشوف الصخر .... او
-لا لا
لتقول سريعا بلهفه وخوف مما تخيلته فقط ان يحدث لها على يد ذلك الصخر الذى يهابه الجميع ولا يظهر الا ليعاقب الخاطئين من وجه نظره والخارجين عن قانونه .
ابتسم الواقف امامها بانتصار وقال
- الحل الوحيد الى قدامك انك تشتغلى فى بيت الصخر مقابل دين ابوكى .... لانه محتاج خدامه بقلمى ساره مجدى
صمت لثوانى ليشاهد تعابير وجهها الذى شحبت تماما وكأن الجالسه ارضا امامه على ركبتيها قد فارقت الحياه منذ مده
فاكمل ليقتلها رعبا على كل المستويات
-وطبعا مش محتاج اقولك انه من غير مرتب علشان انت مديونه ليه .. ده تحمدى ربنا انك هتلاقى لقمه ناشفه هناك تكليها.
صمت مره اخرى ليرى ذلك التمثال الذى امامه لا يتحرك لا يتكلم فقط دموع تجرى فوق خديها بغذاره
ليبتسم ابتسامه صفراء وهو يقول
- ده غير طبعا اننا هناخد البيت ده تحت حساب الدين .
لتشعر ان رأسها تدور بها .. لا ترى شيء ولا تشعر بشئ فقط خوف ... رعب ... موت .
ذلك الدين الذى يتكلم عنه هو ثمن اطعامه هو والصخر بعد ان عجز والدها عن العمل فى الورشه او فى الارض .
ليكمل قتلها قائلا
- يلا قومى لمى الحاجات الى تخصك علشان نروح دلوقتى قصر الصخر .
لتنسحب الحياه منها حرفيا وتغيب عن الوعى وتسقط رأسها امام قدميه .... ظل ينظر اليها دون ان يتحرك به شعره واحده ظل واقف لعده ثوانى ثم تحرك ليجلس على احدى بقلمى ساره مجدى الكراسى الموجوده بذلك المنزل الفقير ووضع قدم فوق الاخرى ينتظر حتى تفيق .
~~~~~~~~~~~~~~~
كان جالسا فى غرفته يتذكر وقت قدومه الى تلك القريه وما حدث وقتها .
كانت اول من وقعت عينيه عليها .... خطفت قلبه وروحه المتألمه ... وظن انها دواءه من كل ما عاناه... ولكنه اكتشف انها ابنه عدوه اللدود قرر ان يكون الانتقام اقوى ظنا منه انها ابنتها ايضا فعمل على ان يدين جميع سكان القريه بما فيهم ابيها .... وسائل راحه كثيره بأموال طائله والجميع باع اراضيه وما يملك ...بقلمى ساره مجدى ومن لم يقوم بذلك من تلقاء نفسه اجبر على ذلك وخلال عام واحد كانت البلد اجمع فى يديه .... واسفل قدميه بمساعده صديقه ... ذات الرأس الداهيه .... الذى استطاع التخلص من شباب القريه ... واصبح هو سيد تلك البلد ... «« بلد الصخر »»
كلامه قانون. .. أوامره مطاعه ... وكان اول أمر ان يصبح خليل خادم القريه الذليل .... لا يحق له الاعتراض .. الأوامر تنفذ دون نقاش غير مسموح له بأن ينادى الصخر او كاسر سوا بسيدى .... ان لا يتألم لا يشعر ... هو عبد ذليل لا كرامه له ... وشرف له انه اسفل قدمى الصخر ... عاد من افكاره وهو يتذكر انها ستكون فى قبضه يده بعد قليل ... هنا فى بيته خادمته .... ولمعت فى عينيه تلك النظره التى تدل على ان القادم اصعب . بقلمى ساره مجدي
