رواية سقر عشقي
الفصل العشرون20
بقلم سارة مجدي
بعد مرور سته اشهر
كانت تدلف من بوابه المؤسسه الكبيره لراعيه كبار السن و المشردين .. بعد ان اصبحت المديره .. فمنذ ما حدث معها و مع اخوتها و هى تأخذ خطوات ثابته لمستقبلها دون التفكير فى الماضي و كل ما يحمله من الم و خيبات و ساعدها فى هذا طبيبها الذي اصبح صديقها .. دلفت الى غرفه مكتبها و خلفها المساعد الخاص يخبرها بكل المستجدات
- لسه فى قافله واحده مرجعتش .. بس احنى متابعينها
نظرت اليه ثم اومئت بنعم و قالت بهدوء اعتادت عليه مع التدريب مع طبيبها النفسي
- و الناس اللي وصلت كل امورهم تمام و مش ناقصهم حاجه
ابتسم عاصم و هو يقول بأقرار
- متقلقيش حضرتك كل اوامرك و اوامر الوزاره بتتنفذ بالحرف و بدون تهاون
ابتسمت براحه و هي تشير له بالانصراف بعد ان قالت
- اول ما القافله الاخيره توصل عرفني
- أوامر حضرتك
اجابها و غادر الغرفه و اغلق الباب خلفه بهدوء .. اخرجت هاتفها من الحقيبه حتى تتصل بنوار تطمئن عليها كعادتها اليوميه .. بعد عده ثوان وصلها صوت اختها السعيد منذ انشأت تلك الحضانه
- سياده المديره المهمه عامله ايه ؟
لتضحك حلم بصوت عالى و هى تقول بمرح
- انا حلوه اهو زى كل يوم أنتِ بقا عامله ايه ؟
- زى الفل بس مش فاضيه دلوقتي علشان بنفخ البلالين .. هبقا اكلمك بليل او اشوفك بقا انت وحشتيني
اجابتها نوار بمرح مشابه .. و قبل ان تعلق على قصه البلالين اكملت نوار قائله
- اتصلى بعائشه اطمني عليها شكلها خلاص هتعملها و نبقا خلات
اتسعت ابتسامه حلم و هى تقول
- حاضر .. و انا يمكن اجي النهارده فعلا .. بس عايزه افهم حكايه البلالين
لتضحك نوار بمرح و قالت بسعاده
- ده عيد ميلاد آدم . يلا بقا علشان الحق اخلص
و اغلقت الهاتف سريعا .. لتنظر حلم الى الهاتف بأندهاش لكنها ابتسمت براحه .. ان اختها و اخيرا استطاعت ان تحصل على السلام النفسي و التوازن من جديد بعد كل ما حدث مع غسان
اعادت راسها الى الخلف و هى تتذكر كل ما حدث منذ سته اشهر فى ذلك الاجتماع الاخير الذى جمع عائله بركات كامله و لاخر مره
حين انهت جنه كلماتها التى تفهمتها و لا تلومها عليها فجميعهم مخطئون فى حق جنه ..هي ايضا ساهمت فى جرح قلب صديقتها .. وافقت على ان يتزوجها راغب و هي تعلم جيدا انه يحبها و انها تسكن قلبه و ان لا يوجد مكان بقلبه لجنه و رغم ذلك ذهبت بنفسها لها و اخبرتها برغبه راغب فى الزواج منها
حين تركتهم جنه يشعرون بالصدمه من موقفها و خاصه راغب و رقيه الذان كانا يراهنان على حب جنه الكبير له .. كانت تصعد درجات السلم تغشي عيونها الدموع .. لتشعر بدوار و فى ثوان كانت ممده ارضا اسفل الدرج و اسفلها بركه كبيره من الدماء و كأن القدر يقف معها فى معركتها الجديده و يعطيها اول المفاتيح .. للخروج منها دون ذيول .. او و كأن القدر يؤيد قرارها و يريد ان يصفع راغب و رقيه صفعه اخيره لم يتوقعوها اي منهم
حملها راغب سريعا و غادر المنزل تاركا و الدته و الجميع و التى لحقت به كانت حلم .. لكن عائشه اوقفتها و هى تقول بحيره
- رايحه فين يا حلم ؟
- مقدرش اسيب جنه يا عائشه
اجابتها حلم بأقرار ثم نظرت الى يوسف و قالت
- هبقا اكلمك .
حاوط يوسف كتف عائشه و هو يقول
- روحي يا حلم بسرعه جنه محتجالك .. و متقلقيش .
بالفعل صعدت سريعا بجانب جنه حين ابتعد راغب بعد ان وضعها فى الكرسي الخلفي للسياره ..طوال الطريق الى المستشفى كان الصمت سيد الموقف .. فلا كلام يشفع .. و لا تبرير يمحي ما حدث
تكفى نظرات الندم داخل عيون راغب .. ليس لكل ما حدث و لكن لظلم وقع على جنه دون ذنب او سبب سوا غروره و انانيته
حين وصلا الى المستشفى سريعا اخذ الاطباء جنه و بدأوا فى عمل الازم لها و الازم لانقاذها جلست حلم فى ابعد مكان عن راغب الذي وقف بجانب باب الغرفه التى تضم جنه .. تلك الفتاه الرقيقه التى عشقته واحبته بكل كيانها .. وروحها
لم تبخل عليه بشئ فى وقت كان هو لا يراها بل يحاول نسيان حلم بها و بأسوء الطرق و اخسها
رفع عيونه ينظر الى حلم التى تجلس بهدوء واضح عليها التوتر و القلق لكنها اكثر ثباتا .. انها تغيرت اصبحت اقوى متصالحه مع نفسها و مع الجميع .. تعلم الان ماذا تريد و هذا واضح فى عيونها خاصه خلال تلك المواجهه المريره التي كشفت كل الحقائق و كشفت من الجاني الحقيقي .. و انه لم يكن فقط عمه و لكن والدته هى اليد الخفيه لكل ما حدث
كانت تعلم جيدا انه ينظر اليها تعلم ايضا بماذا يفكر .. فحديثها مع الطبيب النفسي جعلها تستطيع استيعاب و فهم حتى النظرات .. و لذلك و من قبل ان تكتشف مذكرات والدتها كانت تدرك نظرات زوجه عمها جيدا و تفهم المعنى الحقيقي خلفها لذلك لم تعد تهتم لها و لا لحديثها او افعالها
مر الوقت حتى خرج الطبيب من الغرفه بوجه غير مفسر لتقف سريعا امامه جوار راغب الذى ينظر اليه بترقب حين قال
- انا اسف جدا مدام جنه لازم تدخل العمليات لانها بتفقد الجنين واى تأخير فى خطر على حياتها
شهقت حلم بصوت عالي لكنها تداركت نفسها سريعا و قالت
- و مستني ايه ؟ اتصرف بسرعه و اعمل الازم
ليقول الطبيب بهدوء
- محتاج الزوج يمضي على الاقرار ده
ليأخذ راغب الورقه من الطبيب و وقع بصمت .. ليأخذها الطبيب منه .. و عاد الى الغرفه سريعا .. لتعود حلم تجلس مكانها من جديد .. ظل راغب على وقفته عده ثوان ثم نظر اليها بنظرات حاده لم تهتم لها
اقترب منها و وقف امامها و قال بغضب مكتوب
- طبعا شمتانه فيا مش كده .. امي اطلقت و مراتي طالبه مني الطلاق و خسرت ابني .. خسرت كل حاجه يا حلم و انت بتتعالجي دلوقتي و ابويا واقف فى صفك و يوسف كمان .. أنتِ اللى كسبتي يا حلم رغم كل العذاب اللى عشته بسببك أنتِ اللى كسبتي
رفعت عيونها تنظر اليه بجه خالي من التعابير .. و ظلت تستمع الى كلماته الحاقده و الغاضبه بهدوء شديد ... هى ترى تلك النار الحارقه داخله ... لقد خسر بالفعل كل شيء .. لم يبقا له شيء فى الحقيقه هى لم تكن السبب فى كل هذا .. لكن هو يريد الان شماعه يعلق عليها اخطائه ، انانيته و غبائه
وقفت امامه عيونها تنظر الى عمق عينيه و قالت بهدوء
- انا مش هكون الشماعه اللى تعلق عليها اخطائك .. و انانيتك .. و لا هكون السبب اللى انت هتمسك فيه علشان تنيم ضميرك عن اخطائك كل اللى حصل نتيجه افعالك .. انت اللى قررت تدخل جنه دايره انتقامك مني وفى النقطه دي انا مش بخلي مسؤليتي تجاه صديقه عمري و جاهزه لاي عقاب منها .. و هكون انا الخسرانه لو قررت تبعد عني للابد .. لكن انت ذنبك ملوش غفران .. و لو هي خسرت ابنها دلوقتي .. دى فرصه هايله ليها انها تبعد عنك و للابد .. لانها خساره فيك
كان ينظر اليها بغضب عارم يجتاح كل كيانه يود لو يصفعها او يحطم راسها .. او يضمها الى صدره يروي عطش قلبه لها .. هو حقا لا يفهم نفسه كيف يفكر بها بذلك الشكل و زوجته اكثر من حبته فى تلك الحياه تصارع الموت و الفقد و الخساره ... بعد ان طلبت منه الطلاق .. كيف لهذا الوقت يفكر فى حلم .. اذا كل ما قالته حلم حقيقه هو اناني لا يفكر سوا بنفسه و فقط .. هو حقًا لا يستحق جنه حقًا لا يستحق
ابتعد عنها سريعا و وقف فى مكان بعيد عنها و مر الوقت بطئ .. كان يصل اليه صوتها و هى تتحدث فى الهاتف مره مع عائشه و مره مع يوسف .. و مره اخرى مع شخص لا يعلم من هو .. لكن ابتسامتها الواسعه و هى تتحدث جعلته يشعر بالغضب من جديد و زاد بداخله الغربه فى تحطيم راسها
حين خرج الطبيب من غرفه العمليات ... وقفت امام الطبيب الصامت كراغب الذى ينظر اليه ثم قال بعد عده لحظات
- طمني
اخفض الطبيب راسه و قال
- انا اسف مقدرناش ننقذ الطفل .. ربنا يعوض عليكم
وقبل ان يخرج السؤال منه .. سألت حلم بقلق
- المهم جنه
- مدام جنه كويسه بس الفتره الجايه هتكون محتاجه دعم نفسي قوي .. الستات بعد عمليات الاجهاض بيكونوا محتاجين كل اللى بيحبوهم جمبهم خصوصا حضرتك يا استاذ راغب .. و ان شاء الله تعوضوا الطفل ده .. الف سلامه على المدام
قال الطبيب كلمات .. دون ان يعلم انه يصفع راغب عده صفعات دون ان يدري .. لتخرج حلم هاتفها و هى تقول
- هتصل بأهلها اكيد هتكون محتجاهم
عادت من افكارها حين سمعت صوت طرقات على الباب و دخول عاصم الذى قال ببعض التوتر
- القافله فيها مشكله
وقفت سريعا و هى تقول بقلق
- مشكله ايه ؟ و مين قائد القافله دي ؟
اقترب عاصم و مد يده بالهاتف لتأخذه حلم سريعا و اجابت بهدوء ليصلها صوت محسن و هو يقول
- الحاله رافضه تماما انها تيجي معانا .. و للاسف عماله تحكي فى قصص و حكايات و مش عارفين نتعامل معاها خالص
ظلت حلم صامته لعده ثوان .. فهذه المره ليست المره الاولى الذى تتعرض فيه احدى القوافل الى هذا الموقف الكثير من الناس التى اعتادت العيش فى الشارع .. و خاصه اذا تعرضت لازاء نفسي فى بيتها او من اقربائها تفضل البقاء فى العراء على ان تتعرض من جديد الى هذا النوع من الالم
- طيب يا محسن هبعتلك دكتور إلياس حالا .. بس ابعت شير لوكشن لعاصم
مدت يدها بالهاتف لعاصم و هى تقول
- ابعت اللوكيشن لدكتور الياس و انا هكلمه
اومئ عاصم بنعم و تحرك عائدا الى مكتبه .. اخرجت هاتفها حتى تتصل بالطبيب إلياس و حين اجابها قالت بأبتسامه ناعمه
- محتاجه لخدماتك يا دكتور
- و الدكتور تحت امرك
اجابها سريعا .. لتصمت لثوان حين تلونت وجنتيها بخجل اصبحت تشعر به كثيرا .. خاصه و هى تتحدث معه .. رغم انه كان سبب تحولها و شفائها من كل امراض الماضي و اخطائه .. و يعلم عنها كل شيء .. حتى انه يعلم ما خجلت ان تخبر به اخوتها الا ان ذلك لم يكن سبب خجلها هناك سبب اخر و قوي و تخشى ان تعترف به و لكنها ايضا تعلم امكانياته كطبيب نفسي و تعلم جيدا انه يستطيع ان يجعلها تعترف بكل ما تشعر به بسهوله و دون اى مجهود لكنه يترك لها الفرصه كامله .. يريدها ان تعترف بكامل رغبتها .. و هى راضيه عن نفسها و عن اعترافها
- عاصم هيبعت ليك اللوكيشن ..و هنتظر ابداعاتك
- تمام يا مديره ... اوامرك
كلماته الرقيقه .. استخدامه لكلمه يا مديره و التى تجعل الحديث رسمي رغم انه يبدوا حميمي اكثر من العادي و ذلك و رغم كل شيء يسعدها بشده
اغلقت الهاتف .. بعد ان اخبرها بوصول رساله من عاصم .. و انه سوف يتحرك الى المكان فورا
*********************
وصل الياس الى المكان ليقترب منه محسن و شرح له الامر سريعا ليقترب منها بهدوء و جلس بجانبها ارضا دون ان يهتم بملابسه الانيقه .. و لا حزائه الرياضي الابيض .. ابتسمت له حين نظرت اليه ليقول لها برفق
- ايه يا امي مالك ؟ ليه مش عايزه تيجي معانا الدار ؟
- هخربها .. و ادمرها و اخسر كل اللى فيها بعد ما هحبهم
اجابته سريعا ليقطب جبينه دون ان تغادر الابتسامه وجهه و قال بهدوء
- متقلقيش احنى مش هنسمح ابدا اننا نخسرك او انك تخسرينا .. فى بيتنا الكبير هتلاقي اصحاب و اولاد و احفاد
- كان عندى ولاد كتير .. كان عندى حفيدين جايني فى الطريق .. بس
اجابته وعيونها تلمع من الدموع ليمسك يديها بحنان و هو يقول
- انسي اللى حصل كله … و لما نروح الدار هناك تحكيلي كل حاجه و وعد مني .. اني احاول بكل طاقتي اجمعك بولادك و احفادك
دون ان تشعر و عيونها متعلقه بعينيه التي تحمل الكثير من الحنان و الحب وقفت معه و سارت برفق جواره .. كان من داخله يشعر بالاندهاش .. ان ملابسها تشير انها من عائله ميسوره الحال .. و ايضا ملامح وجهها و طريقه حديثها
كان عقله سارح فى ما قد يكون حدث بيها و بين اولادها حتى يصبح هذا حالها
اجلسها فى سيارته .. بعد ان اشار لمحسن و باقي القافله بالحاق به .. و قبل ان يصعد الى السياره ارسل رساله لحلم يخبرها انه فى الطريق مع القافله .
**************************
عادت الى البيت بعد ان انتهت حفله آدم و هى تحمل بعض البلالين و الابتسامه ترتسم على وجهها بسعاده كبيره صعدت مباشره الى غرفه اختها حتى تطمئن عليها
و كانت هي فى ذلك الوقت تحاول مغادره السرير .. اليوم تشعر بالم حاد اسفل معدتها و ظهرها .. تعلم جيدا انها اعراض الولاده لذلك تريد الاستعداد لكن ذلك الالم شديد يجعلها لا تستطيع التحرك بمفردها ابتسمت حين سمعت طرقات على باب غرفتها و دخول نوار .. التي قالت
- اخبارك ايه النهارده ؟
- تعبانه
كلمه واحده جعلت نوار تنتفض و تترك من يدها البالونات و اقتربت منها سريعا .. و قالت بلهفه
- مالك فى ايه ؟ هتصل بيوسف علشان تروحي المستشفى
امسكت عائشه يد اختها و هى تقول بهدوء فهى تحتاج تركيز نوار لا ان تشعر بالخوف و التوتر و لا تستطيع التصرف
- متقلقيش لسه شويه .. دلوقتي عايزه منك تطلعي الشنطه اللى احنى جهزناها من الدولاب
أومئت نوار بنعم و تحركت سريعا الى الخزانه و اخرجت الحقيبه و وضعتها جوار الباب و نظرت الى عائشه و قالت
- ايه تاني ؟
ابتسمت عائشه بألم ثم قالت
- جهزيلي هدوم علشان اخد دوش
اومئت نوار من جديد بنعم .. و تحركت سريعا لتخرج الملابس حين صرخت عائشه بألم ليسقط ما بيد نوار و هى تركض الى اختها تمسك يديها و هى تقول بخوف
- مالك
- بووووووولد ..... اااااااااااااااه
قالت عائشه بصوت صارخ .. لتبكي نوار و هى تقول
- التلفون .. يوسف
مسكت عائشه فى يديها و هى تقول بالم
- مش هنلحق .. اعملى اللى هقولك عليه ... ااااااااااااااااااااااااه
صوت صراخها جعل نوار تنتفض سريعا تنفذ كلمات اختها و تعليماتها التي تقولها من بين صرخاتها و لكنها ايضا و دون ايراده منها يدها المرتعشه اتصلت بيوسف الذى وصله صوت الصراخ ليغادر المستشفي و هو يمسك بيد طبيب النسا الذي غادر غرفه العمليات منذ قليل حتى لم يكمل تبديل ملابسه
كل ما يحدث الان ضرب من الجنون .. اذا اخبرها احد انها ستقوم بتوليد اختها … اتهمته بالجنون و الخرف
كانت تتبع نصائح اختها و قلبها يرتجف خوفها و يدها ترتعش .. عيونها تبكي تأثرا و خوفا .. تدعوا الله سرا و بصوت عالي ان يعينها و يقوي قلبها حتى تستطيع انقاذ اختها .. بعد ما حدث و رغم ان ثلاثتهم كانوا قريبين من بعضهم متماسكين .. لكن زاد هذا التماسك و القرب .. و اصبحوا اخوه و اصدقاء امهات بالتناوب لبعضهم البعض .. سند و قوه .. و ناصح امين .. وهى الكبيره هي الام التي احتاجت دعم اخوتها حتى حصلت على الطلاق و وصلت للمعادله الصعبه فى التوازن النفسي .. بين حبها الكبير لغسان الذى يتملكها بالكامل و بين حبها لذاتها و كرامتها .. و بين ذلك الجرح الكبير الذى وشمه بيديه داخل قلبها ... واحساسها حين وقف امامها يرجوها ان تتراجع عن قرار الطلاق
- نوار انا عارف اني غلطت و غلطي كبيره و مينفعش تسامحيني عليها .. بس انا عملت ده من خوفي .. خوفت انى اخسرك خوفت انك تسبيني و انا بتنفس هواكي .. و من غيرك اموت .. انا بحبك يا نوار ارجوكي اديني فرصه عارف ان من حقك تعيشي حياتك و تكوني ام .. و اني اناني لما اطلب منك انك تكملي معايا .. بس انا مليش غيرك يا نوار .. مليش غيرك
ظلت صامته تستمع الى كلماته المكرره .. وبداخلها نار حارقه .. و حرب بين حبها له و بين كرامتها .. و بين ما فعله و بين احساسها القوي بالامومه و رغبتها الجارفه لذلك .. رغم انها لبضع لحظات فكرت لو كان اخبرها الحقيقه كانت ستكتفي به لكن ما فعله بما يحمل من انانيه يجعلها هي ايضا تفكر بأنانيه
- انت اناني اوي يا غسان .. و انا معنديش استعداد اعيش عمري كله و اضيع حلمي علشان خاطر واحد اناني زيك .. مفكرتش غير فى نفسك و انت بتوجعني و بتكسرني علشان افضل جمبك .. انا مش عايزاك .. و اللى انت عملته خلاني انا كمان انانيه ومش هفكر غير فى نفسي و بس
عادت من افكارها على صوت صرخات اختها المتتاليه المتوسله لله ان يرحمها من ذلك الالم و لا تعلم كيف وجدت نفسها تمسك بين يديها ذلك الكائن الملائكي الصغير و هو يصرخ بصوته الرقيق الذي يخطف الانفاس و القلب و الروح
نظرت الى عائشه التى اغمضت عيونها بأرهاق وصدرها يعلو و يهبط سريعا فى محاوله منها لالتقاط انفاسها .. لتقول نوار بصوتها الباكي
- اعمل ايه يا عائشه
فتحت عائشه عينيها و قالت بأرهاق
- هاتى البطنيه بتاعته و لفيه فيها و اتصلي بيوسف
لم تكمل كلماتها لتجد يوسف يقتحم الغرفه و الخوف يرتسم على ملامحه ليهوله المنظر اكثر حين وجدتها تتصبب عرقا و بين ساقيها الصغير يلتف بالغطاء الخاص به .. و دون ان ينتبه انحدرت تلك الدمعه التى تحمل الكثير من الخوف ، الراحه ، الصدمه و سعاده كبيره لا توصف
انتبه من صدمته و هو يقول
- اتفضل يا دكتور شريف
دلف الطبيب ليصدم هو الاخر و لكنه تحرك سريعا يكمل ما قامت به نوار و لكن قبل ان يبدء قال لنوار
- لو سمحتي عايز مايه سخنه
اومئن نوار بنعم و غادرت الغرفه سريعا تحضر ما طلبه .. و بعد اكثر من نصف ساعه كانت عائشه تحتضن طفلها بين ذراعيها و يحاوطها يوسف بين ذراعيه
كانت نوار تنظر اليهم بأبتسامه سعاده ثم قالت
- ها هتسموا القمر حبيب خالتو ده ايه ؟
نظرت عائشه الى يوسف الذى قال
- خالتو هى اللى هتسميه
تجمعت الدموع فى عيون نوار و هتى تقترب منهم تمد يدها لاختها حتى تحمل الصغير بين ذراعيها و هى تبتسم بحنان ثم قالت
- أيه رأيكم فى حمزه ؟
نظرت عائشه ليوسف الذى قال بابتسامه واسعه
- حمزه يوسف مصطفى بركات
لتضم نوار الصغير الى صدرها و هى تشم رائحته المميزه و على فمها اجمل ابتسامه .. و بعيونها دمعه فرح و تمني
