رواية الثلاثة بنات وجرة العسل
الفصل الثاني2
بقلم كاتب مجهول
لمّا سمع الشّيخ ذلك غضب من المرأة غضبا شديدا ،وقال لها ما في الجرّة هو دواء ،أوصتني به أحد النّساء ،والله يعلم كم عانيت لصنعه ،والآن ستدفعين الثمن خمسة آلاف دينار ،فزعت الأمّ،وقالت :حتى ولو بعنا كل شيئ فلن نجمع حتى ربع هذا المبلغ ،سامحني يا سيدي، وسأكون خادمتك !!! وبينما هما كذلك جاءت البنت الكبرى، وقالت : لقد أكلت العسل مع أخواتي من شدة الجوع ،فعاقبنا إن كان ذلك يخفّف من غضبك ،ولمّا شاهدها الشّيخ ،وقف مندهشا ،فلم ير جارية بهذا الجمال ،فقال في نفسه : لم أكن أتصوّر أنّ السّحر الذي صنعته هو رائع لهذا الحدّ ،ثم قال للمرأة حسنا لن أطالبك بشيء ،لكن على شرط أن أحمل معي ابنتك إلى قصري، وستساعني في صناعة الأدوية ،لم تجد الأم بدّا من القبول خصوصا بعد أن وعدها بالاهتمام بنفقتها ولباسها .
لكن بعد شهرين رجع إلى الدّار ،وحين خرجت له المرأة،سألته عن سبب مجيئه ،فأجابها : لقد عصت تلك البنت اللئيمة أوامري ،فحبستها،ولا بدّ أن تنال جزائها ،والآن سآخذ الوسطى !!! صاحت المرأة ،واستعطفته ،لكنّه أصرّ على أخذها معه ،وإلا تدبّرت أمرها لإرجاع ماله ،فوافقت على مضض . وبعد أن ذهب الشّيخ ،قالت الأمّ لابنتها حليمة: أختك خديجة أيضا لا تسمع الكلام ،وأخشى أن يغضب منها ،ويأتي لأخذك معه ،لهذا أفكّر أن نبيع هذه الدّار ونرحل من هنا !!! قالت البنت : معنى ذلك أني لن أرى أختاي إلى الأبد ،إنها فكرة سيئة يا أمّي ،ولو أتى فسأذهب معه ،وأعرف ما جرى لهما ،
بعد ثلاثة شهور صح ما توقعته المرأة ، أوتى الشّيخ إليها،وقال : سآخذ البنت الثالثة ،ولمّا رأى أنّ جمالها عادي، ولم تصبح مثل أختيها ،سألها : لم تأكلي من جرّة العسل !!! أليس كذلك ؟ أجابته :نعم يا خال ،ولقد حذّرتهما ،لكن لم تسمعا الكلام ،قال الشيخ: للأم لقد أحسنت تربية هذه البنت ،وسأردّ لك الأخرتين لما أنتهي من عقابهما ، ،ثم رمى لها صرة نقود ،لكن الأم أجابته لا أريد مالك على الأقل دعني أراها من حين لآخر ،صاح الشيخ :يكفيك الإثنان واحمدي الله أنهما سترجعان إليك ،هذا كل ماعندي ،إقتربت حليمة وقالت لها : لا تقلقي يا أمي سأجد وسيلة للتخلص من هذا الرجل ،وأعود إليك مع أختاي ،هذا وعد مني .
مسحت الأم دموعها عن عينيها ،فهي تعرف ذكاء إبنتها ،ثم حضنتها إلى صدرها ،وذاق الشيخ ذرعا بالبنت فسحبها من يدها بقوة ،وقال :أمامي أشياء كثيرة لأفعلها هذا المساء ،هيا ،ولا تعطليني !!! وصلا إلى قصر في طرف المدينة وكان يبدو قديما جدا، فأعطاها ملابس جديدة ،وقال لها: بعد أن تأخذي حمّاما ،وتصلحي من شأنك تعالي وسأعلمك شغلك ،وجلس الشّيخ أمام طاولة مليئة بالقوارير والحشائش ،لمّا جاءت نظر إليها ،وأعجبته هيئتها ،فقال لها :لقد تقدّمت في السّن ،وأحتاج لمن يساعدني في عملي ،أجابته سأقوم بكل ما تأمرني به لكن الأوّل أريد أن أرى أخواتي ،أجابها: أعدك بذلك لكن ليس الآن ،بقيت بجانبه تسمع ما يقول بانتباه .
بعد ساعتين قال لها سأذهب قبل أن تغرب الشمس ،وأوصيك أن تذهبي إلى المطبخ، وستجدين لحما تطبخينه وتعدين خبز الشّعير ،بعد ذلك تأخذين نصيبك وتتركين طبقين من الطعام وجرّة من نبيذ العسل على الطاولة . في الليل ستأتي صاحبة القصر،و تأخذ كلّ ذلك، فلا تحاولي النظر إليها، أو معرفة أين تذهب ،هل فهمت ؟ لما تنهين كلّ شيئ تذهبين إلى غرفتك ، ولا تخرجين إلا في الصّباح ،و ستندمين لو درت في القصر ،وفتحت الأبواب، لا تنسين مأ وصيتك به ،وإلا كان مصيرك كأخواتك ...
...
