رواية غزال الصعيد الفصل السادس6بقلم روان محمد صقر
غمس أنفه بين ثنايا رقبتها وأخذ يُقبل فيها بنهم وكأنه بات جائع عشق على باب قلبها
وكانت الصدمة التي حلت عليهم : ألحق يا زين عِفريت ...
لم يستوعب زين ما قالته غزال ولا حتى تحرك قيد أنملة ظل يُقبل رقبتها بعشق جارف تملك منه بسبب قربها أما هى كانت تنكوى من شدة العذاب ترى خيالات واشباح تحوم حولها وتتعهد بالانتقام أشباح تتطارد عقلها وقلبها وروحها وتتوعد لها بالاسوء إلا أن نطقت بكلمة الخلاص : بعد عنى أبوس يدك يا زين بيه بعد أنا بتعذب
ليبتعد عنها وهو يلهث ويتنفس الصعداء بجانب أذنها ويردف بحدة : وأنا مش هبعد يا غزال والليلة هتبجى ليلتنا أى جولك عاد كبير الصعيد هيبحى جوزك جولا وفعلاً اليوم يا بت مسالم عشان اشوف مش رايدانى ليه ؟!
زحفت غزال إلى الوراء من شدة الضعف وعدم قدرتها على الوقوف وأخذت تخبئ شعرها بحجابها الملقي على الأرض لأنها رأت فى عينيه الشهوة قد تملكت منه والعشق قد أعمه عن الدنيا وعن حالها ولما لا فهو رجُل يريد أن يتحقق من شرف زوجته وما إذا طاهرة نقية أو قد ماسها أحد غيره ؟!
ليتقرب منه وكأنه مغيب عن الدنيا أخذ ينظر لها بشدة حب وكل معانى العشق التى وقعت على مسامع كل عشاق الأرض كان حبه لها كبير لدرجة لا يمكن وصفها أحبها بعمق جذور الاشجار ، عشقها لدرجة أن أنفاسه وأن توقفت فى أحضانها فهو قد نال الشهادة زحف هو الآخر على قدميه حتى وصل إليها وحملها و جعلها تتوسط السرير وخلع عمامته وعباءته وشاله وردف بصوت رجولى مبحوح أثر العشق والولع بها : الليلة هتبجى بتاعتى يا غزال
نظرت له بخفوت وضعف ولكنها سرعان ما تحولت إلى شخص آخر وكأنها استحالت شبح اخذت تضرب وتلطم على خدها بشدة وتعنف ذاتها وأصوات نحيبها تعلو فى السرايا جلس زين بجوارها واختضنها بشدة حتى تهدى وتتوقف ولكنها ردفت بجانب أذنه بصوت آخر غير صوت غزال صوت يشبه أصوات الرجال : بعد عنها أحسن لك يا زين أخدت جلبها مش هتاخذ جسمها عاد ابتعد زين عن أحضانها وهو ينظر إليها بأستغراب أما هى فصوت ضحكاتها تملئ الغرفة وهى تنظر لها بشماته لتتساقط من عينيه دمعة أطاحت بها أرضًا ليقف على قدميه ويأتي بأحد المصاحف ويفتح أحد السور القرآنية وجلس على أحد الكراسى وظل يردد بعض الآيات القرآنية بصوت عذب ولكن قلبه كان يتأكل عليها وكأنهم أخذوا منه قلبه ورموه فى الحياة بدونه ظل يردد ويردد الآيات حتى نامت تلك الغزال وهى تضع يديها تحت رأسها بخفة ليتقرب منها بوهن والدموع تنهمر من عيونه كأنها استحالت بحور وتحسس وجهها وشفتها المكتزتان ونام بجوارها ووضع بجانب رأسها المصحف الشريف ليكون حارس لها من تلك المخاوف والاوجاع التى تأخذها إلى عالم آخر لف يديها حول خصرها وأخذها لتنام على يديه ولكن سرعان ما وجد شئ اثار فضوله وأثر كل حواس جسده شُلت أعضاؤه وهو يراه : أى اللى جابك هنيه يا مسالم و كيف طلعت هنيه يا راجل أنت انطق ....
تنهد الآخر وأخذ يفرك يديه بين أصابعه وبرتعش من شدة الخوف فهو ومازال كبير الصعيد ليردف بتلعثم وأخذ يتقرب من زين ولكن سرعان ما أوقفه زين : أنا جيلك استنى عندك يا مسالم
لم يتحرك مسالم من مكانه حتى أتى زين إليه : فى حاجه يا مسالم ..
نظر مسالم من الشرفة على ابنته النائمة وواضح على هيئتها التعب والحزن : كيفه غزال ..
أخذه زين بعيداً عن مرمى الأنظار : جولى الأول كيف وصلت لهنيه واى جابك
اخذت أنظار الآخر تلوح فى الإرجاء خائفاً من قول الحقيقة ولكن يجب عليه التحدث وإلا ستلقى ابنته نفس مصير أمها ركع مسالم على قدم زين بتوسل ورجاء وهو يبكى بشدة : بتى يا زين بيه غزال هتضيع منى ساعد بتى ؟!
انحنى زين واوقف مسالم على قدمه : اجعد عاد وخبرنى غزال مالها واى إللى حُصل معها وخلاها أكده جولى كل حاجه
التقط زين يديه وتحدث بألفه وحنان : صدجنى هساعدها أنا افديها بروحى لو أمرت
أخذ مسالم نفس عميق وكأنه بتلك الكلمات أسقط من على كاهله حمل ثقيل
جلس مسالم وقص كل ما يعرفه عن ذلك الدجال وما فعله ما ابنته ...
أصبحت عيون زين تنفث نار من شدة الغضب وما فعله ذلك الدجال بحبيبت القلب والروح والحياة وتوعد له بالكثير : غزال عملت أكده عشان حبيبها صُح يا مسالم ......
هز مسالم رأسه بالموافقة ونظر له : كان لازم ناخد جطرك يا زين بيه عشان بتى غزال تبجا أحسن بتى من ساعة ما أمها اللى يرحمها ماتت وهى كيف الميته بس بتى من ساعة ما عرفتك وهى بجيت بنى ادمه بتضحك وبتتحدت ويتفهم ويتحس بجيت حد تانى من يوم ما جات اشتغلت فى السرايا ...
نظر زين من الشرفة وهى نائمه كالملاك وهمس لقلبه بأنها ستكون أفضل ..
ستكون بجانب عقله وقلبه إلى الأبد ...
وأقر أن القلب لن يعشق إلا غزال ولا أحد سواها سيظل عبد تحت رحمة قلبها الذى امتلك عقل وقلب كبير الصعيد ...طلب من أبيها الانصراف وعاد هو ليستكين بجانبها ليسمع دقات قلبها الناعسة ويملس على شعرها بحنان ويشدد من ضمته لها ويجذبها إلى أحضانه بقوة ليقع أثير بين أصوات قلبها وشكلها الذى يلين له الحديد من شدة الجمال أنهى تلك النظرات بجملة أقسمت أنها سمعتها وفرح قلبها لأجلها: بحبك يا جلب زين ما تخافيش زين هنيه وما عيسبكيش واصل ......
: بت مسالم الخدامة بجيت فى سرايا الكبير يا راجل أنت
نظر لها بخوف فهو نفسه ذلك الدجال الذى فعل تلك الأفعال: يا ست الناس الموضوع هياخذ وجت عشان يبتدى يشتغل أنت عارفه هو شوية وجت ويزهق منها ويهملها لحالها
تقربت تلك المرآة منها بغل وحقد : عايزاك كيف ما موت أمه تموتها فاهم يا راجل أنت ولا لع
هو الآخر رأسه بخوف وتحدث بتلعثم : حاضر يا ست الناس اللى تؤمرى بيه
وبمجرد أن تأكد من أنها غادرت حتى ضرب أحد الارقام على الهاتف وتحدث بصوت ملئ بالشر : أيوة أمك لسه خارجة من عندى أكمل بضحك وشر أكبر: جولتلها زى ما اتفقنا بالضبط يا كبرنا ....
تحدث الآخر على الجهة الأخرى: بروة عليك كده تعجبنى ....