رواية ضجيج الروح الفصل الخامس عشر15 بقلم فرح احمد

رواية ضجيج الروح 

الفصل الخامس عشر15 

بقلم فرح احمد

تصل أمام بناية الجريدة و تدفع الآجرة و تأخذ أشيائها و تصعد السلم على عجل و حين دخلت فجأه تسمع صوت صواريخ و صوت عالي مهللين مبتسمين قائلا أحد منهم:-

_مبرووك عليكِ يا "آرام " ... الجريدة هتحتفل بيكِ بمناسبة القبض على " صافية العدل " 


و يبدأ الكل بالإقبال عليها بالقُبل و الأحضان و إعطاها هدايا كثيرة .. و تبادلهم " آرام " الفرحة و السعادة العارمة المسيطرة عليها بـ هذا الترحيب و الإنبساط ... فـ هيا كانت تفعل كُل ما بوسعها حتى تحصل على معلومات و الادلة و أقترب منها " رأفت  " و إبتسامة رسمية على وجهه قائلا:-

_الوسام دا تقديرًا لـ تعبك ... و مكافأة بسيطة على جهودك مع " عبدالله " و " سهير " 


آرام و أمتلاءت عينيها بالدموع و الإبتسامة كل مدى تتعمق و تتسع من الفرحة و الإمتنان:-

_كُله بفضلك يا أستاذي الفاضل ... أنا مش عارفه حقيقي أشكرك إزاي !! ... و لا أعبر عن شكري ليكم بجد ... بجد يارب أكون دايمًا عن عند حسن ظنكم فيه ... و أتقدم أكتر و أكتر 


و بعد أن أنتهت من كلماتها المتقطعة المتوترة الدليل عن فرحتها .. أعتلى صوت التصفيق و التصفير من شباب الجريدة ... و الصواريخ الملونه تنطلق فـ الجو ... و أكتملت بأغنية تدل عن النجاح و الفرحة لـ تكتمل اللحظة..!!


و أتجه " رأفت " ناحية مكتبه تاركهم يحتفلوا على راحتهم ... و لكن قبلها إقترب من  " سهيلة " هامسًا فـ أذنها بـ جدية و إبتسامة الرسمية لم تفارق وجهة:-

_متتحركيش كتير عشان البيبي ماشي ... و ياريت تقعدي أصلًا متقفيش


سهيلة إبتسمت بـ هدوء قائلا بـ مشاغبة:-

_خايف على ابنك مني و لا إية...؟!!


رأفت نظرًا إليها بـ جدية مع خليط من الحنان:-

_و خايف عليكِ ... خدي بالك من نفسك 


و يرحل " رأفت " تاركًا " سهيلة " و الإبتسامة اللطيفة الطيبة مرسومه على وجهها...!!


ظلت " آرام " واقفه في منتصف الإحتفال ممسكه بالوسام بإحدى يديها ... تشعر بسعادة لا تقدر أن توصفها ... و فرحة من تكريم " رأفت " لها .... تشاركهم الاحتفال بـ إبتسامات لطيفة و ترد على المباركات


أما " سهير " قامت بـ إيقاف الأغاني و أمسكت بالميكروفون و بدأت بالغناء بصوتها العذب اللطيف على الأذن ... لـ يشاركها إحدى الزملاء بـ إحدى الأدوات الموسيقية " الطبلة " ... مع صفير طاقم الجريدة بأكمله معبرين بـ حماس عن هذا الخليط متفاعلين مع غناء " سهير " مهللين بـ مشاركة إحدى الزملاء  بـ " الطبلة " التي لا تفارقه أبدًا ... فـ يعتبرها جزء من كيانه بـحبه و إدمانه لها ... و إحترافه عليها... تنظر إلية " آرام " بـ نظرات إعجاب على " تطبيله " التي تحاول أن تسيطر على نفسها حتى لا ترقص ... فـ الغناء و " التطبيل " يدغدان روحها و جسدها...ولكنها إكتفت بالتصفيق ... نظارة لـ إحدى فتيات الجريدة تتقدم الساحة حتى ترقص ... فـ تنظر إليها "آرام " بـ صدمة و حدة و تتجه نحوها و تمسكها من ذراعها قبل أن ترقص و تصبح فضيحة


آرام بـ حزم و حدة:-

_إنتِ بتستهبلي يا " سمية " .. هترقصي في الشغل و كمان فيه شباب


سمية بـ نبرة باردة غير مبالية:-

_إحنا بنحتفل ... محصلش حاجة لكل دا..!!


آرام و رفعت إحدى حاجبها مع نبرتها الرسمية مهددة " سمية ":-

_دا عند حنة " شيماء " .. مش فـ الشغل ... فـ لو شوفتك قربتي تاني .. هزعلك ... و إتفضلي على مطبخ حالًا


تحركت " سمية " تمشي بـ حركات مائعة تستفز " آرام " و لولا أنها لا سلطة عليها لـ أعطتها صفعة تيقظها من الكارثة التي كانت ستفعلها ... و يكفي أنها تعمل فـ الجريدة و طريقتها المائعة خاصة مع شباب الجريدة ... و تناقشت مع " رأفت " أن يظل عملها في حدود " المطبخ " و توصيل الطلبات لـ " عادل " و "منعم " ... و لكنها لن تستطيع أن تمنعها من الخروج للإحتفال فـ هيا ليست قاسية للدرجة... فـ تنهدت بـ ضيق و غضب .. حامدة ربها أنها أنقذتها قبل هذا الفعل المشين...!!


و تقترب من الحفل ثانية ... مع صوت تصفيق الحار و الصفير لـ " سهير " و " آسر " الذي كان " يطبل " ... فـ تصفق و تصفر بـ شكل لذيذ قائلا إحدى الزملاء لها:-

_شبح يابا .. شبح

فـ ضحكت " آرام " على هذا الإطراء الشعبي...!!


يمر الوقت و يبدأ الإحتفال في الإنتهاء .. و يتجه كل واحد على عمله لـ يكمل عمله... و يساعد " آرام " إحدى الفتيات في وضع الهدايا على جانب فـ قالت آرام بـ شكر و خجل:-

_تعبتوا نفسكم والله يا جماعه


رد عليها " محمود" بـ إبتسامة هادئه و سعادة:-

_إنتِ تستاهلي كُل خير ... و دي حاجة قليلة بالنسبة ليكِ 


آرام بـ إمتنان:-

_تسلم يا أستاذ " محمود " ... سلمت


و يبتسم لـها " محمود " بـ ود و تقدير ... و تجه نحو مكتبه... و تبدأ " آرام " في عملها المُتراكم ... و يقطعها عن ذلك مجئ " سهير " نحيتها ممسكة بـ علبة صغيرة و إبتسامة لطيفة حيوية:-

_و دي هديتي يا ستي ... إتفضلي


لـ تمد يدها لـ " آرام " التي تنظر إليها بـ شكر:-

_شكرًا بجد ... مكنش ليها لزوم لكل دا


سهير:-

_إفتحيها بس ... و يارب تعجبك


فتحت آرام  العلبة لـ تنظر ما بداخلها بـ صدمة و إعجاب فاتحة عينيها على آخرها من الصدمة:-

_حلوة أوي أوي أوي يا " سهير "


سهير قائله بـ ثقة و بغض الغرور زائف:-

_دي خليت بابي يعملهالك مخصوص ... هدية بمناسبة إنك تعبتي معايا في السفر ... و إعتباريها كمان بمناسبة تكريمك


آرام و هيا ممسكة بالسلسة الرفيعة الزخرفة على اسمها بـ شكل جميل:-

_تسلميلي ياحبيبتي ... هديتك دي فـ قلبي 


و هبت بالوقوف و قربت " سهير " إلى حضنها معبرة عن شكرها و إمتنانها لها ... فـ تبتسم " سهير " بـ ود و خجل من رد فعل " آرام " المفاجئ لها .. فـ لم تتوقع ذلك منها !!


آرام مبتعدة عنها لـ تعطيها لـ " سهير " قائله:-

_لبسهالي 


ف أمسكت بها " سهير " و رفعت " آرام " جزء من حجابها ... ثم تلتف لها قائلا بـ إمتنان:-

_قولي لـ باباكي .. إن الهدية رائعه .. تسلم إيده ....ربنا يحفظهولك يا " سهير "


سهير و بدلتها الود و الإبتسامة:-

_يارب ... هروح أكمل شغلي أنا 


و تاركتها لـ تكمل كل واحدة منهن عملها...!!


سهيلة آتية على " آرام " و علامات الإستغراب و الفضول على وجهها:-

_هو إلي شوفته بـ عيني دا صح...؟!! ... آرام و سهير واقفين بيكلموا و يضحكوا لـ بعض..!! 


إبتسمت " آرام " إبتسامة جانبية:-

_ما أنا لسه محكتلكيش .... أنا و " سهير " بقينا صحاب من وقت الرحلة ... مش عايزة أقولك يا " سو " .. البنت ذكية ذكاء و نبية .. و شخصيتها طلعت عكس كدا خالص ... مثقفة و لبقه و دمها خفيف ... هيا مغرورة شويه .... و تبان إنها هلاسه ... بس عكس ما تتخيلي ... لو قربتي منها هتحبيها


سهيلة بـ نفس الإستغراب و لكن إبتسمت بلطافة:-

_الحمدلله إنها طلعت بنت كويسه ... رأفت كان قالي إنك مكنتيش طيقاهم ... لما يعرف تطور الصداقة بينكم هيفرح 


آرام:-

_الحمدلله


و أستكملت عملها .. حتى أنتهى اليوم تجر نفسها بـ صعوبة بس كثرة الهدايا ... و ساعدتها إحدى الفتيات و أوقفت تاكسي و شكرت الفتاة و أنصرفت ... و قالت للسائق على العنوان و أرخت رأسها كعادتها و لكن على و جهها إبتسامة فرحة و رضا مع خليط من الحزن ... فـ برغم الإحتفال و لكنها حزينة ... كانت تود أن تشارك والدتها بذلك .. و عائلتها كلها ... و لكن بعض الأماني صعب التحقيق...!! 


في إحدى البيوت بالأسكندرية ... تجلس فتاة في آواخر العشرينات و على وجهها علامات الغضب و الضيق قائله:-

_حمزة .. أنا بكلمك .. رد عليا


حمزة بـ لامبالاة و برود:-

_نعم يا " چيهان " ... عايزة إية..؟!


چيهان:-

_إنتَ من ساعة ما جيت من السفرية و إنتَ أسلوبك وحش ... في إيه...؟! ما  تحكِ بدل ما أنت بارد و مستفز كدا


و تنهد " حمزة " وقال وهو يرفع إحدى حاجبيها قائلا بنبرة سخرية:-

_ما أنتِ عارفة ... و لا عايزة تفهميني إنك مكلمتيش " عالية " و عرفتي منها


چيهان و هزت رأسها نافيه:-

_لا مكملتش أختك أصلًا .. ولو أنا عارفه هقعد  أتحايل عليك بقالي ساعة ... فضيالك أوي كدا...؟!!


حمزة بـ نفس أسلوب السخرية و البرود:-

_دا على أساس سيادتك وراكي حاجة ... عيال مثلًا فـ سيباهم و جايه تقعدي معايا ...؟!!!


چيهان و شعرت أن جردل من الماية الباردة إنزلق فوقها من " معايرته " لها فـ نظرت إليه و تجمعت الدموع بـ عينيها و هرولت مسرعة من الغرفة ... تاركه إياه يخرج أنفاسه بـ غضب معاتبًا نفسه على أسلوبه و على كلامه ... فـ هو منذ رأيته لـ " آرام " وهو يشعر بالغضب ... و الضيق و يسيطر عليه بـ البرود و السخرية ... و دون أن يشعر جرح زوجته ... فـ ضرب رأسه بـ يده ... و قام متجهًا ناحية زوجته ...و جلس بجانبها و وضع يده حوالها مقربًا لـ صدره قائلا بـ إعتذار:-

_أنا آسف ... طلعت من غير قصد ... و أنا مضايق يا " چيهان " و دايمًا بقولك ... لما تلاقيني بارد إسكتي ... و لما أبقى كويس إتكلمي .. عشان مزعلكيش


و أستمر بالحديث مبررًا لنفسه .. أما " چيهان " تبكِ بصمت و لم تحاول حتى الإبتعاد عنه .. فـ هيا تعشق وجوده بجانبها ... و تشعر بالدفاء معه .... و لكنها حزينة لما قاله ... فـ هذا الموضوع جارح لـ أنوثتها الناقصه من وجهة نظر الجميع ... و يكفي ما تسمعه من الجميع .. فـ لا تأتي منه الضاربه أيضًا...!!


رفع رأسها قائلًا وهو يمسح دموعها بـ يده:-

_كفايه دموع .. عشان خاطري 


چيهان تحاول السيطرة على دموعها و لكنها لم تستطع


حمزة:-

_أنا شوفت " آرام "


سرد لها حدث و أعتلى وجهها الصدمة و الإستغراب و حين أنتهى قالت:-

_ليه عملت كدا يا " حمزة "..؟!!!  .. ليه تجرحها بكلامك دا !! دي أختك مهما إن كان .. و شوفتها بتعيط !! مأثرش فيك حتى !!! 


أجاب " حمزة " مدافعًا عن نفسه:-

_عشان هيا إلي حكت لـ أبويا على إن في مشاكل في الخلفه  ... و أنا مدتهاش الحق إنها تحكي 


چيهان بـ نفس نبرة العتاب:-

_إنتَ بذمتك مصدق المبرر دا !! ... و حتى يعني .. ما يعرف والدك ... هو حد غريب .. دا أبوك و عادي ... ذنبها فـ رقبتك يا " حمزة " عشان ظلمك دا ميرضيش ربنا ... و معرفش أصلًا عدائك ليها سببه إيه..؟! دا أنا مشوفتش منها الأ كل خير ... طيبه و دمها خفيف ... مشوفتش منها قسوة زي ما أنتَ دايمًا تقول عنها ... و إنك مبتحبش فيها حبها لـ نفسها و عندها ... نفسي أشوف دا حتى عشان أصدقك ... حرام عليك والله 


كان " حمزة " يستمع لها ساخرًا من داخله ... فـ من وجهة نظره أن زوجته مخدوعه بها ... و أنها لم ترى الوجهه الحقيقي لـ أخته بسبب قلة التعامل معاها .. فـ أجاب مغيرًا الموضوع:-

_سيبك منها دلوقتي ... و قوليلي كدا .. إنتَ إحلويتي في اليومين إلي غبتهم كدا ليه...؟!


ضحكت " چيهان " بـ خفه وقالت بـ إستغراب  و نبرة سخرية:-

_لاوالله ...!! 


حمزة بنبرة ماكرة و إبتسامة شقية و خبيثة على وجهه:-

_آه والله ... مش مصدقاني !! ... طب قربي كدا


ضحكت أكثر " چيهان " مصفرًا  بـ إعجاب على ضحكتها الرقيقة....!!!


في بيت " عالية "


تجلس هيا و شقيقتها يحتسوا العصير " الفروله " التي تعشقه " عالية " و بعض الشوكولاته التي أتت بها " آرام " ... و تشارك أختها في الهدايا بعد ما أنهوا من الطعام و أكله الذي طهته  " عاليه " .. و عاتبتها " آرام " و لكنها من داخلها بـ رغم ضيقها و لكنها كانت سعيدة لإنها كانت غير قادرة على الطهو ... و كانت ستطلب أكل من الخارج !!


عالية و هيا ممسكه بـ مذاكرات " نوتس " كبيرة:-

_جميلة دي أوي ... و شكلها تحفه ... مين إلي جايبها...؟!


آرام:-

_فريدة ... بنت خدومه و طيبة أوي ... و بتحب تشتري النوتس دي ... و تهادي بيهم ... و أختيارها رائع بجد


و أمسكت بـ حقيبة كبيرة جدًا .. تعتبر أكبر الشنط و رأت ما بـداخلها و علامات الدهشة تعلو وجهها:-

_إنتِ بتحبي الدبايب..؟!!


آرام:-

_لا .. ليه...؟!


و أمسكت بـ الدبدوب و هيا تضحك و متعجبة .. و كان بـ لون " الأزرق .. عينيه سوادء ... ممسكه بـ يديه قلب بـ لون الأبيض " 


آرام:-

_شوفي كدا مين إلي جايبها 


و قرأت الاسم المكتوب على الحقيبة وقالت:-

_عبدالله سعيد


آرام متنهده:-

_هو شكرًا و كل حاجة ... بس خدي لـ نفسك يا " عالية " ... إنتِ عارفه بخاف منهم جدًا 


عالية و ضمته لـ حضنها قائله بـ سعادة:-

_بجد هتدهولي 


آرام:-

_آه ... و شيليه من وشي بقى 


و ألتفت أختها و وضعته وراء الأريكة الجالسة عليها .. و نظرت بداخل الحقيبة ثانية و أمسكت بـ  علبة حلوى صغيرة مليئه بالشوكولاته و البسكوت قائله:-

_عوضك عن الدبدوب أهو .. ذوق


و فتحت العلبة ... و كان يعلو الشوكولاته ورقه صغيره متنيه فـ أعطتها لـ " آرام ":-

_إقري كدا إلي جواها


آرام و وضعته بـ دون إهتمام بـ جانبها وقالت:-

_بعدين يتقرأ


و إستمروا بـ فتح الحقائب حتى أنتهوا من ذلك فـ قالت " عالية ":-

_هتفضلي إنتِ و ماما متخانقين كدا..؟!


آرام أجابت بـ حزن:-

_أنا عايزة أصالحها ... و كُنت جايبلها هدية .. بس منه لله إلي كان السبب 


عالية:-

_بصي سيبي الأمور عليا أنا و بابا .. وهنتصرف


آرام و شعرت بـ بعض الأمل من جملة " عالية " وقالت:-

_ياريت يا " عالية " 


عالية و وضعتها على شقيقتها قائله بـ حنان و إطمئنان:-

_متقلقيش يا حبيبي


و يمر ٣ أيام ... كانت " آرام " عائدة على منزل " عالية " و لكنها جائها إتصال من أبيها يخبرها أن تآتي على منزلهم 


ركبت " آرام " تاكسي و ظلت تفكر ... من الأكيد أن والدها يريد أن يصالحها على والدتها ... فـ توترت ... بـ رغم أنها سعيدة من ذلك ... و لكنها خائفة من ردة فعل والدتها ... و لكنها شجعت نفسها ... و قبل أن تصعد للمنزل أشترت " بوكية ورد " صغير حتى تقدمه مع الهدية التي آتت بها من السفر ... رأت عم " أسامة " الذي سلم عليها بترحيب شديد قائلا:-

_منورة يا " آرام " العمارة ... كانت مضلمه من غيرك يا بنتي والله


أبتسمت "آرام " على إطراء هذا الرجل الذي يعتبرها ابنتها :-

_تسلم يا عم " أسامة " إن شاءالله هرجع .. عن إذنك


أسامة:-

_بإذن الله يابنتي ... إتفضلي إتفضلي


و صعدت السُلم بـ ثبات زائف ... فـ هيا تهاب والدتها بشدة ... تخاف من إنفعالها الزائد عليها ... أن تضربها ... فـ لم تعد روحها و لا جسدها يتحمل كل هذا الضغط الذي تمارسه والدتها ... لم تنسى " آرام " كل ما فعلته معاها على مدار ٢٤ سنه من عمرها ... و برغم من ذلك تحبها ... تحب كُل ما يشبوهنها بها ... تحب أن ترى والدتها سعيدة ... تحب الشبه الكبير بينهم شكلًا و بعض الصفات الشخصية ... و لا تجد تفسير لما تفرح و تسعد كلما أصبحت تشبها أكثر !! ... و برغم من كل هذا الشبه فـ لم يكن هناك وفاق بينهم ... و كانت سبب تعاستها دائما...!!


وقفت أمام بيتها ... أستجمعت قواها و تمرنت على شهيق و الزفير عدة مرات ... و قامت بضغط على جرس الباب  ... فتح " بلال " الباب و أستقبلها بحفاوة شديدة و احتضنها


آرام بسخرية:-

_دا أنتَ معملتهاش لما رجعت من السفر ... مش معقول ٣ تيام غياب يآثروا فيك كدا..!!


بلال و أبعدها عنها ضاربًا إياها بـ خفة:-

_يالا يا بت من هنا ... أنا غلطان


ضحكت " آرام " و أمسكت بـ يده قائله بـ بسمه حزينه لطيفة:-

_بهزر معاك ... قولي بابا فين...؟!!


أجابها " بلال " بـ أنهم في غرفة المعيشة ... فـ أولًا أتجهت لـ غرفتها التي تفتقدها دائمًا ... فـ هيا مخبأها و سرها ... مكان أحزانها قبل أفراحها ... شاهدت هذه الغرفة ليالي من البكاء المتواصل ... و أيام فرح و سعادة ... و أخذت الهدية ... و أتجهت لـ غرفة المعيشه


آرام  تفاجئت بـ وجود " حمزة " و لكنها تحدثت بـ أدب:-

_سلام عليكم


أجابوها ما عدا "نادية " بـ عليكم السلام و رحمة الله


حسين لـ لهجة حازمة:-

_نادية ... حمزه ... النهاردة و دلوقتي هتتصالحوا ... لإن صدقوني لو فضلتوا بالحال دا ... هسبلكم الدنيا و أسافر لحد ما تتعدلوا ... تمام " و وجهه كلامه ناحية آرام:-

_إعتذري يالا لـ ماما يا " آرام "


إقتربت " آرام " من والدتها و أنحنت حتى تقبلها في يدها كما تعودت هيا و إخواتها قائله بـ أدب و إحترام و هيا تقدم لها الهدية و الورد:-

_أنا آسفة يا ماما 


نظرت لها " نادية " بـ جدية ليس فيه أية مشاعر حنونة:-

_ماشي يا " آرام " ... بس صالحي أخوكِ 


تنهدت " آرام " و إقتربت من أخيها الذي ينظر إليها بـ برود قائله:-

_أنا آسفة يا " حمزة " 


حمزة و وقف حتى يظهر فرق الطول الشاسع بينهم لـ يحضنتها:-

_و أنا آسف


إبتسمت " آرام " بـ نصف فرحة ... فـ هيا تعرف أن والدها من طلب منه ذلك قائله:-

_حصل خير 


عالية قائله بـ فرحة:-

_أخيرًا إتصالحتوا ... ربنا يهديكم و يهدينا جميعًا


إبتسم الجميع متممين بـ كلمة " يارب "


و أجتمعوا على السفرة ... يتحدثون بـ دفء أسري ... لا تشعر " آرام " به إطلاقًا .. و تأكل بدون نفس ... تتابع تعامل " عالية " و " حمزة " الودي الأخوي الذي حرمها " حمزة " منه ... تتكلم مع " چيهان " بـ ردود بسيطة و إبتسامة مصطنعة على وجهها ... و ترى أن " حمزة " يضع لـ "بلال " قطعة لحمة لإنه لاحظ أن طبقه نفذ من اللحم ... أما هيا الجالسه جانبه .. لم يلحظ أصلًا أن طبقها يعتبر قليل ولا يوجد فيه الأ القليل ... و لم يحاول أصلًا النظر لها .. فـ هذا يثبت أن الصلح كان مجرد تمثيليه حتى لا يغضب والدهم ... أما والدتها حاولت فتح حديث معاها فـ قالت بصوت عالي حتى يسمعها الكل:-

_أنا من يومين فاتوا ... خده مكافأه و وسام بمناسبة المجهود إلي عملته في المؤتمر مع زملاء الجداد


حسين بـ فخر:-

_شاطرة يا " آرام " 


و كل أحدًا منهم يبارك لها ... أما والدتها فـ باركت لها بحق وقالت بـ إبتسامة حتى لو كانت جافة قليلًا:-

_مبروك يا روميو .... ربنا يوفقك


فرحت " آرام " من دلالها لها بـ اسمها ... فـ هذا يعني أنها عفوت عنها ... فـ لن تدللها بـ اسمها إن كانت غاضبة منها ... و لم يحزنها مجاملة " حمزة " الباردة ... فـ على الأقل مصالحتها مع والدتها كان حقيقًا و ليس تمثيلًا مثل أخيها...!!!


و جلسوا في ود و حنان ... يتحدثون في مختلف المواضيع ... و " آرام " بعد معاملة والدتها الحسنة معاها بدأت بالتجاوب مع عائلتها ... متجاهله " حمزة " الذي لم يحاول أصلًا هلق حديث حتى لو " تافه "


حسام:-

_بس الفكرة عظيمة ... إزاي مكتبتيش عنها لحد دلوقتي..؟


آرام و هيا تضم شفتيها مجابة:-

_مش عارفه !! ... بس بدام عجبتك أنا هبتدي أكتب فيها 


حسام:-

_إنتِ لسه بتنزلي تصوري الأحداث وكدا...؟!


آرام:-

_بقى قليل أوي ... خاصة إن " ممدوح " بقى ينزل على طول ... بقيت بنزل إضطرارات .. لما يغيب .. أو يكون معا شغل ... كدا يعني


حسام:-

_مفكرتيش تغيري شغلك ؟! ... تروحي جريدة تانيه...؟!


آرام:-

_لا ... مش هلاقي جريدة زيها ... و لا زمايل زيهم بجد ... و إنتَ عارف كانت حلمي أشتغل فيها ... فـ صعب أبعد .. بتسأل ليه..؟!


حسام:-

_أعرف ناس عايزين صحافين خبرة يشتغلوا في "...." و هتسافري برا ... و مرتب عالي ... دا غير سكن و تأمين ... فـ قولت أعرض عليكِ لو عايزه...؟!


قبل أن تجيب " آرام " تكلم " حمزة " بـ ضيق:-

_ومين أصلًا إلي هيسمحلها تسافر...؟!!


حسام:-

_أختك مش صغيرة يا " حمزة " .. لو هيا عايزة تسافر .. براحتها 


حمزة بـ حدة:-

_دا فـ أحلامها !!


نظر الجميع ناحية ثلاثتهم بسبب صوت " حمزة " الذي إرتفع .. أما " آرام " تحاول السيطرة على نفسها حتى لا تفتعل مشاكل معه مرة أخرى 


حسين:-

_صوتك بيعلى ليه يا " حمزه "..!!!!


نظر " حمزة " ناحية والده قائلا و علامات الغضب و الضيق على وجهه ونبرته:-

_الأستاذ .. بيعرض على " آرام " شغل برا مصر ... فـ قولتله معندناش بنات تسافر برا لوحدهم


حسام مبررًا و بدأ يختنق من " حمزه ":-

_يا عمي أنا كُنت بعرض عليها ... مش أكتر ... و أكيد كانت هتسألكم ... " حمزة " هو إلي أتدخل


تكلمت " آرام " وقالت بـ هدوء زائف:-

_أنا مكنتش يا بابا هوافق ... لإن حضرتك عارف إن مبحبش أسافر ... و كُنت هسأل حضرتك الأول ... بس " حمزة " إلي إتسرع و إتدخل


حسين:-

_معلش يا " حسام " هو بس عشان خايف على أخته ... و إنتَ يا " حمزة " تعالى ورايا


و خرج من الغرفة و ورائه " حمزة "  ... و لم تمر دقائق و أعتذر " حسام " بـ أدب و رحل ... و لحقت به زوجته !!!


و ظل في الغرفة " چيهان " و " آرام " ... أما " نادية " خرجت خلف زوجها و ابنه ... و " بلال " نزل منذ نصف ساعة لـ " درسه "


أما " آرام " إستئذانت من " چيهان " و توجهت لـ غرفتها ... و حين دلفت أمسكت بـ أحدى الوسادات بـ عصبية ... تعتصرها بـ يدها بـ ضيق و الغضب يتملك منها ... أفتقدت كُل نقاط السيطرة على " حشرية "  أخيها ... و من الذي أعطاء حق التحكم بها !!! ... وكيف يتحدث هكذا مع " حسام " الحنون الطيب ... الذي في مثابة أخيها الكبير ... فـ هو شخص متفاهم و ذوق ... على النقيض تمامًا من " حمزة " الهمجي العصبي الغير متفاهم ... لا يفهم أي شئ عن النقاش و تبادل الأراء !!!


و إنهت حديثها مع نفسها ... و تركت الوسادة التي كادت أن تنقطع فـ يدها ... بـ بكاء .. جالسة على الأرض ... تشعر بالخنق ... و التعب ... و الإرهاق ... تبكِ لساعتين متواصلتين ... لم يحاول أحد الإطمئنان عليها ... حتى بعد أن غادر " حمزة " 


و أنتهت من بكائها تمسح وجهها في أكمام قميصها الأسود القطني ... و ظلت نصف ساعة تستجمع قواها ... و توجهت ناحية غرفة والدها لـ يسمح لها بالدخول لـ تقول:-

_بابا ... كُنت عايزة أقول حضرتك على حاجة ...؟!


رفع الأب وجهه عن هاتفه قائلا:-

_قولي....!!


لـ يمر بعض الوقت .. و تخرج " آرام " من غرفته ... و تمسك هاتفها تختار إحدى الأرقام و ترفع الهاتف لـ أذنها ... و  جائها الجواب و بعد السلام قالت:-

_خطوبة " شيرين " آخر الأسبوع دا...؟!!


تفاجئ " عمران " وقال:-

_مبرووك ... و إنتِ طبعًا جايه ... إعملي حسابك هاخدك من أول المحطة و هروحك بردو ... إنتِ ضيفة عندنا و لازم نكرمك ... مفيش حجج


تنهدت " آرام " بـ تعب وقالت:-

_مع الأسف في حجة واحدة 


عمران بـ تساؤل و بعض اليائس من تنهيدة و نبرتها:-

_إية هيا...؟!


آرام....

         الفصل السادس عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا 

تعليقات



<>