رواية عروستي ميكانيكي الفصل التاسع والثلاثون والاربعون والحادي والاربعون بقلم سما نور الدين


 رواية عروستي ميكانيكي 
الفصل  التاسع والثلاثون والاربعون والحادي والاربعون 
بقلم سما نور الدين


..اصطكت اسنان ابراهيم من الغضب ولكنه كبح لجام غضبه وهو يقول لمراد..
..".. انت مالكش ذنب يامراد عشان تعتذر عنه ..الذنب ذنب عمي وأصلي هانم .."..
..اعتدل مراد بجلسته وهو يتساءل..
.."..عرفت مكان ايمان ولا لا.."..
..هز ابراهيم رأسه بالايجاب وقال..
.."..انا بعد مادورت عليها وملقيتهاش كنت شاكك انها ممكن تكون مع خالها اللي اسمه صلاح ..بس الحمد لله اتأكدت انها معاه دلوقتي في اسكندرية .."..
..استقام ابراهيم بوقفته واستطرد قوله وهو يهندم من ملابسه ..
.."..انا هسافر اسكندرية ..وانت تخليك هنا مع جدي لاني قلقان عليه من ساعة ماسمع وعرف باللي حصل..انا مش هتاخر ..هروح اجيب ايمان ونرجع على طول.."..
..وقف مراد بقبالته وهو يقول متسائلا ..
.."..هي ماما عملت ايه بالظبط خليتها تسيب الشركة ومترجعش البيت وتسيبك وتسافر.."..
..نظر ابراهيم لمراد بقوة وهو يقول بغيظ..
.."..ايمان صدقتها لما قالتلها اني طمعت في الثروة اللي كتبهلها جدي وبسببها سيبت التشين وهي حامل بعد ماوعدتها بالجواز .."..
..تغضنت ملامح وجه مراد وهو ينظر للجهة المعاكسة بعد شعوره بالخزي مما فعله والداه ..ربت ابراهيم فوق كتف مراد وقال ..
.."..مراد ..خلاص اللي حصل حصل ..خلينا دلوقتي في المهم..انا هسافر دلوقتي حالا وانت زي ماقولتلك تخلي بالك.."..
..هز مراد راسه بالموافقة وهو يقول ..
.."..متقلقش.."..
..صدح رنين الهاتف الخاص بإيمان فنظر ابراهيم لشاشته ليجد اسم صلاح فاسرع باجابته بعد ما وضع الهاتف فوق اذنه..
.."..الو......."..
..أجابه صلاح بصوت جامد حاد..
.."..عايز اقابلك عشان نتفاهم .."..
..تسمر ابراهيم مكانه واسرع بقوله بنفس القوة..
.."..ساعتين وهكون عندك .."..
..اغلق ابراهيم الهاتف ونظر لمراد الذي اشار براسه متسائلا عما حدث ..فلوح ابراهيم بيده وهو يقول ..
.."..خالها اتصل عايزني اقعد معاه نتفاهم ..ايمان اكيد قالتله كل حاجة عشان كدة عايز يتفاهم معايا الاول.."..
..وبلهفة كبيرة اسرع مراد بقوله وهو يمسك بذراع ابراهيم..
.."..بلاش ياابراهيم ..الراجل دا شكل مخه في عضلاته ..يعني التفاهم معاه اكيد اكيد نهايته هتكون المستشفى أو المقابر.."..
..التوت شفتي ابراهيم بابتسامة جانبية وقال وهو يخلع سترته ..
.."..متقلقش قلتلك ..انا هعرف اتفاهم معاه كويس ..يالا انت على اوضتك ..و اول ماتصحى تطمن جدي وعمتي وبعدها على الشركة فورا .."..
..استجاب مراد لطلب ابراهيم الذي اسرع بتغيير ملابسه ونزل مسرعا خارج الفيلا مستقلا سيارته متجها للاسكندرية ..واثناء قيادته اراد ان يتصل بصلاح لكي يعلم اين سيتقابلان ومتى بالضبط ..
..اجابه صلاح بانه سوف يقابله صباحا بمقهى شهير أمام شاطئ العجمي..
..صاح ابراهيم به قائلا ..
.."..قهوة ايه اللي نتقابل فيها..انا هشوف ايمان الاول ....."..
..اجابه صلاح بصرامة ..
.."..انت مش هتشوف مراتك غير لما اقعد معاك الاول ونتفاهم ....سلام .."..
..ضرب ابراهيم مقود السيارة بيده من شدة عضبه بعد غلق الهاتف بوجهه ولكنه حاول التماسك والحفاظ على ثباته حتى يصل الى هناك.....
..وبعد ساعات السفر ركن سيارته امام بوابة فندق كبير والذي ما ان دلف الى احدى غرفه رمى بجسده فوق الفراش ليغفو على الفور من شدة تعب وارهاق هذا اليوم الكئيب بعد ضبطه لهاتفه كي يوقظه قبل موعد لقائه بصلاح بساعة..
..استيقظ ابراهيم صباحا على رنين الهاتف الذي بعد محاولات صعبة وضعه فوق اذنه وهو يردد بصوت يغلبه النعاس..
.."..الو ..مين.."..
..ليجد عزة هي من تجيبه بلهفة وتساؤل..
.."..انا عزة ياابراهيم بيه ..مافيش اخبار عن ايمان ..انا استنيت حضرتك تيجي الشركة عشان اسالك واطمن بس حضرتك اتاخرت.. معلش اعذرني ..انا وامي هنتجنن من امبارح ..."..
..حاول ابراهيم ان يعتدل بجلسته فوق فراشه وقال وهو يفرك وجهه بقوة لكي يستعيد نشاطه ..
.."..اطمني ياانسة عزة..ايمان كويسة هي مع خالها صلاح ..وانا في اسكندرية وهقابلهم بعد شوية .."..
..زفرت عزة بعد ان تنفست الصعداء وحمدت الله بسرها ثم قالت بصوت يشوبه الكثير من الفرح والطمأنينة ..
.."..الله يطمنك ..طب الله يخليك اول ماتشوفها وتديها تليفونها تخليها تتصل بيا ضروري ..معلش لو كنت بزن ..مع السلامة ..مع السلامة..اوعى تنسى .."..
..هز ابراهيم راسه ثم وقف واتجه للحمام ليغتسل ويستعد لما سيحدث في هذا اليوم ..
..وبعد برهة من الوقت ليست قليلة كان ابراهيم بطريقه للمقهى المتفق عليها ...وما ان خطى بأولى خطواته ناحيتها وجد صلاح جالسا بهيئته الضخمة يحتسي كوبا من الشاي .. 
..رفع ابراهيم عن عينيه تلك النظارة الداكنة ووضعها على الطاولة الخشبية التي تتوسط كرسيهما وجلس دون ان يلقي اي تحية وقال ساخرا بصوت هادئ..
.."..ليه خلتني اقابلك هنا ومش في البيت ..مش عايزني اقابل مراتي ..خايف عليها مني .."..
..ارتشف صلاح من كوبه بكل اريحية وبعدها قال بهدوء يحسد عليه دون ان ينظر الى هذا الذي يخفي بصدره بركان من الغضب الهادر..
.."..اظن انك تعرف كويس اني مبخافش من حد ولا حتى ايمان بتخاف ..و دلوقتي نتكلم في المهم .."..
..التفت صلاح واعتدل بجلسته فوق مقعده الخشبي واستطرد بقوله ولكن بصوت قوي يحمل الكثير من المعاني..
.."..ايمان خط احمر يابن البشوات ........."..
..ضرب ابراهيم سطح المنضدة بيده بمنتهى القوة بعد ما التفت اليه مسرعا ..حتى عم الصمت المكان وحدق به كل من حولهما وهو يصيح بقوله ..
.."..ايمان اللي بتتكلم عنها وبتحذرني عشانها تبقى مراتي ومن قبلها بتكون بنت عمي ..يعني على ذمتي.. وانا الوحيد اللي ليا عليها كلمة وانت مالكش عندي او عندها حاجة وفإيدي كمان امنعك تشوفها ..فااهم ........"...
..التوت شفتي صلاح بابتسامة خفيفة وقال بهدوء ..
.."..دا قبل مامراتك تسيبك وتجيني وهي منهارة ومصممة على طلاقها منك .."..
..تغضنت ملامح ابراهيم مما سمع واهتزت حدقتيه وهو يرمق صلاح بغيظ شديد والذي عاود قوله بنبرة باردة ..
..".. تفتكر اني ممكن اخليها ترجعلك بعد ما عرفت باللي حصل ..تبقى بتحلم .."..
..ارتعشت نواجذ ابراهيم من شدة اصطاك اسنانه ببعضها فقال بصوت قوي حاول ان يكون هادئا..
.."..انا مش مضطر اوضحلك اي حاجة ..الكلام والتفاهم هيكون مع مراتي ولوحدنا .."..
..رفع صلاح الكوب ليرتشف اخر ما تبقى من كوبه وقال ببرود ..
.."..والله لو وافقت تقابلك انا معنديش مانع..بس لو رفضت ..يبقى احب اقولك انك عمرك ماهتشوف طرف فستانها حتى .."..
..زفر ابراهيم بضيق بعد ان اطبق جفنيه بقوة ثم قال من بين اسنانه بغيظ واضح ..
.."..انت عايز ايه بالظبط ..لو كنت فاكر ان مقدرش اوصلها تبقى واهم .. فإختصارا لأي مشكلة انا ومراتي في غنى عنها ..قول عايز ايه .."..
..استند صلاح بذراعيه فوق سطح الطاولة بعد عقده لهما وقال وهو ينظر بقوة لعيني ابراهيم..
..".. مرات عمك واللي بلغته لايمان واللي ايمان شافته بعينيها حقيقي ولا لا ......."...
..رفع صلاح ذراعه واشار بإصبعه ناحية ابراهيم وهو يستطرد قوله بنبرة تهديد واضحة ..
..".. وخلي بالك مش هاخد بكلامك 100% 100 ..لا ..هتاكد الاول وبمعرفتي ..بس بردو احب اسمع منك .."..
..رفع ابراهيم حاجبه ولا يعلم بداخله اذا كان ممنونا لوجود رجل مثل صلاح بحياة زوجته ..إم يكرهه لانه يريد ان يكون الحامي والسند الوحيد لابنة عمه وزوجته دون غيره..فقال بنبرة صوت تملؤها الثقة ..
..".. ولو إني مش ملزم بحاجة وميهمنيش اذا كنت تصدق او ماتصدقش ..بس كل اللي اقدر اقولهولك ..ان اللي حصل واتقال كدب ..حاجة كدة عبارة عن فيلم او مؤامرة حبكتها مرات عمي عشان تبعد ايمان من حياتي وحياة جدها ..دا اللي عندي ياكابتن صلاح .."..
..لاحت فوق شفتي صلاح ابتسامة خفيفة واعتدل في جلسته ونظر للأمام وهو يضع قدمه فوق ركبة رجله الاخرى..ضرب فخذه بكف يده وهو يقول متهكما ..
..".. وانا مصدقك يابن البشوات ..لما ايمان حكتلي حسيت ان الحكاية فيها إنا.."..
..هب صلاح واقفا وهو يقول ..
.."..امشي انا بقى قبل ايمان ماتصحى ومتلاقنيش في البيت فتقلق ..". 
..اسرع ابراهيم بوقفته هو الاخر وقال بقوة وهو يمسك بمرفق صلاح ..
.."..هو ايه اللي تمشي ..انا جاي معاك .."..
..ازاح صلاح يد ابراهيم عن مرفقه وهو يقول بصوت هادئ ..
.."..خدها نصيحة مني وبلاش تقابلها .. استناها تهدى وتفكر في اللي حصل بعقل .. وان كمان هكلمها وافهمها .."..
..ارتدى ابراهيم نظارته وشد طرفي سترته للأمام وهو يقول ..
.."..انا جاي معاك وسيب المهمة دي عليا انا .."..
..اشار صلاح له بذراعه كي يخطو امامه وهو يقول ..
.."..اتفضل ..بس متقولش بعد كدة اني محذرتكش .."..
****
..كانت تبحث عنه بكل ارجاء البيت وهي تنادي بقلق ..
.."..ياخالي .....يابو صلاح انت فين .."..
..وعندما لم تجده تنهدت وهي تقول ..
.."..روحت فين ياخالي بدري كدة ..دا لسة الساعة مجاتش تسعة .."..
..صاح صوت العجوز هنية عاليا ..
.."..أم شوقي انتي جيتي ..إنتي ياولية .."..
..دلفت ايمان للغرفة وهي تقول بوجه بشوش ..
.."..صباح الخير ياستي ..عايزة حاجة اعملهالك.."..
..تقطب جبين العجوز وهي تتساءل بتوجس..
.."..انتي مين يابت وفين أم شوقي. "..
..رفعت ايمان حاجبها تعجبا واشارت لصدرها وهي تتقدم ناحية فراش هنية..
.."..ايه ياستي انتي نستيني ..انا ايمان بنت منى ..اخت صلاح ابنك ..وام شوقي اللي بتسالي عليها مش موجودة.."..
..هزت هنية راسها بترقب وهي تحاول ان تسترجع ذاكرتها فصدح رنين هاتف مكتوم ..لتدس العجوز يدها تحت الوسادة وتخرج بها حاملة هاتف صغيرا ..مدت به يدها ناحية ايمان وقالت ..
.."..شوفي مين بيتصل بيا يابنت منى ..انا لسة صاحية من النوم وعينيا مدغششة .."..
..امسكت ايمان بالهاتف ونظرت لشاشته الصغيرة وقالت وهي تضعه على اذنها بابتسامة خافتة ..
.."..دا خالي صلاح بيتصل ياستي ......ايوة ياخالي انت فين ..وخرجت بدري ليه كدة..."..
..نظر صلاح لجانب وجه ابراهيم الذي يقود سيارته وقال متهكما والابتسامة تزين وجهه ..
.."..ايوة ياايمان ياحبيبتي ...انا ياحبيبة خالك خرجت اعمل مشوار مهم وجايلك في الطريق اهو ..ام شوقي بتجيب فطار ..فول وفلافل اسكندارني .........ام شوقي مين ..دي الست اللي بتقعد بأمي وانا غايب ...بقولك ياايمان ..جوزك هاريني اتصالات وشكله متاكد انك عندي ......."..
..صاحت ايمان بغضب واخذت تغدو حول نفسها بارجاء الغرفة وهي تلوح بيدها ..
.."..متقولش جوزي ياخالي ..اوعى تخليه ييجي هنا ..مش عايزة اشوفه...اوعى ياخالي تقوله على مكاني .."..
..اشتدت قبضتي ابراهيم حول مقود السيارة حتى ابيضت سلامياته وهو يسمع رد زوجته خلال الصوت المسموع العال من خلال الهاتف الذي قربه منه صلاح ..اصطكت اسنان ابراهيم وكاد ان ينطق ولكن صلاح اشار اليه بالصمت وبأن يهدأ وقال وهو يقرب الهاتف من فاهه..
.."..خلاص ياايمان اهدي ..متقلقيش ..اقفلي وطمني امي ..انا جاي في الطريق اهو .."..
..اغلق صلاح الهاتف وردد بقوة لابراهيم ..
.."..اسمع كلامي وبلاش تقابلها ..هتقلب بغم ..مخ بنت اختي وانا عارفه كويس .."..
..ضرب ابراهيم مقود السيارة وهو يصيح بغضب ..
.."..هقابلها يعني هقابلها ..وهترجع معايا .."..
..كان صدر ايمان يعلو ويهبط وسرعة انفاسها تزداد ولكنها انتفضت وهي تحتضن الهاتف الصغير بحضنها عندما سمعت صوت العجوز وهي تصيح ..
.."..خدي هنا يابنت منى .. تعالي اقعدي جمبي .."..
..اطاعتها ايمان بعد ان هدات رويدا ..وجلست بجانبها فوق الفراش ..اعتدلت العجوز وتساءلت ..
.."..انتي متجوزة .."..
..نظرت اليها ايمان ورمشت عدة مرات وهي تحاول ان تجد كذبة مناسبة ولكنها لم تفلح فقالت ببلاهة وهي تحرك كتفيها ..
.."..يعني .."..
..ضاق مابين حاجبي العجوز بعد ان شهقت شهقة خفيفة ..
.."..هو ايه دا اللي يعني يابت انتي ..متجوزة ولا لا ويبقى مين جوزك ..".. 
..مطت ايمان شفتيها وقالت بنبرة صوت حزينة..
.."..ابن عمي ياستي ومكتوب كتابنا .. يعني هو جوزي ..بس في نفس الوقت مش جوزي.."..
..التوت شفتي المرأة وتسائلت ببلاهة وهي تميل بجذعها للأمام وتضع كفها بجانب اذنها..
.."..نعم ..ايه..هو ايه اللي جوزي ومشفتوش دا..ومكتوب في كتابنا دا ..."..
..ذمت ايمان شفتيها وقالت بامتعاض وهي تشير لنفسها..
.."..انا قلت كدة بردو ..بقولك جوزي ومش جوزي.."..
..تطلعت العجوز بها بوجه ترتسم على ملامحه الغيظ ..
.."..يابنتي انا عندي الضغط والسكر وماليش في فقع المرارة..هو جوزك ولا لا.."..
..تنهدت ايمان بيأس وقالت بحزن وبصوت باكي..
.."..ايوة ياستي ..جوزي ..بس ....."..
..ضربت العجوز كتف ايمان بقوة وقالت بصوت خافت..
.."..ايوة ..ايوة ..فهمت ..هو جوزك ..بس طلع مش....."..
..توقفت السيدة العجوز عن الاسترسال بكلماتها واكتفت بغمزتها وقرص فخذ ايمان واستطردت بقولها..
.."..معلش يابنتي ..الحاجات دي بقى ليها علاج دلوقتي ..اصبري ..ان الله مع الصابرين ..وكمان لازم تكوني ستر وغطا عليه ..وان شاء الله هيخف ويبقى زي الفل.."..
 ..تأوهت ايمان ومسدت فوق فخذها..ثم تداركت ما تقصده العجوز بتلميحاتها ..فأشارت لها بيدها ورأسها بالنفي وقالت بحزم..
.."..لا ياستي مش قصدي كدة ..هو كويس ..انا اقصد حاجة تانية خالص.."..
..هزت السيدة جسدها وقالت بصوت حاد وهي تمسك بأذن ايمان وتطيح برأسها يمينا ويسارا..
.."..وعرفتي ازاي انه كويس ياقليلة الحيا ..مش قلتي مكتوب كتابك بس ..وجوزك ومش لوزك.."..
..امسكت ايمان بيد العجوز وهي تصرخ ..
.."..يالهوتي عليا وعلى ودني اللي هتتخلع في ايدك ..سيبيني ياستي وانا هفهمك .."..
..تركتها العجوز بعد سماع صوت جرس الباب يصدح عاليا ..
..اسرعت ايمان ناحية الباب لتفتحه وهي تتمنى ان يكون صلاح لكي تعرف هل علم ابراهيم بمكانها ام لا ..
..فتحت الباب فوجدت سيدة ممتلئة الجسد ترتدي جلباب واسع ووشاح وواسع يغطي رأسها وصدرها وبوجه يمتلك ملامح تتسم بالطيبة والبساطة قالت السيدة وهي تشير لها بأصبعها ..
.."..انتي الست ايمان صح ..انا ام شوقي ..كابتن صلاح اتصل بيا وقالي اجيلكم ومعايا الفطار .."..
..نظرت ايمان للحقيبة البلاستيكة التي رفعتها ام شوقي أمام وجهها فقالت وهي تفصح لها الطريق..
.."..اتفضلي ياست ام شوقي ..خالي اتصل بيا وقال انك جاية ..اتفضلي .."..
..خلعت السيدة حذائها المهترئ بجانب الباب وهي تقول بصوت مبهج ..
.."..يتفضل عليكي ربنا بخيره وفضله ..تعيشي ياغالية .."..
..كانت السيدة تعرف طريقها جيدا وهي تتجه ناحية غرفة العجوز هنية. 
..اغلقت ايمان الباب واتجهت للصالة وجلست بعد ما اغرورقت عينيها بالدموع وتفكر بانها يجب الاسراع بطلاقها وعودتها لحارتها وورشتها ..بيئتها ومكانها الحقيقي ..
..حتى وان كان قلبها يحترق لابتعادها عن من تحب جدها وعمتها و....
..اشار صلاح لابراهيم ان يقف بسيارته عند جانب الطريق القريب من بيته ..وقال بصوت حازم وقوي ..
.."..نص ساعة وتيجي اكون هيئتلها الوضع قبل ماتقابلك .."..
..زفر ابراهيم بضيق وهز راسه بالايجاب دون ان ينطق ..نزل صلاح من السيارة متجها لبيته وكانت عيني ابراهيم تتبعه وحتي اختفى عن انظاره  تماما داخل رواق البيت ..
..تعلقت عيني صلاح بتلك الجالسة فوق مقعدها سارحة بخيالها بعيدا  ويدها تمسح دمعاتها التي تسيل فوق وجنتيها دون توقف ..فنادى عليها ..
.."..ايمان.."..
..انتفضت في مكانها ولكنها هبت واسرعت اليه وهي تردد بلهفة ..
..".. اوعى ياخالي يكون عرف اني هنا .."..
..امسك صلاح بكتفيها وقبل ان ينطق كان صوت رنين جرس الباب عاليا.. وطرقات قوية تضرب سطحه ..
..اغمض صلاح عينيه وسب بصوت خافت ..
.."..الغبي مصبرش حتى خمس دقايق. "..
..اتسعت عيني ايمان وهي تردد بقلق ..
.."..اوعى يكون هو ياخالي .."..
..هز بيده كتفيها وقال لها بصوت قوي..
.."..ادخلي اوضتك واهدي ..وانا هتصرف معاه لو كان هو .."..
..اسرعت ايمان بالدخول لغرفتها ولكنها وقفت خلف الباب تطل براسها فقط لكي ترى من القادم ..
..فتح صلاح الباب وبوجه غاضب قال لذاك الذي يقف بتحفز ..
.."..أنا مش قلتلك يابني ادم نص ساعة .."..
..شهقت ايمان عندما رات ابراهيم يخطو داخل الشقة وهو يردد ..
..".. مقدرتش اصبر ..هي فين.."..
..صفقت ايمان باب غرفتها بقوة ووقفت ورائه وهي تصيح بغضب ..
.."..اطرده ياخالي ..اطرده ...بس خليه يطلقني الاول .."..
..ارتفع صدر ابراهيم وهو ينفث بغضب وعينيه لا تحيد عن باب غرفتها ..وقبل ان يتجه اليها امسك به صلاح لمنعه وقال ..
.."..اهدى واقعد وانا هجبهالك ..تعال معايا .."..
..صاحت السيدة هنية ..
.."..مين ياصلاح اللي بتزعق دي ..في ايه يابني بيحصل عندك .."..
..سار صلاح بابراهيم ناحية غرفة والدته ودلفا سويا وهو يقول ..
.."..تعال اقعد مع الحجة امي ..عا بال ما اجبلك المجنونة بتاعتك .."..
..وقف صلاح امام فراش والدته وردد.. .."..مافيش حاجة ياامي ..سلمي على ابراهيم جوز ايمان .."...
..نظرت العجوز بتمعن لابراهيم وقالت ..
.."..ياعيني يابني ..هو انت ..بس دا ماشاء الله عليك ..عيني عليك باردة ..بس نقول ايه ..نصيب ..بكرة هتبقى زي الفل.."..
..تقطب جبين ابراهيم وقال بعد ان ضاقت عينيه بتوجس..
.."..افندم.."..
..وكالرصاصة دلفت ايمان للغرفة ..وهي تصيح غاضبة ..
..".. طبعا ماهي الثروة كبيرة اوي ..تخليك تسافر وتدور عليا .."..
..تجهم وجه صلاح واشار للسيدة ام شوقي التي كانت تراقب مايحدث بالانصراف من الغرفة وهو يقول ..
.."..اعمليلنا شاي ياأم شوقي .."..
..خرجت السيدة مسرعة ليقف صلاح امام ايمان وهو يقول بصوت حازم ..
.."..إهدي ياايمان واسمعي جوزك عايز يقولك ايه .."..
..صاحت به ايمان بملامح وجه قاسية وصوت جامد ..
.."..ماتقولش جوزي ياخالي .."..
..ازاح ابراهيم صلاح من امام ايمان ليقف بدلا منه بقبالتها وهو يقول بصوت قوي وعينين لا تحيد عن عينيها المشتعلة..
.."..اومال انا ابقى ايه يابنت عمي .."..
..وبانفاس متسارعة رددت ايمان ..
.."..واحد طماع ..بيدوس بجزمته على قلوب الناس عشان يوصل للي هو عاوزه .."..
..حاول ابراهيم ان يبلع غصته المريرة واشار لنفسه وهو يقول مندهشا ..
.."..انا ياايمان ..بتقوليلي انا الكلام دا ..ربع ساعة مع مرات عمك تخليكي تقولي عني انا الكلام دا ..بعد كل اللي عشناه سوا .."..
..لاحت امام عينيها صورة التشين وهي تمسد فوق بطنها وتقبل شفتيه فأخذت تضرب صدره بقبضتيها الصغيرتين وهي تصرخ أمام وجهه بحرقة..
.."..كان كله غش وكدب ..ضحكت عليا عشان تسرق ثروتي .. اللي عشانها سيبت حبيبتك الحامل في ابنك ..بس انا اللي غلطانة اللي صدقت واحد ندل زيك .."..
..امسك ابراهيم ذراعيها وهو يصرخ بإسمها لكي تصمت..
.."..إإيماااان .."..
..شد صلاح شعره باصابعه وهو يزفر بضيق وبصوت مسموع يقول ..
.."..اهدوا انتو الاتنين ..وتعالوا نقعد نتفاهم .."..
..لم يسمع كلاهما اي كلمة من كلمات صلاح ..نفضت ايمان يد ابراهيم عن ذراعها وهي تصيح بصوت عال ..
.."..طلقني ..طلقني ياندل ..لو راجل طلقني ..بس انا عارفة انك مش راجل .."..
..وبلحظة واحدة تهدم كل شيء ووقف الزمن فور سماع صفعة قوية تضرب وجنة ايمان ..
..شهقت السيدة العجوز وهي تضرب صدرها ..امسك صلاح بكتفي ابراهيم ليقف بقبالته وهزه بقوة وهو يهدر بغضب ..
.."..لحد هنا وعندك يابن البشوات ..وياريت تمشي بدل ماارد عليك بنفس الطريقة .."..
..التفت ابراهيم برأسه لتلك التي تقف متسمرة كدموعها المتحجرة بعينيها وقال بصوت يملؤه الاسى..
.."..كنت هكون اسعد راجل في العالم دلوقتي وانا برمي عليكي يمين الطلاق ..بس للاسف انا ارتبطت بكلمة مع جدي ..وانا راجل بيحترم كلمته ..بس اوعدك قدام جدي هاطلقك واخلص منك .."..



الفصل الاربعون 

..نفض ابراهيم يدي صلاح عن كتفيه واسرع بخروجه من البيت تاركا وراءه تلك المتسمرة بمكانها وكفها الصغير مازال موضوعا فوق وجنتها الملتهبة ..وقف صلاح عند الباب وهو ينتقل بعينيه بين ايمان التي تبكي بصمت وبين باب شقته الذي صفقه هذا الغاضب بقوة اهتزت لها الجدران .. فصاح بصوت عال ضاربا جانبي ارجله بيديه..
.."..مافيش كلمة اسمها صبر في قاموس حياتكم انتو الاتنين يااغبيا .."..
..تحرك صلاح ووقف امام ايمان وهو يقول معاتبا بقوة وهو يعد على اصابعه..
.."..أما انتي بقى فامفيش ولا كلمة صبر ولا عقل ولا تفاهم او أي حاجة خالص....."..
..لم تدري ايمان بنفسها الا وهي ترتمي بصدر صلاح وصوت نحيبها اخترق اذان من حولها ..
..تنهد صلاح بيأس ونظر للسقف وهو يقول بغيظ من بين اسنانه ..
.."..دلوقتي بتعيطي ..في واحدة محترمة تهين جوزها بالطريقة دي ..دا لولا انه عنده شوية عقل ..انا بقول شوية..كان كسر دماغك .."..
..تجعد قماش قميص صلاح من شدة قبضة اصابع تلك الباكية والتي تعالى صوت بكائها بصوت اشد قوة..
..فصاحت العجوز بغضب وهي تقول ..
.."..بس ياواد انت متنقرزهاش بالكلام ..كفاية القلم السخن اللي اكلته ..تعالي ياحبيبة امك في حضن ستك هنية تعالي .."..
..وبهوادة دفع صلاح بكتفي ايمان ناحية الفراش لتغمس نفسها بحضن العجوز وبكائها يشتد قوة ..
..فمسدت العجوز فوق ظهرها وقالت بصوت هادئ..
.."..بس يابنتي كفاية عياط..هو صحيح انتي تستاهلي بدل القلم قلمين ..بس معلش ..طب انتي عارفة.. دا حقك تفرحي ياهبلة انه طلع صاغ سليم ..مش بتقولي البت حامل منه .."..
..زاد نحيب ايمان اكثر فاسرع صلاح بقوله وهو واقفا متخصرا امامهما ..
.."..لا يأمي ولا حامل ولا حاجة ..دا فيلم واتلعب على ايمان ..وهي هبلة وصدقته .."..
..رفعت ايمان وجهها الغارق بالدموع بسرعة وهبت واقفة بقبالته وهي تصرخ بوجه خالها ..
.."..لا ياخالي لا..انا شوفتها بعيني بتمسح على بطنها وبتقوله سامحتك عشان ابننا وباسته ياخالي .."..
..فهدر صلاح بغضب وغيظ ..
.."..دا كلامها هي ..لكن سمعتيه هو ..وقفتي لغاية ماشوفتي حصل ايه ..ولا هربتي بسرعة عشان تأكدي لنفسك ظنونك انه فعلا ندل وانه مستحيل يحب واحدة زيك .."..
..اهتزت حدقتي ايمان وهي تنظر بعيني خالها الغاضبة ..وقالت بصوت خافت ..
.."..مش فاهمة ..يعني ايه اللي بتقوله دا .."..
..امسك بكتفيها وهزها بقوة وقال بصة حاد ..
.."..لا انتي فاهمة كويس ..قلة ثقتك في نفسك وفي نفس الوقت حبك لابراهيم ..خلاكي تفكري غلط وانك ماصدقتي تلاقي غلطة تبرري بيها لنفسك وتقولي ..ايوة انا صح ..مش معقول واحد زيه يحب ميكانيكي زيي ..انا لازم اسيبه ..انا لازم اهرب ..مش كدة يابنت اختي .."..
..دفنت وجهها بين كفيها لتواصل نحيبها بصورة تألم لها قلب صلاح ووالدته العجوز ..
..زفر صلاح بضيق وحاوطها بذراعيه وهو يقول ..
.."..لازم ياايمان تقعدي مع نفسك قاعدة كبيرة ..تحاسبيها وتفهميها انك غااالية اوي ..وانك مش قليلة ابدا ابدا ..لازم تثقي في نفسك اكتر من كدة ياحبيبتي..ويكون في علمك وانا اللي بأكدلك ..جوزك بريئ ..وطرد مرات عمك وقريبتها دي من الشركة بعد اللي حصل ..هو حكالي كل حاجة وبالتفصيل و احنا جايين في العربية .."..
..ظلت مستكينة داخل صدره تسمع دون رد ..فامسك بكتفيها ليدفعها للوراء قليلا وهو يقول بهدوء ..
.."..ترتاحي كام يوم ..تكونوا انتو الاتنين هديتوا وبعديها نقعد تاني مع بعض .."..
..هزت ايمان راسها بالنفي ليتأرجح شعرها الذي يحاوط جانبي وجهها وقالت بصوت خافت ..
.."..لا ياخالي ..هي كدة خلصت ..انا وابراهيم ملناش نصيب مع بعض تاني .."..
..ربت فوق وجنتها باصابعه وهو يقول بوجه يرتسم فوق ملامحه ابتسامة مطمئنة ..
.."..بعدين...نتكلم بعدين .."..
..صاحت العجوز بعصبية وقالت ..
.."..ماتسمعي الكلمة يابت انتي ..الا قوليلي الاول ..انتي بنت مين يابت انتي .."..
..ضحك صلاح وهو ينظر لامه ...أما ايمان فحاولت ان تبتسم ولكنها فشلت فقالت وهي تمسح وجهها ..
.."..انا بنت منى ياستي .."..
****
..اخذ يضرب مقود سيارته بقوة حتى كاد ان يحطمه ..كلماتها اخذت تتردد في رأسه كالمطرقة الحديدية..كل ماجال بخاطره انها النهاية لا محال..
..ليصيح بها أمام جده بعد وصوله مباشرة ..
.."..جدي ..انا على وعدي لحضرتك بخصوص حفيدتك ...لكن لحد هنا وانتهينا ..اول ماتنتهي كل مشاكلنا ..القضية وخلافه ..هيتم الطلاق ..ودا قرار نهائي ولا رجعة فيه .."..
..كان جده يحدق به ..يرى كيف كان صدره يعلو وينخفض وانفاسه المتسارعة تصارع دقات قلبه ..رفع يده كي يتحدث ويفهم ماجرى بين حفيديه ولكنه شعر بالخيبة عندما وجد ابراهيم يخرج من الغرفة دون سماع الرد من جده..
..زفر الجد بضيق وقال لزهرة التي كانت تقف بالقرب من الباب ووجهها يملأ الحزن ملامحه..
.."..اطلبي كمال خليه يجيني حالا ومعاه الملف الازرق ..اخوكي لازم يقف عند حده ..وولاد اخوكي لازمهم تربية من اول وجديد .."..
..هزت زهرة رأسها بالايجاب بعد ان تنهدت باستسلام وقالت وهي تضع الهاتف فوق اذنها ..
.."..الو ..ايوة ياكمال ..بابا عايزك تيجي دلوقتي ومعاك الملف الازرق .."..
..اغلقت الهاتف بعد سماعها رد كمال وقالت ..
.."..ايه يابابا الملف الازرق دا .."..
..كان الجد ينظر للفراغ وقال بصوت قوي حاد ..
.."..اطلعي لابراهيم واعرفي منه حصل ايه بالظبط ..ولما كمال ييجي متخليش حد يدخل علينا..مفهوم يازهرة .."..
..امسكت زهرة بمقبض الباب بعد ما انتباتها القلق وقالت ..
.."..مفهوم يابابا .."..
****
..زفر مراد بأريحية وهو يلملم حاجياته من فوق مكتبه محدثا نفسه ..
.."..واخيرا خلص الاجتماع ..انا المفروض اجيب هدية لابراهيم انه شايل كل الشغل دا على دماغه ..بس يارب يكون نجح ورجع المجنونة بتاعته ...اروح انا بقى اشوف المجنونة بتاعتي .."..
..نزل من سيارته التي ركنها على جانب الشارع الذي يقبع به هذا المشفى الصغير والذي يسمونه الناس..بالمستوصف..الذي تو ان دلف اليه يسأل عن الطبيبة اسيا ..ليجد موظفة الاستقبال تشير له بغرفة بنهاية الرواق ..وعند اقترابه من تلك الغرفة ببابها الموارب سمع صوت اسيا يصيح بغضب ..
.."..احترم نفسك يادكتور عماد واحترم اننا في مكان عمل.....بقولك سيب ايدي.."..
..اظلمت عيني مراد وتحول لونها العسلي الى لون داكن يشع غضبا فاسرع ليمسك بمرفق عماد ويهزه وهو يقول بصوت قوي حاد ..
.."..لما واحدة تقولك احترم نفسك وسيب ايدي ..يبقى من الرجولة انك تسمع الكلام ..ولا انت مسمعتش عن حاجة اسمها رجولة قبل كدة .."..
..اتسعت عيني اسيا التي نفضت يدها من قبضة عماد الذي قال بتعجب وهو ينظر بقوة لمراد ..
.."..انت مين ..وازاي تسمح لنفسك انك تدخل اوضة الدكاترة .."..
..وقف مراد بقبالة عماد بعد ما ترك ذراعه وقال له بنبرة صوت غاضبة ..
.."..انا ادخل اي مكان ..ولو عايز تعرف انا مين ..دكتورة اسيا هتعرفك عليا بس بعدين ..المهم دلوقتي ..بحذرك ولأخر مرة انك تتعرضلها ..مفهوم يا دكتور .."..
..هدر عماد وهو ينظر لأسيا التي  اصابها الخرس  ..
.."..عشان كدة بتصديني ..فعلا شكله ابن ناس اغنيا .. طب كنتي فهميني انك ماشية مع الاستاذ .."..
..امسك مراد بطرفي بالطو عماد وهو يصرخ في وجهه ..
.."..اخرس ياكلب .."..
..سمعت اسيا همهمات الجمع الذي وقف عند الباب فاسرعت تمسك بمرفق مراد وهي تقول ..
.."..سيبه ..كفاية ارجوك ..سيبه وامشي ..هاتفضحني في مكان شغلي ..من فضلك.."..
..التفت مراد براسه ناحيتها ليجد عينيها تلتمع بدموع التوسل ..ثم انتقل بنظره ناحية من يقف عند الباب ..فترك بالطو عماد الذي كان ينظر اليه بعينين تلتمع بنظرة سخرية وتشفي ..
..تخطى اسيا واتجه ناحية الباب ليبتعد موظفي وممرضات المستوصف ..وقبل ان يخرج التفت للطبيب عماد وهو يرفع له اصبعه محذرا اياه ..
.."..حذاري انك تنسى اللي قلتلك عليه ساعتها هتعرف مين هو مراد سمير عن حق .."..
..خرج مراد من المكان تاركا وراءه ينظر للاخر بتعجب وتساؤل حتى انفض الجميع على إثر صوت عماد وهو يقول ملوحا بيده ..
..".. كل واحد يشوف شغله ..يالا .."..
..انصاع الجمع لأمر الطبيب وكان صوت الهمهمات يعلو عن صوت بكاء اسيا الخافت ..توجه اليها عماد وجلس على عقبيه ينظر لوجهها المختبئ خلف كفيها وقال..
.."..مين دا يااسيا .. وايه علاقته بيكي بالظبط .."..
..انزلت اسيا كفيها بحدة وقالت وهي تنظر له بشراسة وقالت ..
.."..اخرس ..علاقة ايه اللي بتتكلم عنها.. ابعد عني ياعماد ومالكش دعوة بيا ..فاهم ولا لا .. ابعددد عني....."..
..هبت لتقف وخلعت عنها البالطو الخاص بها واتجهت لسطح المكتب الصغير القابع بنهاية الغرفة لتحمل هاتفها وحقيبتها وبخطوات مسرعة تركت المكان متجهة لبيتها دون ان تدري بمن يراقبها ويلحق بها ...
..ابيضت سلاميات اصابعه وهي تشتد بقبضتها حول مقود السيارة وهو يتذكر هذا الغبي الذي كان يمسك برسغ اسيا ..حاول ان يتنفس بهدوء كي يفكر برزانة وهو ينظر من خلال زجاج سيارته لمدخل رواق البيت التي تسكن به من خطفت قلبه من اول نظرة كما يقولون ..وبالنهاية لم يجد غير تلك الطريقة ليحسم هذا الامر ..
..كانت تجلس فوق الاريكة تنظر للفراغ يكاد الصداع ان يفتك برأسها ..وبيدها جزرة صغيرة الحجم تغرس فيها اسنانها بغيظ كلما تذكرت ماحدث..سمعت رنين جرس الباب فتأففت وهي تنظر لاخيها الصغير الجالس بجانبها ..استقامت لتقف بتذمر..اقتربت من الباب وهي تتأفف من اخيها الصغير الذي رفض ان يترك لعبته المفضلة التي يلعبها من خلال هاتفها الذكي ..ففتحت الباب وهي تنظر لاخيها وتصيح بغضب ..
.."..سيب تليفوني ياواد انت والا هاعضك عضة تسيب فيك علامة للابد.."..
..التفتت بعد ان انهت وعيدها بالفتك بأخيها الصغير ..لتجد من ينظر اليها بأعين متسعة وضحكة ساخرة تلفظ من خلال شفتيه التي تحركت قائلة..
.."..بالراحة على الولد ..ان كان ولابد انا ممكن اكون بداله .."..
..فغر فاهها وهي تنظر اليه والصدمة ترتسم بوضوح فوق ملامح وجهها مما اتاح له الفرصة ان يتأملها من شعر راسها المشعث حتى اخمص قدميها الصغيرتين ..تقدم خطوة ناحيتها ومد يده للجزرة التي كانت بيدها ليقضم منه قطعة صغيرة وهو يقول ..
.."..مساء الخير يادكتورة..ممكن ادخل "..
..ظلت صامتة متسمرة بمكانها ولكنها انتفضت عندما صاح والدها وهو يقترب ناحيتها ويقول..
.."..مين ياأسيا ..ومالك واقفة متنحة كدة ليه .."..
..اسرع مراد بتخبئة حبة الجزر وراء ظهره ونظر للرجل وقال وهو باسم الوجه ..
.."..مساء الخير ياعمي ..انا مراد سمير ..ممكن اخد من وقتك نص ساعة بس لامر مهم جدا بالنسبالي .."..
..دفع الرجل بابنته جانبا ليفسح الطريق لمراد بان يدلف داخل شقته وهو يقول ..
.."..اتفضل يابني .."..
..هرولت اسيا سريعا ناحية غرفتها لتقف وراء بابها وهي تضع كلتا كفيها فوق فاهها وهي تشهق بصوت عال..وبخطوات سريعة وقفت أمام مرآتها لتتسع عينيها من هول ما رأت من شعر مشعث خصلاته التي هربت من تلك الكعكة المتكومة فوق رأسها وبيجامتها الواسعة باهتة الالوان ..وبلحظة ادراك ضربت رأسها تهدلت اكتافها وتفكك تشنج جسدها وتحدثت لعكس صورتها للمرآة قائلة..
.."..هو جيه ليه ..معقولة يكون عشان.......لا ....لا ....مش معقول ..هيكون جاي عشان يطلبني ..لا...لا ....بس دا جيه فعلا..وقاعد مع بابا فعلا ......"..
..شهقت بصوت عال عندما فتح الباب ودلفت والدتها وهي تقول بلهفة وتساؤل..
.."..انتي واقفة عندك بتعملي ايه...ومغيرتيش هدومك ليه ..انا اول ماسمعت الشاب الحليوة اللي قاعد برة مع ابوكي دا وهو بيقولي انه يشرفه انه يطلب ايدك ..كنت هموت من الفرحة ولولا الملامة كنت زغرطت.."..
****
..ظهر الحزن جليا بملامح وجه زهرة عندما عرفت بما حدث بين ابراهيم وايمان بعد الحاح شديد منها وتهديده بأنها لم تتحدث معه مرة اخرى اذا لم يخبرها ..وضعت زهرة يدها فوق صدرها وهي تقول بأسف..
.."..ليه كدة بس ياايمان .."..
..التفتت براسها ناحية ذاك الجالس فوق كرسيه يفرك كفيه بعصبية واضحة فاستطردت قولها بهدوء ..
.."..حبيبي متزعلش منها ..انا مش بقول انها مغلطتش ..بس التمسلها العذر ..بتحبك وبتغير عليك بطريقة اوفر شوية.. فاتكلمت من غير ماتفكر .."..
..استقام ابراهيم بوقفته وقال بصوت غاضب ..
.."..عمتي ..لو سمحتي ..الامر منتهي ..وارجوكي انا مش عايز اتكلم في الموضوع دا تاني ..ولو حد اتكلم معايا فيه انا تكون مضطر اني اسيب البيت .."..
..التوت شفتي زهرة جانبا وقالت وهي تقف ..
.."..خلاص ...بلاش نتكلم دلوقتي لانك متعصب ..لكن بعدين......"..
..صاح ابراهيم بقوة جعل عمته تنتفض بمكانها ..
.."..مااافيش بعدين ياعمتي...قلت الامر منتهي .."..
..اخفضت عمته رأسها لأسفل بعد ماشعرت به من حرج ..فسب ابراهيم نفسه وتقدم ناحيتها محاوطا اياها بذراعيه وهو يقول ..
.."..اسف ياحبيبتي انفعلت عليكي ...بس ارجوكي افهميني واعملي زي ما انا عايز .."..
..هزت عمته رأسها بالايجاب وربتت فوق ذراعه وقالت ..
.."..حاضر ياحبيبي زي مانت عايز ..بس عايزاك تكون صبور اكتر كن كدة وتمسك اعصابك كويس لو جدك فتح معاك الموضوع ..اوكي حبيبي.."..
..لم يجد اجابة عليها سوى بايماءة من رأسه والتشديد من احتضانه لها ...
..سمعا طرقا فوق سطح باب غرفته فدلفت دادة فاطمة وهي تقول ..
.."..زهرة هانم ..استاذ كمال وصل تحت ومستني حضرتك .."..
..اجابتها زهرة وهي تتقدم ناحيتها ..
.."..انا نازلة معاكي يافاطمة ..ياريت تعملي القهوة وتقدميهاله في مكتب بابا .."..
..تساءل ابراهيم قبل ان تخرج عمته ..
.."..عمي كمال تحت ..ليه ياعمتي ..هو  حصل حاجة ..في تطورات جديدة في القضية .."..
..رفعت عمته كتفيها وهي تقول ..
.."..معرفش ..جدك هو اللي طالبه.."..
..اغلقت الباب واسرعت تنزل درجات السلم حتى تقابل كمال الذي تهللت اساريره فور رؤيتها وقال ..
.."..وحشتيني يازهرتي .."..
..اتسعت عيني زهرة وهي تتقدم ناحيته بخطوات تدب الارض من تحتها بغيظ ..وهي تقول بغضب ..
.."..مية مرة اقولك بلاش زهرتي دي وبلاش الاسلوب دا في كلامك معايا.."..
..رفع كمال حاجبه ساخرا وقال بتهكم ونبرة صوت باردة ..
.."..انا حر يازهرتي اقول اللي انا عايزه وحاسه ..وبعد اذنك ادخل لعمي بدل ما يزعل اني اتاخرت عليه .."..
..دبت الارض بقدمها وقالت بغيظ وهي تنظر لظهره ..
.."..استنى عندك ياكمال.."..
..تنهد بغضب واهي ووقف ليجد من تتخطاه وتقف بقبالته وتقول بعصبية ..
.."..انا عايزة اعرف ايه حكاية الملف الازرق اللي طلبه منك بابا .."..
..كان يحدق بتلذذ ملامحها الغاضبة وتذمرها الواضح فقال عندما اقترب بوجهه من وجهها الذي تخضب بالاحمرار ورجع للوراء..
.."..مالكيش دعوة ..دا سر بيني وبين عمي ..ولو ...لو ...عايزة تعرفي..ساعتها يبقى لينا كلام واتفاق تاني يازهرتي .."..
ضاقت عينيها بغيظ واضح فصدحت ضحكات كمال عاليا وهو يتخطاها ليدخل غرفة المكتب بعد استئذانه بالدخول من عمه الذي اجابه ..
.."..ادخل ياكمال انت لسة هتستأذن.."..
..اغلق كمال الباب بعد غمزته لزهرة واتجه مسرعا ليجلس امام العجوز وهو يقول ..
.."..أمرك ياحافظ بيه ..انا جيبت معايا الملف الازرق زي ماطلبت ..أخيرا ان الاوان .."..
..وبوجه جامد قال العجوز بصوت حاد ..
.."..لما الامر يوصل لحفيدتي ياكمال يبقى مافيش مفر ...سمير ومراته اصلي فاكرين اني مقدرش احمي احفادي من مؤامرتهم الدنيئة ..مكفاهمش القضية والفضيحة ..لا ..عايزين يفرقوا بين احفادي ويبعدوهم عني .."..
..قال كمال بصوت هادئ ..
.."..اؤمر حافظ بيه .."..
..استند حافظ بذراعيه فوق سطح مكتبه وقال ..
.."..ورقة واحدة من الملف ..تتحط في ظرف ومعاها ورقة صغيرة مكتوب فيها ..ابعد عن ايمان ..ودا التحذير الاخير .. وانت عارف طبعا هتبعتها لمين.."..
..وضع كمال ذراعه فوق المكتب بدوره واقترب بجذعه وقال ..
.."..انا من رايي ياحافظ بيه نستعمل كل الورق اللي بالملف ونخلص خالص من موضوع القضية دي قبل اول جلسة وحضرتك عارف انها قربت خلاص .."..
..هز العجوز رأسه بالنفي وقال بثبات وهدوء ..
.."..انت مش فاهم ياكمال ..انا كنت واخد موضوع القضية دي حجة عشان الولاد يقربوا من بعض اكتر ..لكن من بعد اللي حصل ..كل اللي بنيناه اتهد ..لازم القضية تفضل شغالة ..لانها الخيط الوحيد اللي بيربط الولاد ببعضهم حتى لو بعدوا عن بعض ..فاهم ياكمال .."..
..تنهد كمال باستسلام واعتدل بجلسته فوق كرسيه وقال وهو يشير بكف يده ..
.."..فاهم ياعمي ..امرك ...زي ما تحب.."..
..دلفت دادة فاطمة وهي تحمل صينية القهوة بعد ان اذن لها بالدخول ..ليقول الجد ..
.."..اندهيلي زهرة يا فاطمة.."..
..وقبل ان تجيب فاطمة دخلت زهرة وهي تقول ..
.."..ايوة يابابا .."..
..نظر لها العجوز بغيظ فقد تنبه انها كانت تقف بجانب الباب ..فرمشت زهرة بتوتر لتنظر لكمال الذي تلاعبت حاجبيه لها وهو يرتشف قهوته باستمتاع واضح ..
..اشار لها العجوز بان تجلس وتروي ماحدث بين ابراهيم وايمان ..كعل ابراهيم مشتعلا كالبركان ومصمما على انهاء ما بينهما...
..وبعد برهة من الوقت وقبل ان يخرج ابراهيم من باب الفيلا اتجه للمكتب وقال فور دخوله اليهم ..
.."..ايوة ياجدي ..حضرتك طلبتني .."..
..رسم الجد بملامحه القوة وقال بصوت حاد ..
.."..تتصل بإيمان وتقولها انك هتروح تجيبها عشان تعمل التحليل اللي طلبته المحكمة ..
..زفر ابراهيم بضيق وصاح بصوت غاضب دون ان يفكر بتلك الحجج الواهية..
.."..جدي لو سمحت ..انا مش عايز اسمع ......."..
..ضرب الجد سطح المكتب بقبضته وهدر بغضب وصوت عال...
.."..انت بتعلي صوتك عليا ياابراهيم وبتعصى اوامري .. "..
..انتفضت زهرة بمكانها وتغضنت ملامح كمال وهما ينظران بأسف لابراهيم الذي حاول ان يكبح زمام غضبه فقال بعد شق الانفس لتهدئة حدة انفاسه ..
.."..العفو ياجدي ..لكن انا .."..
..قطع الجد استرسال حديث ابراهيم وقال بحدة ..
.."..من غير لكن ...انا ما بقولكش انك تصالحها ..اتفلقوا انتو الاتنين ..انا اهم حاجة عندي القضية ..تخلص وبعدين تعملوا اللي انتو عايزينه ..فاهم ولا مش فاهم ..اتصل بيها حالا دلوقتي قدامي .."..
..اصطكت اسنان ابراهيم من الغيظ فحاول ان يهرب من هذا الطلب الثقيل على كرامته فقال ..
.."..تليفونها معايا مش معاها.."..
..رفع الجد حاجبه وقال بتهكم وبصوت ساخر ..
.."..اتصل ياذكي بخالها ..يالا .."..
..انتفخت نواجذ ابراهيم وقال من بين اسنانه بغيظ وهو يلفظ الحروف بنبرة ثقيلة ..
.."..أمرك ..ياجدي..حاضررر.."..
..ضغط ابراهيم فوق شاشة هاتفه بقوة ولم يلتفت لكمال وزهرة اللذان كتما ضحكتهما بصعوبة ..فقال عندما اجابه صلاح ..
.."..الو ..ايوة ...لو سمحت يا استاذ صلاح تبلغ الهانم اللي عندك ان جدها عايزها تيجي لامر هام خاص بالقضية .."..
..مط الجد شفتيه بغضب فالتفت ابراهيم للناحية الاخرى وهو يستمع لصلاح وهو يقول ..
.."..خليك معايا لحظة واحدة .."..
..طرق صلاح باب غرفة ايمان ليدخل بعد سماعه لها بكلمة ..
.."..ادخل ياخالي .."..
..أشار لها بهاتفه وهو يقول ..
.."..ابراهيم اتصل وبيقول ان جدك عايزك في امر مهم بخصوص القضية ..خدي التليفون وكلميه .."..
..استقامت بعصبية وقالت بغضب ..
.."..مش عايزة اتكلم حد ..و ايه رايك بقى ياخالي انا بسبب اللي اسمه ابراهيم دا هقطع علاقتي بيهم كلهم والكل كليلة .."..
..تجهمت ملامح وجه صلاح ووضع الهاتف فوق اذنه ليتكلم فوجد ابراهيم يصيح بغضب ..
.."..انا اللي مش عايز اسمع صوتك فاهمة ..بس انا اللي غلطان اللي سمعت كلام جدي وكلمتك ..بس لازم تفهمي ياهانم ان في حاجة اسمها مسئولية ياعديمة المسئولية .."..
..اغمض صلاح عينيه ورفع يده وهو يحاول ان يتحدث فوجد من يغلق الهاتف بوجهه ليسب وهو ينظر للشاشة . 
.."..ياولاد المجانين انتو الاتنين .."..
..ثم رفع رأسه لينظر لابنة اخته التي تكتفت بذراعيها وتهز رجلها بعصبية ليستطرد قوله بغيظ..
.."..انتي مجنونة يابت انتي ..مش تصبري لغابة ماتفهمي ..جدك هو اللي عايزك ياهبلة مش ابراهيم ..وعايزك في امر مهم كمان.."...
..انزلت ذراعيها جانبا وقالت وهي تجلس بنبرة صوت حزينة ..
.."..حقك عليا ياخالي ...وعشان خاطر جدي ..انا هروحله اصالحه بس يومين كدة ياخالي الله يخليك .."..
..في حين استدار ابراهيم بجسده ليقابل بعينيه تلك الاعذن التي ترمقه بغضب وغيظ ..فرفع الهاتف بيده وهو يقول ..
.."..مانتو لو كنتو سمعتوا قالت ايه مكنتوش تبصولي بالمنظر دا ..."..
..اتجه ناحية المكتب ومد يده لورقة بيضاء ليضعها أمام كمال وقال وهو يكتب ..
.."..انا عملت اللي عليا ..دا رقم خالها واسمه صلاح ..أما بخصوص حفيدتك المحترمة ياجدي ..فأنا اسف ..انا قلت ان الامر منتهي ..وتماما .."..
..ضرب سطح المكتب وهو يضع القلم فوقه واسرع بالخروج دون ان يسمح لاحد بان يتحدث معه ..
..استغفر الجد بصوت غاضب وقال موجها حديثه لكمال ..
.."..اتصل باللي اسمه صلاح دا ..وخليه ييجي بايمان عندي هنا باسرع مايمكن ياكمال فاهم .."..
..استقام كمال بوقفته وقال بعد ان طوى بتلك الورقة ووضعها بجيب سترته...
.."..أمرك ياحافظ بيه ..متقلقش ..هامشي انا .."..
..التفت لزهرة واستطرد قوله متفحصا اياها بعينيه ..
.."..سلام يازهرة هانم وعلى معادنا للدكتور زي ما اتفقنا .."..
..هزت زهرة براسها بالإيجاب وهي تغمغم ..
.."..ان شاء الله يا استاذ كمال .."..
..وبعد مرور يومين واتفاق كل من كمال المحامي وصلاح بأرسال ايمان للقاء بجدها ..كانت ايمان تفرك بكلتا كفيها بعصبية وتوتر وهي جالسة بالسيارة التي استعرها صلاح من صديقه عمرو ..نظر صلاح ليدها القابعة بحجرها وقال عندما عاود النظر للطريق ..
.."..قلقانة ليه كدة ..مش هو دا اللي انتي عايزاه ..خلاص اول ماابراهيم يقابلك بالفيلا قدام جدك هيطلقك .."..
..اكفهرت ملامحها بشدة ولم تجبه هي تنظر للطريق من خلال نافذتها الزجاجية ..فقد اصرت بالسفر بعد بزوغ ساعات النهار الاولى لتضمن ان ابراهيم سوف يكون بالشركة في هذا الوقت ..ستضمن ان تجلس مع جدها ليس اكثر من ساعة وتهرب مسرعة قبل ان يعرف ابراهيم بوجودها فيأتي ويطلقها كما وعدها ..
..وجدت نفسها بعد مرور القليل من الوقت امام بوابة الفيلا فنظرت لخالها صلاح الذي قال ..
.."..هعمل كام مشوار شغل ولادي عليكي بعد ساعة. ..اتفقنا .."..
..هزت راسها بالايجاب ونزلت بقدميها التي ترتعش على الارض وهي تقول بصوت خافت ..
.."..اتفقنا ياخالي .."..
..ارتسمت على وجهها شبح ابتسامة وهي تنغمس بحضن فاطمة فور دخولها للفيلا ..والتي هللت بصوت عال ..
.."..حبيبتي وحشتيني ..الفيلا وحشة اوي من غيرك ياست ايمان .."..
..نزعت ايمان نفسها من حضن فاطمة لتعاتبها قائلة ..
.."..تاني ست ايمان ياست فاطمة ..عايزاني ازعل منك .."..
..ربتت فاطمة فوق وجنة ايمان وهي تقول بصوت حنون..
.."..نورتي بيتك يابنتي ....تعالي تعالي دا جدك هايتجنن عليكي ...ولو عمتك تعرف انك جاية مكنتش خرجت وراحت النادي ..انا هبلغها ..."..
..اسرعت ايمان بقولها بتوتر ..
.."..لا ..لا ..ياست فاطمة ..متقوليلهاش حاجة ..انا شوية وماشية .."..
..تعجبت فاطمة فاسرعت ايمان ناحية باب غرفة مكتب جدها دون الرد على التساؤلات التي قرأتها بعيني فاطمة..
..جثت فوق ركبتيها لتمسك بكفي جدها تقبلهما وهي تقول بنبرة صوت  يشوبها الكثير من الحزن ..
.."..حبيبي ياجدي ..متزعلش مني ..انا مقدرش استغني عنك ابدا ..واديني اهو جتلك اشوفك واسلم عليك .."..
..حاوط الجد وجنتيها بكفيه وهو يقول معاتبا اياها..
.."..قدرتي واستغنيتي عن جدك العجوز اهو يابنت احمد..يومين  بحالهم غايبة عن بيتك وكل دا عشان ايه ..اوهام زرعتها في راسك مرات عمك الخبيثة..وانتي هبلة وصدقتيها .."..
..رمشت ايمان بعينيها عدة مرات واخفضت راسها لاسفل وهي تقول بصوت خافت ..
.."..عندك حق ياجدي في كل اللي بتقوله ..و عشان كدة مقدرتش اوريكم وشي ..بس وحشتوني اوي اعمل ايه ..واديني جتلك اهو زي ماطلبتني ..سامحني ياجدي .."..
..شعرت بمن يمسك بذقنها فرفعت راسها لاعلى لتجد من يربت فوق وجنتها بحنو ويقول ..
.."..حبيبة جدك انا مسامحك دايما ..لكن اظن ان اللي لازم تطلبي منه انه يسامحك هو ابراهيم ..جوزك ..اللي دوختيه وراكي من اول ساعة جواز وفي الاخر هربتي منه وطلبتي الطلاق بطريقة تخلي اي راجل يكسر نافوخك عشانها..ولا انتي ايه رايك.."..
..ذمت ايمان شفتيها ومطتها للأمام وبعينين ملتمعتين هزت رأسها بالايجاب وقبل ان تنطق سمعت صوت ابراهيم العال بالخارج وهو ينادي لدادة فاطمة ..شهقت بصوت عال وهبت لتقف ثم دارت حول نفسها وهي تقول مرتعبة ..
.."..احيييه ياجدي دا جيه ...خبيني..خبيني.."..
..قطب الجد جبينه وهو ينظر بتعجب لحفيدته الحائرة بأي مكان تختبي فقال ..
.."..اخبيكي ايه يابنت ..اعقلي ..اقعدي هنا قدامي ..ومتخافيش مش هيقدر يعملك حاجة طول مانا موجود.."..
..اتجهت ايمان ناحية المكتب واستدارت حوله وهي تقول لجدها ملوحة له بيدها ..
.."..ياجدي انت مش فاهم ..انا مش عايزاه يشوفني هنا وخصوصا معاك انت .."..
..اسرع الجد بقوله وهو يتجه ناحية المكتب بكرسيه المتحرك..
.."..ليه ..ما تتكلمي يابنت وتفهميني في ايه.."..
..نزلت ايمان تحت سطح المكتب لتختبئ وقالت بصوت خافت قوي وهي ترفع برأسها ..
.."..بعدين ياجدي بعدين..بس وحياة ابوك ياجدع ماتقوله اني هنا ..فاهم ياجدي.. اوعى ياجدي ..وحياة ابوك.."..
..رفع الجد حاجبه وهو يردد بيأس وذهول ضاربا بكلتا كفيه..
.."..هي وصلت ل وحياة ابويا .. "


الفصل الحادي والاربعون 

..دلف ابراهيم داخل غرفة مكتب الجد فقطب جبينه عندما رأى جده بكرسيه جانب المكتب يهز رأسه وهو يستغفر ..فأسرع اليه ومال بجذعه وقال وهو يضع يده فوق كتف جده ...
.."..مالك ياجدي..انت كويس.."..
..تنهد الجد وقال وهو ينتقل بنظره بين حفيده وسطح مكتبه المختبئة تحته تلك المذعورة ..
.."..انا كويس يابني .. كويس .."..
..وعاود قوله بتساؤل..
..".. انما انت رجعت ليه .."..
..استقام ابراهيم بوقفته وقال وهو باتجاهه يستدير حول المكتب ..
.."..نسيت محفظتي ومش عارف سيبتها هنا ولا فوق في اوضتي .."..
..صرخ الجد بصوت عال قبل ان يصل ابراهيم أمام المكتب ..
.."..اقف عندك .."..
..تسمر ابراهيم بمكانه بجانب المكتب والتفت برأسه ناحية جده وتسائل بتعجب ..
.."..اقف عندي ..هو في حاجة ياجدي .."..
..اغلقت ايمان عينيها بقوة وهي تكتم فاهها بكف يدها الصغير ويدها الثانية فوق صدرها مرتعبة من ان يصل لاذن زوجها صوت ضرباته المتسارعة ..ولكنها حمدت ربها بالسر عندما سمعت اقدام ابراهيم تتراجع مرة اخرى للناحية المعاكسة..
..جلس ابراهيم على عقبيه وقال بعد ان شعر بالقلق على حالة جده العجيبة ..
.."..ياجدي قولي مالك ..لو تعبان اكلم الدكتور.."..
..ربت الجد فوق وجنة حفيده بحنو وهو يقول ..
.."..متقلقش ..قولتلك انا كويس .."..
ثم التفتا الاثنان ناحية الباب عندما دلفت دادة فاطمة اليهما حاملة بيدها حافظة ابراهيم المفقودة وهي تقول ..
.."..المحفظة اهي يابني ..لقيتها واقعة جمب الكومودينو .."..
..استقام ابراهيم بوقفته ومد يده لياخذ حافظته التي دسها داخل جيب سترته وهو يقول..
.."..شكرا يادادة فاطمة .."..
..ابتسمت فاطمة وقالت وهي تبحث بعينيها جميع أركان الغرفة ..
.."..اومال ايمان هانم فين ..هي مشيت ولا طلعت اوضتها .."..
..اتسعت عيني ابراهيم في حين اغمض الجد عينيه وعضت ايمان اصابعها بقوة وبداخلها قلبا ينتفض رعبا فهمست بداخلها ..
.."..اللهي اشوف فيكي يوم ياام عيشة .."..
..صاح ابراهيم بغضب وهو ينظر لجده ..
.."..هي ايمان كانت هنا ياجدي.."..
..اتجه الجد بكرسيه ليكون أمام تلك المختبئة المذعورة ثم تنهد بنفاذ صبر من صغر عقل احفاده وقال بضيق..
.."..ايوة جت هنا ..عندك اعتراض انها تيجي بيتها وتشوف جدها وعمتها ..ولا خلاص كبرت و عايز تتحكم في البيت وتقول مين ييجي ومين مايجيش ..". 
..انتفخت اوداج ابراهيم ونفث من فاهه هواء ساخنا مشبعا بالغضب وهو يقول..
.."..العفو ياجدي ..انا مقصدش كدة ..بس الهانم وضحت وجهة نظرها انها خلاص رمتنا ورا ضهرها ومش عايزة تعرف حد فينا تاني .."..
..اختلس الجد نظرة غيظ لتلك المتكومة تحت سطح مكتبه والتي كانت تربت فوق صدرها بكل رجاء وحركة شفتيها تقول ..
.."..حقك عليا ياكوبارة ..مقصدش والله.."..
..ثم اشارت بإصبعها للخلف وكأنها تشير لابراهيم ثم اشارت به بحركة دائرية بجانب رأسها ولسانها يتحرك ببطئ قائلا 
.."..مجنون ياجدي متاخدش على كلامه.."..
..وضع الجد اصابعه فوق فاهه ليكبح صوت ضحكته المكتومة ثم تنحنح وهو يقول وعينيه لم تحد عن عيني ايمان..
.."..حساب حفيدتي معايا انا ..وانا هعرف أآدبها كويس واعرفها غلطها ..اما انت ماعليك غير انك تعمل اللي في مصلحة العيلة لغاية الازمة دي ماتعدي وبعدها انت حر في اللي انت عايزه.."..
..ضرب ابراهيم جانبي ارجله بعصبية وهو يصيح بقوله..
.."..وانا لسة هستنى لغاية الازمة ماتعدي ..يااااجدي.. الاسطى ايمان حفيدتك مصممة على الطلاق ..وانا كرامتي متستحملش اني اخلي واحدة على ذمتي غصب عنها ..دا غير انا اللي خلاص مش عايزها ..انا وعدتها اني هطلقها قدامك اول ماتتكرم وتشرفنا بزيارتها .."..
..زفر ابراهيم بضيق وهو يعاود قوله بتعجب بعد ما تخصر ..
.."..اللي مستغربله انها جت ومشيت بسرعة وماستنتش لغاية ماجي وانفذ اتفاقي معاها..حفيدتك دي ياجدي عايزة تتربى من اول وجديد بدل ماهي طايحة من غير ماحد مايشكمها.."..
..ضاقت عينيها بغضب ورفعت رأسها بحدة ولكنها تاؤهت بصوت عال فصاحت وهي تشير لجدها بأن يتنحى جانبا..
.."..اااه .. فسح ياجدي كدة شوية لما نشوف الاخ دا .."..
..التفت ابراهيم براسه مسرعا عند سماع صوتها العال وتأوهها وهو يهمس بإسمها..
.."..ايمان.."..
..اعتدلت ايمان بوقفتها واخذت تفرك رأسها بقوة وهي تصيح بعد ان افسح جدها لها المكان ..
.."..هي مين دي ياباشا اللي عايزة تتربى وطايحة في خلق الله..لعلمك انا متربية احسن تربية ..وكذا مرة اقولك روح ربي شنبك الاول .."..
..اسرع ابراهيم بخطواته الوسعة ناحيتها فاسرعت تحتمي وراء كرسي جدها الذي ضرب سطح المكتب بيده وهو يهدر بصوت قوي غاضب..
.."..بس انتو الاتنين ..بتتخانقوا قصادي .."..
..تسمر ابراهيم مكانه بعينيه المشتعلة لا تحيد عن عيني ايمان المتحدية اياه بكل إباء ..فقال ابراهيم بصوت حاول ان يكون هادئا..
.."..اسف ياجدي بس كنت عايز اسال الهانم كانت خايفة ومستخبية تحت المكتب ليه ..ايه.. رجعت في كلامها واتفاقها مع الندل الطماع ابن عمها.."..
..وجدت الجميع يحدق بها فانتقلت بنظرها بين الجميع وقالت بتلكؤ وتلعثم واضح..
.."..انا كنت ..انا قلت يعني ..بلاش نقف قصاد بعضينا قدام جدي عشان ميحزنش ويتعب لا سمح الله ..يعني ولا خايفة ولا هربانة من حاجة .."..
..وضع ابراهيم كلتا كفيه بجيبي بنطاله وقال بصوت جامد ..
.."..ع العموم كويس انك جيتي ..من حسن حظي انا بالذات ان الاستاذ كمال بلغني انه هايمر علينا كمان ربع ساعة ..الحق اكلمه عشان يجيب معاه الورقة اللي طلبتيها .."..
..ابتلعت ايمان ريقها بصعوبة وهي تحاول ان تحافظ على ثباتها فقالت بتلكؤ وبصوت مبحوح ..
.."..ورقة ..ورقة ايه ؟!!.."..
..وبصوت جامد كملامح وجهه قال ابراهيم..
.."..ورق طلاقنا يابنت عمي ..مش هو دا اللي انتي عايزاه ..وزي ماوعدتك هرمي عليكي يمين الطلاق ونمضي ورق طلاقنا ..وبكدة تكوني تخلصتي نهائيا من جوزك اللي ضحك عليكي وكان عايز يستولي على ثروتك .."..
..اهتزت حدقتي عينيها وهي تقول بصوت مرتعش ..
.."..طب ..طب على رايك ..كويس اني جيت ..عشان ..عشان انا كمان عايزة اخلص وارجع بيتنا .."..
..صرخ بهما الجد بغضب ..
.."..بس ..مش عايز اسمع صوت حد فيكم ..ايه خلاص مش واخدين بالكم اني قاعد وبتتناقشوا وتقرروا هتعملوا ايه من غير اي اعتبار لوجودي .."..
..اعتدل ابراهيم بوقفته احتراما للجد العجوز وهو يقول ..
.."..انا اسف ياجدي ...بس حضرتك عارف كويس ان الامر منتهي واعتقد اني بلغت حضرتك بقراري النهائي ..وهو الطلاق .."..
..كانت كلماته كسياط تضرب قلبها وبقوة ..التمعت عينيها ولكنها اشاحت بوجهها بعيدا حتى لا يرى ضعفها والمها بإعلانه فراقه عنها ..انتفضت وهي تمسح دمعتها عندما دلف المحامي كمال وهو يقول ..
.."..اسف ليك جدا ياابراهيم يابني ..بس اللي حضرتك قررته دا مستحيل يحصل ع الاقل في الوقت الحالي .."..
..كان ابراهيم يحدق بجانب وجهها ..يشعر بصدره يختنق ولكنه ايقن وبقوة انها لو كانت تحبه ما كانت تهينه ابدا وتقل من شأنه وهي تتصوره كنذل خبيث ولص ..
..ابتلع ريقه وهو يقول بصوت جامد..
.."..ليه يا استاذ كمال ..لو بخصوص القضية ..اعتقد ان موضوع جوازنا بعيدا عن انه يعزز موقفنا او يقويه .."..
..تنفست ايمان الصعداء بداخلها ولكن ما بداخلها تكتمته حتى لا تنفضح امام ابراهيم فصاحت بصوت عال ..
.."..والله انا مابفهمش في الكلام المكلكع دا ..انا واحدة جاية تطلق وتلم حاجتها وتمشي .."
..نظر الجميع لها بغيظ فرفعت يدها وهي تسرع بقولها ..
.."..ايه بتبوصولي كدة ليه ..مش هو اللي خلاص عايز يطلق على روحه .."..
..حاول ان يتجه اليها بعد ان اصطكت اسنانه من الغيظ وفورة دمائه وصلت لدرجة الغليان فوقف كمال بقبالته يعترض طريقه وهو يقول بنبرة صوت خافته أمام وجهه ..
.."..ابراهيم ..وبعدين ..اهدى ..دا رد فعل طبيعي منها وهي شايفاك مستعجل على الطلاق ..اعقل ..واقعد عشان في كلام مهم لازم نقوله .."..
..في حين ضرب الجد ذراع ايمان وهو يقول بغيظ ..
.."..اتهدي بقى .. اسكتي خالص ..فاهمة .."..
..سمع الجميع صوت زهرة عندما انضمت اليهم قائلة ..
.."..ايه ياجماعة في ايه ....."..
..صرخت بصوت عال بإسم إيمان عندما وقعت عينيها عليها ..فقالت وهي تتجه اليها ..
.."..جيتي امتى ياندلة .."..
..اسرعت اليها ايمان فاتحة ذراعيها فانغمست بحضن عمتها وهي تبكي بصمت ..فانزعجت زهرة وهي تمسد فوق ظهر ايمان قائلة ..
.."..حبيبتي ..مالك ..اتكلمي .."..
..ضم ابراهيم قبضتيه بقوة وهو ينظر لها ولضعفها والذي يتمثل لأول مرة أمامه فأشاح بوجهه للناحية الاخرى محاربا قلبه بكل ما اوتي من قوة عقله الغاضب العنيد ..
..رفعت ايمان رأسها وهي تنظر لعمتها وقالت بصوت قوي وهي تسمح دموعها..
.."..مماليش ياعمتي ..انا كويسة جدا ..بس انتي وحشتيني اوي ..متزعليش مني .."..
..ربتت زهرة فوق وجنة ايمان التي قبلتها وهي تقول بوجه باسم ..
.."..انا عمري مزعل منك حبيبتي .."..
..وبصوت عال قال كمال وهو يتجه للاريكة واضعا حقيبته الجلدية فوق المنضدة الصغيرة..
.." .. لو سمحتوا نقعد عشان نتكلم في المهم ..يازهرة هانم ممكن نبوس بعدين.."..
..انتبه الجميع لما قاله كمال ولكن عينيه كانت ترتكز على عيني زهرة التي كانت تنظر له بغضب وغيظ ..
..جلس كمال ووقف الجمع ملتفا حوله وهو يستطرد قوله وعينيه تنتقل بين ابراهيم وايمان..
.."..القضية اتحدد معادها بعد عشر ايام ..يعني لازم نكثف جهودنا ونبقى ايد واحدة ..مش فريقين بيتصارعوا مع بعض زي حضرتك وحضرتها ..اي خبر عن انفصالكم هيضعف مركزنا في القضية ..فاهمين ولا اعيد من الاول.."..
..تمتمت ايمان بصوت خافت..
.."..والله مانا عارفة ازاي هستحملك لعشر دقايق مش عشر ايام .."..
..اشار ابراهيم لنفسه وهو يهدر بغيظ أمامها ..
.."..انتي بتقوليلي انا الكلام دا .."..
..صاحت زهرة بغضب وهي تلوح بيدها بينهما ..
.."..بس انتو الاتنين .."..
..ثم استطردت قولها وهي تشير للمحامي ..
.."..اتفضل ياكمال ..كمل كلامك ..ايه المطلوب مننا بالظبط .."..
..ابتسم كمال وهو يقول بصوت هادئ ممتن لسماع اسمه من بين شفتيها ..
.."..زهرة ...هانم ...كل المطلوب ..ان الاساتذة اللي قدامي دول يلتزموا شوية ..يظهروا قدام الناس وفي الشركة زي اي اتنين متجوزين سعدا ..مش زي الديوك ..فاهم يا استاذ منك ليها.."..
..حاوطت زهرة بذراعيها كتفي ايمان وهو تقول بحماس ..
.."..طبعا فاهمين وهيسمعوا الكلام ..وبنتي حبيبتي مش هتسيب بيتها تاني ابدا ..اومال مين اللي هيتابع معايا عند الدكتور ويعمل معايا جلسات اليوجا.."..
..ارتسمت على شفتي ايمان ابتسامة باهتة والتفتت براسها لجدها وهو يقول ..
.."..ومين اللي هتساعدني اسيب الكرسي دا واقف على رجلي زي ماوعدتني ..مش حفيدتي حبيبة قلب جدها .."..
..اتسعت ابتسامتها اكتر لوجه جدها ثم انتبهت مسرعة عندما صاحت دادة فاطمة وهي تقول ..
.."..طب والله ياست ايمان انا مأجلة خطوبة عائشة لغاية ماحضرتك تيجي وتنوريني ياحبيبتي بوجودك ..إمام وعائشة مش راضيين يشتروا الشبكة الا و حضرتك معاهم .."..
..شعرت بالخجل من كل هؤلاء وبحبهم الجارف الذي غمرها ولكنها لم تكتمل سعادتها بعد فاختلست نظرة جانبية لهذا الذي يتابع اهتمام الجميع بها بوجه جامد..فامسك ابراهيم بطرفي سترته ونفضهما بذراعيه وهو يقول بسخرية ..
.."..والله يا استاذ كمال انا شايف ان كل الكلام دا مالوش اي دخل بالقضية ..ع العموم اهي عندكم ..وبالنسبة للطلاق اهو استحمل الكام يوم دول والامر لله ..انا اتاخرت ع اجتماع مهم في الشركة ولازم امشي حالا.."..
..اسرع بخطواته ناحية باب الغرفة دون ان يعر اهتماما لتلك الهمهمات التي تبادلها كل من زهرة والمحامي كمال ونظرة العتب بعيني جده..
..وبتخاذل اخفضت ايمان رأسها لاسفل..محاولة ضعيفة منها لاخفاء حزنها والغلالة الملتمعة التي ملئت عينيها ..لتسمع جدها يقول ..
.."..ايمان .."..
..رفعت رأسها وبنبرة صوت حزينة اجابته ..
.."..نعم ياجدي .."..
..اشار لها بأن تقترب ..فانصاعت لأمره لتجثو فوق ركبتيها امام كرسيه واضعة كفيها فوق ارجل جدها الذي مال بجذعه للأمام وحاوط وجهها بكفيه وهو يقول بصوت خافت لا يسمعه الا هي ..
.."..بتحبيه .."..
..اسبلت جفنيها لأسفل ليعاود الجد سؤالها مرة اخرى ولكن بصوت اكثر قوة ..
.."..بتحبيه يابنت احمد .."..
..رفعت عينيها ولم تجد اجابة الا هز رأسها بالايجاب ودمعات تنساب فوق وجنتيها ..
..التفتا هما الاثنان ناحية النافذة عندما وصل لاذانهم صوت صرير سيارة ابراهيم العال التي انطلقت باقصى سرعتها ..ليقول الجد وهو يعاود النظر لوجه ايمان والابتسامة ترتسم فوق شفتيه ..
.."..سامعة .. هو كمان بيحبك ..بس غضبان ..من نفسه قبل منك يابنتي .."..
..هزت ايمان رأسها مرة اخرى بالموافقة على كلمات الجد العجوز الذي استطرد قوله ..
.."..يبقى نعمل ايه ياحبيبة جدك.."..
..مطت ايمان شفتيها للأمام بعدم فهم ..ليضرب الجد باصبعه مقدمة رأسها وهو يقول من بين اسنانه ..
.."..نصالحه ..عشان يصالحك هو بعدين ..فهمتي .."..
..هزت راسها مرة اخرى بالنفي ..فاغتاظ الجد بشدة وهو يقول ..
.."..اطلعي على اوضتك ياايمان وبعدين نقعد ونتفاهم .."..
..امسكت ايمان بكفي جدها وقبلتهما وهي تقول برجاء ..
.."..معلش ياجدي ..سيبني المرادي ..يومين تلاتة بالعدد وهرجعلك تاني..عشان خاطري ياجدي ..بيتي وحشني ..اوضة امي وابويا وحشتني ..ممكن ياجدي .."..
..ذم الجد شفتيه واشاح بوجهه للجهة الاخري ..لتعاود تقبيل كفيه وهو ترجوه مرة اخرى ..
.."..عشان خاطري ياكوبارة ...ووالله ماهتاخر عليك.."..
..حرك الجد راسه وهو يقول بتأفف وضيق زائف ..
.."..يالا امشي ..وهما تلات ايام ..والاقيكي قدامي ..فاهمة ..وخدي معاكي تليفونك .."..
..مالت بجذعها ناحيته لتحتضنه بقوة وهي تهمس ..
.."..ربنا يخليك ليا ياحبيبي .."..
..صافحت الجميع على وعد منها باللقاء والعودة قريبا .. وعند بوابة الفيلا الكبيرة وجدت صلاح مكتفا ذراعيه.. يستند بجذعه على جانب السيارة بانتظارها لتهتف به وهي تقف أمامه ..
.."..واقف بقالك كتير ..طب ليه مدخلتش ..كنت اعرفك عليهم .."..
..فك عقدة ذراعيه وهو يسألها ..
.."..عملتي ايه ..اتصالحتوا ..انا لسة شايفه معدي بعربيته زي الصاروخ جمبي ..اوعي تقوليلي انه عملها الجلف دا وطلقك بصحيح .."..
..هزت راسها بالنفي وهي تنظر للفراغ وتقول ..
.."..لا ياخالي لسة مطلقناش .. بس خلاص ..انا زي مقولتلك ..وانا وابراهيم انتهينا .."..
..امسك بكتفيها يهزها بقوة وهو يقول ..
.."..ششششش ..اسكتي متقوليش كدة ..انا محبش اشوفك بالمنظر دا .."..
..ربتت فوق صدره بيدها بعد ما التوت شفتيها بابتسامة ضعيفة وهي تقول بإمتنان لوجوده بجانبها..
.."..حبيبي ياخالي ..متقلقش عليا ..ياما دقت ع الراس طبول..المهم دلوقتي ..تروح معايا وتسلم على خالتي تهاني قبل ما تسافر .."..
..اشار لها بإصبعه وهو يقول بحروف ثقيلة ..
.."..قصدك ..نسااافرر ..لاني مش هسيبك لوحدك ..فاختاري يابنت اختي ..تقعدي هنا في بيت جدك ولا تسافري معايا ..وكلها كام يوم ونرجع تاني عشان خلاص هنقل هنا واستعد لافتتاح الجيم بتاعي...ها ..."..
..ذمت شفتيها وقالت ..
.."..ياخالي قلتلك متقلقش عليا ..انا اتعودت اني اعيش لوحدي من ساعة امي وابويا مماتوا ..سافر انت بالف سلامة ..وهستناك انت وستي هنية لما ترجعوا .."..
..امسك صلاح بمرفقها وقال وهو يتجه بها ناحية الباب الذي قثفتحه بيده الثانية وهو يقول بإصرار ..
.."..انسي ..هتسافري معايا..وناجل السلامات والتحيات لبعدين لما نرجع بعد كام يوم .."..
..امسكت ايمان بالباب قبل ان يغلقه بجانبها وقالت ..
.."..طب خلاص ماشي ..بس خليني اكشف على العربية قبل مانرجع ..دا مشوار طويل .."..
..اغلق الباب وهو يقول ..
.."..سبقتك يابنت اختي وكشفت عليها وكله تمام في البنزينة قبل مااجيلك .."..
..كان يراقبهما من بعيد بعد ما لمح صلاح بسيارته باتجاهه ناحية الفيلا ..ركن سيارته جانبا ليرى هل سيأخذها معه أم ستبيت ليلتها تحت نفس السقف وهذا  كان يتمناه وبشدة ..ضرب مقود السيارة غاضبا عندما شاهدها تركب السيارة استعدادا للرحيل مرة اخرى ..تأفف بغيظ وهو يقوم بتشغيل سيارته هامسا بضيق ..
.."..مع الف سلامة ..مكنتش عارف اساسا  ازاي كنا هنبات تحت سقف بيت واحد من تاني يابنت عمي.."..
****
كان يغدو ارجاء غرفته كالمجنون ..مد يده لعلبة سجائره ليضع بفاهه سيجاره الفاخر لينفث كامل غضبه بها فصاحت به اصلي قائلة ..
.."..سمير اهدى ..وكفاية سجاير عشان صحتك حبيبي .."..
..وقف أمامها وهو يهدر ..
.."..بتقوليلي اهدا ..اهدا ازاي وانا عارف ان في حد معاه ورق يوديني انا وانت في ستين داهية بعد ما كل اللي بنيناه وجمعناه طول السنين اللي فاتت واللي هيضيع هو كمان.."..
..وقفت بقبالته اصلي وهو تقول بثبات ..
.."..حبيبي هو لو عايز يأذيك كان قدم الورق اللي معاه للنيابة ..لكن هو بس كان بيحذرك .."..
..شد شعره للوراء وهو يصيح بغضب ..
.."..هو دا اللي هو مييين ..وازاي ورق زي دا تحت ايده ..كل اللي كان مكتوب في الجواب اللي جالي امبارح ..الورقة دي ومعاها ورقة تانية بتقولي ..ابعد عن ايمان ....مين يااصلي مين ..مستحيل يكون ابراهيم ..او بابا مثلا ..او كمال المحامي..كان زمانه ساومني ..معقول يكون مراد ابني ..لا ..لا ..مستحيل ..انا هتجنن يااصلي .."..
..زفرت اصلي بضيق وهي تصيح ..
.."..اوووف كمال ..خلاص ..اصلا ايمان واتخلصنا منها وبعدت عن بيت جدها والشركة ..و احنا مش هنقربلها تاني ..يبقى خلاص .."..
..نظر لها سمير بغضب قاتل فتنحنحنت وهربت من الغرفة وهي تقول ..
.."..هروح اشوف نيرمين .."..
..ليتجه سمير ناحية دولابه ليرتدي ملابسه بعد ان ارشده تفكيره بأن يتجه للشخص الذي من الجائز ان يكون هو المرسل لتلك الرسالة اللعينة..
****
..رمى مراد بقلمه الذي كان ينقر به فوق سطح المكتب بعصبية فور رؤيته لابراهيم يدخل لغرفة مكتبه ..ليقف مراد وهو يصيح ..
.."..اخيرا وصلت ..ها ..كلمت جدي .. قالك ايه ..وافق ..اوعى تقول انه رفض ..متنطق ياابراهيم .."..
..رفع ابراهيم عينيه ذات النظرة النارية لمراد الذي تسمر مكانه ورفع يديه استسلاما وهو يقول بصوت خافت ..
.."..calm down.."
..رمى ابراهيم بمفاتيحه فوق سطح مكتبه وقال وهو يجلس فوق كرسيه متأففا ..
.."..لسة مفاتحتش جدك في حاجة ..مكانش ينفع ..الاسطى وصلت..وكعادتها قلبت المكان والكل عايز ياخدها في حضنه كالعادة .."..
..صاح مراد مهللا بفرحة..
.."..ايمان في الفيلا .."..
..رفع مراد رأسه عاليا وهو يصيح ..
.."..thanks god.."..
..ثم اخفض رأسه ونظر لابراهيم الذي كان ينظر له بتقزز وقال ..
.."..ايمان دي وصلت في معادها تمام ..هي اللي هتساعدني في موضوعي انا واسيا .."..
..فتح ابراهيم الملف الذي امامه وهو يقول ساخرا ..
.."..متفرحش اوي كدة ..ايمان مشيت تاني ..روحت مع خالها .."..
..اتسعت عيني مراد وهو يقول بدهشة ..
.."..وسيبتها تمشي .."..
..امسك ابراهيم بالقلم واخذ يكز بسنه  على هامش الصفحة وهو يقول بنبرة صوت حاول ان تكون صادقة ..
.."..وانا مالي بيها ..انا قطعت علاقتي بيها وللابد ..والورقة الرسمية اللي بينا هتنتهي بعد كام يوم .."..
..تخصر مراد وهو يقول ساخرا ..
.."..كداب يابن عمي .."..
..رفع ابراهيم راسه وهو يهدر بغضب ..
.."..مراااد .."..
..جلس مراد بالكرسي قبالة ابراهيم وهو يقول ..
.."..عايز تعرف بقول عنك كداب ليه ..عشان لو كنت فعلا قطعت علاقتك بيها للابد زي ما بتقول كنت طلقتها في ساعتها بعد ماضربتها بالقلم ..لكن انت عشان لسة بتحبها ..ماطلت ..وفكرت في اي حجج ضعيفة عشان تفضل متمسك بيها ..ولو انا غلطان ..بص في عيني وقول انت غلطان يامراد .."..
..كز ابراهيم باسنانه وقال وهو يشير له بقلمه ..
.."..اطلع برة ..روح مكتبك ..ومش عايز اشوف وش حضرتك بقية اليوم .."..
..تفاجئ الاثنان بمن يفتح عليهما باب المكتب والسكرتيرة ليلى ورائه تقول ..
.."..سمير بيه ..من فضلك .."..
..هبا الاثنان ليقفا ليقول مراد بتعحب ..
.."..بابا .."..
..اشار ابراهيم لليلى بأن تخرج ..انصاعت السكرتيرة لامره واغلقت الباب ليصيح سمير بقوة امامهما ..
.."..مين فيكم اللي بعت الجواب .."..
..تبادل كل من مراد وابراهيم نظرات التعجب ليقولا بنفس اللحظة ..
.."..جواب .."..
..اخذ سمير يشير لهما بأصبعه تباعا وهو يصيح بغضب ..
.."..انطقوا .."..
..استدار ابراهيم حول مكتبه وهو يقول ..
.."..لو سمحت يا عمي ..اتفضل اقعد وبالراحة خلينا نفهم ..جواب ايه اللي بتتكلم عنه.."..
..امسك سمير بطرفي سترة مراد واخذ يهزه بعنف وهو يصرخ بوجهه ..
.."..عارف ياكلب لو كنت انت اللي عملتها والله والله لهفرغ رصاص مسدسي كله في صدرك ..عشان مش ابني اللي في الاخر يهددني .."..
..نزع ابراهيم يدي عمه عن مراد ووقف بقبالته وهو يقول بصوت حاد قوي ..
.."..عمي ..قلت اهدا ..انا مراد مش فاهمين بتتكلم عن ايه ..ومنعرفش حاجة عن الجواب اللي بتتكلم عنه ..فابهدوء كدة اقعد وفهمنا في ايه عشان لو نقدر نساعدك .."..
..ضرب سمير صدر ابراهيم بقوة وهدر وهو يتجه ناحية الباب ..
.."..حط في دماغك انت وهو ..مش سمير حافظ اللي يتهدد ..فاهمين .."..
..صفق سمير الباب بقوة ارتجت له الارجاء ليقول ابراهيم بعدها وهو محدقا بالباب ..
.."..مراد ..ابوك مش في حالته الطبيعية ..جواب ايه دا اللي خلاه يوصل للحالة دي .."..
..كان مراد محدقا هو الاخر بالباب ..فرفع كتفيه وهو يقول بصوت خافت ..
.."..مش عارف .."..
****
..اغلق كمال هاتفه وقال وهو ينظر للجد بابتسامة واضحة ..
.."..زي ماتوقعت ياحافظ بيه ..سمير بدا يتخبط بافعاله ..راح لابراهيم المكتب وقعد يصرخ ويهدد وبعدها مشي وهو عصبي جدا .."..
..نقر الجد فوق سطح المكتب وقال وهو ينظر له بقوة ..
.."..خليه يتربى ..يوم او يومين وهتلاقيه داخل علينا هنا ..وزي ماتفقنا ياكمال ..بكرة تبعتله الورقة الثانية ومعاه نفس الطلب ..احذر ان تقترب من ايمان ..فاهم ياكمال .."..
..وقف كمال وقال وهو يضع هاتفه بجيب سترته ..
.."..متقلقش ياعمي ..بس الموضوع لو طول عن كدة ..بقترح نستخدم الملف كله قبل معاد المحكمة .."..
..هز الجد راسه وهو يقول ..
.."..مافيش محكمة ياكمال ..ولو حتى وصلت للمحكمة ..اؤكدلك ان سمير هيقف بنفسه قدام القاضي ويطلب وقف القضية وهيعتذر كمان ......المهم دلوقتي انت تشتغل ع الموضوع دا ..ومتنساش تعمل اللي اتفقنا عليه بخصوص وضع ايمان القانوني بالشركة ...اما بخصوص ابراهيم وجنانه معاها فانا هعرف ازاي اتصرف معاهم ...سلام دلوقتي وياريت وانت خارج تبعتلي زهرة .."..
..هز كمال راسه وقال وهو ينظر للجد برجاء ..
.."..وانا ياعمي مش هتنظر للقضية بتاعتي نظرة رضا ...خريف العمر بدات تداعياته تظهر ..عايزين نلحقه قبل مايضيع .."..
..التوت شفتي الجد واشار له بالانصراف وهو يقول بتأفف ..
.."..بعدين ياكمال بعدين ..يالا انت مع السلامة وزي مافهمتك .."..
..ذم كمال شفتيه وخرج من الغرفة باحثا بعينيه عن منشودته فوجدها تتصفح بمجلتها المفضلة وهي جالسة بكرسيها بالصالة الواسعة ..اتجه اليها ليجدها ترفع عينيه اليه بتساؤل فقال ..
.."..حافظ بيه عايزك في اوضة المكتب ..ولعلمك انا فاتحته في موضوعنا لاني خلاص مبقتش قادر .."..
..رمت بمجلتها جانبا ووقفت وهي تقول بعصبية..
.."..كمال ..وبعدين معاك..مش اتفقنا مانتكلمش في الموضوع دا دلوقتي خالص .."..
..تقدم ناحيتها وهو يقول بغيظ ..
.."..لغاية امتى ياهانم .. انا تعبت ..مشوارك هنمشيه سوا ..ومن الاخر كدة ..هما يومين يازهرة هانم وهسمع في نهايتهم ردك ..بالموافقة او الرفض .. سلام يازهرتي .."..
..استعر وقود غضبها وهي تحدق في ظهره حتى اختفى عن نظرها لتجفل وهي تسمع صوت ابيها يصيح بصوت عال بإسمها ..
..اسرعت ناحية الغرفة وهي تقول فور قوفها امام المكتب ..
.."..نعم يابابا .."..
..نظر لها الجد العجوز وهو يقول بصرامة ..
.."..فاكرة هتعملي ايه ولا نسيتي .."..
..هزت راسها بالايجاب وهي تقول ..
.."..متقلقش يابابا ..انا عارفة هعمل ايه كويس .."..
..اشار لها براسه وهو يقول ..
.."..تمام .."..
****
..بالسيارة امسكت ايمان بذراع صلاح وهي تشدد فبضتها عليه قالت ..
.."..حبيبي ياخالي .."..
..ركن صلاح السيارة بالجراج القريب من الحارة وقال وهو ينزع مفتاح تشغيل السيارة بجيبه ..
.."..انا مش عارف ازاي بسمع كلامك في الاخر .. اتفضلي قدامي .."..
..غمزت له ايمان وهي تتهكم بقولها ..
.."..يعني ياخالي بذمتك..ماوحشتكش ........خالتي تهاني واكل خالتي تهاني .."..
..ضحك صلاح بملأ شدقيه وهو يقول ..
.."..وحشتني .......خالتك تهاني طبعا ...مبسوطة ياستي .."..
..خرجا الاثنان من السيارة لتتأبط ايمان بذراع صلاح وبذراعها الاخر تلوح للحاج اسماعيل صاحب الجراج صائحة بصوت عال ..
.."..مساء الفل ياحج اسماعيل ..موصكش على العربية ..لحسن مش بتاعتنا .."..
..وبابتسامة واسعة لوح لها الحاج اسماعيل بقصبة شيشته وبأصبع يده الاخرى يشير به لعينيه وكأن لسان حاله يقول .."..في عينيا الاتنين .."..
..وبعد برهة قليلة من الوقت كانت عزة تقف عند باب المطبخ مكتفة ذراعيها تختلس نظرات غاضبة لتلك المنغمسة بحضن والدتها تهاني التي قالت بنبرة صوت معاتبة لايمان..
.."..بقى دا كلام ياايمان ...والله لولا غلاوتك عندي ما كنت سامحتك ابدا على ساعات الرعب اللي عيشناها و احنا منعرفش انتي فين ولا عاملة ازاي ..لولا خالك صلاح اتصل بينا في ليلتها مكنش هيغمضلنا جفن من قبل مانطمن عليكي ...كدة بردو ياايمان تعملي كدة في خالتك تهاني ...."..
..قبلت ايمان جبين خالتها وهي تقول لها برجاء واضح ..
.."..حقك عليا ياخالتي..ساعتها والله مكانش فيا عقل افكر ..بس اول واخر مرة اعمل كدة ..سامحي بنتك حبيبتك بقى .."..
..ابتسمت لها تهاني وهي تقول ..
.."..مانتي عارفة يابكاشة اني مابعرفش ازعل منك ..يالا ادخلي ..لما ارحب بخالك اللي رجله وجعته من الفرجة علينا .."..
..افسحت ايمان المجال للخالة تهاني للترحيب بصلاح ثم قبلت جبين محمد الصبي الصغير ومشت بخطوات بطيئة ناحية عزة الغاضبة والواقفة بمكانها دون ان تتحرك ناحيتها ..وقفت ايمان بقبالتها وهي تقول بعتب ..
.."..مش عايزة تسلمي عليا ياصاحبتي .."..
..رمشت عزة عدة مرات بعد مالتمعت عينيها بغلالة رقيقة من الدموع ..فاحتضنتها ايمان بقوة وهي تقول بأسف ..
.."..حقك عليا ياصاحبة عمري ...والله اخر مرة اعمل كدة .."..
..شددت عزة من قبضة احتضانها لها وهي تقول بحزن ..
ً.."..اول مرة تعمليها وتبعدي عني كدة لما بتحصل حاجة تزعلك ..كنت انا كتفك اللي بتستندي عليه يااسطى ..". 
..مسحت ايمان دموعها التي هي تفاجئت بها تنساب فوق وجنتيها وقالت بصرامة واهية ..
.."..خلاص ياستي اللي فات مات ..واديني جيت اهو ...."..
..غمزت لها ايمان ثم استطردت قولها بتهكم ..
.."..وماجيتش يا جميل بايدي فاضية ..معايا احلى هدية اهو ..ايه رايك .."..
تخطتها عزة واتجهت لصلاح الذي وقف متهلل الاسارير برؤيتها ليسرع هو بمد يده وهو يقول ..
.."..ازيك ياانسة عزة.."..
..وبوجه مقتضب وبأطراف اصابع كفها الصغير قالت بصوت جامد كملامح وجهها ..
.."..اهلا ياكابتن .."..
..واسرعت باستدارتها لتقبض بكفها كف ايمان وتتجه بها ناحية غرفتها ..ليكرر صلاح كلمتها ببلاهة وتعجب ..
.."..اهلا ياكابتن.."..
..جلس صلاح فوق الاريكة مستغربا لموقف عزة الغريب منه ليجفل عندما سمع صوت تهاني وهي تقول ..
.."..منور يابني ..ساعة واحدة بس وتتغدى معانا .."..
..اجابها بابتسامة باهتة وعقل مشغول بتلك التي صفقت الباب وقالت لايمان بنبرة صوت يشوبها الكثير من التهديد بعد ما امسكت بيدها عصا غليظة ..
.."..تقعدي قصادي دلوقتي وتحكيلي على كل اللي حصل من طقطق لسلامه عليكو ..الا والله اطقطق الخشبة دي على دماغك .."..
..ارتسم الحزن من جديد بملامح وجه ايمان التي رمت بجسدها فوق الفراش ..ثم اعتدلت وهي تقول بحزن واضح ..
..".. هحكيلك على كل حاجة .."..
..وبنهاية اخر كلمة من سرد ما حصل حتى صاحت عزة باستنكار وغضب ..
.."..يانهارك اسوح ياايمان يابنت اسطى احمد .."..
..اسبلت ايمان جفنيها بخجل واضح من فعلتها التي اثارت غضب جميع من حولها ..لتستطرد عزة قولها بلوم ..
.."..حد في الدنيا يعمل كدة ..في واحدة تهزأ جوزها وكمان قدام الناس .."..
..لوحت لها ايمان وهي تقول بصوت مبحوح ..
.."..بالله عليكي كفاية نقرزة فيا ..كفاية اللي سمعته منه ومن جدي ومنكو كلكو ...انا عارفة اني غلطت ...ومافيش حد مابيغلطش .."..
..عقدت عزة ذراعيها امام صدرها بعد ما رمت بالعصا بعيدا بغيظ وقالت ..
.."..والحل ياختي ..هتعملي ايه دلوقتي .."..
..رفعت ايمان كتفيها بجهل وهي تقول ببلاهة ..
.."..معرفش .."..
..ضربت عزة كتفها وهي تقول بغيط ..
.."..هو ايه اللي معرفش دا ..تصالحيه طبعا .."..
..ذمت ايمان شفتيها قائلة ..
.."..انتي هتقوليلي زي جدي ماقالي صالحيه ....حطي في دماغك انه خلاص رمى طوبتي ..ومصمم يطلقني لولا جدي والقضية .."..
..جلست عزة بجانبها وهي تعقد ساقيها ناهرة اياها بغضب ..
.."..ماهو من عملتك السودا طبعا ...احنا بقى نستغل حكاية جدك دي ونصالحه على طريقة مي عز الدين.."..
..نظرت لها ايمان ببلاهة وقالت ..
.."..على فكرة مسلسلها الاخير معجبنيش .."..
..ضربتها عزة على موخرة راسها وهي تقول بغيظ ..
.."..انتي هبلة يابت احنا في المسلسل اللي معجبكيش ولا في جوزك اللي زعلان وهيطق منك .."..
..زفرت ايمان بضيق وهي تقول ..
.."..ايوة يعني عايزاني اعمل ايه .."..
.."..يابت طريقة شوق ولا تدوق ..مرة نرخي ..مرة نشد ..لغاية ماتتقابلوا في نقطة متوسطنة ..وساعتها هتلاقي نفسك انتي وهو اتصالحتوا .."..
..حدقت بها ايمان بتوجس وسالتها ببلاهة مرة اخرى ..
.."..ايه النقطة المتسوطنة دي .."..
..مطت عزة شفتيها وقالت وهي تتنهد بيأس ..
.."..لما تعملي اللي قلتلك عليه ساعتها هتعرفيها.."..
..ضربت ايمان فخذ عزة بغضب وهي تقول ..
.."..هو انا فهمت من اصله هعمل ايه عشان نوصل للحتة اللي قلتي عليها دي .."..
..مسدت عزة فخذها بالم وقالت ..
.."..والله انا بقول نجيبها من الاخر ..وتروحيله تصالحيه وتبوسي دماغه وتقوليله انا اسفة وحقك عليا .."..
..اتسعت عيني ايمان وهي تقول باستنكار وباصبعها تشير لنفسها ..
.."..انا اروحله وابوس على راسه ..لا طبعا .."..
..هزت لها عزة راسها ورددت بسخرية ..
.."..خليكي ياختي متروحيش ..اركني جمبي كدة زي ازازة الخل ..لغاية ما واحدة تيجي تخطفه منك .."..
..وقبل ان تمد يدها بالضرب فوق راس عزة صدح رنين هاتف ايمان لتنظر لشاشته وتقول بتعجب ..
.."..دي عمتي .."..
..وضعت الهاتف فوق اذنها لتسمع صياح عمتها فاجابتها ايمان مسرعة ..
.."..يالهوي ياعمتي ..جدي ماله
تعليقات



<>