رواية طريقي الفصل الرابع 4 والأخير بقلم سلوى علي

 

رواية طريقي

الفصل الرابع4 والأخير 

بقلم سلوى علي


وصل ابراهيم المستشفى و كما توقع بعد دقائق معدودة وجد محامي أسرة الرفاعي و معه احد الاطباء يتوجهون نحو غرفة الدكتور المعالج الذي يهتم بحالة مليكة النجار

الطبيب: فين الدكتور هشام 

المساعدة : عنده حالة مستعجلة يا فندم 

الطبيب : فين الحالة دي 

المساعدة: جوا يا فندم في غرفة الكشف 

لم يتركها تكمل تقدم للمكان الذي أشارت إليه و فتح الباب دون طرقه 

الدكتور هشام بعصبية : مين حضرتك و ازاي تدخل عليا غرفة الكشف و معايا مريض 

الطبيب بتفاخر : اهدا و بالراحة عليا يا دكتور انا طبيب المدام مليكة جيت اشوف مالها  

د.هشام : اولا مش من حقك تدخل أوضة الكشف و بما انك طبيب و عارف كدا كويس ثانيا مين مدام مليكة اللى بتتكلم عنها 

الطبيب : المريضة اللى عندك جوا اللى جات مغمى عليها انا الطبيب بتاعها و هي اصلا عندها بداية زهايمر  و بتعاني من انفصام شخصية فانا لازم اشوف حالتها ، هات تقارير حالتها ، على فكرة دا امر مش طلب 

د.هشام : امر من مين حضرتك 

الطبيب: من مدير المستشفى و لا تحب اتصل لك بيه 

د.هشام : لا و على ايه التقارير اهي و المريضة جوا اتفضل شوف شغلك 

الطبيب بتفاخر : ما كان من الاول 

د.هشام : سوء تفاهم يا دكتور 

خرج هشام و بسمة خبث تلوح على شفتاه ، توجه إلى مقعد ابراهيم 

ابراهيم:طمني عملت ايه 

د.هشام : عيب عليك كله تمام يا كبير ، المدام مليكة حتكون وصلت للمكان اللى اتفقنا عليه

ابراهيم: و الممرضة اللى قولتلي عليها 

د.هشام : معاها في الاسعاف و وريتها حتديها ايه و انا اتطمنت ان الحالة عندها لحظية يعني مجرد ما تفوق حتكون زي الفل 

بس مين دي يا ابراهيم اللى مهتم بيها اوي دى

ابراهيم: حتعرف كل حاجة فى وقتها ، خلينا نشوف صدمة المتر لما ميلاقيش تقارير باسم مليكة 

ما كاد ان يكمل حديثه حتى سمعا صوت الطبيب و هو يصرخ : فين دكتور هشام 

د.هشام : نعم يا فندم 

الطبيب: فين الحالة اللى دخلت من شويا 

د.هشام : الحالة قدامك يا فندم 

الطبيب: مش دي الحالة كانت مدام مليكة النجار الرفاعي

د.هشام : حضرتك انا الحالة اللى جاتني هي اللى موجودة جوا مشفتش حالة تانية يمكن في قسم تاني مش قسم النفسي 

الطبيب : انت بتستعبط

د.هشام بحدة: مسمحلكش التزم حدودك من فضلك 

الطبيب: انا حشوف مع مديرك 

تقدم ابراهيم بكل ثقة موجها كلامه لمحامي أسرة الرفاعي ذلك المحامي الثعلب الذي يكسب دائما قضاياه بطرق ملتوية

نورت يا أستاذ مجدي 

مجدي و هو ينتبه لوجود ابراهيم : اممم انت هنا يا  استاذ ابراهيم ، يبقى فهمت الموضوع و اتصرفت 

ابراهيم بزهو : من بعض ما عندكم يا أستاذنا 

مجدي : لا متفرحش كثير انا بس بسخن لسه ما ابتديتش العب الماتش و القضية دي محسومة 

ابراهيم بمغزى : هي اه محسومة متتعبش نفسك لانك برا القضية دي 

مجدي بحدة : حنشوف يا ابراهيم و خرج  مع الطبيب الذي لم يفهم شيئا من الحوار .

ظل ابراهيم يحدق في خطاهم الى ان استفاق على صوت هشام : مش حتفهمني يا وحش ايه العبارة 

ابراهيم: يلا بينا عشان تقعد جنب اخواتك و تسمع الدرس 

هشام : العب ايوا بحب انا الدروس في القانون 

ابراهيم: امشي قدامي يا اهبل خسارة فيك  البالطو الابيض 

هشام : ايه الكلام اللى يزعل بقى دا مكنت كويس من شوية

ابراهيم و هو يضربه : امشي من سكات دا في تحقيق مستنيني

هشام : ايوا تحقيق اوعدنا يارب بتحقيق زيه 

ابراهيم: اتلم في ليلتك دي

 

عادوا الى المكتب و كما هو متوقع الكل ينتظر ابراهيم كي يفهم و خصوصا بعدما منعهم ابراهيم من الذهاب معه الى المستشفى.

ابراهيم: متجمعين عند النبي ان شاء الله يا جماعه 

سعد و ايمن في نفس اللحظة : يا برودك يا اخي جاي و مبتسم و لا كانك عملت حاجة 

ابراهيم: اهدوا يا جماعه و حتفهموا كل حاجة

فاطمة : المدام مليكة اخبارها ايه يا أستاذ ابراهيم

ابراهيم و هو يكز على أسنانه كعلامة نفاذ صبره : كويسة يا أستاذة فاطمة (بتريقة) ممكن تتفضلوا معايا يا أساتذة و بلاش اسئلة تانية عشان نفهموا الحكاية و توفروا  طاقة اللى جاي 


تقدم ابراهيم الى احدى رفوف مكتبته ازاح بعض الكتب فكشف عن لوحة رقمية ادخل عدة رموز و فجأة انقسمت الرفوف نصفين فظهرت باب لغرفة سرية ،قام ابراهيم بفتحه وسط ذهول الجميع 

لم يستطع سعد و ايمن السكوت و عدم التعليق على ما يرون 

سعد : اي ده يا معلم هو احنا في فيلم حرب اطاليا 

ايمن : لا يا سعد احنا بقينا في مغارة ابراهيم بابا 

ابراهيم: بطلوا غلاسة و ادخلوا اصلا مش سر و لا حاجة فاطمة عارفة بالموضوع ده من الاول 

الكل مرة واحدة : فاطمة 

فاطمة و قد احمرت من سماعها اسمها بتلك الطريقة كأنها متهمة : لالا مش انا لوحدي ابويا كمان عارف احنا عرفنا من اول ما قرر استاذ ابراهيم يعملها و الله عمري ما دخلتها 

ابراهيم بضحك عليها : احلفي يا أختي احلفي اه على حظي الاسود 


الكل دخل لتلك الغرفة السرية و تفاجئوا بعدة صور على مجلة حائطية و تحت كل صورة كتبت معلومات عن كل شخص 

ابراهيم بقوة : اقعدوا 

جلس الجميع حول تلك الطاولة المستديرة توسط ابراهيم المكان و قام بتشغيل شاشة كبيرة 

اسمعوني كويس : الكل هنا عارف اني انا و ايمن اتربينا في ميتم ، صحيح ربنا كرمنا و خرجنا منه و بمساعدة عمي الشيخ اللى ليه فضل كبير علينا ، بس اللى ميعرفوش اغلبيتكم و اللى كان سر بيني و بين عمي الشيخ صالح ان انا مش مقطوع من شجرة ، انا طفل هرب من أم مهملة كان كل همها شغلها و سفرياتها و اب ضعيف الشخصيه مقدرش يفرض وجودي على مراته التانية و لقيت نفسي بين يوم و ليلة في الشارع بارادتي و بدأ يروي قصته من البداية و لما خلص ، و دلوقتي نرجع للموضوع الاساسي مين هي مدام مليكة النجار الرفاعي و ليه كلفتكم بكل التحريات دي عليها و ليه الاهتمام الخاص اللى اديتوا لقضيتها 


اولا عشان تعرفوا القضية دي انا دفعت كتير عشان تيجي تحت يدي ، اول مرة اعملها بس غصب عني و اللى حصل النهارده كان متخطط له مع الدكتور هشام لانى عرفت من مكتب محامي عيلة الرفاعي انهم حيبعتولي ورقة فيها حجة جديدة حتغير مصير القضية و حصل ، هو دا الظرف اللى انتي جبتيهولى قبل متيجي المدام مليكة يا فاطمة و الظرف ده كان فيه اتهمام بالاهمال و تسبب في قتل ابنها ، محضر قديم جدا كان مقدمه جوزها فيها ردا على محضر عملته هي فيه ، المهم العصفور اللى وصل لي المعلومة دي وصللي ان مليكة بتعاني من حالة هستيرية بتجيلها اول ما بتخاف من حاجة و انهم معتمدين اني حوريها الوتيقة و حتدخل في النوبة دي و بالتالي حوديها المستشفى و هنا هما حيوثقوا مع طبيبهم انها بتعاني من اضطرابات نفسية و دا حتثبته تقارير مستشفى محايدة ممكن يستغلوها كورقة ضغط في المحكمة ، قمت انا بقى عملت ايه غيرت بس الجزء الاخير من الخطة بحيث ان مدام مليكة تدخل المستشفى بس تخرج من غير ما حد يحس و تدخل مكانها حالة غريبة و لما ييجو يعملوا اثبات حالة مش حيلاقوا الحالة اصلا ، فهمتوا دلوقتي

هشام و سعد و ايمن في نفس اللحظة : دماغ شياطين يا بوص 

ابراهيم: اتلم ياض منك ليها و خلوني افك اللغز مرة واحدة عشان تفهمو كل حاجة .


شغل ابراهيم شريط فيه صور كتير لمليكة بيعرض فيها حياتها  و هو بيشرح لهم التحول اللى طرأ عليها من مضيفة طيران بسيطة لاحدى سيدات المجتمع الراقي و وصل لصورة قديمة جدا لمليكة مع طفل في عمر ست سنوات و وقف الشريط تعرفوا مين اللى مع المدام مليكة في الصوره ،

الكل تقريبا عيونهم اتملت دموع من خلال كلامه الكل حس و قدر يفهم الرابط 

ابراهيم بحدة : ايوا زي ما انتم متصورين, مدام مليكة النجار الرفاعي ، هي و سكت ... اه هي الست اللى جابتني للدنيا دي و اللى كانت دايما تقولي اني الغلطة اللى مقدرتش تصلحها

الكل بذهول : مش معقول 

ابراهيم: لا معقول و نص

الكل : و ازاي اتخلت عنك

ابراهيم: هههه لا انا اللى ريحتهم مني و صلحت لها غلطها و حكى لهم قصته كلها

سعد : و ابوك فين من كل ده ازاي مدورش عليك 

ابراهيم: انت بتستعجل الامور يا سعد انا جاي و حعرفك عليه 

اكمل ابراهيم الشريط و ظهرت صور ل رجل في شبابه يحمل طفلا صغيرا يلاعبه و جانبه امرأة شابة 

ايمن : بصراخ  بابا 

صدمة كبيرة اعتلت الكل ، تسمر ابراهيم مكانه و شحب لونه و ما كاد ينطق حتى وجد ايمن يهزه 

انت تعرف بابا منين 

ابراهيم: ابوك ازاي انت بتخرف بتقول ايه ، انت ناسي انك جيت للملجأ و انت صغير اوي و مكانش ليك حد هما قالوا لى انك مقطوع من شجرة.

ايمن : انا اه جيت للملجأ صغير بس صورته كانت في بالي صحيح مشوشة بس بقت راسخة فذهني 

ابراهيم: و لما هي مشوشة انت بتقول انه ابوك و بثقة كدا ليه يمكن تشابه بس 

ايمن : و هو يخرج سلسالا من عنقه : افتح ده و شوف بنفسك الصورة اللى فيه حتعرف بنفسك 

امسك ابراهيم السلسال بيدين ترتعشان ، لم يتجرأ على فتحها 

ايمن : افتحها يا ابراهيم

ابراهيم فتحها فخر راكعا ممسكا براسه و هو يهدي مش ممكن مش ممكن ، يعني انا طول الوقت كنت مع اخويا و معرفوش 

ايمن و كأنه بدأ يستوعب الأمر : قولت ايه يا ابراهيم اخوك اخوك ازاي 

ابراهيم: و قد تجمعت الدموع في عينيه ، اخوك ايوا انا اخوك عشان اللى في الصورة ده يبقى ابويا 

ايمن و هو يسقط بجانب ابراهيم: مش ممكن و انهار بالبكاء في حضن ابراهيم و هو يهمهم : يعني انت حميتني و ربتني و حتى اديتني كليتك و كأن رب العالمين بعتني ليك عشان تكون انت المسؤول عني و نساند بعض من غير ما حد فينا يعرف هو ايه بالنسبة للتاني هو صحيح الدم بيحن 

فاطمة ببكاء مش يمكن ربنا سبحانه وتعالى حب يرد الصاع صاعين لمامتك اللى كانت سبب في هروب ابراهيم بان هي كمان ضيعتك .

سعد : متقوليش كدا يا فاطمة استغفري 

فاطمة : استغفر الله العظيم ، فاطمة و هي بتبكي ، يا سعد انت ناسي ابراهيم حصل له ايه في الملجأ اياه و لما جه ايمن عانى قد ايه عشانه ، انت ناسي الضرب و الاهانة و الحاجات التانية اللى عاشها 

ابراهيم: اسكتي يا فاطمة كفاية 

فاطمة : بدموع ابراهيم ثم لم تتمالك نفسها و ركصت نحوه تمسح دموعه .

ايمن و قد انزوى جانبا ، احس ان ابواه هما سبب معاناة ابراهيم الذي ثبت أنه أخاه بالدم لم يغير شيء فهو كان أخاه بمثابة ابيه قبل .

بعد مدة من التخبطات و المشاعر  ، تمالك ابراهيم نفسه و نهض فالتقطت عيناه انزواء ايمن  و عادت به الذاكرة الى اول مرة رأى فيها ايمن و هو منزوى بنفس الطريقة في احد غرف الملجأ خائف و يرتعش ، لم يشعر ابراهيم بنفسه و هو يأخد ايمن بين أحضانه كما اول مرة ، خرج الكلام من ايمن على شكل شهقات : سامحني يا ابراهيم انا السبب في كل اللى حصل لك لولا امي زي ما قولت مكنتش عشت اللى عشته ، انا اسف يا ابراهيم من حقك تكرهني و بعدها اجهش في البكاء 

ابراهيم: مش حتسكت ياض ،اكره مين يا اهبل في حد يكره ضناه.

تشبت ايمن بابراهيم و كأنه غريق يحاول النجاة ، انسحب سعد و فاطمة و هشام الذي انصدم من هول الأحداث و تركوهم بمفردهم ، فما اقسى ما عاشاه و ما اصعب الظروف التي عرفا بها انهم اخوة .


لم يشعرا كم مضى عليهم من الوقت و هم جالسين جنبا لجنب في صمت تام ، قطع الصمت ايمن : حتعمل ايه دلوقتي يا ابراهيم بعد ما عرفت خططك حتتغير 

ابراهيم: الاول لازم نعرف دلوقتي انت جيت ازاي الملجأ و ده حيغير كتير في خططي 

ايمن : ممكن اقول حاجة 

ابراهيم: قول 

ايمن : انا لما كبرت و بدات افهم عرفت ان ماما و بابا اتطلقوا يعني انا كنت بشوفه بس مرة في الأسبوع عشان كدا صورته تشوشت عندي 

ابراهيم: ازاي انت بتقول ايه

ايمن : اللى متعرفوش يا ابراهيم ان خالتي هي اللى دفعت فلوس عشان تحطني في الملجأ ده 

فاكر الست اللى كانت دائما تزورني 

ابراهيم: ايوا فاكر 

ايمن : دي تبقى خالتي و هي اما كبرت شوي حكت اللى هي اتخلت عني ليه 

ابراهيم: حكت لك ايه 

ايمن : على حسب قولها إن ابويا طلق امي عشان كانت السبب في موت ابنه الاول ، من يومها امي احساسها بالذنب كل يوم يكبر بعد مدة تعبت جامد جدا و الدكتور عرفها انها عندها سرطان ، انا عندي ذكريات حقيقي في مستشفى بس ذكريات مشوشة وانا عندى سبع سنين امي اتوفت و ابويا كان سافر برا و خالتي هي اللى اتكلفت بيا بس طبعا جوزها ماقبلنيش و هي كانت تعرف صاحبة الملجأ و حطتني فيه و كأن ربنا كان رايد يجمعني بيك 

ابراهيم: ازاي خالتك متواصلتش مع ابوك

ايمن : بتقول انقطع الاتصال معاهم معرفتش توصل ليه ابدا 

ابراهيم: هي فين خالتك دي دلوقتي

ايمن : بضحكة مؤلمة هي اخر مرة جت فيها اداتني السلسله دي و حكت لى الحكاية دي و كانها بتودعني و بعدها معرفتش عنها حاجة 

ابراهيم: تعرف هما معرفوش يوصلوا لابوك ليه 

ايمن : ليه 

ابراهيم: عشان ابوك بعد ما سافر بمدة عمل حادثة و تقريبا اتشل و طلب يتواصل مع احدى الجمعيات بتاعته و هما اللى اتكفلوا و رجعوه البلد تاني و كان عايش منعزل تماما في مركز الجمعية 

ايمن : انت عرفت ازاي 

ابراهيم: هو انا كنت مجمعكم هنا ليه لولا المفاجأة انا عملت تحريات عنهم ، بس امك ملقتش عليها حاجة و دلوقتي عرفت ليه ، يعتبر هما كلهم اتعاقبوا على أعمالهم بس فاضل واحدة اللى لازم تدفع تمن أعمالها 

ايمن : ما تسيبها فحالها يا ابراهيم دي مهما كان امك 

ابراهيم بعصبية : متقولش امك ، تعرف اللى بتقول عليها ام عملت ايه 

هنا جاء صوت من ورائهم : انا كمان عايز اعرف غلطة عمري و سوء اختياري عملت ايه 


ايمن و ابراهيم في نفس اللحظة : بابا ، عمي صالح 

رشيد : بابا ، يعني اللى قالولي الراجل الطيب ده صح و انت ايمن ابني ،  رشيد ببكاء يا ما انت كريم يارب  .

ابراهيم: عملت كدا ليه يا شيخ صالح


شيخ صالح و هو يقترب منه و ابراهيم يبعد : متهربش مني يا ابراهيم يا ابني انا عملت كل ده لمصلحتك 

ابراهيم: انا استامنتك على مكانه يا شيخ صالح

شيخ صالح: و انا مخنتش الأمانة يا ابني ، انا اول ما فاطمة حكتلي الجديد و ان ايمن طلع اخوك ، عرفت ان دي حكمة ربنا في كل اللى مريت بيه و عشان تعرف تتخلص من الماضي لازم تواجهه يا ابني ، انت مش وحش بدليل انك قبل ما تعرف ابوك اتخلى عنك او لا اول ما عرفت مكانه و حالته قررت تساعده 

ابراهيم: انا قررت اساعده عشان دا شرع ربنا و انت علمتني اني مااخالفش شرعه، بس انا مش عايزه فحياتي دا واحد اخد عزايا و مدورش عليا 

رشيد ببكاء : كذب كل بتقولوه كذب ، انا دورت و لفيت في كل مكان بس ملقيتكش يا ابني و امك اتهمتني اني ضيعت ابنها ، انا حياتي كلها اتدمرت من يوم خروجك من البيت و اخر حاجة بتقولي انهم لقوا جثتك في حاوية من حاويات الزبالة و هي اتعرفت عليها و انا مقدرتش ادخل المشرحة ، دا غلطي بس انا شيلتك و دفنتك بايدي ، عايزني ماخدش عزاك ازاي 

ابراهيم بصراخ: انت بتقول ايه دفنتني ازاي ، انا اهو قدامك انت بتبرر تخليك عنى و أن دا كان اسهل حل عشان تخلص من مشكلة حياتك انت و طليقتك 

رشيد : انت بتخرف بتقول ايه ، في حد يتخلص من ضناه ازاي هو انا فنظرك وحش 

ابراهيم: اومال تفسر اللى بتقوله ازاي 

رشيد : افسره ان في لعبة اتلعبت علينا يا محامي يا محترم ، انا قدامك اهو حالتي بتوصفلك انا عايشت ايه ، حتى ابني اللى كنت فاكر ان امه بعدته عني الاقيه معاك ، انا من يوم اختفائك و انا ميت مش عايش و ارتحت شوية لما حصلتلي الحادثة قولت ان جزء من ذنبك بخلصه في الدنيا و كنت بدات استسلم لنهايتي لغاية ما ظهرت و كله اتلخبط في حياتي ، اوعى تفتكر انه عجزي هو اللى مخليني قاعد في الحبس الراقي اللى حطتني فيه ، انا قاعد هناك عشانك و من يوم ما عرفت انك عايش على وش الدنيا  و انا بدور على الحقيقة.

ابراهيم بسخرية : و لقيت الحقيقه يا رشيد بيه 

رشيد : لقيت خيوطها و الباقي عليك يا استاذ ابراهيم

في هذه الاثناء تدخل الشيخ صالح: ابراهيم اهدا يا ابني و حاول تكون حقاني  ، انت كنت راسم حاجات في خيالك و عشت عليها عمر كله بس الواقع اللى قدامنا بيقول ان في حاجات كتير انت متعرفهاش  و في ملابسات يا ابراهيم لازم تحل شفرتها مش انتم يا محاميين بتقولو كدا و بعدين لما الحقيقه توضح كلها احكم يا ابني بس تكون عندك البينة متحكمش من غيرها .

ابراهيم: حاضر يا عم صالح حعمل زي ما انت قولت 

خرج ابراهيم من المكتب حاولت فاطمة و سعد و ايمن اللحاق به و لكن الشيخ صالح منعهم : سيبوه يا اولاد انا عارف المكان اللى هيروح له ابراهيم سيبوه شوية و انا حروح اكلمه.


في تلك الاثناء قام رشيد بفتح حوار مع ايمن ، حكى له ايمن كل شيء عنه و عن والدته و كيف اجتمع هو و ابراهيم ، كان حوارا مليئا بالدموع و الحسرة و سائت حالة رشيد بعدها مما اضطر الشيخ صالح بان يعود به الى مكانه و معه ايمن و الدكتور هشام الذي اوصاه الشيخ صالح عنه.

عاد الشيخ صالح الى ملاذه و ملاذ ابراهيم وجده راكعا و صوت بكائه يشق سكون المسجد ، لم يقاطعه الشيخ صالح بل تركه يفضي كل ما بداخله و ما قد يكون احسن من ان نفضي بهمومنا و اثقالنا لخالقنا القادر على تخفيفها و محوها.

استقام ابراهيم بعد انتهائه من صلاته وجد الشيخ صالح يجلس بوقاره و سبحته التي لا تفارق يده ، اتجه ابراهيم لمكانه و نام على قدميه و دموعه تجري كالانهار  ، اعمل ايه يا عم صالح مبقاش اي حاجة واضحة فحياتي كل حاجة اتلخبطت 

الشيخ صالح و هو يمسد على راس ابراهيم: يا ابني انت اللى كان بيحركك كرهك ليهم و الكره بيضر صاحبه بيعميه عن الحق ، لو عايز ترتاح دور على الحق ، الخيوط كلها بقت في ايدك و فهمت ان ابوك ملهوش ذنب في اللى عشته متحاكموش على ذنب مارتكبوش

ابراهيم: اومال مين اللى ليه ذنب يا شيخنا ،

الشيخ صالح: ممكن مايبقاش حد ليه ذنب يا ابني و دا كان قدرك و مكتوبلك و انت لو بصيرتك مش مغشية بالكره كنت عرفت ان رب العباد خد لك حقك .

ابراهيم: ازاي 

الشيخ صالح: ابوك و حالته اللى انت شوفتها بعنيك و عرفت تاريخها و مرات ابوك و شعورها بالذنب اللى وصلها انها تتصاب بالمرض اياه اللى هو ابتلاء ربنا خفف عليها بيه في الدنيا و اخوك اللى ربنا بعتهولك لغاية عندك عشان تحميه و يشد عضدك بيه ، و اما امك فانت ادرى بحالتها و كون ربنا ساق لك القضية لغاية عندك فده لحكمة حتعرفها ، لو دورت صح و ابتغيت وجه الله في كل خطوة بتعملها .

ابراهيم: يعني يا شيخنا اتعامل ازاي دلوقتي انا لسه مش عارف اعمل ايه

الشيخ صالح: متعملش حاجة سيب امورك لربنا هو القادر على حلها و ركز في قضيتك و انت تعرف الحكمة و دورك فيها ايه 

ابراهيم: تقريبا انا عرفت دوري ايه يا شيخ صالح ، دورري اني ابعد الظلم عن انسان ممكن يعيش اللى انا عشته بسبب ام أنانية مبتعرفش غير نفسها و مصلحتها .

الشيخ صالح: قوم يا ابني ربنا ينور طريقك 


بعد تلك المواجهة عدت الايام على الكل ، حاول ابراهيم تقبل والده و انتقل للعيش معه هو و ايمن لازالت العلاقة فاترة و لكن فرحة رشيد بابنيه جعلته يرضى باي شيء منهم ، يعلم انه الخاطئ الاول و انه سبب ما عاشاه ، سوء اختياره  و شخصيته الضعيفة هي السبب ، يحاول بكل ما فيه تعويضهم .


اما ابراهيم فقد اشتغل هو طاقمه على تلك القضية ، علم الكثير و الكثير عن مليكة النجار الرفاعي و عن ما ارتكبته بحقه ،استطاع التقرب منها و كسب ثقتها كمحامي فكشفت له العديد من الأوراق في سبيل ان يربح قضيتها و ترجع لها الوصاية على  املاك الرفاعي.

جاء اليوم الفاصل الذي سيكشف فيه  كل شيء


في قاعة المحكمة 


محكمة كلمة نطق بها الحاجب جعلت كل الحضور يقف و دخلت القاضي الشهير بحكمته و عدله مهدى صالح


ابتدت الجلسة و بدا محامي عائلة الرفاعي مرافعته وبعدما انتهى و جاء وقت مرافعة ابراهيم ، كانت نظرة مليكة مليئة بالتعالي و التقة من كسبها القضية ، بادلها ابراهيم نظرة الثقة ثم نظر لفاطمة بنظرة فهمت معناها ، اشارت اليه بعلامة كل شيء جاهز 


اعتلى ابراهيم المنصة المخصصة للمحامين و بدا مرافعته 


سيادة القاضي أعضاء المحكمة الموقرين افتتح مرافعتي بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم  (امك ثم امك ثم امك ) لقد كررها نبينا عليه افضل الصلاة والسلام ثلات مرات لأهمية الام .

جميعنا يعرف لماذا لان الام هي منبع الحنان و القوة هي الدرع الحامي لطفلها تحملت حمله و ولادته و فطامه و تبقى سنده الى ان يشيب لا تمل و لا تكل ، هذه هي الام و كما قال الشاعر ، 


الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها


أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ


الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا


بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ


الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى


شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ


— حافظ ابراهيم


و لكننا اليوم أمام نوع جديد من الامهات ، ام فضلت التخلص من ابنها و اعتباره في عداد الموتى على أن تتحمل مسؤوليته و استغلت طيش طفل في السابعة لتصلح خطأها و تكمل حياتها ، ام زورت تقارير موت ابنها و استلمت جثة غريب و دفنته على انه ابنها لكي لا يلومها المجتمع و تستطيع الزواج و السفر مع الرجل الذي كانت تحلم بالزواج به و لكن كان العائق ابنها و لما جاءت الفرصة استغلتها ، فاصبحت أمام المجتمع ام مكلومة لم تستطع العيش في البلد التي فقدت فيه صغيرها و حققت حلمها بالزواج برجل الاعمال المعروف الذي كان شرطه الوحيد ان لا يكون ابنها معها فهو يريدها لوحدها .

مليكة بصراخ : انت كذاب انت بتخرف بتقول ايه 


الحضور جميعا في صدمة من حقارة الام و قسوتها و بدأت همهمات فتدخل القاضي:


 سكوت التزموا الصمت من فضلكم : يا استاذ ابراهيم اللى بتقوله ده كلام خطير و اتهام و انت محامي المدعى عليها انت كدا بتضر قضيتك 


ابراهيم: سيادتك انا عارف بقول ايه ، موضوع الدعوى ايه يا سيادة القاضي ، اتهامها بالاهمال و عدم اهليتها لان تكون وصية على طفل في التانية عشرة ، و انا من خلال دراستي للقضية و بحثي في حياة مدام مليكة النجار الرفاعي لقيت ان المدعي عنده حق و لو انا دافعت عن الظلم اكون بضلل العدالة و انا اديت القسم على اني اترافع على الحق 


القاضي : في مستندات تثبت كلامك ده

ابراهيم: بالطبع اتفضلي حضرتك دا ملف بالشهادات المزورة و معاهم التقرير الشرعي اللى بياكد انها مزورة و مرفق ليه شهادة الدكتور المكلف بالمشرحة اللى بينفي انه قدم تقرير بالاسم اللى مكتوب في الشهادة و هو جاهز للشهادة.

و دا شريط عليه اعترافات السيدة مليكة بكل اللى عملته و معاه اذن النيابة .

و اظن ان كل دا مكتوب عندك في الملف سيادتك

و اسمحلي اضيف حاجة سيادة القاضي ، الشهادة المزورة باسم ابراهيم رشيد الهلالي المذكور فيها انه اتوفي في التاريخ ...... ممكن تسال المتهمة هل صحيح ابنها اتوفي 


القاضي : مدام مليكة ما هى اقوالك في ما ذكره محاميك الاستاذ ابراهيم

مليكة بهستيريا : كذب كله كذب اكيد اتفق مع محامي عيلة الرفاعي انا بنحيه من القضية و مش معترفة بدفاعه عني ،

قاضية : جاوبي على سؤاله من فضلك هل صحيح ابنك اتوفى

مليكة : صحيح و قبره موجود لو حابين تشوفوه و الأوراق مش مزورة كلها سليمة دي لعبة عملها مع الخصم 


ابراهيم: حضرة القاضي حضرات أعضاء المحكمة الموقرين الحضور الكريم عايز اقولكم ان طمع الست دي عدى الحدود و انانيتها فاقت التوقعات لدرجة انها مصدقة كذبها و خداعها ، اللى قدامكم دا هو الطفل اللى بتقول عليه مات و شبع موت انا ابراهيم رشيد الهلالي و دا تحليل dna اللى بيثبت ذلك .

صرخة مدوية من مليكة و بعدها اغمي عليها ، 

انتهت المحكمة بتاجيل الجلسة لحين البث في صحة الأدلة الجديدة .


و كما خطط ابراهيم هذه المرة اذيعت مرافعته على كل مواقع التواصل الاجتماعي و اتعرفت الحقيقة .


بعد مدة حكمت المحكمه بالغاء الوصاية ل مليكة و ابطالها و اعطائها للابن الاكبر لعائلة الرفاعي و اتعرف ابراهيم على اخوه الصغير منصف اللى حبه اوي ، كما ثم الحكم على مليكة بالتزوير فى أوراق رسمية و قضايا أخرى متعلقة بسرقة جثة و لكن الحكم لم ينفذ نظرا لحالتها الصحية فقد اصيبت بشلل كلي و احيلت لاحدى المستشفيات التابعة لإدارة السجون.


نعم ظهر الحق و لكن ابراهيم اخد فترة علاج نفسي كبير كي يتجاوز كل ما عاشه ، تمكن بعدها من تقبل والده في حياته و اتم زواجه بفاطمة التي حمد الله على وجودها في حياته ، فقد كانت نعم الزوجة و نعم الام .


سوء اختيار شريك حياتك قد يؤدي لتدميرها و تدمير من حولك ليس الزواج بكلمات الحب المعسولة و قصائد الاغاني الملتوية ، الزواج مؤسسة لها دستورها و في ديننا الحنيف حدد لنا دستورها منه التكافئ و الخلق و من ترضون دينه و اظفر بدات الدين و قواعد كتيرة لاختيار الشريك و قد ذكر في قراننا الكريم ان الله يخلق بين الزوجين مودة و رحمة و هذا ما يبنى عليه الزواج ، فحذاري من ثقافات دخيلة بسببها دمرت اسرنا و شردت اطفالنا و من لم يشردوا اصبحوا معاقين نفسيا .

لا تهيموا في روايات صماء تغيب العقل و نقول اننا نبعد فيها عن واقعنا هذا اكبر اخطائنا فواقعنا هو حياتنا و ما يجب علينا فعله هو تحسينه بكل ما يرضي الله و تقبل ما نعيشه و الرضى به سيرزقنا الله الطمأنينة و البركة .

                              تمت بحمد الله     

          لقراءة باقي الفصول من هنا 


تعليقات



<>