أخر الاخبار

رواية سكرتيره ولكن الفصل الحادي والثلاثون31والثاني والثلاثون32بقلم هدي عبد المقصود

رواية سكرتيره ولكن الفصل الحادي والثلاثون31والثاني والثلاثون32بقلم هدي عبد المقصود

اليوم الثامن 

أستيقظ طارق على صوت طفلته تبكي ليجد يارا غير موجودة بالغرفة. تناول الطفلة محاولا هدهدتها وهي يهتف مناديا يارا. تأمل ملامح إبنته التي صمتت بمجرد حمله لها. ليجدها نسخه طبق الأصل من صورته وهو وليد. رق قلبه لها ولاحت على وجهه بسمه حانية. عندما طلبت منه يارا أمس أن ينام بجوارها هي وأبنتهما. رفض في البداية فلم يسبق له أن جاور وليدا في فراشه. حيث لم يحظى بقرب آسر منه بعد أن حرمته هند قربه. ولكن مع إلحاح يارا وافق أخيراً. والأن يشعر بقلبه يخفق مع لمسة وليدته. 

ولجت يارا إلى الغرفه وهي تنظر بذعر إلى إبنتها وتتناولها منه بلهفه حتى أن سؤاله إياها أين كانت وقف على طرف شفتيه. لتحل محله نظرة إستغراب: في إيه يا يارا مالك خايفه كده وبتختطفي البنت مني بحده كده.

وبعدين انت كنت فين.

_ لا عادي انا بس اتخضيت لما لقيتها صاحيه. انا كنت باخد شور وقلت أنها مش هتصحى دلوقتي. وانت كمان صحيت على صوتها اكيد.

نظر طارق لطفلته بحنين يكاد يقفز من عينيه: دي أحلى مرة صحيت فيها من النوم. مكنتش أعرف أن الإحساس ده حلو كده.

نظرت له يارا مطولا بملامح بارده وعينان جامدتان لا ترقان لنظرة الحنين المطلة من عينيه. حانت منه ألتفاته إليها. ليعلو الأستغراب وجه للمرة الثانيه. وتتبدل نظرة الحنين إلى نظرة حيرة. 

بادلته يارا النظرات للحظه. ثم تركته مغادرة مع وليدتها وهي تخبره أنها ستذهب لغيار لفافتها.

ظل طارق لحظات يرمق الباب بعد مغادرتها وبداخله هاجس ينبأه أن الأمور ليست على ما يرام.

ثم قرر ترك التفكير جانبا والتحرك للذهاب إلى المكتب لحضور بعض الإجتماعات ثم التوجه إلى منى لتناول الغداء معها. وقرر بينه وبين نفسه أن يخلف وعده معها. وان يغادرها مساءا لقضاء الليله هنا مع يارا. عله يفهم سر تلك النظرات والتصرفات الغريبة.

»»»»»»»

انتصف النهار ليجد طارق نفسه وقد أنهكه كثرة اللقاءات المتعلقه بالعمل. والتي أتسم معظمها بالجدل الحاد بينه وبين بعض العملاء الذين يصرون على الحصول على أفضل العروض ويبخسون سعر العرض بنسب كبيرة تفقده أعصابه في أحيان عديدة مما لا يتفق مع قواعد العمل في هذا المنصب.

ولم يكد ينتهي من لقاء أخر العملاء حتى تناول سترته. واندفع مغادرا المكتب غير مبالي بسكرتيرته الجديده التي اندفعت خلفه لعرض بعض الملفات عليه. لكنه تجاهلها مطالبا إياها بتأجيل كل شئ للغد.

»»»»»»»

أستعدت منى لأستقبال طارق عروسا كما اعتادت.. منذ أن سامحها على كذبها عليه ونسى تماما ما بدر  منها منها من افعال مشينه. وهي حريصه على ألا يندم ولو لحظه على ذلك. حقا أن جسدها اصبح منبعجا بشده جراء إقتراب موعد وضعها لجنينها. لكن رغبتها في أن تبدو في أبها صورها عند إستقبال زوجها وحبيبها يجعلها تتفنن في ملابسها وتصفيف شعرها لتبدو جميلة دائما في عينيه وهو ما حدث عندما ولج إلى المنزل مستخدما مفتاحه الخاص ليجدها تستقبله ملقية نفسها بين زراعيه كعادتها. وظل هو محتضنا إياها لحظات يشم أريجها الذي يملأ المكان. وقال وهو يدفن أنفه بين خصلات شعرها : يعني أنا أخليني في حضنك وأشم البرفان الحلو ده. ولا أبعد عنك وأسيبك تجهزي الإكل اللي رحته مفحفحه.

أبعدت رأسها عن كتفه لتطبع قبله سريعه على شفتيه تتبعها بمساعدته على خلع سترته : أدخل غير هدومك خمس دقايق يكون الاكل جاهز وبعدين نشوف موضوع البرفان ده.

»»»»»

طرقات عنيفة على الباب أنتزعت طارق من جوار منى التي أندفعت خلفه منزعجة تدعو الله ألا يكون شقيقها قد حضر المشاجرة مع زوجها كما أخبرتها زوجته أنه مصمم على إجباره على طلاقها. توقعت أن ترى أي وجه خلف الباب سوى ما رأته أمامها. 

أتسعت عيناها خلف طارق الذي تسمر هو الأخر في مكانه والأثنان يحدقان في وجه يارا التي لم يختلف حالها كثيرا عنهما. هي الآخرى ما توقعت إطلاقا أن تكون المرأه التي يصاحبها زوجها هي منى. ولكن مهلا أي مصاحبة أن بطن منى البارزة أمامها تعني.. ماذا تعني. أستندت يارا على الحائط المجاور بيدها وقد أبت قدميها أن تحمل كل هذا الألم والمعاناة. أندفع طارق وهو يحاول الإنتباه من صدمته. يتناول يدها قبل أن تهوى وهي النفساء التي ما كان لها مغادرة المنزل بمفردها أبدا. لكنها دفعته وتراجعت الخلف وهي تضع يدها على فمها حتى لا تصرخ والدموع تغرق عينيها. وقد شحب وجههها. ملأ الرعب عينا طارق وهو يندفع نحوها مرة أخرى خشية أن تسقط: أرجوكي أهدي يا يارا وأنا هفهمك كل حاجه.

خرجت كلماتها متقطعه من بين دموعها وهي تشير لهما: تفهمني إيه. وأنت اللي كنتي بتقربي مني وبفتحلك قلبي وأشكيلك. تطلعي بتخونيني. أنت أحقر بني ادمه شفتها في حياتي. وأنت ليه تعمل فيا كده أنا عملتلك إيه. ده أنا سامحتك بعد كل اللي عملته معايا.وانت اللي رجعت وأترجتني علشان أرجعلك. طيب ليه. لما أنت مرافق الزبالة دي. 

احتقن وجه منى وهي تنظر لطارق : أيه يا طارق بيه أنت هتسكتلها كتير وهي بتقول عليا زبالة وانك مرافقني

_ أسكتي دلوقتي يا منى أنت مش شايفه دي نفسه ومش قادرة تقف على رجليها.

* ولما هي مش قادرة تقف. بتبهدل نفسها ليه وتمشي وراك هو انت كنت طلقتها. ما هي على ذمتك أهه وخلفت منك وعايشه عيشه زي الفل دي الوحيده فينا اللي فاكرة أن مفيش على الحجر غيرها واللي أنت بتعمل لها حساب جرى أيه. هو إيه البطر ده.

أتسعت عينا يارا غير مستوعبه جل حديث منى وهي تتمتم : الوحيده فينا. انتوا مين. أنا مش فاهمه حاجه 

تطاير الشرر من عين طارق وهي يمسك منى من زراعها دافعا إياها داخل المنزل وهو يحذرها من الإسترسال في الحديث. حاولت منى مقاومته. وهي تهتف بيارا على فكره أنا مراته زيي زيك. مش رفيقته ولا حاجه. لا كمان انا مراته اللي بيحبها مش اللي عايش معاها علشان طلعت حامل. هوى طارق بيده على وجهها  وقد فقد أعصابه. ليصدم رد فعله منى وقد هالها أن يلطمها امام غريمتها. فثارت وهي تدفعه: انت أتجننت يا طارق بتضربني انا علشان ديه.طيب انا مش هسكت وهكلم أمي تيجي تاخدني وأبقى خلي الهانم تنفعك. الهانم التنكه اللي طول الوقت محسساك انها اتكرمت عليك وسامحتك وأنك لازم تعيش عمرك كله حافظ جميلها. مش ده كلامك. 

سقطت يارا أرضا وظهرها متكأ على الجدار المواجه للباب  وقد عجزت قدمها حقا عن حملها وبدا أن دماء الحياة قد غادرت وجهها وجد طارق نفسه  ينهال  على وجه منى بصفعات متتاليه وقد بلغ منه الغضب مبلغه من هيئة يارا. تنزع منى نفسها من بين يديه وتندفع لتناول هاتفها فيطبق بيديه على الهاتف قبل أن تتناوله ويلقيه بعنف. فيتهشم إلى ألف قطعه عند أرتطامه بالأرض. وبيده الأخرى يدفعها إلى داخل الغرفه ويغلق الباب خلفها بالمفتاح وهي تصرخ محاولة منعه. لكنه كان مصرا على أن يخرجها من دائرة الحوار ليستطيع التعامل مع يارا التي تفاجأ بإختفائها. فأسرع  يغلق باب المنزل و يهبط الدرج مهرولا عله يلحقها قبل أن يصيبها مكروه. وما إن وصل للأسفل حتى لمحها تغادر في سيارة أجرة حاول اللحاق بها ولكن يبدو أنها طلبت من السائق الإسراع فلم يتمكن من اللحاق بها  وقف لحظات حائرا هل يصعد إلى منى يحررها من تلك الغرفه التي حبسها بداخلها خشية أن يصيبها مكروه. أم يلحق بتلك الأخرى التي أيضا يخشى عليها وهي في تلك الحالة. جعله غضبه من منى يتخذ الخيار الثاني ويستقل سيارته بسرعة لملاحقة يارا.

»»»»»»»»»

أمسكت والدة يارا بتلابيب طارق لاتريد ان تحرره بعد أن انصرف الطبيب الذي استدعته لمناظرة أبنتها التي سقطت فور ولوجها للمنزل بعد أن كانت قد اكتشفت عدم وجودها بالبيت عندما سمعت صوت الوليده تصرخ بحدة وهي بداخل المطبخ وأنتظرت ان تهدهدها أمها فتصمت عن الصراخ لكن زاد صراخها فأعتقدت ان يارا تقضي حاجتها فأتجهت لحمل الطفلة وطال الوقت بغير خروج أبنتها. لتصيبها دهشة عارمة عندما ذهبت لتتفقدها فوجدتها غير موجودة في أي مكان بالمنزل. حاولت الأتصال بها وقد بلغ منها القلق مبلغه لينتهي جرس الهاتف بدون إجابه وهي لا تعرف ما عليها ان تفعل. فكرت في الأتصال بطارق فيارا ليست طبيعية منذ يومين واليوم تحديدا لم تترك الموبيل من يدها لحظة واحدة وعندما وضعته بجوارها لحمل الطفلة لمحت الأم خريطة على الشاشة. قبل ان تصل لقرار وصلتها طرقات خافته على باب المنزل فهرولت لتفتح وتتلقى فلذة كبدها بين يديها وقد هالها صفار وجهها  الذي حاكى وجوه الموتى.

حملتها بجسد يرتعش ووضعتها على الفراش و هرولت تطرق باب جارتها التي تخرج نجلها من كلية الطب هذا العام. والذي هاله أيضا شحوب وجهها. واسرع بإعطاءها مهدئ للسيطرة على تشنجات جسدها. كان واضحا جدا تعرضها لصدمه عنيفة. ولم يستطع الطبيب الشاب القيام بإجراء أخر. فطلب من الأم أن تتركها تنام قليلا وأن تصطحبها للمشفى حال أستيقاظها على نفس الوضع.

ولج طارق إلا الحجرة في تلك اللحظة. وعلى وجهه تعبير فزع ولهفة يوضح تماما أنه لم يتفاجأ بوجود الطبيب ولا بوليدته التي تصرخ في ولا بزوجته الملقاه على فراشها. رمقته الأم شذرا وما إن غادر الطبيب المنزل حتى أمسكت بتلابيبه تستجوبه عما فعل بإبنتها الوحيدة

الفصل الثاني والثلاثون


اليوم السابع 

أنطلق طارق بسيارته كالمجنون ينهب الأرض نهبا يسابق الزمن حتى يصل إلى المشفى تكاد عيناه لا ترى الطريق فقط يرى تلك الجالسه بجواره وقد غاب أغلب وعيها. حقا أنها تنظر إليه وتحدثه ببطء لكنها تبدو كالتائهة. لعن عقله الغبي الذي جعله يلحق يارا. ويترك منى الحامل في شهرها الأخير وقد أغلق عليها باب الغرفه. كان خائفاً على يارا وهي تغادر بهذه الحاله. وقد حدث ما خشاه. فقد أستيقظت من النوم _الذي غرقت فيه بعدما حقنها الطبيب بمهدئ للسيطرة على حالة التشنجات التي أصابتها _وقد أرتفعت درجة حرارتها. حتى أن الطبيب الذي ناظرها بعد ذلك أعلن قلقه الشديد من إحتمال إصابتها بحمى النفاس.. وللأسف لم يستطع مغادرتها والعودة لإطلاق سراح منى. فمن جهة والدتها التي أمسكت بتلابيبه تلومه عما حدث لإبنتها رغم أنها لا تعرف شيئا. ومن جهة آخرى صغيرته التي لم ينقطع صراخها وكأنها تعرف ما حدث لأمها. وطبعا يارا التي أصر الطبيب على نقلها للمشفى. وظل طوال الليل هو ووالدته وطفلته معها ليطمئنوا على حالتها. وبعد إستقرارها بغرفتها وإجراء الفحوص المطلوبه طلب  منهم الطبيب المغادرة لأن المريضة تحتاج للراحة. وقد حاول تهدئة الام قدر الإمكان وأوصلها إلى منزلها. وتحجج بوجود ظرف طارئ جدا للمغادرة لمدة ساعة والعودة مرة آخرى لرعاية الطفله معها.

هاله الصمت المطبق الذي واجهه عندما ولج من باب الشقه. دعا الله ألا يكون قد حدث مكروه لمنى وأن تكون فقط قد أستسلمت للنوم. ولكن رؤيتها وهي ترقد على الأرض خلف باب الغرفه وقد نزفت الدماء من رأسها وشحب وجهها. جعل رعبه يبلغ ذروته. وهو يحملها ليضعها على الفراش ويمسح الدماء عن وجهها وينظر ليتبين موضع الجرح فيجد جرحا في فروة رأسها. أدار عينيه لموضع سقوطها ليرى بركة من الدماء الجافه خلف باب الغرفه. حاول إفاقتها برعب لتفتح عينيها بصعوبه فترتسم على شفتيها إبتسامه شاحبه.. عندما ألتقت عيناها بعيناه. سقطت دموعه على وجهها إثر إبتسامتها الضعيفه وهو يتناول يدها ليقبلها راجيا منها أن تعذر تأخره عنها. فترتفع يداها لتمسح دموعه بحنان ثم تغلق فمه بيدها. وتغمغم بضعف: أنا مش زعلانة منك. أنا مش عارفة هو الزعل منك ده يبقى إزاي. أنت بس وحشتني. وكمان بنتنا مش بتتحرك. من ساعة ما سيبتني ونزلت. شكلها نايمة. يظهر عليها حست إني تعبانة ومش مستحملة 

ظهر القلق على محيا طارق من تلك الطريقه التائهة التي تتحدث بها. كما جالت عيناه مع يدها التي تتحسس بطنها. وعيناها التي تنتقل من وجهه لبطنها وكأنها في دنيا آخرى.

لم يتحمل أن يظل جالسا جوارها وهي في تلك الحالة. فأصر على أن يأخذها للطبيب ليطمئن عليها. لتواجه هي أصراره بتلك الإبتسامه الضعيفة وهي تطمئنه أنها بخير وأن جرح رأسها الذي حدث نتيجة أرتطامها بحافة خزانة الملابس إثر دفعه لها داخل الغرفة قد توقف عن النزف. ولكنه أنتزعها من الفراش وألبسها لباسها وهي تحاول الإعتراض لكنها لا تجد القوة لذلك وعندما حاول مساعدتها على مرافقته للسيارة لم تتمكن من نقل قدميها مما إضطره إلى حملها ووضعها بجواره في السيارة وأسند رأسها على المقعد.

توقف بالسيارة أمام المشفى وغادر مقعد القياده مهرولا ليفتح باب منى ويحتضنها ليحملها إلى داخل المشفى. ولكن هيهات فقد تشبثت بمقعدها بكل ما أوتيت من قوة وهي تدفعه وترجوه بدموعها ألا يخرجها من السيارة: سيبني يا طارق. متنزلنيش. لو ليا غلاوة عندك لو عيشت معايا يوم واحد حلو بلاش تدخلني المستشفى رجعني البيت ونيمني في حضنك بس وأنا هبقى كويسه.

_ إزاي يا منى. واضح إنك نزفتي كتير ووشك مش طبيعي خالص. طيب ندخل بس نطمن ونروح علطول. يدولك أي حاجه تعوض الدم اللي فقدتيه. ويشوفوا الجرح اللي في راسك ويطمنونا على بنتنا اللي بتقولي إنها مش بتتحرك من بدري

* الجرح خلاص بطل ينزف. ولما نروح هاتلي أي حاجه اشربها تعوض الدم. وبنتنا كويسة. أنا مطمنه عليها. هي بس مش عايزة تتعبني.

يلا أركب وأرجع بينا البيت.

لم يجد طارق بدا من الإستجابة لدموعها. فانطلق بالسيارة عائدا إلى البيت

»»»»»»»»»

نامت منى بجواره مما أعطاه فرصة ليهاتف الطبيب ويطمئن على يارا. وأيضا يهاتف حماته ليطمئن على طفلته ويخبرها أنه سيتأخر قليلا ولكنه سيعود حال إنتهاء عمله.

عندما أستقر به المقام أمام باب العمارة التي يقيمون بها. حمل زوجته برفق وأغلق باب السيارة بقدمه. ساوره القلق عندما شعر بجسدها مسترخيا تماما. 

سارع بالتوجه لشقتهم وجاهد ليولج المفتاح في الباب وقد بدأت يديه ترتعش. تصبب عرقه وهو يضعها على الفراش. ويرجها لتستيقظ. شئ ما داخله كان يخبره أنها لن تستيقظ. نظره لوجهها الذي غادرته دماء الحياة. جعلت دموعه تسقط وجسده يرتجف مرتعبا.طبع قبلة على شفتيها ولكنها للمرة الأولى لم تبادله قبلته. ظل يتلفت حوله لا يعرف ماذا يفعل. تناول رأسها بين يديه يحركها يمينا و يسارا لعلها تفيق. صرخ فيها ألا تتركيني. أرتد للخلف ليلتصق بخزانة الملابس وينظر إليها بعين زائغه. ثم ينظر لبركة الدم الجافه ثم يعاود النظر إليها. أبت قدمه أن تحمله فأنحدر بظهره على الخزانه وما إن لامس الأرض بجسده حتى ضم ركبتيه لصدره ووضع رأسه على الأرض وظل جسده يرتجف حتى غلبه النوم أو فقد وعيه. ولم تمر دقائق حتى أنتفض واقفا وعاود محاولة إفاقة منى بعنف ليتأكد أنها قد غادرت هذا العالم الذي عاشت فيه تبحث عن الحب وتحارب حتى تفوز بقلب من أحبت.

»»»»»»»»»

غادرت يارا المشفى متكأة على يد والدتها. وقد جمدت ملامحها وتاه عقلها. حتى أنها لم تستمع  لوالدتها التي لم ينقطع حديثها منذ سمح لها الطبيب بمغادرة المشفى على أن تلتزم الراحة والعلاج.

_ إيه يا يارا أنا بكلم نفسي متردي عليا يا بنتي.

أنتبهت لها وهمت بالرد عليها لولا أن أنتبهت إلى أن صغيرتها ليست على زراع جدتها اتسعت عيناها فزعا: فين البنت يا ماما 

_ متتخضيش كده انا سبتها مع أم الدكتور محمود جارتنا. لما المعدول أبوها معبرنيش وبعد ما قالي ساعه وهرجع ورجع قال ساعتين كمان. وانا استنيته ساعتين فوقيهم. وبكلمه قافل تليفونه قلت خلاص مفيش فايده والله ما هعتمد عليه. سيبت البت عند الجارة وقلت أجي أخدك قبل الليل ما يليل.

*طيب يلا وقفيلنا تاكسي علشان نلحقها زمانها مبطلتش عياط

_ طيب مش هتقوليلي حصل إيه خلاكي تتسحبي من البيت زي الحراميه كده. بعد ما فضلتي طول اليوم ماسكه موبايلك بتبصي على الخريطة. هو أنت كنتي بتراقبي جوزك ولا إيه.ولقيتي إيه.

نظرت لها يارا بعينين ذائغتين: هقولك كل حاجة بس أشد حيلي شوية.

يلا بقى نمشي.

»»»»»»»»»»

اليوم السادس 

ما تردي على التليفون يا أم عفاف بقاله ساعه بيرن

_ حاضر أنا مكنتش واخده بالي أن الجرس ده عندنا. أصل التليفون الأرضي ده بقاله سنين مرنش.

ألو. صباح النور. أيوه ده منزل مدام شهد. نقولها مين

يا مدام شهد كلمي تليفون. واحده بتقول إن إسمها نسرين.

_ نسرين مين. معرفش حد بالإسم ده. ولا تكون نسرين بتاعت زمان.

ألو أيوة. أنا شهد 

معقول نسرين. أذيك يا نسرين أخبارك إيه. إيه الغيبه الطويله دي.

..........

أه طبعا أنا كمان عايزة أشوفك.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close