رواية سارقة الهوي الفصل الخامس والعشرون 25بقلم مني السيد

         

رواية سارقة الهوي

الفصل الخامس والعشرون 25

بقلم مني السيد


لم يكن طعم العسل هو من سيطر على شفاه يوسف بل لمسة شفتيه ليديها لم يفكر كيف ولم فعل ذلك كانت الفكرة مسيطرة حد الجنون وها هي ترتخي بين أصابعه كحبل معقود انفكت عقداته. رفع نظره إليها فوجدها مغمضة العينين وكأنما تهيم في عالم آخر. ظل ناظرا إليها دون أن يتحرك او حتى يلتفت وطعم شهد أصابعها مازال على شفتيه. فتحت عينيها ببطء مفتقدة لمسة شفاهه على أصابعها وتحذر لماذا توقف عن اضرام اللهيب في جسدها عبر أناملها الرقيقة لتجده سارحا في وجهها بعينيه شبه المنغلقتين وشفتيه اللامعتان من أثر العسل وهو ينظر لخاصتها التي تمتلئ بذات اللمعة وكلاهما بات يعرف الخطوة القادمة بلا أي شك .. وبلا أي تردد.. وبلا اي مقاومة !! علم كلاهما باستسلامهما القادم لا محالة.... وبدآ في الاستسلام لذاك الاستسلام !!

-" استاذ يوسف يا استاذ يوسف الحقني يا أستاذ يوسف"

 انتفضت مارية على تلك الاصوات ولم يفقه كلاهما تلك الكلمات والطرقات المتتالية من وراء الباب ولكن صوت نادين المترجي انتشلهما من لحظات غياب عقلهما، فأسرع يوسف بترك يدي مارية التي سرى شعور البرودة فورا في أنحاء جسدها بداية بمكان تركه ليديها.

فتح الباب فدخلت نادين وهي تلهث:

-" معلش انا آسفة بس اصل .. اصل .."

تدخلت مارية بعد استفاقتها من حالتها الهائمة:

-" اهدي بس يا نادين فيه ايه باباكي كويس جراله حاجة؟؟"

هزت الأخيرة رأسها نفيا ثم أجابت بانقطاع أنفاس:

-"أصل فيه .. فيه فار في الشقة وبابا مش موجود وانا هموت من الخوف ممكن اقعد معاكم لحد ما بابا يجي ويتصرف"

زفر يوسف حانقًا ثم أشار لها بالاستراحة على الأريكة وذهب ليغسل يديه !!

-" انتو كنتو بتاكلوا انا آسفة اوي يظهر ان انا قرّفتكوا "

تحدثت مارية بخيبة كمن ضاع عليها فرصة ربح مليون دولار:

-" لا أبدا احنا كنا خلاص ..."

تنهدت ثم اردفت :

-" كنا خلاص خلصنا أكل"

خرج يوسف من الحمام ومارية تتابعه بعينيها وهو ينظر في أي مكان عدا تلك العينان التي تتعلق بحركاته.

وجه كلامه للا أحد وهو يتوجه لغرفته:

-" انا في اوضتي لو حد احتاج حاجة هاسيبكم تقعدوا مع بعض براحتكم"

أسرعت نادين تتحدث على الفور:

-" ليه كده يا أستاذ يوسف خليك قاعد متحسسنيش بالذنب"

-" لا ذنب ايه انا كده كده كنت داخل اريح يومي كان طويل اوي وكويس انه خلص على كده"

رفعت مارية إحدى حاجبيها اعتراضًا وهي تفكر ( كويس انه خلص على كده !!!!! ماشي يا يوسف ماشي)

التفتت نادين بخيبة أمل إلى مارية :

-" هو ماله زعلان ولا اتضايق اني جيت ولا ايه اصلي بصراحة بخاف من الفران اوي وكنت فاكرة يعني انه هيقولي انزل معاكي اخلصك منه"

حاولت مارية ان تتحكم في نظرات عينيها وألا تنظر إليها شزرا

-" انتي مش قولتي باباكي بيعرف يتصرف ف الحاجات دي "

-" اه اه فعلا لما بابا يجي بقا، هو خلاص كده استاذ يوسف هينام" 

زفرت مارية فقد ملت من طريقة نادين تلك هي تعلم جيدا انها معجبة بيوسف وان اقترابها منها وصداقتها ليس الا طريقة جديدة للتقرب منه. تحمد الله ان يوسف لا يبادلها ذات الشعور وإلا ..... وإلا ماذا!! اقتلعتها نادين من تسلسل افكارها:

-" طب مش هتروحي تغسلي ايدك انتي كنتي بتاكلي ولا بتعومي في العسل"

نظرت مارية إلى يديها:

-" ايوة فعلا عندك حق انا هاروح اغسل ايدي"

خرجت منى في هذه الاثناء وألقت التحية على نادين

-" هو انتي يا نادين اللي كنتي بتخبطي جامد كده"

-" ايوة يا طنط انا آسفة جدا بس اصل فيه فار عندنا في البيت وبابا مش موجود وانا خوفت اوي"

-" فااار اعوذ بالله، طب هو باباكي جاي امتى احسن يطلع عندنا لازم نقفل البيت كويس "

-" خلاص هو قرب يجي اصلا بس انا خوفت اقعد ف البيت لوحدي مع الارف دا"

-" اه فعلا يا حبيبتي عندك حق واهي فرصة تقعدي مع ميرو شوية اصل انتي عارفة معندهاش اصحاب هنا "

خرج يوسف من حجرته متوجها للحمام مرة أخرى فاعتدلت نادين في جلستها مبتسمة وبادرته قائلة:

-" هو انت مبتعرفش تتعامل مع الحيوانات دي يا استاذ يوسف"

انتبه لها يوسف ودلف إلى حيث تجلس ووالدته:

-" لا بصراحة مليش في الحاجت دي يا نادين بس انتي قولتي ان باباكي بيعرف يتصرف واديكي مستنياه هنا في أمان اهو"

مطت شفتيها كم تمنت لو انه ناضل من أجلها مثل البطل المغوار دفاعًا عنها ضد هذا الفأر. 

-" اه فعلا كويس اني جيت هنا"

التف يوسف متوجها نحو الحمام فبادرته والدته:

-" ميرو جوا بتغسل ايديها هو انتو قعدتو تاكلوا كل الوقت دا؟!"

لم يجب يوسف وكان قد وصل إلى باب الحمام فعليًا. 

خرجت مارية لتجده أمامها متجذرا في مكانه كالشجرة، توقفت هي الأخرى كإشارة المرور المعطلة تعطي الثلاث اشارات دفعة واحدة. فعقلها يضئ بالاخضر حتى تفر من أمامه وقلبها يضئ بالأحمر كي تتوقف عمرها كله عند هذه اللحظة وفي هذا المكان، وجسدها حيران بأصفره ايذهب معاندًا ام يتوقف لينعم بتلك اللحظة التي لا تتكرر كثيرا بنظرات عينيه التي لا تفارق خاصتها وذكرى ما حدث منذ قليل تلوح في أفقهما معًا!!

-" ايه يا ميرو كل دا بتغسلي ايدك"

كانت نادين تدلف هي الأخرى وراء يوسف ورأتهما متسمرين في مكانهما. استفاقت مارية بسرعة على صوت نادين وقطبت حاجبيها :

-" لا انا خلصت اهو بقولك ايه تعالي نقعد في اوضتي اريح"

هزت نادين رأسها وسلمت يدها لمارية التي بدأت تجرجرها نحو حجرتها. وسمعت صوت يوسف الجهوري يقول:

-" متنسيش تدي لنادين قلم الروچ اللي خنقتيني بيه وكل شوية تقوليلي فكرني اديه لنادين فكرني اديه لنادين"

اغلقت باب الحجرة خلفها وأسرعت نادين في التحدث :

-" تصدقي فعلا رنا صاحبتي سألتني على قلم الروچ دا وحتى قالتلي اسألك بس اتكسفت"

حاولت مارية ألا تظهر تلعثمها وتوجهت نحو مرآتها تحضر قلم الروچ:

-" وتتكسفي ليه يابنتي انا اخدته مع حاجتي بالغلط ولما لاقيته قولت ليوسف يفكرني عشان انا بنسى كتير" ثم ناولته اياها متحسرة وهي تمسك به بشده ثم جلست على الفراش وأخيرا أفلتته لتعطيه لنادين، اقتربت الأخيرة منها وهي تسأل بفضول :

-" هو انتي متخانقة انتي ويوسف ولا حاجة؟؟!"

قطبت مارية حاجبيها :

-" ليه بتسألي السؤال دا؟!

-" أصلي لما دخلت وراه قصدي وراكي يعني عشان اشوفك خلصتي ولا لسه لاقيتكو واقفين متسمرين كده وبتبصوا لبعض بصات غريبة"

-" ايوة احنا بصراحة متخانقين عشان هو مش موافق ع الشغل بتاعي ومش عاوزني اشتغل"

-" ياسلاااااام ادي الرجالة ولا بلاش"

فغرت مارية فاهها :

-" you're kidding me, right?!"

-" ايه دا قولتي ايه انتي؟؟!"

أسرعت مارية تترجم :

-" اقصد انتي اكيد بتهزري صح"

-" لا مش بهزر طبعا حد يطول يتستت في البيت ويقول لا وبعدين تعالي هنا انتي بتتكلمي انجليزي زي اللي ف الافلام بالظبط ازاي كده"

ازدردت مارية لعابها :

-" لا مش اوي كده بس اصل انا كنت في مدارس وجامعات خاصة وكده ودول بيعلموا انجليزي كويس يعني"

-" اممممم يعني كنتو اغنيا بقا؟!"

-" هه اااه بس لما بابا يوسف اتوفى بقا..."

قاطعتها نادين:

-" ايه دا هو بابا يوسف مش باباكي ولا ايه؟!"

ارتبكت مارية يبدو أنها كلما تحدثت كلما زادت الأمر سوءًا 

-" لا بابايا طبعا بس اصل يعني ..."

طرقات على الباب انقذتها من الإجابة. كانت منى المنقذة دائما هي من تطرق لتقدم واجب الضيافة لنادين التي هبت بدورها تأخذ الصينية من منى قائلة:

-" ايه دا يا طنط تعبتي نفسك ليه بس كده هو انا ضيفة !"

كادت مارية تقبلها على دخولها في الوقت المناسب :

-" منمن حبيبتي، انتي دايما بتنقذيني بجد"

نظرتا إليها الاثنتان دفعة واحدة فاسطردت:

-" عشان انا عمري ما بفتكر اقدم لحد حلويات ولا بيبسي وكده وانتي بتنقذيني لحسن يفتكروا اني بخيلة ولا مش بفهم في الحاجات دي"

ضحكت منى وفهمت أن مارية تغطي على شئ آخر فتماشت معها قائلة:

-" ماهو عشان انا عارفة انك مش هاتفتكري ولا هتفكري اصلا في كده فاتصرفت انا "

ثم وجهت حديثها إلى نادين:

-" على طول كده يا نادين ان مكنتش انا دايما افكرها وافضل اغمز لها قصاد الضيوف متفتكرش ابدا"

نظرت لها مارية بدهشة ونادين التقطت طرف الحديث لصالحها:

-" لا طبعا يا طنط دا مينفعش خالص دنا بفضل اقدم في حاجات للضيوف لحد ما يزهقوا، احنا عندنا اللي بيدخل ٦٠ كيلو بيطلع ٧٥ " وقهقهت الاثنتان ومارية مازالت مندهشة من تمثيل منى المتقن.

رن هاتف نادين فأمسكته بسرعة :

-" دا بابا باين عليه جه اهو لما انزل اقوله بقا ع الفار عشان يخلصنا منه النهاردة"

ودعتها منى :

-" مع السلامة ياحبيبتي ابقي طمنينا عملتوا فيه ايه"

-"حاضر يا طنطي"

ابتسمت منى فهي تفهم نادين ورغباتها الدفينة جيدًا. بادرتها مارية وهي تعانبها مبتسمة :

-" انا بنسى الضيوف انا ومش بقدملهم حاجات"

-" الله يا ميرو منا لازم ابقا ام مصرية صميمة واشتكي منك للي رايح واللي جاي"

قهقهت مارية :

-" يا سلااااام امال مش بتشتكي من سي يوسف ليه بقا ان شاء الله"

-" خلاص أوعدك المرة الجاية الدور هيبقا على يوسف"

قاطعهم وهو يخرج من الحمام مجففا شعره بمنشفته ثم يضعها على كتفيه بإهمال:

-" الدور على يوسف في ايه بقا ان شاء الله؟!"

عضت مارية على شفتيها مغيظة أياه:

-" دا سر بقا ملكش دعوة انت"

ابتسم اخيرا فهذه اول ابتسامة بعد ما حدث او كاد ان يحدث بينهما وردد قائلًا:

-" ياخبر بفلوس"

ثم ابتسم مرة أخرى مع نظرات البلاهة التي بدت على وجه مارية وهي لا تفهم ماذا يعنيه هذا المثل. 

                             ********************

في صباح اليوم التالي كان يوسف يجهز أوراقه وهو يرتدي بدلة رسمية ورائحة عطره أخرجت مارية من حجرتها كالمسحورة :

-" انت رايح فين الصبح بدري كده"

-" انا ياستي رايح شركة حامد فخري"

-" ايه دا ليه وازاي"

-" عارفة ايمن الصياد اللي كانوا بيتكلموا عليه ادامك!!"

-" اهاا ماله"

-" دا ياستي كان ال ceo بتاع الشركة ( المدير التنفيذي)ونهب حوالي ٣٠ مليون دولار وساب الشركة في موقف منيل وخلع"

اقتربت مارية اكثر وهي تسأل باهتمام:

-" ايوة طب وانت رايح ليه بقا هتقولهم انا هاقبض عليه وكده"

ضحك يوسف وهو ينظر لبرائتها وعفويتها المضحكة:

-" انتي عبيطة يا مارية هروح اقولهم هقبض عليه ليه وازاي اصلا، انا هاروح اخد مكانه"

-" واااو ازاي يعني"

-" يعني الوظيفة دي بقت فاضية وانا رايح اقدم فيها وبعتلهم على الايميل السيرة الذاتية بتاعتي اللي متخرش الميه واللي مثبوت فيها اني مسكت شركات كبيرة في السعودية وكده"

-" انت عملتها ازاي ال resume دي مش ممكن يقفشوك كده انها مزورة"

-" لا متقلقيش انا مظبط كل حاجة"

ثم أردف :

-" صحيح واي تيلفون يجيلك من رأفت تسجليه وتسمعهولي واي حاجة يقولهالك تقوليلي عليها الأولقبل ما تعمليها اوكيه"

-" طيب وانا اقول لحامد فخري انك اخويا بقا وكده ولا ايه"

-" لا استني لما اخد الوظيفة وبعدين عادي براحتك بقا"

-" طيب بالتوفيق ربنا معاك يارب" 

خرجت منى من المطبخ :

-" ايه يا حبيبي خلاص ماشي طب مش هتفطر؟!"

-" لا افطروا انتو يا حبايبي"

انتعشت مارية من الفصل الخامس والعشرون

لم يكن طعم العسل هو من سيطر على شفاه يوسف بل لمسة شفتيه ليديها لم يفكر كيف ولم فعل ذلك كانت الفكرة مسيطرة حد الجنون وها هي ترتخي بين أصابعه كحبل معقود انفكت عقداته. رفع نظره إليها فوجدها مغمضة العينين وكأنما تهيم في عالم آخر. ظل ناظرا إليها دون أن يتحرك او حتى يلتفت وطعم شهد أصابعها مازال على شفتيه. فتحت عينيها ببطء مفتقدة لمسة شفاهه على أصابعها وتحذر لماذا توقف عن اضرام اللهيب في جسدها عبر أناملها الرقيقة لتجده سارحا في وجهها بعينيه شبه المنغلقتين وشفتيه اللامعتان من أثر العسل وهو ينظر لخاصتها التي تمتلئ بذات اللمعة وكلاهما بات يعرف الخطوة القادمة بلا أي شك .. وبلا أي تردد.. وبلا اي مقاومة !! علم كلاهما باستسلامهما القادم لا محالة.... وبدآ في الاستسلام لذاك الاستسلام !!

-" استاذ يوسف يا استاذ يوسف الحقني يا أستاذ يوسف"

 انتفضت مارية على تلك الاصوات ولم يفقه كلاهما تلك الكلمات والطرقات المتتالية من وراء الباب ولكن صوت نادين المترجي انتشلهما من لحظات غياب عقلهما، فأسرع يوسف بترك يدي مارية التي سرى شعور البرودة فورا في أنحاء جسدها بداية بمكان تركه ليديها.

فتح الباب فدخلت نادين وهي تلهث:

-" معلش انا آسفة بس اصل .. اصل .."

تدخلت مارية بعد استفاقتها من حالتها الهائمة:

-" اهدي بس يا نادين فيه ايه باباكي كويس جراله حاجة؟؟"

هزت الأخيرة رأسها نفيا ثم أجابت بانقطاع أنفاس:

-"أصل فيه .. فيه فار في الشقة وبابا مش موجود وانا هموت من الخوف ممكن اقعد معاكم لحد ما بابا يجي ويتصرف"

زفر يوسف حانقًا ثم أشار لها بالاستراحة على الأريكة وذهب ليغسل يديه !!

-" انتو كنتو بتاكلوا انا آسفة اوي يظهر ان انا قرّفتكوا "

تحدثت مارية بخيبة كمن ضاع عليها فرصة ربح مليون دولار:

-" لا أبدا احنا كنا خلاص ..."

تنهدت ثم اردفت :

-" كنا خلاص خلصنا أكل"

خرج يوسف من الحمام ومارية تتابعه بعينيها وهو ينظر في أي مكان عدا تلك العينان التي تتعلق بحركاته.

وجه كلامه للا أحد وهو يتوجه لغرفته:

-" انا في اوضتي لو حد احتاج حاجة هاسيبكم تقعدوا مع بعض براحتكم"

أسرعت نادين تتحدث على الفور:

-" ليه كده يا أستاذ يوسف خليك قاعد متحسسنيش بالذنب"

-" لا ذنب ايه انا كده كده كنت داخل اريح يومي كان طويل اوي وكويس انه خلص على كده"

رفعت مارية إحدى حاجبيها اعتراضًا وهي تفكر ( كويس انه خلص على كده !!!!! ماشي يا يوسف ماشي)

التفتت نادين بخيبة أمل إلى مارية :

-" هو ماله زعلان ولا اتضايق اني جيت ولا ايه اصلي بصراحة بخاف من الفران اوي وكنت فاكرة يعني انه هيقولي انزل معاكي اخلصك منه"

حاولت مارية ان تتحكم في نظرات عينيها وألا تنظر إليها شزرا

-" انتي مش قولتي باباكي بيعرف يتصرف ف الحاجات دي "

-" اه اه فعلا لما بابا يجي بقا، هو خلاص كده استاذ يوسف هينام" 

زفرت مارية فقد ملت من طريقة نادين تلك هي تعلم جيدا انها معجبة بيوسف وان اقترابها منها وصداقتها ليس الا طريقة جديدة للتقرب منه. تحمد الله ان يوسف لا يبادلها ذات الشعور وإلا ..... وإلا ماذا!! اقتلعتها نادين من تسلسل افكارها:

-" طب مش هتروحي تغسلي ايدك انتي كنتي بتاكلي ولا بتعومي في العسل"

نظرت مارية إلى يديها:

-" ايوة فعلا عندك حق انا هاروح اغسل ايدي"

خرجت منى في هذه الاثناء وألقت التحية على نادين

-" هو انتي يا نادين اللي كنتي بتخبطي جامد كده"

-" ايوة يا طنط انا آسفة جدا بس اصل فيه فار عندنا في البيت وبابا مش موجود وانا خوفت اوي"

-" فااار اعوذ بالله، طب هو باباكي جاي امتى احسن يطلع عندنا لازم نقفل البيت كويس "

-" خلاص هو قرب يجي اصلا بس انا خوفت اقعد ف البيت لوحدي مع الارف دا"

-" اه فعلا يا حبيبتي عندك حق واهي فرصة تقعدي مع ميرو شوية اصل انتي عارفة معندهاش اصحاب هنا "

خرج يوسف من حجرته متوجها للحمام مرة أخرى فاعتدلت نادين في جلستها مبتسمة وبادرته قائلة:

-" هو انت مبتعرفش تتعامل مع الحيوانات دي يا استاذ يوسف"

انتبه لها يوسف ودلف إلى حيث تجلس ووالدته:

-" لا بصراحة مليش في الحاجت دي يا نادين بس انتي قولتي ان باباكي بيعرف يتصرف واديكي مستنياه هنا في أمان اهو"

مطت شفتيها كم تمنت لو انه ناضل من أجلها مثل البطل المغوار دفاعًا عنها ضد هذا الفأر. 

-" اه فعلا كويس اني جيت هنا"

التف يوسف متوجها نحو الحمام فبادرته والدته:

-" ميرو جوا بتغسل ايديها هو انتو قعدتو تاكلوا كل الوقت دا؟!"

لم يجب يوسف وكان قد وصل إلى باب الحمام فعليًا. 

خرجت مارية لتجده أمامها متجذرا في مكانه كالشجرة، توقفت هي الأخرى كإشارة المرور المعطلة تعطي الثلاث اشارات دفعة واحدة. فعقلها يضئ بالاخضر حتى تفر من أمامه وقلبها يضئ بالأحمر كي تتوقف عمرها كله عند هذه اللحظة وفي هذا المكان، وجسدها حيران بأصفره ايذهب معاندًا ام يتوقف لينعم بتلك اللحظة التي لا تتكرر كثيرا بنظرات عينيه التي لا تفارق خاصتها وذكرى ما حدث منذ قليل تلوح في أفقهما معًا!!

-" ايه يا ميرو كل دا بتغسلي ايدك"

كانت نادين تدلف هي الأخرى وراء يوسف ورأتهما متسمرين في مكانهما. استفاقت مارية بسرعة على صوت نادين وقطبت حاجبيها :

-" لا انا خلصت اهو بقولك ايه تعالي نقعد في اوضتي اريح"

هزت نادين رأسها وسلمت يدها لمارية التي بدأت تجرجرها نحو حجرتها. وسمعت صوت يوسف الجهوري يقول:

-" متنسيش تدي لنادين قلم الروچ اللي خنقتيني بيه وكل شوية تقوليلي فكرني اديه لنادين فكرني اديه لنادين"

اغلقت باب الحجرة خلفها وأسرعت نادين في التحدث :

-" تصدقي فعلا رنا صاحبتي سألتني على قلم الروچ دا وحتى قالتلي اسألك بس اتكسفت"

حاولت مارية ألا تظهر تلعثمها وتوجهت نحو مرآتها تحضر قلم الروچ:

-" وتتكسفي ليه يابنتي انا اخدته مع حاجتي بالغلط ولما لاقيته قولت ليوسف يفكرني عشان انا بنسى كتير" ثم ناولته اياها متحسرة وهي تمسك به بشده ثم جلست على الفراش وأخيرا أفلتته لتعطيه لنادين، اقتربت الأخيرة منها وهي تسأل بفضول :

-" هو انتي متخانقة انتي ويوسف ولا حاجة؟؟!"

قطبت مارية حاجبيها :

-" ليه بتسألي السؤال دا؟!

-" أصلي لما دخلت وراه قصدي وراكي يعني عشان اشوفك خلصتي ولا لسه لاقيتكو واقفين متسمرين كده وبتبصوا لبعض بصات غريبة"

-" ايوة احنا بصراحة متخانقين عشان هو مش موافق ع الشغل بتاعي ومش عاوزني اشتغل"

-" ياسلاااااام ادي الرجالة ولا بلاش"

فغرت مارية فاهها :

-" you're kidding me, right?!"

-" ايه دا قولتي ايه انتي؟؟!"

أسرعت مارية تترجم :

-" اقصد انتي اكيد بتهزري صح"

-" لا مش بهزر طبعا حد يطول يتستت في البيت ويقول لا وبعدين تعالي هنا انتي بتتكلمي انجليزي زي اللي ف الافلام بالظبط ازاي كده"

ازدردت مارية لعابها :

-" لا مش اوي كده بس اصل انا كنت في مدارس وجامعات خاصة وكده ودول بيعلموا انجليزي كويس يعني"

-" اممممم يعني كنتو اغنيا بقا؟!"

-" هه اااه بس لما بابا يوسف اتوفى بقا..."

قاطعتها نادين:

-" ايه دا هو بابا يوسف مش باباكي ولا ايه؟!"

ارتبكت مارية يبدو أنها كلما تحدثت كلما زادت الأمر سوءًا 

-" لا بابايا طبعا بس اصل يعني ..."

طرقات على الباب انقذتها من الإجابة. كانت منى المنقذة دائما هي من تطرق لتقدم واجب الضيافة لنادين التي هبت بدورها تأخذ الصينية من منى قائلة:

-" ايه دا يا طنط تعبتي نفسك ليه بس كده هو انا ضيفة !"

كادت مارية تقبلها على دخولها في الوقت المناسب :

-" منمن حبيبتي، انتي دايما بتنقذيني بجد"

نظرتا إليها الاثنتان دفعة واحدة فاسطردت:

-" عشان انا عمري ما بفتكر اقدم لحد حلويات ولا بيبسي وكده وانتي بتنقذيني لحسن يفتكروا اني بخيلة ولا مش بفهم في الحاجات دي"

ضحكت منى وفهمت أن مارية تغطي على شئ آخر فتماشت معها قائلة:

-" ماهو عشان انا عارفة انك مش هاتفتكري ولا هتفكري اصلا في كده فاتصرفت انا "

ثم وجهت حديثها إلى نادين:

-" على طول كده يا نادين ان مكنتش انا دايما افكرها وافضل اغمز لها قصاد الضيوف متفتكرش ابدا"

نظرت لها مارية بدهشة ونادين التقطت طرف الحديث لصالحها:

-" لا طبعا يا طنط دا مينفعش خالص دنا بفضل اقدم في حاجات للضيوف لحد ما يزهقوا، احنا عندنا اللي بيدخل ٦٠ كيلو بيطلع ٧٥ " وقهقهت الاثنتان ومارية مازالت مندهشة من تمثيل منى المتقن.

رن هاتف نادين فأمسكته بسرعة :

-" دا بابا باين عليه جه اهو لما انزل اقوله بقا ع الفار عشان يخلصنا منه النهاردة"

ودعتها منى :

-" مع السلامة ياحبيبتي ابقي طمنينا عملتوا فيه ايه"

-"حاضر يا طنطي"

ابتسمت منى فهي تفهم نادين ورغباتها الدفينة جيدًا. بادرتها مارية وهي تعانبها مبتسمة :

-" انا بنسى الضيوف انا ومش بقدملهم حاجات"

-" الله يا ميرو منا لازم ابقا ام مصرية صميمة واشتكي منك للي رايح واللي جاي"

قهقهت مارية :

-" يا سلااااام امال مش بتشتكي من سي يوسف ليه بقا ان شاء الله"

-" خلاص أوعدك المرة الجاية الدور هيبقا على يوسف"

قاطعهم وهو يخرج من الحمام مجففا شعره بمنشفته ثم يضعها على كتفيه بإهمال:

-" الدور على يوسف في ايه بقا ان شاء الله؟!"

عضت مارية على شفتيها مغيظة أياه:

-" دا سر بقا ملكش دعوة انت"

ابتسم اخيرا فهذه اول ابتسامة بعد ما حدث او كاد ان يحدث بينهما وردد قائلًا:

-" ياخبر بفلوس"

ثم ابتسم مرة أخرى مع نظرات البلاهة التي بدت على وجه مارية وهي لا تفهم ماذا يعنيه هذا المثل. 

                             ********************

في صباح اليوم التالي كان يوسف يجهز أوراقه وهو يرتدي بدلة رسمية ورائحة عطره أخرجت مارية من حجرتها كالمسحورة :

-" انت رايح فين الصبح بدري كده"

-" انا ياستي رايح شركة حامد فخري"

-" ايه دا ليه وازاي"

-" عارفة ايمن الصياد اللي كانوا بيتكلموا عليه ادامك!!"

-" اهاا ماله"

-" دا ياستي كان ال ceo بتاع الشركة ( المدير التنفيذي)ونهب حوالي ٣٠ مليون دولار وساب الشركة في موقف منيل وخلع"

اقتربت مارية اكثر وهي تسأل باهتمام:

-" ايوة طب وانت رايح ليه بقا هتقولهم انا هاقبض عليه وكده"

ضحك يوسف وهو ينظر لبرائتها وعفويتها المضحكة:

-" انتي عبيطة يا مارية هروح اقولهم هقبض عليه ليه وازاي اصلا، انا هاروح اخد مكانه"

-" واااو ازاي يعني"

-" يعني الوظيفة دي بقت فاضية وانا رايح اقدم فيها وبعتلهم على الايميل السيرة الذاتية بتاعتي اللي متخرش الميه واللي مثبوت فيها اني مسكت شركات كبيرة في السعودية وكده"

-" انت عملتها ازاي ال resume دي مش ممكن يقفشوك كده انها مزورة"

-" لا متقلقيش انا مظبط كل حاجة"

ثم أردف :

-" صحيح واي تيلفون يجيلك من رأفت تسجليه وتسمعهولي واي حاجة يقولهالك تقوليلي عليها الأولقبل ما تعمليها اوكيه"

-" طيب وانا اقول لحامد فخري انك اخويا بقا وكده ولا ايه"

-" لا استني لما اخد الوظيفة وبعدين عادي براحتك بقا"

-" طيب بالتوفيق ربنا معاك يارب" 

خرجت منى من المطبخ :

-" ايه يا حبيبي خلاص ماشي طب مش هتفطر؟!"

-" لا افطروا انتو يا حبايبي"

انتعشت مارية من تلك الكلمة العابرة وجلست لتتناول افطارها مع منى قبل ان تذهب إلى عملها وقاطعهما رنين هاتف مارية وهو يضيئ باسم رأفت !!!تلك الكلمة العابرة وجلست لتتناول افطارها مع منى قبل ان تذهب إلى عملها وقاطعهما رنين هاتف مارية وهو يضيئ باسم رأفت !!!


            الفصل السادس والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>