أخر الاخبار

رواية المعلم الفصل الثاني 2بقلم تسنيم المرشدي

     

رواية المعلم

الفصل الثاني 2

بقلم تسنيم المرشدي



جمع شجاعته ونظر إلي ريان الذي كان يطالعه قيد إنتظار طلبه وأردف بحرج :- 

_ ريان أنا عايز اخد الشقة اللي فوق


_ ألقي بكلماته دون خجل وكأنه يُطالب بحقه وليس بشئ ملك لأخيه ، خجل من نظرات ريان عليه وحمحم في خجل :- 

_ طبعاً بعد أذنك يعني ، أصل رنا مش مرتاحة


_ تقوس ثغر ريان بإبتسامة ساخرة عندما تأكد من حدسه وردد قائلا بتهكم :- 

_ رنا !


_ أستنشق هاني أكبر قدر من الأكسجين حتي يواصل ما بدأه لتوه ، يريد ملكية الشقة وحينها سيركض مهرولاً إلي زوجته :- 

_ أكيد يعني أنت عارف أن أي ست بتبقي محتاجة تكون علي راحتها في بيتها تلبس براحتها ، ويحيي موجود وكمان الحج!


_ رمقه ريان شزراً فتابع هاني حديثه موضحاً :-


_ عارف إنك مستغرب ، هو آه الحج مش شايفها بس انا بكون مضايق لو شوفتها واقفة قدامه بلبس ااا...


_ نظر هاني إلي الأرض بحرج بائن ثم رفع رأسه لريان وأردف بتوسل :- 

_ أكيد انت فاهم قصدي ، ها قولت ايه ؟


_ تعجب ريان كثيراً مما سمعه من أخيه ، ما نوعية تلك الثياب التي يتحدث عنها ، لما يشعر بغرابة في حديثه ، أيعقل أن هناك ثياب غير المعتادة ؟ ثياب مختلفة عن العباءة الفضفاضة التي ترتديها دينا زوجته دوماً حتي في علاقتهم الحميمية ترفض أن تخلعها ، أثار فضول ريان حول نوع تلك الثياب ، يا تُري كيف تكون ؟


_ ابتلع ريقه بتوتر بائن وهو يري أخيه لا يعبأ لحديثه ، فكرة الرفض تتردد في عقله ، يتمني بداخله أن يوافق علي طلبه ، لأن رفضه سيكون بمثابة عداء زوجته معه ،


_ رفع ريان بصره نحو أخيه عندما فشل في تخيل تلك الثياب ، كاد لوهبة يسأله كيف تكون لكنه تراجع في آخر لحظة ، لعن نفسه بأنه كاد أن يقع بلسانه أمام أخيه بشئ من المفترض يكون علي علم به ،


_ سحب نفساً عميق وهو يفكر جيداً في إجابة صريحة ثم أردف بنبرة صارمة :- 

_ بس الشقة دي بتاعت يحيي يا هاني


_ تفاجئ هاني من رد أخيه وأردف بإقتضاب :-

_  يحيي ايه بس يا ريان ،  يحيي لسه قدامه كتير جدا ده لسه مكملش العشرين ، أنا أولي بيها منه


_ اتسعت مقلتي ريان بدهشة وهو لا يدري من أين يأتي بتلك الوقاحة ، أحقاً يطالبه بشئ ملك له ولا يعبأ لحال لأخيه الصغير


_ تأفف ريان بداخله وأردف لينهي ذلك الحوار سريعاً :-


_  أنا وعدت يحيي اني هديله الشقة لو نجح في امتحانات الثانويه العامه ، ولما نجح كانت هديتي ليه ومقدرش أرجع فيها تاني ، حاول تتفهم الوضع


_ شعر هاني بالإهانة الشديدة من أخيه ونهض بعصبية :- 

_ يعني أنت بتبقي حتة العيل ده عليا يا ريان ؟


_ نهض ريان هو الأخر ورد عليه بنبرة حادة :-

_ يحيي أخويا زي ما انت اخويا وانا وعدته ومينفعش أخلف بوعدي معاه ، لو مكنتش قولتله كنت إديتك مفتاحها وقولتلك اتفضل


_ لم يقتنع هاني بحديث أخيه أن تحت مسمي هرائات وغادر مكتبه وهو يتمتم بكلمات لم يفهمها ريان ..


_ أخذ ريان أحد الدمي الخشبية التي تعتلي مكتبه الخشبي ودفع بها بكل ما أوتي من قوة ، لتقع أسفل قدميه وهو يدلف داخل المكتب ، نظر إلي ريان بغرابة :- 

_ في ايه يابني متعصب كده ليه ؟


_ نهض ريان وتعابير وجهه لا تبشر بالخير :-

_ معلش يا خالد جت فيك ، تعالي


( خالد سرور ، هو الصديق الوحيد والاقرب لريان ويعمل معه في إدارة المعرض ، يبلغ من العمر أربعة وثلاثون عاماً ، كانَ يدرسَ معاً لكنه أكمل دراسته واجتاز كلية التجارة ، متزوج ولديه ولدين زياد وإياد )


_ أغلق خالد الباب وانخفض بمستوي جسده ليلتقط حُطَام تلك الدمية الخشبية واقترب من ريان وقد إرتاب من زمجرة ملامحه الغاضبة ، أعاد الدمية مكانها ووقف بجانبه ينظر إلي حيث ينظر ريان من النافذة وسأله بتوجس :-

_  هاني برده ؟


_ أماء رأسه بالإيجاب مؤكداً سؤاله ، ثم نظر إليه بأعين غاضبة تكاد تفتك رأس من يحاول إفساد صفو مزاجه أكثر :-

_ مش حابب اني اتكلم عنه بالطريقة دي بس انا تعبت ، انت متخيل أنه عايز شقتي ومضايق اني بقوله دي بتاعت يحيي!


_ هز ريان كتفيه في عدم تصديق ثم أعاد بصره علي صديقه مرة أخري وكأنه تذكر شئ ما :- 

_ هو الست ممكن تعمل ايه للراجل يخليه بمنظر هاني أخويا كده ؟


_ تعالت ضحكات خالد الذي حاول جاهداً أن يسيطر بشتي الطرق علي قهقهاته التي حتماً ستزيد الطين بلة ، أخذ يزفر أنفاسه وهو يضبط من نبرته التي خرجت مضطربة :-

_  آسف في اللي هقوله ، بس اخوك مش راجل ، هو السبب أنها تمشي كلمتها عليه ، مش معني كده اني قصدي أن الست ميكنش ليها رأي ولا احترام بس بالعقل ، تقول رأيها ويتنفذ طلاما صح ومش هيصغرني قدام حد او حتي نفسي ، الحريم بحالات يا صاحبي ولو مشينا بدماغهم دي هنروح في داهية


_ نجح خالد في إضحاك ريان الذي تأفف بضجر ثم عاد لمكتبه ونظر لصديقه مستفسراً :-

_ كنت جاي ليه ؟


_ جلس خالد أمامه ووضع بعض الأوراق :- الأوراق دي عايزة تتمضي عشان توريد الخشب للورش يتنقل كمان ساعة


_ سحب ريان الأوراق ووضع عليها إمضته سريعاً وأردف بحنق :-

_  يابني مش عارف انت رافض موضوع التوكيل ده ليه ، شيل معايا يا خالد الشيلة تقيلة اوي عليا وبالتوكيل ده هتخلص كل حاجة بنفسك ومش هضطر ترجعي لي في كل حاجة


_ اؤمأ رأسه في رفض تام ، ثم سحب الأوراق من أمام ريان ونهض :- 

_ لا ياعم انا مليش دعوه كده أحسن ، مملكتك وانت حر فيها


_ عقد ريان ما بين حاجبيه في تعجب شديد تسائل بتهكم :-

_ وانا وانت ايه مش واحد برده ؟ ولا واحد في حاجات آه وحاجات لأ ؟ ثم إني بثق فيك اكتر من نفسي يعني أأمن علي مملكتي اللي بتقول عليها دي معاك انت


_ تنهد خالد بسعادة لكنه أبي أن يخضع لطلب صديقه أسفل تأثيره الساحر في الحديث ، توجه نحو الباب ثم استدار إلي ريان قبل أن يدلف للخارج :-

_  أنا وأنت واحد في تمن عشواية ، في خروجة لكن مجهودك ده تعب سنين انت شقيتها مينفعش أخد أنا كده علي الجاهز ، وبعدين ياعم انا مبسوط كده


_ غمز خالد بإحدي عيناه له وأردف بتريث :-

_ سلام يا معلم


_ أغلق الباب خلفه ليتنهد ريان وهو يبتسم  ، عاد لمكتبه وسحب هاتفه ليهاتف أحدهم ، بعد ثواني قليلة من الإنتظار ، أجابته بصوتها الناعم كما اعتاد عليه :-

_ صباح الخير يا رينو


_ ابتسم ورد عليها بحدة زائفة :-

_ المعلم ريان عيب يتقاله رينو !


_ تعالت قهقهاتها عالياً وأجابته بدلال :- 

_ لأ معلم ده للعمال اللي عندك إنما أنا أقول رينو براحتي


_ أجابها وهو مازال يضحك علي ردودها التي تتغلب بها عليه دائما :- 

_ طيب متتأخريش بكرة يا هاجر لحسن اجي اجيبك من شعرك


( هاجر شقيقته الأصغر ، تبلغ من العمر خمسة وعشرون عاماً ، تبلغ من الجمال مقدار كبير ، رقيقة وذو قلب طيب ، ودودة والإبتسامة لا تفارق وجهها ، تعشق المزاح وتعطي للحياة طعم مختلف ، متزوجة ولديها طفل رضيع يبلغ تسعة أشهر ، قصيرة القامة وممتلئة بعض الشئ ، اجتازت معهد الحاسب الآلي )


_ أبتسمت ثم تنهدت بحرارة وأردفت بحرج بائن :- 

_ يابني كفاية عليك اللي بتعمله انت مش ملزوم بالعزومة الأسبوعية دي يا ريان كفاية عليك بابا ويحيي و..


_ صمتت لبرهة ثم لوت شفتيها بتزمجر وتابعت مضيفة :-

_ وهاني ومراته


_ قاطعها ريان بنبرة متهمكة :- 

_ ملكيش انتي فيه ، المهم عايزة حاجة معينة علي الغدا ؟


_ اؤمات رأسها بنفي ثم قطبت جبينها علي ما فعلته كأنه أمامها وأجابته بحرج :-

_ لا يا حبيبي كله حلو منك ومن دينا ، أنا مش عارفة اشكرك إزاي يا ريان علي كل اللي بتعمله معايا ومع علي


_ أجابها مسرعاً وكأنه لا يعي ما تقول :-

_ بعمل ايه يا عبيطة انتي ، انتي بنتي قبل ما تكوني أختي وعلي غالي عندي ربنا يبارك فيكم ، ويلا بقا عشان ورايا شغل كتير


_ تعالت ضحكاتها ثم أجابته مختصرة حديثها :-

_ ماشي يا حبيبي في رعاية الله


_ توقفت عن الإغلاق عندما سمعت نداءه وقالت بإهتمام :- 

_ نعم ؟


_ أردف مؤكداً بإهتمام :- 

_ متتأخريش


_ أبتسمت واجابته بحب :-

_  حاضر

_ أغلق الخط وعاد لعمله الذي الذي حاول قدر المستطاع أن يشغل وقته به حتي ينسي تماماً حواره الأخير مع أخيه ..


_________________________________________________

_ فتحت عيناها ببطئ شديد وهي تشعر بألم يعتلي عينيها البندقيتين ، فركتهم لتزداد تلك الحرارة المنبعثة منهم بشدة ، نهضت وآنت بألم في جسدها ، وضعت إحدي يديها خلف ظهرها والاخري علي عيناها ، ما هذا الألم التي لم تشعر  بمقدار ذرة منه من قبل ، عاندت جسدها ونهضت بصعوبة بالغة وجرت قدميها بثقل حتي اقتربت من المرآة ،


_ شهقت بصدمة وهي تري تورم شديد أسفل عينيها ، وضعت يديها عليهم بـ ألم ، تود أن تفتك بيهم من شدة الالم الذي تشعر به ، آنت بصدمة أكبر عندما رأت تلك العلامات الزرقاء تنتشر في ذراعها ، رفعت ثيابها لتشهق بصدمة جلية عندما رأت جسدها بهذا المنظر المقزز ، ما سبب تلك العلامات ، لم تراهم من قبل ، لما الأن ؟ لما في هذا الوقت العصيب ، لكي تزيد من آلامها أضعافاً مضاعفة ؟!


_ ابتعدت عن المرآة سريعاً حتي لا تتقابل مع تلك العلامات مرة أخري ، لابد من حل سريع لهم ، نعم ستذهب إلي والدتها حتماً هي من ستدوايها ،


_ دلفت خارج الغرفة سريعاً منادية علي والدتها :-

_ ماما ، ماما


_ توقفت من تلقاء نفسها عندما تذكرت فراقهم ، بدأ صدرها يعلو ويهبط بطريقة مضطربة ، انسدلت دموعها علي مقلتيها حزناً علي فراقهم ، توجهت إلي مكتب والدها وجلست علي مقعده ، وظلت تتحسس الأشياء التي ترك لمساته عليها ، فتحت الادراج ووقعت عينيها علي مغلفاً ورقي مطوي باللون الابيض ، لم تكترث له لكن لفت أنتباها ذلك الإسم التي تعهده جيدا ( عنود )


_ أمسكت به ونهضت من مكانها وتوجهت الي الأريكة التي تتوسط غرفة المكتب وجلست عليها ، ازدردت وهي لا تدري ما الذي يؤخرها عن فتحه ، أخذت نفساً عميق ثم شرعت في فتحه وما إن قرأت كلماته التي لامست فيها حنانه حتي انهمرت في البكاء


( عنود ، لو قرأتي كلامي ده هكون وقتها مفارق الحياة ، أنا عارف إنك قوية ومؤمنة بربنا وقدره ، أنا كتبت الجواب ده لاني حلمت حلم غريب جدا ، وصحيت منه علي أذان الفجر واتاكدت إنها رؤية مش مجرد حلم عادي ، والأهم من كده إني لما حكيت لوالدتك اتفاجئت بيها بتحكي نفس الحلم اللي حلمته ، أياً كان الوقت اللي بتقرأي في الجواب ده حاولي تتماسكي وتكوني سند لنفسك ، وثقي في ربنا إنه ديما كاتب لك الأحسن ، اصبري ومتمليش من نص الطريق ، كملي وعافري واوصلي لحلمك ، وخليكي ديما صعبة المنال زي أسمك ، مش هقولك أكتر من كده لأنك ناضجة كفاية وذكية ومش محتاجة نصايح ، أنا كل اللي عايزه منك إنك تنزلي مصر بلدي تعيشي وسط أهلي اللي أنا سيبتهم زمان وعشت مع والدتك ، أكيد مش هيفرطوا فيكي مهما كان بينا خلاف ، في الآخر انتي من دمهم ولو هما لسه زي ما انا عارفهم هيحموكي وهيخافوا عليكي ، عنود متقعديش لحظة في البلد دي لوحدك ، انتي مش شبهم ارجعي لأصلك وأصلي يابنتي ، واخر حاجة عايز أقولها لك اني بعت البيت واخدت مهلة شهر كامل من المشتري يسيبك براحتك فيه علي لما تمشي ، بحبك اوي ، دُمتِ سالمة )

_ كفكفت عبراتها التي انسدلت كالشلال من عينيها ، ثم احتضنت المغلف الورقي ، انتبهت لطرف ورقة أخري خلف الورقة الأولي ، سحبتها برفق لتقرأ ما بها ، كانت بعض العناوين لعائلة والدها ، وأسمائهم مع بعض الصور لهم ،


_ ابتسمت بتهكم عندما رأت لأول مرة صور لعائلتها لطلاما تمنت رؤيتهم سابقاً لكن رفض والدها المتكرر أجبرها علي الصمت وعدم المطالبة بمعرفتهم ..


_ ابتسمت بسعادة وقد تغلغل الحماس الي جوفها ونهضت مسرعة لتحضر ثيابها وجميع أشيائها التي ستحتاجها عند عودتها لبلدة والدها العزيز ،


_ أخذت تحضر ثيابها وكل ما يخصها وبعض الاشياء الخاصة بوالدايها ، حتي ذلك المال الذي أخبرها والدها عنه ،  لملمت جميع مستلزمات سفرها وانتهت سريعاً ..


_ سحبت الهاتف لتحجز لها  تذكرة طيران في أسرع فرصة حتي تغادر تلك البلدة اللي بدت غريبة عنها منذ فراق والديها ، لم تعد تحتمل المكوث فيها أكثر من ذلك ، فلقد شعرت لتوها بالحنين لعائلة والدها وازداد شوقها وشغفها  لرؤيتهم ، ربما تنعم بدفئهم ويكونا لها العوض بعد فراق والديها ..


_________________________________________________

_ عاد لمنزله مطأطأ الرأس ، حتماً ستهد المعبد علي رأسه ما إن يخبرها برفض أخيه لتملكه شقته ، أغلق الباب خلفه بهدوء وتوقف عندما سمع صوت والده الجهوري :-

_ انت جيت يا هاني ؟


_ ابتلع ريقه واقترب منه وسأله بإقتضاب :- 

_ أيوة يا حج عايز حاجة ؟


_ أماء ماهر رأسه وأشار إليه بالجلوس وما إن جلس هاني حتي شرع ماهر في التحدث عما يريد إخباره به :- 

_ انت عايز الشقة اللي فوق ؟


_ اتسعت مقلتي هاني ليسرع في الاجابه عليه بذهول  :-

_  انت عرفت منين ، رنا قال...


_ قاطعه ماهر  ثم تابع هو حديثه :-

_ رنا مقالتش حاجة ، صوتكم كان عالي الصبح ،


_ شعر هاني بالحرج الشديد حيال والده ، ولعن ذاك الحوار الصباحي الذي بدي فيه كالأبله أمام والده ، أزفر أنفاسه في ضيق ، استشف والده ضيقه ثم وضع ماهر راحتي يده علي فخذي هاني وابتسم :-

_  أنا هكلم لك أخوك يديك الشقة


_ اتسعت عيناه بدهشة وبدي كالطفل الضائع الذي وجد مآواه وردد بعدم تصديق :- 

_ بجد يا حج هتكلمه ؟


_ صمت قليلاً وتذكر أخيه الصغير وراوده شعور من الضيق مرة أخري ، ازدرد  ريقه وتابع حديثه بنبرة تعكس حماسه منذ قليل :- 

_ بس ، بس هو قالي أنها هدية يحيي


_ رد عليه ماهر بتهكم وهو يربط علي فخذه بحنو أبوي :-

_  سيب الموضوع عليا ، أخوك مش بيرفض لي طلب


_ شكره هاني بإمتنان ثم نهض وولج داخل غرفته في حماس وسعادة ، رمقته رنا بغرابة لتلك الحالة البادية عليه ، رفعت أحد حاجبيها بتعجب وسألته بنبرتها التي تشع منها الأنوثة البالغة :-

_ مالك بتضحك كده ليه ؟

_ اقترب منها ولازال يبتسم ، جلس بجانبها يتحسس فخذيها ذو القوام الرشيق ، رفع عيناه عليها ونظر لتلك الخضرواتين كغصن الزيتون وهو يقترب أكثر من شفتاها الورديتان التي يعشقهم كثيراً ليلهث أمامهم برغبة :-

_ الحج هيكلم ريان علي الشقة وانتي عارفة أن ريان مش بيرفض للحج طلب ، يعني اعتبريها شقتنا خلاص


_ إلتمعت خضرواتاها بسعادة بالغة ، فها قد حان الوقت لتمتلك أقل حقوقها كزوجة لرجل يكبرها بـ عشرة أعوام ، لم تشعر ولو بذرة من السعادة معه ، فلقد دق قلبها لرجل واحد ولا تريد غيره ، فعلت الكثير بدهائها المفرط حتي تجذبه إليهاا لكنه لم يظهر عليه ولو لمرة واحدة أنه يتأثر بكل التصرفات المثيرة التي يخضع لها أي رجل ، لما لا يراها ويري تلك الدينا البغيضة ذات الجسد

السمين والشعر المجعد ، فلا أصل للمقارنة بينهم ، فهي تمتلك جسد ممشوق ذو انحناءات أنثوية صارخة للغاية تجعل الحجر يلين ، خُصلات شعرها الدهبية تفقد عقل اي رجل ، شفاها المنتفخة الوردية التي تجبر كل من يراها أن ينظر إليهم ببلاهة ويتمني أن يتذوق شهدهم ، من تلك المرأة التي يعطيها ولاءه الكامل ولا ينظر لغيرها ، ولكن لا لن تستسلم بتلك السرعة ، لابد وأن تجد طريقة ما للوصول إليه فلا يمكن أن يكون هناك رجل بتلك المثالية ، حتماً له ثغرات ستعرفها وتلعب علي أوتارها ..


_ تقوس ثغرها بإبتسامة لدهائها التي تميزت به ، ولكن سرعان ما تحولت تلك الابتسامة الي تقزز من ذلك الرجل الذي يتحسس جسدها بجرأة


_ حاولت الصمود قدر الإمكان حتي لا تتقئ بسبب قربه لجسدها بهذا الشكل ، أجبرت جسدها علي التأقلم معه كما تفعل دائماً ، فتلك الطريقة التي تجيدها لتحصل علي أي شئ تريده منه ..


_ بعد مدة من الوقت ، نظرت إليه بتقزز شديد وهي تنظر لشعيرات صدره الفحمية التي تمتزج بها بعض الخصلات البيضاء ، نهضت من جانبه مسرعة وولجت داخل الحمام ، وقفت في منتصف المغطس الرخامي أسفل قطرات المياه الباردة ،


_ اخذت تفرك جسدها بعصبية ربما تمحي أثار لمساته  عليها ، أغلقت صنبور المياه وتوجهت الي الخارج بعد أن حاوطت جسدها بالمنشفة القطنية ،


_ جلست أمام المرآة وهي تجفف شعرها بالمجفف الكهربي ، وما إن انتهت من تجفيف شعرها حتي استمعت لصوت أبواق سيارة ريان ،


_ تهللت أساريرها في سعادة ونهضت مسرعة ، ارتدت روبها الحريري طويل القامة وسحبت حجاب رأسها ودلفت الي الخارج وهي تسرع من خطاها ، أدارت مقبض الباب وتصنعت أنها تنادي علي زوجها :-

_  هاااني انت جيت


_ تصنعت الحرج عندما رأته وقلبها يطرب فرحاً لرؤيته ، ابتلعت ريقها وتصنعت البراءة :- 

_ ريان ، كنت فكراك هاني ، أخبارك ايه ؟


_ تعمدت ترك حجاب رأسها ينسدل من عليها حتي وقع أرضاً ، نظرت إليه بخضرواتها وهي تتمني أن ينخفض بجسده معها  لتتقابلا أعينهم سوياً ، لكن لم تهتز له خصلة وبات جامداً أمامها ،

_ انحنت هي بجسدها لتلقف حجابها ، أراحت من عقدة روبها قليلاً لتسمح لثديها في الظهور ، وما إن عادت لوقفتها تفاجئت به قد غادرها وأكمل صعوده للأعلي ،


_ كزت علي أسنانها بغضب وولجت للداخل وهي تتأفف ، دفعت الباب بعصبية وعادت لغرفتها مرة أخري متوعدة له :-

_ ماشي يا ريان إن مجبتك راكع تحت رجلي مكنش رنا الدمنهوري ..


_________________________________________________

أغلق باب غرفته وهو مندهشا مما رآه ، هل ما رآه  صحيحاً أم أنه يبالغ ، جلس علي طرف الفراش وهو يعيد ما رآه قبل قليل و أردف بذهول شديد :-

_ رنا بتسأل ريان عن هاني اللي هو في الاوضة أصلا ، ووقعت طرحتها قدامه ، ريان سابها ومشي وهي اتعصبت وقفلت الروب بتاعها اللي معرفش اتفتح امتي ؟


_ هز راسه في إنكار تام مما رآه وقال بعدم تصديق :-

_ لا لا أكيد أنت فاهم غلط يا يحيي ، أحسن حاجة انام وأبطل تفكير ، اللهم اخزيك يا شيطان


_ استلقي بجسده علي فراشه وهو يحاول أن يقنع عقله أن ما رآه ليس إلا صدفة وما شعر به ليس إلا من محض خياله الباطني ،


_________________________________________________


_ فتح الباب بأحد مفاتيحه ثم ولج للداخل حاملاً العديد من الحقائب البلاستيكية ، وضعهم علي الطاولة الرخامية بمنتصف المطبخ ودلف يبحث عن زوجته التي لم يلمح طيفها منذ دخوله ، لم تكن بغرفتهم ، إذا أين ذهبت ؟!


_ سمع بعض الهمهمات تأتي من غرفة صغيرته ، توجه نحوها ونظر بسودتاه داخل الغرفة ، رآها جالسة علي الفراش تُتمتم ببعض الآيات لصغيرتها المستكينة بين أحضنها حتي غفت بين ذراعيها ،


_ ابتسمت دينا حينما رأته يراقبها في صمت ، ثم وضعت صغيرتها برفق أعلي الفراش ودسرت عليها الغطاء ومن ثم توجهت إلي الخارج بخطوات هادئة حتي لا تقلق تلك الصغيرة التي غفت بصعوبة ..


_ استقبلته بإبتسامتها المشرقة ورحبت به بود :-

_ حمد لله على سلامتك يا حبيبي ، جعان هتاكل ؟


_ أماء لها ريان بالايجاب وأردف وهو يولج لغرفته :-

_  هاخد دوش سريع علي لما تكوني حضرتي الاكل ..


_ أخذ ثيابه وولج داخل حمام غرفته واستحم سريعاً كما أخبرها ثم خرج وارتدي ثياب منزلية مريحة ، دلف للخارج علي تلك الرائحة الشهية التي طالبت بها معدته ،


_ جلس علي مقعده الخاص ومن ثم جلست دينا بجانبه وشرعٓ كليهما في الأكل ، تنهدت دينا ثم نظرت إلي ريان وتحدثت بنبرة متريثة :- 

_ ريان عايزة اقولك حاجة


_ التفت اليها لتتابع هي حديثها بعد أن تركت معلقتها :-

_ عم جلال اتوسط لي عندك ، انت بهدلت الاسانسير خالص وأكيد عارف ان تصليحه مش هياخد أقل من أربع خمس أيام ، وهو خايف منك لانك هددته أنك هتطرده لو متصلحش في خلال ساعتين

_ تنهد بضيق وأجابها بإقتضاب :-

_ أنا كنت مضايق وقولت اي كلمتين وقتها ، بكرة هتكلم معاه


_ابتسمت دينا وربتت علي يديه بحب ، ووصلٰ تناولهم للطعام في صمت ..


_________________________________________________

_ وصلت إلي المطار قيد إنتظار الإقلاع عن طيارتها التي ستحلق بعد ساعتين من الآن ..


_ جلست في صالة الإنتظار بعد أن أنهت جميع إجراءات سفرها ، نظرت لتلك الصورة الفوتوغرافية التي تجمع بين ثلاثتهما تحسستها بأناملها وضمتها لأحضانها وانسدلت دموعها حزناً علي ما حدث لهم


_فأي عوض سيعوضها عن كليهما ، أين لها أن تتقابل مع أمان قلبها وطمئنته بعد فراقهم ، تنهدت بحرارة زدات من لهيب شوقها بعودتها لتلك البلدة  لطلاما تمنت زيارتها ولو لمرة واحدة فقط ..


_ اختفت بندقيتاها بين جفنيها التي أغلقتهم لترسم بعض المواقف الحارة من في عقلها عند لقاء عائلة والدها للمرة الأولى ، قد ازدادت التساؤلات في رأسها ، هل لديهم علم بوجودها ؟ هل سيتقبلونها أم أن لهم رأي آخر ، هل ستُعٓاقب بذنب أبيها الذي اقترفه في الماضي ، كثير وكثير من التساؤلات التي راودتها في تلك اللحظة ..


_ بعد مدة انتبهت لذاك الصوت الذي يحث المسافرين إلي مِصر بالاستعداد فالطائرة سوف تقلع بعد ثلاثون دقيقة ، نهضت وسحبت حقائبها خلفها ، وسارت إلي ساحة المطار حيث الطائرة ،


_ صعدت أدراجها ووقفت أعلي الدرج تنظر النظرة الأخيرة لتلك البلدة التي ولدت وترعرعت في كنفها ، شعرت بغصة في حلقها كيف لها وأن تفارقها بكل ذكرياتها الجميلة مع عائلتها ، لوهلة كانت ستتراجع لا تستطيع الابتعاد عنها كما فعلا والداها ، لا لن تغادر ، انتبهت لصوت رخيم خلفها ، نظرت إليه واذا به مضيف الطائرة 

_ We want to close the door, please ( نريد إغلاق الباب من فضلك )


_ أردف بها بإبتسامة عملية بينما توجهت هي الي الداخل وبداخلها صراع بين التراجع والعودة لبلدة أبيها ، تذكرت وصية والدها لها بأن تغادر البلدة ما إن تقرأ جوابه ، تنفست الصعداء وهي تجلس علي مقعدها ، وغاصت بين أفكارها حتي باتت في ثُبات عميق ..


_________________________________________________

أشرق نهار جديد يحمل المزيد من الأقدار والمفاجأت للجميع ، استيقظ من نومه وكعادتها لم تكن بجانبه ، أزفر أنفاسه بضيق وهو يتخيل جسدها المثير الذي يعشق تفاصيله يمكن لأخيه الصغير أن يراه بسبب قلة وعييها ،


_ نهض مسرعاً ودلف للخارج وهو يبحث بعيناه عليها ، تفاجئ بها واقفة أمام الباب ، سألها بغرابة :- 

_ رنا انتي واقفة بتعملي ايه عندك ؟


_ ذعرت من صوته وأغلقت الباب سريعاً ونظرت إليه في رعب ، كاد آمرها أن يُكشف ، سحبت زفيرأ عميقاً ثم سارت نحوه بدلال ، تعلقت بعنقه وأجبرت شفاها الورديتان علي الابتسام حتي تنجح فيما تفعله بينما حاوط هو خصرها بيديه الغليظة قائلاً :- 

_ حد يشوفنا يا رينو ، تعالي في الاوضة


_ وما أن أنهي جملته حتي حملها ودخل بها مسرعاً لغرفتهم ، انخفض بها علي الفراش لتلعن رنا نفسها فهي قد جنت علي نفسها ، حتي تتخلص من سؤاله تورطت في ورطة أكبر ، حاولت مسايرته كما تفعل في العادة لكن أبي جسدها هذه المرة أن يتحمل ما يفعله بها ، دفعته عنها بكل قوتها ، رمقها هاني بدهشة وأردف متسائلاً :- 

_ في ايه يا رنا ، أنا عملت ايه ؟


_ بدأ صدرها في الهبوط والصعود وهي تحاول جاهدة ألا تجهش في بكائها ، لكن لم تتحمل أكثر من ذلك فليحدث ما يحدث ...


_ نهضت ووقفت أمامه وحاولت أن ترتدي وجه القوة :-

_  أنا عندي اللي يمنعك تقربلي وصدقني مش قادرة ولا طايقة نفسي فحاول تتجنبني اليومين تلاتة دول


_ عقد هاني حاجبيه وسألها بفضول :-

_ هي بتجيلك كام مرة في الشهر ؟ أنا علي حد علمي بتيجي مرة واحدة إشمعنا انتي بتجيلك بالاربع خمس مرات في الشهر ؟


_ ابتلعت ريقها بتوجس وأجابته بتلعثم :-

أنا ، انت ، آه انت تعرف منين يعني, قصدي يعني أنا ست وعارفة أكتر منك وآه بتيجي كتير ، بعد اذنك


_ تركته واقف حائراً من تصرفاتها ودلفت للخارج مسرعة ، توجهت إلي الباب وأدارت مقبضه في إنتظار هبوط من سكن قلبها وشغل فؤادها ولم تتقبل رجل غيره إلي الآن ..


_________________________________________________


_ خرج ريان من غرفته بعد أن ارتدي كامل ثيابه ، ونادي بصوته الرخيم علي فتاتانه :-

_ دينا ، جني ، خلصتوا عشان ننزل هاجر علي وصول


_ دلفت دينا من غرفة جني لتتبعها صغيرتها وهي تهلل عالياً بتذمر ، تأففت دينا بضيق من تلك الصغيرة التي لم تصمت منذ استيقاظها ثم نظرت لريان :-

_  جهزنا يا حبيبي

رد

_ اقتربت دينا من الباب بينما اقترب ريان من صغيرته وانخفض بجسده ليكون بمستوي قامتها القصيرة ، أعاد خصلات شعرها الشاردة خلف أذنها وعقد حاجبيه في تعجب :- 

_ حبيبة قلب بابا مالها ؟


_ اقتربت منهم دينا وردت عليه بعفوية :-

_ عايزة سل..


_ توقفت دينا عن الحديث عندما أشار لها ريان بسودتان محذراً ، كرر سؤاله لصغيرته مرة أخري ، أجابته هي بنبرة طفولية :-

_ حايزة ، أروح عند سليم يا بابا


_ نهض ريان ومد لها يده في براءة :- 

_ بس كده ، يلا بينا يا أميرتي


_ توجه نحو الباب ونظر الي حيث تقف دينا :-

_ واقفة عندك ليه ؟


_ عقدت ذراعيها في بعضهما ورفعت إحدي حاجبيها ليضحك هو بتهكم علي تصرفها الطفولي ونظر لجني :-

_ في ناس غيرانة بشكل


_ توجه نحوها وأمسك بيدها :- 

_ ممم نقدر ننزل الوقتي ولا لسه في حاجة عايزين تعملوها ؟


_ أجابتاه في نفس واحد :-

_  ننزل ..


_ هبطَ الي الطابق القانط به والده ، تقابل مع شقيقته وزوجها ، رحب كلاً من الطرفين بود وحفاوة شديدة ، اقتربت جني من هاجر و أخذت تشد في طرف ثوبها بطفولة :- 

_ عمتو حايزة أسوف سليم


_ ضحكت هاجر وانخفضت بجسدها لمستوي تلك الصغيرة وقربت منها رضيعها :-

_ سليم اهو يا جنجون عايزة نونو يا حبيبتي قولي لماما تجيبلك واحد زيه


_ رفعت دينا حاجبيها في استنكار :-

_ بدخليني في الموضوع ليه بس يا هاجر أنا كده كويسة اوي ولا ايه رأيك يا ريان ؟


_ لم يعيرها ريان إهتمام ونظر الي علي زوج شقيقته :- 

_ تعالي يا علي نفطر عشان نروح علي أشغالنا مش ناقصين تفاهة حريم علي الصبح


                  الفصل الثالث من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close