أخر الاخبار

رواية مذكرة فيروزة الفصل الثالث3والرابع4بقلم شيماء الشعراوي


 رواية مذكرة فيروزة الفصل الثالث3والرابع4بقلم شيماء الشعراوي

 
استيقظت "فيروزة" فى الصباح الباكر هبطت إلى الأسفل لم تجد أحد مستيقظاً غيرها فذهبت إلى المطبخ تعد لهما الفطار وبعد الانتهاء منه وضعته على السفرة وصنعت بعض الفطائر التى يحبها والدها، اقتربت جدتها منها قائلة: صباح الخير ياروزا.
- صباح النور يا أجمل تيتا فى الدنيا.
أبتسمت لها "الجدة" : أنا شامة ريحة فطائر تجنن.
وضعت "فيروزة" أخر طبق على السفرة قائلة:
- ما أنا عملت شوية علشان بابا كان نفسه فيها وكمان عملت ليكم .
تذوقت الأخرى قطعة ثم قالت: بجد تسلم أيدك يافيروزة والله أنتى أحسن شيف.
ابتسمت "فيروزة" لها بلطف : بألف هنا وشفا.
اقترب منهما "وليد" وهو يفرك مقدمة رأسه قائلاً: 
- صباح الخير ياتيتا ممكن بعد أذنك تعمليلى فنجان قهوة لان مصدع.
- حاضر ياحبيبى.
تحدثت "فيروزة" قائلة: خليكى أنتى ياحبيبتى وانا هعملها له.
أردف الآخر بغضب مكتوم: أولا أنا مطلبتش منك تعمليها فياريت تريحى نفسك وتخليكى فى حالك، ثم أستدار بجسده واكمل حديثه: انا قاعد فى الصالة ياتيتا لما تعمليها نادي عليا.
نظرت إليه "فيروزة" لأثره بحزن فربتت جدتها على يديها قائلة: متزعليش منه هو شكلك تعبان مش أكتر.
- عادى مش زعلانة هروح أصحى عمر علشان يفطر ويلحق يروح الكلية.
- ماشى ياروزا.
 تحدثت "سهر" وهى تنزل من على الدرج: الله يخربيت الثانوية عامة على اللى عايز يخشها.
قابلتها "فيروزة" الذى قالت: 
- مالك يابنتي بتصيحي كدا ليه من على الصبح.
اجابتها "سهر" قائلة بملل:  زهقت يابنت عمى من المدرسة مش هو المفروض اللى زي حالاتي يروح الدروس فقط.
- ومين اللى قالك كدا.
- أنا اللى قولت هل هناك من أعتراض على قولى أيتها الفتاة.
ابعدتها "فيروزة" من أمامها قائلة: هقول ايه غير أنك اصلا مش نافعة  وسعى كدا من قدامى خلينى أطلع اشوف اخويا حبيبى.
- أطلعى ياختى.
بعد الإفطار تحدث "عامر" قائلاً: معاذ خد لارين وسهر وصلهم فى طريقك.
هب "معاذ" واقفاً وهو يقول: حاضر ياعمى هستناكم برا يابنات.
اقتربت "لارين" من والدها وقبلت خده وهى تقول: هتوحشنى أوى يابابي.
نظر إليها "أنيس" ثم قال: على أساس انك مسافرة ومش هتشوفيه تانى دا أنتى رايحة المدرسة ياعسل.
ابتسم "عامر" بخفة: مالكش دعوة بيها ياسوسة يلا ياحبيبتى علشان معاذ وراه شغل وابقى خلى بالك من نفسك أنتى وسهر ولو حد عملك أى حاجة كلميني على طول وأنا أجيلك.
            ***********************
فى المستشفى كانت "دارين" جالسة فى الكافتيريا وقت الأستراحة، رفعت رأسها عندما وجدت شخص يقف بجانبها ويقول: أسف على الإزعاج ممكن أقعد معاكى.
تعجبت منه قائلة: نعم.
وضع يديه على رأسه بحرج: خلاص اعتبريني مقولتش حاجة.
- مش قصدى بس مستغربة طلبك وبعدين أنت شكلك جديد هنا أنا أول مرة اشوفك.
- دى حقيقة أنا لسه متعين هنا أمبارح وشغال مع الدكتور "صفوت" ولسه معرفش أى حد هنا ولاقيتك قاعدة لوحدك قولت يمكن أنتى زيي علشان كدا جيت أقعد معاكى ولو وافقتى نكون أصدقاء فى العمل هكون ممتن ليكي، دا إذا سمحتى لو هدايقك بلاش.
- موافقة اتفضل أقعد.
جذب المقعد وجلس معها ليقول بهدوء: شكرا ليكي ياأنسة.
- الشكر لله.
نظر إليها قائلاً بإبتسامة:  صحيح نسيت أقولك أنا أسمي باسم .
نظرت إليه وقالت بإبتسامة خفيفة: وأنا دارين.
- عاشت الأسامى، بقولك ايه هو الدكتور "صفوت" ايه طبعه فى الشغل عصبى وبيقعد يزعق ولا لأ أصل أنا الصراحة قلقان منه مشوفتهوش غير إمبارح وماتعملتش كتير معاه.
- لا ياسيدى متقلقش هو شخص محترم جدا وتحس معاه كدا أنك بتتعامل مع باباك مش دكتور شغال عنده.
زفر بإرتياح ثم قال:
- بجد طمنتيني ربنا يطمنك دايما ويريح بالك، أومال أنتى شغالة مع مين من الدكاترة.
تحدثت "دارين" قائلة بهدوء: مع دكتور أنيس.
نظر "باسم" إليها ثم قال: دكتور أنيس دا أنا من أول ماجيت هنا ومفيش غير سيرته الكل بيقول انه من أشطر وأحسن الدكاترة اللى هنا من رغم انه لسه بيدرس.
أبتسمت "دارين" و قالت:
- طبعا هو حد مجتهد جدا فوق ما تتخيل وبيشتغل على نفسه أوي.
لفت نظره ذاك الخاتم اللامع فقال: هو أنتى مخطوبة ؟.
نظرت إلى يديها بشرود قائلة: اه مخطوبة.
حدق بها طويلاً ثم قال: شكلك مش مبسوطة يعني أصل أى واحدة بتكون مخطوبة بتبقى فرحانة لكن أنتى شكلك العكس.
أشاحت بوجهه بعيداً وقالت: لا عادى الحكاية مش كدا وكمان أنا أصلا لسه مخطوبة إمبارح.
أتسعت عينيه بدهشة ليقول: أنتى بتهزرى صح.
- ابدا والله وانا ههزر ليه.
- أصل دا مش شكل واحدة لسه مخطوبة إمبارح هما يابنتى أجبروكي على الجوازة دى ولا ايه.
تحدثت "دارين" بتوتر: لا مفيش الكلام دا.
فى ذاك الوقت كان يقف "أنيس" على مقربة منهما يتحدث فى هاتفه فرأئها تجلس مع هذا الشاب فغضب بشدة، ثم أغلق المكالمة مع المتصل واقترب منهما وهو يشعر بغليان فى رأسه، ليقف بجانبها وأردف بضيق وهو يرمق "باسم" بنظرات لا تبشر بالخير: دارين عايزك ضروري هستناكي فى مكتبي.
نهضت من مكانها بعد ما أستاذنت من "باسم" وولجت إلى مكتبه ليقوم بغلقه خلفها ثم قال بغضب: ممكن أعرف مين دا اللى الهانم قاعدة معاه.
اردفت "دارين" بتوتر: دا زميل جديد فى الشغل مش أكتر.
أنيس: وأزاي ياهانم تسمحي لنفسك تقعدى مع واحد غريب متعرفهوش.
- عادي يادكتور واحد شغال معانا ولسه ميعرفش حد فيها ايه يعنى لو جه قعد معايا.
تحدث أنيس بغضب أشد: لا ياشيخة وانتى بقا الصدر الحنين اللى هتطبطبى عليه أصله ياعيني واحد جديد ولسه ميعرفش حاجة أقسم بالله لو ما بطلتى اسلوبك دا يادارين لعمل حاجة متعجبكيش خالص.
رفعت يديها وقالت بغضب مماثل: انت ازاى تتدخل اصلا فى حياتى وتقولى اعمل أى ولا معملش أى وانت مين علشان تقولى الكلام دا أنت فاكر نفسك ايه ياأنيس.
كان أنيس لا يشعر بكلامها بعد ما وقعت عيناه على ذاك الخاتم الذى ترتديه ليقول بتوتر وهو يشير إلى أصابعها: ثانية واحدة هو اي دا.
نظرت إليه "دارين" بألم لكنها أرتدت قناع البرود: يعنى انت شايف ايه.
- دبلة بس لابساها ليه.
- هو ايه اللى لابساها ليه واحدة مخطوبة أكيد هتبقى لابساها.
صعق الآخر من حديثها ليقول بتوتر: مخطوبة؟ مخطوبة ايه أنا مش فاهم حاجة دارين أنتى أكيد بتهزرى صح ودا ملعوب جديد منك.
تحدثت "دارين" ببرود: وأنا هعمل ملعوب ليه يادكتور أنيس أنا فعلا اتخطبت.
شعر "أنيس" من تلك الكلمة بأن قلبه تمزق إلى شطرين:
- ايه اللى بتقوليه دا يادارين بجد حرام عليكي بطلى كلامك دا انتى بتوجعيني هو علشان رفض طلب الاستقالة فبتعملى كدا، طب أنا عملت ليكى حاجة تزعلك منى تخليكى عايزة تبعدي عنى بالله ما تعملى كدا أنا عارف أنك بتهزرى و..
قاطعت حديثه قائلة: أنا مش بهزر يادكتور انا اتخطبت فعلا.
ترقرقت الدموع فى عين "أنيس" ليقول: لا مستحيل اللى بتقوليه دا يحصل، ثم أمسك يديها ليكمل كلامه: دارين أنا بحبك وانتى عارفة كدا كويس أرجوكِ بلاش توجعى قلبى حرام عليكى اللى بتعمليه فيا دا، ازاى اتخطبتى طب وانا وحبك الكبير اللى بتحبيه ليا كل دا راح فين، لم ترد عليه واشاحت بنظرها بعيداً عنه ليكمل، ولا أنتى مكنتيش بتحبينى من الأول أصلا.
دفعته بعيد عنها وقالت: ايوة انا مكنتش بحبك من الأول كنت بسلى وقتى معاك مش أكتر وياريت بقا تنسانى خالص وكمان ملكش علاقة بيا نهائياً انت فاهم.
أجابها "أنيس" وقد تجمدت دموعه قائلاً : أنتى أحقر بنادمه شوفتها فى حياتى وعمرى ماهسامحك على وجع قلبى اللى أنا فيه دلوقتى. أخذ مفاتيحه وهاتفه ليخرج من ذاك المكان الذى ضاق عليه فقد بدأ يشعر بتحطمه وانهياره أمامها وهو لايريد أن يفعل ذلك  خصوصاً بعد الذي حدث منها.
خرجت من الغرفة لتفر دمعة هاربة من جفنها، اقترب "باسم" منها ليقول باستغراب: هو الدكتور أنيس ماله شكله مدايق أوى وركب عربيته وساقها بسرعة البرق والله خايف ليعمل حادثة.
قبض قلبها بالخوف لتنهمر دموعها على وجنتيها لاحظ هذا "باسم" ليقول بقلق: دارين مالك بتعيطى ليه بس هو الدكتور عملك حاجة.
أردفت بشهقة قائلة: لا أنا اللى عملت، ثم قامت بوضع كفيها الصغير على وجهها لتغطيه بأكمله.
تحدث الأخر وقال: ممكن تهدي شكل الموضوع كبير تعالى نقعد فى أى حته وتحكيلى ايه اللى حصل..
               *******************
كانت "فيروزة" تقف فى الحديقة تسقى الأزهار لتجد "أنيس" يمر من أمامها، أخذت تنادي عليه ولكنه لم يعبأ لها، تركت ما بيديها لتذهب خلفه استوقفتها "نازلى" قائلة: هو أخوكى ماله واخد فى وشه وطلع على طول من غير ما يرد عليا.
أجابتها "فيروزة" بهدوء: مش عارفة ياماما هطلع أشوفه فيه ايه.
- ماشى ياحبيبتى وابقى طمنيني عليه.
تحدثت وهى تصعد إلى الأعلى: حاضر ياأمى.
طرق على الباب بخفة ثم دخلت وأغلقته خلفه بهدوء اقتربت من أخيها الذى وجدته يضع رأسه بين يديه وباين عليه الإرهاق والألم، جلست بجانبه وهى تربت على ظهره بحنان قائلة: أنيس مالك ياحبيبى فيك حاجة مزعلاك أو حصل حاجة فى الشغل.
لم يجيها رده لتكمل حديثها: فيك ايه ياأنيس أنا مش متعودة عليك وأنت ساكت كدا طمنى مالك.
نظر إليها بعيون متغرغرة بالدمع ليقول: عارفة أنا حاسس بأيه دلوقتى.
- حاسس بأيه.
تحدث بوجع وحزن دافين قائلاً: حاسس بكل حاجة وحشة حاسس بوجع فى قلبى ومش عايز يقف حاسس بأن فى حد جايب سكينة وعمال يجرح فى صدرى، أنا تعبان أوى يافيروزة هى ليه الدنيا وحشة كدا ليه بتاخد أكتر ما بتدي.
تحدثت "فيروزة" قائلة: ليه ياحبيبى بتقول كدا ايه اللى مدايقك.
- دارين أتخطبت.
- ايه !
نظر أمامه بحزن وقال بصوتٍ أقرب للبكاء: اتفأجت النهاردة بأنها أتخطبت معرفش هى ليه عملت كدا 
عارفة هى قالتلى أنها مكنتش بتحبنى أصلا أنا كنت مجرد تضيع وقت بالنسبه ليها، أنا اللى واجعنى أنى حبتها من كل قلبى ووثقت فيها وكنت هكلم بابا خلاص وكنت هروح أخطبها لكن هى ضيعت كل حاجة، وفى لحظة كل دا راح وأنتهى وأنا انتهيت معاها احساس وحش أوى يافيروزة لما اللى بتحبيه يسيبك مرة واحدة ومتعرفيش أيه سبب بعده وتغيره وبعدها تكتشفي انه مش بيحبك بعد كل اللحظات والذكريات الحلوة اللى قضتوها مع بعض، صمت قليلاً محاولاً أن لا يكبح دموعه وأن يظل متماسكاٍ ولكن أحضنته "فيروزة" بحزن قائلة: عيط ياأنيس ومتكتمش عياطك ووجعك وحزنك خرج كل اللى جواك ياحبيبى علشان ترتاح لو فضلت كاتمه هتتعب أكتر.
جاء حديثها كأشارة منها ليبدء بالبكاء وهو يضمها بقوة لتربت الأخرى على ظهره بحنان ومواساه وهى تشعر بألم وقد بدأت دموعها فى التساقط من الحزن على أخيها، فأتاها صوته الباكى قائلاً:
- أنا مخنوق أوى حاسس أن نفسي بيضيق من الوجع والحزن هو ليه بيحصل معايا كدا ليه مش مكتوبلي أفرح أنا والله عمرى مأذيت حد ولا جرحت حد ودايما فى حالى أنا والله مكنتش عايز أى حاجة من الدنيا غير أنى أفرح وأعيش سعيد مع الانسانة اللى أتمناها قلبى لكن دى حتى طلعت مجرد مسرحية بايخة ونهايتها مؤلمة.
أردفت "فيروزة" بدموع: علشان خاطرى متعملش كدا فى نفسك وقول الحمدلله وأرضى بقضاء وحكمة ربنا لعله خير ياعمرى وبأذن الله هتفرح وكل حاجة هتتصلح بس بالله عليك بلاش كلامك اللى بيوجع القلب دا حرام عليك نفسك يا أنيس.
أبتعد عنها قليلاً وقال: مش بأيدي والله ما بأيدي يافيروزة أنا موجوع ومش عارف امتى هيخلص كل الوجع دا ادعيلي ان ربنا يهونها عليا، ثم قام بضمها مرة أخرى لتمسد على رأسه بحنان أخوى.
                 ****************
فى غرفة "عمر" و "طارق" كانوا يجلسون على مكاتبهم أرجع "عمر" جسده للخلف متكأً على الكرسى قائلاً بإرهاق: حرفياً أنا فصلت ودماغى بقت قد كدا من كتر المعلومات المتلخبطة دى.
أجابه "طارق" وهو يفرد ذراعيه بملل: الواحد تعب من كتر المذاكرة ف احنا ناخد بريك ساعة أو ساعتين وبعدين نرجع نكمل .
نظر إليه "عمر" الذى أبتسم بخفة: على أساس أن احنا كان بقالنا خمس ساعات بنذاكر دا احنا يأخى مكملناش ساعة حتى بس مش عارف ليه الواحد كل ما يجي يذاكر يحس بفرهدة من قبل ما يبدأ وبيبقي عايز ينام.
تثأب الأخر الذي قال: لا أحنا ناخد قيلولة أحسن.
- لا صحصح كدا احنا ورانا امتحان بعد يومين مش عايزين نسقط.
- ماتيجي نلعب  بلاستيشن يمكن نفوق وخلى ماما أو مرات عمى تعملنا سندويتشات وعصير فريش ينعنشنا.
نهض "عمر" من مكانه وقال: خلاص اشطا أنا هنزل اقولهم وانت شغل الجهاز.
بعد دقائق دلف إليهم "معاذ" قائلاً: بتعملوا ايه يافاشلين.
أجابه "طارق" وهو يضع الطعام فى فمه وقال: 
- كنا بنذاكر وبعدها زهقنا قولنا نأكل ونلعب شوية .
جلس بجانبه ليردف بسخرية: وماله ياعسل دا أنا هلعبكم على الشناكل يوم الامتحان.
نظر إليه "عمر" وقال: وحياة أبوك ياشيخ مش علشان مادتك تقوم جيبلنا الامتحان صعب خليك حنين معانا دا احنا حتى أخواتك.
- حنين ماتت ودفناها من زمان و بعدين مفيش الكلام دا ياحلو أنت وهو الشغل شغل والامتحان امتحان ماشى.
تحدث "طارق" بأستعطاف: إن شاء الله يخليلك عيالى ياشيخ متصعبش الامتحان احنا عايزين ننجح مش نسقط.
- أنا مش هرد عليكم عارفين ليه.
رد "طارق" و"عمر" فى آن واحد: ليه .
- علشان انتو عيال فاشلة ومستهترين بمستقبلكم وأنا بقا هفضل وراكم لحد ما تتعدلوا.
نظر إليه "طارق" وقال: تدرى ليش ماهرد عليك.
- ليش ياروح أخوك.
- لأنك زي أخويا الكبير مش أكتر.
- استغفرالله العظيم وربنا أنا غلطان مش عارف ايه اللى قالى أجى أقعد مع أتنين متخلفين زيكم.
أردف "عمر" قائلاً بملل: الواحد زهقان بشكل لا يطاق.
أجابه "طارق": اه والله بقولك ايه متيجي  نسافر اهو نفك الملل شوية.
نظر إليهم "معاذ" : لا والله هو انتو مش واخدين بالكم أن الامتحانات بعد يومين ولا ايه طب استنوا لما تتنيلوا وبعدها اعملوا اللى عاوزينه.
نظر إليه "عمر" : ما أحنا بنخطط من دلوقتى ياعم وبعدين يعني هو انت شايفنا لمين هدومنا وماشين.
- بحسب.
-لا متحسبش تانى بعد كدا متشوف ابن عمك ياعم طارق.
تحدث "طارق" ببرود: سيب الحمار ينهق وبعدين سيبك منه كأنه مش موجود.
أمسك "معاذ" المخده ودفعها فى وجهه: تصدق أنك متربتش.
- أعمل إيه ابويا وأمي مكنوش فاضين يربونى .
أبتسم "عمر" بخفة: ياعيني تصدق صعبت عليا كنت قولى يابنى وأنا كنت أخلى اللواء عامر يربيك.
نظر إليه "طارق" وقال بسخرية: ياعم أتنيل كان رباك أنت الأول وبعدين هو أصلا كان فاضى دا كان بيفكر ازاى يخلف الخلفة اللى بعدك.
وقف "معاذ" وقال: أنا أول وأخر مرة أجى أقعد مع أشكالكم ياشوية فاشلة.
فى غرفة "لارين" التى كانت نائمة بعمق على فراشها فتح باب الشرفة بهدوء شديد ودلف رجل ملثم لا يظهر من وجهه سوى عيناه، نظر بخبث الى تلك السكينة التى يحملها بيده ثم تقدم منها بخطوات هادئة ليقف بجانب الفراش، نظر حوله وهو يتأكد من أن المكان آمن لا يوجد به أحد لحظات وبدأت  "لارين"  تتحرك قليلاً فى نومتها بعد شعورها بالقلق فركت جفنها بضيق، وفتحت عينيها الناعسة ليتسع بريقها بصدمة وهى تنظر إلى ذاك الملثم الذي يقف بجانبها ويحمل سكيناً، ثوانٍ وصرخت عالياً بذعر عندما رأته يرفع السكين ويسقط بها نحوها ليغرزها..
الفصل الرابع
فى غرفة "لارين" كانت نائمة بعمق على فراشها، بينما فُتح باب شرفتها بهدوء شديد ودلف رجل ملثم بوشاح أسود لا يظهر من وجهه سوى عيناه، نظر بخبث إلى تلك السكينة التى يحملها بيده ثم تقدم منها بخطوات هادئة ليقف بجانب الفراش ونظر حوله ليتأكد من أن المكان آمن لا يوجد به أحد لحظات وبدأت "لارين" تتحرك قليلاً فى نومتها بعد شعورها بالقلق، أخذت تفرك جفنها بضيق ثم فتحت عينيها الناعسة ليتسع بريقها بصدمة وهى ترى ذاك الملثم يقف بجانبها ويحمل سكيناً، ثوانٍ وصرخت عالياً بذعر عندما رأته يرفعه يديه بالسكينة ويسقط بها نحوها ليغرزها بها..
بينما نهضت لارين سريعاً من مكانها وأبتعدت عن الفراش وهى تنظر إلى السكين التى غرزت فى الوسادة وفى تلك اللحظة سقطت دموعها بغزرة وأزدادت وتيرة أنفاسها وهى تراه يرفع السكينة عالياً...
بدأ الملثم بالأقتراب منها بهدوء تحت نظراتها الخائفة والمترقبة بينما هى ركضت إلى الباب وجاءت حتى تفتحه وجدته مغلق التفت تنظر إليه وهى تلتصق بالجدار خوفاً وعينيها مازالت مثبتة على يديه، أبتلعت غصتها وقالت بنبرة مهزوزة: 
- أنت مين وعايز منى ايه وازاى دخلت هنا.
نظر إليه بنظرات غاضبة وقال: عايز روحك ياحلوة.
أخذ جبينها يتصبب عرقاً وقالت بهلع: أرجوك خد كل حاجة عندك مجوهرات وموبايلات وفلوس كتير خد اللى عاوزه بس بلاش تعمل فيا حاجة.
ولكن كان لا يهتم بما تقوله نظرت إلى الباب وحاولت فتحه مجدداً ولكنها شعرت فجأه بيده التى وضعت على جسدها لتلتفت إليه سريعاً وهى تبعده عنه ولكنه لم يتردد ثانية واحدة عندما وجد منها مقاومة وكانت السكينة تستقر فى بطنها تزامناً مع علو شهقاتها وصدمتها، تسقطت دموعها بغزراة مع أغلاق عينيها بألم بينما هو نظر إليها بحقد ثم ضغط على السكين أكثر بها وبعدها قام بإخراجه منها مرة واحدة ومعها تناثرت دمائها بقوة، لم تشعر لارين بنفسها إلا وهى تسقط أرضاً غارقة فى دمائها..
نظر حوله وهو يبحث عن شيئاً ما ولكنه شعر بالهلع عندما سمع صوت أقدام فى الخارج جعلته يترك ما بيده ليركض سريعاً هارباً من الشرفة، وأثناء هروبه أصتدم بتلك الطاولة الجانبية التى سقطت من عليها المزهرية أرضاً، دخل الشرفة ونظر إلى أسفل ليرى أن المسافة ليست ببعيدة ثم قفز من على السور إلى الحديقة..
أقترب "معاذ" من الغرفة بعد ما سمع صوت إنكسار فى الداخل طرق على الباب منادياً عليها ظل بضع ثوانٍ ولم يتلقى منها أى رداً، قفز فى قلبه القلق والخوف ليقوم بكسر الباب عندما وجده منغلقاً و دلف إليها لينصدم من ما يراه، أقترب منها سريعاً وجلس بجانبها ضاممها إلى أحضانه ليرى بقعة الدماء تلون ملابسها وتلك السكينة الملقاه بجانبها مليئة بالدماء. 
نظر إلى "لارين" وهو بضرب على خديها برفق بأيدي مرتعشة قائلاً بقلبٍ منفطر: لارين حبيبتى أنت سمعاني 
ثم قام بضمها بقوة إلى أحضانه وقد ترقرقت الدموع بعيناه وهو يصرخ قائلاً:
ياالله.....حد يساعدني ياأنيس ألحقني.
فى تلك اللحظة آتى "أنيس" مهرولاً إلى غرفة شقيقته ليصعق من رؤيتها هكذا، جلس على الجهة المقابلة ويقوم بجذبها إليه برفق ثم قام بحملها ليركض بها إلى الخارج ويليه "معاذ" والعائلة...
بعد مدة من الوقت دلفت لارين إلى غرفة العمليات، بينما والدها كان يقف مستنداً على الجدران والدموع عالقة فى عيناه تأبى أن تفارقه تذكر رؤية أبنته وهى غارقة بدمائها ثم أخذ يتوعد بالهلاك لمن فعل هذا بها اقترب منه شقيقه "أحمد" الذى وضع يديه على كتفه قائلاً بهدوء: عامر أنت كويس.
نظر إليه بدموع حبيسة ليقول بغضب: لا مش كويس بنتي جوا فى أوضة العمليات وأنا واقف هنا ومش عارف هو كويسة ولا لأ أنا حاسس بنار جوايا يا أحمد
- أهدى ياحبيبى إن شاء الله هتبقى كويسة متقلقش وكمان أخوها أنيس معاها جوا.
نظر إلى أعلى وهو يناجى ربه ثم قال: يارب يا أحمد يارب دى لو حصلها حاجة هموت فيها.
نظرت إليه "فيروزة" بعيونه هالكة من البكاء وهى تحتضن والدتها "نازلى" التى كانت تبكى بحرقة لتربت الأخرى على رأسها بحنان ولم يكف لسانها عن الدعاء لشقيقتها.
بعد مرور بضع دقائق كانت يتحدث "عامر" فى الهاتف مع صديقه "رؤوف" وكان يبدو على ملامح وجهه الغضب ليقول بصوتٍ عالٍ: وأنا اعرف منين شايفني بشم على ضهر أيدي بس ورب الكعبة أول ما أعرف مين الحيوان اللى عمل كدا لهقتله يارؤوف سامع لهقتله 
ثم قام بغلق الهاتف فى وجهه ويقوم بضرب الجدران بعنف وهو يشعر بغضب جحيمي لتفر دمعه من عيناه متألمة، اقتربت "فيروزة" منه بهدوء لتربت على يديه برفق قائلاً بحزن: بابا لو سمحت أهدى ياحبيبى..  صدقنى يابابا هى هتبقى كويسة والله أختى هتبقى كويسة.
قام بأبعاد يديها عنه بعنف ليردف قائلاً بعصبية: 
محدش يقولى أهدى سامعة أنا بنتى الوحيدة جوا بين الحياة والموت وأنتي جاية تقوليلى أهدى أنا مش عايز أسمع صوتك نهائياً فاهمة.....ثم أخذ يبكى ليقول بحرقة: أنا محدش حاسس بيا انا قلبى بيوجعنى من ساعة مشوفتها بالمنظر دا وخايف أوى لخسرها خايف لو مشوفهاش تانى دى بنتى وحته من قلبى وروحى وأغلى ما ليا .
ليجلس على الأرض وهو يضع يديه على رأسه جلس بجانبه "أحمد" معانقاً إياه بين أحضانه مربتاً على ظهره بمواساة، ابتعدت عنهما "فيروزة" ووقفت بعيداً فى أخر الممر وهى تنظر إليهم بعيون منهمرة بالدمع لتقوم بوضع يديها على موضع قلبها الذى ألمها بشدة ثم أغمضت عينيها الفيروزية بعنف محاولة ضبط أنفاسها المتقاطعة لتخرج منها شهقة عالية متألمة...
بعد مرور ساعتين..
خرج "أنيس" من غرفة العمليات فأقترب منه الجميع بقلق نظر إليه والده الذى قال: طمنى ياأنيس على أختك.
نظر الأخر إليه قائلاً: متقلقش ياحبيبى هى دلوقتى كويسة والجرح مش عميق...وتم نقلها لغرفة تانية وشوية هخليكم تشوفوها.
زفر "عامر" بهدوء وقال:  الحمدلله أن هى بقت كويسة.
بعد مرور دقائق كان يقف "عامر" بجانبها يمسد على خصلات شعرها بحنان، رمشت "لارين" بعينيها وقطبت حاجبيها ثم تحدثت بوهن وهى تنظر حولها قائلة: أنا فين؟
تحدث والدها قائلاً بأبتسامة: فى المستشفى ياقلب أبوكى حمدلله على سلامتك.
نظرت إليه بعيون دامعة وقالت بخوف: بابا كان ف..
أردف عامر بهدوء ليبث بقلبها الأطمئنان: متخافيش ياحبيبتى أحنا هنا جمبك ومش هسيبك أبداً ومحدش هيقدر يقرب منك بعد كدا.
اقتربت نازلى منها قائلة بأبتسامة سعيدة: حمدلله على سلامتك ياعمرى أنتِ.
أردفت "لارين" بأرهاق: الله يسلمك ياماما.
تحدث "عمر" قائلاً بمرح: ينفع كدا ياعسل الخضة دى دا انا كنت هقطع الخلف بسببك بس يلا مش مهم أهو كله فداكِ.
نظر إليه "أنيس" وقال بسخرية: ياااه على التضحية مش عارف لولاك كنا عملنا ايه.
أقتربت منها "فيروزة" وقبلت رأسها بحنان ثم قالت بأبتسامة: حمدلله على سلامتك يابسبوسة العيلة فداكى روحى ياقلب أختك..كنت هموت من الخوف عليكى.
نظر "عامر" لأخواته بهدوء ليقول: 
- يلا يا أحمد خد بقية العيلة وروحوا ياحبيبى وانا هفضل هنا مع لارين.
أحمد: أزاى بس هروح واسيبك أنا هفضل هنا معاكم.
نظر إليهم "خالد" قائلاً: ايوه أحمد عنده حق لازم واحد مننا يفضل معاك عشان لو أحتاجت أى حاجة.
زفر عامر بضيق وقال: ياجماعة والله مالهوش لزوم قعدت أى حد فيكم يلا بقا يا أحمد أنا مفيش فيا حيل للمناهدة.
نظروا لبعضهم بقلة حيلة فمهما حاولوا لم يقتنع وسيظل ثابتاً على قراره، ثم تحدث "أحمد" قائلاً:
- ماشى ياعامر زى ما انت عاوز بس لو احتاجت حاجة ياريت تكلمنا ومتطنش ماشى.
- ماشى ويلا بقا.

كانت "فيروزة" واقفة فى حديقة المستشفى تنظر إلى تلك السحب المتفرقة بشرود، شعرت بنسمة هواء باردة تلفحها جعلتها ترتجف قليلاً ثم حاوطت جسدها بذراعيها، شعرت بشئ يُضع عليها فألتفتت تنظر خلفها فوجدته أخيها "عمر" يضع جاكته عليها ليردف قائلاً بابتسامة: شكلك بردانه أوى ياروزا.
أومات رأسها بالإيجاب ليكمل حديثه: واقفة هنا لوحدك ليه ومش قاعدة معانا جوا .
 نظرت إلي السماء وقالت: ما أنت عارف أن أنا مش بحب قاعدة المستشفيات وبعدين أنت ايه اللى خرجك من جوا.
- خرجت أدور عليكى لما ملاقتكيش وطبعا أنتى عارفة ان أنا بقلق بسرعة لما بتختفى فجأه.
- تعرف ياعمر أنك اكتر واحد فى أخواتي بحبه أوى واكتر واحد بخاف عليه.
أبتسم إليها بحب أخوي وهو يقبل يديها ثم قال:
عارف ياعمري وأنتِ والله أكتر واحدة بحبها فيهم يافيروزة وعلى فكرة دا مش كلام والله.
- عارفة أنه مش كلام.
أقترب منهما "عامر" ليشير إلى"عمر" بأن يتركهم بمفردهم لينفذ الأخر ما أمره، جاء والدها أن يضمها بين ذراعيه ولكنها تراجعت بخطواتها إلى الخلف مبتعدة عنه ليتفهم هو ما يدور بعقلها ليردف قائلًا بهدوء:
- فيروزة عارف أنك زعلانه منى بسبب عصبيتى عليكى ولكن يابنتي كان غصب عنى أنا مكنش قصدي أجرحك بكلامى وأنتى عارفة كدا صح.
خفضت رأسها بحزن ولم تجيبه، أمسك يديها وجعلها تجلس على المقعد وجلس بجانبها ليكمل حديثه بأسى وحزن:
- من ٢٧ سنة أتعرضنا أنا ونازلى لابشع يوم فى حياتنا يوم لما أتخطفت فيه بنتنا كارما أول فرحتنا وكان عمرها ٦ شهور خطفوها جماعة مسلحين بيتاجروا فى كل حاجة أنتى لا تتخيليها، و قرروا يتنقموا منى بسبب العمليات اللى دمرتهلهم وبعض رجالتهم اللى قبض عليهم ولكن أنتقامهم كان عظيم و نفذوه فى بنتي نور عيني، صمت لوهلة وقد بدأت عيناه ترقرق بالدمع ثم أكمل:
بعد ما خطفوها قتلوها قتله طفلة بريئة عمرها شهور بدم بارد وشوهه وشها مش عارف أزاى قدروا يعملوا فيها كدا أزاى جالهم قلب يأذه طفلة زيها تعرفى اللى واجعنى لحد دلوقتى أن أنا معرفتش أخد بحق بنتي
أنا يافيروزة موجوع من جوايا وعلى طول خايف أن حد منكم يتأذى زيها علشان كدا كنت خايف على لارين أوى لانها تعرضت للقتل زى أختها... أعدائى ناوين يقهروني على ولادى وأنتى عارفة قد أيه الضنا غالى.
ثم نظر إلى عينيها بألم ليقول: حقك عليا يافيروزة متزعليش من أبوكى أنتى بنتي زيك زيهم وبحبك زى أختك لارين علشان خاطرى سامحيني أنا مابحبش أشوفك زعلانه مني.
رفعت رأسها إليه ثم أرتمت فى أحضانه ليحتويها بذراعيه وسمعها تقول: أنا مش زعلانة منك ياحبيبى وبعدين هو فى حد يزعل من العسل دا.
أبتسم بود ليردف قائلاً بمرح: 
- ياراجل عليا الكلام دا ياروزا.
أبتعدت "فيروزة" عنه بأبتسامة مشرقة: تعرف يابابا أنا بحبك أوى وأسفة لو كنت زعلت حضرتك.
- أنا مقدرش أزعل منك يافيروزة.
أخذ "عامر" يحدق فى ملامحها ثم قال: تعرفى أنك فى نفس عمر كارما.
نظرت إليه بعينيها الفيروزية وقالت: 
- هى كانت حلوة زيى كدا ولا أحلى.
عامر بشرود: كانت جميلة زيك.
وضعت رأسها على كتفه بهدوء ونظرت إلى السماء المظلمة.
بعد يومين وتحديداً فى القصر ..
دلف "عامر" وهو يسند "لارين" بعد أن أطمئنوا عليها وسمح لهم الدكتور بالخروج، جلست على تلك الأريكة معهم نظر إليها "طارق" بخبث قائلاً: يااااااه يا لارين تصدقى أن البيت كان حلو من غيرك أوبس قصدى كان وحش ..
نظرت إليه بسخرية: تصدق فعلاً.
طارق بشفقة: والله زعلنا عليكى يابنتى أنت متعرفيش أننا بنحبك قد ايه.
أبتسمت أبتسامة صفراء ثم قالت: اه ما أنا عارفة مش محتاجة تقولى.
نظر إليه "أحمد" بحده: ملكش دعوة ببنت عمك يازبالة، ثم التفت إليها ليقول: سيبك منه ياحبيبتى ومتزعليش من كلام البأف دا.
- أبدا ياعمى مش زعلانه وبعدين دا طارق محدش بياخد على كلامه أصلا.
أردف "وليد" بأبتسامة: حمدلله على سلامتك ياعسل.
لارين: الله يسلمك ياوليد.
تحدث "وليد" وقال: عايزك كدا تخفى بسرعة علشان عملك مفاجأة هتفرحك أوي يالى لى.
أردفت "لارين" بسعادة: بجد ياوليد طب ايه هى المفاجأة دى.
أجابها بمرح: لا ياعسل مش هقولك وبعدين لو قولتلك مش هتبقى مفاجأة صح ولا اي.
- صح بس هتبقى أمتى.
- أول ما تروقى كدا من التعب اللى أنتى فيه.
وضعت "سهر" يديها فى وسطها وقالت بحزن مصطنع:
- طب وأنا ياسي وليد مفيش ليا حاجة ولا أنا مش مهمه عندك.
نظر إليها مبتسماً ليقول: مين قال كدا أنتى مهمة عندى كلكم زي بعض والله وبعدين ياستى متزعليش ليكى نفس المفاجأة أى خدمة.
أردفت بمرح قائلة: يعيش وليد.
- يلا أسيبكم أنا بقا وألحق اروح الشركة علشان لو فضلت قاعد جنبكم كدا هفلس.
ثم أتجه إلى الخارج وذهبت خلفه "فيروزة" وهى تنادي عليه، استدار إليها ليردف قائلًا بضيق: خير فى حاجة.
تحدثت بحرج وقالت: اه فيه ممكن نتكلم مع بعض شوية.
 - للأسف مش فاضى أنا لازم أمشي.
- لا ياوليد أحنا لازم نقعد نتكلم مع بعض ونشوف حل لموضوعنا دا.
موضوع ايه.
- يعنى أنت مش عارف !
- لا مش عارف وياريت نخلص أنا مش فاضيلك. 
- ممكن أعرف أنا بالنسبالك ايه أنا خلاص زهقت ومابقتش فاهمة أنت بتعاملنى كدا ليه... دا أنت حتى بتعامل الكل كويس إلا أنا مع أنى بكون خطيبتك ومعاملتك معايا المفروض تكون أحسن من معاملة الكل.
زفر بضيق قائلًا:  شكلك فاضية وعايزة تتخانقى وخلاص. 
تحدثت "فيروزة" بحزن :أنا مش عايزة اتخانق أنا عايزة اعرف علاقتنا دى هتوصل لأيه.
- والله لما أعرف هبقى أقولك .
أقتربت منه ووقفت أمامه بهدوء: أنا مابقتش فهماك أنت أتغيرت أوى مش دا وليد اللى كنت أعرفه زمان واللى كان بيحبنى وميستحملش عليا الهوا ايه اللى غيرك كدا من ناحيتي.
نظر إلى ساعته ثم قال: أنا أتأخرت أوى ولازم أمشى عن أذنك يابنت عمى.
نظرت لأثره بشرود بعد مغادرته لتذهب هى إلى الداخل
وصعدت إلى غرفتها، بعد دقائق من التفكير الذى أرهقها جلست على فراشها وهى تمسك مذكراتها تدون بعض الكلمات العالقة بداخلها..
كانت جدتى دوماً تحدثنى بتلك النصيحة إذا أحببت شخصاً ما لا تجعليه محور حياتك ياعزيزتي .. لا تقدمى حياتك هدية له أنتى أولى بها ... الله وهبك إياها فلا تهبيها لاحد .. وان فعلتى فنادى فى ظلماتك لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين وأسترجعى أغلى ما تملكين 
حبيه ولكن لا تذوبى فيه .. حبيه ولكن لا تعلقى حياتك عليه .. حبيه وأن قرر الرحيل أبتسمى له وأديرى ظهرك ضاحكة فالحياة تنتظرك فلا تنتظريه حرريه وحررى روحك قبله .. فالكووون كله قد سُخر لك فانطلقى وطيرررى وحلقى 
لا تحكمى على نفسك بالموت حيا لاجله .. وان فعلتى فاستغفرى لذنبك وظلمك لنفسك وافيقى لازلتى تتنفسى إذا هناك حياة فى انتظارك 
قومى ضعى كامل زينتك .. انظرى لنفسك فى المرايا وأخبرى نفسك كم انتى جميلة 
لا تحكمى على نفسك بالعيش فى ظلمات داخل ظلمات لاجل رحيله
 أرقصى وتميالى على أنغام حزنك وأركضى عليها برجلك وانظرى الى جسدك واخبريه كم هو فاتن 
أنتى أيتها الرائعة الفاتنة الرقيقة الجميلة القووووية  .. أعرفى انك غالية غالية غالية عند مليك مقتدر
أنتى أيتها الغالية اعرفى قيمتك العالية عند ملك الملوك ولا تسمحى لعبد ان يشعرك انك هينة او .. او كتلة مهملة  حتى وان احببتيه .. فحبى نفسك اكتر  و حلقى بعيداااا عن موطنه ..
 قامت بأغلاق المذكرة ووضعت القلم جانباً بعد أن أخذت قراراً وعزمت على فعل تلك الخطوة التى كانت تخشاها، هبت واقفة من مكانها وأتجهت إلى خزانتها وأخرجت ثوباً من اللون الأسود الطويل والمحتشم، بعد أرتدئها الفستان قامت بتصفيف شعرها وجمعته بهيئة بسيطة ووضعت ميكاب خفيف مع أحمر شفاه قاتم جعلها أكثر أنجذاباً، ثم أخذت تنظر إلى نفسها فى المرآه بتمعن فأرتسمت أبتسامة رضا تزين ثغرها مما زادها جمالاً فوق جمالها.
فى الأسفل كان بعض أفراد العائلة يجلسون مع بعضهم فى هدوءٍ تام، نظر "طارق" نحو السلم عندما رأى "فيروزة" تهبط من عليه ليطلق صفارة عالية بأعجاب ثم قال: أوبا ايه الحلاوة دى ياروزا والله من زمان ياشيخة لم نرأكى بمثل هذا الفستان الرائع.
اقتربت منهما بخجل وقالت: بجد يعني شكلى حلو ياطروقة.
- دا أنتى صاروخ مش حلوة وبس .
وكزه "عمر" بغضب فى كتفه ليقول بغيرة: عينك ياحلو بدل ما اقلعها ليك.
- يابنى دى أختى.
- ولو متبصش عليها بدل مازعلك.
تحدثت "فيروزة" بتوتر وهى تنظر إلى أخيها: مقولتش ياعمر أيه رأيك فى شكلى حلو ولا وحش.
نظر إليها بابتسامة قائلًا: والله العظيم أنتى قمر ياقلب أخوكى.
أردف عمها "أحمد" بأبتسامة: طول عمرك حلوة وجميلة يافيروزة ومفيش فى حلاوتك أتنين.
- شكرا ياعمو والله مفيش أحلى منك أنت ياحبيبى.
أحمد: راحة فين كدا ؟
- هخرج أتمشى شوية مش أكتر.
- ماشى ياحبيبتى بس عايزك ضروري تروحى الشركة هناك ملفات فى الحسابات محتاجة تتظبط أبقى هاتيهم معاكى واشتغلى عليهم لان مفيش حد عارف يعدل فيهم أى حاجة وطبعا مفيش أشطر منك فى شغل الحسابات مش عارف أنا ايه اللى خلاكى تسيبى  الشغل.
- حاضر هبقى اشوفهم ... هعدى على الشركة الأول أجيبهم وبعدها هكلمك ياعمر تقابلنى ونخرج سوا.
أومأ رأسه إليها بالموافقة.
بعد مده وصلت للشركة وأخذ الكل يرحب بها بحب شديد فهى لها مكانه كبيرة بينهما، بعد مرور بضع من الوقت أقترب منها  ذلك الموظف وأردف قائلًا:  فى ملف واحد ناقص وهو دلوقتى موجود عند الأستاذ وليد تحبى أجيبه ليكى.
- لا خليك هاخده وأنا ماشية .
ذهبت إلى مكتبة ووجدت السكرتيرة جالسة على مكتبها منشغله ببعض الأوراق، اقتربت من الباب بحرص شديد وقامت بفتحه لتقف متصنمه مكانها وهى تشعر بالصدمة مما رأت فجعل ما بيديها يسقط أرضاً.




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close