أخر الاخبار

رواية ذاكرة القلب الفصل الثاني عشر 12بقلم رانيا البحراوي

 


رواية ذاكرة القلب 

الفصل الثاني عشر 12

بقلم رانيا البحراوي



نجح هذا الشاب في أقتحام الغرفة فصرخت آسيا وعانقت ابنتها بقوة، فزعت البنت لصراخ أمها وتعالت صراختهم ولكن لن يسمعهم أحد بسبب وجود الغرفة تحت الأرض.


الشاب :اعتذر إذا ازعجتكم، اقسم لكِ انني لم أكن أعلم أن هناك أحدا بالغرفة، هذه غرفة مخزن ونحن نستخدمها من حين لآخر.


آسيا :انت ابن الحاج أحمد؟

الشاب :نعم أنا إسلام ابن الحاج أحمد من أنتم؟


آسيا وهي ترتجف  :من فضلك غادر الغرفة الآن واسأل والدك عنا لأنه لايجوز تواجدك هنا.


اسلام :حاضر سأغادر واعتذر على اقتحام الغرفة سأقوم بتصليح الباب صباحا.


خرج اسلام وهو متعجب بشدة واتصل بوالده وايقظه من نومه وسأله عن المرأه والطفلة المتواجدين بالغرفة.


الأب :حاولت الاتصال بك كثيرا لكي اطلب منك الا تقترب من الغرفة وعندما لم ترد على ارسلت لك رسالة ألم تصلك رسالتي؟


اسلام :لا هناك مشكلة بهاتفي ولكن اخبرني من هذه؟

الأب :في صلاة الفجر سأخبرك بكل شئ دعني ارتاح قليلا.


عانقت آسيا ابنتها وظلت مستيقظة طوال الليل بسبب كسر الباب.


في صلاة الفجر شرح الحاج أحمد لابنه كي اشفق على هذه الشابة وابنتها وكم كان يبدو عليهم الارهاق والتعب وعندما سألته عن غرفة للايجار تظاهر بأنه يؤجر غرفة المخزن لحين ان يعثر لها على غرفة أخرى.


اسلام :ولكننا نحتاج هذه الغرفة وانا اضع بها دراجتي.

الاب:تحمل يابني قليلا انها يبدو عليها العجز وتحتاج إلى مساعدة.


في الصباح علمت والدة اسلام عن الفتاة وذهبت اليها بالطعام، رغم ماشرحه الاب وابنه الا ان الوضع كان اصعب بكثير.


آسيا كانت محتضنه ابنتها وجلست خلف الباب في التراب حتى تشعر اذا اقترب احد من الغرفة.


عيناها كانت شديد الاحمرار ترتجف من الخوف بمجرد أن سمعت صوت خطوات ام اسلام بدى عليها الفزع.


ام اسلام من فتحة الباب :لا تخافي ياابنتي ان زوجة الحاج احمد.


ابتعدت آسيا عن الباب ولكن مازالت تجلس على الارض، رأت الحاجة الحالة التي كانت عليها آسيا فأخذت بيدها حتى نهضت آسيا.


الحاجة :ماهذه الحالة؟ اخبريني مابكِ؟

آسيا ببكاء:ليس بي شئ.

الحاجة :ماالذي يخيفك هكذا؟

آسيا :ان تبتعد ابنتي عني؟

الحاجة :وهل يستطع احد تفرقة هذه الطفلة الصغيرة عن امها؟


آسيا :نعم والدها لديه المال والنفوذ وسيتطيع ذلك.

الحاجة :انتِ متزوجة؟

آسيا :مطلقة، طلقني والان يريد اخذ ابنتي مني.


قامت الحاجة بضمها وآسيا سرعان ماالقت بنفسها بين ذراعيها وكأنها كانت تحتاج ذلك بشدة، اوشكت طاقتها على الانتهاء وتحتاج إلى الاتكاء على احد.


الحاجة:تناولي الطعام ولاتخافي.


تناولت آسيا الطعام وشكرتها كثيرا واخبرتها بقصتها كاملة وكيف وصلت إلى هنا َطلبت منها ان تجد لها عملا تستطيع الانفاق منه على ابنتها.


الحاجة :نحن تحتاج إلى من يغسل الأواني بالمطعم هل يناسبك هذا العمل؟


آسيا :نعم يناسبني، اضع ابنتي امامي واعمل طيلة اليوم دون أن اشتكي.


الحاجة :كم انتِ ام عظيمة، الفتيات بعمرك يلقين بمسئولية ابنائهم لغيرهم حتى يتزوجن مرة أخرى وانتِ تفعلين كل ذلك لأجل ابنتك.


آسيا :واكثر من ذلك استطيع التنظيف والعمل بالمنزل اذا تحتم الأمر لن اشتكي يوما مادامت معي.


الحاجة :لن يصل الأمر لذلك سنجد لكِ عمل قريبا يتناسب مع مؤهلك ولكن الآن اعملي بالمطعم.


شكرتها آسيا وابتسم وجهها بعدما كانت تحمل هموم الدنيا على عاتقها.


هدأ غضب عادل وألتفت حوله وقد عم الظلام حياته

مرت ليالي وهو منغمس بالعمل حتى لا يبالي ولكن مهما طالت ساعات العمل كان عليه ان يعود للمنزل

وجدرانه الباهته التي لاتنطوي على حياة تشبه القبر بظلمته ووحدته ولذلك كان سرعان مايهرب من المنزل حتى لايواجه الندم.


ايام قليلة بهذه الطريقة حتى اصبح يكره العودة إلى المنزل حتى انه كره الليل حين يسكن الجميع إلا عقله

كان يبدأ بالتفكير ولايدع النوم يقترب من عينه كان يتجاهل قلبه حين يذكره بآسيا لكنه لم يستطع خمد نيران عقله التي لا تهدأ ليلا او نهارا وبدأ اشتياقه لزوجته وابنته يزداد يوما عن يوم.


بينما يسير بسيارة العمل وشارد الذهن وجد نفسه أمام منزلها بقرب نافذة غرفتها التي لاطالما رأها تنظر منها ولكنها لم تكن مفتوحة.


قبل أن يتحرك بسيارته استوقفه والد آسيا.

الأب :ايهما تريد؟ ان جئت من أجل عمرو فأنا لا اعلم مكانه وان جئت من أجل ابنتك وابنتي هنا بكى الأب بقوة مما جعل عادل يترك السيارة ويسأله بفزع :مابهم

هل اصابهما شيئ؟


الأب بأنهيار:امازلت تسأل بعد أن اضعتهما انت السبب ولن اسامحك أبدا.


عادل بخوف:ماذا حدث من فضلك اخبرني.

الأب :فرت ابنتي من نفوذك وجبروتك، اتحرم الأم من ابنتها هل ظننت انها ستتركها لك هكذا دون مقاومة، ابنتي تركت لك الشقة والنفقة والمؤخر ولكن لم تفرط في صغيرتها وقرت عينها.


عادل :أين ذهبت؟

الأب :هذا اكثر مايؤلمني انها لم تخبرني لم تثق بي بعد ماحدث من عمرو يوم خطف ابنتها وانا تسترت عليه ولذلك لم تخبرني بمكانها.


عادل :أتريد ان اصدق انها ليست بالداخل، مر عادل من جانبه ودخل يفتش في جميع انحاء المنزل.


الأب :امازلت كما أنت لم تتغير ابدا ليس لديك ثقة حتى بأقرب الناس إليك فهل سيكون لديك ثقة بكلامي، انا لا أكذب وعليك أن تصدق قبل فوات الأوان.


ركب عادل سيارته وذهب إلى قسم الشرطة واصدر امر بتتبع هاتفها ولكنها تخلصت منه بالفعل حتى لايستطع ايجادها.


مرت الايام وهو يبحث عنها ليس اشتياقا لابنته فقط وانما اشتياقا لرؤيتها ايضا.


اشتغلت آسيا بالمطعم بغسل الأواني وكان اسلام منزعج من بكاء ابنتها فكلما جمع اطباق ودخل كي يعطيها لها كانت اما تغير لابنتها أو متسترة بأحد الاركان لأرضعها.


ولكن دائما ابويه كانا يطلبا منه أن يكون رفقا بها وبأبنتها لانهن يحتاجن للمساعدة.


اصبح اسلام لايظهر الضيق أمام اهله ولكن كان يضايق في اسيا بعيد عن والديه، ذات مرة بعدما انتهت من غسيل الكثير من الاطباق قام بألقائهم في الحوض مرة أخرى ووضع اطباق مليئة بالطعام فوقهم بحجة انه لا يعلم أنها انتهت من غسيلهم ومرة أخرى أخرى بينما ترضع ابنتها قام بسكب بقايا الاكل على الارض لتعود لتجد الارض متسخة وتنشغل بها وتتراكم لديها الصحون.


تكررت مواقفه ولكن العجيب انها لم تشتكي مرة واحدة ولم تنظر نحوه ولم تواجهه او توجه نحوه كلمة لوم واحدة.


لم تشتكي من كثرة العمل أو قلة المال وكانت تتناول اي طعام يقدم لها.


ذات يوم بينما يقترب اسلام من الاطباق النظيفة كي يسقطها داخل الحوض سقط منه طبق وجرح قدمه.


اخذت آسيا قطعة من ملابس ابنتها ووضعتها على قدمه كي توقف خروج الدم واحضرت له كرسي سريعا وطلبت منه يجلس واسرعت وجلبت حقيبة الاسعافات الأولية الموجودة بالمطعم وطهرت الجرح وقامت بربط قدمه.


شعر اسلام بالخجل لانه كان يتعمد ايذائها وهي قامت بمساعدته وتضميد جرحه.


شكرها وهو منحنى الرأس عاجز على النظر بوجهها.


آسيا بأبتسامة :لا تخجل، لم انزعج من تصرفاتك لي اخا توأم كان دائما يزعجني هكذا وتصرفاتك تذكرني به ودمعت عيناها في هذه اللحظة.


اسلام :أين هو؟

آسيا :فرقتنا الايام ولا أعلم أن كانت ستجمعنا مرة أخرى.


قامت آسيا بعد أن اسعفته تداري دموع عينها ولكن ماذا عن قلبها الذي اصبح يتجرع الاشتياق ألما وحزنا كل يوم لفراق والدها واخيها.


منذ ذلك اليوم وانتهى تعذيب اسلام لها حتى انه اصبح يساعدها في حمل ابنتها وقت فراغه كان يأخذ الطفلة ويبتعد بها بعيدا عن حرارة المطبخ كي تستنشق بعض الهواء ويشتري لها الحلوى من خارج المطعم وكان يشعر بسعادة الطفلة ويسعده ضحكاتها.

كانت الطفلة تكبر امام اعين الجميع واصبح عمرها ستة أشهر. 


آسيا كانت ممتنة جدا لهذه العائلة الطيبة وذات يوم مرضت والدة اسلام وكان من المفترض انها اجازة آسيا من العمل في المطعم ويوم راحتها.


لم تترك آسيا والدة اسلام بمفردها في المنزل

بينما اسلام ووالده في المطعم صعدت آسيا وضعت الطفلة على الارض ووضعت بجانبها بعض الألعاب


وقامت بتنظيف المنزل واعدت لها بعض الحساء الدافئ واعطت لها ادويتها بأنتظام وظلت معها حوالي أثنى عشر ساعة كلما فتحت الحاجة عينها رأت آسيا بجانبها شعور لم تشعره من قبل لان ليس لديها ابنة ام آسيا فكانت تفتقد والدتها كثيرا وكانت تشعر بأنها ترى والدتها في هذه الحاجة الطيبة.


صعد اسلام بعد غلق المطعم ليجد المنزل مرتب ورائحته عطرة ووالدته بخير. 


شكر اسلام آسيا كثيرا فاجابت بكل تواضع ان هذا لايكون شيئا بجانب معاملتهم الطيبة لها ولأبنتها. 


المفاجأة حين رأى اسلام غرفته والتي كانت اغراضها اوشكت على الخروج من الغرفة من شدة تبعثرها وهاهي منظمة كم لم يراها من قبل. 


اسلام :هل هذه غرفتي ام انني يخيل لي ذلك. 

آسيا بضحك :غرفتك بعد التعديل. 

اسلام :لم أكن أعلم أن غرفتي كبيرة وبها كل هذه المساحة الواسعة. 


آسيا :كانت فقط تحتاج لتنظيم. 

اسلام :اريد ان تبقى هكذا لن اجرؤ على النوم بها بعد اليوم. 


ألتفت اسلام وقال :أين حبيبتي؟ 

آسيا :انها نائمة من العشاء من فضلك لاتيقظها. 

اسلام :اسف لم أراها اليوم مطلقا، انظري اشتريت لها هذه الأشياء ومررت إلى غرفتكم كي اعطيها لكِ من النافذة ولكن لم تكوني موجودة لم أكن أعلم انكِ هنا. 


آسيا :وماذا عن والدتك لماذا لم تأتي للاطمئنان عليها؟ 


اسلام :مابها والدتي تركتها صباحا بخير. 


دخل مسرعا إلى غرفة والدته واطمئن عليها وسألها ماذا حدث لها؟ 


آسيا :كانت بخير اتصلت بي كي اجلب لها مودة لأنها تريد رؤيتها ولكن عند زيارتها كانت حرارتها مرتفعة وضعتها بالسرير وتناولت الدواء والطعام ان شاء الله تستيقظ وهي معافاة تماما. 


اسلام :لا اعلم ماذا سيحدث لها بدونك شكرا جدا. 


بينما تحمل آسيا طفلتها كي تغادر. 

اسلام :أنا سأحملها عنك إلى اسفل ولا تخافي لن ايقظها رغم انني اشتقت لها. 


كم كانت الحياة هادئة وكل يوم تكبر فيه ابنتها كانت تشعر انها قامت بأنجاز شئ عظيم هي فقط تعيش من أجل ذلك. 


تمر الأيام على عادل بالفشل، انشغال فكره بأبنته وحبيبته التي فقدها بسبب عناده اثر كثيرا على عمله

كم عملية كبيرة تم تنفيذها من قبل العصابة دون أن بستطيع القبض عليهم أو منعهم او الايقاع باي فرد من افرادهم بعدما كان الجميع يخشاه، أصبحت المخدرات في متناول الجميع. 


عندما علم المسئولين عن ضعف سيطرته على المنطقة تم مجزاته وتم نقله. 


شعرت اخته بالحزن عليه وطلبت منه أن يأخذ اجازة ويذهب الي اي مكان ليستريح لفترة قبل تسلم العمل في المكان الذي نقل إليه. 


رفض عادل وبدأ يدقق في الأمر لمعرفة المتسبب في نقله. 


اكتشف عادل ان عمرو عاد إلى العصابة مرة أخرى وأنه هو المتسبب في نقله. 


اصر عادل علي الانتقام منه وضبطه مهما تكلف الأمر رغم انه لم يعد المسئول ولكن المسئول عن ذلك احد الضباط مساعدي عادل قرر عادل ان يبقى في الأمر مع مساعده بصورة غير رسمية لحين القبض على عمرو. 


واراد عمرو الانتقام من عادل بسبب اختفاء آسيا. 


كلاهما يريد الانتقام من الاخر وكأنها معركة لابد وأن تنتهي بقتل احدهما. 


آسيا آمنة سعيدة بحياتها بعيدة عن كل شيء. 


لم يستطع عادل النيل من عمرو وانتقل إلى الارياف وقرر أن يثبت ذاته كي يتم عودته إلى القاهرة مرة أخرى. 


استمر الأمر ثلاث سنوات لم يدع عادل قضية الا ونجح في حلها والقبض على مرتكبيها كي يثبت نفسه ورغم ذلك لم يتم نقله إلى القاهرة مثلما كان يحلم بذلك ولكن تم نقله إلى محافظة القليوبية بقرية صغيرة لاتبعد كثيرا عن القاهرة وتصادف انها قريبة جدا من البلدة التي تسكنها آسيا طيلة هذه السنوات. 


كبرت مودة والتحقت بالحضانة واصبحت آسيا مسئولة عن حسابات المطعم والكاشير. 


ازداد اعجاب اسلام بها يوما عن يوم ورفض جميع العرائس التي تعرضها عليه والدته يوميا في انتظار ان تشعر به آسيا وترى مقدار حبه لها ولابنتها. 


مرضت آسيا ذات يوم ولكي لا تنتقل العدوى لابنتها تركتها تلعب بالمطعم طوال اليوم وطلبت من اسلام والعاملين بالمطعم الاهتمام بها.


عادل كان يتجول بمنطقة قريبة لعمله ورأى المطعم وقرر يستريح فيه قليلا.


بعد لحظات من جلوسه على الطاولة تفاجئ بطفلة صغيرة تجري نحوه وبيدها المنيو وقدمت له المنيو

واشارت له ان يربط لها رباط الحذاء.


ابتسم عادل ووضع جهاز الاسلكي على الطاولة انحنى كي يربط لها الرباط.


اسرع اسلام نحوه يعتذر منه.


اسلام :اسف ياباشا.

عادل :لا عليك، ابنتك جميلة جدا لاتدعها بمفردها هكذا.


اسلام :اطمئن الجميع هنا يعرفها ويحبها وكما ترى هي تحاول مساعدتي وجلبت لك المنيو دون أن اطلب منها.


عادل :يبدو أنها طفلة ذكية ربنا يخليها لك.

اسلام :شكرا، ماذا أحضر لك.

عادل :اي شئ حسب ذوقك ولكن سريعا لان ليس لدي وقت.


بينما يتناول عادل الطعام وردته رساله عبر جهاز الاسلكي وذهب مسرعا دون أن يدفع ثمن الوجبة.


اسلام :هل رايت يابابا الباشا لم يدفع مثل باقي زملائه.


تذكر عادل انه لم يدفع وقرر أن يعود ثانية إلى هذا المطعم لكي يسدد ثمن الوجبة ولكن عندما يكون لديه فرصة.


ترى هل يعود عادل ثانية؟

يتبع 

                     الفصل الثالث عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا 




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close