أخر الاخبار

رواية ظل الاثم الفصل الرابع 4بقلم رانيا البحراوي

        

 رواية ظل الاثم 
الفصل الرابع 4
بقلم رانيا البحراوي



حين رأى عاصم الدموع بعينها قال:أرى أن الاحتفالات بسفري بدأت مبكرا.
مريم :وكيف فهمت ذلك؟
عاصم :أرى دموع الفرح تجمعت بعينك احتفالا بغيابي.
مريم:نعم كذلك هي دموع الفرح ولكن مالذي اعادك كي تقاطع احتفالاتي؟

سمعت صفاء صوت عاصم وظنت انه يخيل لها ذلك ولم تنهض من مكانها.

دخل عليها وقال :يبدو انني مازال لدي عناق اخر جعلني انسى بعض الأوراق كي اعود مرة أخرى.

بكت صفاء بحرقة شديدة ورأى عاصم كل الدموع التي حاولت اخفائها طيلة الفترة التي كان يحضر فيها لسفره.

نظر عاصم لكلاهما وقال :أنا لست مغادرا الحياة أنا ساغادر البلاد لفترة قصيرة، أوشكت أصدق ان هذه الطفلة الصغيرة ستحزن لغيابي.

صفاء :تفوه بالخير، ربنا يحفظك ويردك لقلبي سالما.
مريم :لست طفلة صغيرة اكملت عامي الثامن عشر.
صفاء لعاصم :لا تقل صغيرة، اصبحت عروسا الان لاينقصها سوى العريس.

عاصم بعجالة :لا أظن اننا سنجد من يتزوجها واسرع يبحث عن اوراقه وعانق والدته وغادر على الفور.

ترك عاصم مريم عابسة من كلماته وكالعادة رتبت صفاء على كتفها وطلبت منها ان لا تحزن.

كلمات صفاء اصبحت بمثابة الدواء الذي يسكن آلام مريم بعد كل مرة يزعجها عاصم بكلماته القاسية ولكن اليوم حان دور مريم لكي تعين صفاء على حزنها الذي تشعر به بغياب ابنها فسرعان ماانهت مريم عبوس وجهها وابتسمت وبدأت تهتم بصفاء وحزنها.

وصل عاصم ولكنه لم يتمكن بالاتصال بهن ليطمئنهن لانه بمجرد وصوله سقط هاتفه في المطار وظل يبحث عنه دون جدوى ولم يستطع الوصول للشخص الذي كان بالمطار لأستقباله. 

استئجر عاصم سيارة وذهب إلى فرع الشركة المكتوب بالعقد ثم اخذه احدهم للموقع الذي سيبقى فيه وهناك بحث عن هاتف ولكن لم يجد تغطية شبكة للهاتف بهذه المنطقة التي تشبه الصحراء. 

شعر عاصم بقلق والدته فاضطر للرجوع صباحا إلى مقر الشركة ليقترض هاتف من احد موظفي الشركة والاتصال بوالدته، ظلت والدته مستيقظة حتى الصباح ولم تطمئن إلا بسماع صوته اخبرها ان الموقع الذي سيعمل به لايوجد به تغطية شبكة وأن المسافة بينه وبين الشركة ساعة ونصف ولذلك سيصعب عليه الاتصال بها يوميا. 

حاولت مريم التخفيف عن خالتها خلال غياب عاصم ولكن هناك أشياء كثيرة كان يقوم بها عاصم جعلت والدته تفتقده بشدة، فكان دائما يذهب لشراء اغراض المنزل حتى لايسمح بخروج مريم أو والدته والتعرض لأى أذى بالخارج، وكان ايضا يذكر والدته بدوائها ويساعدها في الأعمال المنزلية حتى في وجود مريم التي كانت مدللة خالتها ولذلك اصبحت مريم تحاول كثيرا مساعدة خالتها وتذكيرها بالدواء ومع ذلك كلما حان موعد الدواء كانت تدمع عين صفاء شوقا لابنها. 

مر عام كامل على غياب عاصم نجحت مريم والتحقت بكلية التربية الفنية لأنها لم تحصل على مجموع عال مما جعل عاصم يستاء منها بشدة ويعلم انها لم تجتهد في غيابه وانشغلت بالهاتف والحقيقة انها كانت منشغلة بوالدته وبمساعدتها وتخفيف حزنها غير ان هناك شيئا لايفهمه وهو أنها ليست بمستوى تفوقه وان قدرات الفهم والتعلم متفاوتة. 

في كل مرة كان يتصل عاصم بوالدته كانت مريم تنتظر ان يطلب التحدث معها ولكنه لم يحدث وطلب من والدته ذلك، وإذا صادف واجابت مريم على اتصاله بدلا من والدته كان يسلم عليها ويطلب منها أن تعطي الهاتف لوالدته سريعا لأن ليس لديه وقت. 

افتقدته مريم كثيرا لدرجة أنها افتقدت حتى تشاجره معها وازعاجه لها، تلك الكلمات القاسية التي كانت تؤلمها أصبحت تتألم بعدم سماعها. 

شعرت صفاء بذلك وحدثت عاصم عن اهماله السؤال عن مريم والتحدث معها فأخبرها أنه لا يحب الثرثرة بالكلام 
وليس لديه وقت لها. 

إجابات عاصم دائما حادة وصريحة لايفكر في أثر كلماته 
على مسامع غيره ووالدته كانت تنزعج كثيرا وتحاول تغيير هذه الصفة السيئة فيه ولكنها اصبحت عادة لديه متأصلة لم يستطع تغيرها. 

ذات يوم نامت صفاء بعد وقت كثير من الشعور بالألم بسبب قدمها وفي هذه الأثناء اتصل عاصم. 

عاصم :لماذا تجيبي على هاتف شخص آخر؟ 
مريم :صفاء ليست شخص غريب يحرم علي الرد على هاتفها، انا ابنتها. 

قاطع عاصم حديثها وقال بغضب :اخبرتك اكثر من مرة ألا تناديها صفاء ثانيا هي ليست والدتك ثالثا كفاكِ ثرثرة واعيدي لها هاتفها. 

مريم :أعلم انها ليست والدتي وانما والدتك ولكنها منحتني الأمومة التي حرمت منها فلماذا تحرمها أنت علي. 

عاصم بغضب :أين أمي؟
مريم :نائمة. 
عاصم :كنتِ تسطعين اخباري بالامر من بداية المحادثة وكان سينتهي الأمر هكذا وأغلق عاصم الهاتف وتفاجئت مريم بذلك وظلت تنظر للهاتف بحزن ولم تصدق أنه قطع الاتصال هكذا. 

جلست مريم تبكي لأنها لاتعلم سبب معاملته السيئة معها ولا ضيقه في التحدث معها. 

مرت الأيام ولم يعد عاصم وكان دائما يخبر والدته ان المشروع الذي سافر من أجله لم يكتمل بعد وان هناك مشكلات تواجه المشروع ولكنها ليست الحقيقة لأن عاصم قام بتوقيع عقد مع الشركة لمدة خمس سنوات 

لم يستطع عاصم اخبار والدته بالحقيقة ولكن قامت الشركة بتقديم عرض له لم يستطع رفضه وظن أنه بذلك 
سيحقق كل احلامه من امتلاك مسكن ومكتب وسيارة رغم أن العقد لم يمنح له اجازة سنوية طيلة الخمس سنوات اي انه لن يستطع العودة إلى مصر خلال مدة العقد ولكنه فكر أن يأتي بوالدته إلى السعودية لاداء العمرة ويخبرها بالعقد الذي ابرمه مع الشركة تدريجيا وجه لوجه. 

تحدث عاصم مع والدته واخبرها بما يفكر فيه وفرحت كثيرا وهمست له أن يرسل لمريم ايضا. 

عاصم :لن ارسل لها فانها لن تستطيع السفر لاداء العمرة دون محرم. 

الأم :وكيف اتركها بمفردها؟ 
عاصم :تخشين ان تفعل مافعلته والدتها. 
الأم :كفاك ظلم لها ووصفها بما ليس لك به علم، أنت لاتعلم كيف اصبحت بعدما كبرت والتحقت بالجامعة لبسها محتشم تتزين بثوب العفة والحياء يحمر وجهها خجلا إذا مدحتها إحدى الجارات. 

عاصم :مريم!!! 
الأم :نعم مريم، وأكثر من جارة تحدثت معي كي تطلبها لابنها ولكنني احتفظ بها لأمر ما في قلبي. 

عاصم :تخشين أن تتزوج ويفضح أمر والدتها وقضيتها الشهيرة ويلقي بها من تزوجها بالشارع. 

دمعت عين صفاء وقالت :لن اكذب واخبرك أن ذلك لايخيفني ويقتل قلبي كل يوم حزنا عليها ولكن لاتعلم فقد تجد مريم من يحبها ويتغاضي عن افعال والدتها ولكنني احتفظ بها لسببا آخر. 

عاصم :لا تحتفظي بها فما تفكرين به لن يحدث أبدا. 
الأم :وهل اطلعت على الغيب أم انك تكتب قدرك بنفسك الله سبحانه وحده يعلم الغيب وكل شئ بالنهاية مقدر. 

عاصم :لن يحدث فلا تتأملين وتحزنين بالنعاية عبسا لن أنسى عندما كنت طفلا صغيرا ورأيت مارأيت تظنين ان الصور تتلاشى من ذاكرتي كلما كبرت لا والله إنها تكبر معي كلما كبرت. 

الأم :وماذنبها؟ 
عاصم :ذنبها انها ابنتها والبنت لأمها، طال الزمن أو قصر 
ستظل ابنتها. 

حزنت الأم بحديثه ولكنها لم تستطع الرد عليه لأنها سمعت صوت الباب فقد عادت مريم من الجامعة. 

دخلت مريم وقالت بسعادة تتحدثين مع عاصم أخبريه انني ألقي عليه السلام أو هاتي الهاتف كي اخبره بنفسي. 

صفاء بحزن انقطع الخط ياابنتي رغم أن عاصم كان مازال متصل ويستمع لحديثهم ولكن صفاء قالت ذلك لأنها تعلم جيدا أنه لن يقبل بالتحدث مع مريم. 

مريم :لماذا لم تخبريه إلى الآن انكِ اشتريتي لي هاتف من النقود الذي أرسلها من أجلي ، اردت التحدث معه حتى اشكره انه فكر في. 

كذبت عليها صفاء من أجل أن تفرحها هو حقا ارسل المال لوالدته ولكنه أخبر والدته ألا تنفق اي من أمواله على مريم لانه ليس ملزم بالأنفاق عليها. 

كم تعاني صفاء وتخشى أن يصيبها شيئا دون أن تطمئن على مريم خاصة وان الإنسان الوحيد الذي تستطيع أن تأمنه عليها هو عاصم ولكنه لا يقبل بها. 

استقرت مريم بغرفة عاصم حتى لا تزعج خالتها بالاضاءة وقت مذاكرتها مما سمح لخالتها بأن تنفرد بأحزانها وقتما شائت. 

كبرت مريم وبدأت تتسائل عما فعلته امها وارادت ان تتحقق من الأمر ولكنها لاتعلم عنوان المنزل الذي كانت تعيش فيه مع والديها تمنت كثيرا لو تعرف العنوان كي تذهب إلى المكان وتسأل الجيران. 

لايمنع زوجة عمها من ان تخبرها إلا أن عمها اقسم على زوجته بالطلاق في حالة إفشاء السر. 

بلال ابن عمها يعلم بكل شئ ولكنه لايخبرها خوفا عليها. 

بلال كان يراسلها بين الحين والآخر سرا دون ان تعلم والدته حتى لا تؤذي مريم فهو دائما يشفق على مريم من تصرفات والدته. 

مرت الايام وتحدد موعد ذهاب والدة عاصم لاداء العمرة 
وكانت سعيدة بهذا الخبر وحزينة لأنها لا تعلم كيف تترك مريم. 

اتصلت صفاء بعم مريم واخبرته انها تريد أن ترسل مريم للعيش معهم لفترة لن تزيد عن شهر حتى تعود من السعودية. 

لم يرفض العم رغم انه يعلم رد فعل زوجته القاسي وانها لن تقبل بذلك ولكنه لم يستشيرها بالأمر وقرر أن يحضر مريم دون اخبارها. 

حزنت مريم كثيرا وظلت اكثر من ساعة جالسة بحضن خالتها وكأنها لاتريد مفارقتها وحين جاء موعد السفر 
فصلها عمها بالقوة عن حضن خالتها، كم شعرت مريم انها صغيرة جدا بهذا الوقت وحيدة ضعيفة. 

حصل عاصم على اجازته الاسبوعية وذهب لينتظر والدته بمطار جدة وبطل اللقاء الوحيد كان الشوق بقلب كل منهما والدموع التي تتدفق من عيناهما وبعد عناق طال قليلا اصطحبها إلى مكة بالسيارة التي خصصتها له الشركة ثم بقي معها حتى انتهت من أداء العمرة ثم حجز لها بفندق قريب من الحرم كي تصلي كل يوم إلى أن يعود لها بنهاية الاسبوع ليأخذها إلى المدينة المنورة لزيارة مسجد الرسول صل الله عليه وسلم، بالفندق حدثها عاصم عن مهندسة زميلة له متدينة وجميلة يريد الارتباط بها.

تفاجئت صفاء بالأمر وانزعجت جدا وسألته :ماذا عن مريم؟ ألم تفكر فيما سيحدث لها بعد وفاتي؟

عاصم :لا اريد التحدث عنها ثم أنا لا اهتم بما سيحدث لها. 

باقي ج٤
ذهبت مريم إلى منزل عمها ولم ترحب زوجة عمها بوجدها المؤقت مطلقا وظلت تاركة مريم في الريسبشن 
منحنية الرأس لأكثر من ساعة وهي تتشاجر مع زوجها كيف يجلبها إلى المنزل دون اذنا منها. 

عاد بلال من عمله وتفاجئ ايضا بوجود مريم وبجانبها حقيبتها ويبدو عليها الحزن الشديد. 

سمع بلال مشاجرة والديه ودخل مسرعا ليخبرهم أن يخفضوا من اصواتهم.

عاد بلال وهو خجلا جدا من تصرفات والدته وأخذ مريم لتستقر بغرفة شقيقته، خرجت والدة بلال ووجدت مريم مستقرة بغرفة ابنتها. 

ترى ماذا ستفعل بمريم وهل ستخبرها بما حدث بالماضي 
وكيف سيكون ردة فعل مريم؟ 


               الفصل الخامس من هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close