أخر الاخبار

رواية لقد عادت من اجل الانتقام (الجزء الثاني) الفصل الثامن عشر 18بقلم شيماء عبد الله

 

رواية لقد عادت من اجل الانتقام (الجزء الثاني)

الفصل الثامن عشر 18 

بقلم شيماء عبد الله


مضت الأيام وأصبحت شهورا إلا أن رعد لم ييأس من البحث عن وعد، وكل يوم يمني نفسه بإيجادها، بينما وعد كانت تراقبهم عن بعد وتتعالج في الوقت ذاته، حيث قامت بعملية جراحية بعد ولادتها، واستمرت لشهور تقوم بحصص العلاج الفيزيائي، إلا أنها دائما تشعر بفراغ كبير وشوق أكبر لزوجها وأبنائها، خاصة أنها تعيش في منزل منعزل رغم إصرار ماكس وساندي أن تقطن معهم، لكن لينا التي كانت تزور ساندي في كل مرة كانت ستراها، لذا قررت المكوث بمفردها كي لا تكشف الحقيقة. 


مضى عام وتغير الكثير، كما تغيرت شخصية أغلبهم، ليأتي اليوم الذي انتظرته وعد منذ مدة طويلة، واستقلت الطائرة المتوجهة لبلادها، وهي تحمل إبنها معها، بهاء الذي كان مصدر قوة بالنسبة لها، وتعلقت به كثيرا خاصة أنه نسخة منها، هدوءه في الأوقات المناسبة، وبسمته التي تظهر قليلا للبعض فقط، إضافة لصفات عدة كانت تملك أصبح إبنها هو الأخ يمتلكها. 


وعد :ابني بهاء نحن سنذهب عند أباك وإخوتك، أتعلمين لقد اشتقت لهم كثيرا، سيسعدون حينما يروك. 


ابتسم بهاء يصدر أصواتا طفولية، ويريد فقط شخصا يحادثه طيلة الوقت، ولم تبخل عليه في هذه النقطة، رغم أنها كثيرا ما تفضل الصمت، إلا أن إبنها يجعلها تتحدث كثيرا، وترتاح حينما تتحدث معه وترى ضحكته، طفل في الشهر الخامس يتمكن دائما من زرع الفرحة في قلبها بعدما فقدت طعم السعادة منذ شهور. 


وصلت الطائرة لإحدى مطارات المغرب، فخرجت وعد حاملة بهاء بين يديها، و خلفها الحرس الذين أحضروا حقائبها، وفور خروجها وجدت ريان في انتظارها. 


ريان :مرحبا بك سيدة وعد شرف الدين. 


نظرت له وعد ببرود ثم هتفت: يبدو أنك صدقت نفسك، افتح ذاك الباب وسأتفاهم معك فيما بعد. 


ريان: ما دمنا نراك كثيرا يمكنك فعل ما تشائين بي. 


استقل الثلاثة السيارة، و الحراس في سيارات أخرى، ليتذكر ريان ذلك اليوم الذي قابل فيه وعد قبل شهرين، كان يمشي وسط شوارع أمريكا يحادث في الهاتف تلك التي سلبته قلبه، ومن الصدف الغريبة في هذه الحياة، كانت وعد تقطن في ذلك الشارع، وقد عادت للتو من موعدها عند الطبيب. 


ريان بصدمة: وعد.


هتف بإسمها بصوا خافت لم يصل لها، لتقول تسنيم :ريان هل قلت شيئا، لم أسمعك. 


أغلق ريان الخط سريعا، واقترب من وعد التي فتحت الباب الخلفي للسيارة تحمل إبنها، فنادى عليها بصوت مسموع، اترفع رأسها بسرعة مصدومة من هذا اللقاء المفاجئ، وقالت: ريان. 


اقترب منها أكثر لا يصدق ما تراه عيناه هاتفا :أنت لم تموتي، أنت أمامي الان. 


وعد: إهدأ يا ريان ودعنا نصعد. 


حملت وعد بهاء، لتزيد من صدمة ريان الذي قال: من هذا؟ 


وعد: دعنا ندخل وسأشرح لك كل شيء، أنا متعبة ولا أستطيع الوقوف على رجلي كثيرا. 


فور علمه بتعبها أخذ منها بهاء يحمله عنها رغم صدمته، ولحق بها يصعدون لشقتها، وفور أن ولجت أخذت منه بهاء، ووضعته في سريره، ثم جلست معه. 


ريان :فلتوضحي لي ما حدث، لم أعد أفهم شيئا. 


بدأت وعد تقض عليه ما حدث لها بالضبط، وفي كل ثانية تزداد صدمته بمعاناتها، ومنذ ذلك اليوم كان سندا لها، ثم عاد للمغرب قبلها ليستقبلها اليوم بنفسه. 


توجه الاثنان لمنزل ريان، لتنام وعد تريح ذاتها كي تستعد للاتي، أما ريان عاد لعمله في الشركة التي أصبح يسيرها في غيابها رغم سوء الأوضاع بها، وفي موعد الغداء خرج ليلتقي بمحبوبة قلبه. 


في مطعم راقي، كانت تسنيم تنتظره مبتسمة، لتتسع تلك الابتسامة مع رؤيتها له يتقدم ناحيتها، فصافحته وقالت :أتيت في الموعد بالضبط. 


ريان: لا يمكنني تركك تنتظرين كثيرا. 


تسنيم :كيف حالك. 


ريان: سعيد برؤيتك. 


خجلت مته تسنيم وهتفت: لا تبالغ يا ريان، أنت تراني دوما. 


ريان: لن أرتاح حتى أراك كل صباح حينما أراك كل صباح حينما أفتح عيني. 


تسنيم :أنت من يؤجل الموضوع، ولو أردت نجعل علاقتنا رسمية من الغد. 


ريان: لم يتبقى الكثير وسأتي لطلب يدك، أوشكت على إنهاء الموضوع الذي يشغلني وقتها سأسعدك. 


تسنيم :وأنا سأظل أنتظرك. 


ريان :هل نطلب شيئا لتناوله. 


تسنيم :أطلب على ذوقك. 


طلب ريان ما يريده، وظل الاثنان يستمتعان بذلك الجو، ولا أحد يعلم بينهما ما يخفي له القدر من أسرار ستفضح يوما ما. 


أسدل الظلام ستائره، وعاد ريان للمنزل وهو يتحدث في الهاتف، ليجد وعد في الأسفل تلعب مع ابنها، فأغلق الخط وقال: وعد هي في الخارج الان مع إبنها. 


وعد :أصبحت تخشى الخروج بمفردها. 


ريان: لقد فعلتها مسبقا مع ألفريدو ورأيت النتيجة، لذا تعلمين ما سيحدث الآن أيضا. 


وعد :ألفريدو كان يحتسي المشروب في أغلب الأوقات، وقمت بذلك لأجعله يجتمع مع إسماعيل وأتمكن من تدميرهم جميعا، أما جميلة فهي حالة خاصة، وأنوي حتما جعلها تجن، وحتى من هم معها سأجعلهم يندمون على حياتهم. 


ريان :هل ترغبين مني أن أجعل تلك الفتاة تذهب اليوم أيضا. 


وعد :أنا من ستذهب اليوم، يجب أن أعلم لأي درجة وصلت بالضبط. 


ريان :كما تريدين، أنا سأهتم بهذا العصفور. 


قبلت وعد بهاء قائلة: حبيبي سأعود لك سريعا. 


أعطته بهاء ثم قامت وأخذت مفتاح السيارة، لتتوجه للعنوان الذي أعطاها ريان، فوجدت مطعما تجلس به جميلة رفقة إبنها الذي قرر أن يجعلها تغير الجو قليلا بعدما ساءت حالتها، لعل ذلك يحسن من نفسيتها التي أصبحت في الحضيض. 


بدر :هل أنت مرتاحة يا أمي. 


جميلة :أجل أنا أفضل الان. 


بدر :الحمد لله، هل ترغبين في الأكل الان أم ننتظر قليلا. 


جميلة :أنا جائعة، أطلب لنا شيئا. 


بدر: سأذهب لأطلب ثم أذهب للحمام. 


انتفضت جميلة هاتفة :لا تتركني بمفردي. 


أمسك بدر سدها يطمئنها هاتفا :أمي لا يوجد داع لخوفك، أنظري المطعم ممتلئ لست بمفردك هنا، وأنا سأعود سريعا.. لا تخافي، لا يوجد شيء يستدعي خوفك. 


بلعت جميلة ريقها، ثم جلست مجددا قائلة :حسنا لكن عد سريعا. 


ابتسم لها بدر وتركها متوترة، وكل ثانية تنظر للأرجاء، لتبتسم وعد حينما سنحت لها هذه الفرصة، خاصة أن الجدار كان من الزجاج فنزلت من السيارة واقتربت من المطعم، لتنظر جميلة في تلك اللحظة للخارج ولمحتها، فقامت وعد بهز يدها تحييها وهي تبتسم، فلم تستطع جميلة التحكم في نفسها، وقامت تصرخ بجنون، ولعلها حتما بدأت تجن، فأسرع بدر نحوها يحاول تهدئتها، أما وعد فاستقلت سيارتها وهي راضية على الوضع. 


تحركت وعد بالسيارة بعدما رأت بدر أخذ جميلة للمنزل، وهو غاضب وقلق على حالة والدته. أما هي حملت هاتفها واتصلت بشخص معين، وانتظرته حتى أجاب لتقول :القناع الذي طلبته جاهز أم ليس بعد. 


صمتت قليلا ثم قالت: ماذا عن المواصفات الذي أعطيتك للرجل هل وجدتها...جيد غدا سأتي عندك وأرى إن كان كل شيء كما أريد، وإذا كان جيدا جهز جيوبك لأنها ستمتلئ. 


كانت ستتوجه للمنزل مباشرة، لكن في لحظة غيرت طريقها، وزادت من سرعتها، وكما فعلت مسبقا تسللت للقصر دون أن يشعروا بها، وظلت تنتظر في مكان سري داخل جناح رعد بعد أن وضعت له منوما في الماء، وكما اعتاد رعد، فور دخوله للجناح غير ثيابه، ثم تسطح في السرير وارتشف القليل من الماء، وبعد دقائق غط في نوم عميق، وقتها خرجت وعد من مخبئها، واقترب منه تتوسد صدره. 


وعد :اشتقت لرائحتك كثيرا، اشتقت للنوم على صدرك، لكن عما قريب سأعود لك وأعيدك لي، عما قريب سأصلح كل شيء أعدك. 


استمرت وعد على ذلك الوضع لمدة ساعة، ولم تعي إلا على هاتفه الذي يرن، ولم يصدر منه سوى اهتزاز، حملته ورأت ريان يتصل بها لتجيب قائلة :نعم يا ريان. 


ريان :أين تأخرت يا وعد أخفتني عليك. 


وعد: لا تقلق سأصل بعد ساعة، هل أتعبك بهاء. 


ريان :بهاء نائم، انتبهي أنت لنفسك. 


وعد :حسنا. 


أغلقت وعد الخط، وطبعت قبلة على جبين رعد، ثم ذهبت عند أطفالها طبعت قبلة على رؤوسهم، وحاولت أن لا تصدر أي صوت، وعادت بعدها لمنزل ريان الذي صدم حينما علم بمخاطرتها. 


ريان: ألم تخافي أن يكشف أحد وجودك في القصر. 


وعد: لو كنت في منزل آخر سأخاف، لكن القصر أحفظه جيدا، وأعلم أين أتخفى. 


ريان :والكاميرات التي كانت تضعهم تلك الحقيرة وتراقبكم بها. 


وعد :لا تخف منها، فالكاميرات نزعت بعد أن تأكدت من موتي، وفي الأساس مررت من أماكن لا تتواجد بها الكاميرات. 


ريان :والان ماذا سنفعل. 


وعد :ستعلم غدا، تصبح على خير. 


استيقظ رعد أخيرا بعد ساعات، ليشعر برأسه ثقيل، فضغط عليه لتصل لأنفه رائحة وعد التي التصقت به، فعقد حاجبيه وقال: هذه رائحة وعد، وعد عادت. 


قام يبحث عنها في جناحه كالمجنون، وحينما لم يجد لها أثرا، نزل للأسفل يسأل الحراس إن أتى أحد في الليل، لتكون إجابتهم النفي، فرأته نسرين نازلا بملابس النوم فقالت :ما بك يا ابني، ليس من عادت النزول بملابس النوم. 


رعد: لا يوجد شيء. 


صعد لغرفته سريعا، ونزع ذلك القميص يشم رائحته، وحمل رائحة وعد ليجدها نفسها وقال :هل كنت هنا حقا، هذا يعني أنك حية، أين أنت يا وعد، أين أنت يا روح قلبي اشتقت لك كثيرا. 


تنهد وهي يشعر بغصة في قلبه، وشوقه لها يزداد أضعافا، فأخفى ذلك القميص كي لا يغسلونه، ثم جهز نفسه ليذهب لعمله، وودع أطفاله وغادر دون تناول الإفطار، وفور وصوله للشركة نادى مارك و لوسيو اللذان أصبحا تحت خدمته وقال :وعد لا زالت على قيد الحياة، ولا تسألوني كيف علمت، المهم أنها حية، وتوجد في هذه المدينة، أريد أن تعلموا لي أين هي بالضبط، والأهم أريد أن أعلم ما حدث في تلك الليلة المشؤومة التي أصيب فيها والدي. 


مارك: أنت تعلم يا سيدي أن الكاميرات لم تظهر شيئا غريبا، وكاميرات المكتب لم تكن مشغلة إلا واحدة، وحاولنا أن نرى ما سجلته لكن ملفها كان محمي بكلمة سر وإذا أخطأنا سيذهب التسجيل. 


رعد: لا يهمني يا مارك، ذلك التسجيل هو دليل براءتها، وبدونه لا نستطيع فعل شيء، حاولوا إيجاد حل، ولو دعت الضرورة أن تأخذ تلك الكاميرا والتسجيل لشخص مختص خارج البلاد. 


مارك :حسنا سيدي. 


رعد: وأنت يا لوسيو أريد أن أرى كل الفتيات اللواتي ظهرن في الصور التي وصلت لوعد. 


لوسيو :سأجمعهم لك يا سيدي. 


رعد: يمكنكم المغادرة الان. 


ابتسمت وعد من خلف شاشة حاسوبها الذي كانت تراقب به مكتب رعد وقالت: من مثلي تمتلك زوجا يحاول تبرئتها. 


وصلتها رسالة في الهاتف، لتقوم وتجهز نفسها هاتفة: أتى الوقت الذي أجعلك فيه يا جميلة تجني حتما. 


تركت وعد بهاء عند المربية التي بحثت خلفها جيدا، وتأكدت منها قبل أن تحضرها، وأوصت الحراس لينتبهوا لها، ثم توجهت لمحل متخصص في بيع الدراجات، لتجد عاملا في قال: مرحبا بك سيدتي. 


وعد :مصطفى موجود. 


العامل :أجل إنه ينتظرك في المكتب، تفضلي معي. 


وعد :انتبه أنت لعملك أعلم مكان مكتبه. 


ذهبت عند مصطفى، لتجده جالسا خلف مكتبه، وأمامه رحل آخر لتقول :هل هذا هو المقصود. 


قام مصطفى وهتف: مرحبا بك سيدتي، أجل إنه هو. 


نظرت وعد للرجل جيدا، ثم قالت :والقناع. 


مصطفى :جاهز أيضا. 


أخرج علبة من الخزنة، وقدمها لها لتفتحها وتقدم ذلك القناع للرجل الواقف أمامها، ليلهم أنها تريد منه ارتداءه، وفور أن عدله جيدا ابتسمت وعد أكثر وقالت :عملك جيد يا مصطفى. 


مصطفى :وهذا مرادنا. 


وعد :لقد أعجبتني كثيرا، النقود ستتحول لحسابك بعد ساعة، وأنت هيا معي ستبدأ العمل. 


نزع الرجل القناع وخرج معها، ليستقلوا السيارة، وقالت :مصطفى شرح لك ما الذي ستفعله أليس كذلك. 


الرجل :أجل سأرتدي القناع وأظهر أمام تلك المرأة، لكن لا يجب أن أدعها تصل لي كي لا أفضح، ولن أدع أبناءها يروني. 


وعد :هذا جيد، والان سنذهب لنختار لك ملابس تليق بهذه المهمة. 


في منزل جميلة، كان بدر وتسنيم جالسين وهم يحملان هم والدتهم فوث كتفيها، وحتى العمل لم يذهب له بدر بعد أن ساءت حالة والدته بالأمس، واضطروا لإحضار الطبيب الذي أعطاها مهدأ كي تنام، وظلت نائمة حتى الآن. 


تسنيم :ماذا سنفعل يا أخي. 


بدر :لم أعد أعلم ما علي فعله، حالة أمي أصبحت سيئة جدا. 


تسنيم :ما رأيك أن نعرض حالتها على طبيب نفسي، إذا ظلت على هذا الحال ستجن. 


صمت بدر يفكر قليلا ثم قال :أنت محقة، لا نستطيع تركها على هذا الحال، سأبحث عن طبيب مناسب. 


أخرج هاتفه يبحث ثم قال بعد دقائق :وجدت طبيبة جيدة، سأخذ لها موعدا اليوم، وبإذن الله ستنفعها. 


تسنيم :إن شاء الله.    


                   الفصل التاسع عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا 

لقراءة الجزء الاول جميع الفصول كاملة من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close