أخر الاخبار

رواية قريبا ستفرج الفصل الثالث عشر 13بقلم شيماء عبد الله

            


 رواية قريبا ستفرج

الفصل الثالث عشر 13 

بقلم شيماء عبد الله

 


أردف أشرف مبتسما :أتمنى لك السعادة رفقة هاته الفتاة إن شاء الله. 


نصر الدين :إن شاء الله.. قبل أن أنسى سأرسل لك جزءا من القرض الذي قدمته لي اليوم في حسابك. 


أشرف :ما بك مسرع يا صديقي، دع تلك النقود لك ستحتاجهم في زفافك. 


نصر الدين :لا تلك النقود تخصك. 


أشرف :لا تغضبني يا نصر الدين، منذ متى نتحاسب معا، نقودي هي نقودك. 


نصر الدين :أنا أعلم كل هذا، لكن إذا لم أعد لك نقودك لن أرتاح. 


زفر أشرف بيأس ثم قال: حسنا قم بما يريحك. 


نصر الدين :أستأذن منك الان، وغدا سأعود لأخذ أمانتي. 


أشرف :لا تقلق أنا سأتكلف بالموضوع شخصيا. 


نصر الدين :شكرا لك. 


غادر نصر الدين المكان، وفي طريقه للمنزل ليتصل بأحد يحادثه لدقائق، ثم أغلق الخط وتوجه لمنزله. أما عند إيمان، ما إن أذن العصر وأدت فرضها تجهزوا، ووصل مراد في الوقت المحدد هاتفا: هيا بنا. 


أمل :لماذا سترافقنا يا ابني، نستطيع الذهاب بمفردنا. 


مراد: أحتاج لشراء بعض الثياب، لذا سأرافقكم. 


لم تصدق أمل عذره كونه اعتاد شراء ثيابه بمفرده دون مرافقة أحد، لكنها صمتت ليخرجوا جميعا واستقلوا سيارة أجرة أوصلتهم لذلك المحل المخصص بالفساتين، فبدأوا يختارون الفستان إلا أن مراد يعيب كل اختيار وقد أغضبت تصرفاته والدته. 


أمل :ما بك يا مراد، كلما اخترنا شيئا تعيبه، هل أنت من سترتدي هذا الفستان. 


مراد :لست أنا لكن أختي يجب أن تظهر جميلة أمام الحاضرين. 


أمل :إذن فلتختر أنت هذا الفستان. 


مراد :لك هذا. 


بدأ مراد يبحث وسط تلك الفساتين، وأمل تراقبه بدهشة، بينما عيني إيمان أدمعت وهي ترى أخاها يهتم بها لأول مرة، لا تعلم أن الفضل يعود لنصر الدين الذي طلب منه هذا، وظلت تراقبه كيف يختار فستانها بكل عناية ودقة، إلى أن أحضر فستانا طويلا باللون الأزرق الملكي. 


مراد: ما رأيك في هذا الفستان. 


فتحت أمل فاهها مندهشة من الفستان الذي ورغم بساطته إلا أنه جميل، فأخذته منه وأعطته لإيمان هاتفة: فلتقيسيه سريعا أريد أن أراه عليك. 


أخذته إيمان وهي تحاول جاهدة كتم دموعها، وذهبت لغرفة التغيير، لتسمح لتلك الدموع الحبيسة بالسيلان، إلا أنها مسحتهم سريعا تحاول تمالك أعصابها، فارتدت ذلك الفستان وفور خروجها فتح كل من مراد وأمل فاههم، خاصة أن اللون انعكس على عينيها ليضيف عليهم لمعة خاصة. 


أمل :سبحان الله، لاق عليك الفستان كثيرا. 


إيمان :عينيك الجميلة لذا ترى كل شيء جميل. 


مراد: من ناحية العيون فعينيك الان تسحر الناظرين. 


إيمان :لكن أليس الفستان طويلا بعض الشيء. 


أمل :وأين المشكل سنختار معه حذاءًا ذو كعب عالي. 


ظهرت لمعة الحزن في عيني إيمان مردفة: لكن حالتي لا تسمح لي بإرتداء الكعب.


مراد :لا يوجد أي مشكل في الموضوع، فلترفعيه بيدك حينما تتحركي كما تتعاملون مع القفطان، والان دعونا نختار حجابا مناسبا. 


ارتسمت البسمة على وجه إيمان وهي ترى اهتمام أخاها، وتمنت أن يظل هكذا دائما، وحينما انتهوا من شراء ما يلزمهم، فتحت أمل حقيبتها لتدفع له، لكنها صدمت حينما سبقها مراد ودفع المبلغ كله، لتزداد صدمتهم وظلت تلاحقه وهي تائهة ومستغربة من تصرفاته اليوم. 


عادوا للمنزل، وفور أن وضع مراد تلك الملابس التي أحضروها في الداخل، حتى غادر سريعا وترك خلفه أمه ستجن من كثرة التفكير، وكذلك إيمان استغربت من تغيره المفاجئ. أما مراد ما إن خرج من المنزل حتى اتصل بأحد هاتفا :لقد فعلت ما طلبته مني، واشتريت لها فستانا باللون الأزرق وهي سعيدة الأن.. لا لا تعلم شيئا.. حسنا إلى اللقاء. 


أغلق مراد الخط، وذهب لإحدى المقاهي ليجتمع بأصدقائه في العمل يمرحون، ومضى ذلك اليوم ليأتي يوم جديد وإيمان لا زالت تنتظر ما سيرسله نصر الدين لها، إلى أن دقت الساعة السابعة مساءً، فدلف مراد ومعه كيس لينادي على إيمان. 


إيمان :نعم يا أخي. 


مراد: هذا لك، أرسله خطيبك. 


قدم لها ذلك الكيس وذهب لغرفته، وما إن فتحته هي حتى وجدت حذاءًا، فذهبت لغرفتها وأخرجته من الكيس، لتصدم بزوج من الأحذية لكن الفرق أن واحدا أعلى من الثاني، وبنفس لون حجابها، فقامت بإرسال رسالة لنصر الدين كاتبة: ما هذا. 


نصر الدين :ذلك الحذاء صمم لك خصيصا كي لا تشعري بالنقص، تستطيعين تجربته الان وتدربي عليه كما تريدين، ولن ينتبه أحد غدا لوضعك، وقتها ستستطعين الاستمتاع بكل ثانية من الحفل. 


نزلت دموع إيمان لكن ولأول مرة كانت دموع السعادة، لترتدي ذلك الحذاء وتتكأ على الجدار تتدرب عليه، إلى أن استطاعت المشي به دون سند، ولم تظهر إعاقتها بشكل واضح، فوقفت أمام المرآة وهي تشعر بقلبها يكاد يتوقف من شدة سعادتها. 


رفعت هاتفها لترسل رسالة أخرى لنصر الدين هاتفة: شكرا لك جزيل الشكر، أنت اليوم جعلتني أشعر بنفسي إنسانة، شكرا لك لأنك أسعدتني لهذه الدرجة، وأتمنى أن يرزقك الله من حيث لا تحتسب، وتصبح من أهل الجنة. 


سعادة نصر الدين لم تقل عن سعادة إيمان في تلك اللحظة، ودعوتها له زادت من فرحته، فتنهد هاتفا :يا رب قدرني لأسعدها دوما، واجمعنا في الحلال ووفقنا في حياتنا. 


نام الجميع سعيدا، خاصة إيمان التي كانت سعادتها مميزة، وظلت لدقائق تنظر لذلك الحذاء قبل أن تغط في نوم هنيئ. 


أتى يوم الخطوبة ليستيقظ الجميع باكرا، من بينهم إيمان التي صدمت الجيران والعائلة بخبر زواجها، والقليل فقط من سعد لها، بينما الباقي حسدوها كونها ستتزوج شخصا كنصر الدين، وكل فتاة حضرت لتلك الخطوبة بدأت تقارن نفسها بإيمان. 


كان عبد الرحمان سعيدا بشدة من تلك القاعة التي حجزها نصر الدين من أجل الخطوبة بعد أن رفض أن يحسس إيمان بالنقص، ليهتف مخاطبا خطيب إبنته :أليس هذا كثيرا يا نصر الدين. 


ابتسم نصر الدين مردفا: بالعكس يا عمي، إيمان تستحق أكثر من هذا. 


عبد الرحمان :حقيقة هذا رائع، وأنا مستغرب من الأساس كيف استطعت تنفيذ كل هذا في وقت قصير. 


نصر الدين :من أجل إيمان مستعد أن أنفذ المستحيل. 


سكت وتوجهت الأنظار لباب جانبي في القاعة؛ حيث دلفت منه إيمان ويدها في يد أخيها الذي تألق هو الآخر في بدلة هذا اليوم، ليضغط على يد أخته بعد أن شعر بها ترتجف يحاول طمأنتها قليلا. 


تحدثت إبنة عمها عائشة هاتفة: إنها جميلة، أدعو الله أن يحفظها ويحميها من العين. 


أجابتها أختها سارة الأصغر منها قائلة: حتى لو كانت جميلة، ستظل معاقة في الأخير، ولا أعلم حقا كيف لشاب بهذه الوسامة أن يتزوج بها. 


أردفت عائشة بصوت حاد: اصمتي يا سارة، واخجلي من نفسك، واحذري من والدي؛ إذا سمع كلامك هذا سيكسر أسنانك، لقد أصبحت وقحة في تعاملك، ولم تعودي تحترمي أحدا. 


سارة :أنتم من لا تتقبلوا الحقيقة، والجميع أيضا له نفس رأيي. 


عائشة :أتمنى أن يشافيكم الله لأنكم أصبحتم مريضين في عقولكم، أدعو الله أن يرزقك بالهداية. 


تقدمت إيمان رفقة نصر الدين ناحية المقاعد المخصصة لهما، وقد كانت تمشي بشكل طبيعي ما أثار الاستغراب في نفوس الجميع، بينما نصر الدين سعيد بهذا الإنجاز. 


نصر الدين :جمالك اليوم غطى على الجميع، وبما أنهم يسمون هذا اللون الذي ترتديه بالأزرق الملكي، فأنا أقول أنه لا يليق سوى بملكة مثلك. 


توردت خدود إيمان، لتظهر تلك الحمرة عليهم بشدة كونها لم تضع أيا من مستحضرات التحميلة، ليجعلها مميزة أكثر، فهتفت بصوت خافت: شكرا لك. 


تقدمت عائشة ناحيتهم سعيدة بخطوبة إيمان، ثم ضمتها مردفة: مبارك عليك يا حبيبتي. 


إيمان :شكرا لك، وبما أنك مخطوبة فلا داعي لأدعي معك أن تتزوجي أنت الأخرى. 


رفعت عائشة يدها أمامها، وأرتها أصبعها الفارغ هاتفة: هذا كان من قبل لكن الآن كل شيء انتهى. 


عقدت إيمان حاجبيها قائلة :ماذا حدث لكما. 


عائشة :ليس مقدرا لهذا الزواج أن يتم، والان دعك مني واستمتعي بليلتك. 


رأى نصر الدين صديقه يتجه له ويهتف: مبارك عليك يا صديقي. 


نصر الدين : شكرا لم، والعقبى لك إن شاء الله. 


أشرف :هذه الدعوة بالضبط أريدك أن تكثر منها، لقد تعب صديقك من حياة العزوبية. 


على بعد منهم، كانت سارة واقفة مع بنات العائلة، لترى أشرف ذهب عند نصر الدين وأختها بجانب إيمان، لتستغل الفرصة وتتقدم ناحيتهم. 


ابتسمت سارة هاتفة: مبارك عليك يا إيمان. 


إيمان :شكرا والعقبى لك إن شاء الله. 


اتسعت بسمتها قائلة :إذا كان رجلا كخطيبك، فأنا مستعدة لأتزوج به من الان. 


 شعرت كل من إيمان وعائشة بالإحراج، أما نصر الدين ض فلم يكن مرتاحا لها من الأساس، وحينما سمع حديثها تجاهل وجودها، لكنها كانت جريئة أكثر من اللازم، لتمد يدها له قائلة :مبارك عليك 


لم ينظر لها نصر الدين، وقال بنبرة باردة :بارك الله فيك. 


نظرت سارة ليدها الممدودة، وعلمت أنه لم يصافحها، فجذبتها ناحيتها، وأصبح لون وجهها أحمرا، لتبتعد عنهم سريعا غير راضية عن الموقف الذي وقعت فيه بعد ما تعرضت له من إحراج من طرف نصر الدين. 


ضحك أشرف بصوت عالي هاتفا: لا تتغير يا صديقي، منذ زمن طويل وأنت تتجاهل الفتيات، لكن تلك الفتاة المسكينة لا ذنب لها، هي أرادت فقط المباركة لك، لكنك عاملتها بقسوة. 


نصر :أشرف هل تعلم كيف تصمت. 


أشرف :حسنا سكتت. 


مضى الوقت وكانت أجواء السعادة تطغى على الأرجاء، وحينما وصب وقت تركيب الخواتم، رفض نصر الدين أن يلبسه لإيمان كي لا يلمسها قبل أن تصبح زوجته في الحلال، وقرر أن لا يعيد خطأه مع دعاء ويتخطى الحدود التي وضعها الإسلام؛ كي ييسر لهم الله عز وجل. وقد كانت موافقة على هذا، لتقوم عمته بتلبيسها الخاتم، ومن كان غافلا عن تعاليم الإسلام استغربوا ما حدث، مثل سارة التي هتفت: هل هؤلاء عاقلون حقا، كيف يدع عمته تلبس الخاتم لخطيبته، أشخاص متخلفين بحق. 


ويا للحسرة، ففي الوقت الذي ترى سارة أفعالهم متخلفة، كانت هي الخاطئة، وأفعالها غير صالحة. لتنقضي الخطوبة في أحسن حال، وبدأ كل شخص يعود لمنزله، وظلت إيمان وعائلتها وعمها وبناته، ونصر الدين وأشرف وعمر. 


هتف عم إيمان :تبارك الله عليك يا بني، كل شيء كان جميل، وأنا واثق أنك ستعتني بإبنتنا. 


نصر الدين :إن شاء الله سأكون عند حسن ظنكم. 


سارة :هيا بنا يا أبي تذهب، لقد تعبت. 


عم إيمان :إذهبي للسيارة سنلحق بك بعد قليل. 


تحركت سارة لتخرج، فرأت امرأة في أواخر الأربعينات دخلت للتو، ومن ملامحها تضح القوة، ورأتها أمل هي الأخرى لتشهق وتلفت الأنظار نحوها. 


مراد :ما بك يا أمي. 


أمل :صفاء ! 


التفت عبد الرحمن سريعا حينما سمع اسم صفاء، ليرى زوجته الأولى فإرتسمت البسمة على شفاهها، قبل أن يلتفت له أخاه هاتفا بحدة: أنت من دعوتها. 


عبد الرحمان :أجل فإيمان ابنتها ويحق لها الحضور في خطوبتها. 


أمل :لم أكن أعلم أنك ستأتين يا صفاء. 


صفاء :لو سألت زوجك كنت ستعلمين. 


اغتاظت منها أمل وهتفت: لماذا أتيت. 


صفاء :خطوبة ابنتي وأتيت لأبارك لها. 


كانت إيمان واقفة بجانب نصر الدين ومراد اللذان التفتا لها، ليجدوا جسدها ثابتا وعينيها مركزة على صفاء، أمها التي دعت كثيرا لتراها، والان تثق أمامها لكن رجليها ثقيلتان لا تستطيع التقرب منها. 


ابتسمت صفاء هاتفة: مبارك عليك يا إيمان، وأخيرا وجدت شخصا قبل الزواج بك، أم أنك تعالجت، في الأخير أنت ورثت الجمال مني، والكثير سيرغبون في الزواج منك. 


فتح الجميع أعينهم مصدومين من وقاحتها، فقال عم إيمان :صفاء انتبهي لألفاظك. 


صفاء :سيد جلال لا زلت كما أنت لن تتغير، دائما تغضب من صراحتي معكم. 


نصر الدين :أعتذر منك سيدة صفاة لكن كلامك ليس صراحة إنما وقاحة. 


جلال :ما الذي أتى بك مجددا. 


 صفاء :هذا السؤال اطرحه على أخاك الذي تجرأ وأتى لمنزلي، وتصرف بطريقة منحطة، وأراد أن يخاصمني مع زوجي. 


نظروا لعبد الرحمن الذي استغل مجددا هذه الفرصة ليرى صفاء بعد كل هاته السنوات، لتسترسل صفاء حديثها قائلة: بعد كل هاته السنوات، وبعد أن قطعت جميع روابطي معكم أتى السيد عبد الرحمن لمنزلي، ودخل دون إذني، وفي غياب زوجي، ولولا ثقته به لخرب بيتي، ولولا مجيئه لي ما كنت لأتي لكم. 


أمل :لا تبالغي يا صفاء، قولي ما الذي أتى بك بالضبط، ألم تتخلي عن ابنتك منذ سنوات لما عدت الآن، ولا تضعي زوجي عذرا لك لأننا نعلم أنه لا يستطيع أحد إجبارك على شيء. 


ابتسمت صفاء قائلة :أنت خائفة مني، لا داعي لخوفك لقد أردت أن أحضر وها أنا ذا أتيت، وأيضا لا تنسي أنني حملت إيمان في أحشائي لتسعة أشهر، وليس من الغريب أن أحضر في خطوبتها. 


هتف نصر الدين بنبرة باردة :لكن الخطوبة انتهت سيدة صفاء. 


صفاء :إيمان لقد اخترت شخصا جيدا في المظهر، لكن ربما نسيت أن تذكريه بأداب التعامل مع شخص أكبر منه، وبالأخص أم خطيبته. 


أراد نصر الدين أن يجيبها، إلا أن نظرات إيمان المترجية أوقفته هاتفة: لا تقل لها شيئا رجاءاً. 


غضبت منها أمل لتهتف :هل جننت يا إيمان، إلى متى ستسامحين في حقك هكذا. 


                الفصل الرابع عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close