أخر الاخبار

رواية مذكرة فيروزة الفصل الحادي عشر11والثاني عشر12بقلم شيماء الشعراوي


 رواية مذكرة فيروزة الفصل الحادي عشر11والثاني عشر12بقلم شيماء الشعراوي


ففاضت دموع العين مني صبابة على النحر حتى بل دمعي محملي...

نظر إليهم "طارق" بذهول لما سمعوا من أبيه فقال بصدمة: مستحيل اللى بتقوله ده يعنى ايه فيروزة هى كارما طب ازاى ده حصل صحيح أن هى فيها شبه كبير من مرات عمي بس قولت عادى فى ناس كتير شبه بعضها ومش شرط يكون فى صلة قرابه أزاى لا اكيد بتكدبوا.

تحدث "خالد" بحزن: أيوة يابني فيروزة هى نفسها كارما بنت عمك ..زمان أنا وأمك خدنها لما كان عندها شهور وحطيناها فى الملجأ عملت كل ده بسبب كرهي لاخويا اللى امك كانت السبب فيه فضلت تبخ سمها فيا لحد ما بقيت أحقد عليه واقول أشمعني هو بيملك كل حاجة وأنا لأ لأن بابا كان كاتب كل حاجة بأسمه ولحد دلوقتى مرضيش يديني ورثي خايف لاضيعه فقررت أنتقم منه على حرماني من حقي..أنا اللى ولعت فى أوضة الأطفال بعد ماخدت فيروزة من سريرها وحطيت طفلة ميتة مكانها  كنت جايبها من المشرحة وبعد ماعملت كدا ولعت الأوضة وده غير أني بعتت رسالة من رقم مجهول بأن حد من أعدائه هو اللى عمل كدا .

تحدث "طارق" بصدمة اكبر: 

-انتو يابابا تعملوا كدا وفى مين فى أخوك تحرمه من بنته وتخدعه أن هى ميتة وهى لسه عايشة وفيها الروح أزاى هان عليك أخوك تعمل فيه كدا بجد أنا مصدوم فيك..

خالد بندم: ما أنا مستحملتش اللى عملته فروحت أقنعته بأن هو يتبنى طفل من الملجأ ولما روحنا هناك خليته يختار فيروزة علشان مشيلش ذنب أكبر وعلى الاقل أهى تتربى فى وسطنا من غير ما يعرف أنها من لحمه.

التمعت عين "طارق" بالدمع ليقول: 

- لا برافو عليك أنت أزاى كدا حضرتك واخد بالك من كلامك أنت عارف أنت عملت ايه بسبب طمعكم فى الورث دمرته فيروزة عارف هى كانت بتحس بأيه وهى عايشة معانا دى مفكرة أن أنتم متفضلين عليها مع أن ده من حقها بسببك هى حاسه نفسها  يتيمة وأنها متستحقش تعيش طبيعية زينا أو أن هى تعمل حاجة بمزاجها بسببك خليت أخوك يفرق بينها وبين أختها لمجرد أن هو فاكر أنها مش بنته من لحمه ودمه بسببك دمرت روح مالهاش ذنب فى جشعك وحقدك....أنا لازم أعرف عمي بالحقيقة كفاية لحد كدا لعب .

اقتربت منه "نادية" سريعاً لتقول بغضب: أياك تقول حاجة لعمك أنت سامع.

طارق بنفس الغضب: لا مش سامع تعرفى ليه لأنك أساس المشاكل اللى أحنا فيها مش كفاية خليتى وليد يخطبها ويرسم عليها أنه بيحبها علشان يكسرها  ..نظرت إليه بصدمة ليكمل هو: دلوقتى عرفت وليد طالع لمين.

أمسك يديه "خالد" بإرهاق: استنى ياطارق أرجوك متقولش لعمك حاجة دلوقتى.

طارق: ايه اللى بتقوله ده أنت لسه مُصر على القرف ده أنت ايه يأخى لا يمكن تكون أخ أو أب عمرى ماشوفت حد كدا .

أردف "خالد" بتوسل: بص هعملك كل اللى عاوزه و أوعدك أنى هقول لعامر على كل حاجة بس بلاش أنت تقوله. 

طارق بعدم صبر:  هتقوله أمتى.

خالد: يومين بالضبط هجهز نفسي كويس عشان أعرف أواجه بالحقيقة وكمان بالأدلة.

طارق: ولو مقولتش.

خالد: وقتها أبقى أعمل اللى يريحك.

صاحت "نادية" بصوت مرتفع:  لا ياخالد مش هسيبك أنت وابنك تهده كل اللى بنيته مش هسيبكم تدمروني مستحيل أخليكم تعملوا الكلام ده.

نظر إليها طارق بحزن: بجد أنا حزين أني عندي أم زيك

أنتى فعلا مفيش فى قلبك رحمة أنا فعلا كنت مخدوع فيكم ومكنتش أعرف أنكم بالقسوة والسواد ده كله.

        ********************************

أردف "عمران" بغضب: يعني ايه ياسيادة اللواء الكلام ده أنت سامع اللى بتقوله.

عامر بضيق: مكنش قدامي حل غير ده ياعمران.

أخذ الغرفة ذهاباً وأياباً وهو يشعر بالضجر فقال بعدم تصديق: حضرتك واعى للى بتقوله أنت رميت بنتك فى النار ووديتها لحد الموت برجليها ...بجد أنا مش مصدق أن حضرتك تعمل كدا واحنا من أمتى بنستخدم حد من عيلتنا فى شغلنا.

نظر إليه "عامر" بحزن: أنا جايبك هنا علشان تساعدني ونشوف حل فى المصيبة دى .

تحدث "عمران" :مش عارف الصراحة ايه العمل هو حضرتك أصلا متخيل ايه موقف بنتك فيروزة لما تعرف أنك أستغليتها فى شغلك ومجوزها لزعيم مافيا أنت متخيل رددت فعلها هتكون عاملة أزى .

تحدث "عامر" بيأس: بالله عليك متزودها عليا.

عمران: أنا مش بزودها عليك بس حقيقي أنت دمرت بنتك بعملتك دى ياسيادة اللواء.

عامر بحزن: أنا عارف أنى غلطت .. وماصدقت لاقيتها فرصة لما هو أتقدم ليها بس خايف عليها ليأذيها.

أردف "عمران" بسخرية: دلوقتى خايف ومكنتش خايف عليها لما جوزتها له بجد حضرتك صدمتني فيك دا أنت مثل لكل الضباط  عندنا فى المخابرات والكل يتمني أنه يبقى بذكاء وقوة حضرتك وكلنا بنتعلم منك أزاى نصحح أخطأنا تيجي حضرتك وبكل بساطة تغلط غلطة العيل الصغير ميعملهاش.

عامر بزهق: ماخلاص ياعمران هو أنا جيبك عشان تقطم فيا هتساعدني ولا لأ أخلص.

نظر إليه الأخر بضيق قائلاً: هساعدك مش علشانك علشان فيروزة اللى بسببك هتعاني لما تعرف أن جوزها واحد قاتل والصدمة الأكبر لما تعرف أنك عارف بكدا ورضيت بالوضع ده رضيت بأن مستقبلها يدمر لمجرد أنك أستعملتها طعم حلو للقضية اللى بتحقق فيها كان عندك طرق تانية كتيرة لكنك أخترت الأسهل ...على العموم أنا هحاول أتصرف متشغلش بالك أنت .

تنفس بإرتياح قائلاً: كدا أنا أطمنت أن بنتي مش هيجرالها حاجة.

نظر إليه "عمران" بغموض ثم قال: متقلقش عليها اقلق على نفسك لما هى تعرف وأبقى حضر الكلام اللى هتبرر بيه عملتك ياسيادة اللواء...هب واقفة من مكانه وهو يشعر بالاختناق لما حدث فقال وهو يذهب إلى الخارج:  - عن أذن حضرتك أنا ماشى لو حصل أى حاجة كلمني.

عندما خرج من غرفة المكتب وجد "فيروزة" تتقدم منه وهى تحمل بيديها صنيه بها فنجانين قهوة، بينما هى شعرت بخفقان قلبها فور رؤيته التى تسعدها لا تعلم لما هذا الارتباك الذى أصابها فجأة، لكنها تشعر بشعور رائع يمتلكها كلما مر طيفه من أمامها تشعر وكأن الفراشات أتت لترفرف فوقها بسعادة، فأبتسم ثغرها برقة عندما تذكرت أول لقاء بينهما لتتسأل بداخلها هل ما تشعر به حب أم مجرد إعجاب؟ ..تلاشت أبتسامتها و قطبت جبينها بأستعجاب لرؤية عيناه تشع بالاحمرار دليلاً على أنفعاله وغضبه فقالت بصوت رقيق:  عمران أنت رايح فين أنا عملتلك القهوة.

نظر إلى عمق عينيها بألم فهو للتو علم بأنها زوجة وملك لغيره وأكثر ما يقهره بأن تلك الزيجة ستكون دمار لها يود لو يأخذها بين أحضانه ويخبئها عن عيون العالم ويحميها من أى أذى تتعرض له فقام من شروده على نبرة صوتها القلقة: عمران انت كويس حصل بينك وبين بابا حاجة.

أردف عمران قائلاً بحزن: أنا كويس يافيروزة.

فيروزة: شكلك مش مطمنى وبعدين أنت لحقت تخلص شغل مع بابا.

عمران بسخرية: اه لحقت اصل شغل اللواء مش محتاج لوقت كبير حتى يخلص.

نظرت إلى فنجان القهوة ثم إليه فقالت بحزن: يعنى هتمشى وتسبني طب القهوة اللى عملتها علشانك.

أقترب منها أكثر ونظر إلى فيروزتها المطفيه ولكنها مازالت جميلة كما هى، ليلمح تلك الدمعة اللامعة بداخلها فقال بحنان: 

- أوعدك أننا هنقعد قريب مع بعض وكتير أوى ونشرب قهوة من أيدك الحلوة دى وسعتها مش هسيبك .. صمت لوهلة ثم أضاف قائلاً بهدوء: فيروزة هو جوزك بيعملك حلو يعني قصدى بيحبك وأنتى بتحبيه .

حدقت به بدهشة من سؤاله الصريح فقالت بتوتر: 

- اه ..لكن ليه بتسأل السؤال ده.

أجابها عمران: عادى مجرد سؤال المهم أتمنى أنك تكوني سعيدة فى حياتك ..رفع يديه لينظر إلى سعاته فقال بتسرع: طب استأذن أنا مضطر أمشى.

أؤمات رأسها إليه بهدوء ليتركها بمفردها تنظر لأثره بحزن..سارت بخطوات مثقلة إلى غرفة المكتب فطرقت الباب عدة طرقات فأذن لها والدها بالدخول..

أقتربت منه فرأته يهم على الخروج تقدمت منه بضع خطوات وهى عازمة على أن تخبره بأمر ذاك المدعو رائف زوجها فقالت بتوتر : 

- بابا ممكن أتكلم مع حضرتك شوية.

كان يقلب بين تلك الورقات التى بين يديه فقال متسرعاً : معلش ياروزا أنا مشغول دلوقتى نبقى نتكلم بعدين.

فيروزة: لكن يابابا الموضوع مهم أوى ولازم حضرتك تسمعني.

وضع الأوراق على المكتب واقترب منها ثم قبل رأسها وقال بأبتسامة: حبيبة بابا موضوعك يتأجل لبعدين علشان أنا حرفياً مش فاضي وأول لما أفضى نبقى نتكلم مع بعض زى ما أنتى عاوزه.

نظرت إليه بعيون يأسه فقالت بحزن: أرجوك أسمعني لازم تعرف ايه اللى بيحصل معايا.

أبتعد عنها  "عامر" وهو يفتح باب المكتب فقال:

- وبعدين معاكى بقا ياروزا أنا قولتلك مشغول مش بتفهمي كلامي ليه وبعدين أختك محتاجانى دلوقتى ضرورى هروح ليها علشان أشوفها عايزة ايه وبعدين نبقى نشوف حكايتك.

فيروزة:  بس يابابا ...لم يدعها تكلم حديثها ليقول بحزم: فيروزة خلاص خلصنا مش ناقص عطله هى..ثم خرج من الغرفة ليتجه إلى غرفة أبنته الصغيرة "لارين"..أدمعت عينياها بحزن لما هى عليه ولرفض والدها بأن يسمعها ولج إليها ذاك السمج بعد ما أستمع إلى حديثها وهو يبتسم لها ويرمقها  بنظرات لا تبشر على خير، بينما هى شعرت بأختناق رئتيها عندما وجدته ينظر إليها هكذا .

أقترب منها بحذر ليقف أمامها ببرود ليمد يده تمسد على شعرها فقام بقطع خصلة منها وهو يقول: 

- زى الشاطرة كدا قوليلى الحلوة كانت ناوية تقول ايه لأبوها.

ابتلعت ريقها بخوف فقالت بتوتر: أبدا مكنتش هقول حاجة يارائف وبعدين أنا كنت بتكلم مع بابا عادى أصله وحشنى الكلام معاه مش أكتر.

تحدث "رائف" بحده: ياسلام والمفروض بقا أصدق الكلام ده صح.

أبتعدت عنه بخوف وأتجهت إلى باب الغرفة وقالت: 

- صدقني والله ما قولت حاجة.

رائف: ماشى يافيروزة أتفضلى يلا قدامى خلينا نروح ونبقى نشوف الموضوع ده فى البيت ياهانم..يلااااا.

فزعت من مكانها لتفر هاربة من أمامه.

بعد مرور ساعتين فى شقة رائف..

كانت تجلس فيروزة على طرف الفراش وهى تهز قدميها بخوف فسمعته يقول بغضب:  عارفة يافيروزة المرادي مش هضربك زى كل مرة لا أنا هعمل حاجة أوحش تخليكي بقية عمرك تفكري مية مرة قبل ماتنطقي بحرف واحد عني.

تحدثت بخفوت يكاد يسمع قائلة: هتعمل ايه يارائف حرام عليك بقا يااخى أنت ايه معندكش دم ما بتحسش.

أردف رائف ببرود: ايه ده هو أنتى مكنتيش تعرفى أني بارد ومعنديش دم .

فيروزة بدموع: أنت ليه بتعمل معايا كدا أنا عمري مااذيت حد ولا أذيتك ليه بتنتقم مني ليه .

رائف بجمود: ليا تار قديم عند أبوكى ولازم أخده منه.

نظرت إليه بعيون مجهدة فقالت: تار ايه اللى بتتكلم عنه .

التفت ينظر إلى عينيها بألم مرير قائلاً بغضب: 

- عايزة تعرفى تار ايه أبوكى ياهانم قتل أخويا وهو فى عز شبابه وحرمه أنه يعيش حياته ويتجوز حبيبته بسبب أبوكى أخويا مات وأتحرمت منه وأنا عمري ما هسيب حقه مهما حصل وانتقامي منه هيكون فيكي أنتي يامراتي الغالية أوعدك لخلى أبوكى يعيش أيام سودة ويموت بحسرته عليكى .

فيروزة: وأنا ايه ذنبي بده كله .

رائف بغضب: ذنبك أنك بنته يافيروزة بنته عرفتى ايه ذنبك.

أبتسمت بوجع والتمعت عينيها بالدموع مرة أخرى قائلة: بنته ومين قالك أنى بنته أنا مجرد أبنه بالتبنى أنت ماخدتش بالك أن هو أصلا رامى طوبتى ومش فارقة معاه يعنى مهما تعمل فيا وتأذيني مش هيتهز شعره واحدة منه متهيألي لو مت محدش هيزعل ولا هيفرق معاه موتي يارائف فياريت تبعد عني وكفاية أوى لحد كدا.

رائف بهدوء: ومين قال أنك مش بنته على العموم كلامك ده مايفرقش معايا بأى حاجة. 

وقف أمام المرآه لينثر عطره وعدل خصلات شعره ثم أستدار لها قائلاً: أنا خارج ولو فكرتي تعملي حاجة كدا ولا كدا يبقى متلوميش إلا نفسك.

أقترب منها وهو يقبل مقدمة رأسها لتبتعد عنه بأشمئزاز ليقول هو بسخرية: خلى بالك من نفسك ياروزا وماتفتحيش لحد لأحسن تتخطفى.

أول ماخرج من الغرفة بصقت عليه بضيق ثم وضعت يديها على معدتها التى تؤلمها وتشعرها بالغثيان فهى لم تتحمل رائحة عطره التى تكرهها بشدة، لم تستطيع التحمل أكثر من ذلك لتركض إلى الحمام وهى على وشك الغثيان بعد ثوانٍ غسلت وجهها بالماء البارد وهى تشعر بالارهاق والتعب، حدقت بالمرآه وهى تنظر إلى أنعكاس صورتها لتجد نفسها أصحبت أقل وزناً عن ذى قبل وعينيها اللامعة أصحبت مطفيه ووجهها شاحب يميل إلى اللون الأصفر صعقت من هيئتها المخزية...خرجت من المرحاض وهى تفكر فى شيئٍ ما أقتربت من حقيبتها الصغيرة لتخرج منها أختبار حمل فقد أستغلت وجودها عند أهلها واشترته من الصيدلية فهى لاحظت تعبها كثيراً فى تلك الفترة وشكت بوجود حمل بسبب الأعراض التى تشعر بها لكنها خائفة أن يكون هناك حملاً، ثم أتجهت إلى المرحاض مرة أخرى بعد مرور بضع دقائق كانت جالسة على أرضية المرحاض تمسك بيديه ذاك الاختبار الذى أكد لها حملها.

أخذت تبكي بشدة حتى ألمتها حنجرتها ومازالت عينيها تنهمر بالدموع الهسيتيرية وكأنها قدر يغلى بداخلها.

        

     *************************************

كان يجلس وحيداً حزيناً فى حديقة القصر يفكر فى تلك التى سلبت عقله وكيانه، يشعر بالحزن يفتك بقلبه لعلمه بأنها زوجه لغيره، أستغفر ربه فى سره على تفكيره بها وهى لا تحل له، رفع رأسه ليجد أخته الصغيرة تقترب منه أبتسم بخفه على هيئتها التى تبدو طفولية قليلاً فكانت تجمع شعرها البني على هيئة قطتين .

تحدثت "روفيدة" بأبتسامة وهى تجلس بجواره قائلة: -أبيه عمران قاعد لوحدك كدا ليه.

أجابها الأخر قائلاً: عادى يافوفه وبعدين أنتى ايه اللى  مصحيكى لحد دلوقتى مش عندك جامعة بكرا.

نظرت إليه بملل فقالت: مش جايلي نوم ياأبيه .

عمران: عارف أن دى أول سنه ليكي وهتكون صعبية شوية بس أنتى قدها وقدود.

روفيدة : ولا صعبة ولا حاجة وبعدين أنا صحبت بناااات كتيييير أوى ومنهم بنتين حلوين ومحترمين أرتحت ليهم أكتر ودا غير أن هما عزموني على فرح أخواتهم وأنا حابه أروح.

عمران: خلى بالك ياروفيدة مش أى حد تصحبيه وبعدين فرح ايه اللى هتروحيه وأنتى أصلا لسه متعرفيش طبع البنات دى ايه ولا أهلهم مين عشان تديهم الأمان بالشكل ده.

رددت عليه بحماس: متقلقش ياحبيبي أنا بردو مش بصاحب أى حد والبنتين دول واحدة أبوها لواء والتانية بنت عمها.

نظر إليها "عمران" ثم قال متسائلاً: ممكن حضرتك تقوليلى أسمائهم ايه عشان أسأل عليهم وأعرف ولاد مين و اطمن عليكي وأبقى عارف  مين البنات اللى مصاحبهم .

روفيدة: لارين وسهر.

عمران: على أساس أنا كدا عرفتهم ماتقولى يابنتي اسمهم كامل .

روفيدة: لارين عامر الجارحى وسهر أحمد الجارحى هما الدول اللى بقوا أقرب أتنين ليا فى الجامعة عشان بحسهم شبهنا.

أبتسم بخفة قائلاً: زين ما أخترتى من الصحبة أنا عارف اللواء عامر كويس وهو بيكون مديري فى الشغل.

رفيدة بسعادة: بجد ياابية يعنى كدا هقدر أروح الفرح صح.

عمران: صح ودا لأن ياأستاذة روفيدة أنا كمان معزوم.

مدت يديها بحماس قائلة: طب شخشخ أيدك بقا على مبلغ محترم علشان أجيب فستان حلو وشيك يلايق بروفيدة المنشاوي.

رفع حاجبه الأيسر ثم قال: شخشخ ألفاظك يافوفه وبعدين يابت أنتي مش لسه من يومين واخدة منى الفين جنية علشان تجيبي فستان لعيد ميلاد صحبتك هو أنتى كل ما تلاقى مناسبة تستغليني بالشكل ده.

نظرت إليه "روفيدة" بحزن مصطنع ومتقن: 

- امال أطلب من مين أنا وبابا ميت وماليش حد غيرك أطلب منه ولو ياأبيه أنا و مصاريفي تقال عليك مش هطلب منك تانى وهنزل أشتغل.

ضربها بخفه على رأسها وقال بنبرة حزينة: بقا أنتى تقيلة عليا ياريت حمل الدنيا بتقلك ياروفيدة وبعدين أنتى بنتي اللى مربيها مش أختى و متنسيش أنك أول مااتولدى وأنا اللى شيلتك بين أيديا وسميتك ومن وقتها بقيتي مسؤلة مني وأى حاجة نفسك فيها ياحبيبتي أجبهالك بدون تردد أنا معنديش أغلى منكم أنتى وهدى  وماما وأبنى سفيان...وأنا هنا مكان بابا الله يرحمه ومن بكرا يكون عندك أحلى فستان ولو محتاجة أى حاجة تانية أنا تحت أمرك بس متقوليش الكلام ده تانى بلاش تزعليني منك.

ضمته "روفيدة" بحب أخوي قائلة:  أنت أحسن أخ فى الدنيا ياعمران بجد أنا فعلاً بعتبرك أبويا ويوم ماعيني أتفتحت تشوف الدنيا كنت أنت أول واحد شوفته فى حياتي كنت دايما ليا الأب والأخ والسند .

ضمها بين ذراعيه وهو يقبل مقدمة رأسها بحنان ثم أبتعد عنها قليلاً: يلا ياقلب أخوكى روحى نامى كفاية سهر لحد كدا.

رفعت رأسها ورمقته بتسأل: وأنت مش هتنام.

عمران: هقوم أنام أنا كمان عشان عندى  شغل بكرا.

روفيدة: طب يلا خلينا نطلع سوا.

عمران: يلا يافوفه هانم.

(الفصل الثانى عشر)
فى مكان أخر 
نشعر أحياناً برغبة في الكلام، لكننا نخاف، نخاف من ردة الفعل، نخاف أن نسمع كلمات باردة تضاعف أوجاعنا، نخاف أن يخبروننا "بتهون"، نخاف من بحّة أصواتنا ورجفة أيدينا، ونخاف من وصول الدمعة عند أطراف أعيننا، نخاف أن يُساء فهمنا أو أن نُفهم بطريقة بشعة أو يعجزون عن فهمنا حتى.. نوَد أن نتكلم لكنّ الخوف يسيطر علينا وبشدة لذلك نصمت ونصمت طويلاً..
دخلت "هدى" إلى غرفتها بعد أن أطمئنت على أطفالها فهى فتاة فى الثامن والعشرون من عمرها والأخت الثانية "لعمران المنشاوي"، فهى متوسطة الطول بجسد متناسق وذات شعر أسود غزير يصل إلى منتصف ظهرها، توجه بصرها إلى زوجها النائم بكل عمق فزفرت بيأس قائلة وهى تدنى منه: 
- أنت لحقت تنام أنا قولتلك هبص على عيالك وهجيلك على طول ومكملتش عشر دقايق....تنهدت بضيق فأكملت حديثها بحزن:
- هو ده اليوم اللى كنت هتقضيه معايا...أنت طول اليوم قاعد برا مع أصحابك ودلوقتى أتزفت نمت ولا كأن فى بنادمه عايشة معاك هو ده حق ربنا اللى بتدهولي ولا هو الفسح والهزار والضحك والفرفشه برا مع الكل وعندى انا تصدرلي وش الخشب وتكشر فى وشي وتقولي أصل أنا تعبان..اقتربت منه أكثر وهزته فى كتفه بقوة ليفزع من نومه وهو يبربش بعيناه الناعسة ليقول: 
-فى ايه ياهدى حصل حاجة للأولاد.
أردفت بحنق قائلة: - لا محصلش ليهم حاجة وهما أصلا نايمين.
تنهد بإرتياح ثم قال بأرهاق:- أمال بتصحيني ليه ياهانم عايزة من أمى إيه.
تحدثت "هدى" قائلة:- هكون عايزة ايه يعنى عيزاك تقوم تقعد معايا يارامى زى ما وعدتني أمبارح وبعدين أنا بقالي كتير مابشوفكش ولا بتقعد معايا.
مسح وجهه بيديه الغليظة وهو يقول:
- وأنا عايز أنام والصراحة مش فايقلك ولا فايق لنكد النسوان بتاعك نهائياً.
نظرت إليه بصدمة لتقول: - دلوقتى مش فايقلي وبقيت كمان نكدية أمال ياخويا فايق لأصحابك الفاشلين اللى مقضينها سهر على القهاوي ومورهمش شغل ولا مشغلة.
تحدث بصوت مرتفع نسبياً وقال بحده:
- هدى لمي نفسك ومش عايز طولة لسان وبعدين أنا تعبان وعايز أتخمد علشان عندي زفت مأمورية بكرا.
جذبت الغطاء من عليه وأغلقت المكيف ثم قالت بضيق:
- لا يارامى مفيش نوم ومش هتعمل زى كل يوم تنام كدا وتسبني أخبط دماغي فى الحيطة أنا ليا حق عليك.
زفر بضيق ثم نهض من مكانه وأمسك المنضدة وقال بزهق: 
- أنا قايم وسيبهالك هطلع أنام برا وياريت مشوفش خلقتك أنتى سامعة.
هتفت "هدى" بحزن قائلة: -لا يارامى مش سامعة وقف هنا وكلمني زى ما بكلمك أنت ليه بتعاملني كدا وكأني جارية عندك.
أمسك يديها وهز بعنف: - أنتى ايه ياشيخة الواحد زهق منك دى ما بقتش عيشة أنا غلطان من الأول أني أتجوزت واحدة زنانة زيك فعلاً على رأي أمى عيشتك معايا كانت غلط.
ترقرقت الدموع فى عينيها بألم مرير لتقول بذهول:
- ايه أنت قولت ايه عيشتك معايا كانت غلط .
نظر "رامى" إلى هيئتها المنصدمة فلم يرق قلبه لحالها أو أنه يشفق عليها ليكمل حديثه بغضب:
- اه ياهدى غلط وستين غلط كمان أرتحتى.
أنهمرت الدموع المالحة على وجنتيها وقالت بألم يؤخز قلبها:- أنت بنأدم أناني وناكر للجميل ومابيطمرش فيك أى حاجة ده أنا كنت ساكتة وحاطة فى بوقي جزمة ومستحملة قرفك وخيانتك ليا ودلوقتى جاى تقولي عيشتك معايا كانت غلط من الأول بقا ده جزاتي فى الأخر.
تحدث رامى بصدمة:- أنا ياهدى أنا بخونك مين اللى قالك كدا وأنتى صدقتى كلامه 
بينما هى صاحت بصوت عالٍ قائلة:
- اه يارامى بتخوني هتنكر دى كمان نسيت أنك بتخوني مع الزفتة بنت خالتك هيدي اللى مقضيها معاها سفر وفسح وكل لما أسألك تقولي أصل عندى مأمورية ياهدى وأنا زى الهبلة كنت بصدقك لحد ما عرفت بخيانتك من الهانم وهى بتوريني صورك معاها فى الرحلات اللى بتروحها معاها....أنا استحملت كتير وكنت بقعد أصبر نفسي وأقول معلش يابت بكرا يتعدل دى مجرد نزوة وهتروح أستحملي يابت علشان خاطر ولادك وكل مرة أقول معلش ياهدى بيتك ياحبيبتي هيتخرب وولادك هما اللى هيدمروا وأكيد هو لما يلاقي كدا هيتدل وهيعرف قيمتي وهيحس بمراته لكن أبداً مفيش حاجة من دى بتحصل...هو أنت فاكرني ايه هبلة؟

ترك المنضدة من يده وقال ببرود: - أنتى خلاص أتجننتي ومخك بقى مفوت وأنا مابقتش قادر استحمل النكد ده.
-نظرت إليه هدى بمراره من كلامه فكل مرة يتعمد أن يجرحها بكلامه فقالت ببكاء وبصوت غير منضبط:
- اهو ده اللى أنت فالح فيه مفيش على لسانك أنتى خلاص اتجننتي مخك بقى فى الطراوة ولا مرة فى بتيجي تطيب بخاطري قولي أخر مرة قعدت معايا زى أى أتنين متجوزين كان أمتى طب بلاش أخر مرة قولتي فيها كلمة حلوة أو حتى خرجتني كانت أمتى ها  طب ياسيدي  بلاش أنا عيالك أخر مرة قعدت معاهم وكلت و لعبت زى بقية الابهات كان أمتى...ساكت ليه رد عليا دا أنت على طول ياأخى تقولي مشغول مش فاضي هو أنتى موركيش حاجة تتشغلي بيها بعيد عني.

ظل يحدق بها دون أن يتفوه بكلمة فهى تملك الحق بكل كلمة تخرج من فمها خفض رأسه بيأس شديد فسمعها تقول بخذلان وحزن:
- أنا خلاص بقيت كارهاك وكارهه نفسي كفاية بقا لحد كدا أنا تعبت وجبت أخري دى فعلا ما بقتش عيشة يارامى أنا دلوقتى بقيت أكرهك ومش طايقة أبص فى وشك من فضلك طلقني وروح عيش حياتك زى ما أنت عايز بس بعيد عني.
صُدم من حديثها ليقول بحده:
- مش هطلقك ياهدى مستحيل أعملها.
تحدث بصوت عالٍ وغضب قائلة:
- لا هطلقني ورجلك فوق رقبتك أنا مستحيل أكمل معاك يوم واحد بعد كدا.
أردف بضيق: ماخلاص بقا ووطى صوتك علشان العيال ميسمعوش كلامك الأهبل ده.
هدى: - عيال مين ياحبيبي هما من أمتى بيفرقوا معاك بقولك ايه متجننيش أكتر طلقني لو عندك دم وسبني اروح لسبيل حالي.
رامى: وأنا قولت اللى عندي طلاق مش هطلق ماشى .
هدى: ماشى يارامى وأنا مش قعدالك فيها أنا رايحة بيت اهلي وأخويا هو اللى هيجبلي حقي منك.
ذهبت من أمامه وأتجهت إلى غرفتها لتبدل ملابسها وبعد الإنتهاء أيقظت أبنتيها الصغيرتين فكانوا توأم بملامح مختلفة بعمر الخمس سنوات.
فى الصالون كان يجلس على الأريكة ويضع رأسه بين يديه بحزن، فاق من شروده على همهمت أطفاله وهى تجرهم بيديها ليهب واقفاً من مكانه سريعاً وهو يقول بذهول: - أنتى واخدة العيال ورايحة فين.
أجابته هدى بعيون حمراء منتفخة دون أن تلتف إليه فقالت بحزن:
- عند أهلي لان مينفعش أقعد معاك أكتر من كدا.
رامى بتوتر: - أرجوكى ياهدى ماتمشيش عارف أني غلطان بس متبعديش ولادي عني .
نظرت إليه بنظرة تحمل الكثير من المعني فعلم على أثرها بأنه أحزنها بشدة بينما قالت هى بهدوء:
- لو سمحت أنا تعبانه ومحتاجة أرتاح ولازم أمشي كفاية لحد كدا.
أمسك يديها فبتعدت عنه ليقول بندم:- حاضر ياهدى هقوم أوصلك لحد أهلك بس شيلي فكرت الطلاق من دماغك فاهمة هسيبك تقعدي هناك يومين ترتاحى فيهم وتريحى أعصابك وبعدها هرجعك.
لم تجيبه بشئ فقام بأخذ مفاتيح البيت والسيارة من على الطاولة...اقترب من أطفاله وأمسك بكفهم معاً وقال بأبتسامة هادئة:- يلا ياحبايب بابي خلينا نروح عند خالو عمران.

        ********************************
اليوم التالى..
كان داخلي محطم تماماً، لقد سلبت روحي، لم استطع النوم، وبل اغلقت على نفسي اصبحت احب الظلام كثيراً اصبحت محادثاتي قليلة مع أهلي ومع اصدقائي  لقد رأيت فراغ في داخلي، بل كنت انظر الى هاتفي واغلقه فوراً لم أَعُد انا... لقد تخلت روحي عني وذهبت للسماء اصبحُت في وقتها مجرد جثة تمشي على الارض كنت اظهر قليلاً امام اهلي لكي لا احد ينتبه ما الذي حدث لي وما كل تلك العزلة
لم يلاحظ أحد أنني اتألم، ك عادتي لا احب ان يرى احد ما في داخلي احُب الكتمان، لا احب نظرات الشفقة، بل لا احب النصائح المزيفة والصداقة المزيفة التي من خلالها يسلبون منك ما بداخلك ويهددونك به
كُنت منعزل تماماً، لم أعي ما يحدث في هذا العالم كل ذلك حصل بعد مدة طويلة من العزلة، مازلت هش ومازلت لا أعي العالم ومازلت أهرب من هذا العالم المقرف وما زلت فارغاً جداً.
وضعت المدونة بجانبها وأخذت تحتسي مشروبها الساخن، ثم وقع بصرها على هاتف زوجها الذى كان  يرن أكثر من مرة فلم تبالى له ليرن مرة أخرى جذبته من على الطاولة بزهق لتجده رقم مجهول، نادت بعلو صوتها قائلة: يارائف تليفونك عمال يرن من الصبح تعالى خده.
مرت لحظات ومازال الهاتف يرن فقالت فيروزة بملل:
- مش هنخلص أحنا النهاردة . فقامت بالرد على المتصل الذى تحدث قائلاً: ايه ياعم رائف بقالي ساعة برن عليك على العموم أنا نفذت المهمة اللى كلفتني بيها و ضربت نار على ابن اللواء زى ما طلبت مني و دلوقتي تقدر تترحم عليه.
أردفت "فيروزة" بصدمة: أنت بتقول ايه مين ده اللى ضربته بالنار.
المجهول: مين معايا مش ده رقم رائف.
فيروزة بغضب: أيوة هو ده رقم زفت رد على سؤالي و ..قاطع كلامها رائف من الخلف وهو يجذب منها الهاتف ووضع على أذنيه قائلاً ببردو: عملت ايه ياعزوز.
أجابه الأخر: كل حاجة تمت زى ما أمرتني ياكبير ودلوقتى أنا عايز باقى فلوسي.
رائف: هتلاقي مبلغ محترم هيوصلك على حسابك دلوقتى سلام .
أقتربت "فيروزة" منه بخوف وقالت بصوت مهزوز: 
- كان قصده مين بأبن اللواء اللى قتله يارائف رد عليا بالله عليك متفضلش ساكت.
أمسك يديها ليقول بهدوء: أهدى ياروزا مالك خايفة كدا أنا عايزك أقوى من كدا لسه أنتى مشوفتيش أى حاجة من اللى هعملها فيكم...ليصمت لثوانٍ ثم تحدث وهو يتلاعب بأعصابها فقال بخبث هامساً بجانب أذنيها: 
- عايزة تعرفى مين اللى اتقتل.
جائه صوتها الضعيف بنعم ليكمل ببرود:- أدم أخوكى أنا اللى خليتهم يضربوا عليه نار وهو خارج من شغله .
أبتعدت عنه وقد بدأت عينياها تترقرق بالدموع لتقول بصدمة: لا أكيد أنت بتضحك عليا صح...ثم أخذت تضربه على صدره بأنهيار تام وبألم يعصف قلبها وهى تقول ببكاء: أنت ايه معندكش رحمة ليه عملنا ليك ايه علشان تعمل فينا كدا ...أحكم قبضته عليها بقوة ليتحكم بجسدها قائلاً: بس كفاية أهدى بقا.
رفعت رأسها لتقول بتوسل: أرجوك قولي الحقيقة وماتكدبش عليا أدم لسه عايش وأنت مقتلتهوش صح بالله عليك يارائف متوجعش قلبي على حد من أخواتي لو عايز روحي خدتها بس متأذيش حد منهم أنت مجرب وعارف وجع فقدان الأخوات بيبقى عامل أزاى فبلاش تحرق قلبي أنا كمان ..أبوس أيدك كفاية وجع قلب عندك أنا أعمل فيا اللى عاوزه بس بلاش أخواتي.
نظر إليها مطولاً فقد بدأ يشعر بالشفقة أتجاهها لكنه تحدث ببرود: 
- دى مجرد قرصة ودن ليكى وده علشان بس فكرتى تقولى لأبوكى على اللى حصل ولو عاوزني مأذيش حد منهم تانى تعملي كل اللى هطلبه منك فاهمة.
رددت عليه "فيروزة" وهى تبكي: حاضر هعملك كل حاجة هتطلبها مني بس أدم قولي هو كويس صح.
أبتعد عنها ليخرج سيجارة من العلبة ويشعلها ويأخذ منها نفس طويل ثم نفث دخنها فى الهواء ليقول ببرود:
- هو دلوقتى فى المستشفى و لو عايزة تشوفى أخوكى وتطمنى عليه قومى غيري هدومك علشان أخدك له.
ركضت إلى غرفتها لتبدل ملابسها سريعاً ...بعد مدة من الوقت وصلت للمستشفى، أقتربت من ممرضة الإستقبال بعد ما تركت زوجها يركن السيارة بالخارج وسألتها على مكان أخيها فأجابتها الأخرى قائلة: على أيدك اليمين هتلاقيه فى غرفة خمسة.
ذهبت إلى مكان الغرفة لتجد "عمران" يقف أمامها وحيداً وعلى قميصه بقعة من الدماء، انتبه إليها فالمه قلبه من حالتها المحزنة ليقول بقلق: - فيروزة أنتى ايه اللى جابك هنا بس.
نظرت إليه بعيون مجهدة من أثر البكاء فقالت بحزن:
- أدم هو فين أنا عايزة أشوفه ياعمران وأطمن عليه.
تحدث بصوت يكسوه بعض الإرهاق: 
- أهدى أخوكى كويس متقلقيش عليه.
فيروزة: أزاى مقلقش عليه ده أخويا ومضروب بالنار.
عمران: هو أتصاب فى دراعه مش أكتر وبقى كويس ودلوقتى الدكتور أنيس عنده.
أتجهت  نحو باب الغرفة وقامت بفتحه وولجت إلى أخويها، تحدث "أنيس" دون أن ينظر إلى ورائه فقال بضيق: مش أنا قولت محدش يدخل.
تحدث "أدم" بتألم من ذراعيه قائلاً: فيروزة.
أستدار أنيس بجسده إليها وقال بدهشه: روزا حبيبتي أنتى جيتى هنا امتى.
جففت دموعها بكف يديها المرتعشة وقالت بقلق: 
- أدم أنت كويس ياروحي.
أدم: أه ياحبيبتي متخافيش عليا ياروزا وبعدين دى أصابة خفيفة بس أنتى عرفتى منين أني أتصبت.
دخل رائف فى تلك اللحظة ليقول بأبتسامة مزيفة: 
- حمدلله على سلامتك يادرش مش تاخد بالك من نفسك كويس لأحسن تموت فى مرة.
أردف "أدم" بعدم أرتياح قائلاً: - الله يسلمك وكلها أعمار بيدى الله فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. 
رائف:  متعرفش مين اللى عمل فيك كدا.
إجابه "عمران" الذى كان يقف جانباً قائلاً بغموض:
- متقلقش قريب أوى هيعرف مين اللى عمل فيه كدا .
أقتربت فيروزة من أدم وجلست بجانبه على طرف السرير وضمته إلى أحضانها وقالت بدموع:
- أنت متعرفش أنا كنت هموت من الخوف عليك لما عرفت باللى حصلك.
ربت على ظهرها بحنان ثم قال بتعب:- بعد الشر عليكي من الموت يافيروزة..صمت لوهلة ثم أضاف بهمس دون أن يسمعه الآخرون: 
- فى حاجة مهمة عايزك تعرفيها بس مش هينفع قدامهم هنا.
تحدثت "روزا" بخفوت قائلة:- أدم أنت قلقتني فى إيه.
أبتعد عنها قليلاً لينظر إلى "رائف" ثم حول بصره إليها وقال: - حاجة عرفتها بخصوص جوزك ولازم تعرفيها بس أهم حاجة تخلى بالك من نفسك اليومين دول ياحبيبتي ولو حسيتى بأى حاجة كلمينا فوراً.
فيروزة بقلق: أنا بدأت أخاف من كلامك.
قبل رأسها برفق قائلاً: متخافيش أنا جنبك دايما...بعيداً عن أني متصاب بطلقة بس عادى أحنا قدها وقدود .
أبتسمت بخفة قائلة: 
ماهو واضح أنك قدها ياعسل ..هو بابا معرفش باللى حصلك ولا أى حد فى البيت.
أدم: بابا عرف وأطمن عليا وبعدها مشي لكن فى البيت محدش عرف وأنا الصراحة خايف من ردت فعل أمك وسارة وهيفضلوا يعيطوا ومش هيسكتوا وأنا الصراحة من ناقص وجع دماغ ومش فايق للحزن بتعهم علشان كدا مش هرجع البيت وهروح أقعد فى شقة المعادى بتاعتي لحد ما أخف.
فيروزة: هيخافوا عليك أوى ياأدم وهيسالوا عليك.
أدم: لا بسيطة دى أنا خليت بابا يكلمهم فى البيت ويقولهم أني عندي شغل وهسافر من برا برا.
تحدث "رائف" بضيق قائلا ً: يلا يافيروزة سيبيه يرتاح دلوقتى وهنبقى نزورك فى شقتك ياأدم وحمدلله على سلامتك لتانى مرة.
نهضت من مكانها وهى تقول: حاضر...حمدلله على سلامتك يادومي هبقى اطمن عليك كل شوية فى التليفون ياحبيبي.
أدم بأبتسامة: الله يسلمك ياقلب أخوكى خلى بالك من نفسك ياروزتى.
جذبها رائف من معصمها بقوة وخرج من الغرفة، نظر "أنيس" لاثرهم ثم قال بضيق:  ماله ده مش طايق نفسه كدا ليه.
نظر إليه "أدم" الذى قال بهدوء: مالك ياأنيس فى ايه.
جلس "أنيس" على المقعد وقال بحنق: الصراحة أنا مش بطيق البنادم ده بحسه سمج كدا ومش نازلي من زور بس أعمل ايه مضطر أتقبل وجوده عشان خاطر أختي.
تحدث "أدم" وهو يعتدل فى جلسته قائلاً: 
- ولا أنا حتى بطيقه ربنا يسامحك يابابا على الجوازة المهببة اللى حطيت فيروزة فيها.
أقترب منه عمران الذى قال بغضب: ممكن أفهم البيه لما حضنها قالها ايه .
نظر إليه أدم بدهشة: سيادة المقدم مالك فى ايه أنا كنت بحضن أختي عادى حضن بريئ والله مافيش أى حاجة حصلت. 
وضع "عمران" يديه فى جيب بنطلونه وقال بحده:  
- أحنا هنستهبل ياأدم هو أنت فاكرنى عيل قدامك هتضحك عليه بكلمتين.
أردف أنيس بعدم فهم قائلاً: هو فى ايه ياجماعة وبعدين ياسيادة المقدم فيها ايه لما يحضن أخته.
التفت برأسه بأتجاه "أنيس" ثم قال بهدوء: 
- وأنا ما بتكلمش على كدا الاستاذ فاهم قصدي كويس بس عامل نفسه مابيفهمش..بلاش الحركات دى عليا ياأدم أشحال أن أنا اللى مدربك وعارفك كويس فمتجيش تعملهم عليا ..ها زى الشاطر كدا  تقولي كنت بتقولها ايه خلاها تخاف بالشكل ده.
تحدث أدم بضيق: ما حضرتك عرفت ليه عاوزني أتكلم وأقولهولك تانى .
مسح "عمران" وجهه ثم قال: تعرف لوله أنك واخد طلقة لكنت جبت المسدس وفضيته فى دماغك الجزمة دى وخلصت من غبائك...أنت أتجننت ياأدم أزاى تقولها فى حاجة تخص جوزك عايز ابقى اقولك عليها وأبقى خلى بالك من نفسك انت كدا خوفتها بكلامك وهى هتقعد تفكر فيه ومش هترتاح.
أدم بحزن: أعمل إيه يعنى ياعمران من ساعة ما عرفت أن هو مش تمام خوفت عليها خايف ليأذيها زى ما أذاني .
أنيس: مين ده اللى أذاك وايه دخل رائف فى الموضوع ده.
نظر عمران إلى أدم بضيق ليتركهم مغادراً الغرفة قبل أن يفقد أعصابه عليه.

        ********************************
بعد اسبوعين 
ولج "عمران" إلى الصالون وأقترب من أخته وجلس بجانبها وهو يقول:
- أنا معرفش ايه اللى حصل مابينكم مخليكى زعلانة بالشكل ده أول مرة اشوفك متخانقة مع جوزك قوليلى هو عملك ايه.
هدى: ولا حاجة مجرد مشكلة بسيطة.
رفع حاجبه الأيسر ثم قال:  بسيطة ها ....أومال ليه طلبتى منه الطلاق مدام هى بسيطة.
نظرت إليه بدهشة قائلة: مين قالك أني عايزة أطلق.
أجابها عمران بهدوء: جوزك ياهدى..بجد أنا مصدوم يعنى ده أنتى كانوا بيضربوا بيكى المثل لأنك سعيدة مع جوزك ومفيش أى مشاكل مابينكم.
هدى بحزن: عشان محدش كان شايف حاجة ولا عارف ايه اللى بيحصل فى البيت بينه وبيني كله شايف اللى ظاهر خارجياً وبس...أنا صحيح كنت سعيدة معاه وراضية لكن هو اللى فقد نعمة الرضا صدقني أن هو اللى ساب الباب موارب للشيطان فزهقه من السكينة والرحمة زهق من حياتنا وبقى يدور على حياة تانية أحسن من اللى عايشها معايا ومبقاش فارق معاه مراته اللى بتحبه وقاعدة تحت رجله وبتتمنى له الرضا يرضى لكن هو اللى أتبطر على النعمة اللى فى أيده.
عمران: هو يمكن يكون غلط فى حقك وزعلك كمان بس متوصلش لطلاق ياهدى انتو ما بينكم عيال ودا غير أنا شايف أنه هيتجنن عليكى وكل يوم يجي لحد هنا علشانك وباين عليه الندم حاولى تديله فرصة تانية. أردفت والدتها قائلة: ياحبيبتي وبعدين الجواز ما بيخلاش من مشاكل طوله روحكم شوية.
هدى: وأنا قولت اللى عندي ومش عايزة أشوفه ولا أتكلم معاه أنا أستحملت ٣ سنين علشان خاطر بناتي لكن لحد هنا وكفاية مابقاش عندي طاقة. 
    ********************************

بعد منتصف الليل كانت مستلقية على الفراش نائمة نوم قلق، بعد لحظات شعرت فجأة بثقل بجانبها جعلها تنفض من على السرير فزعاً أوقدت النور لكنها لم ترا شيئاً ثم أخذت تستعيذ من الشيطان الرجيم، بعد مرور بضع دقائق عادت تستلقى مرة أخرى وما أن أغمضت عينيها وبدأت فى النوم شعرت بأنفاس ساخنة تداعب رقبتها ويد كبيرة تتحسس جسدها، فتلك اللحظة قذف قلبها رعباً وأزدات نبضاته عنفاً، فتحت عينيها ببطء شديد وهى خائفة ليزيد رعبها أكثر وهى تجد شئ مخيف على هيئة جسد بنادم لكن لونه أسود دامس يجلس فوقها ويغطى وجهه شعره الغزير فبدأت  تتساقط من عيناه قطرات دماً على وجهها، حاولت أن تتحرك لكنها لا تقوى على ذلك فشعرت بأن جسدها كله مخدر ومقيد، و كلما حاولت أن تصرخ لا يصل صوتها إلى حنجرتها..
بينما ذاك المخيف ظل أن يضغط بأنيابه على عنقها محاولاً أخذ روحها بيديه الغريبة التى تشبه يد الأشباح.
بينما هى تحول لون وجهها للزرقاً من الاختناق ولم تستطيع أن تتنفس فشعرت بأن روحها على وشك أن تفارق الحياة




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close