أخر الاخبار

رواية الليله يا بيبي الفصل الأخير بقلم مريم محمد غريب


 رواية الليله يا بيبي الفصل الأخير بقلم مريم محمد غريب

-أيوة يا ماما.. أيوة يا حبيبتي.. لأ أنا بطمن عليكي بس.. قدامك شوية كمان ؟
طيب بقولك يا ماما.. أنا هانزل دلوقتي.. مافيش حاجة القهوة خلصت.. هاشتري غيرها و مش هتأخر.. حاضر.. مع السلامة.

قفلت مع ماما و إلتفت ورايا على أمل ألاقيه أختفى مثلًا.. مش بيختفي !

كنت فاكرة إني بحلم.. لحد ما موبايلي رن.. موبايلي عمره رن و أنا جو أي حلم.. و ده إللي أكد لي إن ده مش حلم.. ده حقيقة ..

دلوقتي كنا في الصالة.. قاعد لسا بالفوطة حوالين وسطه و بيتأمل في المكان بفضول و اهتمام.. أنا ببصله و حاسة إني على شعرة.. ممكن أتجنن في أيّ وقت من الوضع المجنون إللي أنا فيه ...

-انتي بيتك صغير أوي يا مريم !

قال كده باسلوبه المستخف إللي رسمت بيه جزء من شخصيته للأسف ..

بصيت له بغضب و قلت بصوت حاد :

-لأ مش صغير.. جنابك بس إللي عايش في قصر ف بيتي بالنسبة لك أكيد صغير.. و بعدين بقولك إيه أعدل كلامك معايا أحسن لك أنا مش زي مراتك الهبلة.

قهقه بضحكة خطفت قلبي للحظات و قال :

-و مين إللي عمل منها هبلة مش انتي ؟ و بغض النظر عن مكانتك في حياتنا بس أنا ماسمحلكيش تغلطي فيها و خاصةً قدامي !

رفعت حاجبي و رديت عليه :

-لا و الله !
ده تهديد ؟ طيب وريني هاتعمل إيه يا باشا.. بس افتكر إن مصيرك انت و البيبي بتاعتك في إيدي هاه !!

حسيت إن تحذيري جه بفايدة لما شوفت نظرة الزجر في عنيه.. ابتسمت ابتسامة صغيرة استمرت ثواني بس.. قبل ما أهب فيه فجأة ...

-و بعدين أنا مش فاهمة انت طالعلي بالمنظر ده إزاي.. ماكنتش قادر تستر نفسك ؟ 

هز كتافه و قال :

-احمدي ربنا إني قدرت أسحب الفوطة عليا.. و إلا كنت صدمتك أكتر.. بس لو مش حابة تشوفيني كده هاتي أي حاجة ألبسها من عندكوا.

عقدت حواجبي و سألته :

-لأ ثانية واحدة معلش.. أجيب حاجة تلبسها إزاي ؟
هو انت تقدر تلبس !؟
قصدي يعني انت مش موجود في خيالي أنا و بس ؟
مش أنا بس إللي أقدر أشوفك و أكلمك !؟؟

هز راسه : لأ مش انتي بس.. أي حد غيرك ممكن يشوفني عادي.. بدليل إني قاعد على الأنتريه ده.. لامس الأرض برجلي.. ماسك.. إيه ده ؟ دبدوب ده و لا عروسة ؟

كان ماسك عروسة طفولتي "كرنبة" في إيده و هو بيتكلم و بيبص لها باستغراب ..

بص لي بتعبير متأذ و قال :

-إيه اللعبة المخيفة دي.. شكلها وحش أوي ..

-هااار اسود !!! .. علّقت على الكلام إللي قاله متجاهلة أي حاجة تانية 

-يعني انت بقيت شخص حقيقي ؟ يخربيتك.. أعمل فيك إيه دلوقتي ؟
أخرجك من بيتي إزاااي !!؟؟

بصلي من طرف عينه و قال بمنتهى البرود :

-هاتيلي سمر !

-أجيب لك مين يا بابا ؟

-هاتيلي سمر و فريال هانم و ولادي.. هاتيلي عيلة البحيري كلها و مراد صاحبي كمان و أنا أخدهم و أمشي من هنا بمعرفتي.

حطيت إيدي على وسطي و قلت له :

-مش عايز جورجينا بالمرة ؟ أؤمر و الله و لا تحب أجيب لك النسخة المصرية أحلى.. تمشي معاك ياسمين صبري !؟

اترسم على وشه تعبير مشمئز و هو بيقول :

-إيه القرف ده.. لا دي و لا دي.. أنا عايز سمر.. مافيش واحدة تملى عيني و لا قلبي غير سمر ..

ضربت كف في كف و أنا بحاول أمسك أعصابي :

-صبرني يارب.. إيه الورطة إللي أنا فيها دي بس ؟

أخدت نفس عميق و بعد ما حسيت إن ابتديت أهدا و أفكر كويس قلت له :

-قوم يا باشا.. قوم و تعالى ورايا يلا ..

مشيت ناحية الطرقة و هو ماشي ورايا طوعًا.. دخلنا أوضة أخويا.. فتحت دولابه و أنا بحاول أشوف أي حاجة تناسبه ..

أخترت له قميص كتّان أسود و بنطلون جينز قصير لأن طوله الفارع ده مش موجود مقاسه في دولاب "أحمد".. لاقيت سليبر بابا الله يرحمه في رف جانبي و حمدت ربنا لأن مقاس رجلين بابا كان كبير زي رجلين الباشا إللي ورايا ..

رميت له كل حاجة على السرير و قلت له و أنا بسيب الأوضة و بطلع :

-اتفضل ألبس الهدوم دي و حصّلني على برا.. و بسرعة عشان ماعندناش وقت ..

خرج لي بعد خمس دقايق.. كنت لبست الحجاب من تاني و جهزت و مستنياه ..
فضت بصاله أول ما خرج.. بتأمله و أنا لحد اللحظة دي مش مصدقة كل إللي بيحصل.. و إن "عثمان البحيري".. أشهر أبطال قصصي خرج من قصته و واقف قدامي بشحمه و لحمه.. حاجة و لا في الخيال !!!

-إيه.. معجبة و لا إيه ؟

قالها و هو بيغمز لما شافني باصة له أوي ..

تأففت بسأم و عملت كاني ماسمعتش حاجة.. جمعت حاجتي الأساسية تحسبًا.. اللاب توب في شنطتي و موبايلي و محفظتي ..

فتحت باب الشقة و بصيت فوق و تحت.. البيت هادي خالص.. ف شاورتله ينزل الأول و قلت له يستناني على أول الشارع.. نزل بسرعة.. و أنا استنيت دقيقتين.. و بعد نزلت وراه ..

قابلته على اول الشارع و مشينا سوا ...

-احنا هانمشي كتير و لا إيه ؟ فين عربيتك انتي ركناها بعيد ؟

اضطريت أرفع راسي لفوق شوية عشان أقدر أبص له و أنا بقول بسخرية :

-عربيتي !
انت فاهم غلط يا بيبي.. مش معنى إني رسمت لك حياة ماحصلتش و صنفتك من أغنى رجال المجتمع يبقى بالضرورة أكون زيك.. أنا إنسانة عادية جدًا.

بص لي باستياء و قال :

-عادية ؟ انتي معاكي عثمان البحيري.. انتي مش أي حد و ماينفعش تبقي عادية.

-يعني أعمل إيه مش فاهماك ؟ إيه إللي ممكن يتغيّر عشان أنا معايا عثمان باشا البحيري !؟

بص قدامه و شرد شوية.. و بعدين قال :

-للأسف مافيش حاجة ينفع تتغيّر.. أنا في العالم بتاعك ماليش أيّ وجود.. مقدرش أعملك حاجة.. إلا لو قدرت أخدك العالم بتاعي.. بس ده طبعًا مستحيل !

ضحكت و عقّبت على كلامه :

-أنا لما شوفتك قدامي الليلة دي اتأكدت إن مافيش حاجة اسمها مستحيل يا بيبي.

ابتسم و قال : معاكي حق.. طيب احنا رايحين على فين ؟ تيجي نطلع على الإسكندرية ؟

-لأ انت مفكرني صايعة بقى.. هاتطلب مني الجواز إمتى ؟ بس بقولك إيه ماليش في العرفي يا بيبي.

-أطمني.. مش هاطلب منك حاجة.. أنا مراتي مكفيّاني لدرجة إني مش شايف غيرها.

-يا كداااب.. ده أنا أكتر واحدة عارفة الفولة.. ده انت شوية و هاتشد في شعرك منها ..

ابتسم للمرة التانية و ماسمعتش منه رد تاني.. مشينا في صمت لحد ما وصلنا جزيرة المنيل سيرًا على الأقدام.. و الحلو إني ماسمعتش منه شكوة رغم إني خليته يمشي شوية كتير ..

أخدته في الممشى المحاذي للنيل.. المكان كان منوّر لكن هادي و ملائم جدًا.. في ناس بس مش كتير ..

وقفنا بعيد شوية و هو مشغول بتأمل المكان حواليه.. و أنا مشغولة بيه هو.. مبهورة.. و مش مصدقة ...

-هاتفضل باصص للنيل كتير ؟
بص لي !

و فعلًا إلتفت و بص ليا.. كان ساند بدراعه على السور الخشبي.. كان أجمل حاجة ممكن أشوفها في حياتي.. مثالي زي ما بتخيّله دايمًا.. لدرجة إن عيون الناس _ تحديدًا البنات _ إللي بيمروا من جنبنا مش بتتشال من عليه ...

-مش هاتقول خرجت من القصة إزاي ؟
لازم تفهمني قبل ما يحصلّي حاجة و أتجنن !!

-مش مهم خرجت إزاي.. أنا عارف طريق رجوعي و هقولك
بس الأول محتاج أتكلم معاكي.. دي فرصة كويسة عشان نتكلم ..

هزيت راسي :اتفضل.. أتكلم أنا سمعاك !

-مبدئيًا أنا خرجت بسببك.. انتي وقفتي كتابة تمامًا لأكتر من شهر و علّقتيني
عمرك ما عملتي كده في قصتي ..

حاولت أبرر.. بس سبقني و قال :

-مش بلومك و لا جاي مخصوص عشان كده.. أنا بس انتهزت الفرصة
خرجت عشان أقولك أرجوكي.. رجعيلي سمر.. و فريال هانم.. أمي.. مش هسامحك لو حالتها ساءت عن كده.. لو مارجعتش أحسن من الأول ..

-أنا مقدرة شعورك.. بس عايزة أفهمك حاجة.. زي ما أنا بتعامل معاك على الورق بتعامل مع أي حد تاني.. انت إللي بتقرر يا عثمان مش أنا.. كذلك سمر.. فريال هانم.. و كل إللي تعرفهم.. أنا مش بظلم حد.. أنا مجرد بكتب قرارات انت و غيرك في القصة واخدينها بقناعة تامة.. ده مش بيكون تفكيري فاهمني ؟

-فاهم.. فاهم كلامك كويس
و فاهم كمان إللي تقدري تعمليه.. انتي زي ما قولتيلي في بيتك
مصيري بين إيديكي.. عارف إنك بتسيبي نفسك لما بتكتبي.. عارف إنك بتفكري بدماغي لما بتكتبي عني.. و بتعملي نفس الشيء مع غيري
بس ماتنكريش إنك بتحددي الموقف الحاسم.. و بتحطي مسارات لحياتي أنا شخصيًا ..

سكت شوية.. و سألته :

-عايز إيه يا عثمان ؟ أنا مش بيّاعة ورد.. لازم القصة تكون منطقية.. واقعية !

حسيته بيكتم انفعالاته و هو بيرد بخشونة بسيطة :

-و دي مش قصة قاتل.. انتي شايفاني إزاي ؟
أنا مش قابل إللي بيحصل.. صلّحيه.. ولادي ذنبهم إيه ؟ فريال هانم ذنبها إيه !؟؟

سكت للمرة التانية.. و فكرت في كلامه و صدمته منغير حتى ما يعرف المستخبي عن مامته.. و كل إللي حصل فيها من قبل ..

سحبت نفس عميق.. و بدأت أتكلم بهدوء :

-لو تعرف إن كل ده كان مقدر يحصل من الأول خالص.. من البداية.. و في حياة ابوك
بكررهالك.. أنا ماظلمتش حد ..

مال ناحيتي فجأة و قال بهدوء شديد :

-انتي أكتر واحدة عارفة أهمية فريال هانم عندي
لو جرالها حاجة دي تبقى النهاية بالنسبة لي.. و انتي بردو عارفة إنك ماتقدريش تتحكمي في مشاعري ..

كلامه كان صح.. أنا بالفعل بكتب بانفعالات و مشاعر "عثمان البحيري".. و استحالة أسمح لمشاعري الشخصية تتوّسط أيّ حدث مهم أو حتى مش مهم ..

كله باختيار الشخصيات.. و خاصةً هو ...

-خلاص يا عثمان !

سأل بحذر : خلاص إيه ؟

-أنا بوعدك.. إني عمري ما هكسر قلبك.. أبدًا ..

و فورًا

لاقيت ملامحه ارتاحت.. و ابتسم بعذوبة و قال :

-و أنا واثق فيكي.. دايمًا واثق فيكي
أفتحي اللاب بتاعك.

انتبهت لكلمته الأخيرة.. و فعلًا طلّعت اللاب بتاعي من الشنطة.. سندته على سور الممشى و فتحته ..

بصيت له.. كان لسا مبتسم و هو بيقول :

-أول ما تبدأي تكتبي تاني هارجع.. و خليكي فاكرة.. أهميتك في حياتي ماتقلش عن أهمية حد تاني.. انتي في قلبي يا روما ..

مش عارفة ليه كلامه أثر فيا و صوتي بح و أنا برد عليه :

-و انت مش هاتفتكر حاجة من دي لما ترجع.. بس أنا كمان عايزة اقولك إن أحلى ذكريات عمري مرتبطة بيك.. و إنك مش شخصية خيالية 100%.. انت فعلًا موجود يا عثمان ..

ابتسم و ماردش.. و أنا رجعت أبص ناحية اللاب تاني.. فتحت ملف الوورد الخاص بالسلسلة و بدأت فصل جديد.. اخترت العنوان و حطيته ..

حسيت بإيده بتمسك إيدي فجأة.. و انحنى على إيدي عشان يطبع بوسة رقيقة جوا كفّي ..

خطف قلبي ..

رفع راسه و فاجئني للمرة التانية و هو بيقرب عشان ياخدني بالحضن.. اتصدمت و لسا هاعترض.. سمعته بيهمس :

-انتي فيكي لمحة من سمر.. فيكي كمان من فريال هانم.. عشان كده بحبك يا روما أد حبي ليهم بالظبط.. افتكري دايمًا إن عثمان البحيري بيحبك ..

و فجأة حسيت بفراغ ..

اختفى ..

تمامًا ..

كان لسا هنا.. بس خلاص مشي.. رجع ..

للحظة شكيت إن كل ده كان مجرد تخيّلات.. و سمعت موبايلي بيرن.. كانت ماما ..

ابتسمت و أنا ببص ناحية اللاب.. لعنوان الفصل الجديد و أنا بفتح الخط و برد على ماما :

-آلو.. أيوة يا حبيبتي.. لا أنا على وصول خلاص.. كنت بشم هوا بس.. آه اتبسطت أوي.. أنا جاية يا ماما.. مع السلامة !

أنا كمان بحبك "عثمان".. حتى لو الليلة دي مجرد خيال.. كانت من أحلى الليالي في عمري ...

                      تمت بحمد الله 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close