أخر الاخبار

رواية المعلم الفصل السادس والعشرون 26بقلم تسنيم المرشدي

       

رواية المعلم

الفصل السادس والعشرون 26

بقلم تسنيم المرشدي 


_ يجلس على الفراش مستند علي وسادة اسفنجية ، تتوسط هي صدره محاوطة خصره بذراعها ، يعصف بخلاياها مشاعر عدة ، تتخبط بين حيائها الشديد منه بعد خوض خطوة جريئة معه وبين شعور الأمان التي شعرت به بين أحضانه ، ناهيك عن مشاعر الخوف والشجن وبين الشغف والعشق ، تتعسر وتتعسر في أفكارها التي لا نهاية لها .. 


_ لن تنكر أنه بات شاغلها الأساسي ، لا تريد سواه ، ياحبذا عناقه القوي الذي يصل الي اوتارها من فرط قوته ، وها هي تستكين بين أضلعه بشعور مختلف كلياً ، مشاعر عدة تتخبط بينهم ، ما بين شعورها بأنها باتت امرأته ملكه قولاً وفعلاً وبين خجلها الذي ازداد أضعافاً ولا تدري كيفية النظر إليه بعدما حدث ، 


_ قطع حبل أفكارها غنائه بصوت عذب يحمل بين طياته الشوق والعشق وهو يداعب خصلاتها بنعومة :- 

_ حُسنً تجلي ، أسرني خلي ، قلبي مُتيم وعقلي فيه ، سِحرُاً فتني خلاني أغني وخلي روحي يا روحي  تروح إليك


_ وضع أصابعه علي ذقنها ورفع وجهها إليه مشكلاً ابتسامة عذبة علي ثغره ، شعور غريب يراوده لم يشعر بكونه رجل له حقوقه كما عليه واجبات ، للمرة الأولي يشعر بالراحة الكلية ، عقل بذهن صافٍ لا يعكره سوء التفكير ، قلب هادئ لا يشعر بأي اضطرابات ، كما يتغلغل الشعور الاقوي من بينهم وهو السكينة!


_ يشعر بأنها باتت مسكنه الوحيد الذي يتحلي بالهدوء والطمأنينة لطلاما افتقدهم كثيراً ، أعادت إليه شغفه وشعوره بالشجن حيال كل شئ ،


_ اقترب من وجهها ومرر أنامله علي شفتاها برفق وهمس قائلا :- 

_ بحبك 


_ سرت رجفة قوية في أوصالها الساكنة ، تقوس ثغرها بإبتسامة خجولة مرتبكة وهمست بصوت رقيق منخفض :- 

_ وأنا كمان!


_ داعب وجنتها بإبهامه بحركة ثابتة وهتف متسائلاً بخبث :- 

_ وانتي كمان ايه ؟


_ ابتلعت ريقها مراراً لكي تضبط حنجرتها وهمست بصوت متحشرج :- 

_ وانا كمان .. بحبك 


_ جن عقله عندما صرحت بحبها بتلك النبرة الخافتة ، لم يستطيع مقاومة جوارحه أكثر من ذلك لكن يجدر عليه ألا يخفيها منه فهي لازالت محاصرة بين خجلها لهذا التحول الكبير الذي حدث لها منذ قليل ،


_ تنهد بحرارة وأردف قائلا وهو يطالعها بشغف :-

_ تحبي تعملي ايه ، اطلبي اي حاجة وانا اعملهالك!


_ ضغطت علي شفتها السفلية بحياء وهي تفكر في شئ ما يفعلاه سوياً ، لم تأتي بفكرة جيدة فكل أفكارها بلهاء وهو سيرفض حتماً ،


_ هز ريان رأسه في محاولة منه علي فهم ما يدور في ذهنها وعندما فشل سألها مباشرةً :- 

_ بتفكري في ايه قولي اي حاجة انتي عايزاها متتردديش!


_ إلتوي ثغرها بإبتسامة خجولة وطالعته ببندقيتاها التي تنجح دائما في هز كيانه ، وهتفت بحماس :-

_ عايزة أروح الملاهي!


_ ضيق ريان عينيه بذهول شديد وهتف من بين ضحكاته :- 

_ اه عارف انك صغيرة بس معرفش أنك طفلة بالشكل ده ، ملاهي ايه اللي عايزاني اروحها؟


_ زمت عنود شفتاها متصنعة الحزن كما عقدت ذراعيها بتذمر ، سحب ريان نفساً لكي يستطيع مواصلة الحديث معها وردد مازحاً :- 

_ بزمتك تخيلي واحد شحط زيي يروح الملاهي!


_ تخيلت عنود صورته وهو يلهو ويمرح بين الألعاب ثم انفجرت ضاحكة ، لم تتوقف ضحكاتها بل ازدادت قهقهة ، شاركها ريان الضحك وأردف من بين ضحكاته :- 

_ كفاية ضحك أنا شكلي بقا وحش اوي!


_ توقفت عن الضحك بصعوبة ثم طالعته مرة أخري وهتفت متسائلة :-

_  هنعمل ايه ؟


_ غمز ريان إليها وأردف بثقة :- 

_ هننزل البيسين!


_ فغرت فاها بذهول وصاحت بعدم تصديق :- 

_ Now?


_ قطب ريان جبينه واردت بتهكم :- 

_ يعني هي الملاهي اللي تنفع Now?


_ إلتوي ثغرها بإبتسامة عريضة وهتفت :-

_ عندك حق ، بس انا مش معايا مايو أنزل بيه!


_ رفع ريان بصره للاعلي كأنه يفكر في شئ ما ، ثم أخفض بصره عليها وصاح بمكر :- 

_ ومين قال إننا هنحتاج لمايو أصلا؟


_ اتسعت مقلتيها بدهشة وعقدت ما بين حاجبيها مستنكرة حديثه وصاحت به :-

_ What?


_ قهقه ريان علي تعابير وجهها المشدودة وهتف موضحاً :- 

_ البيسين في اوضة مغلقة يعني محدش يقدر يشوفك غيري أنا وبس!


_ رفعت عنود أحد حاجبيها وتابعت مستاءة :-

_ أنت قولت لصحبك أن البيسين مشترك يعني ممكن ينزل ويشو...


_ قاطعها ريان بصوته الأجش :- 

_ حبيبتي انتي عارفة الساعة كام ؟


_ تلاحقت ضربات فؤادها من خلف كنيته لها بـ حبيبتي ، تقوس ثغرها بإبتسامة شغوفة مليئة بالسعادة كما إلتمعت عيناها وازدادت إشراقاَ ، أخرجت تنهيدة تحمل من الاشواق والامتنان قدراً ،

_ سألته بشجن فقط تريد سماعها لمرة أخري :-

_ قولت ايه ؟


_ عقد ريان ما بين حاجبيه متعجباً من سؤالها وهتف مردداً :-

_ بقولك انتي عارفة الساعة كام ؟


_ أماءت رأسها برفض لحديثه ، لا تريد سماع ذلك ، تنهدت وأردفت بنبرة خجولة :-

_  مش دي انت قولت حاجة قبلها!


_ هز ريان رأسه متصنع عدم الفهم وهتف متسائلاً :-

_ حاجة اي؟


_ أسرعت عنود في الحديث بتذمر :-

_  انت قولت حبيبتي!


_ انفجر ريان ضاحكاً وهتف ساخراً :-

_ طيب ما انتي سمعتي اهو عايزة تسمعيها تاني ليه ؟


_ ضيقت عيناها عليه مبدية تذمرها ثم نهضت من علي الفراش وسحبت الغطاء حول جسدها والتقطت أول ما جاء بيدها واردته سريعاً ، هرول ريان إليها ولازال يقهقه علي تذمرها الطفولي ،  لحق بها واجبرها علي الوقوف أمامه وأردف بنبرة حنونة :- 

_ انتي راحة فين يا روح قلبي 


_ رفعت عنود بندقيتاها عليه بذهول شديد ، لن تنكر أنه يعلم كيفية الدخول لها من ثغراتها كما يعلم كيفية معالجة الأمور بتمكُن ، حاولت الصمود أمامه وعدم إبداء أي معالم لرضاها ، فقط تريد سماع المزيد من كلماته التي تملئ غريزة أنوثتها  ويخفق لها قلبها ، فهم ريان لُعبتها وقرر مجراتها فيما تفعله ، 


_ ابتسم ثم انحني بجسده وبحركة سريعة منه لم تستوعبها بعد كان قد حملها بين ذراعيه ، حاوطت عنقه بيدها سريعاً من هول المفاجأة ، رمقته معاتبة تصرفاته المتهورة وأردفت بدلال :-

_  ينفع تخضني كده ؟


_ خفق قلب ريان لنبرتها التي آذابت قلبه من فرط رقتها ، ابتسم بشغف وهمس بنبرة عذبة :- 

_ ده انا لو أعرف أن بعد الخضة دي هقابل الرقة دي كنت خضيتك من زمان!


_ ابتلعت ريقها بخجل بالغ ثم دفنت رأسها في عنقه حتي لا يتقابلا في نظرة تثير الجدل بداخلها من خلف نظراته عليها ، 


_ سار ريان بالقرب من الباب فشهقت هي بذعر وهتفت متسائلا :- 

_ إحنا رايحين فين ؟


_ غمز إليها واجابها وهو يهبط إلي الأسفل :-

_ هننزل البيسين !


_ رفعت رأسها قائلة ورمقته بعدم تصديق وأردفت بنبرة متلعثمة :-

_ لا مينفعش هنزل كده ازاي ، ريان Please


_ لم يعُقب علي كلماتها المتوسلة التي تحثه علي التوقف ، وتابع سيره إلي الطابق الأرضي حيث يوجد به حمام السباحة ، وقف أمامه ثم اخفض بصره عليها قائلا بإبتسامة ماكرة :- 

_ هعمل فيكي حركة وحشة اوي!


_ هزت رأسها بعدم فهم وقبل تسأله عن تفسير حديثه المبهم كان قد ألقي بها في المسبح ، وضع يديه في منتصف خصره يطلق قهقهاته عالياً ، بدأت ضحكاته تدريجياً في الاختفاء حينما لم تطفو علي سطح المياه ، 


_ جلس القرفصاء يبحث ببصره عليها بشعور من القلق قد تغلغل بداخله ، سحب نفساً وهتف منادياً إياها بتوجس :- 

_ عنود..


_ تملك منه القلق حينما لم تجيبه ، ألقي بنفسه سريعاً باحثاً عنها ، تلاحقت نبضاته بصورة قاسية عندما وقع بصره عليه ملقاه علي الأرض لا يصدر منها أي حركة ، سبح نحوها بتوجس عارم ثم أمسك بذراعها وارتفع بجسده إلي الاعلي مسرعاً ،


_ وما أن أخرج رأسها من المياه حتي انفجرت ضاحكة بصوت عالٍ ، رمقها ريان بنظرات مبهمة ، لا يدري ماذا يحدث ، لماذا تضحك ؟ أهي بخير أم أن بها سوء ، لا يدري! ظل مثبت بصره عليها يتفحص ملامحها لكي يتأكد من عدم وجود أي مكروه قد مسها ، 


_ ابتلع ريقه وهتف متسائلاً :- 

_ انتي كويسة؟


_ لوهلة شعرت عنود بالندم الشديد حياله ، تلاحقت ضربات فؤادها من خلف خوفه البائن ، تنهدت واحتضنت وجهه بين يديها الصغيرة وهتفت بنبرة نادمة :- 

_ Iam fine أنا تمام!


_ رمقها ريان بعدم استيعاب لما حدث وردد قائلا :- 

_ يعني ايه اللي حصل ده؟


_ تقوس ثغرها بإبتسامة لم تتعدي شفاها وأجابته وهي تتحسس وجنته بنعومة :- 

_ It's a prank مقلب!


_ شهيق وزفير فعل ريان ثم احتدت ملامحه عليها ، تنهد بضجر وأردف محذراً :-

_  آخر مرة تعملي فيا كده تاني..


_ أماءت رأسها بالإيجاب نادمة علي تصرفها ، اقتربت منه وهمست أمام شفتاه :-

_  قلقت عليا ؟ 


_ أمسك ريان يدها ووضعها علي قلبه وهتف بحدة :- 

_ تقريباً دي إجابة كافية  علي سؤالك!


_ شعرت عنود بنبضات قلبه تكاد تخترق ثيابه من شدتها ، ارتخت ملامحها تأثراً بخوفه ، ثم اقتربت من شفتاه ووضعت قُبلة رقيقة عليهم وهمست نادمة :- 

_ Iam sorry ..


_ ابتعد عنها وصاح متسائلاً بعدم استيعاب بعد لما حدث :-

_  انتي عملتي كده إزاي ؟


_ إلتوي ثغرها بإبتسامة متعجرفة مليئة بالثقة وهتفت بتعالي :-

_ ممم يمكن لأني كنت بطل لوس أنجلوس في السباحة والغوص لمدة ٣ سنين!


_ صدح صفير ريان بإعجاب شديد ، وحاوط خصرها بذراعه لتكون هي حبيسة ذراعيه ، مال برأسه بالقرب من وجهها وهمس بفخر :- 

_ ده انتي طلعتي جامدة اوي!


_ ابتعدت قليلا عنه ورفعت إحدي حاجبيها قائلة بثقة مبالغة :- 

_ it's me ( إنها أنا )


_ ضيق ريان عيناه عليه وهتف بحنق زائف :- 

_ بقا انتي تخضيني !


_ تعالت قهقهات عنود عالياً ، وتفاجئت به يحاوطها بيده ورفعها للأعلي ثم ألقي بها مرة في المياه ، سبحت بعيداً عنه كما تبعها هو وظل يسكب المياه أعلاها ، بادلته عنود اللعب والمرح لوقت طال لساعات


_______________________________________


_ داعبت وجنتاه بخفة واقتربت من أذنه وهمست قائلة :-

_  خلودي قوم يلا 


_ بعد محاولات لإيقاظه ، فتح عيناه بإرهاق بادي علي ملامحه واردف بصوت ناعس :-

_  إيه ؟


_ تنهدت بضجر وهي تحاول مواصلة الحديث معه بنبرة هادئة :- 

_ قوم يلا انت نايم بقالك ساعتين وأنا عايزة انزل البيسين ، اتفضل قوم بالذوق عشان مضطرش اني اقومك بالعافية!


_ فتح خالد عيناه بثقل وهتف بحنق :-

_ يعني أنا لما اقولك انام ساعتين يبقوا ساعتين بالظبط!


_ نفخت أية بتذمر ونهضت من علي الفراش ثم وقفت أمامه واضعة يديها في منتصف خِصرها وصاحت بتذمر :-

_  خليك نايم أنا نازلة ..


_ تأفف خالد بضجر واعتدل من نومته ، تثائب بكسل وفرد ذراعيه ربما يشعر ببعض النشاط والحيوية ، رفع بصره عليها وهتف بإقتضاب :-

_ استني 


_ نهض وسكب بعض المياه علي وجهه سريعاً ثم خلع سترته وألقاها علي الفراش ، أقترب منها بخطي متمهلة وهتف بإقتضاب :-

_ اتفضلي لما نشوف اخرتها معاكي ايه؟


_ اتسعي ثغر أية بإبتسامة عريضة واجابته بنبرة مليئة بالحيوية عكس نبرتها الغاضبة منذ قليل :-

_ اخرتها دلع يا بيبي 


_ تشبثت في ذراعه كالطفلة وظلت تتراقص وتتغنج بجسدها بسعادة غامرة ، وصلٰا إلي الطابق السفلي حيث المسبح ، كانت تسرع آية في خطاها لكي تصل أسرع فهي لا تطيق الانتظار ، 


_ تصلبت قدماها عندما رأت ريان نائم علي حافة المسبح وتتوسط عنود صدره العاري بثيابها المنزلية المبللة ، تراجعت إلي الخلف حتي تلحق بخالد قبل أن يولج الي الداخل ويشاهد ذلك الوضع  ، وخصيصاً بأن عنود لا ترتدي حجابها ،


_ اصطدمت به وهي تستدير بجسدها ، خفق قلبها فزعا منه وكادت أن تصرخ عالياً لكنها وضعت يدها علي فمها سريعاً حتي لا تسبب ضجة  للأخرين ،


_ سحبت نفساً وعدلت من وتيرة أنفاسها المتسارعة وأمسكت بيد خالد قائلة :- 

_ تعالي نطلع أنا غيرت رأيي 


_ قطب خالد جبينه بغرابة من أمرها وهتف بحنق :-

_ أنتي مجنونة صح ، انتي مش بتزني من وقت ما جينا ودلوقتي مش عايزة!


_ أسرعت أية بالحديث قائلة بتعلثم :- 

_ حسيت اني تعبانة ومش هقدر أنزل المية هننزل وقت تاني ..


_ أخرج خالد تنهيدة بطيئة مليئة بالضجر وهتف بإصرار :- 

_ وانا مش هنزل غير الوقتي 


_ أجبرها علي التنحي جانباً ثم مر بجانبها دون أن يعبأ لندائتها عليه ، تجمد في مكانه حينما رأي صديقه في ذاك الوضع  ، استدار بجسده سريعاً ورمق أية بنظرات مشتعلة وصاح بها هدراً :-

_ مش تقولي أنهم جوة!


_ عقدت آية ما بين حاجبيها بغضب وأردفت بإقتضاب :- 

_ والله! ما انا حاولت امنعك وانت اللي اصريت دي غلطتي يعني ؟


_ نفخ خالد بضجر بائن ثم صاح بنبرة صارمة :- 

_ أنا كنت غلطان أصلا لما خدت فيلا مشتركة ، اطلعي حضري حاجتك خلينا نمشي من هنا 


_ اتسعت حدقتي أية بذهول وأسرعت في الحديث بنبرة متوسلة :-

_  إحنا ملحقناش نعمل اي حاجة!


_ رد عليه خالد بحنق وهو يصعد إلي الاعلي :-

_ مش مهم نعمل حاجة ما إحنا ياما عملنا ..


_ مررت أية بصرها علي الاخرين ثم صعدت خلفه بتذمر ، ولجت داخل الغرفة وشرعت في ارتداء ثيابها متعمدة تجاهله لكي يشعر بالندم حيالها ، لكن غضب خالد كان أكبر من أن يلاحظ حزنها السخيف ، 


_ أنهي ارتداء ثيابه ثم هبط الي الأسفل برفقتها وهم بمغادرة المكان سريعاً ..


___________________________________


_ وضع فنجان القهوة علي الطاولة بعدما أنهي احتسائه ، سحب نفساً عميق ورفع بصره الي أخيه وزوجته وقال متسائلا :- 

_ انت مش بترد علي مكالماتي ليه ؟


_ تنهد مؤنس بضجر واجاب أخيه بإقتضاب :-

_ مفيش 


_ انحني منصور بجسده الي الأمام قليلا وهتف بحدة :-

_ يعني انت جيت من عند ريان أخدت مراتك ومشيت من غير ما تفهمنا اي حاجة وبعدين متردش علي مكالماتي وتيجي الوقتي تقول مفيش  ، أصدقها أنا ازاي ؟


_ تأفف مؤنس بضيق ثم رمق زوجته الجالسة مقابلة وأمرها بالنهوض ، لبت زوجته أمره وولجت داخل غرفتها في هدوء تام، بينما اعتدل مؤنس هو الآخر في جلسته وأردف بنبرة معاتبة :- 

_ انتوا ضحكتوا عليا يا منصور فهمتوني أن البت هي اللي وحشة وعايزة تخطف إبنك ومحدش قالي علي المصيبة اللي انتوا عملتوها اللي فضحتوا بيها نفسكم قبل ما تفضحوها ، ازاي قدرت تعمل في بنت أخوك كده ؟


_ شعر منصور بالندم لكنه لا يريد الإعتراف بخطئه وهتف معترضاً :-

_ من حقي أخاف علي ابني ومكنش قدامي طريقة أطفشها بيها غير الطريقة دي واهي نفعت والزفت اللي إسمه ريان اللي لبسها مش ابني!


_ إلتوي ثغر مؤنس بسخرية وهتف مستاءً بفتور :-

_ انت لو سمعت هو بيتكلم عنها ازاي هتندم أنك ضيعتها من ايدك ، ده خلاني أنا اندم علي تربية بناتي اللي كنت فاكر اللي اني لما أسيب لهم مساحة في حياتهم ده قمة التحرر والديمقراطية ، يا اخي أنا من وقت ما رجعت من عنده وأنا محروج أبص لبناتي ، مش عارف ارفع عيني في عينهم بعد ما وافقت علي أنهم يكونوا بنات متحررين أكتشف إن ده قمة الانحدار والجهل ، أنا طلعت جاهل عن ديني يا منصور ومش عارف اصلح اللي بوظتوا وكنت فاكر إن ده رُقي وان ده الصح !


_ صمت مؤنس من تلقاء نفسه ليضبط وتيرة أنفاسه ثم تابع حديثه مضيفاً :-

_ انت خسرت بنت علي خُلق يا منصور  ده اللي أقدر اقولهولك ، أتمني تصلح علاقتك معاها عشان متبقاش خسرت مرات ابنك وبنت أخوك !


_ لوهلة شعر منصور بالندم حيال تصرفه مع تلك الفتاة ، لا يشعر لما شعر بالندم الأن ؟ ما الذي تغير حتي يشعر بذلك!


_ أخرج تنهيدة مليئة بالهموم والحزن ثم نهض ورمق أخيه بندم :-

_ أنا همشي يا مؤنس متزعلش مني اني حطيتك في موقف محرج زي ده 


_ نهض مؤنس هو الآخر وأردف قائلا :- 

_ يمكن ده تدبير ربنا اني افوق قبل ما بناتي تضيع مني ..


_ شكل منصور إبتسامة متهكمة لم تتعدي شفاه ثم استأذن وهم بالمغادرة ..


_________________________________________________

_ استيقظت علي ألم طفيف أسفل ظهرها ، فتحت عينيها ببطئ تستشف المكان التي تجهل معالمه ، نهضت بذعر وهي تجوب المكان بأنظارها ثم هدأت عندما تذكرت أنهما قد غفيا علي حافة المسبح ،


_ أخفضت بصرها علي ريان  وشكلت إبتسامة سعيدة علي محياها ، كم هو وسيم في نومه! حتي وعينيه موصدتان لم يفشل في جعل نبضاتها تتسارع ، ماذا فعلت بي أيها الرجل الثلاثيني؟


_ أسندت بمرفقها علي الأرض لكي تكون أقرب إلي وجهه ، طالعته بعشق كما روادها شعور من الرضاء لكونه في حياتها ، سمحت لأناملها أن تتخلل خصلات شعره الناعمة ، جذب انتباها لون بعض الخصلات التي تميل إلي البني الفاتح ، 


_ اقتربت منه أكثر لتتأكد مما رأته ، ابتسمت متعجبة من أمر تلك الخصلات الملونة دوناً عن غيرها ، لأول مرة تري بضعة خصلات فقط مختلفة اللون عن بقيتها ، حسناً ستعلم حقيقتهم  لاحقاً حتماً ،


_ أخفضت بصرها علي وجهه وتفاجئت بعيناه تطالعها في صمت ، ذعرت عنود وتعالت صراختها بخوف عارم من خلف نظراته عليها ، أسرع ريان بوضع يده علي فمها لكي يمنع صرخاتها التي دوت في المكان بصوت مرتفع ،


_ حاولت عنود أن تهدئ من روعها لكنها فشلت كأنها حُشرت بين خوفها ولا تعلم الخروج منه ، نهض ريان واعتدل من نومته وجذبها برفق الي حضنه لكي يهدئ من روعها ، مالت عنود برأسها علي كتفه وحاوطته بذراعها إلي أن استكانت بين أحضانه 


_ شعر ريان بهدوء نبضاتها عكس ما كانت عليه منذ قليل ، نهض لازالت هي متشبثة به بقوة وهتف بصوته الأجش :- 

_ لفي رجلك عليا..


_ فعلت ما أمرها به ثم صعد بها الي الطابق العلوي ووضعها علي الفراش برفق ، نزع عنها سترتها التي لم تجف بعد ولازال بها آثار للمياه ، كما نزع ثيابه هو الآخر واقترب منها برغبة وتمني ، فهو يريد التودد معها أكثر ولا يستطيع منع نفسه تلك المرة ، بينما تاهت هي معه إلي أن انجرفا معاً في تيار حبهم ...


_________________________________________________


_ نفخت بضيق شديد عندما فشلت في الوصول إليها ، حتماً حدث لها مكروه من خلفها ، هي من تسببت في ذلك وعليها إصلاحه لكن كيف فهي لا تعرف عنوان منزلها الي الآن ولا تملك سوي رقم الهاتف الخاص بعنود التي لا تجيب من الأساس ، إذا ماءا تفعل الآن لكي تطمئن عليها ؟


_ خرجت من شرودها علي ولوج يحيي من باب الجامعة ، تراجعت إلي الخلف ورددت برفض تام :-

_ لا أكيد مش هسأله عليها يعني !


_ تنهدت وهي تحاول إقناع نفسها بأن تتراجع عن ما يدور في عقلها ، لكن غلبها قلقها حيال صديقتها وسارت بإتجاه يحيي بخطي متريثة ، 


_ ابتلعت ريقها مراراً ثم نادت عليه بصوتها الناعم :-

_ باشمهندس يحيي ..


_ توقف يحيي عن السير حينما سمع إسمه ، استدار بجسده باحثاً عن مصدر الصوت ، اقتربت هالة منه بخطي متمهلة خجولة ، حمحمت بحرج وأردفت بنبرة متلعثمة :-

_ احم ، عنود .. أقصد يعني هي فين ؟


_  رفع يحيي كتفيه لعدم معرفته بمكانها الآن ، ورد عليها بإقتضاب :-

_ معرفش ، حاجة تانية؟ 


_ شعرت هالة بالخجل من خلف اسلوبه الجاف معها ، أجبرت نفسها علي التحلي بالصبر لكي تطمئن فقط علي صديقتها ومن ثم ستفر هاربة من أمامه ، 


_ تنهدت بحرج اكبر وأردفت متسائلة :- 

_ يعني هي كويسة اصل أخوك خدها فجاءة و...


_ قاطعها يحيي وأردف بنبرة محتقنة :- 

_ لما تشوفيها ابقي اسأليها اللي انتي عايزة تسأليه ، تمام!


_ أنهي جملته ثم أولاها ظهره وغادر ، رمقته هالة بنظرات مشتعلة ممزوجة بالذهول لإسلوبه الفاظ معها ثم قلدت نبرته قائلة بسخرية :- 

_ لما تشوفيها ابقي اسأليها اللي عايزة تسأليه تمام! بارد ومستفز ..


_ هزت رأسها مستنكرة عجرفته ثم سارت بإتجاه مدرجها وهي تعيد تقليده بحنق وتذمر شديد ..


_______________________________________ أمسك بيدها قبل أن تبتعد عنه وأردف متسائلاً :- 

_ لسه بتتكسفي مني ؟


_ شدت بأناملها علي الغطاء الملفوف حول جسدها لكي لا يسقط أثر تشبثه بها ، شعرت بالحرارة المنبعثة من وجهها حتماً صار كالبندورة ، التفتت إليه وطالعته بحياء ، جذبها ريان لحضنه وكاد أن يتحدث لكن رنين هاتفها أجبره علي الصمت ،


_ أخرج تنهيدة بطيئة وهتف بحنق :- 

_ مين اللي بيكلمك من امبارح؟


_ أجابته عنود بعفوية :- 

_ دي أكيد هالة عايزة تطمن عليا!


_ وقبل أن ينبس ريان بشئ آخر كانت قد جذبت هاتفها سريعاً واجابتها بنبرة خجولة :- 

_ هالة ..


_ تفاجئت عنود بإنفجار هالة فيها قائلة بإندفاع :-

_ انتي مش بتردي عليا ليه ، طمنيني عليكي انتي كويسة هو ضايقك ؟ اوعي يكون ضربك انطقي قولي عمل فيكي ايه ؟


_ صعق ريان مما سمعه منها وهتف مازحاً :-

_ وجلدتها كمان!


_ انفجرت عنود ضاحكة بينما وضعت هالة يدها علي فمها بحرج شديد كما التزمت الصمت لبرهة ، حاولت عنود السيطرة علي ضحكاتها وهتفت بصوت ناعم :-

_ أنا كويسة متقلقيش عليا بس مش هعرف اجي النهاردة الجامعة ..


_ سحبت هالة نفساً عميق لكي تستطيع مواصلة المكالمة ، وقالت بنبرة متلعثمة :-

_ متتأخريش عشان وحشتيني 


_ ضيق ريان عيناه علي عنود بتذمر وأسرع بالحديث قائلا بحنق :-

_ ايه وحشتيني دي محدش يقولها وحشتيني غيري !


_ اتسعت حدقتي عنود بدهشة ورمقته شزراً لوقاحته مع صديقتها وكادت أن تتحدث لكن كانت قد أغلقت هالة الخط من فرط خجلها ..


_ رفعت عنود أحد حاجبيها مستنكرة تصرفه وأردفت معاتبة :- 

_ ايه الرخامة دي ؟


_ اتسعت حدقتي ريان بذهول وأعاد تكرار ما تفوهت به :-

_ أنا رخم ؟


_ أماءت رأسها بالايجاب مؤكدة ما قالته ثم نهضت سريعاً قبل أن يصل إليها ، توقف ريان عن السير عندما سمع رنين هاتفه ، رمقها بتوعد ثم اتجه نحو هاتفه واجاب صديقه بنبرة حماسية :-

_ محدش شافك يعني شاطر بتسمع الكلام


_ قهقه خالد عالياً وردد بتريث :-

_  أنا رجعت أصلا ..


_ أبتسمت عنود عندما روادتها فكرة ما لكي تنتقم منه علي تصرفه الوقح مع صديقتها ، اقتربت منه بدلال وهي تتغنج وتتمايل إلي أن وصلت إليه ، جلست علي قدمه فحاوط ريان خصرها بذراعه لكي لا تقع ، 


_ اقتربت من شفتاه ووضعت قبلة عليها متعمدة تكرار فعلتها لكي لا يستطيع مواصلة حديثه مع صديقه ، رمقها ريان بنظراته التي تحثها علي التوقف لكن دون جدوي ..


_ أبعدها عنه وواصل حديثه متسائلاً بإهتمام :-

_ مشيت لي..


_ لم ينهي جملته بعد وقد قبلته ثانيةً ، تراجع برأسه الي الخلف وهتف :- 

_ مشيت ليه ؟


_ تنهد خالد وأردف بنبرة محتقنة وهو يفرك ذقنه بعصبية :- 

_ جه شغل مستعجل ، فكك انت مني المهم اتبسط أنا قولت اعرفك 


_ كاد أن يجيبه لكنها عاودت تكرار فعلتها ولم تدع له الفرصة في التحدث ، شعر خالد بحدوث شئ ما خاطئ وهتف مازحاً :- 

_ هكلمك بعدين شكلك مش فاضي الوقتي ..


_ ألقي ريان بهاتفه جانباً فتعالت ضحكات عنود قائلة بإنتصار :-

_ عرفت الرخامة بتكون ازاي ؟


_ ضيق ريان بصره عليها ثم ألقاها علي الفراش فتعالت ضحكاتها بينما هتف هو بمكر :- 

_ انتي اللي بدأتي استحملي بقا ..


_ ظهرت إبتسامة عريضة علي ثغر خالد عندما صغي لاصواتهم وأسرع بإغلاق الهاتف بينما حاولت عنود إيقافه عن دغدغتها وهتفت متسائلة :- 

_ هنروح لياسر أمتي ؟


_ احتدت ملامح ريان بغضب ثم نهض بتذمر وهتف بحنق :-

_ هو ده وقت يتقالي فيه ياسر ؟


_ شعرت عنود بالندم لكنها لن تترك له المجال حتي يقلب الطاولة عليها ، نهضت وسارت خلفه واجابته بنبرة ناعمة :- 

_ ده أحسن وقت نقرر فيه هنعمل ايه في اللي جاي ..


_ استدار إليها ريان عاقداً حاجبيه بغرابة بينما تابعت هي حديثها مضيفة :-

_ انت قولتلي ان اللي بعد كده حياة تانية مختلفة يعني إحنا لازم نصلح كل حاجة عشان نعرف نعيش الحياة اللي إحنا عايزينها ، أولهم نعرف ياسر اننا مش زعلانين منه ، وتاني حاجة تحط حد لرنا معاك!


_ اتسعت حدقتي ريان بذهول فهي لم يسبق لها وصرحت بعلمها بما يحدث من قبل رنا ، سحبت عنود نفساً عميق لكي تستطيع مواصلة حديثها ، عادت وجلست علي طرف الفراش ورفعت بصرها علي ريان ثم هتفت بنبرة محتقنة :-

_ أنا عارفة كل حاجة ، سمعتها وشوفتها بعيني يمكن تصرفاتها معاك اللي خلتني أخد خطوة من نحيتك ، كنت خايفة تتأثر بيها أوي وخصوصاً أنك كنت ضعيف ومضغوط في الوقت ده ، أنا مش ندمانة اني حضنتك يومها أنا كنت فاكرة اني هدواي حزنك وقتها بس انا اللي كنت محتاجة الحضن ده ، انا اللي كنت ضعيفة ومحتاجة أقوي ووقتها كنت قوية بيك انت ..


_ كان يصغي لها بإهتمام بالغ ناهيك عن تأثره بحديثها ، سحب نفساً عميق وسار نحوها بخطي متمهلة ، جلس بجوارها واحتضن يدها بين قبضتيه وهتف متسائلاً :- 

_ ليه بتقوليلي الكلام ده الوقتي ؟


_ أخرجت عنود تنهيدة بطيئة ورمقته بشغف :-

_ ريان أنا بحبك اوي ومش عايزة اي حاجة تاثر علي حياتنا ، أنا متفهمة أن ظروف جوزانا كانت غريبة ويمكن كان غلط أصلا اننا نت.. 


_ قاطعها ريان بوضع إصبعيه علي فمها وتابع هو مستاءً من حديثها :-

_ متكمليش ، انتي أحلي حاجة حصلتلي كفاية إني لقيت نفسي معاكي ، عنود أنا كنت واحد فاضي كل اللي بيعمله أنه بيرضي غيره وبس أنا نفسي مكنتش بهتم أنا محتاج ايه وحقوقي ايه عليا ، تخيلي ١٦ سنة كان الحل بسيط جداً ومحدش قدر يوفرهولي ، انتي جيتي في لحظة وفرتيلي احتياجاتي ، انتي يومها محضنتنيش حضن عادي انتي داويتي وعالجتي ورجعتيلي الأمان اللي عمري ما حسيت بيه ، خلتيني اثق بنفسي وبرجولتي واعيش احتياجي مع مراتي حلالي ، وفرتيلي كل حاجة عشان كده انا مرعوب أنك في يوم متتقبليش الوضع اللي اتحطيتي فيه وتمشي ، أنا خايف تسبيني وتمشي بجد !


_ تفاجئت عنود بتصريحاته التي تصغي إليها لأول مرة ، فتلاحقت ضربات فؤادها المتدفق في الادرينالين المندفع في شرايينها ، خفق قلبها بشدة تأثراً بخوفه ، لم يكن أمامها سوي معانقته بكل ما اوتيت من قوة وهتفت بثقة :-

_ أنا عمري ما هسيبك أنا هستحمل اي حاجة عشانك!


                  الفصل السابع والعشرون من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close