أخر الاخبار

رواية لقد عادت من اجل الانتقام الفصل التاسع والاربعون 49 والاخير بقلم جوهرة الجنة

           

رواية لقد عادت من اجل الانتقام 

الفصل التاسع والاربعون 49 والاخير 

بقلم جوهرة الجنة


مليكة :أدم أخبرها أن حياتك ستصبح في خطر إذا ظلت هنا و حاول كثيرا حتى أقنعها بقراره لكن الفرق أن وعد ستسافر بإرادة والدها و ستخفي موضوع ماسة عنهم و قد حدث هذا و سافرنا معا لأمريكا و كنا مع وعد حتى أصبحت بهذه القوة و عدنا للمغرب قبل سنتين. 


صمت عم المكان و الصدمة مرسومة على وجه رعد و فكرة واحدة تدور في عقله أنه السبب في بعدها، أما وعد فكانت تراقب ملامحه و تعلم جيدا فيما يفكر لكنها لا تستطيع التحدث أمام أدم و مليكة و قررت أن تحادثه فور خروجه ليقاطع أفكارهم نزول مالك الذي صعد في الأول بإشارة من والده.


مالك بملل: ألم تنتهوا من الكلام بعد.. حقا مللت من الجلوس وحدي في الأعلى.


وعد: تعال يا حبيبي اجلس بجانبي يبدو أنه لديك الكثير لتخبرني إياه لدى مللت بهذه السرعة.


مالك :في الحقيقة أجل.


وعد :ماذا حدث.


مالك: أنت تعرفين صديقي وائل.


وعد: أجل ذلك الطفل الأكبر منك بأربع سنوات و الذي لا يطاق و أخبرتك من قبل أنه ليس صديقا جيدا.


مالك: أجل هو اكتشفت أنه يصادق الكثير من الفتيات الأصغر منا و طلب مني أن أصادق فتاة معي في الصف.


وعد :حقا و ماذا فعلت أنت.


مالك: في الحقيقة كنت سأفعل ما قاله خاصة أن أغلب الأطفال يصادقون الفتيات و يقضون ساعات على الهاتف يحادثونهم لكني عندما كدت أقترب من تلك الفتاة تراجعت فهي فتاة لطيفة و لا تستحق أن يضحك عليها أحد و تذكرت كلامك عندما قلت أن الشاب أيضا أن يحافظ على نفسه مثلما يريد أن تحافظ أخته أو زوجته مستقبلا على نفسها و يعتبر جميع الفتيات إخوته حتى يرزقه الله بالزوجة التي تصون عرضه فقررت أن أنفذ كلامك.


وعد :لا تعلم كم أسعدني تصرفك و أنا حقا فخورة بك و لكن ماذا فعلت مع وائل.


مالك: ابتعدت عنه بعد أن رفض أن يتغير و حاول إقناعي بأفعاله ففضلت أن أبتعد عنه.


وعد :هذا أفضل شيء فعلته.


نظر له أدم بفخر و حمد الله على رزقه بإبن مثل مالك و لم تكن مليكة تختلف عليه في الرأي أما رعد فابتسم على هذا الطفل و تمنى أن يرزق بطفل مثله و تكون وعد والدته.


رعد في نفسه :أنا متأكد أنك ستكونين أفضل أم.. أنا حقا محظوظ بك.


إندمج الجميع في الكلام ، و من يراهم يعتقد أنهم نسيوا ما تحدثوا فيه منذ قليل خاصة مرح مالك أحيانا الذي كان يضيف لمسة من السعادة على حديثهم كما أعجب رعد بشخصية أدم و تفاهموا رغم أنه السبب في بعده عن وعد. 


مضت ثلاث ساعات كسرعة البرق عليهم لدرجة لم يشعروا بها فاستأذنت وعد ليغادروا و رافقهم أدم و مليكة للباب.


مليكة: لا أعلم لما أنت عنيدة لهذه الدرجة و لا تريدين أن تتغدوا معنا على الأقل.


وعد :مرة أخرى بإذن الله و لا تنسي زواجنا بعد شهر يعني توجد الكثير من الإستعدادات لنقوم بها.


مليكة: أنا أعلم هذا و سأكون أول الحضور بإذن الله.


وعد: لا يا حبيبتي ليس أول الحضور و إنما ستكونين معي قبل الزفاف بليلة أم أنك لن تساعدي أختك الصغيرة في تجهيزها.


مليكة :كيف لا أساعدك و أنت أكثر من أختي و يا سيدتي إذا أردت أرافقك الأن و أساعدك في كل شيء.


أدم باعتراض :ألا تريدي أن تعيشي معها أفضل يا حبيبتي... قالت ستذهب معها الأن إحمدي الله أنني سأسمح لك بالذهاب و المبيت عندها قبل الزفاف بليلة غير ذلك لا تتوقعي مني شيئا.


وعد :لا أعلم إلى متى ستظل تغار مني هكذا.


أدم :بالعكس أنا لا أغار منك و إنما أغار على مليكة و لا أطيق غيابها عني.


وعد بابتسامة :أنا أعلم كنت أمازحك فقط.


أدم :وعد رعد أنا أعتذر منكما.


وعد و رعد :على ماذا.


أدم :بسببي افترقتم لسنوات طويلة.


وعد :لا داعي لأن تعتذر... صحيح أن البعد كان مؤلما لكن ربما لو لم نبتعد لإختفى حبنا لكن الأن إزداد حبنا لبعض و أصبح أقوى من الماضي و حبنا كاف ليواجه صعوبات الحياة.


رعد بابتسامة :أنا أتفق مع وعد و أيضا قرارك كان صحيح لو لم تبتعد وعد لما أصبحت ما هي عليه الأن و لما استطاعت التخلص من الزعيم و أمثاله.


أدم :صحيح ذكرتني بهذا الموضوع..ماذا ستفعلي يا وعد بخصوص عملك في الاستخبارات و المافيا.


وعد :بالنسبة للمافيا لقد تخلصت ممن كانوا سيشكلون خطرا علي فلا داعي لأن أبقى معهم أما الاستخبارات فسأقدم استقالتي فلا فائدة من عملي بها ما دمت تخلصت من سببي لدخولها.


ودعتهم وعد، و غادروا متجهين نحو البحر نظرا لطلب رعد الذي شرد في الطريق، و عقله لا يتوقف عن التفكير، و رغم أن وعد لاحظت شروده لم تحادثه تاركة له الحرية في ترتيب أفكاره. بعد نصف ساعة وصلوا أمام البحر و نزلوا و وقف رعد يراقبه بهدوء بينما وعد جلست مباشرة على الرمل.


وعد :إجلس يا رعد.


رعد :هل جننت يا وعد لتجلسي على الأرض.


وعد :لا تكبر الموضوع و إجلس ثق بي الجلوس على الرمل أمر ممتع.


تردد رعد في الأول لكنه حسم الأمر و جلس مستمتعا بنسيم الهواء فقالت وعد :تستطيع التحدث الأن.


رعد :و كأنك لا تعرفي ماذا أريد أن أقول.


وعد: كيف علمت بشكوكك في سبب سفري أليس كذلك.


رعد :أجل.


وعد :أتتذكر لقاءك مع حسناء.


رعد بتفاجئ: حسناء.. كيف علمت بهذا الموضوع.


وعد: أنا وضعت حارسا شخصيا لكل شخص من العائلة و كل تحركاتكم تصلني و لقاءك بحسناء تم تسجيله صوتا و صورة.


رعد بعدم تصديق :أنت تراقبيني.. حقا لا أصدق هذا.. هل لهذه الدرجة لا تثقي بي حتى تكلفي شخصا لمراقبتي.


وعد :لا يا رعد ليس كما فهمت.. أنت أكثر شخص أثق به.


قاطعها رعد قائلا بغضب: و لأنك تثقي بي كلفت شخصا لمراقبتي.. حقا أنت تثقي بي.


وعد: يا رعد.


رعد :لا تحاولي تبرير تصرفك هذا فأنا أعتبره تدخلا في خصوصيتي.. و أنا متأكد أنك لا ترغبين أن يتدخل أحد في خصوصياتك لكنك فعلتها معي.


وعد :يا رعد رجاءا إسمعني لقد فعلت هذا من غيرتي عليك.. أنا لا أطيق أن يقترب جنس النساء منك.. أنا أعلم أنني أخطأت لكني لم أعي لما أفعله في ذلك الوقت.. غيرتي أعمتني و تصرفت بتهور.. أنا أعرف هذا.. أنا حقا أسفة.


كاد رعد أن يتحدث لكن منعه رنين هاتفه فأخرجه و رأى الرقم مسجلا بإسم سلمى الذي رأته وعد و غضبت بشدة عندما قال رعد :نعم سلمى.. من أنت... حسنا لكن ماذا حدث لها.. ماذا.. أنا آت فورا أرسلي العنوان لي.


استقام رعد مسرعا فقالت وعد: رعد إلى أين.


رعد :لدى شيء مهم لأقوم به و تذكري أني لن أنسى فعلتك هذه و إياك أن تكرريها لأني لن أسامحك عليها و ستري وجهي الآخر في ذلك الوقت.


غادر رعد تاركا وعد بمفردها و أخد سيارة أحد الحراس و غادر بسرعة بينما وعد راقبت سيارته حتى ابتعدت عن مرمى نظرها و أمسكت رأسها بين يديها الذي ألمها من كثرة التفكير.


وعد :من هذه الفتاة يا ترى... أكاد أجن.. لا لن أنتظر حتى يعود سأتتبع خط سير سيارته. 


أخرجت وعد هاتفها، و بدأت تعبث قليلا به لتظهر خريطة مرتبطة بنظام السيارة التي أخذها رعد، و رأت سيارته لا زالت تسير، فوقفت تنوي اللحاق به لكن، و في أخر لحظة صدحت كلماته في عقلها "تذكري أني لن أنسى فعلتك هذه و إياك أن تكرريها لأني لن أسامحك عليها و ستري وجهي الآخر في ذلك الوقت"، فرمت الهاتف أرضا، و أعادت شعرها للخلف، تلك الحركة التي توحي لمدى غضبها و هي تشعر بنفسها عاجزة عن فعل شيء ما. 


وعد :اللعنة.. لما كلما أقول أن الأمور أصبحت جيدة يظهر شيء ليعيدني لنقطة الصفر.. يا رب أنر طريقي و دلني على الطريق الصحيح.


سمعت وعد صوت بكاء لفت إنتباهها، لتستدير و تجد فتاة في الخامسة من عمرها تجلس بمفردها و الدموع تنهمر من عينيها بقوة، فحملت هاتفها، و وضعته في جيبها ثم اتجهت لها و جلست أمامها.


وعد بابتسامة :ما بها الأميرة الصغيرة تبكي.


نظرت لها تلك الطفلة بعينيها ذات النظرة الطفولية الممزوجة بالدموع و الحزن و إزدادت في وتيرة البكاء فقالت وعد بحنان :أخبريني ما بك أيتها الجميلة ربما أستطيع مساعدتك.


لم تجب الطفلة بل ظلت على حالها فقالت وعد: كنت أود أن أتعرفك عليك فأنت تبدين مثل الأميرة لكن ربما أخطأت فالأميرة تكون قوية و لا تبكي بسهولة... و نسيت أيضا الطفلة الشجاعة عندما تقع في مشكلة أو لا تجد عائلتها تستعين بأحد كبير ليساعدها و يعيدها لأهلها.


الطفلة :حقا ستساعديني لأعود لأمي.


مسحت وعد دموعها بحنو قائلة :و هل أستطيع رفض طلب لفتاة جميلة مثلك و لكن أولا أخبريني إسمك.


الطفلة بخفوت: شجن.


وعد بابتسامة :إسمك رائع يا شجن أحببته كثيرا و أنا إسمي وعد.


شجن: إسمك أيضا جميل.


قبلت وعد وجنتيها: أنت الجميلة.. أخبريني الأن ماذا حدث لك.. و أين أمك. 


شجن: كنت ألعب بجانب البحر و رأيت طائرة ورقية فلحقت بها لأمسكها لكني لم أستطيع و عندما أردت العودة لم أتذكر الطريق.


وعد :حبيبتي يا شجن.. حسنا أنا سأساعدك في إيجاد والدتك و لكن ستعديني أنك لن تكرري ما فعلته مجددا و يجب أن تخبري والدتك أولا قبل التحرك.


شجن: أعدك.


وعد :فتاة مطيعة هيا بنا الأن. 


شجن: و لكني لا أستطيع المشي على رجلي. 


إنتبهت وعد لرجليها حيت كانت حافية القدمين و اكتساهم اللون الأحمر فقالت: هل كنت تمشين طيلة الوقت بلا حذاء. 


شجن :أجل. 


أشارت وعد إلى أحد الحراس فأتى مسرعا قائلا :نعم سيدتي. 


وعد :أحضر علبة الإسعافات الأولية من السيارة. 


الحارس :أوامرك. 


أحضر لها الحارس طلبها و بدأت تداوي تلك الجروح التي كانت في رجلها و تضع الضماد حول رجليها ثم حملتها بينما الحارس أخذ العلبة و أعادها للسيارة. 


وعد :هيا بنا نبدأ رحلة البحث.


شجن: هيا بنا.


بدأت وعد تمشي متجهة للجهة حيث يوجد الناس لأن المكان الذي كانت تجلس به فارغ، و لا يأتي له أحد إلا قليل، و استدارت حول صخرة كبيرة ليظهر مكان مليئ بالناس، فبدأت تبحث وسطهم عن والدة شجن حتى لمحت إمرأة تبكي، و تنطق كلمة إبنتي، و بعض النساء يحاولون تهدأتها، و بجانبها رجل يدخل غير مبال لها.


شجن بسعادة: أمي.


لاحظت وعد نظرات شجن مصوبة على تلك المرأة، فإتجهت صوب ذلك التجمع و ما إن اقتربت منهم صرخت شجن قائلة :أمي..أمي.


استدار الجميع نحوهم فأسرعت تلك السيدة التي كانت تبكي تحمل شجن و تمطر عليها بوابل من القبلات.


السيدة: طفلتي العزيزة أين إختفيت أخفتني كثيرا عليك.


شجن: أنا كنت ضائعة و لم أستطع العودة لولا وعد.


رفعت تلك السيدة عينيها نحو وعد التي تراقبهم بابتسامة و قالت: لا أعرف كيف أشكرك.. أنت أعدت لي حياتي.. شكرا جزيلا.


وعد: لا داعي لتشكريني أنت فقط إنتبهي لإبنتك أكثر كي لا يتكرر ما حدث. 


السيدة: لن أعيد خطئي مجددا.


قالت إمرأة: و كأن هذه المسكينة تركت الطفلة برغبتها و السبب الرئيسي فيما حدث زوجها الذي لا يهتم لشيء و لو لم يجادلها على أشياء تافهة ما كانت الطفلة لتضيع.


تغاظت وعد عن حديث المرأة فهي لا تريد التدخل في حياة أحد و قالت: أستأذن منكم الأن.. وداعا يا شجن.


لوحت لها شجن بيدها علامة التوديع لتلتقط مسامع وعد قبل أن تغادر كلمات ذلك الرجل الذي يدخن قائلا: صرعتني ببكائك يا إمرأة.. إبنتك معك الأن فكفي من تصرفاتك الغبية الان.


هزت وعد رأسها بأسى على تلك الطفلة التي إتضح أن والدها قاسيا و إنفطر قلبها عليه و غادرت المكان مستقلة سيارتها بعد أن أمرت الحراس بالعودة للقصر و سارت هي بسيارتها للشركة كوجهة لها.


كانت وعد تسوق و هي شاردة في علاقتها مع رعد، و فكرة الفراق تؤلم قلبها إلى أن شعرت بألم في بطنها يراودها من حين لأخر خلال الأسبوعين الماضيين، فوقفت على جانب الطريق تحاول تنظيم أنفاسها و تضغط على بطنها.


وعد بألم :يا رب ألهمني الصبر لأتحمل هذا الألم.


شعرت وعد بشيء يتسرب أسفلها فرأت الدماء مما أرعبها فهذا ليس موعد عادتها الشهرية و حتى الألم الذي شعرت به ليس طبيعيا فأخذت هاتفها تحاول التماسك لتتصل برعد لكنه لم يجب لتحاول مجددا بلا فائدة.


وعد :ليس الأن يا رعد.. أرجوك أجب.


رمت وعد هاتفها بإهمال في السيارة ليقع على أرضيتها أما هي فحاولت السياقة، و جاهدت لتتحمل ألمها، و نجحت أخيرا في الوصول أمام المستشفى، و دخلت و هي تمسك ببطنها كاتمة ألمها، و ما إن رأتها أحد الممرضات أسرعت تأخذها لغرفة الكشف لتسرع أخرى تنادي على طبيب.


عند رعد وصل أمام مستشفى العائلة بثبات و اتجه ناحية موظفة الإستقبال.


رعد :غرفة سلمى المنصوري.


موظفة الإستقبال :لحظة سيد رعد.. إنها في الطابق الثالث الغرفة رقم ثمانين.


رعد: شكرا.


استقل المصعد متجها ناحية الطابق المنشود ليصل خلال ثواني و يجد فتاة في أواخر الثلاثين تجلس أمام الغرفة فاتجه ناحيتها قائلا :كيف حال سلمى.


الفتاة :سيدي هي الأن في الداخل يفحصها الطبيب.


رعد :حسنا و لكن ماذا حدث لها بالضبط.


الفتاة :إنخفض ضغطها و فقدت الوعي.


وقف رعد جانبا ينتظر الطبيب ليخرج و يبلغه عن حالة سلمى و عقله يفكر في تصرف وعد الذي أشعره أن وعد تقلل من قيمته بهذه الطريقة إلى أن قطع شروده خروج الطبيب.


رعد ببرود :دكتور كيف حال المريضة الان.


الطبيب :هي الآن بخير و لكن يجب أن تحرصوا على صحتها أكثر و أبعدوها عن أي شيء قد يسبب لها ضغطا.


رعد :هل ستحتاج لتغيير في نظام الأكل.. أقصد من أجل مرض السكر الذي تعانيه.


الطبيب: لا حاجة لذلك فقط لا تتعب نفسها و تداوم على الدواء الذي سأكتبه لها.


رعد :هل أستطيع الدخول لها الآن.


الطبيب: بالتأكيد.


أشار رعد لتلك الفتاة لتلحق بالطبيب و تأخذ وصفة الدواء بينما هو كان سيدخل للغرفة عندما أوقفه رنين هاتفه فوجدها وعد فقطع الخط قائلا :ليس وقتك يا وعد. 


أرجع رعد هاتفه إلى جيبه بعد أن جعله على الوضع الصامت ثم دخل للغرفة قائلا بابتسامة: يا ترى كيف حال الفاتنة سلمى.


أجابته تلك المرأة النائمة في سرير المستشفى في منتصف السبعينات قائلة بصوت خافت: رغم سنك ستظل كما أنت لن تتغير.


رعد: أنا أتغير مع الكل إلا معك.


سلمى: كيف حالك بني.


رعد: أنا بخير الحمد لله و أنت كيف أصبحت.


سلمىٍ :أنا بخير ما دمت أنت بخير هذا كل ما يهمني.


رعد بعتاب: حقا يا سلمى أنت تهتمين بحالتي و ترتاحي إذا كنت بخير لكنك لا تهتمي بنفسك.


سلمى :يا رعد أنت إبني الذي لم ألده لذلك أهتم بحالتك أما أنا فأجلي قصير و لن أطيل في هذه الحياة.


قبل رعد جبينها و يدها قائلا: فليطل الله لنا في عمرك..أنت لا زلت ستعيشين و تحضري زفافي بوعد و تربي أبنائي كما ربيتني.


سلمى بسعادة: حقا يا إبني هل ستجتمع أخيرا بوعد.


رعد: أجل رغم أن ما علمته اليوم أغضبني لكني لا أستطيع البعد عنها.


سلمى: يبدو أنه فاتني الكثير.


رعد: أجل و سأرى الطبيب إذا سمح لك بالخروج سنذهب للمنزل و أخبرك بكل شيء.


قاطعهم صوت طرقات على الباب يليها دخول الفتاة المكلفة بالعناية بسلمى قائلة: سيدي لقد أخذت جميع التعليمات اللازم تتبعها من أجل حالة السيدة و الطبيب قال أنها تستطيع الخروج.


رعد: حسنا أمينة ساعديها على التجهز و أنا سأنتظركم في الخارج.


خرج رعد من الغرفة و أخرج هاتفه ليرى إتصالا فائتا من وعد فإتصل بها مجددا لكن الهاتف مغلق ليتصل على مارك الذي أجابه خلال ثواني.


مارك: نعم سيدي.


رعد ببرود: مارك هل تعلم أين وعد.


مارك: علمت من الحرس أنها ذهبت للشركة.


رعد: حسنا.


أغلق رعد الهاتف يفكر في تصرفه إن كان صحيحا أو لا و يحاول تقبل ما فعلته وعد لكن كلما تذكر أن فعلتها تمس برجولته يغضب إلى أن خرجت سلمى تسندها أمينة فأسندها هو بدلا عنها و إستقلوا السيارة متجهين نحو منزل سلمى.


وصل رعد بعد نصف ساعة من القيادة أمام منزل مكون من طابق واحد يحتوي على غرفتين رئيسيتين، واحدة لسلمى و الثانية للضيوف، و غرفتين أصغر حجما للخدم و مطبخ و حمام و غرفة الجلوس ،ليجدوا الخادمة حضرت الغذاء فجلسوا ليأكلوا في هدوء.


بعد أن أنهوا غذاءهم اخذ رعد سلمى إلى غرفتها و عدل وضعيتها على السرير، فأعطتها أمينة أدويتها ثم غادرت و تركتهم بمفردهم، فضربت سلمى على رجليها بخفة ليفهم رعد طلبها، و يتجه للجهة الثانية من السرير و ينزع حذاءه ثم يضع رأسه فوق رجليها، و تبدأ سلمى بتحريك أصابعها على رأسه.


سلمى :قل ما لديك يا رعد.


ابتسم لها رعد و بدأ يقص عليها ما حدث منذ عودة وعد و الأسرار التي كشفت و أخبرها في الأخير مراقبتها له الذي أغضبه بشدة.


سلمى :كل هذا حدث و أنا هنا لا أعلم شيئا.


رعد :كنت سأخبرك و لكن لم أجد وقتا لأتي لك.


سلمى :الحمد لله أن كل شيء مر على خير و لكن أنت أخطأت يا رعد.


رعد باستغراب :أخطأت.. في ماذا.


سلمى :عندما حكمت على وعد بهذه الطريقة و تركتها وحدها.


استقام رعد قائلا :حقا يا سلمى بعد كل ما فعلته تدافعي عنها أمامي.


سلمى :أنا لم أقل أن وعد لم تخطأ و لكن هل جربت أن تضع نفسك مكانها.


فكر رعد قليلا في كلام سلمى و لكن ما إن تذكر أنها تراقب كل خطواته ظهر عدم الاقتناع على ملامحه فوضعت سلمى يدها على الجهة اليسرى من صدر رعد حيث يمكث قلبه و قالت: هذا عندما يدق لشخص و تصل به لدرجة الغيرة يلغي عقله تماما و يفعل أي شيء ليخمد نيران الغيرة.


رعد :ربما أتفهم تصنتها علي أنا و صديقتي و لكن ماذا عن مراقبتها لي في السر و ذلك الحارس الذي يراقبني دون علمي.. كيف سأتقبله في نظرك.


سلمى :أنا أتفق معك أنها أخطأت في مراقبتك و لكن لو كنت أنت مكانها و علمت أن هناك خطرا يحيط بهم و في نفس الوقت لا تستطيع تنبيههم و سجنهم في القصر فماذا ستفعل حتى تضمن سلامتهم.


رعد بتلقائية: سأكلف حرسا لحمايتهم.


سلمى بابتسامة :لقد أجبت على نفسك الآن.. وعد لم يكن غرضها التدخل في خصوصية أحد و لكن كانت تريد أن تحميك و تحمي العائلة.


رعد :حقا نسيت هذا الموضوع لا أعلم ماذا أفعل إذا لم تكوني موجودة في حياتي.


سلمى :ستتزوج وعد و تأخذ مكاني و تقوم بدوري.


رعد بابتسامة :حتى لو تزوجتها مكانتك عندي لن تتغير أبدا.


قضى رعد ما تبقى من اليوم مع سلمى و كذلك العائلة كانوا يجتمعون في غرفة الجلوس يستمتعون بوقتهم و لم يعلم أحد شيئا عن وعد و ما حدث لها.


في العاشرة ليلا دخل رعد القصر ليستمع لصوت ضحكات من غرفة الجلوس فاتجه نحوها قائلا :مساء الخير.


الجميع: مساء الخير.


جنة :أخيرا عدت يا أخي إشتقت لك.


ابتسم لها رعد و جذب إياها لحضنه قائلا :صغيرتي الجميلة.


ماسة بابتسامة :رعد أين وعد.


رعد باستغراب :ماذا تقصدين.. ألم تعد بعد.


زين: ألم تخرجوا معا في الصباح.


رعد :أجل كانت معي و لكن كان لدي عمل ذهبت لأنهيه و هذا كان قبل ساعات طويلة.


جودي : سأتصل بها. 


حاولت جودي الإتصال بوعد أكثر من مرة لكن هاتفها مغلق في كل مرة فقال أحمد :ماذا حدث. 


جودي بخوف :وعد لا تجيب. 


عمر: أين تركتها يا رعد عندما إفترقتم. 


رعد :تركتها بجانب البحر و لكن بعد ذلك علمت من مارك أنها ذهبت للشركة...أجل مارك لا بد أنه يعلم مكانها. 


خرج رعد مسرعا للخارج و هو يصرخ بإسم مارك الذي أتى نحوه فور أن سمع إسمه بينما العائلة لحقوا به للخارج. 


مارك :نعم سيدي. 


رعد :مارك أين هي وعد و لما لم تعد للأن. 


مارك :السيدة وعد في الشركة و لقد ذهب لوسيو لها منذ ساعتين.


أحمد باستغراب :الشركة في هذا الوقت.. ما الذي تفعله هناك.


مارك :لا أعلم سيدي.


رعد :سأذهب لها.


أحمد :إنتظر يا رعد ماذا فعلت لوعد.


لم يجبه رعد فكرر أحمد سؤاله بنبرة أحد قائلا :لقد سألتك ماذا فعلت لوعد.


رعد ببرود :لم أفعل شيئا.


سليم :أحمد هذا ليس من شأنك.. إذهب أنت يا رعد.


غادر رعد بسرعة تاركا خلفه أحمد يكاد يموت من الغيظ فقال معترضا :و لكن يا أبي وعد إبنتي.


سليم :أنا أفهمك جيدا يا أحمد.. أنت خائف أن تبتعد عنك وعد بعد زواجها و تغار من رعد لكنك لم تفكر أن وعد لا تستطيع الإبتعاد عنك.


أحمد :و لكنها إبنتي و من حقي أن أعلم ما يزعجها.


سليم :و رعد الآن في حكم خطيبها لا تنسى هذا لدى يجب أن تدع لهما مساحة ليصلحوا أمورهم دون تدخل أحد في علاقتهم.. هم على وشك الزواج لدى يجب أن يتحملوا مسؤوليته من الآن.. و أيضا ربما تكون وعد من أزعجت رعد و ليس العكس.


أحمد بغيظ :حسنا لن أتدخل ولكن إذا حدث شيء لوعد وقتها لن تتوقع ردة فعلي. 


ذهب أحمد لغرفته فقال حسن :إذهبي له يا جودي و حاولي تهدئته. 


جودي :حسنا والدي. 


ذهبت جودي خلف أحمد فهي أكثر شخص يتفهم حالته، هو أب حرم من إبنته لسنوات و عندما إجتمعوا ستتزوج و ستقضي أغلب وقتها مع زوجها و هذا يزعجه. 


أما عند رعد كان يسوق سيارته بسرعة البرق كأنه يسابق الزمن ليصل في مدة قصيرة أمام شركة وعد فينزل من السيارة ليجد لوسيو خرج للتو من الشركة.


رعد ببرود :لوسيو أين وعد.


لوسيو بتفاجئ: في مكتبها سيدي.


دخل رعد للشركة ليستقل مصعدا صاعدا للطابق حيث يتواجد مكتب وعد، ليدخل له دون طرق الباب، و يجدها جالسة مغمضة العينين ترجع رأسها للخلف تتكأ على المقعد لتقول :نعم يا لوسيو. 


لم يجبها رعد إنما كان يتأمل ملامحها التي يظهر عليها الشحوب والتعب لتفتح هي عينيها عندما لم تجد إجابة ويرتسم الاندهاش على ملامحها. 


وعد بخفوت: رعد. 


نظر لها رعد ببرود وقال: ما الذي تفعليه في الشركة حتى الأن. 


وعد: كنت أعمل. 


رعد بغضب: و هل هذا العمل أنساكي عائلتك التي ستخاف عندما تتأخرين.. ألهذه الدرجة أنت غير مبالية و لا  تهتمي بمشاعر عائلتك. 


وعد بخفوت: رعد. 


نظر لها رعد ببرود وقال: ما الذي تفعليه في الشركة حتى الأن. 


وعد: كنت أعمل. 


رعد بغضب: و هل هذا العمل أنساكي عائلتك التي ستخاف عندما تتأخرين.. ألهذه الدرجة أنت غير مبالية و لا  تهتمي بمشاعر عائلتك. 


وعد بحزن: حقا يا رعد هذه نظرتك لي. 


رعد: ماذا تنتظرين مني عندما أصل للمنزل و لا  أجدك و أتصل بك لأجد هاتفك مغلقا. 


وعد :هاتفي وقع و إنكسر. 


رعد :ما دام إنكسر لما لم تحاولي الإتصال بهاتف المكتب بأحد من العائلة لتعلمينا و لما من الأصل لا زلت في الشركة. 


وعد لم تعد تتحمل كلمة من رعد، فاستقامت من مقعدها و بدأت في تدمير المكتب كله خاصة بعدما حدث معها، و كل ما حاول رعد الإقتراب منها لا يستطيع بسبب رميها للأشياء بعشوائية. 


وعد بصراخ و إنهيار :يكفي.. أنا لست أنانية.. أنا لم أفعل شيئا.. لقد تعبت.. حقا تعبت من كل هذا. 


خاف رعد من إنهيار وعد بهذه الطريقة و اقترب منها غير عابئ بنفسه، و شدها لحضنه رغما عنها إلا أنها حاولت الإبتعاد عنه لكنه شدد من حضنه عليها، لتستسلم وتدخل في نوبه من البكاء. 


وعد :رعد أنا لست سيئة..أقسم لك أني أبتعد كي لا أجرح أحدا و يتألم بسببي.. أتمنى أن أموت و أرتاح.. أنا أحتاجك معي يا رعد.


شدها رعد لحضنه أكثر قائلا بحب و حنان: و أنا سأظل بجانبك حتى يأخذ الله روحي.


وعد: رعدي أريد أن أنام.


حملها رعد بين ذراعيه بينما هي طوقت عنقه بيديها و قال: نامي يا طفلتي و لا تهتمي بشيء.


أغمضت وعد عينيها لتغفو سريعا من شدة تعبها أما فوقف قليلا يراقب ملامحها و قال في نفسه: يا ترى ما الذي حدث يا وعد و أوصلك لهذه الحالة...ماذا حدث بعد تركي لك لتنهاري بهذا الشكل.


تنهد رعد بقوة ثم غادر المكتب ثم الشركة ليراه لوسيو و يسرع نحوه قائلا: ما بها السيدة وعد يا سيدي.


رعد ببرود: لا شيء فقط نائمة..غدا صباحا أرسل أحدا ليرتب مكتبها.


لوسيو :أوامرك.


وضع رعد وعد في المقعد الأمامي و أغلق الحزام ثم ركب في مقعد السائق و ساق بسرعة متوسطة و هو يلتفت نحو وعد بين كل فينة و أخرى حتى وصل أمام القصر و نزل و حمل وعد و دخل بها للقصر ليراه أحمد و يسرع نحوه.


أحمد: رعد ما بها إبنتي.


رعد: لا تقلق يا عمي هي نامت في السيارة من شدة تعبها.


أحمد: متأكد.. أقصد هل هي بخير.


رعد: لا تقلق هي بخير سأخذها لغرفتها.


أحمد: حسنا يا إبني.


سرين بابتسامة: سأتي معك ربما تحتاج مساعدة.


رعد: حسنا.


إستقل رعد المصعد رفقة سرين التي ضغطت رقم الطابق المنشود، و ظلت تراقب منظر رعد و وعد بابتسامة، حيث كان نظر رعد متبث على وجه وعد، و نظراته تظهر مدى عشقه لها حتى توقف المصعد، و إتجهوا لغرفة وعد، فوقفت سرين على باب الغرفة تشاهد رعد الذي وضع وعد على السرير و نزع لها حذاءها و عندما كان يغطيها فتحت عينيها.


وعد: رعد أنا أسفة لم أقصد أن..


قاطعها رعد قائلا بابتسامة: ليس الان فلنتحدث غدا يجب أن ترتاحي حاليا و غدا ستشرحي لي كل شيء.


وعد: حسنا.


رعد: نامي الأن.. تصبحين على جنة.


وعد: و أنت من أهلها.


أغمضت وعد عينيها بينما التفت رعد لسرين التي نسي وجودها و خرجوا من الغرفة فقال رعد: ما الذي تودين قوله يا سرين.


ابتسمت سرين عليه فهو فهم أنها تريد التحدث معه و تحججت بمساعدته و قالت: الموضوع يخص وعد.


رعد: ما بها وعد.


سرين: لا أعلم إن لاحظت أنت أيضا الموضوع لكن وعد غريبة في الفترة الأخيرة.


رعد بعدم فهم: ماذا تقصدين.


سرين: لا أعلم و لكن أشك أنها مريضة و هذا منذ مدة حيث لاحظت قبل أن تأتي تانيا مكانها أنها مختلفة و وجهها يكون شاحبا أحيانا و أيضا كثيرا ما تضع يدها على بطنها و بالأمس عندما كنت تخبرنا عن الليلة التي إكتشفت بها كل شيء يخص وعد و إنتقامها لاحظت أنها تضغط على بطنها بقوة و لكنها حاولت أن تظهر أنها طبيعية مما زاد شكوكي بالموضوع و رؤيتها الان بهذا الشحوب أكد لي أنها تعاني من مرض ما.


رعد بخوف: هل أنت متأكدة من كلامك.


سرين: أجل.


رعد: و لكن كيف لم ألاحظ هذا.


سرين: هذا طبيعي فالأحداث التي مضت ليست بالهينة.


رعد: يجب أن أتأكد من هذا الموضوع الان و وعد وحدها من ستؤكد لي إن كانت شكوكك صحيحة.


كاد رعد أن يعود لغرفة وعد لولا يد سرين التي منعته و قالت: وعد الان متعبة و تحتاج للقليل من الراحة دع الموضوع حتى و حسب ما سمعت كنت ستحادثها في الأصل غدا حول موضوع ما لدى أجل أسئلتك حاليا إلى الغد.


رعد: أجل أنت محقة..شكرا لك يا سرين لأنك أخبرتني بهذا لولاك لما علمت.


سرين: لا تشكرني فهذا واجبي ناحيتكم كونكم إخوتي و أيضا أنا أكثر شخص أتفهم وعد...وعد إعتادت أن تتألم وحدها و لا تشارك أحدا ألامها و هذا ناتج عن فراقها لسنوات عن الجميع... وعد في أمس الحاجة الان إلى حبك و حنانك...في الماضي كنت أظهر بشخصية فتاة غيري رغما عني و هذا حقا مؤلم لكن على الأقل كنت وسط العائلة لكن وعد تظهر على أساس أنها شخصية قوية لا يهزمها شيء لكن داخلها طفلة حرمت من أقل حقوقها و هي أن تعيش وسط أهلها رغم أن هذا خيارها لكنه خيار مؤلم...وعد تحتاجك بجانبها يا رعد.


رعد: أنا أعلم هذا و سأسعى جاهدا لأعوضها عن ما مضى.


سرين: و أنا واثقة من هذا.. تصبح على جنة.


رعد: و أنت من أهلها.


غادرت سرين نحو غرفتها و تركت رعد يفكر في كلامها و يحلله في عقله إلى أن تعب و إتجه هو الأخر لغرفته.


أشرقت شمس يوم جديد ليستيقظ رعد و يستحم ثم يرتدي بنطال جينز و قميص باللون الأزرق الغامق و رش من عطره على جسمه ثم صعد لغرفة وعد ليطرق الباب و يفتحه عندما لم يجد ردا ليجد الغرفة فارغة فعقد حاجبيه باستغراب.


رعد: وعد أين أنت..وعد هل أنت في الحمام.


بحث رعد في الحمام و عندما تأكد من عدم وجودها خرج من الغرفة و إتجه إلى غرفة الرقص ليفتحها و يجد وعد ترقص بسرعة و تتصبب عرقا.


ظل رعد واقفا يشاهد رقص وعد البارع و خطواتها السريعة كأنها تفجر طاقة من الغضب و غير واعية بمحيطها حيث تغمض عينيها و تصب كامل إهتمامها على الرقصة حتى إنتهت بعد دقائق و جلست أرضا تلهث من شدة التعب لتستمع فجأة لصوت تصفيق و تستدير للخلف لتجد رعد ينظر لها بإعجاب.


وعد بصدمة: رعد منذ متى و أنت هنا.


رعد أخذ قنينة ماء موجودة في طاولة على الجانب و ناولها إياها قائلا: أتيت منذ دقائق لأرى إن إستيقظت لأبحث و أجدك هنا.


إستقامت وعد من مجلسها و جلست بجانب رعد على الأريكة و هي لا تزال تحاول تنظيم أنفاسها.


رعد: بالأمس كنت متعبة فكيف حالك الأن.


وعد: أنا بخير.. رعد أنا أعتذر عن تصرفي معك أنت محق لم يكن علي أن أتدخل في خصوصياتك بتلك الطريقة و أعدك أنني لن أكرر هذا مجددا فقط سامحني حتى أنني لم أفعلها بالأمس و منعت نفسي من فعل هذا التصرف بعد أن أوشكت على فعله.


رعد: ماذا كنت ستفعلي بالأمس.


وعد: كنت سألحق بك بإستعمال جهاز التتبع الموجود بسيارتي لكني تراجعت عندما تذكرت كلامك و لم أكن أريد أن أحزنك.


رعد بابتسامة: تصرفك هذا كاف ليشفع لك عن فعلتك...أنا في الأول كنت منزعجا منك و غاضبا بشدة لكن سلمى هدأتني و أرتني الموضوع من جهة أخرى كانت كافية لأتفهمك.


وعد بغيرة: كنت مع سلمى بالأمس عندما لم تجبني أليس كذلك...من هي هذه الفتاة التي غيرت رأيك بهذه السهولة.


ضحك رعد عليها و قال: لا داعي لغيرتك هذه و إذا أردت سأخذك و أعرفك عليها .


وعد بغضب مكبوت: أريد أن أعلم من هي.


رعد: حسنا لدي إجتماع مهم هذا الصباح و ملفات تحتاج توقيعي لدى سأتي لك وقت الغذاء و أخذك معي ما رأيك.


وعد: أنا موافقة و أنا أيضا لدي عمل في الشركة إذن هذا سيناسبني.


رعد: أظن أنك لا زلت متعبة فإرتاحي و لا داعي للشركة.


وعد: لا تقلق أنا بخير هذا مجرد إرهاق من الأيام الماضية.


رعد: أعلم أنك عنيدة لدى إذهبي غيري ثيابك و أنا سأخذك معي.


وعد: حسنا يمكنك أن تنتظرني في الأسفل.


رعد :حسنا.


نزل رعد للأسفل بينما وعد دخلت لغرفتها و إتكأت على الباب ضاغطة على بطنها و قالت: يا رب فلتعطني مزيدا من الصبر لتحمل هذا الألم.


ذهبت و بحثت عن حقيبتها و أخرجت دواءا تناولته و جلس بضع دقائق فوق السرير حتى هدأ الألم ثم غيرت ملابسها و نزلت للأسفل و إتجهت لغرفة الأكل.


وعد :صباح الخير.


الجميع صباح الخير.


كاد أحمد أن يتحدث لكن منعه صراخ يزن قائلا : أمي. 


أمسكت وعد مريم بسرعة قبل أن تقع في الأرض ليسرع نحوها زين و يحملها و يضعها فوق الأريكة.


وعد :ماكس فلترى ما بها.


ماكس :حسنا إبتعدوا قليلا.


إبتعد الجميع عن مريم و تركوا ماكس يفحصها ليقول :لست متأكدا مما سأقول لكن ربما تكون حامل.


زين بدهشة : حامل.


ماكس: هذا ليس مأكدا و لكن ربما يكون صحيح.


وعد :مراد أحضر عطرا رجاءا.


مراد: حسنا.


ذهب مراد و أحضر عطره ثم عاد و ناوله لوعد التي رشت قليلا منه على يدي مريم و قربته من أنفها حتى بدأت تستعيد وعيها.


وعد :مريم هل أنت بخير.


مريم : أجل فقط أشعر برأسي ثقيل قليلا و..


سكتت مريم عن الكلام و وضعت يدها فوق فمها و أسرعت نحو الحمام ليلحق بها زين و يزن.


وعد بابتسامة :يبدو أن فرضيتك يا ماكس صحيحة.


ماكس: لا تستهيني بمهاراتي.


عادت مريم بعد دقائق تستند على زين لتقول نسرين :هل أنت بخير يا إبنتي. 


مريم :أجل خالتي ربما أصبت بنزلة برد. 


ريم بمرح :أو ربما ستنجبي لنا طفلا صغيرا يشبهك. 


مريم بدهشة :ماذا.. طفل. 


وعد :هناك إحتمال أن تكوني حاملا و لكن كي نتأكد يجب أن تذهبي لطبيب ليفحصك. 


ماكس :إحذري يا فتاة معك الكثير من الأطباء في هذا القصر أم أنك تستهيني بقدراتنا. 


وعد بسخرية :و هل أنت طبيب نساء أو توليد أو سبق لك و عملت في هذا المجال. 


ماكس بحرج :في الحقيقة لا. 


وعد :إذن أصمت. 


سليم :تناولوا إفطاركم هو الأول و بعدها زين سيأخذها للطبيب. 


لمياء :أنت محق يا عمي.. صحيح يا وعد كيف حالك اليوم بالأمس عدت متأخرة و كنت نائمة و رعد من تكلف بإيصالك لغرفتك.. هل أنت مريضة. 


وعد بابتسامة :لا يا خالتي أنا بخير فقط إرهاق من الأحداث الماضية. 


ياسمين بابتسامة :أمي هل ستظلي معنا اليوم في المنزل. 


وعد بحب :لا يا حبيبتي اليوم لدي عمل مهم لكني أعدك أن أقضي معكم اليوم بأكمله غدا و أيضا نبدأ بتجهيزات الخطوبة إتفقنا. 


ياسمين :إتفقنا. 


وعد بحنان: ماذا عن ماستي الغالية أليس لديها أي طلبات.


ماسة بحب: وجودك بجانبي يكفي.


وعد :طفلتي العاقلة.. مايكل تانيا أتمنى أن يكون المكان أعجبكم.


مايكل :من يمتلك عائلة مثل هذه بالتأكيد سيكون سعيدا.


تانيا :أنا أتفق مع مايكل و أنت لا تهتمي بنا كثيرا نحن نستطيع التكفل بما يخصنا فقط إهتمي بتجهيزات زواجك حاليا.


وعد: و زواجك لا تنسي.


أنهى الجميع الإفطار و إتجه كل واحد لعمله بينما زين أخذ مريم ليكشف عليها. بعد ساعات من العمل و بالضبط وقت الغداء وصل رعد أمام شركة وعد ليجدها تنتظره في الخارج و إستقلت السيارة بعد وصوله مباشرة.


وعد :السلام عليكم.


رعد :و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته كيف حالك.


وعد :بخير الحمد لله... هل سنذهب الآن عند صديقتك سلمى.


قالت وعد جملتها الأخيرة بقليل من السخرية و الغيرة ليبتسم رعد و يقول :أجل و لقد أخبرتها بحضورك معي و سنتناول الغذاء معها.


كانت وعد تتأكل من الغيظ لدى لم تجبه و اكتفت بمراقبة الطريق بينما رعد يبتسم و هو يتخيل ردة فعلها عندما تقابل سلمى و هو أكيد أنها ستنصدم.


رعد بابتسامة :وصلنا.


إستفاقت وعد من شرودها لترى أن رعد صف سيارته أمام منزل سلمى و نزل ثم فتح الباب من جهتها بحركة أظهرت مدى رقيه لتنزل و تمرر نظراتها على المكان ثم تمشي مع رعد الذي أمسك بيدها و يطرق الباب لتفتح لهما الخادمة بعد ثواني.


رعد :هل سلمى في المنزل.


الخادمة :نعم سيدي إنها تنتظركم في غرفة الجلوس.. تفضلوا.


رعد :شكرا لك.


لم تنطق وعد بكلمة إنما كانت تراقب تصرفات رعد إلى أن دخلوا غرفة الجلوس و تتجمد مكانها عندما إتجه رعد ناحية سلمى و ضمها لتصدم هي بإمرأة كبيرة لتخالف كل توقعاتها.


رعد بابتسامة :كيف حال سلمى خاصتنا اليوم.


سلمى :أنا بخير يا إبني و سعدت بزيارتكم هذه.


وعد :إنتظر لحظة من هذه و ماذا يحدث هنا.


رعد :أقدم لك سلمى التي أخبرتك عنها من قبل.


وعد :هذه هي سلمى.


رعد بضحكة مكتومة :أجل.


سلمى :ما بك يا وعد هل نسيتتني.


وعد :لا أعلم.. أشك أني أعرفك لكني لا أتذكر أين رأيتك.


رعد :إنها سلمى مربيتنا عندما كنا صغار و توقفت عن العمل عندما كان عمرك ثماني سنين لدى لا تتذكريها. 

    

وعد: حقا هذه أنت يا سلمى تغيرت كثيرا.


سلمى: أصبحت عجوزة.


وعد: لم أقصد السن و إنما ملامحك تغيرت قليلا لدى لم أتذكرك.


سلمى: و الأن بعد أن علمت من أنا ألن تحضنيني.


وعد: لن أحضنك فقط و إنما سأقبل رأسك و يديك الذين تعبوا في تربيتنا.


حضنت وعد سلمى بشدة و نفذت كلامها حيث قبلت رأسها و يديها ليقاطعهم رعد قائلا: أنا هنا..يبدو أنكم نسيتوني.


وعد بغيظ و توعد: إذن أنا تضحك علي و توهمني بوجود فتاة في حياتك و لم تصارحني بهويتها.


رعد: كنت أود أن أثير غيرتك كما فعلت بي.


وعد: تثير غيرتي.


رعد: أجل.


وعد: سأريك كيف تكون غيرتي.


جرت وعد نحو رعد ليسرع هو مبتعدا عنها و يحاول أن يتحكم في ضحكاته على ملامح وعد دون فائدة إلى أن أمسكته وعد أخيرا و نتفت شعره و عضته في يده.


رعد بألم: لقد ألمتني يا وعد.


وعد: لتعلم الأن ما هو ثمن غيرتي.


ضحكت عليهما سلمى و قالت: لا زلتما كما كنتم.. عندما كنتما صغار و تغضب وعد منك كانت تنتف شعرك و تعضك و فعلت الان الأمر ذاته.


إبتسمت وعد بحنين لتلك الذكريات و قضت وقتا جميلا رفقة سلمى و رعد ليغادروا بعد ثلاث ساعات و ما إن حرك رعد سيارته صدح صوت رنين هاتف وعد.


وعد: نعم.


المتصل: هل السيدة وعد معنا.


وعد: أجل.


المتصل: سيدتي لقد خرجت النتائج و تستطيعين المجيء لرؤيته.


وعد: حسنا نصف ساعة و أصل.


أغلقت وعد الهاتف و إستدارت نحو رعد الذي قال: أين ستذهبين.


وعد: إتجه لمستشفى الماسة.


رعد باستغراب: لماذا سنذهب للمستشفى.. وعد هل أنت مريضة.


وعد: عندما نصل ستفهم كل شيء.


علم رعد أن وعد لن تخبره بشيء ما دامت لم ترغب في ذلك لدى ساق سيارته بسرعة ليصل في أسرع وقت و يفهم ما يحدث و بالفعل وصل خلال عشرين دقيقة و صف سيارته في المرآب.


رعد: لقد وصلنا الأن للمستشفى فهل تستطيعين شرح لي ماذا نفعل هنا.


وعد: أنت سألتني من قبل إن كنت مريضة.


رعد: أجل.


وعد: و أنا بالفعل مريضة.


رعد بصدمة: ماذا مريضة..لما لم تخبريني.. هل يؤلمك شيء الأن... بما أنت مريضةL


وعد: ورم في الرحم.


رعد بصدمة :ماذا ورم...هذا ليس صحيح.. هذه مزحة من أليس كذلك.. أنت لا تعانين من أي مرض ..بالتأكيد أنت بخير...أجيبيني يا وعد هل أنت حقا مريضة.


صرخ رعد في جملته الأخيرة قائلة بحزن: أنا أيضا إنصدمت مثلك بالأمس و لكنها الحقيقة...أنا أعاني من ورم في الرحم.


رعد: ولكن كيف و متى علمت بهذا و لم تخبريني.


وعد بألم: بالأمس تعرضت لنزيف أثناء توجهي للشركة و حاولت جاهدة أن لا أفقد الوعي أثناء السياقة حتى وصلت للمستشفى و غبت عن الوعي لأستيقظ و أجد نفسي في غرفة في المستشفى و توجد ممرضة بجانبي.


فلاش باك


بدأت وعد تستعيد وعيها لتجد نفسها في غرفة في المستشفى و تحدث الممرضة قائلة: أخيرا إستيقظت سيدتي.


وعد بخفوت: ماذا حدث.


الممرضة: وصلت قبل ساعتين للمستشفى و غبت عن الوعي و كنت تنزفين.


وعد: أين الطبيب المكلف بحالتي.


الممرضة: سأناديه فورا.


غادرت الممرضة لتنادي الطبيب بينما وعد شعرت بخوف غريب يتملكها، لا تعلم مصدره ليوقظها من شرودها صوت طرقات على الباب يليها دخول الطبيب.


الطبيب: السلام عليكم.


وعد: و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.


الطبيب: كيف تشعرين الأن.


وعد: أشعر بجسمي مرتخي و رأسي يؤلمني.


الطبيب: هذا طبيعي بسبب النزيف الذي تعرضت له.


وعد: و ما سبب هذا النزيف.


الطبيب بعملية :حسب فحصي الأولي تبين أنه قد تكوني مصابة بورم في الرحم لكن لم نتأكد من شيء بعد و التحاليل هي من ستتبث ذلك.


وعد بصدمة: ورم.. مستحيل.


الطبيب: للأسف هذا إحتمال وارد و لكن ربما يكون شكي خاطئ لدى سننتظر نتيجة التحاليل و بعدها نحكم.


وعد ببرود :متى سأخرج.


الطبيب: يمكنك الخروج حالا لكن سأكتب لك أولا دواءا تتناوليه عندما تشعري بألم في بطنك حتى تخرج نتائج التحاليل.


خرجت وعد بعد نصف ساعة، بعد أن أرسلت ممرضة إشترت لها ملابس أخرى، و إستقلت سيارتها لكنها لم تتحرك، و أعادت رأسها للخلف، تشعر بنفسها ضائعة و الألم يغزو قلبها.


باك


رعد: الطبيب قال أن هذه مجرد إفتراض يعني قد لا تكوني مصابة بهذا الورم..إن شاء الله هذا ما سيحدث و لكن يا وعد لما لم تتصلي بي كي أكون بجانبك.


لم تجبه وعد و ظلت صامتة ليقول رعد بتوجس: إنتظري لحظة عندما إتصلت بي كنت تنزفين أليس كذلك.


أغمضت وعد عينيها، و أدارت رأسها للجهة الأخرى، لتصل الإجابة واضحة لرعد الذي غضب من نفسه بشدة ،و ضرب مقود السيارة عدة مرات.


رعد بغضب: اللعنة علي لما لم أجيب..أين كان عقلي عندما رفضت المكالمة.. ماذا لو فقدت الوعي أثناء سياقتك و تعرضت لحادث.. أنا السبب كا علي أن أجيب.


أمسكت وعد يديه و قالت: أنت لا ذنب لك في مرضي...هذا قدري و تقبلته و يجب أن تتقبله أنت أيضا.


رعد: أنا مخطأ يا وعد لم ألاحظ تعبك طيلة الفترة الماضية أنا...


قاطعته وعد قائلة: لا تلم نفسك على شيء.. هذا ليس الوقت المناسب.. حاليا أحتاجك أن تكون قويا...أريدك أن تقف معي عندما أتلقى النتيجة.


نظر لها رعد لثواني بألم ثم جذبها لحضنه و قبل رأسها قائلا بحنان: أنا معك و سأظل بجانبك و سنتعدى هذه التجربة و نفوز...لقد مر علينا الكثير و لن نستسلم الأن بسبب هذا المرض.


وعد: حقا يا رعدي.


رعد: أجل يا روح رعدك ثقي بي.


وعد: أنا أثق بك أكثر من نفسي.


رعد: هيا بنا ندخل.


خرجوا من السيارة و أمسك رعد بيد وعد ليطمئنها بينما هو في الأصل يستمد قوته منها ليتجهوا ناحية مكتب الطبيب المكلف بحالتها و يدخلون بعد أن أذن لهم.


رعد و وعد: السلام عليكم.


الطبيب: و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته..تفضلوا.


وعد بجدية: لقد إتصلت بي الممرضة و أخبرتني أن نتائج التحاليل خرجت فما النتيجة.


الطبيب بعملية: بالفعل لقد إطلعت عليها و إكتشفت أن شكي كان صحيحا و أنت مصابة بورم في الرحم لكن لا تقلقي هو ليس خطيرا .


رعد ببرود: ماذا تقصد بليس خطيرا.


الطبيب: هذا النوع من الأورام لا يشكل خطورة كبيرة على حياة المصابة و يمكن إستئصاله دون أية أضرار لكن في حالة وصل للمرحلة الأخيرة يتسبب في ضرر الرحم و أحيانا نضطر لإستئصاله.


وعد بصدمة و خوف: أتقصد أنه ليس بإمكاني الحمل.


الطبيب: أنا أقصد الحالات الخطيرة لكن أنت تستطيعين القيام بالعملية و إزالة الورم و لن يؤثر على موضوع الحمل لأنه لا زال في البداية.


أمسك رعد بيد وعد و ضغط عليها ليطمئنها و قال: و متى تستطيع القيام بالعملية.


الطبيب: يجب أن تقوم بها قبل شهرين و إلا سيتطور الورم و يزداد خطورة.


وعد: هل توجد أدوية يجب تناولها قبل العملية.


الطبيب: أجل توجد أدوية تساعد على توقيف نمو الورم.


وعد: جيد إذن أريدك أن تصفها لي.


رعد بدهشة: و لكن لما يا وعد ألن تقومي بالعملية.


وعد :دكتور هل تستطيع تركنا لوحدنا قليلا.


الطبيب: بالتأكيد سيدتي فالمستشفى ملكك.


وعد: شكرا لك.


تابع رعد خروج الطبيب بعينيه و ما إن أغلق الباب إستدار ناحية وعد قائلا: هل تستطيعين شرح تصرفك قبل قليل و لما تخططين.


وعد: أنا لن أقوم بالعملية قبل شهر.


رعد بغضب: و لكن لماذا.


وعد: أريد أن يمر زفاف الشباب بسلام..أريد أن أستمتع بالجو العائلي الذي حرمت منه لسنوات فرجاءا يا رعد لا ترفض قراري.


رعد: و لكنك تؤذين نفسك بهذه الطريقة.


وعد: سمعت ما قاله الطبيب حالتي ليست خطرة لدى لا داعي لأن تقلق و سأتناول الأدوية التي سيصفها لي الطبيب أعدك بهذا فقط وافق على قراري.. إعتبره أخر طلب لي.


رعد: لا تعيدي هذا الكلام مجددا.. أنت ستتعافين و نحقق أحلامنا و ننجب الأطفال كما خططنا و سنكون عائلة سعيدة.


وعد :هل هذا يعني أنك موافق.


رعد: ما دام هذا سيسعدك فأنا موافق و لكن بعد الزفاف مباشرة سنسافر و تقومي العملية.


وعد بابتسامة: أنا موافقة.


غادروا المستشفى بعد أن أعطاهم الطبيب النصائح اللازم تتبعها خلال الفترة المقبلة، و إتفقوا أن لا يخبروا أحدا من العائلة بالموضوع كي لا يعكروا راحتهم، و حاول رعد أن يمتع وعد بجميع السبل، و يرسم الضحكة على وجهها.


مضى أسبوع بسرعة كبيرة لم يخفق فيها رعد أن يسعد وعد التي ضلت الإبتسامة مرتسمة على وجهها حتى أنها أحيانا تنسى مرضها. 


جاء اليوم الذي يعلم فيه الجميع أن وعد خطيبة رعد، و كانت الاستعدادات على أتم وجه، حيث قرروا القيام بحفلة عائلية و عزموا فقط الأقارب و الأصدقاء. 


في غرفه في الطابق الأرضي، كانت الفتيات مجتمعين يحضرون أنفسهم للحفل إلا مريم التي تأكل بشراهة، و الجميع يتابعها بضحكة مكتومة، فبعد أن إكتشفت نفسها حامل في الشهر الأول أصبحت على هذه الحالة، تأكل كل ما اشتهته و الجميع ينفذ طلباتها.


سارة :يكفيكي أكلا يا مريم ستخنقين الطفل بهذه الطريقة. 


مريم: هذا طفلي و أنا أعلم الأفضل له... و في الأصل هو من يطلب هذا الأكل و جائع ليس أنا. 


ريم بسخرية :حقا طفل لم يظهر شكله بعد و لا زالت أعضاءه تتكون سيطلب وجبة لثلاثة أشخاص على الأقل. 


مريم :و كيف سيكون أعضاءه إن لم يتناول الأكل و أيضا أنت لا زلت صغيرة على هذا الموضوع عندما تتزوجي و تلدي ستفهميني وقتها. 


وعد يا فتيات دعنا مريم على راحتها و تجهزن أنتن قبل أن يصل المعازيم. 


ارتدت الفتيات الفساتين و بدأنا في وضع مستحضرات التجميل ليبدأ التوتر يسيطر عليهم. أما الشباب فكانوا يشرفون على التجهيزات حتى أتت لهم لمياء التي وجدتهم لم يتجهزوا بعد. 


لمياء بدهشة :ماذا تفعلون هنا المعازيم أوشكوا على الوصول وانتم لم تتجهزوا بعد.. اذهبوا و إرتدوا بدلتكم حالا.


رعد :حسنا عمتي سنتأكد فقط إن إنتهت التجهيزات. 


لمياء: يارب صبرني على هؤلاء الأغبياء اذهبوا أنتم تجهزوا و إرتدوا بدلتكم و أنا سأتكفل بالتجهيزات. 


ذهب الشباب لغرفهم ليتجهزوا و بعد ساعة بدأ المعازيم بالحضور ليستقبلهم الشباب و الفتيات إلا وعد و تانيا و سارة و لينا و رنا اللواتي ظلوا في الغرفة ينتظرون الوقت المناسب ليخرجوا. 


جاك: ما هذا لقد تأخرت الفتيات كثيرا. 


زين بابتسامة :إهدأ ما بك مسرع هكذا. 


جاك: أصمت أنت و إذهب لزوجتك التي لم تتوقف عن الأكل طيلة هذا الأسبوع. 


زين: احمد ربك أن اليوم خطوبتك و إلا كنت علمتك درسا حول إحترام زوجتي. 


قاطعتهم ياسمين التي أتت نحوهم قائله: رعد رعد أنظر فستاني جميل. 


كانت تستدير امامهم ليستدير معها الفستان الذي كان باللون الأزرق يصل إلى ركبتها من الأمام و طويل من الخلف، فيحملها رعد و يقبل وجنتيها. 


رعد بابتسامة : الفستان الجميل بعد ان ارتديته.


سيف :ياسمين هل تجهزت الفتيات. 


ياسمين: أجل جاهزات و هن جميلات جدا...لقد أتوا.


إستدار الشباب ليجدوا الفتيات خرجوا بطلتهم الأنيقة و الخاطفة للأضواء إلا وعد،  فإتجه كل شاب لمالكة قلبه.


جودي بنداء: ياسمين.. ياسمين تعالي.


ياسمين: رعد أنزلني جدتي تنادي علي.


قبل رعد وجنتها ثم أنزلها لتسرع ناحية جودي التي قالت: إذهبي لغرفة وعد و أخبريها أن تخرج حالا.


ياسمين: حسنا جدتي.


إبتسمت جودي على هذا اللقب، فرغم أن ياسمين ليست إبنة وعد الحقيقية إلا أنها أشعرتها بإحساس الجدة الذي لطالما تمنت تجربته.


دخلت ياسمين للقصر بخطوات سريعة قليلة و فتحت باب الغرفة قائلة: أمي.


وعد بابتسامة: تعالي حبيبتي أدخلي.


ياسمين: أمي أنت جميلة.


إنحنت وعد لمستواها مقبلة وجنتيها و قالت: أنت الأجمل طفلتي.


ياسمين: أمي لقد قالت لك جدتي أخرجي حالا.


وعد: حسنا حبيبتي إذهبي أنت و أنا سألحق بك.


غادرت ياسمين و البسمة على وجهها أما وعد فنظرت لنفسها في المرأة و قالت: لا أعلم إن كنت سأظل على قيد الحياة بعد ثلاثة أسابيع من الأن لكني سأستغل هذه المدة لأعيش أفضل لحظاتي معك يا رعد.


أخذت وعد نفسا عميقا و إتجهت للخارج و بالضبط الحديقة حيث تقام حفلة الخطوبة و لكن قبل أن تخرج وجدت والدها أمامها ليقبل رأسها.


أحمد: مبروك عليك يا إبنتي.


وعد: شكرا أبي.


أحمد: هل تسمح لي الملكة بتسليمها لخطيبها.


وعد بابتسامة: بالطبع فهذا شرف لها.


وضعت وعد يدها وسط يد والدها و خرجوا و البسمة ترتسم على وجههم لتجد رعد ينتظرها و ما إن لمحها ظهرت لمعة الإعجاب في عينيه و تكونت بسمة عاشقة على وجهه.


أحمد: رعد اليوم سأسلمك أغلى شيء عندي و هو إبنتي أتمنى أن تحافظ عليها.


رعد بابتسامة عاشقة: لا تقلق يا عمي سأفديها بروحي و أحرص جاهدا على أن تظل البسمة مرتسمة على وجهها.


أمسك رعد بيدها و أخذها حيث المقعد المخصص لهما و نظر لها رعد بإعجاب فهو لأول مرة يراها ترتدي قفطانا مغربيا و الذي ناسبها جدا حيث كان باللون الزهري و مزركش بنقوش باللون الأصفر الباهث. 


رعد: بسم الله ما شاء الله أنت جميلة اليوم. 


وعد بابتسامة :أهذا يعني أني لم أكن جميلة من قبل. 


رعد بحب :بالعكس أنت دائما جميلة لكن هذا رؤيتك باللباس التقليدي أضاف لك لمسة خاصة. 


وعد :شكرا لك و أنت أيضا وسيم اليوم. 


كانت وعد تتحدث و هي تنظر إلى البدلة التي اختارتها بنفسها حيث أظهرته أنيقا.


بدأ المعازيم يتوافدون عليهم يهنئون لهما و بعض الصحافة يوثقون الحفلة لحظة بلحظة. مرت أجواء الحفل على أفضل حال و إرتدى رعد و وعد الخواتم ليقرروا ختم الحفلة برقصة لهما. 


 اشتغلت أغنية رومانسية هادئة يتحرك على أنغامها قلوب الحبيبين قبل جسديهما و نظراتهم كافية لتعبر عن مدى عشقهما الذي لم يستطيع البعد القضاء عليه و لا الظنون استطاعت زعزعته فهو حب طفولي نقي أصبح عشق أبدي قوي. 


رعد بابتسامة :لا تعلمين مدى سعادتي باجتماعنا أخيرا أصبحت على اسمي.. أنت زوجتي الان و ملكي وحدي.


نظرت وعد لعينيه بعمق و قالت: أنا ملكك منذ اللحظة التي فتحت عيني على هذه الحياة كما أنك ملكي أيضا...أنا لم أكتب على إسمك اليوم و إنما منذ أول يوم لي في الحياة أو ربما منذ اللحظة التي علمت فيها أمي بحملي...عقد قراننا اليوم كان مجرد إتباث للعالم أننا ملك لبعضنا البعض.


رعد:و أنا ملك لك بعقلي و قلبي و جسدي و تحرم علي جميع النساء سواك.. أعشقك يا مالكة قلبي.


وعد بابتسامة: و أنا أهيم في هواك يا من خفق له قلبي..أعدك أن أظل ملك لك إلى أخر نفس بي و لن أسمح لجنس رجل أن يقترب مني و إذا حدث فليكن مصيري في ذلك الوقت الموت.


رعد: و أنا أعدك أن أظل وفيا لحبي لك.


إنتهت الرقصة و علت تصفيقات الحضور و عندما إعتقد الجميع أن الحفلة إنتهت أصر الشباب أن يرقصوا جميعا فلم يستطع أحدا رفض رغبتهم و بدأوا في الرقص إلى أن تعبوا و غادر المعازيم و صعد أفراد العائلة لغرفهم ليرتاحوا إلا وعد التي كانت واقفة بجانب المسبح شاردة تماما ليراها رعد و يتجه نحوها محتضنا إياها من الخلف.


رعد: ما بها حبيبتي شاردة.


إستدارت وعد نحوه و نظرت له بضياع ثم وضعت يدها فوق بطنها و قالت: كنت أفكر في حالة نجوت من العملية لكن حدث شيء و أثر على حملي و لم أستطع الإنجاب ماذا سيحدث في علاقتنا..أقصد أنت من حقك أن ترزق بأطفال لكن ربما أحرمك أنا من هذا الحق.


أحاط رعد وجهها بيديه و قال بصدق: أنا لن أكذب عليك و أقول أني لا أريد أطفالا..بالعكس أنا أكثر شخص يتوق للحصول على أطفال لكني أريدهم منك و ما دمت لن تستطيعي الإنجاب سأكتفي بك طفلة لي..لا تفكري في الموضوع كثيرا و وكلي أمرك لله عز وجل و هو على كل شيء قدير...هو وحده من يختار لنا الأفضل و إعلمي أن الله يحبك لهذا بلاكي بهذا المرض و يريدك أن تقوي إيمانك به أو ربما يريد أن يعيدك عن خطأ تقومي به.


نظرت له وعد لثواني تحلل كلامه في عقلها لتستنتج أنه صحيح و علمت خطأها و تقصيرها في حق الله فارتمت في حضن رعد الذي إستقبلها بصدر رحب مقبلا رأسها بحنو بينما وعد قالت في نفسها: أنا أعلم خطئي يا رب و سأصلحه إن شاء الله.


ياسمين: أمي أمي.


ابتعدت وعد عن حضن رعد و نزلت لمستوى ياسمين حاملة إياها و قالت: نعم حبيبتي ما بك لم تنامي حتى الأن.


ياسمين: أريد أن أنام في حضنك.


رعد باعتراض: تنامين في حضنها هذا في أحلامك.. هذا الحضن ملكي وحدي.


ياسمين بعدم رضا: هذه أمي و أنا أحق منك بها.


وعد بابتسامة :إهدؤوا أنا ملككما أنتم الإثنين فلا داعي لهذا الشجار.


ياسمين: حسنا.


وعد: ماذا عنك يا رعد.


نظر لهما رعد لثواني ثم قال ما صدمهما: ياسمين ألا تريدين أن يكون لديك أب.


ياسمين ببراءة: أجل و لكن للأسف لا أستطيع.


رعد: ما رأيك أن أكون أنا والدك.


ياسمين بدهشة: حقا يا رعد.


رعد: أجل و من اليوم ناديني أبي.


ياسمين: لقد أصبح لدي أب و أم ..أنا سعيدة جدا.


ضمهما رعد معا و قال: أنا الأسعد.


وعد: أنت يا رعد.


غمزها رعد قائلا: ها نحن حصلنا على طفلة.


همست له وعد بابتسامة سعيدة: أحبك.


أشرقت الشمس تعلن عن بداية يوم جديد مختلف لدى وعد التي تحضر مفاجأة للجميع حيث كانوا يجلسون في غرفة الجلوس ينتظرون إنهاء الخادمات من تجهيز الإفطار.


رعد :ألم تستيقظ وعد بعد.


جودي: لا لم تستيقظ بعد ربما تعبت من التجهيزات التي مرت خلال هذا الأسبوع فلا تنسى أنها أكثر شخص تعب من أجل هذا الحفل و لكي يكون لائقا بكما. 


رعد :لكن وعد  حتى لو تعبت لن تتأخر في النوم حتى هذا الوقت سأتأكد من الموضوع بنفسي. 


نسرين :ماذا ستفعل. 


رعد :سأصعد لها الى الغرفة و أطمئن عليها.


استقام رعد من مجلسه و اتجه ناحية الدرج ليصعد ليلتقي بماريا التي أحضرت له القهوة التي طلبها. 


ماريا :تفضل سيدي. 


رعد :شكرا ماريا. 


إرتشف منها رعد القليل ليضع رجله على أول درجة في السلم لكنه ما إن لمح وعد أعلى السلم تجمد مكانه عندما رأها تنزل و ترتدي فستانا طويلا أحمر اللون، و حذاء أسود لكن ما يميزها عن العادة و ما صدمه ذلك الحجاب الأسود الذي تغطي به شعرها.


وعد بابتسامة :صباح الخير. 


رعد بصدمة :وعد أنت.. أنت تحجبت. 


وعد: أجل ما رأيك في هذه المفاجأة. 


رعد: إنها أفضل مفاجأة بالنسبة لي.. لا أعلم ماذا أقول لك.. حقا الكلمات لا تسعفني لأعبر عن سعادتي.. أتعلمين الحجاب زاد من جمالك. 


وعد بسعادة :شكرا لك. 


رعد :و يكن كيف و متى تحجبت. 


وعد :أتذكر بالأمس قلت لي أن الله ربما يريد أن يعيدني عن خطأ ما فكرت في الكلام بجدية و وجدت أني أخطأ في فروضي.. الله أمرنا أن نتحجب و لكني طيلة السنوات الماضية لم أفعلها.. صحيح أني أصوم و أصلي و لكني لم أفكر في الحجاب من قبل الأمس فكرت في الأمر و في الصباح أرسلت لوسيو ليحضر لي هذه الملابس حتى أرتديها و بعدها سأذهب بنفسي و أحضر ما يلزمني. 


رعد :إذن سأرافقك. 


وعد بابتسامة :كما تريد. 


مد رعد يده لها و قال: هيا بنا الجميع ينتظرك. 


أمسكت وعد يد رعد، فنزلت الدرجات المتبقية ليترك رعد يدها و يحيط خصرها. 


وعد باعتراض: ماذا تفعل. 


رعد بابتسامة: أنت زوجتي الأن و لا يحق لأحد ان يتدخل فينا. 


ابتسمت له وعد وسعاده ثم دخلوا ليلتفت الجميع نحوهم ويصدمون بشكل وعد الجديد. 


سارة بدهشة :وعد أنت إرتديت الحجاب.. مبروك عليك.. أنا سعيدة جدا من أجلك.


وعد :شكرا لك.


سعد الجميع بهذا التغير و باركوا لها ثم إجتمعوا حول طاولة الأكل و لم يخلو الجو من مرح ريم و مراد لينظر لهم سليم بسعادة و يحمد الله على هذا الجو خاصة بعد أن عاد كل من لمياء و سرين و لؤي للطريق الصحيح و نظر لوعد يشكرها على ما فعلته و كيف إستطاعت جمع شمل العائلة من جديد بعد أن طلب منها ذلك هو و حسن في أول أيام عودتها لتنجح و ببراعة في ذلك. صحيح أنها لم تكن تظهر أمام الجميع مجهوداتها فهي كانت تنصح الجميع و تنقذهم من المشاكل دون أن يعلموا ذلك، هي كانت تعلم أنه لو علموا بمجهوداتها لن تنجح في ذلك لدى قررت العمل في الخفاء.


توالت الأيام لتمضي ثلاث أسابيع بسرعة بسبب التجهيزات للزفاف و أيضا نقاش رعد مع وعد حول مكوثه في قصر وعد حتى بعد الزواج معللا كلامه أن رجولته لن تسمح له أن يقطن في منزل زوجته و إن كان وافق المكوث به طيلة الفترة الماضية فهذا بسبب الظروف التي طرأت ليجدوا حلا في الأخير و هو أن يشتري رعد نصف القصر لينال الحل رضاه. 


أتى اليوم الموعود الذي لطالما إنتظره الجميع، اليوم الذي سيجتمع فيه العشاق و بالظبط في فندق، يعتبر من بين أكبر فنادق المغرب و الأرقى.


كانت الفتيات في غرفة خاصة انتهينا من التجهيز، بينما الشباب في قاعة الزفاف الشباب ينتظرون نزول الفتيات ليصعد كبار العائلة و يحضر كل واحد فتاة، حتى سارة تكلف سليم بتسليمها لزوجها، و كانت الفتيات متألقات في زيهم المغربي، حيث إرتدوا القفطان، و بين كل فينة و أخرى يذهبون لغرفهم و يغيروا القفطان بقفطان أخر، ليصلوا لنهاية الزفاف حيث ارتدت الفتيات الفستان الأبيض إضافه إلى حجاب أبيض بالنسبة لوعد و سارة، أما الشباب فتألقوا ببدلة سوداء. 


وصلت الحلويات ليبدأ كل ثنائي بتقطيع الحلوى الخاصه به، و الصحافة توثق اللحظات بكل دقة خاصة وجود شبيهة لوعد الذي أثار التساؤلات لكن وعد لم تليها أي إهتمام. انتهى الحفل في الساعه الخامسه صباحا ليصعد كل الأزواج لغرفهم ليقضوا بها هذه الليلة، و يسافروا في الغد إلا رعد و وعد الذين قرروا السفر في ذلك الوقت. 


نسرين: لا أعلم ما بكما عنيدين لما لا تؤجلوا السفر حتى الغد. 


رعد: نحن قررنا السفر الآن و حجزنا التذاكر لدى لا داعي لتأخيرنا. 


حسن: حسنا يا ابني كما تريدون. 


صعد وعد و رعد إلى إحدى الغرف و غيروا ثيابهم لأخرى مريحة، ثم نزلوا ليجدوا العائلة مجتمعة بالأسفل فودعوهم، و لاحظ رعد أن وعد تودعهم كأنها لن تراهم مجددا خاصة ماسة و ياسمين، لينقبض قلبه من شدة خوفه عليها، فهو قرر السفر الان حتى يصلوا لإيطاليا و ترتاح وعد قبل عمليتها في اليوم التالي. 


خرجوا و اتجهوا نحو المطار لينهوا إجراءات السفر و يجلسوا في مقاعدهم على متن الطائرة، ليضم رعد وعد لحضنه يبثها بالأمان، و يستمد منها القوة حتى لاحظ ارتجافة جسدها و دموع تبلل قميصه ليبعدها عنه قليلا. 


رعد بفزع :وعد ما بك.. هل يؤلمك شيء.. لما هذه الدموع. 


وعد: رعدي أنا خائفة.


رعد: مما أنت خائفة يا طفلتي.


وعد: خائفة من فراقنا..خائفة أن يسرقني هذا المرض منك.


رعد: لا تقولي هذا إن شاء الله ستتعافين و ستعودي وعد القوية التي إعتاد عليها الجميع.


وعد: تعبت من التظاهر بالقوة.. أنا ضعيفة أكثر مما تتخيل.. حتى لو كنت قوية أضعف عندما يتعلق الأمر بك.


رعد بجدية: لا أريد أن أسمع هذا مجددا.. إياكِ أن تجعلي حبك لي ضعفا..لا أريد في يوم أن أشعر أنني نقطة ضعفك بالعكس إجعليني قوتك..وقتما إحتجت لي ستجديني بجانبك و لو شاء القدر و لم أكن بجانبك هذا سيدلك على ما يجب فعله..قلبك سيقودك نحو الصحيح..وعد أنت جوهرة لا يعلم الجميع أهميتها.. أنت لديك قدرة على تحكيم عقلك و قلبك معا..تعرفين كيف تسيطري عليهما رغم أن هذا أمر صعب بالنسبة للكثير.


قاطع حديثهم صوت موظفة الطيران التي تبتسم بإغراء و تحدثت بنبرة حاولت جعلها لطيفة قائلة: هل تحتاج شيئا سيدي.


مسحت وعد دموعها بسرعة قبل أن تلاحظها الموظفة و ما إن رفعت رأسها وجدتها تركز نظرها على رعد الذي إنفتح الزر العلوي لقميصه نتيجة لشدها له عندما إحتضنها لتشتعل عينيها بنيران الغيرة و تغلق ذلك الزر بحركة مفاجئة لكل من رعد و الموظفة ثم رمقت الموظفة بنظرة قاتلة.


وعد ببرود: إن كنت تريدين الإحتفاظ على عملك فلتختفي من أمامي الأن و في المرة المقبلة فكري مليا قبل أن تنظري لزوجي لأني لن أرحمك في ذلك الوقت.


اعتذرت الموظفة و هربت مسرعة من تهديد وعد أما رعد فضحك على ما حدث و ضم وعد له قائلا بسعادة :هذه هي وعد التي أحببتها و أحبها.. كوني دائما قوية.


وعد :سأكون قوية من أجلك سأحارب هذا المرض بكل قواي كي أعود لك سالمة و لا أسمح لهذه الأنواع بالاقتراب منك.


    رعد بابتسامة :نامي يا حبيبتي الان أنت متعبة.


وعد بعناد: لا لن أنام قد تعود تلك الدمية المتحركة عندما أكون نائمة و تحاول التغزل بك.


ضحك رعد بخفوت على غيرتها، و لا ينكر أنها أسعدته، فالغيرة إن دلت على شيء، فهي تدل على حبها له، و هو أصبح يريد أن تتبث له حبها في كل لحظة.


ظل رعد يمسد على ظهرها بحنان إلى أن غفت دون أن تشعر بنفسها ليبتسم عليها رعد و يغمض هو الآخر عينيه لينام بكل راحة رغم أن وضعيته ليست جيدة للنوم إلا أن وعد النائمة في حضنه كافية لتمده بالراحة.


بعد ساعتين إستيقظت وعد لتجد رعد ينظر لها بابتسامة بعد أن استيقظ قبلها بدقائق قليلة.


رعد :هل إرتحت حبيبتي.


وعد بابتسامة :لأول مرة أنام بهذه الراحة منذ زمن بعيد... حقا إشتقت للنوم في حضنك.


رعد :و حضني ملكك حبيبتي.. لا بد أنك جائعة.


وعد :أجل


ضغط رعد على زر في الطائرة لتأتي له موظفة أخرى غير التي أتت من قبل.


الموظفة بابتسامة :نعم سيدي.. نعم سيدتي ماذا تريدان.


أخبرها رعد طلبهم لتذهب و تعود بعد دقائق بالطعام ليبدأ رعد و وعد بالأكل. بعد ساعة حطت الطائرة في أحد مطارات إيطاليا لينزل الجميع و يجد رعد سيارة بسائقها في إنتظارهم ليقلوها.


وعد :سيارة من هذه.


رعد :سيارتنا خلال المدة التي سنقضيها هنا.. لقد حجزتها رفقة الشقة كي نرتاح أكثر.


وعد :هل حجزت شقة أيضا.


رعد :أجل وجدت واحدة قريبة من المستشفى و جميلة فحجزتها.


إكتفت وعد بالصمت و تأمل شوارع إيطاليا من زجاج السيارة حتى وصلوا أمام عمارة في مكان هادئ نسبيا فنزلوا و أخرج رعد الحقائب من السيارة.


إستقلوا المصعد، و ظل الصمت مسيطر على المكان حتى وصلوا للطابق الخامس، ليخرجوا و يخرج رعد مفتاحا من جيبه و يفتح باب الشقة، لتظهر شقة بسيطة بألوان هادئة رسمت البسمة على وجه وعد.


رعد :هل أعجبتك.


وعد بابتسامة :جدا أشعر بالراحة.


رعد :و هذا ما أريده تعالي معي سأريكي غرفتنا.


أدخلها رعد للغرفة ثم قال: هذا هو الحمام إستحمي و ستجدي رداء الحمام لترتديه و أنا سأستحم بالغرفة الثانية و حقيبتك سأدخلها قبل أن أذهب للاستحمام.


وعد :حسنا.


خرج رعد ليحضر الحقيبة، أما وعد فنزعت حجابها و وضعته فوق الأريكة، و دخلت للحمام لتخرج بعد دقائق و هي تشعر بإنتعاش و عضلاتها إرتاحت قليلا لتجد منامة مكونة من بنطال و قميص موضوعين فوق السرير، لتبتسم على حنان رعد، و ترتدي تلك المنامة.


جلست فوق مقعد أمام المرآة تقوم بتنشيف شعرها ثم بدأت بتسريحه ليدخل رعد و هو يرتدي بنطال قصير و قميص و يتجه نحوها يأخذ منها المشط و يكمل ما بدأته بدلا عنها.


وعد بابتسامة :إشتقت كثيرا لعنايتك بي.. عندما كنت صغيرة كنت دائما تمشط شعري و تحضر ملابسي.


رعد بحنان: و أنت لا زلت تلك الطفلة التي أعشق الاعتناء بها و سأعتني بها إلى أن تخرج الروح من جسدي.


وقفت وعد أمامه قائلة :لا تقل هذا مجددا.. إياك أن تذكر الموت مرة أخرى نحن سنظل مع بعضنا البعض إلى الأبد.


حضنها رعد قائلا :حسنا أنا آسف لن أعيد كلامي مجددا هيا بنا الأن لننام.


تسطح رعد على السرير لتتوسد وعد حضنه و يغطوا في نوم عميق. 


في المغرب، و بعد ساعات طويلة سافر الشباب لقضاء شهر العسل، أما أفراد العائلة فاستيقظوا، و إجتمعوا في غرفة الجلوس.


زين: هل لا زلت مصرا يا ريان على قرار سفرك.


ريان: أجل و في الأصل تأخرت عن السفر فأنا كنت مخططا للسفر مباشرة بعد علاجي لكن وعد رفضت.


كريم: و لكن لماذا يا ابني لا تريد البقاء هنا.


ريان: لقد عانيت بما فيه الكفاية في هذا البلد أريد أن أبتعد فوجودي هنا يخنقني و حتى السبب في حرماني من عائلتي سجنتهم وعد لدى لم يعد لدي أي سبب لأبقى هنا من أجله.


كريمة: إن كنت سترتاح يا ابني فسافر لعائلتك و لا تنسى أن منزلنا سيظل مفتوحا لك.


ريان بابتسامة: شكرا يا جدتي..شكرا لكم جميعا على تقبلكم لي و أنا حقا سعيد بتعرفي عليكم.


سليم: بل نحن السعداء على التعرف بشاب خلوق و ذكي مثلك...صحيح متى موعد طائرتك.


ريان: غدا على الساعة الثالثة.


ياسمين: سأشتاق لك كثيرا يا ريان.


حملها ريان و وضعها فوق رجليه مقبلا وجنتيها، و قال: و أنا أيضا سأشتاق لك و لكن سنظل دائما على تواصل إتفقنا.


ياسمين: أجل.


في إيطاليا، إستيقظت وعد في تمام الساعة الخامسة مساءا لتجد رأسها يتوسد صدر رعد فتشدد من حضنها عليه ليستيقظ و يمسد على شعرها.


رعد: إستيقظت حبيبتي.


وعد: أجل أيقظني إحساسي بالجوع.


رعد: إذن هيا بنا لنحضر الطعام.


ابتعدت عنه وعد معتدلة في جلستها، ترمقه بشك قائلة: رعد العلمي رجل الأعمال المشهور سيدخل المطبخ.


مسك رعد يدها و قبلها قائلا: رجل الأعمال مع الجميع إلا عشقي أفعل من أجلها المستحيل.


وعد بسعادة: إذن هيا بنا.


ذهبت وعد مسرعة للحمام و غسلت، ثم جمعت شعرها على هيئة كعكة لتخرج و تجد رعد لا زال مسطحا على السرير.


وعد: هيا يا رعد قم و اغسل وجهك سأنتظرك في المطبخ.


خرجت دون أن تسمع ردا منه ليهز رعد رأسه عليها و قال: ها قد عادت وعد الطفلة.


نفذ كلامها و لحق بها ليجدها تحضر لوازم الأكل، فتبدأ في تحضيره بمساعدته، و لم يخلو الجو من بعض المرح و كلمات الغزل و الحب من طرف رعد.


بعد أن تناولوا وجبتهم غيروا ثيابهم، و خرجوا ليستكشفوا شوارع إيطاليا على أقدامهم، و رغم أن الجو بارد إلا أن ذلك لم يمنعهم من الاستمتاع بوقتهم، ليعودوا في وقت متأخر من الليل لشقتهم و يناموا.


أشرقت الشمس معلنة عن يوم جديد ربما يكون الأخير لدى وعد، الأمر الذي يخيفها لكن ثقتها بالله كانت تقوي إرادتها و تقضي على خوفها.


إستيقظت وعد لتجد رعد يجلس على حافة السرير و يرمقها بحب فقالت: صباح الخير.


رعد بحب: صباح النور على مالكة قلبي..صباح الحب على تلك العينين التي أسرتني لأقع في عشقها كل مرة.


وعد بابتسامة: و ما أفضل من مثل هذا الصباح.. أحمد الله على وجودك بحياتي.


رعد: و أنا أحمد الله و أشكره أنه زرع حبك بقلبي و الأن هيا اغسلي وجهك و تعالي لنفطر.


أشار لها لتلك الطاولة الصغيرة الموجودة بجانب السرير، و عليها إفطار منظره يكفي لتتفتح شهية أي أحد، فاتجه للحمام و قضت حاجتها ثم جلست على الأريكة بجانب رعد، تتناول إفطارها ثم تجهزوا، و إتجهوا للمستشفى و لسانهم لم يكف عن الدعاء.


صفت سيارة رعد أمام المستشفى ليدخل و هو يحيط خصر وعد بيده و إتجه ناحية موظفة الاستقبال.


رعد :السلام عليكم.. يوجد موعد بإسم وعد العلمي.


الموظفة :حسنا الممرضة ستدلكم على الغرفة.


أخبرت الموظفة الممرضة ما يجب عليها فعله لتأخذهم لغرفة في الطابق الأرضي و أعطت لوعد البدلة التي سترتديها و أشارت لها على الحمام لتغير ملابسها و إنتظرتها رفقة رعد حتى خرجت.


الممرضة :تسطحي الأن سأقيس ضغطك أولا.


تسطحت وعد على السرير لتبدأ الممرضة في قياس ضغطها ثم قالت :ضغطك منخفض قليلا حاولي أن تهدئي و أنا سأعود بعد قليل لأرى إن إعتدل.


وعد :حسنا.


خرجت الممرضة فتقدم رعد ناحية وعد و جلس على حافة السرير قائلا :إهدئي حبيبتي و لا تتوتري.. أنت ستتحسني بإذن الله.


وعد: غصبا عني أشعر بالتوتر و الخوف.


رعد بتفهم: أعلم هذا حبيبتي لكن تذكري أننا نحلم بإنجاب خمس أطفال و إذا لم تقومي بالعملية الأن ربما لن نرزق بأطفال أبدا.


وعد: و ماذا لو حدث شيء منعني عن الإنجاب حتى بعد قيامي بالعملية.


رعد: سواء قمت بالعملية الأن أو فيما بعد إن كان مقدر علينا ألا نرزق بأطفال فلن نرزق بهم لدى دعي ثقتك بالله.


وضع رعد جبينه على جبين وعد لتندمج أنفاسهم و يغمضوا أعينهم لدقائق حتى إبتعد رعد قليلا و قبل جبينها.


رعد: ستتشافي ثقي بي.


وعد: إن شاء الله.


دخلت الممرضة و قاست ضعطها لتجده إعتدل، فأحضرت كرسي متحرك لتجلس عليه وعد لكن رعد رفض، و حملها بين يديه حتى وصل أمام غرفة العمليات.


الممرضة: سيدي يمكنك أن تضع زوجتك الأن لأنه غير مسموح بدخول أحد.


أنزل رعد وعد لتحضنه بقوة و همست في أذنه قائلة: سأعود من أجلك..أحبك.


رعد: أعشقك.


دخلت وعد غرفة العمليات و عيني رعد لم تفارقها إلا عندما أغلق الباب ليعود للخلف و يجلس فوق المقعد لتظهر مشاعر الخوف التي جاهد لكتمها أمام وعد.


مرت ثلاث ساعات كالدهر على رعد، الذي ظل ينتظر خروج أحد يطمئنه إلا أنه لم يخرج أحد حتى الأن ليزداد رعبه لكن لسانه لم يكف عن الدعاء و كأن الله رحمه عندما خرج الطبيب أخيرا ليستقيم واقفا.


الطبيب :هل أنت قريب المريضة.


شعر رعد أن الأرض تدور به بعد أن رأى ملامح الأسى على وجه الطبيب، و قال بصعوبة: أنا.. أنا زو..زوجها.


الطبيب: للأسف المريضة لم تتحمل العملية و...


قاطعه صوت من خلفه يقول: إنتظر لحظة.


إستدار الطبيب ليجد طبيبة تخرج من غرفة العمليات أما رعد فتجمد مكانه و جميع ذكرياته رفقة وعد تمر أمامه كشريط سينمائي و عقله و قلبه رافضان للفكرة التي وصلته من كلام الطبيب.


الطبيب: نعم.


الطبيبة: هذا زوج مريضتي.


الطبيب: حقا لم أكن أعلم..أنا أعتذر منك سيدي.


غادر الطبيب عندما لم يجد ردا من رعد الذي كان نظره متبثا على باب غرفة العمليات لا يعي بمحيطه كمن دخل في صدمة.


الطبيبة: سيد رعد... سيد رعد هل تسمعني.. سيد رعد.


حركته الطبيبة قليلا ليستيقظ من صدمته و يقول: وعد...وعد..أين هي..لقد وعدتني... ماذا حدث لوعد.


الطبيبة: إهدأ سيدي السيدة وعد بخير و لقد نجحت العملية.


رعد بعدم تصديق: حقا وعد بخير و لكن الطبيب قال.


الطبيبة: أنا أعتذر مجددا نيابة عنه لكنه كان يتحدث عن المريضة الثانية التي قامت بحادث.


رعد: هذا يعني أن وعد بخير.


الطبيبة: أجل سيدي و سيتم نقلها حاليا لغرفتها.


سجد رعد على الأرض يحمد الله، و الدموع إلتمعت في عينيه لكنها تأبى النزول، خاصة بعد أن رأى وعد مسطحة على ذلك السرير الطبي ليجلس بجانبها في الغرفة، و يمسك بيدها يقبلها بين كل فينة و أخرى.


خرجت وعد بعد أسبوع من المستشفى بعد أن تعافت قليلا و لم يكن رعد يتركها إلا عندما يذهب للشقة لتخرج و تقضي ثلاثة أسابيع تحت رعاية رعد.


في الصالة كانت وعد تقف أمام النافذة شاردة عندما حضنها رعد من الخلف قائلا: ما بها حبيبتي شاردة.


إستدارت وعد ناحيته و حضنته قائلة: كنت أفكر لو لم تكن معي كيف سأحارب المرض لوحدي.. شكرا يا رعد على وجودك بجانبي.


رعد: أنت النفس الذي أستنشقه و لا أستطيع العيش بدونك و سأفعل أي شيء من أجلك.


ابتعدت عنه وعد قائلة بابتسامة: رعد هل تستطيع إحضار الشوكولاطة لي.


رعد: حقا يا وعد إن الليل أوشك على الانتصاف.


وعد: رجاءا يا رعد.. من أجل طفلتك.


رعد باستسلام: حسنا كما تريدين.


خرج رعد ليحضر طلباتها لتبتسم بإنتصار و تسرع للغرفة تزينها بالشموع و الورود ثم دخلت للحمام تستحم و تجهزت لتخرج و تجد رعد دخل للغرفة و بيده كيس و هو يشاهد الغرفة بدهشة ليلتفت ناحيتها عندما فتحت الباب و يجدها ترتدي أسدال الصلاة.


رعد: ما هذا يا رعد.


مررت وعد يدها على عنقها دليلا على توترها و خجلها و قالت: في الحقيقة.. أتعلم ماذا إذهب و توضأ.


فهم رعد مقصدها لكنه أبى أن يظهر ذلك و قال: و لكن لماذا.


علمت وعد أنه لا مجال للهروب فقالت بسرعة: حان الوقت لنتمم زواجنا.


صدحت صوت ضحكات رعد في المكان و قلبه إزدادت نبضاته من شدة سعادته و قال: لم أكن أعلم أنك تخجلين لهذه الدرجة.


وعد باعتراض: رعد.


رعد: حسنا لن أتحدث.


دخل رعد للحمام ليتوضأ ليخرج بعد دقائق و يتجه نحو السجادة التي وضعتها وعد في أحد جوانب الغرفة و يكون امامها. أنهى رعد صلاته ليستدير نحو وعد و يجدها ما زالت تجلس جواره، عيناها أرضا، و وجهها إكتساه اللون الأحمر من شدة خجلها، فرفع ذراعيه مردد دعاء الزواج ثم جذبها لتقف معه، و يأخذها لعالمهم الخاص و تغوص به لتصبح زوجته شرعا و قانونا.


مضت ثلات سنوات تغير بها الكثير حيث مات الأجداد، واحدا تلو الأخر، لتتدمر نفسية الجميع و يستولي الحزن على قلوبهم، إلا أن وعد صمدت أمام تلك المأسي، خاصة بوجود رعد بجانبها، و بحنانها و قوتها استطاعت أن تخرج الجميع من تلك الحالة و حافظت على تجمع العائلة، و حرصت أن تبعد أي ضرر أو شيء قد يفرقهم.


و ككل يوم جمعة تجتمع العائلة في القصر كما إعتادوا قبل وفاة الأجداد ليجلس كل واحد بجانب زوجته حتى من ريم و لؤي الذين تزوجوا قبل ستة أشهر، و كما نقص ثلاثة أفراد في العائلة إزداد ستة أفراد، فزين و مريم و جاك و لينا و سيف و سارة رزقوا بفتيات أسماءها نور نور و غزال و أسيل بينما ماكس و ساندي و جاد و سرين و جون و رنا رزقوا بأولاد هم جواد، يحيى و مراد.


كان صوت الأطفال يملأ المكان، و بينما كانوا يلعبون لمحوا وعد، فأسرعوا نحوها جميعا يعانقوها، فهي الأقرب لهم من أمهاتهم.


وعد بابتسامة: ماذا يفعل أطفالي.


زين :كنا نلعب .


وعد: و هل تناولت أكلكم.


الأطفال جميعا: أجل.


وعد: إذن إذهبوا و أكملوا لعبكم.


عاد الأطفال لألعابهم لتقف وعد تراقبهم، و تضع يدها على بطنها ليراها رعد، و يتألم قلبه على حالتها، فهي لم تستطع الإنجاب، رغم أن الأطباء أكدوا عدم وجود أي مشكل بهما ليذهب ناحيتها و يضمها لحضنه.


رعد: وكلي أمرك لله هو القادر على كل شيء.


وعد: و النعم بالله.. الحمد لله.


إستدارت نحوه ثم إسترسلت حديثها قائلة: ما رأيك أن نذهب للكوخ و نقضي به اليوم بأكمله.


رعد: فكرة جيدة.


وعد: إذن سأذهب لأتجهز.


صعدت وعد لغرفتهما، و التي كانت الغرفة المجاورة لغرفة رعد سابقا، و التي رفضت أن يفتحها أحد من قبل، ليفاجئ رعد بعد عودتهم من السفر بجمالية الغرفة، حيث كانت الجدران مزينة بصورهما منذ الصغر، كما لا يسمح لأحد الدخول إليه سواهما.


تجهزت وعد و أخذت معها ما ستحتاجه، و وصت الفتيات على ياسمين، ثم غادرت هي و رعد متجهين نحو ذلك الكوخ الذي إعترفت به وعد بجزء من حقيقتها لرعد، ليصبحوا يأتوا له كلما سنحت لهم الفرصة.


بعد أكثر من ساعة وصلوا أمام الكوخ ليدخلوا، و يحضروا ذلك الطعام الذي أحضروه على الطاولة بعد أن غيروا ثيابهم لملابس مريحة، و جلسوا يتناولون الأكل في جو مليئ بالحب و العشق، و بعد أن أنهوا الأكل دخلوا لغرفتهم، و تسطح رعد على السرير لتتوسد وعد صدره.


رعد :قولي ما لديك يا حبيبتي.


وعد :كيف علمت أنني أريد قول شيء.


رعد: لا تنسي أني من ربيتك في الصغر لدى لا يصعب علي معرفة حالاتك.


وعد بابتسامة: لدي مفاجأة لك.


رعد: ما هي.


إعتدلت وعد في جلستها، ليجلس رعد هو الأخر أمامها، ينظر لها بعدم فهم لتمسك يده، و تضعها على بطنها قائلة بسعادة: أنا حامل.


رعد بصدمة: ماذا.. أعيدي كلامك ربما أخطأت في السمع.


وعد: أنا حامل و قريبا سنرزق بطفل.


رعد بسعادة: أنا لا أصدق الحمد لله.. الحمد لله.. أحبك.


ضمها رعد لحضنه و سعادة عارمة تختلجه ليقول بحب: أذقتني عشقك لأدمنه و أصبح عاشقا له..فإن كان الخمر يسكر شاربه لساعات ثم يصحو..فإن عشقك يسكرني للأبد و مع كل نظرة في عينيك أغرق في غرامك ليسحبني إلى القاع.


وعد بعشق: علمتني الحب لأقع في عشقك..طلبت أن أرسم إسمك على رمال الشاطئ لتحفر حروفه في قلبي..في بعدك علمت المعنى الحقيقي للظلام..و في قربك ألهبتني نيران عشقك..لأتخذ قراري و أعترف أنك أصبحت عشقي الأبدي.

                   تمت بحمد الله.

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
   💚 مرحبا بكم ضيوفنا الكرام الرواية كامله💚
ولكن يجب إن اترك 5 تعليقات لكي يفتح الفصول
في كرنفال الروايات ستجد كل ما هوا جديد حصري ورومانسى وشيق فقط ابحث من جوجل باسم 
الروايه علي مدوانة كرنفال الروايات وايضاء اشتركو في قناتنا👈علي التليجرام من هنا يصلك اشعار

 بكل ما هوه جديد من اللينك الظاهر امامك        

🌹🌹🌹🌹 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


لقراءة باقي الفصول من هنا

لقراءة الجزء الثاني جميع الفصول كاملة من هنا 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close