أخر الاخبار

رواية التل الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم رانيا الخولي

           

رواية التل 

الفصل الرابع والعشرون 24 

بقلم رانيا الخولي


لم تكف سلوى عن البكاء منذ عودتهم وأصرت على العودة إلى القاهرة 

جلست على المقعد تنظر نزول إلين والتي لم تستطيع بدورها ترك ياسمين بتلك الحالة

_ ياسمين انا مش هقدر أمشي معاهم واسيبك بالحالة.

حاولت ياسمين التحلى بالشجاعة أمام إلين كي لا تقلقها عليها وقالت باقتضاب 

_ انا كويسة متجلجيش.

_ مقلقش ازاي بس وانتي من وقت ما خالد مشي وانتي بالحالة دي.

مثلت الثبات رغم صعوبته 

_ صدجيني انا زينة كل الحكاية إني جلجانة على توليب وجواد اللي ملحقوش يفرحوا زي ما يكون انكتب عليهم العذاب.


_ إن شاء الله هتخرج منها أدهم كلمني دلوقت وطمني، أزمة وهتعدي.

أومأت بتيهة

_ إن شاء الله.

          ______________


بعد ذهاب الجميع 

عاد مراد إلى غرفة نور فوجدها شاردة كعادتها فشرد هو بها كعادته منذ فترة

شعور غريب يجتاحه ويجعله يود البقاء معها قدر الإمكان

تقدم منها يسألها بتروي

_ كيفك دلوجت؟

تطلعت إليه بابتسامة مشرقة وردت برقة

_ الحمد لله بقيت أحسن.

جلس على المقعد بجوارها وتحدث برتابة

_ ممكن نكمل كلامنا؟

تنهدت بتعب وسألته بثبوت

_ أي كلام؟

_ ياريت كل اللي جواه حاجة يخرجها عشان نفتح صفحة جديدة 

عقدت حاجبيها مندهشة وسألته 

_ صفحة جديدة؟! بس انا بقيت واحدة معندهاش بكرة عشان يكون عندها صفحات تملاها.

امتلئت عينيها بالمرارة وتابعت

_ انا بقيت مجرد نفس بيخرج ويطلع وده عشان في روح أصبحت مسؤولية مني لكن انا معنديش امل في بكرة لأنه بالنسبة ليا منتهي.

آلمه نظرت اليأس التي ظهرت بعينيها فقال بحكمة

_ اسمحيلي اكون صريح معاكي، اللي عملتيه في حق أمك وحق نفسك جريمة كبيرة وطبيعي إن عقابك يكون بنفس قوتها

جوازك في السر حتى لو عند مأذون لا يعد زواج بالمرة هو شرعًا يعد خطيئة 

هنقول مكنش عندك علم، بس أكيد كان عندك علم بأن ده غلط كبير 

همت بالاعتراض لكنه منعها

_ خابر هتجولي ايه وده العذر الوحيد اللي التمسته ليكي، شوفي مفيش راجل هيربط حياته ودنيته بواحدة خانت أهلها معاه بالعكس دي بتبقى للتسلية فقط لكن وقت الجد بيدور على واحدة ملهاش في كل ده بحيث انه يآمن عليها في بيته تصون اسمه وشرفه 

اوقف جلده لها عندما لاحظ تجمع العبرات في عينيها وقال بتروي

_ متفهميش حديتي غلط كل اللي رايد اوصله ليكي إن ربنا رغم كل ده بعتلك فرصة إنك تكملي حياتك في طاعته وده لأنك من چواتك نضيفة.

      ________________


خطوات مرتدة خطاها جواد نحو غرفته والتي قضى ليلته بها بين احضان حبيبته الساجية وقد أُخذت عنوة من بين يديه ولم يستطع فعل شيئاً لها.

جلس على الفراش وقلبه يأن ألمًا 

يتساءل بينه وبين نفسه

هل يرضخ لجده ويوافق على العودة إلى ذلك القصر كي ينقذها؟

أم يأبى الرضوخ له ويرفض ذلك العرض ويفعل المستحيل كي ينقذه بنفسه دون مساعدة احد؟ 

وضع وجهه بين كفيه والفكر لا يرحمه

طرق الباب وكأنه يريد أن يزيد من عذابه

سمح للطارق بالدخول وكانت ياسمين التي دلفت وهي تفرك يديها ببعضها وتمتمت بارتباك

_ جواد أنا عايزة أخبرك بحاچة إكدة.

     ____________


في الصباح 

وبعد محاولات كثيرة استطاع جواد اقناع الضابط بعدم ترحيلها بسيارة الشرطة، وأخذها جواد بسيارته حتى النيابة 

ظلت نائمة طوال الطريق وهو ينظر إليها بقلب لهيف 

يريد أن يأخذها الآن ويهرب بها بعيدًا لكن يبدو أن القدر لن يكون حليفهم بعد الآن.


الطريق كان مجهد حقًا وهي ولم تفتح عينيها مطلقًا طوال الطريق

وكأنما تهرب من واقعها المرير بتلك الطريقة 

توقفت السيارة أمام المبنى فنظر إليها ليجدها مازالت نائمة 

_ توليب.

فتحت عينيها بتثاقل وحاولت الاعتدال لكنها شعرت بالألم في انحاء جسدها 

نظرت إليه وهي تحاول التحلي بالشجاعة 

_ وصلنا؟

حاول الابتسام كي لا تشعر بآلامه ورد بثبات

_ اه يا حبيبتي وصلنا.

أومأت له وخرجوا من السيارة ودلفوا للداخل وقد وجدوا أدهم والمحامي خاصتهم في الانتظار ومعهم توفيق وتميم.

تقدم توفيق من ابنته بقلب منفطر عليها وقال بحنو

_ متقلقيش يا حبيبتي هتمر على خير ان شاء الله 

أومأت توليب بصمت ثم تطلعت في وجه جواد كي تستمد منه الثبات

فيطمئنها بنظراته التي احتوتها بحب ثم تحدث بلهجة بثت فيها الأمان 

_ متخافيش اني چانبك وهعمل المستحيل عشان أخرجك

أومأ مؤكدًا عندما لاحظ اهتزاز نظراتها وكم أراد في تلك اللحظة ان يحتويها داخل احضانه ويمتص ذلك الخوف وينثر بداخلها الاطمئنان لكن تلك العيون التي تتطلع إليه بتعاطف جعله يرتد 

نادى المحضر اسمها 

_ توليب وفيق 

اهتزت يديها مما جعله يضغط عليها بقوة

_ جولتلك متخافيش ادهم هيدخل معاكي الجلسة دي لأنه اللي ماسك القضية من لول لكن بعد إكدة القضية هتكون في يد المحامي عيد المجيد 

اومأت له ودلفت بصحبة أدهم وتركته هو يتظاهر أمام الجميع بالثبات لكن قلبه يأن ألماً بما يحدث لها.

         ______________


في الداخل

جلست توليب بوجل أمام وكيل النيابة الذي بدأ في استجوابها 

_ احكيلنا يا توليب على اللي حصل بالظبط.

لاحظ الوكيل ارتعاشت جسدها ويدها التي تشبكهم ببعض كأنها تستمد ثباتها بتلك الحركة فقالت بصوت مهزوز

_ انا مكنش قصدي اقتله.

رد الوكيل بمغزى

_ بس أي بنت بتتعرض للتعدي بتبقى مستعدة تعمل اي حاجة عشان تنقذ شرفها

هزت راسها بتيهة

_ بس انا كان قصدي ابعده عن بابا.

_ تقصدي جوز أمك؟

هزت راسها بنفي وصححت له

_ لأ بابا لأنه عمره ما كان جوز أمي، بالعكس كان احن عليا من أمي نفسها، فتحت عينيه على الدنيا ملقتش غيره وعمره في يوم ما حسسني باليتم، كان ديمًا سند وضهر ليا


لفت ذراعيها حول جسدها عندما تذكرت ما حدث

_ لما رجع ولقى الحيوان ده بيتهجم عليا انقذني منه وضربه وبدأ الخناق بينهم

طلب مني إني أهرب بس مقدرتش، خفت عليه لحد ما لقيته بيخنق بابا وكان خلاص هيموت في ايده 

مكنش قدامي غير التمثال اللي جانبي اخبطه بيه عشان يبعد عنه، بس مكنتش اقصد قتل أبدًا 

تدحرجت دموعها على خدها وهي تتابع

_ جريت على بابا وساعدته أنه يتنفس لحد نفسه هدي، بصله لقى الدم بينزف من راسه وقلنا ده مات.


_ طيب ليه هربتي مع أنه كان دفاع عن النفس؟

أخذت نفس عميق تهدئ به من روعها وأجابت 

_ بابا خاف عليا من الحبس والبهدلة وطلب مني إني اهرب وهو هيشيل الجريمة، غير كمان أنه خاف على سمعتي لو حد عرف حاجة زي دي وانت عارف الناس مبترحمش.

تابع الوكيل أسئلته وهي تجيب بدموع منهمرة

تلاها شهادة توفيق 

والذي قص عليه بدوره ما حدث فسأله وكيل النيابة بمغزى

_ وايه اللي خلاك تشيل انت التهمة وتضيع نفسك عشان بنت مراتك؟

انكر توفيق حديثها وتحدث بنفي

_ دي بنتي انا اللي ربيتها وعمرها سنتين، حتى وأبوها الله يرحمه لسة عايش كنت انا اللي مسؤول عنها بحكم بعد ابوها بظروف عمله، ولما مات خفت تبعد عني وطلبت امها للجواز عشان تفضل جانبي كبرت قدامي وكل حاجة انا اللي بختارها ليها حتى اسمها انا اللي اختارته

وهي اتعلقت بيا اكتر من أمها

لحد ما جاه يوم الحادث وفجأة لقيت الوردة اللي اهتميت بيها ورعتها بتروح مني ومكنش قدامي حل تاني غير إني اشيل انا القضية وانقذها.

رغم تعاطف وكيل النيابة مع تلك العلاقة المترابطة بين الاثنين إلا إنه أمر باستمرار الحبس لسبعة أيام أخرى على زمة القضية 

 

خرج توفيق من المكتب وهو يبحث بعينيه عنها فوجدها مستكينة بجوار زوجها 

وعند رؤيته وجدت نفسها تنهض دون إرادة منها وتدنو من توفيق لتحتضنه بكل ما تحمله من حب وامتنان لذلك الرجل 

احتضنته وهي تجهش في البكاء فتتجمع الدموع داخل عينيه وتتساقط بعد محاولات فاشلة منه بردعها

وتمتم بألم

_ سامحيني يا بنتي معرفتش ادافع عنك واحميكي، انا السبب في كل ده لو كنت قد ثقتك فيا مكنتش خبيتي عليا اللي عمله الحيوان ده معاكي

ابتعدت عنه قليلًا كي تتطلع إليه وتمتمت باستنكار

_ بالعكس انت طول عمرك وانت بتحميني حتى من الهوا اللي بيعدي من جانبي بس اللي حصل غصب عننا كلنا كنت خايفة عليك عشان  هددني بيك انت وتميم فكان لازم اسكت وكانت دي غلطتي الوحيدة، لو كنت عرفتك مكنش حصل كل ده.

ربت توفيق على كتفها وتمتم باحتواء 

_ اكيد ربنا له حكمة في اللي حصل وأولهم إنك اتعرفتي على جواد.

همس بجوار أذنها كي يطفي المرح على الحزن الذي غلفهم

_ انا بقول كفاية كدة لأنه واقف بيبصلي كأني عدوه اللدود.

ضحكت توليب رغماً عنها والتفتت لجواد الذي لم يستطيع اخفاء غيرته وابتسمت له بتروي قبل ان يأخذها العسكري ويخرج بها لسيارة الترحيل.


      ______________


في مشفى ….

دلف مراد المشفى التي وضع فيها ذلك الرجل وذهب للاستقبال

_ لو سمحتي عايز اعرف غرفة مريض اسمه حسين كامل المحمدي 

سألته عاملة الاستقبال

_ بخصوص ايه؟

أخرج كرنية الخاص به وقدمه لها

_ انا دكتور قريبه وعايز اطمن على الحالة

نظرت الممرضة للهوية ثم قالت بتفاهم

_ تمام، الدور التالت غرفة العناية المركزة 

شكرها مراد وتوجه مباشرة إلى الغرفة لكنه تفاجئ بأحد العساكر يجلس على مقعد بجوار الغرفة 

تقدم منه يسأله بثبوت

_ السلام عليكم، ممكن إذا سمحت ادخل للحالة اللي جوه؟

رفض الرجل بإصرار

_ لأ مينفعش لأن الزيارة ممنوعه.

صادف خروج الطبيب المختص بحالته فتقدم منه مراد يسأله 

_ لو سمحت يا دكتور الحالة اللي جوه أخبارها ايه؟

سأله الطبيب بشك

_ مين حضرتك؟

رد مراد بهدوء 

_ انا واحد قريبه وجاي اطمن عليه واشوفه.

رفض الطبيب بإصرار 

_ لأ طبعًا مينفعش تدخل عنده، الحالة حرجة واحنا مانعين عنه الزيارة.

عقد مراد حاجبيه مندهشًا وقد ساوره الشك في ذلك الرجل وقال بحيرة

_ بس انا قريبه وعايز اشوفه.

_ مينفعش الشرطة نفسها منعة الدخول عنده غير الدكتور اللي بيشرف على حالته وبس.

فكر مراد بالدخول عنوة لكنه فضل الانسحاب الآن عندما لاحظ ارتباك الممرضة، عليه ان يجد طريقة يصل بها إليه دون ان يلاحظ أحد 

خرج من المشفى وأخرج هاتفه كي يخبر جواد بما حدث 

 

_ ايوة يا جواد هنأجل معاينة الحالة النهاردة 

اندهش جواد وسأله

_ ليه؟

نظر إلى المشفى بشك وقال

_ انا شاكك في حاچة إكدة بس بكرة هتأكد منها

سأله بتوجس 

_ أيه هي؟

_ مش عارف دلوجت بس اللي زارع الشك جوايا خوف الممرضة وإصرار الدكتور إني مدخلش.

ساور الشك قلب جواد بدوره وأخذ يشابك الأحداث بعضها البعض

تهديد خالد لأخته 

وثقة جده بأخراج توليب إذا وافق على العودة 

 ضغط على مقود السيارة بقوة حتى ابيضت مفاصله وغمغم بتوعد

_ لو اللي جاه في دماغك صح يبجى هما اللي چيبوه لحالهم.

_ بلاش تهور أني معرفش إذا كان شكي صحيح ولا لاه، تعالى نتجابل في …… ونشوف هنعملوا أيه.

وافقه جواد وأغلق الهاتف ثم حرك مقود السيارة وانتظر خروج توفيق وتميم وصعدوا معه وانطلق بها        ________________


توقفت سيارة جواد اسفل البناية فنظر توفيق لجواد محدثًا اياه

_ اتفضل يا ابني معانا.

رفض جواد بتهذيب

_ مش هينفع عشان هجابل مراد ونروح نطلب اذن من النيابة عشان يشوف حالة الحيوان ده في المستشفى 

وافق توفيق على مضد وترجل من السيارة هو وتميم ودلفوا البناية 


انطلق جواد بسيارته إلى حيث ينتظره مراد في أحد المقاهي 

وعند دخوله أشار له مراد بالتقدم

جلس بجواره على المقعد وسأله جواد

_ ايه اللي حُصل بالظبط؟

تحدث مراد بتأكيد

_ زي ما جولتلك أني واثق إن الدكتور ده مخبي حاچة وخاصة الممرضة.

تنهد جواد وهو يتطلع إليه بحيرة

_ والعمل؟

_ بلاش نسبج الأحداث وخليني ارتبها لول لأن أي غلطة هتضيع كل حاچة

امتعض وجه جواد وتمتم باستياء 

_ اهم حاچة إنها متغفلجش علينا.

طمئنه مراد بثقة

_ متحلجش كل حاچة هتمشي زين بس اني إكدة هضطر ابات اهنه عشان انفذ اللي ناوي عليه بكرة بإذن الله.


اومأ له جواد ونهض قائلاً 

_طيب يلا خلينا نروح الشجة نريح لحد الصبح وبعدين نشوف هنعملوا ايه.


داخل البناية


طرق جواد الباب مرات عديدة لكن لا من مجيب، سأله مراد

_ انت متأكد أنه چوه؟

_ مش البواب تحت جال أنه مخرجش واصل؟

_ خلاص اتصل عليه.


في غرفة كندا طرق عامر الغرفة وهو يقول برجاء

_ افتحي خلينا نتفاهم

لم تجيبه فعاد رجاء

_ احنا مبقناش صغيرين على عمايلك دي

طيب افتحي واني أوعدك إني أخليكي تجابلي جواد وياسمين.

فتحت كندا باب الغرفة وعادت لمقعدها بوجوم 

تقدم منها ليجلس قبالتها وأمسك يدها قائلاً برتابة

_ جولي عايزة أيه؟

رمقته كندا بحيرة وتحدثت بانفعال 

_ شو؟ چاي تضحك على عقلي بكلمتين متل كل مرة؟ بس أحب اقولك عامر بيك ماعاد شغلاتك هيك تمرئ علي، وماعاد يهمني أبوك أو أي حدا، يومين بالكتير وراح اروح لولادي وأحكيلهم كل اشي.

تنهد عامر بتعب 

_ خلاص هعملك اللي انت عايزاه بس أهم حاجة راضية ومرتاحة.

هزت رأسها بنفي

_ مو مرتاحة ياعامر، من وقت ما دخلتني حياتكم وانا مو مرتاحة، بس كنت بصبر حالي بحبك إلي ولأولادنا لكن هلأ ما عاد فيني اتحمل 

_ صدقيني كل اللي بعمله ده خوف عليكي


_ انت ما بتقدر تفهم إن حسان خلاص كبير وما عاد فيه حيل يؤمر وينهي زي قبل.

حسان بقى انسان ضعيف مو قدران يعمل شي غير أنه يچمعكم حواليه ويضغط عليكم أكتر 

راح اعطيك فرصة أخيرة إن ما رچعتني لولادي راح اضب اغراضي وارچع على بيروت.

_ بس انتي خابرة زين إني مجدرش اعيش من غيرك.

ضحكت بسخرية 

_ بأمراة شو، بأمراة سيلين اللي خلفتها بعد زواچك من أمها بييجي كام شهر.

هز رأسه بنفي وتحدث بصدق

_ مش حجيجي أني في الوقت ده كنت مقهور على فراجك وكمان متزوچ مرات أخوي اللي مش بتقبلها حتى، معرفش ايه اللي حصل وخلاني عملت إكدة بس صدجيني من وجتها متكررتش تاني واصل وحياتك عندي دي الحجيجة.

رمقته بعتاب

_ وحادثة ابني اللي حرمته مني في اكتر وقت محتاچني فيه، كيف قدرت تخبي علي.


_ مكنتيش هتجدري تتحملي الصدمة، أني لحد النهاردة تأثيرها ضاغط على جلبي وأنا شايفه بجى واحد تاني غير ابني اللي ربيته واتعلجت بيه أكتر من نفسي

كنت بموت كل دجيجة واني شايف كل ما يفوج يخدروه من تاني لأن حالته كانت صعبة جوي ومش هتتحمل صدمة زي دي

كنت واثق إنك مش هتجدري تتحمل وعشان إكدة خبيت عليكي.

تساقطت دموعها بغزارة وتمتمت بألم 

_ مو مهم اتحمل ولا لا، بس بيكفي إني أكون جانبه في ظرف زي هيك.

كان وچودي هيفرق معه وهيهون عليه كتير يا عامر بس انت انانيتك خلتك تبعدني عنه كرمال أبوك ما يعرف شي.

قاطعهم صوت هاتفه الذي تركه بالخارج 

ذهب ليأخذه فوجده جواد 

ابتعد قليلاً عن الغرفة ورد بهدوء 

_ ايوة يا جواد في الشجة خير

اتسعت عينيه بصدمة وتمتم بتلعثم 

_ لا موچود أني بس كنت نايم.

أغلق الهاتف وأخذ مفاتيحه وتوجه إلى الشقة الأخرى من جانب المطبخ


فتح عامر الباب وهو يتظاهر بالنعاس

_ خير يا جواد ايه اللي خلاك تسيب عروستك وتاچي أهنه.

دلف جواد وتلاه مراد وقد ساوره الشك من تلعثم أبيه

_ هحكيلك بس لما نرتاح شوية 

جلس جواد على المقعد لكن مراد تحدث بارهاق

_ طيب عرفني هنام فين لأني منمتش بجالي يومين

أشار له عامر 

_ اتفضلي يا ابني في الاوضة دي وخد راحتك

دلف مراد الغرفة كي يتركهم معًا واستلقى على الفراش بتعب.

جالت بخاطره صورتها وتساءل كيف حالها الآن

هل وجدت من يهتم بأدويتها كما كان يفعل؟

يعلم جيدًا بأن سلمى لن تتركها لكنه أيضاً يشعر بالقلق عليها.

تناول هاتفها وطلب رقمها فآتاه صوتها بعد قليل

_ ألو

صحح لها مراد

_ اسمها السلام عليكم.

صححت نور قولها 

_ السلام عليكم 

رد بابتسامة محب

_ وعليكم السلام كيفك دلوجت.

_ أحسن الحمد لله بس انت مجتش زي ما وعدتني.

_ غصب عني، مضطر ابات الليلة في القاهرة 

_ لسة مش عايز تقولي ايه السبب الحقيقي؟

_ مفيش داعي المهم بتاخدي علاجك بانتظام؟

_ اه طبعاً بصراحة محدش قصر معايا كأنك موجود بالظبط

_ مين اللي هيبات معاكي.

_ اكيد سلمى بس هي راحت الكفاتريا تجيب قهوة.

_ طيب خلي بالك من نفسك وانا اول ما أخلص مهمتي هرچع عشان ترچعي للبيت.

أغلق الهاتف كي يراعي مشاعر سلمى والتي أصبحت شاحبة تلك الفترة وعليه أن يعوضها عن ذلك الوقت الذي انشغل فيه بغيرها

            ____________


في القصر 

نظر عدي إلى خالد بصدمة كبيرة وتحدث بحدة

_ انت اتچنيت ازاي تعمل حاچة زي دي؟

جلس خالد على المقعد وهو يضع قدم فوق الأخرى قائلاً بفتور

_ مكنش فيه طريجة غير دي.

صاح به عدي

_ واحنا من ميتي بندخل الحريم في مشاكلنا.


غمغم خالد من بين أسنانه

_ وطي صوتك لحد يسمعنا، وبعدين مالك محموق إكدة مش دي اللي خدت مكان أختك وعايش حياته معاها ولا هو يتمتع بكل حاچة واحنا واجفين نتفرج عليه.

نهض خالد ليقف قبالته وتحدث بحقد

_ انت بتتحدت إكدة لأنك ضامن حقك بچوازتك من بنت عمك فايز إنما انا بح مفيش

بكرة بعد ما يوزعوا الورث ونطلع احنا من غير حاچة وآخرهم حسنة تطلع من كل واحد فيهم


خرجت يسر من غرفتها وهي تجفف دموعها بعد محادثة والديها الذيت تركاها وسافروا لأداء العمرة.

همت بالنزول لكنها توقفت عندما سمعت صوت عدي وخالد فينقبض قلبها بشدة عندما سمعت تلك الكلمة.. 

رد عدي بحدة

_ ما انت لو بتفهم مكنتش خنتها وعملت فيها إكدة، كانت هتفضل معاك ويمكن كمان كانت حبتك زي يسر ما حبتني انما انت بغباءك ضيعتها من أيدك وبعدين عايز تفهمني إن الفلوس اللي بتخبيها من ورا بيع الزرع من غير ما حدا يدرى مش هتكفيك وزيادة كمان؟!

صاح به خالد

_ ايه اللي چاب الملاليم اللي معاي للملايين اللي معاه من المزرعة وبيتمتع بخيرها واحنا بناخد مصروف من چدك زينا زي العيال.

وافقه عدي

_ مجلناش حاچة بس اني بتكلم على انك دخلت الحريم في الموضوع ده، ايوة كلنا رايدين ناخد حجنا من جواد بس مش بالحريم 


_ والله بقا المصلحة وجبت، ومتنساش إن لو مأخدناش حجنا وجدك عايش مش هناخده واصل، انت ضامن حقك بيسر إنما أني مش ضامن شيء وبعدين دي الطريقة الوحيدة اللي اجدر اكسره بيها وأجبر ياسمين انها ترچعلي ووجتها اكون ضمنت حجي والباجي على چدك

_ هو چدك كمان كان خابر إنك هتبلغ عنيها؟

ضحك خالد وقال باستهزاء

_ اومال انت فاكر أيه هو اللي أختارلي الوجت المناسب اللي أبلغ فيه.

انفتح الباب واندفعت يسر للداخل وهو تتمتم بعد استياعب

_ ايه اللي سمعته ده.

بهت عدي وتقدم منها يسألها بتوجس

_ سمعتي ايه مش فاهم.

تطلعت إليه بخيبة أمل وقالت 

_ سمعت الحجيجة يا ابن عمي.

ازدرد لعابه بصعوبة ومد يده يجذبها لخارج الغرفة 

_ طيب تعالي نتحدت في اوضـ….

جذبت ذراعها من يده وصرخت به

_ بعد يدك عني

جلس خالد على المقعد ولم يبالي بشيء فتقدمت منه يسر وقالت باشمئزاز

_ اني كنت بلوم على ياسمين وبجول إنها مجدرتش تكسبك لصفها وتغيرك بس طلع عندها حج في اللي عملته واللي اني كمان هعمله.

تبدلت ملامح عدى وسألها بحدة 

_ تجصدي ايه؟

صاحت به وهي تنظر إليه بتحدي

_ بجول إن أني كمان مش هكمل معاك بعد اللي سمعته.

جذبها عدي من يدها بعنف 

_ انتي شكلك اتچنيتي.

ردت عليه بتحدي

_ هبقى اتچنيت فعلاً لو مطلبتش الطلاج منيك وفضلت على ذمتك لحظة واحدة.

تجمع من في القصر على صوتهم واولهم يحيى الذي رآى حالة أخته وعدي يمسكها بتلك الحدة فجذبها من يده وصاح به

_ في ايه يا عدي ماسكها إكدة ليه؟

رد عدي بحدة 

_ أسأل الهانم أختك 

نظر يحيى إلى يسر يسألها

_ مالك يا يسر ايه اللي حصل؟

دلف حسان وخلفه كريمة وسألهم بحدة

_ صوتك عالي ليه؟

نظرت يسر إلى جدها بعتاب وتقدمت منه لتقول بأسف

_ يعني ما خابرش يا جدي صوتنا عالي ليه؟! ولا انت اللي مش عايز تعرف.

لم يفهم شيء من حديثها وتابعت هي بقهر

_ للدرچة دي البنات عنديك رخيصة في نظرك.

عقد حاجبيه مندهشًا وتابعت هي

_ جلبك كان فين وانت بتچوزنا لولاد عمنا عشان حجهم ميضعش وتدمر انت حجنا وتعيشنا معاهم بجلوبهم اللي كيف الحچر دي، ولا هلوم عليهم ليه وانت أجرم منيهم.

لطمة حادة سقطت على خد يسر وعندها لم يستطيع عدى تحمل ضربه لها

فأخذها مسرعًا من أمام جده يحميها منه

_ لو سمحت يا چدي متمدش يدك على مرتي

هدر حسان بغضب

_ البنت دي ناجصة ترباية ولازم تتربى من لول.

خرجت يسر من بين ذراعي عدى وغمغمت باحتدام

_ ليه؟ عشان جلت الحجيجة! عشان بجول إننا اتخدنا كبش فدى لولاد عمي عشان يضمنوا ورثهم، يعني الموضوع مش جصة بنات العيلة متخرجش برة لأ ولاد عمكم أولى بورثكم، حتى چواد اللي دمرتوا حياته محدش منك رحمه ودلوقت بتكملوا على مراته.

أحساسك ايه يا چدي دلوجت وانت واجف وسطينا بتتفرچ على دمار عيلتك اللي عشت عمرك تحافظ عليهم

أول حاچة شمس بعدها چواد، بعده ياسمين 

تقدمت منه خطوة وقالت بقهر

_ وبعده أنا لأن بعد اللي سمعته مش هكمل معاه دجيجة واحدة.

انتفض قلب عدي بخوف من خسارتها 

أما حسان فقد أخذ الغضب منه مبلغه وشعر إن كل شيء ينهار حقًا من بين يديه 

جذب يسر من شعرها وهو يسحبها للخارج

_ لااا إن كان فايز معرفش يربي أني بجا اللي هربيك يا ……

اسرع عدي خلفه كي ينقذها منه لكن كريمة امسكت ذراعه تمنعه

_ سيبه خليه يربيها.

جذب ذراعه من يدها وأسرع خلف يسر وقام بجذبها من يده قائلاً 

_ محدش له دعوة بمراتي.

هدر به حسان

_ بعد يدك عنيها.

قاطعه بحدة

_ انت اللي بعد يدك عنيها أني جابل أي حديت تجوله دي حاچة بيني وبينها محدش له أنه يتدخل.

نظر إليه بغضب وتحدث بانفعال

_ رايد تسامح في غلطها فيك سامح إنما أنها تغلط فيا مش هعديه


ابعدت نفسها عن ذراعي زوجها وقالت لهم بسخط

_ تعالوا جبل اي حاچة اعرفكم حجيجة جدكم الموكر، اللي بدأ بچواد و سجن مراته بمساعدة خالد عشان يكسره ويرچع ياسمين لخالد غصب عنيها

وعدي اللي اتزوچني عشان يضمن هو وأخوه حجهم في الورث بعد موته

چاي يمد يده عليا عشان معملش زي ياسمين واخرچ بكرامتي ويتحرم عدى بيه من ورثي.

تساقطت دموعها بغزارة وتمتمت بألم 

_ ليه يا چدي، ليه بترخصنا إكدة

اشارت على خالد وعدي

_ عشان خاطر اللي خايفين من موتك بس عشان ميتحرموش من الميراث؟! 

هزت راسها بقهر

_ يبجى تستاهل اللي هيجرى فيك بعد إكدة.

انسحبت بهدوء ودلفت غرفتها وأغلقت الباب خلفها بأحكام

لكن عرت الجميع أمام انفسهم وأولهم حسان الذي شعر بنغصة حادة في قلبه لكنه تلاشاها

وهم بالذهاب لكن صوت عدي أوقفه. 


            الفصل الخامس والعشرون من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

        

   

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close