أخر الاخبار

رواية حكاية امل الجزء الثاني2الفصل الثالث3 والرابع4 بقلم سلوي فاضل

رواية حكاية امل الجزء الثاني2الفصل الثالث3 والرابع4 بقلم سلوي فاضل



بعد إلحاح من سمر روحنا نكشف، وطبعا حصل بعدم رغبة مني؛ ولكن لأنه بالنهاية حقها، وأهو حاجة تكسر الملل اللي مالي حياتنا، كشفنا وعملنا فحوصات وتحاليل اللي زادت من تعاستي، وكأن الدنيا تكاتفت معها عشان تزود معاناتي، طلع عندي مشكلة معقدة شوية ومش سهل علاجها، باختصار الأمل لعلاجها ضعيف، وانكَسَرت قدامها، وشوفت نظرة انتصار في عينها ماحاولتش حتي تداريها.

 أخدت أدوية كتيره، والحقيقة ما كانش عندي أي رغبة إني أتعالج وأخف؛ مش عايز علاقتي بها تزيد؛ مش عارف ليه وماما قلبها أتوجع عليا، وأنا كمان حسيت بالانهزام، وهي استغلت الفرصة طبعا، بالتلميح المستمر أنها مستحملة، تعكس الكلام تنفيه لكن تظهر بتعابير وجهها وبطريقة خبيثة مستمرة الحقيقة اللي قاصداها.

يوم ما عرفنا بمشكلتي، قالت لي بنعومة خبث، وشوية دموع تماسيح، داست على جراحي بدم بارد.
-عماد ما تزعلش يا حبيبي، أنا مش زعلانة عشان ممكن ما يكونش عندنا أولاد، ومش حقول لحد خاااالص عن اللي الدكتور قالوا وإن فرصة الانجاب شبه معدومة. 

كانت حالتي سيئة جدًا، حاسس بالانهزام والانكسار أمامها، وهي بترمي كلماتها قاسية ولها معني، حاولت أقنع نفسي أن نيتها بريئة وصافية. 

كانت مستعجلة كالعادة وجريئة بزيادة، زياراتها لأهلها زادت، تطلب مني أروح اجيبها عكس الأول، ولما أروح ألاحظ نظرات الشفقة اللي ملت وجه والدها و والدتها، حسيت أنها حكت لهم بس حاولت أكذب نفسي، خصوصا أنها هي اللي قالت مش حتقول لحد.

 وبعد فترة صغيرة نسبيا بقت تصرفاتها فاترة بزيادة وحادة، اهملت كل حاجة تخصني، وكل مرة اتكلم معَها نتخانق، وتلمح أنها مستحملة كتير، وإن عدم الخلفة مأثر معَها وبتحاول تتقبل الوضع.

 وفي مرة بالليل كالعادة بشوف هدومي واجهزها للصبح، لقيت كل البدل مش نضيفه، كانت في السرير نصف جالسة، وساندة ظهرها علي ظهر السرير، أول ما لقيت كده نفخت وكلمتها وأنا مخنوق من تصرفاتها واهمالها المستفزين.
-ممكن أعرف البدل ما راحتش للتنضيف ليه؟ أنا كلمتهم من ثلاث أيام يجوا ياخدوها عشان لاقيت معظهم مش نضيف.

ردت ببرود واستفزاز: 
-كنت نايمة وقولت لهم ما فيش هدوم للتنضيف.

مكلفتش نفسها تبص لي وهى بتتكلم، فرديت من تحت اسناني: 
-ولما حضرتك كنت نايمة وكسلتي تفتحي الدولاب تديهم البدل، ليه ما اتصلتيش تاني يجوا ياخدوها؟

ردت بدون اهتمام: 
-عادى.

رديت بعصبية وزعيق: 
-إيه البرود اللي أنت فيه ده، تقدرى تقولي أخرج بإيه بكرة؟

-أي حاجة أقول لك البس قميص وبنطلون، مش لازم بدل يعني، أوبس أنا بردوا ما ودتهمش.

انفجرت فيها اتغاظت من طريقتها ومن الموبيل اللي دافنة وشها فيه طول الوقت:
 -سيبي الزفت اللي في ايدك ده، وبصي لي وبطلي برودك ده شوية.

رفعت وجهها بملل واتكلمت بزهق: 
-سيبت الفون أهو، يارب تكون مرتاح، عايز إيه؟

غمضت عيني أحاول اتمالك أعصابي: 
-ممكن أفهم اهمالك ليا ولحاجتي هيستمر لامتي، بقالي كتير صابر وأقول بكرة تتغير وتفتكر أن لها زوج وليه طلبات.

رسمت علامات الأسى على وشها واتكلمت وهي تصطنع البكاء
-أنا عارفة اني مقصرة؛ بس غصب عني باحاول اتقبل الوضع لكن تعبانة مش قادرة أعمل أي حاجة، حاسة طول اليوم مخنوقة وتعبانة.

متأكد أنها بتكذب، لأني كل ما اروح شغلها الاقيها تتكلم وتهزر وتضحك وتشتغل باهتمام واخلاص، باختصار بتكون طبيعية جدًا ومنطلقة بعكس حالتها في البيت، حتي لما بروح اخدها من بيت باباها بسمع ضحكها من علي السلم، يعني مشكلتها في البيت وفي وجودي.

رديت بعملية شديدة وتعود لتلميحاتها: 
-عندك حق، علي العموم أنا بخيرك للمرة اللي فاكر عددها، لو عايزة تنفصلي أنا ما عنديش مانع ننفصل بهدوء ده حقك.

صرخت في وشي وكأني أنا الجاني: 
-أنت إيه عايز؟ مشاكل وخلاص كل ده عشان تعبانة مش من حقي اتعب يعني.

رديت بنفس اسلوبها: 
-وأنا فين حقوقي؟ أنا ما قصرتش في حاجة، وأنت مقصرة في كل حاجة، لا لبس ولا أكل ولا بيت، حتي حقوقي الزوجية مش طايقاها وكل فين وفين لما ترضي، وبتكوني زي الجثة كأني غاصبك.

-قول كده بقي بتدور علي نفسك ورغبتك، وبعدين ماهي ما لهاش لازمة ما عمرى ما هكون أم، يبقي بلاها الحقوق دي.

بجحه كالعادة الأول كنت بقول صريحة بزيادة؛ بس الحقيقة أنها بجحة بكل معاني الكلمة، فقدت الأمل فيها وفي حياتي معها، فضلت الصمت.

مرت كمان سنة والحياة مملة في وسط تلميحاتها المستمرة لضعفي وعدم قدرتي علي الإنجاب، وكل ما تطلب حاجة علي غير رغبتي تلمح لموضوع الانجاب وتدوس بكل قوتها؛ لحد ما أتعب وأعمل اللي عايزاه.

مرت كمان سنة، بدأت أشك في تصرفاتها وفي مكالمتها، دايما وجهها بالموبيل وتضحك مع نفسها، كتير تروح بعيد تتكلم، والاقيها مكسوفة ووشها أحمر من الكسوف، بالرغم أنها مش بتتكسف أصلًا، بدأت أدور وراها؛ ولكن هي كالعادة أسرع مني.

 في يوم لاقيتها بتكلمني وأنا في الشغل وطلبت مني نتغدى بره وأصرت، قالت لي علي اسم مكان اللي حنتقابل فيه، وتأثرت قوي لما قولت لها مش فاضي،  استغربتها جدًا وكان عندي فضول أعرف السبب، روحت وصلت وماكنتش هناك فاتصلت بها.
أنا متأفف: أيوه أنت فين؟ ولما لسه قدامك شوية أصريتِ أجي ليه؟

أول ما قفلت ومسافة ما رفعت عيني، لقيتها داخلة أيدها في ذراع راجل تاني، وسعيدة جدًا، وتنظر لي بانتصار وسعادة.

وقفت بعصبية شديدة، بقينا في مربع واحد، مش متخيل الوقاحة اللي وصلت لها، لا بقى انحدار.
-إيه ده؟
  شديتها بقوة بعيد عنه، وهي بمنتهى الخبث وابتسامة سمجة وقحة اتكلمت.
 -أقدم لك حبيبي وزوجي المستقبلي.

كنت في صدمة وذهول من صراحتها، اللي تعدت حدود البجاحة المفرطة والوقاحة، وقبل ما أفوق من حالتي كملت.
-أول ما العدة تنتهي بعد طلاقنا، حنتجوز علي طول. 

كان ردي عليها شوية صفعات مدوية، نزلت على وشها في قلب المكان؛ فحاول الشخص اللي معاها، اللي هو علي حد تعبيرها زوجها المستقبلي، يبعدها عني؛ فاخد هو كمان كام لكمة سطحته علي الأرض ولما أمن المطعم حاول يتدخل تراجع لأني ضابط، وهي مراتي.

 شديتها من ذراعها بعنف للعربية، وسوقت مش عارف إزاي، طلعت على ماما، اللي اتخضت من شكلي قبل شكلها، ودخلت بها غرفتي وقفلت بالمفتاح، ضربتها بعنف شديد، طلعت كل غضبي منها السنين اللي فاتت.

ماما بتخبط علي الباب، وصلها صوت صراخ سمر وسبابها، وصوت صراخي عليها وضربي لها، كانت خايفة يحصل لها حاجة وأنا أتأذى، بعد ما خرجت كل غضبي منها سبتها بالغرفة، وقفلت بالمفتاح تاني، ماما حاولت تهديني وتفهم اللي حصل، لكني فاقد القدرة على الحكي والكلام.

 يومها نمت مع ماما لأول مرة من زمن بعيد، وثاني يوم قبل ما أنزل كانت فاقت وفكرت مع نفسها وبدأت تخبط على الباب وتقول كلام مستفز زيها. وماما أكيد عايزة تفهم.
-يا ابني ريحني وفهمني اللي حصل بدل ما أنا علي أعصابي من إمبارح حيحصل لي حاجة قول بقي. 

رديت بانكسار وغضب: 
-في إني سلمت اسمي وقلبي لواحدة الخيانة والغدر في دمها.

كانت صدمة لها رغم عدم ارتياحها لسمر إلا أنها ما توقعتش فعلها.
-خيانة إزاي يا ابني؟ 

جاوبتها ببسمة سخرية دبحتني:
-الهانم امبارح طلبت تقابلني نتغدى برة عشان تعرفني علي زوجها المستقبلي وقالت بكل بجاحة حتجوزه بعد العدة. 

-معقول يا ابني، هو في كده! لا حول ولا قوة إلا بالله، طيب هدي نفسك دي واحدة ما عداش عليها تربية، حتعمل إيه دلوقتي؟

-حشوف أبوها، والله ما حاتطول مني ولا مليم مؤخر، كفاية الذهب اللي جالها وكانت راسمة علي الشقة.

ماما ما لاقتش أي كلام تقوله، توقعت منها تصرفات سيئة؛ لكن عمرها ما  تخيلت الانحطاط ده.

حبستها بالغرفة، وعشان طيبة ماما كنت بخلي المفتاح معايا حتى وأنا بره، وأنا بدخل لها الأكل وأرجع اقفل، ولو فضلت تخبط كتير وتعمل دوشة كنت بدخل أضربها، لحد ما خافت وبطلت، هتقولوا همجية؛ لكن أنا سنين مضغوط واللي هي عملته كتير  وكبير، كل ما اتخيل أنها كانت بتتكلم معه، وسبب كسوفها دمي يغلي في عروقي مش سهل علي اي رجل يتحمل ده، واللي كان مجنني إني عرضت عليها كتير الانفصال؛ بس تقريبا وقتها ماكانش في بديل او حبت تزود اللي بتاخده مني. 

بعد كام يوم اتصلت بوالدها اللي جه واتصدم من اللى هي عملته، وما نطقش بأي كلمة لما شافها مضروبة، حيقول إيه؟ ماهي عاملة مصيبة سودا، وقولت له الطلاق لو تنازلت عن المؤخر، يا إما حتفضل كده وتشوف ما هو أسوأ. 

في الأول كابرت، كانت عايزة الفلوس مش قابلة تتنازل طمعانة فيا للأخر، وتكلمت مع والدها بكل بجاحه قدامي
-يا بابا ده واحد عقيم وعمري ما حسيت معاه بالسعادة، ضيعت أربع سنين من عمري، اتنازل ليه عن حقوقي، مش هاتنازل ده حقي.

بصيت لها باستخفاف واحتكار، عيوني كان كلها تهديد ووعيد، وسيبتها مع والدها يتكلم معاها وهي الحقيقة، بعد كلام والدها  معاها واللي حسه مني ومن كلامي خلاها خافت، ماهي ما توقعتش إني ممكن أضربها وضربتها، فخافت من تهديداتي وسرحت بخيالها في اللي ممكن أعمله معاها بنفوذي كضابط، طبعا تخيلت إني ممكن أسيئ لوظيفتي، وما توقعتش انه مجرد تهديد، واني استحالة أخون شرف مهنتي، واستغل نفوذي للأذية حتي لو لشخص اذاني؛ فتراجعت وقبلت تتنازل عن جميع حقوقها، وسجلت التنازل، وهي اخدت هدومها وصيغتها وكان كتير جدًا، بس سيبته لآني جبته برضا؛ لكن الباقي ما كنش في دماغي أننا ممكن ننفصل في يوم.

أسوأ أربع سنين في حياتي، بقى عندي ٢٨ سنة وحاسس عمري ١٠٠ سنة، وقفلت صفحة الجواز من حياتي، أو تهيأ لي وقتها اني قفلتها.

كنت دايما بزور بابا، وماما معايا لأني كنت تعبان جدًا، وكل فترة أشوف أمل ومعاها باباها، ما كنتش بهتم أشوف مين جوه؛ لكن البابين متقابلين مجرد ما أجي أخرج بشوف المكان عندهم بوضوح، أنا كمان مالفتش أنتباه حد منهم.

مر الوقت عليا مش عارف بالراحة ولا بسرعة، بشتغل وبس، بحاول أملئ وقتي وتفكيري بالشغل؛ دون أي استجابة لمحاولات ماما إني أفكر في الإرتباط تاني. 

الفصل الرابع (شعور غريب)

مرت سنين عمرى بدون ما أشعر، أيامها كلها زي بعض، ظلمت نفسي بحلم لما حققته لقيته الجحيم بعينه، ندمت بس علي راي الست تفيد بإيه يا ندم، كرهت الزواج، والحقيقة الستات كمان شفتهم زي بعض وإن اللي زي امي عملة نادرة أو مش موجودين.

 حاولت امي كتير تخرجني من حالتي، وحاولت كتير تقنعني أجرب حظي مرة تانية، كنت بقابل محاولاتها دي بالرفض الشديد، وقفلت باب الزواج نهائي، وما تخيلتش في يوم إني ممكن أفتح الباب ده تاني.

ومرت الايام، بقي عندي ٣١سنة وحياتي زي ماهي، حاسس بالوجع والإهانة كأنها إمبارح، وكل ما الوجع يزيد أزور بابا، بروح المقابر كتير واعتذر له واتمنى لو سمعت كلامه وشيلتها من تفكيري.

 مرة وأنا هناك كان في جنازة عند أمل، جنازة والدها كانت في نفس وضع حالة الوفاه اللي قبلها، مش عارف ليه كنت فاكر بس المرة دي دموعها نازلة، سمعت حوار دار بين نور والمدعو هادي، اللي كانت تعابير وجهه باردة زيه، لأني بصيت له وهو بيتكلم لما حسيت بالغيظ منه بجد.

 وقفت معاه بعيد عن الناس، تكلمت باهتمام تحول مع كلماته لغيظ من شخصه وبروده:
-هادي أمل تعبانة قوي، ما قالتش ولا كلمة من إمبارح، شكلها انتكست تاني.
-انتكست ازاي؟.
-هو إيه اللي إزاي! أنت مش عارف ان مراتك جالها انهيار وقت وفاة طنط حنان مامتها، وهي كانت مرتبطة بعمو جدًا، دي مش حاسة بينا بكلمهما مش بترد، زي ما تكون مش سامعاني.

-شوية وحتفوق من الصدمة.
-أنت سامع بقول إيه؟ يا هاااادي أمل محتاجة دكتور نفسي.

-حقول للؤي.
-يا ربيييييي، يا هادي دكتور نفسي مش لؤي.
-بقول لك إيه، خلاص قولتي اسكتي بقي.

وطلع لؤي من جوه واتكلم بعصبية وتهديد
-أنتم بتتخانقوا هنا في المقابر.

 ونظر لهادي بحدة لقيته بقي مرعوب زي الطفل الصغير فابتسمت بتعجب وسخرية من الشخص ده وكملت نور.
-لؤي أمل مش بتتكلم من إمبارح، محتاجة دكتور نفسي، تقريبا حصل لها زي قبل كده.

رد بحدة وعدم اهتمام وكأنها بتتكلم هدعن حد غريب ما يخصوش: 
-أنا مش فاضي للدلع ده، في عزاء وهي حتبقي كويسة، بلاش دلع.

سابتهم نور وهي بتكلم نفسها ومصدومة، وقفت مع أمل، وأنا كان نفسي أطلع لهم الكم كل واحد فيهم، وأخدها اوديها للدكتور، ومش عارف سبب إحساسي، قولت لنفسي وقتها متعاطف معاها عشان حسيت باحساسها وقت وفاه بابا، ماما كمان سمعت حوارهم وطبعًا صعبت عليها وزعلت عشانها ومر اليوم. 

فضل العمر يتسرسب وأنا مش حاسس، حياتي باردة روتينية جدًا، يأست ماما من اني اتجوز تاني؛ لاني اجابتي كل مرة واحدة، وقافل الباب ده نهائي.

 ومر كمان سنتين، ترقيت فيهم ترقية استثنائية لاجتهادي، بروح لبابا افرحه وبالرغم من ان جرحي هدي شوية الا ان وجعي كان زي ما هو، روحت ازور بابا بالزي الرسمي وكنت لوحدي.

 يومها وأنا داخل كانت هي خارجة، خبطت فيها وهي اعتذرت بدون ما ترفع وجهها، اللي كان باين عليه الضرب والاجهاد الشديد، حسيت اني اتخنقت واتضايقت، هاين عليّا اسألها مين اللي عمل فيها كده واخد حقها منه، وبردو مش عارف ليه؟ سالت نفسي بدون إجابة، لسه هدخل عند بابا سمعت صوت جهورى بينده عليها، والغضب مالي صوته وتعابير وجهه، وكان لؤي طبعا وقرب منها وشدها من ذراعها وكان بيحركها بعنف بيرجها بقوة وغضب، و راه الشخص البارد هادي، وعلي وجهه ابتسامة سخرية كان نفسي الكمه الصراحة.

لقيت نفسي وقفت وبصيت عليهم، اما أمل اول ما سمعت الصوت ولؤي واصبح امامها اغمي عليها، وسقطت بين ايدين اخوها، حسيت بشعور غريب جدًا ما قدرتش أفهمه وحاولت أتجاوز اللي حصل؛ لكن كنت بفكر فيها وصورتها وهي بيغمي عليها فارضة نفسها عليا.

ماما بدأت تلاحظ وتسالني وأنا ما كنش عندي رد ما أنا أصلًا مش فاهم ولا عارف فحقول إيه؟!!!
حالة من التخبط وعدم الفهم خلتني  أروح كتير لوحدي لبابا، واتكلم معاه كأنه معايا وسامعني، والغريب أنها هي كمان الفترة دي كانت بتيجي كتير، ودائما منهارة حالتها كانت بتأثر فيا لدرجة غير مفهومة، كنت بحس بنغزة في قلبي بتزيد كل مرة عن اللي قبلها، كان في سؤال بيفرض نفسه عليا، إيه اللي وصلها لكده؟ وهل البنات مش كلهم زي المدعوة سمر؟ هل في نوع تاني من البنات بتحس ومحترم؟ هل في بنات بتتظلم زينا ومش ظالمة؟
 
الغريب إني بقيت ساعات أروح المقابر؛ بس عشان أشوفها وأطمن عليها، وطبعا ولا مرة أطمنت، وكل مرة أحس بقلق أكتر، ونغز قلبي يزيد أكتر وأكتر.

 مر ست شهور تقريبا، يومها كنت في المقابر أنا والدتي لقيتها جت وبتتكلم مع الغفير، والكلام طول شوية، حسيت إن في حاجة غريبة فقربت شوية اسمع، وفهمت ان اؤي مانعها تزور باباها، اتضايقت منه جدًا.

 
كانت حتمشي، مش عارف إزاي لقيت نفسي خارج أكلم الغفير، اقنعته يفتح لها لو حد كلمه حتدخل وأحفظ له حقه بدون مشاكل، وفعلا الغفير فتح لها.
وهي بكسوف وإحراج شكرتني وأنا عيني علي وجهها، اللي بتجاول تخبيه بالطرحة والنظارة وبالرغم من كده واضح أثار البكاء والضرب، رديت بالكلام التقليدي، وكل حد فينا دخل يزور والده. 

قامت بروتينهت المعتاد، وبعدين قعدت تتكلم، كانت بتبكي بقهر، حسيت إني بتوجع ونغز قلبي يزيد، كنت متضايق من إحساسي، وفضلت مستني عشان لو أخوها جه، كنت بقول لنفسي إني وعدت الغفير، بس الحقيقة كنت متابعها قلقان من رد فعل أخوها لو جه.

شوية لقيتها بتتكلم في التليفون وقامت تجري تنادي الغفير، مرة واحدة سمعت صوت أخوها ينادي عليها بحدة وغضب، وفي لمح البصر كان أمامها لافف شعرها علي ايده، وسمعت حوارهم، واتهامه لها ودفاعها عن نفسها، وجعني تجريحخ لها ومعايرتها بعجزها:
-أقنعتيه إزاي يطلق، وعايزة تطلقي ليه؟ ما أنت عاقر.

اتوجعت مرتين مرة لوجعها ومرة عشان وافتكرت كلام سمر عني، وجعني ردها، والألم الساكن بين طياته، أول ما قالت 'اه عاقر'، روحت في دنيا تانية، لدرجة إني ما سمعتش باقي كلامهم، طريقة أخوها أكدت لي إن  اللي في وشها من الضرب فعلا، وأكيد الهدوم مخبيه أكتر، رجعت من شرودي وانتبهت علي تمنيها للموت احساس حسيته قبل كده كفيل لوحده بقتل الروح ووقتها قررت اتدخل واهدي بينهم. 

شوفت في عينه غضب أكبر؛ لكن للأسف ما كنش في ايدي أي حاجة تانية، مش عارف ليه تمنيت إني اشدها منه وأخدها أحميها من غضبه، وطبعا هو اللي أخدها ومشي بعد ما فصلت جنازة بينا، وشوفته من بعيد وهو لسه يضربها بعنف، بجد همجي، حسيت بوجع قلبي، وضعفي عن حمايتها.

 شردت فيها واللي بيحصل لها، وانتبهت علي صوت ماما بتنادي عليّا نمشي.
-ما كنش المفروض تتدخل بينهم، في الأخر هما أهل، وممكن باللي عملته ده تكون أذيتها أكتر.
-يعني كنت أسيبه يكمل ضرب فيها، مش شايفة وشها واضح أنه بيضربها من فترة .
-وهو كده بطل، ربنا يعينها ما بدء يضربها من تاني أول ما ركبت العربية، وأكيد حيكمل في البيت.

رديت بقلة حيلة وغضب خفيف منه وقلق عليها: 
-اللي حصل، حصل.

طبعا ماما أخدت بالها من اهتمامي اللي مش مفهوم: 
-مالك مهتم ليه؟

رديت وأنا مخنوق من كل حاجة: 
-ماما ما تكبريش الموضوع، يلا نمشي.

مشينا وأنا بفكر ممكن يكون عمل فيها إيه؟ وهل هشوفها تاني؟ كانت صورتها وهو بيضربها أمامي طول الوقت، نفسي أمنع عنها عذابها بأي شكل، الغريب إني كنت باحاول أتخيل ملامحها بدون أثار الضرب، دايما أحس بنغزة خفيفة كده كل ما أفتكر شكلها بين ايديه، وأقول لنفسي شخص زي ده المفروض يكون اخ لسمر؛ عشان يعيد تربيتها من جديد.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close