رواية تزوجت مـدمـنا
تأنت في الفراش بتعب، مصدرة آهه عميقة.. وقع كفها على الوسادة الريشية الناعمة.. و ذلك الغطاء الكثيف المدثرة أسفله..
فتحت جفونها.. وسرعان ما تذكرت آخر الأحداث.. آخر شئ تتذكره هو حديث كريم عن سبب إد*مانه .. حتى لم تتحوار معه كانت تنصت فقط.. مجرد ما انتهى من قصه كانت تغط في نوم عميق او.. اغشاءة.!
و لكن الآن هى في غرفته، ممددة على فراشه الوثير المغلف برائحته الذكورية رغم طيلة مدة غيابه عن الفراش..
شعرت بملمس كف يده الحنون، وهو يربت على شعرها بعطف ابوي رحيم..
إلتفتت له، لتقابل تلك الابتسامة الصغيرة المرسومة على ثغره..
إشتاقت لتلك الابتسامة كثيرا.! إشتاقت للمسته الحنونة..!
إرتوت برؤية إبتسامته التي رغم شحوب وجهه و ذبوله، تعطيه جاذبية أيضا.-!
" انا آسف،، مكنتش في وعي..
بس انتي بردو غلطتي، غلطتي لما وقفتي قصادي و اتدخلتي في خصوصياتي ! "
أشاحت بوجهها للجهة الاخرة.. وهى تقول بمرارة
" إنت كنت هتقتلني،، انا كنت زماني ميتة دلوقتي انت متخيل ده.؟! متخيل ان حياتي كانت في لحظة بين إيديك و تيجي تقولي بتدخل في خصوصياتك.؟! "
اجاب بإندفاع مبرراا لنفسه
" انتي طول ما في حالك انا مش هاجي جنبك.! مش هلمسك ولا هتعرضلك مش هكلمك حتى.! لكن انتي الي بدأتي.! و لحظي اني كنت خرمان و مش في وعي انتي عارفة ده كويس.! "
تكلمت بهدوء وهى تحدقه بنظراتها الثاقبة هذه المرة
" و عارفة أنك زي ما كنت ضحية و ملكش ذنب في حاجة عذبوك و خلوك مدمن زيهم تحت تأثير الي بيشربوه..
وزي ما عملوا فيك بالظبط انت هتردوا.! زي ما كانو تحت تأثيره الي بيشربوه و عذبوك.. أنت كمان هيجي عليك يوم و هتبقى تحت تأثير الي بتشربه.. و محدش هينول شرف العذاب غيري كالعادة.. ولا ايه.؟! "
صمت ثوان نظرات الألم تحتل مقاسم وجهه.. وتابع بصوت مبحوح
" متخافيش، تعدي بس مدة معقولة على جوازنا، و أوعدك ان انا هطلقك! "
صعقة كهربائية مرت بجسدها.. تخيلت للحظة حياتها بدونه وبدون مغامراتها معه و انقبض قلبها فورا لتخيل ذلك.!
تنهيدة عميقة صدرت منه وهو يهم بالخروج من الغرفة..
استوقفه سؤالها
" ليه متعالجتش.؟! ليه فضلت مكمل في الطريق ده.! "
إبتسم بسخرية رافعا كفاه بلا مبالاه
" اهتم ليه.! و اتعالج علشان مين.؟ علشان نفسي.؟ انا اصلا كنت ميت !!
هتعالج من الإدمان و بعدين،، هتعالج من موت.؟! "
~~
شد بقبضته رباط معطفه الشتوي ذو الغطاء الرأسي.. محكما إياه جيدا وهو يدثر وجهه أسفله حتى لا يتعرف عليه أحد..
خرج من سيارته متوجها لذلك الشاب الذي ينظر حوله باحثا عن شخص ما..
اعتدل الشاب ذو الشرون عاما فور رؤيته..
أخرج كريم بضع ورقات نقدية ماددا كفه للشاب، و اخرج الشاب كيس بلاستيكي اسود يحتوي على ما يدمنه كريم..
استلم كريم الكيس بلهفة و حرمان، و ركض فورا لسيارته متصفحا محتوى الكيس.. أخرج كيس صغير منهما وهو يسكب المحتوي كله في باطن كفه، و استنشق جميع الجرعة في الكيس !!
ليتآوهه بنشوة دسمة.!
~~
وقفت محدقة بساعة الحائط المعلقة بضيق.. الواحدة بعد منتصف الليل و لم يهل كريم بطلعته عليها..
نظرت بيأس لطاولة الطعام المجهزة بأشهى الأطعمة التي حتما بردت..
تهللت اساريرها عقب سماعها صوت المفتاح في الباب..
نظرت بلهفة صوب الباب، دلف كريم بخطى وئيدة مملة حاملا معطفه على كتفه بإهمال..
وجد نورا يهل عليه من على بعد، لتظهر حياه بثوبها الأسود اللامع القصير.. و شعرها الطويل الاسود المنسدل على ظهرها..
إضافة للقمرين السود في عيناها ورغم ذلك بدت كالشمس المنيرة.!
حياه بهدوء -: مرضتش آكل غير لما تيجي.. قولت نتعشى مع بعض احسن.!
كريم لاويا شفتيه مبتسما -: قبل كدة فطار و دلوقتي عشا.. و مالو يلا.!
ضحكت حياه وهى تمسك بكفه..
كريم -: انتي رايحة فين.؟!
حياه -: هناكل في الفراندا. عندك مانع.؟
جلسا انثيهما قبل بعض.. يأكلان بهدوء..
كريم -: إنتي الي عاملة الأكل.؟
حياه -: احم.. آها.! هو فيه حاجة ولا ايه.؟!
كريم -: لا بس مكنتش عارف انك شاطرة في الطبخ كدة.!
حياه -: مممم، طيب !
نهضت حياه ثوان،، سمع بعد لحظات كريم صوت موسيقى هادئة.. و انخفتت الأضواء كثيرا..
وجد كفها يسحبه للوسط
" قووم بقى خلينا نرقص.! "
كريم -: عشا، أغنية رومانسية.. ايه الحكاية.؟!
حياه بضحك -: بفرفشك شوية الحق عليا.!
~~
ظلا يرقصان بهدوء على الألحان البسيطة..
و حياه تنهدت أكثر من مرة بصعوبة..
لاحظ كريم ذلك -: في ايه يا حياه.؟!
حياه بابتسامة -: مفيش.. مفيش حاجة.!
كريم -: لا فيه.! انتي عايزة تقولي حاجة.! اتكلمي
حياه -: أيوة فيه.. انا عايزة اتكلم معاك فعلا.!
كريم -: طيب اتكلمي انا سامعك.!
تنهدت حياه طويلا،، قبل ان تقترب منه قائلة
" كريم.. انا عايزة اقولكك إني جنبك.. مش هسيبك ابدا، و مش عايزة اطلق منك..
ااآ.. كريم انا بحب قربي منك، بحب منغوشتك ليا و برودك كمان.!
انا مش خايفة على نفسي منك،، بالعكس تماما.. انا بحس بالراحة و انت جنبي !! "
انهت جملتها محسسة على وجنتيه، استطاعت ان تشعر بالرعشة التي أصابت جسده.. و برجفته بين يديها.. و بلاهته و تحديقه فيما تقول..
أكملت بهدوء " انت مش لوحدكك.. انا دايما معاك.! و هفضل معاك لغاية ما تتعالج و..
قاطعها مندفعا -: اتعالج.؟ هى الحكاية كدة بقى.. عايزاني اتعالج.!
عاملة جو شاعري و رومانسي و كلمتين يوقعوا الجبل عشان اتعالج.. !!
حياه -: انت قولت ان محدش كان جنبك عشان تتعالج.. و انا دلوقتي جنبك و معاك ..
كريم -: انا مقولتش مش عايز اتعالج عشان محدش جنبي.. انا قولت عشان مفيش حد يستاهل اني اتعالج علشانه.!
حياه مستنكرة -: و انا مستهلش يا كريم.؟؟!
كريم -: سواء تستاهلي او متستهليش.. مش ده بس السبب..
انا البودرة الي ماشية في دمي خليتني عايش دنيا تانية، خليتني مرتاح و مش حاسس بحاجة.! هى الي نجدتني من الحياه المقرفة الي كنت بعيشها..
حياه مندفعة -: ياااه.؟! حياه مقرفة.؟ ليه كل ده علشان كنت وحيد، عشان كنت كئيب دايما فاكر ان المخدرات هتنسيك كئابتك.؟!
كريم -: أيوة و انا مش مستعد أرجع تاني.!
استدار ورحل.. ولكن قبضت حياه على كفه بعنف
" مش هسيبك، مش هسيبك يا كريم.. هفضل وراك لغاية ما تتعالج .! "
وقف كريم وهو يحدقها بنظراته الباردة، و امسك بكفها الممسك به
" يبقى موتك اقربلك.! "
انهى جملته وهو يلقى بكفها بعيدا.. و رحل سريعا لغرفته..
حياه في نفسها -: وراك وراك.. هتروح مني فين.!
~~
مرت ثلاث ايام، يذهب كريم لعمله صباحا.. و يعود للبيت مساءا..
و حياه تستيقظ تعد له فطوره.. و تنتظر عودته تعد له عشاءه..
و بالطبع لم يسلم منها، فهى كانت تتحدث و تلح عليه بموضوع العلاج و إجابته واحدة صامدة..
وفي مساء اليوم الثالث..
حياه بآصرار -: قولتلك مش هسيبك.! هفضل وراك لغاية ما تتعالج..
كريم بصياح -: يوووووووووه.! انتي ايه مبتزهقيش اسيبلك البيت و امشي عشان ترتاحي.!
حياه بحنية -: انا مش عايزة أشوفك بتتاذى.! مش قادرة أشوفك بتموت قدامي بالبطئ و اسيبك.!
كريم صارخا -: لا سبيني.! سبيني انا مش هتعالج فاهمة !! انا عايز اموت و اسيبك.! افهمي بقى.!
لم تعقب حياه، فقط ذهبت لغرفتها دون ان تفه بحرف..
حياه بنفسها -: مش قدامي غير اني استخدم أسلوب العنف.. سامحني يا كريم.!
~~
مرت ثلاث ايام اخريات،،
لم تحاول حياه الاقتراب من كريم..
لم تستيقظ صباحا، لم تنتظره ليلا، لم تلح عليه بطلبها..
بدء كريم يأخذ مساحة من الحرية و الراحة، و لكن شعر بالحزن و عدم الاتزان لغايبها أيضا..
مساء اليوم الثالث،،
سمع دقات خفيفة على باب غرفته.. هرول فاتحا الباب لينصدم بحياه و هيئتها أمامه..
كانت ترتدي قميص نوم أحمر..
جميع مفاتنها البضة تكاد مرئية أمامه..
فخذاها البارقان، نصف صدرها المكشوف.. كتفاها كاملان..
حركت قدمها بدوائر وهمية اغرائية محدقاه بنظراتها الجريئة..
قالت بصوتها المغري وهى تضغط على شفتيها السفلى بإثارة
" كنت عايزة اتكلم معاك شوية في اوضتي،، ممكن؟! "
بلع ريقه ببالغ الصعوبة، وهو يرمقها بنظرات الشهوة .. شعر بسخونة بالغة تنبعث من جميع أنحاء بدنه ..
ضحكت حياه ضحكة رقيعة وهى تجذبه من ربطة عنقه
" هتفضل متنح كدة كتير.؟ يلا تعالى..!! "
سار خلفها كالمغيب، يتأملها من الخلف و لعابه يسيل فقط..
دفعته لغرفتها، و بكل ع*نف الدنا قبضت على شفتيه..
انصهرا كلاهما في تلك القبلات.. التي تمادت من كريم على عنق و جسد حياه المكشوف..
لم يشعر بشئ، فقط تمدد على الفراش وهو يجذبها فوقه ..
ولكن،،
فجأة ارتفعت حياه عنه، وهى تحدقه بنظرات ثابتة عكس نظراته الزائغة من الشهوة .. و ركضت للخارج مسرعة وهى تصفع الباب خلفها..
ظل مصدوما ثوان،، آفاق بعدها وهو يتأمل الغرفة..
انها ليست غرفتها.! و الاهم من ذلك انها خالية من الأثاث و كل شئ، حتى النوافذ مغلقة و مغلفة بقطعتين طويلتين من الخشب المثبت بإحكام..
الفراش ليس خشب، بل فراش حديدي.!!
جلس وهو يمسح على وجهه و يفرك عينيه، لعله يتخيل او يحلم.. و لكن فتح أعينه ثانية.!
الغرفة خالية من كل شئ،، و النوافذ حتى مغلقة.!
نهض مصدوما و على مسيرته لمح الطعام على الأرض.. كل الطعام في أوان بلاستيكية ضعيفة.!!
اقترب من الباب وهو يحاول فتحه و لكن مصود بالمفتاح.!!
صرخ باسمها مناديها..
و بعد لحظات سمع صوتها من الخارج
" انا آسفة،، بس انت الي وصلتني للمرحلة دي !! طالما مش هتتعالج بمزاجك يبقى تتعالج غصب عنك يا كريم..!! "
الفصل العشرون ✨
" انا آسفة،، بس انت الي وصلتني للمرحلة دي !! طالما مش هتتعالج بمزاجك يبقى تتعالج غصب عنك يا كريم..!! "
كريم بدون تصديق -: اتعالج.؟ انتي بتهزري صح.! مقلب سخيف من مقالبك مش كدة.؟!
حياه -: لا مش مقلب ده واقع و حقيقة لازم تقتنع بيها !
كريم صارخا -: افتحي الباب حالا احسنلك !! جنانك ده اعمليه على حد لكن انا انتي عارفة كويس اوي هعمل فيكي ايه.!
حياه بإستفزاز -: واضح انك لسا مش مقتنع اني مش بهزر معاك.! على العموم تصبح على خير ..
ضرب كريم بقبضته الباب عدة مرات عنيفة .. وهو يصيح بها كالمجنون
" بقولك افتحي الباب احسن ما اكسره على نفوخك ووقتها اقسم بربي ما هسيب فيكي حتة سليمة ! "
تنهدت حياه بإبتسامة، قائلة بصوت مرتفع
" نقيت ليك مرتبة حلوة عشان ضهرك ميوجعكش ! و هتلاقي العشا في صنية على الأرض .. تصبح على خير يا حبيبي.! "
رحلت و ابتسامتها الخبيثة لا تفارق محياها .. غير عابئة بكريم و صياحه وقبضاته المتتالية على الباب ..
دخلت غرفتها بهدوء وهى تجوب الغرفة يمينا و يسارا بتذكر
" شيلت اي حاجة ازاز عشان ميفكرش يأذي نفسه او يئذيني .. و خليت السرير من الحديد عشان ميفكرش يكسره لو خشب و يئذي نفسه برضه..
غلفت الشباك بخشب عشان ميكسرهوش و يهرب، حتى الاكل حطيته في حاجات بلاستك.!
كدة ناقص ايه ياربييي ناقص.. !
هتفت بحماس متذكرة -: أيوة الم*خدرات.! لازم اخبيها منه.!
ركضت حياه لغرفة كريم ، بحثت في " الكومود " فهو دائما يخبئ الم*خدرات به، و لكن حرم و أدرك انها لن تترك الم*خدرات بمحلها.!
" بتخبيها مني يا كريم.؟ فاكرني غبية ماشي.! "
توجهت حياه لغرفتها مرة وهى تحضر جهاز " اللاب توب " الخاص بها..
جلست على الفراش وهى تفتح الجهاز، حتى ظهرت على الشاشة صورة الغرفة و كريم بها.!
ظلت تتابع بإهتمام حتى وجدته يخبئ المخدرات في ركن بآخر الغرفة تحت السيراميك.!
حياه بسخرية -: و مخبيها تحت بلاطة كمان.!! في الآخر عرفت بردو.!
توجهت حياه نحو ذلك الركن وهى تخلع مربع السيراميك، أمسكت بألأكياس الصغيرة وتوجهت مباشرة للمرحاض .. افرغت جميع الأكياس وهى تفتح عليهم صنبور المياه، لتتخلص نهائيا من تلك البودرة.!
" كويس جدا اني ركبت كاميرا.. لولاها مكنتش عرفت مكان القرف ده.! "
همست بها داخلها بإنتصار، توجهت مرة أخرى للجهاز و لحظات و كانت صورة كريم المحاصر في الغرفة تتربع على عرش الجهاز ..
مازال على نفس الوضع، يصيح و يتعانف مع الحيطان .!!
~~
نهضت من على الفراش بعد تطفل إشاعة الشمس الساطعة للغرفة و ازعاجها..
تذكرت انها غفت على فراش كريم المعبأ برائحته الذكورية الجذابة..
نظرت للمرآه تتأمل بشرتها كعادتها كل يوم.. جذبت انظارها تلك العلامات المتفرقة حول عنقها و أعلى صدرها..
تحسست العلامات ببطئ متذكرة لمسات كريم معها البارحة..
كانت عنيفة و لكن استحبتها.!
~~
فتحت جهاز " اللاب توب " وهى تشغل المسجل للغرفة المسجون بها كريم..
لم يصل النوم لجفونه، ظل مستيقظ طوال اليوم،، لم يأكل حتى ..
زفرت بضيق وهى تتوجه للغرفة..
~~
قضى ليلته التعيسة في تلك الغرفة الكئيبة، يصرخ بإسمها تارة وهو يحذرها من التمادى في تلك السخافة..
و يجلس تارة غير مصدق لما يحدث معه..
سمع صوت طرقات على الباب.. و بعدها دوى صوت حياه
" كريم.. كريم.؟! "
ظل مكانه قابعا في ركن الغرفة.. استوحشت نظراته وهو يصرخ من مكانه
" عايزةةة إييه..!! "
حياه -: صباح الخير يا روحي .!
نهض بعنف راكض للباب، و كما البارحة، ظل يضرب الباب بكفي يديه صائحا
" كفاية سخافة و برود انتي ايه مبتفهميش غبية !! افتحي الزفت ده بدل ما وحيات ابوكي ه****.!! "
صرخت حياه بجدية -: إنت الي لازم تفهم !! انا مش هطلعك من هنا إلا لما تتعالج فهمني.!
كريم -: و انتي مال ***** اهلك.! ما تغوري وتسيبيني في حالي بقى.!
لم تجيب حياه، ظلت صامتة..
بعد لحظات من الصموت
كريم بعد ان هدأت نبرة صوته و أصبح أكثر لطفا -: حياه..؟ طرق على الباب بهدوء وهو يعيد مناديتها " حياه.؟! "
حياه -: عايز ايه.!
كريم -: انا آسف يا حبيبتي.. بس انتي عصبتيني شوية، ممكن تفتحي الباب.. عشان نعرف نتفاهم حتى.!
حاول استخدام أسلوب اللين معها.. لعل وعسى ان تلين على لين كلماته و تفتح الباب و لكن هيهات.! انها "حياه صديق" و ليست فتاه ساذجة سيخدعها.!
حياه -: كريم ممكن تسمعني و تركز معايا شوية.!
كريم -: لا افتحي الباب عشان نعرف نتفاهم .!
حياه موبخة -: افتح الباب علشان نعرف نتفاهم.؟ انت فاكرني عايلة صغيرة هتضحك عليها بكلمتين.؟!
اسمعنى كويس يا كريم ..
مرحلة علاج الادمان بتتقسم لمرحلتين.. مرحلة بهيئك نفسيا للعلاج.. و المرحلة التانية العلاج نفسه.!
انا كلمتك كتير اوي بالهدوء و اللين بس فشلت في اول مرحلة.. فشلت في مرحلة اني اهيئك نفسيا.!
و دلوقتي مش قدامي غير مرحلة العلاج نفسها ..
صرخ كريم ساببا و مطلقا لشتائم منوعة فاضحة
" مش هتعالج مش هتعالج.! "
~~
لم تهتم حياه لما قاله، وواصلت شرحها
" مرحلة العلاج إنك تبعد عن المخدرات تماما..
هتبدأ تحس انك خرمان، و الموضوع حبة حبة يتطور لصريخ و جنان، و حبة حبة هيبقى تشنجات.. التشنجات مش ضرر اوي ابسلوتلي، مدة معينة بعدين هتروح بس بردو هتفضل تعبان .!
انت حاليا مش تعبان اوي عشان آخر مدة ادمنت فيها مش بعيدة.. مع الوقت الجرعة هتتسلل من جسمك تماما و هتبدأ تتعب .. شايف صنية الاكل دي.؟
فيها دوا، لما تحس انك تعبان خد حباية من الشريطين ..
كريم -: مش هتنيل آخد زفت، يارب اموت وارتاح و تعيشي شايلة ذنبي.!
حياه -: لو مت هيبقى مت منتحر.! الاكل و المياه و الدوا عندك ..
بإيدك تاخدهم او لاأ.! انا مش بقتلك ولا حطالك سم فيهم.!
عقبال ما ربنا يريد و ياخدك، هتفضل تعبان و الي يريح تعبك انا عملته.!
كريم -: بقيت بندم على اليوم الي شفتك فيه.! ياريتني ما كنت اجبرتك انك تتجوزيني.!
وغزت كلماته فؤاد حياه .. و لكن ظلت صامتة..
تنهدت عميقا قبل ان تختم اللقاء
" انا كلمت اونكل أحمد و اتوسطتلك بأجازة من الشغل، يعني متشلش هم الشغل..
هفتح الباب و الحمام هتلاقيه في آخر الكوريدور .. متحطش امل انك تهرب مني عشان في باب حديد تاني قافل عليك الدور، اطمن يا حبيبي مش هتعرف تهرب.!
~~
حل صباح اليوم الآخر، لم تحاول حياه الحديث مع كريم ثانية فقط ظلت تتابعه متربعة على فراشه خلف الشاشة..
و بدأت الأعراض تظهر على كريم كما قالتها حياه بالضبط..
بدأت بتعب، صريخ و صياح..
كانت تتألم أضعاف آلامه كلما سمعت صوت صياحه.. تتمنى ان تفتح الباب و تتركه و لكن لن تستسلم لمشاعرها، علاجه اهم منها شخصيا.!
~~
سمع صوت صرير يصدر نتيجة احتكاك حديدي..
صوب بصره نحو الباب الحديدي الموصد دائما، رأى نصف وجهها يظهر خلف الباب عن طريق نافذة ضئيلة كثيرا تأخد بضع سنتيميترات من الباب العملاق.!
تأمل جيدا ليتأكد انها هى بالفعل تراقبه خلف تلك الفتحة ..
تصنع البرود و عدم الاهتمام رغم انهاكه وتعبه الشديد، تجمعت حبات العرق حول وجهه بجنون كأن آشعه الشمس متسلطة عموديا فوق رأسه..
حياه -: إنت كدة بتتعب نفسك من غير مبرر .. تقدر تاخد الدوا وترتاح على فكرة.!
كريم وهو يضغط على أسنانه بشراسة -: ملكيش دعوة، سبيني في حالي.!
حياه -: على راحتك.!
~~
حل المساء عليه، حتى صار موعد فترة التشنجات ..
لم تستطع حياه ان تراقبه عن طريق الشاشة، كانت تتدمر حرفيا كلما تراه في هذه الحالة، تود لو تذهب و تضمه لأعناقها بإحتواء..
انهارت أمام الباب الحديدي الفاصل بينها و بين عشيقها..
و فورا انصهرت قواها و سقطت على الأرض بضعف ..
~حتى لو لم تستطيع ضمه لأعناقها فكفاها ان تبات قرب خطواته ..
استسلم كريم وهو يمسك بالدواء، و يبتلعه بكل لهفة..!
~~
مر أسبوع .. و الوضع كما هو
لم تتحدث حياه معه طيلة الأسبوع رغم حالة الاشتياق المسيطرة عليها..
أما كريم فينتظر حتى يشتد به الألم لأقصى مراحله ثم يستسلم لمفعول الدواء..
~~
انتهزت حياه فترة اغفائته، و فتحت الباب الحديدي ببطئ وهى تضع الطعام أمام الباب الحديدى..
استيقظ كريم على صوت ارتطام الباب، ونهض فورا صوبه..
وجد حياه تنظر له من النافذة الحديدية
" صباح الخير.! انا عملتلك اكل، التغذية مهمة جدا لصحتك كمان.! "
كريم بصوت ناعس -: مش عايز زفت طفح.! ممكن أعرفك سيادتك هتفكي الحصار عني امتى.!
حياه -: لغاية لما اتأكد انك اتميت علاجك.. و ده بإيدك انت.!
كريم -: و انا المطلوب مني ايه عشان جنابك ترضي عليا.؟!
حياه -: تتغذى، تاخد الدوا.. مع الوقت هبدأ ادخلك حاجات تشغل بيها وقتك، هعمل اي حاجة عشان الهيك عن الزفت الي كنت بتشربه.!
كريم -: فاكرة لما قولتي
" البهايم دول الي مش عارفين يشغلوا عقلهم فبيستخدموا القوة.؟! شابوه بقيتي بهيمة كبيرة.! "
صمتت حياه ثوان، و فتحت الباب الحديدي وهى تدلف و تغلقه مرة ثانية.!
وسط صدمة كريم..
سارت بخطوات واثقة وئيدة حتى باتت أمامه مباشرة..
و كريم رافعا حاجباه مصدوما..
و فجأة..!!
