رواية جراح الماضي
الفصل الثاني عشر 12
بقلم سارة الزعبلاوي
كانت وصية " مرفت" صدمة لهن،، فهي لا تعرف حقيقة أمر أيا منهن،، كانت مخطئة حقا في وضع وصية كهذه...
- آية الكلام دة... دة استحالة!!
تفوهت بها " فاطمة" و الصدمة لازالت مسيطرة عليها.. لينظر لها " شاكر" باستغراب قائلا
- يا مدام فاطمة و اسمحيلي اقولك يا مدام لأنك علي ذمة أحمد بيه دلوقتي،، انتي فرحك فاضل عليه اسبوع،، اية بقا المانع في الوصية انك تاخدي ورثك!!
اتسعت حدقتيها بجنون و هي تنظر إلي " أحمد "عله يخرجها من هذا المأزق و لكنه قابلها بنظرات السخرية،، و كأنه يقول لها أوضحي لهم حقيقة الأمر..
جلست و هي غير مستوعبة لما يحدث و وضعت رأسها بين كفيها،،
- يؤسفني اقولكم ان الكلام اللي في الوصية دة لو متنفذش بعد اسبوع من دلوقتي هتضطروا تخلوا الفيلا عشان تتباع و و الشركة كمان و فلوسهم هتروح للجمعيات الخيرية زي ما مرفت هانم ذكرت في الوصية!!
قالها " شاكر" و هو يلملم اشيائه استعدادا للرحيل،، لتتسائل " نور" قائلة
- طيب لو هما موافقوش علي الوصية هيترموا في الشارع يعني؟!
ليمط " شاكر" شفتيه بعدم حيله قائلا
- اه للأسف يا مدام نور،، عن اذنكم انا هستأذن و اي قرار توصلوله بلغوني بيه...
رحل " شاكر" ليجلسوا جميعهم مفكرين في الأمر و ما ينبغي أن يحدث في هذه الحالة،،
فجميع حساباتهم تبعثرت و لم يعد لها فائدة بهذة الوصية!!
- طيب مظنش اني ليا لازمة دلوقتي،، انا هستأذن!!
قالها " فارس" و هو ينهض ناظرا الي " ليلي" منتظرا أن تقول انها موافقة علي العودة إليه،، لكنها صامتة شاردة...
- تمشي فين.. محدش هيمشي من القعدة دي غير لما نرسي علي بر!!
قالها " حسام" لينظر له " فارس" باحتقار باد و يقول
- ليلي لو وصلت لقرار هتبلغني،، و انا معاها في اللي هتعملوا
- خليك قاعد يا فارس لو سمحت.. خلينا نعرف احنا هنعمل اية؟!
قالها " أحمد".. ليجلس " فارس" بضيق منتظرا أن يتحدث أحدهم و لكن الصدمة مازال تأثيرها واضح،،
- طيب طنط قالت في الوصية انهم يرجعوا لبعض،، بس محددتش لمدة قد اية بقي.. انت ممكن يا فارس انت و ليلي ترجعوا لبعض لحد ما ليلي تاخد ورثها و بعدها تبقوا تتطلقوا!!
كانت هذه الفكرة من اقتراح " حسام " لكن " ليلي" عارضته قائلة بضيق
- انا لا يمكن اتحايل علي الوصية يا حسام... حتي لو مش هرجع لفارس و هخسر ورثي!!
نظر لها " فارس" محاولا أن يستشف ما يدور برأسها،، فتنحنح قائلا
- طيب.. انا عايز اتكلم معاكي لوحدنا يا ليلي!!
نظرت له مطولا ثم نهضت من محلها متجهة للخارج و هو خلفها
اتجها نحو غرفة فارغة و أغلقت باب الغرفة قائلة
- انا مش هرجعلك يا فارس!!
اغمض عينه و كأنه توقع رد فعلها هذا،، اقترب منها قائلا
- انا مش عايز اسمع رفض و خلاص.. انا عايز اسمع مبرراتك بعد ما عرفتي أن مش انتي السبب في موت زين بيه.. و حسام هو السبب!!
- فارس ،، انا مش مستعدة أن احنا نبقي مع بعض دلوقتي!!
رفع حاجبه الأيسر باستغراب من حديثها و قال بتساؤل
- انتي بتحبي فهد يا ليلي؟!
و قبل أن تجيب علي تساؤله سمعت صرخه صادرة من أعماق " نور" و هي تقول
- خاااين و كداااب!!
نظرت إلي " فارس" باستغراب.. فقال " فارس"
- في أية؟!
- دي نور...
قالتها " ليلي" باستغراب.. و من ثم خرجت مهرولة الي الخارج لتري سبب هذه الصرخة
وجدت " نور" واقفة أمام " حسام" و هي تصرخ فيه قائلة بصراخ
- انت كداب و حقير..
نظرت " ليلي" حولهم لتجد صور مبعثرة علي الارض و أوراق عديدة أيضا...
اقتربت منها و هي تهدئها قائلة
- في أية يا نور.. اهدي بس مالك؟!
- هو اللي موت بابا يا ليلي.. اهو بصي،، شوفي.. بني آدم حقير.. خدعنا كلنا!!
ظلت " نور" تصرخ و تبكي و هي تعرض صور علي " ليلي" حيث كان والدها مكبل فيها و أمامه العديد من الرجال و منهم " حسام" !!
- بصي الورق دة مكتوب بخط بابا،، بيقول فيه أن حسام كان بيحاربه في السوق و هدده كذا مرة...
نظرت " ليلي" الي " فارس" بغضب و كأنها تقول هل انت من فعلت هذا،، لتأتيها نظراته نافية لاتهامها له...
احتضنت " نور" و هي تقول
- اهدي يا نور.. اكيد في سوء تفاهم!!
رغم أنها متأكدة أن هذه الصور حقيقية و كل شيء حقيقي لكنها قالت هذا لتمنع انهيار " نور"!!
فهي تعلمها ضعيفة،، هشة.. لن تستطيع مقاومة كل ما يحدث!!!
لكن " فاطمة" كان اعتراضها كالعاصفة يأخذ كل شيء أمامه بلا رحمة و لا هوادة.. حيث قالت
- لا مفيش سوء تفاهم يا ليلي و انتي عارفة كدة كويس،، حسام هو اللي قاتل بابا.. و معايا تسجيل باعترافه بكدة !!
اشتعلت مقالتي " ليلي" و هي تشير ل " فاطمة" أن تصمت،، لكنها أكملت و هي تقوم بفتح هذا التسجيل
- اسمعوا...
كان " حسام" يتحدث إلي شخص ما و هو يقول
- انت بتهددني يا اسلام،، روح يا حبيبي بلغ براحتك،، قولهم إن أنا خطفت زين سويلم و هددته و جاله سكتة قلبية و انا خاطفه.. و ساعتها انا كمان هقلب الترابيزة عليك انت و ابوك،، و اقول ان انتم كنتوا شركاء معايا،، و معايا ليكم تسجيلات و فيديوهات توديكم في داهية!!
قهقه الشخص الآخر بقوة و هو يقول
- تصدق ضحكتني.. هو انت تعرف عني يا حسام أن انا بدخل الحكومة في شغلي،، انا هقدم كل الورق اللي معايا و الصور دي لمراتك و اقولها أن انت اللي قتلت ابوها و هي تتصرف معاك بقي براحتها!!
صمت " حسام" قليلا ثم اردف قائلا
- انت عايز اية يا اسلام من الآخر!!
- ايوة كدة تعجبني يا حسام،، هقولك انا عايز... نص شركتك
انتهي التسجيل عند هذه اللحظة،، لتقف " فاطمة" أمام " حسام" قائلة
- كنت جيالك المكتب علشان اقنعك ترجع نور... بس لسوء حظك و عشان ربنا كان عايز يكشف قذارتك.. السكرتيرة مكنتش موجودة،، و سمعت الحوار اللي دار بينك انت و اللي بيهددك و سجلته عشان متنكرش!!
نظر لهم " حسام" بجنون،، ها هو قد خسر كل شيء...
و فجأة جذب" فاطمة" له و اخرج مسدسه و هو يصوبه لرأسها قائلا
- لو مخرجتونيش من هنا.. ابقوا ادعولها بالرحمة!!
تشنجت " فاطمة" بين يديه و هي تصرخ،، كاد " أحمد" أن يركض نحوها و لكن " فارس" منعه قائلا
- اهدي يا احمد،، و انت يا حسام سيبها و محدش هيجي جنبك و هتخرج من هنا!!
ضحك" حسام" بسخرية و قال
- انت آخر واحد ممكن أصدقه يا دكتور فارس،، انت حسابك معايا تقيل بس اصبر عليا!!
- خلي الكلام دة بيننا و متدخلش البنات في الموضوع!!
قالها " أحمد " بخوف علي " فاطمة" الواقفة بين يديه،،
صرخت " ليلي" حينما وقعت " نور" بين يديها مغشي عليها... استغل " حسام" هذه الفرصة و ألقي " فاطمة" أرضا و فر هاربا...
خرج " فارس" راكضا خلفه.. بينما هرول " احمد" نحو " فاطمة" مطمئنا عليها و هو يحتضنها بقوة
- انتي كويسة يا فاطمة؟!
نظرت نحوه و اومأت بالموافقة و اتجهت الي " نور"..
حاولوا افاقتها كثيرا و لكنها لا تستجيب،،
عاد " فارس" الي الفيلا بعد هروب " حسام" و عدم نجاحه في الإمساك به و هو يقول
- هرب!!
- يروح في داهية،، المهم نور دلوقتي!!
قالتها " ليلي" بفزع ليتجه نحوهم " فارس" و هو يحمل " نور" واضعا اياها علي الاريكة،،
لم تستجب لمحاولتهم لافاقتها،، بينما قالت " فاطمة" بتساؤل
- هي فين هنا!!
نظروا حولهم و لم يجدوا لها أثر،، نادت " ليلي" بنبرة خائفة مضطربة
- هنا... يا هنا؟!
تحركت " فاطمة" باحثة عنها و خلفها " أحمد"،،
دخلا إلي الحجرة التي كانوا يجتمعون بها،،
و بين لحظة و الأخري كانت هناك صرخة شقت السكون المخيم علي القصر الذي أصبح الموت هو عنوانه!!!
____________________________________
¶ جلست في غرفتها و هي تفكر في القادم،، هل سيسامحها " حسام" علي فعلتها هذه..
وجدت باب غرفتها يفتح لتدلف منه والدتها و الغضب باد علي وجهها و هي تقول
- الكلام اللي محسن قاله لي دة صح يا سما،، بتصوريه هو و مراته في اوضة نومهم يا غبية!!
- يا ماما كنت هبعتلها الفيديو علي اساس اني حد من أعداء حسام و اهددها لو متطلقتش منه هفضحها و انشر الفيديو..
- يا بنت الغبية،، يعني هو حسام غبي.. مفكرتيش انها تروح تقوله و هو هيعرف لأنك انتي الوحيدة اللي تقدري تصوري الفيديو دة لأن اوضتك جنب اوضتها!!
صمتت " سما" و هي تؤنب حالها لتقول " عصمت"
- مقولتليش ليه قبل ما تعملي كدة!!
- مجاش في بالي كنت عايزة اخلص منها بأي شكل..
- و اهو كله جية علي دماغك في الآخر،، فين بقي حسام يا فالحة عشان اقعد معاه اهديه من ناحيتك شوية!!
- معرفش،، خرج مع السنيورة من الصبح و مرجعش!!
نظرت لها " عصمت" بلوم.. ليس علي ما فعلته،، بل علي حماقتها و عدم تفكيرها،،
دخل " محسن" و قد سمع الحوار الدائر بينهما و قال باحتقار
- انا مش عارف هو انتي و بنتك اية،، شياطين!!
تلعثمت " سما" بينما قالت " عصمت" بثقة و هي تنظر له
- من بعض ما عندكم يا دكتور محسن!!
- انا هفضحكم قدام حسام يا عصمت...
- مش هتقدر تعمل حاجة يا محسن،، حسام مش هيصدقك خصوصا أن سما حامل منه و هو نفسه في العيل اللي جاي!!
- هنشوف.. غدا يناظره قريب!!
_________________________________
¶ سادت حالة من الفوضي في المشفي... و صوت " فارس" يعلو قائلا
- جهزوا العمليات بسرعة،، بسرعة!!
و في ظرف عشر دقائق،، دخل " فارس" العمليات بصحبة " ليلي" الذي استوقفها قائلا
- اخرجي برة لو سمحتي يا ليلي!!
يعلم أنها ستتوتر و ستضغطه هو الآخر،، فنظرت لها برجاء،
- لو سمحتي يا ليلي اسمعي كلامي و اخرجي!!
انصتت له و خرجت و هي تسير بلا هدف،، تبكي و تبكي علها تتخلص من هذا الحزن الذي يحاوطها و لا يريد مفارقتها
جلست علي الارض أمام غرفة العمليات و هي تدعو الله ألا تفقد شقيقتها " هنا" التي حاولت الانتحار لتتخلص من هذه الحياة البائسة..
بينما جاءت لها " فاطمة" التي كانت تطمئن علي " نور" التي فقدت وعيها..
جلست بجانبها قائلة بعدم وعي
- نور حامل يا ليلي!!
اتسعت حدقتي " ليلي" و هي تنظر لها بصدمة و قالت
- ازاي يعني،، كل التحاليل بتقول ان عندها قصور في المبيض و ان الحمل شبه مستحيل!!
ارجعت " فاطمة" رأسها للخلف و قالت
- مش عارفة يا ليلي،، مش عارفة اصلا احنا بيحصلنا كدة ليه.. انا خلاص حاسة اني مش قادرة اقاوم.. هنا تعبت من كتر اللي بيحصل و حاولت تنتحر.. و انا مش قادرة اقاوم اكتر من كدة!
أمسكت " ليلي" كفها بقوة لتبث إليها الأمان قائلة
- كل اللي بيحصل دة فترة و هتعدي صدقيني،، بس احنا لازم نبقي جنب بعض عشان نقدر نعدي اللي بيحصل دة!!
و بدون مقدمات احتضنتها " فاطمة" و هي تبكي بقوة،،
- انا آسفة يا ليلي.. آسفة علي كل حاجة حصلت،، آسفة علي كل حاجة عملتها،، سامحيني..
عانقتها " ليلي" بقوة و قالت
- انا عمري ما ازعل منك يا فاطمة..
- انا كل اللي كنت بعمله معاكي دة كان زعل منك،، كنت زعلانة انك سبتينا و سافرتي زمان،، و لما بابا مات حسيت ان انتي السبب لكن لما عرفت الحقيقة عرفت ان انا كنت ظلماكي،، متزعليش مني يا ليلي!!
- هي نور فاقت؟!
تساءلت " ليلي".. لترد " فاطمة" قائلة
- اه..
- و انتي سيباها لوحدها..
- لا أحمد اتصل بطنط زهرة و قالها تيجي و هو كلم الشرطة!!
- نور عرفت انها حامل؟!
- اه.. مدتش اي رد فعل،، فضلت ساكتة متكلمتش و طنط زهرة بتحاول تطلعها من اللي هي فيه!!
خرج " فارس" من غرفة العمليات فنهضا أمامه و هما يتسائلن بعين خائفة مضطربة
- طمني يا فارس!!
قالتها " ليلي" بخوف ليبتسم هو حتي يطمئنها قائلا
- الحمد لله هي كويسة... ملحقتش تقطع الوريد ،، هي بس نزفت جامد و احنا عوضنا النزيف دة.. اطمنوا هي هتفوق كمان كام ساعة!!
اطمئنا قليلا ليقول " فارس" بتساؤل
- نور عاملة اية؟!
تنهد " ليلي" بحزن علي حال شقيقتها و قالت
- الدكتور بيقول انها حامل..
استغرب من حالة " ليلي" و قال
- طيب و فيها اية يا ليلي؟!
- فيها اية ازاي،، حامل من اللي قتل ابوها.. حامل من واحد قذر حقير!!
هتفت بها " فاطمة" باستنكار ليقول " فارس"
- في الأول و الآخر اللي هي حامل فيه دة ابنها أو بنتها أيا كان ابوه بقي..
- فارس عنده حق يا فاطمة.. مش لازم نحسسها أن دي كارثة،، هي كانت بتتمني تبقي حامل من زمان،، سيبيها تفرح!!
_____________________________________
¶ كان" أحمد" قد قام بالاتصال بوكيل النيابة الذي يتابع التحقيقات ليبلغه بما عرفوه عن " حسام" و يقدم له الأوراق و الصور الذي تثبت صحة حديثه...
- اهلا بحضرتك يا مازن بيه!!
- اهلا بيك يا استاذ احمد،، حضرتك قولتلي أن فيه معلومات مهمة عايز تبلغهالي؟!
- اه فعلا.. اتفضل حضرتك شوف الأوراق و الصور دي..
اعطي " أحمد" الأوراق و الصور الي " مازن"... أخذ " مازن" يقرأ و يدقق فيهم و من ثم قال
- يعني حضرتك بتتهم حسام جوز مدام نور بقتل زين سويلم والدها!!
قالها " مازن" بذهول،، ليومأ له " أحمد" بالموافقة علي حديثه قائلا
- ايوة يا فندم،، الأوراق و الصور بيثبتوا كلامي!!
- طيب ممكن افهم اية اللي حصل... و الأوراق و الصور دي وصلتلكم ازاي؟!
- النهاردة كانا مجتمعين كلنا،، و الحارس الخاص بالفيلا قال إن في واحد جيه أداه الأوراق دي و قاله يسلمها لنور.. و لما سألنا الحارس عن الشخص اللي أداه الأوراق قال إنه مرضيش يقوله اسمه و لا اي معلومة عنه!!
- طيب و حضرتك تعرف حسام ممكن يكون موجود فين دلوقتي!!!
- لا.. هو رفع السلاح و هددنا انه يقتل فاطمة اخت نور و استغل أن نور اغمي عليها و هرب..
- طيب تمام.. ممكن بس أقابل مدام نور!!
- اه طبعا،، ثواني بس هبلغها!!
- اتفضل!!
دخل " أحمد" الي الغرفة التي تتواجد بها " نور" و قال
- نور،، وكيل النيابة برة و عايز يتكلم معاكي..
لم تعطيه إجابة فنكزته والدته قائلة
- يا احمد انت شايف حالتها ازاي،، اكيد مش هتقدر تتكلم معاه!
- يا ماما هو عايز يتكلم معاها بخصوص موضوع حسام..
- أجلها لمرة تانية،، هي اكيد مش هتتكلم دلوقتي!
خرج " أحمد" معتذرا ل " مازن" و هو يقول
- بعتذر لك يا مازن بيه معلش،، بس اكيد حضرتك مقدر صدمتها!!
- اه طبعا ربنا معاها،، خلاص لما تبقي قادرة تتكلم بلغني.. بس كنت عايز اتأكد هي مدام ليلي اتنازلت عن القضية؟!
- قضية اية؟!
قالها " أحمد" بتساؤل.. ليقطب " مازن "حاجبه قائلا
- هو حضرتك متعرفش أن مدام ليلي جت و طلبت مني انها تتنازل عن قضية الاغتصاب لا و كمان جابت محامي لمروان عشان يخرجه من قضية الخطف و التعذيب!!
- آية اللي حضرتك بتقوله دة.. حضرتك متأكد!!
- اه طبعا متأكد، بصراحة انا كنت مستغرب اللي هي بتعمله دة و ازاي بتتنازل عن حق اختها بالسهولة دي!
______________________________________
¶ وقف أمام نجله و هو ينظر له بصدمة قائلا
- آية اللي انت بتقوله دة.. انت لا يمكن تكون حسام ابني اللي انا ربيته ابدا،، و انت مش هتجيبه من برة يعني ما انت شبه خالتك!!..
- يا بابا لو سمحت افهمني.. انا عملت كدة عش..
صفعه " محسن" بقوة و هو يقول بغضب
- أخرس مش عايز اسمع منك كلمة يا كلب،، بقي تموت ابوها و تمثل عليها عشان تتجوزها و تستحملك كل السنين دي بقرفك و عايزها تسامحك،، اتفو عليك!!
بكي " حسام" و هو يقبل يد والده قائلا
- ابوس ايدك يا بابا،، خليها تسامحني.. انا حبيت نور بجد.. مش هقدر اعيش من غيرها!!
- انت عقابك فعلا انك تحبها و تشوفها بعيد عنك في حضن راجل غيرك،، لأنك متستاهلهاش يا حسام!!
- مش هتبقي لغيري.. انا هقتل اللي يجي ناحيتها..
- و انا بقولك يا حسام لو قربت جنب نور محدش هيوقفلك غيري.. و خليك انت بقي مع سما اللي شبهك!
- سامحني يا بابا.. انا لازم اهرب،، اكيد هما بلغوا عني.. اطمن علي نور و خليها هي كمان تسامحني!!
- هتروح فين..
- مش عارف،، اول لما استقر هكلمك و ابلغك انا فين.. مع السلامة!!
ذهب " حسام" و ترك " محسن" في ذلك المكان المهجور الذي طلب مقابلته فيه!!
بينما عزم " محسن" علي إنهاء تلك المهزلة...
__________________________________
¶ توجه " أحمد" نحو الغرفة التي تكمن بها " ليلي" مع " هنا" و " فاطمة"..
دخل ليجد " فارس" جالس معهم..
- كويس انك موجود يا فارس،، عشان فيه حاجات غريبة بتحصل!!
قالها " أحمد" بغيظ من تصرفات" ليلي" الغير مفهومة.. نظر له " فارس" باستغراب قائلا
- مالك يا ابني في أية!!
- اسأل ليلي هي اتنازلت ليه عن قضية اغتصاب هنا و مش بس كدة دي كمان جايبة محامي لمروان عشان يخرجه من القضية التانية!!
- نعم...
تفوه بها " فارس" ناظرا لها بترقب،، لتنهض هي قائلة
- ممكن تهدوا عشان افهمكم!!
- تفهمينا اية ،، انتي بتتنازلي عن حق اختك و عايزة تخرجي الحيوان دة من السجن!!
قالها " فارس" بعصبية شديدة،، لتقول " ليلي" و هي تقف أمامه
- عشان يتجوزها و نخلص من الفضيحة دي!!؟
- اللي انتي بتقوليه دة اية كلام و خلاص!!
- و الله.. طيب يا فارس اضمنلي أن يوسف لما يفوق هيبقي قادر يبص في وش هنا و يتجوزها.. و انا ارجع عن اللي انا بعمله دة خالص
صمت " فارس"، ،هو يعلم أن حديثها صحيح..
- محدش فيكم عنده حل،، يبقي متلومونيش علي اللي هعمله!!
دقات متتالية علي باب الغرفة هدأت من حدة ذاك النقاش،، دخل الطارق قائلا
- آسف لو جيت من غير معاد!!
- انت اية اللي جابك هنا.. مش كفاية اللي ابنك عمله!!
هتفت بها " فاطمة" محدثة " محسن"،، الذي نكس رأسه و لم يتحدث،، زجرها " أحمد" قائلا
- فاطمة.. مينفعش كدة!!
- انا عارف ان مليش عين اتكلم معاكم.. بس انا عايز اقابل نور!!
- نور عندها انهيار عصبي و مينفعش تقابل حد و لا تتكلم مع حد!!
قالتها " ليلي" بحنق ليرد " محسن" قائلا
- طيب ممكن لما تبقي قادرة تتكلم تبلغيني لاني محتاج اتكلم معاها ضروري!!
- ماشي.. بس يا ريت تبلغ حسام انه ميحاولش يسأل عنها و لا يقرب منها تاني لو سمحت.. كفاية اللي عمله فيها لحد كدة!
اومأ لها " محسن" بالموافقة و هو يتركها و يغادر.. لتدلف من بعده ممرضة قائلة
- دكتور ليلي.. استاذ فهد مستني حضرتك في المكتب!!
- قوليله جاية يا سامية..
غادرت الممرضة.. لتلتفت هي إلي " فارس" و هي مستمتعة بشرر الغيرة الذي يتطاير من عينيه...
- عن اذنكم شوية و هرجع تاني!!
اتجهت للاعلي حيث الدور الذي يوجد فيه مكتبها... دخلت الي مكتبها لتجد " فهد" جالس بابتسامته المعهودة
- وحشتيني!!
قالها " فهد" بتلقائية ،، لتبتسم هي بحرج و تقول
- عامل اية..
- تمام الحمد لله،، فتحتوا الوصية؟!
تنهدت و كأنها تحمل هموم العالم فوق عاتقها و قالت
- اه،، ماما بتقول ان كل واحدة هتاخد ورثها بشرط،، انا ارجع لفارس و نور تفضل مع حسام و فاطمة تتجوز أحمد و هنا تتجوز يوسف... و طبعا في حاجات مش هتحصل
خصوصا أن نور عرفت حقيقة حسام!!
- كل دة حصل النهاردة!!
قالها " فهد" بذهول لتومأ له بالموافقة ليقول هو بترقب
- و انتي هتعملي اية، ،هترجعي لفارس!!
نظرت له بشرود و قالت
- ايوة..
و كأنها وضعت جمرة علي قلبه ليحترق.. قضيت علي آماله و أحلامه الوردية!!
- انا مش شايفة سبب يمنعني اني ارجعله،، بص يا فهد انا فعلا حساك زي اخويا عشان كدة معتمدة عليك و بحب اتكلم معاك،، انا بحب فارس جدا... و لما فكرت لقيت كمان اننا لازم نرجع عشان خاطر هند و عشان انا فعلا مش عارفة اعيش من غيره!!
حاول أن يحارب تلك الدموع اللعينة التي تراوده و هو يقول
- ربنا يوفقك في حياتك يا ليلي.. انا بتمنالك الخير!!
- و انت بقي.. مش ناوي تتجوز و لا إية!!
من الواضح انها مصممة علي تعذيبه،، و قتله مئات المرات بحديثها هذا
ابتسم و قال بخفوت
- و لا إية.. الموضوع دة مش في دماغي دلوقتي!!
- أن شاء الله تلاقي واحدة تحبك بجد لأنك تستاهل كل خير.. مقولتليش،، كنت جاي عايز حاجة؟!
رطب شفتيه و قال
- فاكرة الراجل تاجر الأعضاء اللي قولتي عليه!!
- اه طبعا فكراه..
- انا عايز اقابله!!
_____________________________________
¶ سننتقل من هذه الأحداث إلي أحداث أخري تماما!!
في حي شعبي.. حيث المنازل المتهالكة و البشر الذين دعسوا في الحياة بلا رحمة!!
كانت تسير في تلك الحارة الضيقة متجهة نحو منزلها.. اعترض طريقها رجل بدين.. في منتصف الخمسينات من عمره،، مظهره مقزز إلي حد كبير و رائحة الخمر تفوح من فمه..
اقترب منها قائلا
- اتأخرتي كدة ليه يا بت يا مني!!
نظرت له باشمئزاز و قالت بخوف
- كنت في الشغل ..انت مالك انت.. اوعي من وشي!!
اقترب منها بخطي بطيئة،، مفزعة بالنسبة لها..
ظلت تتراجع و هي تدخل الي إحدي البنايات المتهالكة قائلة
- ابعد عني يا راجل انت بدل ما ألم عليك الخلق!!
- تلمي الخلق علي جوزك يا منمن.. ينفع كدة برضو؟!
- ابعد عني بقي جتك القرف!!
ازاحته من طريقها و هي تدلف الي منزلها و تنادي بصوت مرتفع
- يا اما.. يا ماما
خرجت من إحدي الغرف سيدة تعدت عامها الستين،، تمشي بوهن قائلة
- حمد الله علي سلامتك يا مني..
- الله يسلمك يا حبيبتي،، انا جبتلك الدوا.. تعالي يلا عشان تاخديه!
لاحظت والدتها رجفتها فقالت متسائلة
- مالك يا مروة.. بتترعشي كدة ليه
قالت " مني" بصوت مرتعش قارب علي البكاء
- الزفت اللي اسمه مرعي دة!!
- هو اتعرضلك تاني؟!
- يا ماما دة ماشي يقول في الشارع مني مراتي،، انا تعبت!!
- طيب هعمل اية يا بنتي.. ربنا يخلصنا منه!!
- يا رب يا ماما!!
____________________________________
¶ استجابت" ليلي" لمطلب " فهد" و ذهبت به الي غرفة ذاك المريض
دقت باب الغرفة و قد سمعت الأذن بالدخول فقالت لفهد
- استني هنا لحد ما ادخل اقوله انك عايز تشوفه و ارجع لك
اومأ بها.. فدلفت هي مبتسمة و قد قالت
- ازيك النهاردة؟
ابتسم بوهن و قال
- نحمد ربنا و نشكره
ابتسمت و هي تقول بتردد..
- في ضيف معايا عايز يشوف حضرتك.. ينفع يدخل؟!
نظر لها مستغربا و قال
- اه طبعا،، خليه يدخل!!
أشارت ل " فهد" بالدخول...
اتسعت عينا " سمير" بشدة و هو يقول بسعادة
- فهد... ابني!!
