أخر الاخبار

رواية حكاية امل الجزء الثاني2الفصل الحادي والعشرون21 والثاني والعشرون22 بقلم سلوي فاضل

رواية حكاية امل الجزء الثاني2الفصل الحادي والعشرون21 والثاني والعشرون22 بقلم سلوي فاضل
(ظلمتها)

للأسف الدنيا ما فضلتش كده سلسة؛ بحلول معاد عملية هبه وسفرنا للمركز، وتوفت هبه وكان انهيار وأمل، فضلت جنبها أقويها، إحساسي كان صعب قوي، مش قادر أشوفها منهارة كدة، رجعنا القاهرة ودفنا هبه وأمل بتدبل أكتر وأكتر، دخلت غرفة هبه و هاجمتها نوبة بكاء، خايف أخليها تبطل تتعب زي ما حصل في وفاة باباها وماماتها، كان الحل الوحيد إني أخدها في حضني واسيبها تبكي وأنا بحترق من جوايا عشانها، وفضلت ماما تقرأ لها قرآن وتطبطب عليها.  

رجعت أمل من تاني منطوية خايفة ومتوترة، فكرت أعمل لها إيه ارجعها تاني لطبيعتها، فكرت كتير وما فيش فايدة مش عارف أعمل لها إيه، لحد ما وصلت لحل في النهاية، وكان إني أحاول اخليها أم، ماكانش قدامي غير إني أروح للدكتور تاني، يمكن في علاج جديد أو عملية أقدر بيها أحقق لأمل الأمومة، وأعوضها عن هبه؛ لأني مش حأقدر ومش حأقبل فكرة أنها تكفل طفل تاني، حسيت بضعفي وقلت حيلتي وعجزي للأسف، ودي كانت أكبر غلطة لأني بكدة قضيت علي أمل وأنا كنت فاهم العكس هكي لكم ازاي.

لما روحت للدكتور ما كانش في جديد، حالتي شبه  ميؤوس منها، وقالي إن الأدوية مشوارها طويل ونتيجتها مش أكيدة، والعملية نسبة نجاحها ضعيفة وفشلها يعني عجز كامل، طبعًا غير حسرتي علي نفسي اتوجعت عشان أمل، وقررت أعمل العملية، مش مهم أنا المهم هي لازم أضحي عشانها وده كان منتهي الغباء مني .

قولت لماما اللي رفضت بشدة وحاولت تبعد الفكرة عني؛ لكن أنا كنت متخيل أنها هتسعد أمل، وتريح قلبها عشان كدة أصريت عليها، كان في حاجة جوايا خلتني أخبي عن أمل.

كان في توتر بيني وبين ماما بسبب العملية، أمي زعلت مني قوي في الحقيقة كانت خايفة عليا ومرعوبة، وكانت بتفهمني قد إيه ده هيضرني لو فشلت العملية، أنا كنت عارف ومقدر خوفها، أنا كمان خايف لكن أمل تستاهل التضحية.

 وفي اليوم اللي روحت للدكتور فيه وعملت التحاليل اللي طلبها، رجعت عرفت ماما بدون ما أمل تسمع وطلبت منها ما تعرفهاش حاجة، وأحنا قاعدين ماما طلبت من أمل تعمل شاي، في الحقيقة كانت عايزاها تقوم عشان تعرف تتكلم معايا.

كانت منفعلة وغضبانة وبتحاول توطي صوتها عشان أمل:
- المفروض تعرفها كل حاجة دي مراتك.
-حقولها أكيد، لما أحدد المعاد.
-المفروض تقولها وتعرف رأيها، اللي حتعمله ده هيأثر عليها هي كمان، أنت أكيد فاهم .
-ماما أنت عارفة أنها حترفض .
-ده الطبيعي، المفروض أنت كمان ترجع في كلامك .
- عشانها ممكن أعمل أي حاجة . 
-مين قالك أنه حينفعها، يا أبني أنت كده بتأذي نفسك جامد، الدكتور قال نسبة نجاح العملية ضعيفة قوي وفشلها معناه عجز جنسي .
-ما عنديش اختيارات، مش حستني يحصل زي قبل كده .
-أنا خايفة عليك، وأمل استحالة ترضي لك الأذية، مراتك بتحبك .
-خلاص يا ماما، أنا اتفقت مع الدكتور، ومش فاضل غير المعاد.

 سمعت أمل آخر كلامي مع ماما، قربت ودموعها علي وجهها وضعت الصينية علي الترابيزة، جثت امامي حاولت تخليني أرجع عن قراري؛ لكني أصريت، كنت فاكر اني كده بريحها، والله ما كنت قاصد تفهم إنٌي عايزها تبعد أو إني بحاول أبعدها، ولما ياست مني اتفاجأت باللي قالته. كان شكلها مش طبيعي أبدًا، ما لحقتش حتي أعترض علي كلامها لقيتها وقفت وهي تعبانة ومش قادرة، لدرجة اني خوفت عليها من حالتها. 
-لو حتعمل كده عشاني، أنا حأبعد بس ما تأذيش نفسك.

قبل ما أحاول أفهمها، كان أغمى عليها، لحقتها قبل ما تقع ودخلتها علي السرير، فوقتها وهي بكت بقوة وماما معاها، خرجت من الغرفة بتعذب مش عارف أنا صح ولا غلط.

كنت تعبان قوي بكلم نفسي من تاني، حرب جوايا ما حدش سامع أو حاسس:
-هي فهمت إيه؟! أنا بعمل كده عشانها، عايز يكون معها طفل منها ومني، أعوضها عن هبه ، مش حاتحمل فكرة التكفل أنا مش قوي زيها، أنا مش عايز ابعد، أنا بقربها أكتر، بدأت أكره نفسي وتصرفاتي اللي بتأذيها دايمًا، بكره ضعفي وعقدتي، أيوه بقيت معقد تجربتي قبلها عقدتني بقيت خايف أقول مشاعري، ودايمًا حاسس إني عاجز، شايف حالتي نهاية الدنيا، خايف لو عرفت تسيبني وأرجع أتعذب من تاني.

مر باقي اليوم بطيء جدًا، موجوع عليها تفكيري اتشل، تعباااان خايف من بكرة بلعن اليوم اللي حبيت فيه سمر وتجوزتها، بلعن ضعفي وقلت حيلتي، من كتر التفكير ما قدرتش أنام وأول ما الدنيا نورت نزلت مش عارف رايح فين، فضلت ألِف بالعربية مخنوق، وبعدين روحت القسم، وأنا هناك ماما كلمتني، اطمنت عليا وقالت لي إن أمل رايحة لأخوها وحترجع بالليل.

 دماغي لفت فكرت فكل الاحتمالات،  كنت باتصل بماما كل شوية أسألها عن أمل، رجعت ولا لسه؟! وكل مرة تقول لسه وأنا هتجنن، راحت ليه؟ حتشتكيني! معقول حتفضحني قدام اخوها! حتقول له! يا تري ندمانه علي جوازها مني؟! يا تري عايزة تسيبني؟!

خلصت شغلي وطلعت علي لؤي، وهناك كانت أمل نايمة بغرفة باباها، دخلت أشوفها كانت تعبانة وجهها شاحب ومجهدة، آثار البكاء واضحة قوي، تكلمت مع لؤي اللي كان كلامه بيوجع، زي ما يكون عارف السبب. 

-عماد، عايز اتكلم معاك.

اتخنقت ومش قادر أعتذر، وكان باين من طريقتي ونبرتي:
-خير يا لؤي، سامعك.

هو كمان كان متضايق وغضبه باين في كلامه ونبرته:
-أمل مالها ؟
-عادي شوية زعل مشكلة وهيعدي.

غضبه كان بيزيد مع كل حرف يقوله: 
-لأ، الموضوع أكبر من كده بكتير ما تحاولش تهون الموضوع، وخلي بالك أنا مش حأقبل إنك تفرض عليها حاجة، ولا إنك تأذيها أو توجعها، كفاية قوي اللي حصل لها بسببي قبل كده ، أنا عمري ما شوفت أمل بالحالة دي رغم أنها شافت مني كتير، وبحذرك من إنك تدوس عليها، مش حاسمح لك، كونك أنقذتها مني قبل كده مش معناه اني حسيبك تظلمها، أنا حأقف لك وأمنع اذاك عنها مهما حصل، ومش هأخاف من كونك ظابط أنت فاهم، أمل هتفضل عندي هنا إلا إذا هي حبت ترجع، يا ريت كلامي يكون واضح.

بصيت له حاولت أفهم من ملامحه هل عارف فعلًا؟ معقول حكت له؟!!! بس إزاي أمل توجعني كده! الغضب ماليني وحاجة جوايا بتقولي أمل استحالة توجعك، ما كنتش قادر أحدد، لؤي كان كله ثقة، وقاصد كل حرف، تفكيري مشتت بزيادة.

مشيت وأنا شبه متأكد أنها حكت له،  كنت حتجنن ورجعت البيت مش طايق نفسي، دخلت غرفتي مش قادر أهدى ولا أقعد، ماما خبطت عليا ودخلت.
-مالك يا ابني ؟ وأمل فين؟

سؤالها كان الباب اللي خرج طاقتي وعصبيتي اللي امتزجت بالسخرية أحيانًا:
-أمل! أمل مش جاية، مش جاية تاني أبدًا.

تعجبت واندهشت من كلامي: 
-يعني إيه يا ابني؟! ما تقولي اللي حصل، قالت لك إيه؟
-ما قالتش حاجة خالص.
-ما تقول علي طول اللي حصل، ما تسيبنيش كده وفهمني، أنا متأكدة إن أمل استحالة تبعد عنك.

ضحكت بسخرية لدرجة أن ماما استغربتني، أو بمكن خافت عليّا
-أمل فضحتني لأخوها، عريتني قدامه كشفت عجزي، وقف يهددني و يحذرني، بقت تتحامي فيه هو، باعتني، باعتني خلاص. 
-استحالة تكون قالت حاجة، أنا متأكدة.
-عشان ما شوفتيش كان بيتكلم ازاي، ما شوفتيش تهديده لما قال مش حيسمح إني أأذيها أو أظلمها.
-بردوا مش مصدقة ده كلام عادي، قولي أمل قالت إيه بالظبط ؟

نمت على وجهي بسمة سخرية حزينة من الموقف وشفقة على حالي:
-نايمة.. أمل كانت نايمة، وأنا بتقطع و بتدبح، كل حرف كأنه يعايرني بعجزي، كان ناقص يقولها صريحة في وشي.

ردت عليّا بسخرية قصدها تفوقني لطني وقتها ما فهمتش، عقاي كان شغال باتجاه واحد بس:
-يعني كان حيتكسف يعايرك لو عارف، ماهو عاير أخته قبل كده وهو مش متأكد، أنت اللي علي راسك بطحة، أمل تعبانة عشانك وأنت بردوا مش مقدر. 

صرخت بقهر، وجوايا فاكر انها مش حاسة بيّا:
- بقولك فضحتني، فضحتني لأخوها، فضحتني.

 بغضب وصوت عالي رفض لكلامي ومحاولة عشان تفوقني: 
-كفياك ظلم فيها بقى، مراتك حترجع لو ما جتش النهاردة هتيجي بكرة، بس ياريت وقتها ماتضيعهاش من ايدك.

سابتني ومشيت وتقريبا قاطعتني مر عليا الوقت بطيء جدًا وممل، عديت الثواني لثاني يوم، نفسي كلام ماما يكون صح، خايف أكلم أمل أنصدم، وماما لسه مقاطاعني، واثقة في أمل أكتر مني، روحت القسم وأنا مش متحمل أي حاجة، عصبي بدرجة بشعة، زعقت في الكل بحسب الثواني، نفسي تتصل، فضلت علي حالتي رجعت البيت وهي لسه مارجعتش، وكل ما أفكر أنها حتبعني اتجنن، وكل ما أفتكر لؤي شكله وكلامه وإن أمل ممكن تكون حكيت له الدم يغلي في عروقي واتجنن أكتر وأكتر، وأخيرًا وصلت أمل و طلعت لوحدها.

الفصل الثاني و العشرون ( قهر وندم ) 

وأخيرًا وصلت أمل وطلعت لوحدها، كان شكلي غريب، العصبية لفترة طويلة مع التوتر عيني حمرة، شعري مش منظم، كل ثانية بتمر في غيابها بفقد السيطرة علي نفسي أكتر وأكتر، طبعًا أول ما شافتني كده خافت وارتعبت، وده زود ثورتي وغضبي اللي كنت فقدت السيطرة عليهم بشكل كامل، وكأن تلبسني مارد في الوقت ده، و بدون ما أشعر قتلتها بكلامي، عايرتها! أنا نفسي مش عارف عملت كده ازاي؟!

-حمد الله علي السلامة خليكي هناك جيتي ليه؟ وفين أخوكي؟ ما طلعش يتخانق ليه؟ هو ده اللي قابلة منك أي حاجة و عمري ما أوجعك، جريتي عليه تشتكي مني،  مش هو برده اللي كنت بتخافي منه؟ وهربتي بسببه وكنت تتحامي فيا، دلوقتي بقي العكس، مش هو اللي عايرك هانك وضربك، مش هو اللي  رماكي لأي حد يتقدم لك؟

عارف إني وجعتها، غضبي عماني وهي بكت بقهر وللأسف ما فوقتش بردو، ماما حاولت تفوقني وللاسف بردوا ما فوقتش، أمل كانت بتتكلم بانهيار وتعب كأنها شايلة هم يوزن جبال، كنت مغيب وكأني بطلع عليها قهر السنين اللي فاتت كلها، اتكلمت أمل بانهيار ووجع، تدافع عن نفسها أو توضح لي عشان أهدى بدون فايدة.

-والله ما اشتكيت ولا حكيت حاجة، والله كنت محتاجة بابا وحضنه فرحت ودخلت اوضته، وفضلت في سريره وماحستش بحاجة غير النهاردة الصبح، وعرفت من رحمة إنك قابلت لؤي و عارف إني معاه؛ فطلبت منه أزور بابا وداني ورجعني، والله ده كل اللي حصل.

رديت بغضبي اللي كان لسه عاميني ومش مقصدقها، أو.. أو.. مش عارف حقيقي مش عارف: 
-يا سلام وكلامه امبارح.

-والله ما أعرف قال لك إيه، ليه تعايرني؟ حرام عليك أنا عمري ما زعلتك، ليه بتعمل فيا كده؟

قربت منها وبدل ما أهدى شوية لأني مصدقها، تعصبت بزيادة لخوفها مني، نظراتها لماما اللي بتتوسلها تساعدها وتحميها مني جننتني، مسكتها من ذراعها بس ماكنتش شايفها هي، أمامي صورة لؤي وسامع كلامه، شايف صورة سمر وخيانتها، ما سمعتش حتي ماما بتقول إيه، فضلت أدوس عليها و اتهمها بدون دليل، شحنت غضب مكتومة جوايا من سنين، وللأسف طلعتها في الإنسانة الوحيدة اللي احتوتني وقبلتني زي ما أنا، حبتني بصدق، كلمتها بغضب وحدة: 
-قولتي قابلة أي حاجة مني وكذبتي.

دافعت عن نفسها بنبرة منكسرة:
-قابلة أي حاجة مش بكذب؛ بس مش حأقبل تدبح نفسك، أنا خايفة عليك أفهم بقى، اللي عايز تعمله حيقتلك حتدمر نفسك وحياتك.

مسكتها من ذراعها بزلزلها بغضب من كل حاجة وجعتني: 
-خايفة عليا فروحتي فضحتيني لأخوكِ! 
-والله ما قولتش حاجة، واللي فيك مش فضيحة، ده قدر ونصيب .
-قدر ونصيب، كلكم كذابين بتقولوا غير اللي جواكم.
-لو هي كذبت عليك مش ذنبي، أنا مش سمر، ولو كنت مكانها وحبتني عمري ما كنت فرطت في حبك أبدًا، أنت مش شايفني ولا حاسس بيّا؛ عشان لسه بتحبها، كل مرة ناديتني باسمها كنت بسكت عشانك، كل مرة قتلتني وأنت في حضني وقولت لي بحبك يا سمر كنت بتحمل عشانك، تفتكر كنت بسكت ليه؟ وبقبل ليه؟ رضيت بالباقي الموجود منك وأقول لنفسي كفاية إني معاه، والله ما كذبت في حاجة.

هنا صدمتني قالت لي اللي ماكنتش فاكره ولا حسيت إني قولته في يوم، معقول ناديتها باسم سمر! معقول وهي في حضني قولت لها بحبك يا سمر! ازاي افتكر سمر وهي معايا! ازاي انسي اسمها وأنادي لسمر! وبالرغم من كده ما ارتجعتش، كأني محتاج رصاصة تفوقني، أو مُصر أكمل لحد ما اضيعيها، وأضيع أخر أمل ليا في الحياة، واعيش ندمان و محسور اللي  باقي من عمري، كنت معمي حقيقي مش سامع حتي صراخ ماما المصدومة مني ومن كلامي اللي بيقتل أمل فعلًا.

 -كلكم واحد، المفروض أصدقك زي ما صدقتها وأكتشف بعدها إنك معرفة الكل، وبتحبي وبتقابليه وأنت لسه على ذمتي، المفروض استني لحد ما تدخلي به عليّا وتعرفيني بزوجك المستقبلي.

وصلتها لقمة الصدمة والقهر،وقفت على حافة السقوط والانهيار وبصوت ميت اتكلمت: 
-أنت شايفني كده؟!

صوتها اهتز، نفسها بقي عالي بتترعش في ايدي كان باين الغضب عليا؛ لكن جوايا خوف ورعب عليها لحالتها اللي وصلت لها، عارف إني ظالمها وواجعها، ماما بدأت تصرخ باسمها، بدأت أفوق من حالتي؛ بس متأخر قوي، متأخر زيادة عن الزوم، كل اللي سيطر عليا صوت جوايا بيقولي أمل راحت منك، دب الرعب جوايا لجمني للحظات.

 وكملت أمل اخر كلماتها اللي عمري ما هنساها ولا أنسى نظرت الخذلان والحسرة والكسرة اللي كست عنيها ووجها، وكانوا سهام وخناجر رشقت في قلبي 
 -ليه؟ عمري ما تخيلت إنك تشوفني كده، بتعمل فيا كده ليه؟ طمنتني للدنيا وبعدين بتغدر بيا ليه؟ 

 الكلام بدأ يضيع منها وأنا بموت من جوايا عشانها، كأني شخصين الظاهر حد واللي جوايا حد تاني، وكملت هي كلامها:
-أنت كنت أخر حد..  
( بدءت عينها تقفل وكملت كلامها )
 أخر حد أتوقع.. أنه.. أنه.. يظلمني.

اغمى عليها، وأنا اتصدمت واترعبت، ماما بتصرخ باسمها رجتها جامد بصرخ باسمها عايزها تفوق: 
-أمل، أمل ردي عليا. 

 كان صراخي عليها بدون نتيجة شيلتها ودخلتها الغرفة، أنا وماما بنحاول نفوقها مافيش فايدة، اتصلت بالدكتور جه وكشف عليها 
-عضويا هي كويسة ما فيش أي حاجة مش طبيعية.
-يعني إيه مش فاهم؟ 
-هي محتاجة دكتور نفسي.

 الصدمة لوحدها تملكتني، أنا عملت فيها إيه! ووصلتها لفين! هي دي الحماية طاب العذاب يبقي إيه؟! فشلت في أهم وأغلى حاجة في حياتي، حسيت بتواهان رهيب، انهارت من جوايا و تفكيري اتشل مش قادر أركز أو أفكر.
-نفسي ؟! 

غمضت عيني بندم وحسرة حاولت اتمالك نفسي:
-حضرتك تعرف دكتور ثقة؟ أنا.. أنا معرفش أي دكتور نفسي . 
-ما تقلقش يا عماد أنا عارف دكتور زميل محترم جدًا، حاتصل به، وهو ممكن يجي يشوفها هنا من باب الصداقة.

وجه الدكتور، سمع اللي حصل وشافها، وقال أنها محتاجة تتنقل المستشفى، وفي الغالب مش حتفوق علي طول، والأفضل ننقلها الصبح .

أسوأ ما مر عليا في حياتي، أسوأ بكتير من تجربتي مع سمر، الأذية من شخص غريب أو بعيد هينة مقابل أنك تتقتل من أقرب شخص لك، حبيبك اللي استحالة تتوقع منه أذية أو غدر، وأنا عملت كده مع أمل قتلتها بدون رحمة.

مشي الدكتور وأنا دخلت الغرفة وأمل أمامي نايمة مش حاسة بأي حاجة حواليها، وساعات وتنتقل المستشفى نزلت دموعي لحالها، لثاني مرة بحياتي من بعد ما تجاوزت مرحلة االطفول، دموع ندم ألم عذاب وقهر، أحاسيس متداخلة، نفسي تفوق، تعمل أي حاجة بعدها؛ بس تقف تاني واسمع صوتها.

 قربت منها أمسح علي وجهها بدأت أنادي عليها
-أمل، أمل ردي عليا قومي، قومي يا أمل حقك عليا، أنا عارف إني غلطان.

 جلست جانبها، بدأت أدافع عن نفسي وأبرر اللي عملته معاها وكأنها سمعاني:
-والله مش شايفك كده، ما كانش قصدي تفهمي ده والله، عارف أنك أحسن واحدة في الدنيا، عارف أنك تعبتي معايا، وتحملتي مني كتير، والله حالتك دي تقتلني، طيب قومي وعاقبيني ببعدك بس وأنت كويسة، والله ما حبتش غيرك.

أخدتها في حضني وازداد بكائي وقهري عليها، وهي لا حول لها ولا قوة، جسد بلا روح، كلمت نفسي بقهر وضعف زكأنها شخص غيري بواجهه بحقيقته: 
-يا رب تكون ارتاحت، قتلت الأمل اللي دخل حياتك، قتلت قدرك، ضغطت عليها بدون رحمة، عمرك ما حسيت بالدنيا وحلاوتها غير معاها، اديتك كل حاجة تملكها، قولت هاتحميها، حميتها من كل حاجة إلا نفسك، ما توقعتش منك الغدر والظلم، فاكر أخر كلامها، استحملت كل حاجة من الدنيا ووقفت قدامها صلبة بالرغم من ضعفها؛ لكن أمامك أنهارت، هي خسارة فيك خسارة فيك.

وهنا دخلت امي، كلمتني بجمود عمري ما شوفته منها: بتبكي دلوقتي؟!

امتلئ عينيها بالدموع واختنق صوتها
-يارب تكون ارتحت وأنت بتتهمها بالباطل، قولت لك من قبل ما تجوزها احميها من نفسك الأول، فاكر؟! عاقبتها علي ذنب غيرها، استحملتك وحفظت سرك اللي هو أصلًا قضاء ربنا ولازم نرضي به، وهي كانت راضية ومش عايزه غيرك، قولت لك كتير بس أنت مش بتسمع غير نفسك.

وطيت راسي بخزي الدنيا كله، وعيني علي أمل، ماما عندها حق فكل حاجة قالتها مش قادر أنطق وكملت ماما كأنها بتحاكمني، بتاخد حق أمل مني، بتعريني قصاد نفسي:
-تقدر تقولي حاجة واحدة أذتك فيها أو ضايقتك، كنت بشوفها بتعمل كل حاجة ترضيك، مهما تيجي عليها تبتسم في وجهك، لما كنت أزعل منك عشانها كانت تتحايل عليا اسامحك وتقولي "أنا مش زعلانه منه ومبسوطة، أنا كده غالية عليه" قولت مليون مرة مراتك بتحبك.

-والله بحبها، والله بحبها ، كنت عايز أعمل العملية عشانها، عشان يكون عندها طفل، أنا اضعف منها مش حأقدر اتكفل بطفل زي ماهي عملت، والله عشانها، ما كنتش خايف منها ومتأكد أنها مش حتعمل زي اللي قبلها، والله بحبها .

-عملت إيه لما حببتها؟! عملت لها إيه؟ أنت حتي استخسرت تقولها، وعشان تحس بالوجع أكتر، وتلوم نفسك بجد، أمل كانت عارفة حالتك من قبل الجواز من أول مرة جت هنا.

بصيت لماما وسط اندهاشي وصدمتي من كلامها، وهي ابتسمت بسخرية وتهكم: 
-قولت لها لسببين الأول كنت متأكدة من حبها لك من يوم حادثة القسم، تاني حاجة كنت خايفة عليك لو سابتك بعد الجواز عشان السبب ده، وطلبت منها ما تعرفكش بمعرفتها لده مهما حصل، عارف قالت إيه؟ قالت الراجل سند أمان حنان وحماية، وأحب أهنيك أنت بكل تفوق فشلت في كل دول. 

-ليه معرفتنيش من بدري يمكن... 

قاطعتني بغضب ووجع:
-يمكن إيه؟ هاه، أنت مش بتسمع غير نفسك، لما قولت لك أنها بتحبك ما صدقتش، لما قولت لك أحميها من نفسك ما اهتمتش، ولو كنت عرفت إني قولت لها كنت حتعذبها أكتر بكلامك و أفعالك.

نظرت لأمل ونزلت دموعها وكملت
-لعلمك مش أمل لوحدها اللي خرجت من حياتك، أنا كمان خارجة منها، بكرة نودي أمل المستشفى وأمشي، خليك لوحدك يمكن تفوق.

 وخرجت وسابتني والندم بينهش فيا، و الألم ينخر قلبي والحسرة تعتصرني، رجعت لأمل وضميتها بكل قوتي، بكيت بانهيار، فضلت طول الليل أبوس ايدها وراسها، واحضنها، بكلمها: 
-أنت الوحيدة اللي ماكنتيش بتزعلي مني مهما عملت، كنت دايما بتسامحي أقل حاجة تفرحك، ابتسامة تنسيكي أي وجع، حتسامحيني يا أمل؟! يا أملي في الدنيا ولا حتسيبني بعد ما أذيتك، آااااااه يا أمل، يا أملي وحياتي كلها.

 نمت جنبها واخدتها في حضني، دموعي نازله يتعاد بمخيلتي كل اللي حصل من أول زواجنا، كل بسمة وفرحة كل لفته لها، كل لحظة حلوة وكل دمعة.

مرت ساعات الليل طويلة مؤلمة ومحزنة، تاني يوم شيلتها والحسرة ملياني، خارج بها مش عارف حتدخل معايا تاني ولا حتغادر حياتي للأبد، إحساس مميت، كان همي الأول أنها تفوق وتخف، وحاتقبل قرارها مهما كان بس أطمن عليها.

نزلتها العربية وماما معايا اللي رفضت تتكلم معايا أو حتي تنظر لي، واحنا في الطريق اتصلت زوجة لؤي، سامع الحوار من طرف واحد.
رحمة :. ... 
-أمل تعبانة .
رحمة :.....
-لأ، مش في البيت تعالوا علي المستشفى حبعت العنوان واتس.
رحمة : ..... 
-للأسف مستشفى نفسي، تعالوا وحتعرفوا هناك

قفلت ماما وقولت لها بعصبية:
-ليه قولت لهم؟

ردت بحدة وكانت بتبعت لهم علي الواتس : 
-قول العنوان.

أنا بعصبية وبضرب علي الدريكسيون: 
-ليه؟ ليه قولت لهم؟

رددت بعصبية مماثلة وغضب:
-قول العنوان يا عماد.

قولت لها وبعتته، وبعدها اتكلمت بعتاب وصدمة:
-عايز تمنعها عن أخوها عشان تداري علي نفسك، ما كنتش أعرف أنك أناني كده




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close