رواية تزوجت مـدمـناا
الفصل الثاني 2
بقلم نوران شعبان
( صدق " إيليا ابو ماضي" عندما قال..
" كن جميلا ترى الوجود جميلا.! "
و الآن بفضل الشكر و التضرع الي الله بالدعاء، و رؤية الحياة بأيجابياتها لا السلبيات..
-اتطورت لمرحلة نجاح جديدة، مرحلة تركت أثرا تحفيزيا لمواصلة سلسلة نجاحي.!
و تطور لقبي معها ل" دكتورة "، صحيح انني " دكتورة علم نفس.." ولكن أفضل من الفشل الزريع على الأرجح.! )
هذا ما دونته " حياة " في مذكراتها الشاهدة على جميع مراحل نجاحها و ملاحظاتها..
قطع تأملاتها والدها.. " صديق قاسم ".. وهو يسألها بصوته الحنون الدافئ كالعادة..
-: لسا صاحية يا حياه.!
ابتسمت بثغرها المحدد الكرزي..
:- لسا يا بابا.! عايز حاجة اعملهالك.؟
:- تسلميلي يا حبيبتي.! بما إنك صاحية ورايقة انا عايز اكلمك في موضوع..
تنهدت حياه وقد أيقنت الموضوع الذي يريد والدها التحدث به،، اشاحت بوجهها للجهة الاخرى وهى تبتسم مرددة..
-: يبقى اكيد عريس زي كل مرة.!
-: آه يا ستي عريس، بس مش زي كل مرة.. المرة دي يبقى ابن شريكي في الشغل و داخلين صفقة مهمة جدا مع بعض.. الراجل ظابط في مكافحة المخدرات وليه سمعته في الداخلية.! و مافيهوش حاجة تتعايب يا بنتي.!
زفرت حياه بهدوء وهى تسترسل مبررة
-: يا بابا كام مرة هقولكك اني عايزة اسخر نفسي للدراسة وبس، مش فاضية لجواز و تفاهة و عيال.! ثم انا لسا ملقتش الشخص المناسب الي يكملني..!
صاح فيها والدها بإنفعال
-: يعني ايه تسخري حياتك للعلم.! انا سيبتك براحتك ستة وعشرين سنة بوفرلك كل السبل لتعليمك.. و إنت خلاص خدتي الماجيستير و الدكتوراه عايزة ايه تاني.!
قاطعته حياه موضحة
-: يا بابا لسا بدري.! لسا الطريق قدامي طويل افتح بيبان نجاح اكتر من كدة.! ولسا بدري على موضوع الجواز ده.!
أكمل والدها صياحه بإنفعال اكبر
-: ستة وعشرين سنة و لسا بدري.؟ اومال ناوية تتستتي في بيتك امتى لما تكملي الأربعين و الناس ميسيبوكيش في حالك.؟!
¤ توقف صديق عن الحديث ثوان، متنهدا محاولا كبت انفعاله و غضبه.. تحول ملامحه لبسمة حنونة..
-: نفسي أشوفك عروسة و تبقى ناجحة في بيتك زي ما انت ناجحة في دراستك، و اشيل احفادي و اربيهم.. انا حققتلك كل مطالبك مش قادرة تحققيلي امنية واحدة..؟؟!
¤ لاحظ صموت حياه التام،، و تغير ملامحها للشفقة.. أكمل بإلحاح أكثر بعد ان لاحظ تأثير كلماته عليها..
-: و يا حبيبتي شوفيه الأول بعدين احكمي، مش يمكن يطلع الشخص المناسب الي بتدوري عليه..!!!
زفرت حياه مستسلمة، و رفعت سبابتها مؤكدة..
-: ماشي هشوفه، بس لو معجبنيش هرفض و قدامه انت عارفني.!!
~~
هناك فرق عميق بين " أحمد " والد كريم.. و " صديق " والد حياه..
كلاهما ابوان ولكن صديق ينبع بالحنية و التضحية.. و مصلحة فتاته أولا قبل اي شئ.!
أحمد كذلك أيضا و لكن قاس كثيرا.!
~~
تأهبت " حياه " لمقابلة الآتي..
ارتدت فستان وردي قصير، أبرز بدنها الممتلئ من مفاتنها.. و نحيف من خصرها مستو..
أطلقت شعرها الأسود المموج يتدلدل على ظهرها حتى قبل ركبتها..
نزلت بخطوات معتدلة و رسمت ابتسامة بسيطة على وجهها..
لم يظهر توتر، ولا خجل، و لا انكماش و انقباض كأي فتاة في موقفها..
بل بدت طبيعية للغاية.!
" فواثق الخطى يمشي ملكا.! "
وقفت في المنتصف وهى تلقى التحية.. على الرجل الوقور الجالس جانب والدها، و الشاب الوسيم ذو الأعين العسلية الجالس جانبهما..
" مساء الخير.! "
وقف أحمد بابتسامة واسعة..
-: أهلا وسهلا،، يا مساء الجمال.!
صافحت إياه، ووجدت الشاب الآخر يقف متكاسلا وهو ينظر ببرود..
-: أهلا.!
حياه بابتسامة مندهشة..-: أهلا بيك.!
جلست حياه مقابل كريم..
صار العكس تماما مع الموقف..
بدلا من ان ينظر لها كريم بتفحص و إعجاب.. و تطقطق رأسها هى خجلا من نظراته..
- بلى.! فكان كريم ينظر للاشئ بدون اهتمام، و حياه هى من تراقبه خفية.. تحلل شخصيته من وجهه ونظراته المتنقلة..
جسده الطويل الصلب.. حسنا لا بأس به.!
نهضا "أحمد" و "صديق" بعيدا تاركين كريم و حياه ليحظوا بفرصة للتعارف..
زفر كريم بضيق وهو يحرك قدمه بغضب، بدء مفعول جرعة المخدرات يطلب المزيد.. و ظهر جانبه السلبي الآن..
لاحظت حياه توتره، رعشة يديه، يديه التي تحاوط رأسه بألم..
تنحنت حياه وهى تتحدث لأول مرة معه..
-: انت كويس.؟
اجابها دون ان ينظر إليها..
-: أيوة كويس.!
ظل هكذا لبضع دقائق،، راقبته حياه بأعينها الثاقبة وهى تدرس حالته، أثقلت جفونها وهى تتوجس خيفة من صحة شكوكها..!
نهضت حياه، و جلست بجانبه بمنتهى الهدوء..
مدت كفها الرقيق وهى تربت على فخذته و تحاول تثبيته..
