الفصل الاول1
بقلم دينا جمال
هو جسور سليم السيوفي : عقيد سابق استقال من عمله في الشرطة بعدما فقد زوجته وابنته الصغيرة في حادثة (سنعرف عنها فيما بعد )
طويل القامة ، ذو جسد معضل بالرغم من سنوات سنه الخامسة والثلاثون ، شعر أسود ولحية سوداء خفيفة غزتهما بعض الشعيرات البيضاء لتزيده وسامة ، عينان بنية حادة تحمل مزيجا بين الدفي والقسوة
صارم حاد الطباع خاصة بعد ما حدث لزوجته وابنته ، عمدة احدي القري بالوجه القبلي
لديه شقيقة واحدة تدعي سهر ارملة توفي زوجها قبل عدة سنوات ولديها إبن صغير في الثامنة من عمره يدعي زين
________________________________
أما علي جانب آخر
هي جميلة هشام الدميري : جميلة اسم ومضمونا ، فتاة مرحة خفيفة الظل لا تفارق البسمة شفتيها ، تحب الطبخ كثيرا وخاصة صنع المعكرونة ، قصيرة القامة مجنونة تحب الحركة والغناء تلمع عينيها العسلية عندما تكون سعيدة ، يزداد بريق وجهها بتلك الابتسامة البريئة التي تظهر غمازتيها ، شعرها أسود طويل تخفيه خلف حجابها ، طبيبة في الخامسة والعشرون من ربيعها
الباقي مع تدرج الأحداث
الفصل الاول
يصدح القرآن بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد في ارجاء هذا المنزل ، حيث تجلس السيدات متشتحات بالسواد يرمقن تلك المسكينة التي تصرخ داخل غرفتها ما بين شفقة وحزن وتهكم وشماتة
أما في داخل تلك الغرفة الصغيرة تجلس فتاة علي الفراش تصرخ وتنوح
جميلة باكية : ليييه ، ليييه يسبوني ويمشوا دلوقتي أنا ما كنتش عايزة حفلة ما كنتش عايزة حاجة أنا كنت عيزاهم هما ، يا رب ليه سبتني أنا وخدتهم هما
صفاء باكية : يا جميلة يا بنتي اهدي هيحصلك حاجة
جميلة باكية: لييه ما خدونيش معاهم ليه سابوني لوحدي هعيش ازاي من غيرهم عشان خاطري يا طنط صفاء هاتيلي بابا وماما
دست صفاء رأس جميلة في حضنها واخذت تمسد علي شعرها برفق
صفاء باكية: بس يا بنتي بس يا حبيبتي ، حرام الي بتعمليه في نفسك دا
جميلة باكية: ليه سابوني أنا قولتلهم مش عايزة حفلة مش عايزة حاجة ، هما ما سمعوش كلامي ماتوا وسابوني ، يا بابااا كدة تسيب جميلة لوجدها هعيش ازاي من غيرك
دخل عم جميلة ويدعي مختار ، اقترب من فراش جميلة وجلس على حافته
مختار بدموع : جميلة ، ما ينفعش كدة يا حبيبتي بابا دلوقتي في مكان احسن وانتي عارفة ماما كانت بتحب بابا قد ايه فما رضتيش تسيبه لوحده
انتفضت جميلة من حضن صفاء زوجة عمها وبدأت بالصراخ : وسابوني لوحدي ، هما راحوا مع بعض وسابوا جميلة لوحدها ، أنا عايزة اروحلهم عشان خاطري يا عمي مش أنت بتحبني وديني ليهم وديني ليهم
مختار سريعا: بعد الشر عليكي يا بنتي
امسك مختار كتفيها : جميلة اهدي ، اقبلي الحقيقة باباكي ومامتك خلاص ماتوا الي بتعمليه دا ما فيش منه فايدة دي مش تربية هشام يا جميلة ، باباكي دايما كان بيقولي جميلة ب100 راجل
القت جميلة بنفسها في حضن عمها
جميلة باكية: وحشوني أوي يا عمو
مختار بحزن : ربنا يصبرك ويصبرنا
بينما يقف هو علي باب الغرفة يعقد ذراعيه امام صدره لم يستطع منع تلك الابتسامة الشيطانية من الظهور علي شفتيه
رامي في نفسه: واخيرا يا جميلة الحاجز الي بينا خلاص راح ، الله يجحمك يا عمي، كنت فاكر انك هتقدر تبعدها عني اديك اتكلت في ستين داهية وقريب أوي هتبقي ملكي يا جميلة
____________________________
علي صعيد آخر
كان ينزل علي سلالم المنزل الداخلي بكبرياء لا يليق الا به فقط ، وصل الي غرفة الطعام ، فقامت اخته وقبلت يده باحترام
سهر باحترام: صباح الخير يا اخوي
هز رأسه إيجابا بجمود ولم يجب
فقام الصغير زين وفعل مثل والدته
زين : صباح الخير يا خال
هز رأسه إيجابا مرة أخري ولكن تلك المرة مع ابتسامة صغيرة
جلس على طرف طاولة الطعام ساندا عصاه الابنوس السوداء بجانبه وجلس يتناول الطعام بصمت
جسور بهدوء : سهر
سهر سريعا: أيوة يا اخوي
جسور : في عريس زين جالي امبارح وقالي انه طالب يدك
سهر بانفعال : ما عوزاش قولتلك اني مش هتجوز تاني
جسور بحدة: سهر نسيتي نفسك اياك كيف تعلي صوتك وانا قاعد
سهر بخفوت : أنا آسفة
جسور بهدوء: واخرتها وياكي يا سهر هتقعدي اكدة من غير جواز
سهر بدموع: ما اقدرش يا اخوي ، ما اقدرش اكون مرت حد تاني غيره
جسور: يا سهر انسي بقي بقالك كام سنة علي الحال دا
سهر بدموع: وأنت نسيت مرتك يا اخوي
اغمض جسور عينيه بألم : وايه لزمته الحديت دا عاد مالك ومالي يا بنت الناس أنا راجل لا هبور ولا هنعس لكن انتي
سهر بانفعال: مش هتجوزه يا جسور
جسور بجمود: آخرة ما عندي يا بنت أبوي ، أنا هروح اتفق مع الراجل واكراما ليكي هخلي فيه فترة خطوبة في الاول غير اكدة ما هيحصلش
امسك عصاه الابنوس وهم بالخروج من الغرفة عندما سمعها تصرخ فيه وهي تبكي: لا يا جسور أبوس يدك ما عوزاش اتجوز
ثم سمع صوت ارتطام قوي بالأرض التفت سريعا فوجدها ساقطة ارضا فاقدة للوعي
صرخ باسمها وركض ناحيتها سريعا
جسور صارخا : سهر فوقي يا خيتي سهررررر ، يا ام السعد انتي يا ام الزفت
دخلت الخادمة مسرعة
الخادمة بخضة : مالها الست سهر كفا الله الشر
جسور صارخا: شيعي لحكيم الوحدة بسرعة
خرجت الخادمة مسرعة تحضر الحكيم بينما حمل اخته بين ذراعيه ذاهبا بها الي غرفتها
________________________________
في شقة جميلة
خرجت صفاء بهدوء من غرفتها واغلقت الباب بهدوء
مختار : نامت
صفاء بحزن : آه الحمد لله يا حبة عيني اتهرت من العياط الله يرحمك يا سعاد ، بقولك ايه يا مختار احنا مش هينفع نسيبها قاعدة لوحدها لازم نخدها تعيش معانا
مختار بضيق: ناخدها فين لاء طبعا ما ينفعش ورامي ابنك ، دا أنا مرعوب علي البت منه بعد ما هشام الله يرحمه ، انتي هتفضلي قاعدة معاها هنا لحد ما حالتها تتحسن وبعد كدة هنشوف هنعمل ايه
صفاء : ماشي يا مختار ربنا يصبرها يا رب
_______________________________
عودة لسرايا جسور
جسور بجمود: خير يا داكتور
الطبيب : ما تقلقش حضرتك واضح ان ضغطها علي شوية يا ريت ما تتعرضش لاي ضغط عصبي خالص
جسور: توشكر يا داكتور ، ثم صاح بصوته الجهوري يا ام السعد وصلي الدكتور
رافقت الخادمة الطبيب الي باب السرايا بينما صعد هو لأخته ليطمئن عليها
وجدها نائمة على الفراش تحدق في السقف ودموعها تهبط من عينيها
جلس بجانبها علي الفراش ومد يده يمسد علي شعرها بحنان : ينفع اكدة خلعتي قلبي عليكي
سهر باكية : أنت ما عندكش قلب يا جسور
امسك كف يدها ووضعه علي صدره : اومال ايه دا الي بيدق معقول تكون الكلاوي
خرجت منها ضحكة خافتة رغما عنها
جسور مبتسما بحنان: ايوة كدة خلي السرايا تنور
سهر بدموع: ما عوزاش اتجوزه يا اخوي
جسور مبتسما: حاضر يا خيتي ما هتتجوزيهوش ( مش هتتجوزيه)
سهر مبتسمة: صوح يا اخوي
جسور: انتي عارفة جسور السيوفي ما بيرجعش في كلمته ولو علي رقبته
احتضنته سهر بسعادة: ربنا يخليك ليا يا اخوي
قبل جبينها بحنان : ويخليكي ليا ، ثم اكمل بمرح نادر ظهوره بس تعرفي خسارة والله العريس دا
سهر : وااه اشمعنا يعني
جسور بمرح: تاجر برتقال يا فقرية كان هيغرقك في أبو سرة
انفجرا كلاهما في الضحك بعد تلك المزحة السخيفة فهما الاثنين لا يملكان سوي بعضهما في تلك الدنيا ، بعد أن هجرت امهم أبيهم وهم صغار ومن بعدها مات الأب وجسور هو ابيها واخيها وكل ما تملك هو وصغيرها زين
_______________________________
بعد عدة ايام
بدأت حالة جميلة تهدأ نوعا ما
كانت جالسة بجوار صفاء زوجة عمها تحاول اقناعها كالعادة بأن تاكل بعض الطعام
صفاء : يا حبيبتي عشان خاطري معلقة واحدة بس مش شايفة وشك بقي عامل ازاي من قلة الاكل
ظلت صامتة تنساب دموعها بصمت
صفاء بحزن: يا جميلة .......
قاطعها صوت رنين هاتفها التقطته فوجدته رامي
صفاء : خير يا رامي
رامي بلهفة: الحقيني يا ماما بابا واقع علي الارض قاطع النفس
صرخت صفاء بفزع: مختار أنا جاية حالا
التقطت صفاء حقيبة يدها وخرجت تهرول من باب الشقة نزلت لأسفل سريعا ، اوقفت سيارة أجري ركبتها سريعا واخبرت السائق بالعنوان
بينما وقف هو بعيدا يراقبها وهي ترحل اتسعت ابتسامته الخبيثة عندما تأكد من نجاح خطتته
قادته قدميه بلهفة الي حيث تقطن جميلته
وصل أمام باب شقتها ودق الباب بهدوء
كانت في هذه الأثناء قلقة من صراخ زوجة عمها وهرولتها السريعة حتي أنها لم تستطع سؤالها عما يحدث وبعدها سمعت صوت دقات علي باب المنزل
ذهبت ناحية الباب وقبل أن تفتحته تذكرت جملة والدتها الخالدة ( جميلة اوعي تفتحي الباب وانتي لوحدك من غير ما تعرفي مين الي برة )
جميلة بقلق : مين ، مين الي برة
رامي : أنا رامي يا جميلة
جميلة: رامي خير يا رامي طنط صفاء كويسة
رامي : ايوة ما تخافيش ، افتحي بس عمك بعتلك حاجة معايا
جميلة: باعتلي ايه
رامي بضيق: في ايه يا جميلة هو أنا هكلك ما تفتحي
فتحت جميلة الباب فتحه صغيرة: عايز ايه يا رامي
دفعها رامي بعنف الي داخل الشقة واغلق الباب خلفه
رامي مبتسما بشر : واخيرا يا جميلة