أخر الاخبار

رواية لحن الزعفران مذكرات فيروزة الفصل الرابع عشر14والخامس عشر15بقلم شامة الشعراوي


 
رواية لحن الزعفران مذكرات فيروزة الفصل الرابع عشر14والخامس عشر15بقلم شامة الشعراوي

نظروا إليه بصدمة فأقترب منه "عامر" وعيناه تذرف الدموع وقال بعدم تصديق:
- أنت بتقول ايه لا مستحيل تكون ماتت  بنتي لسه عايشة متقولش أنها ماتت.
تحدث الطبيب بنفي: لا لا أنا مش قصدي على بنتك هى عايشة.
أقترب منه "عمران"و بطرفة عين أمسكه من ياقة قميصه وقال بغضب:
- أنت متخلف يبنادم أنت هو أحنا مستحملين علشان تلعب بأعصابنا ماتنطق على طول هو فى ايه .
الطبيب بتوتر: أنا كنت بعزيكم فى طفلها اللى مات أصلها كانت حامل.
دفعه "عمران" إلى الحائط ثم أبتعد عنه، بينما "عامر" أخذ يتسأل  بتعب:
- لو سمحت أحنا مش فاهمين منك أى حاجة طفل ايه وبنتي حالتها عاملة ايه.
عدل الطبيب هدومه وقال بخوف وهو ينظر إلى "عمران" : المدام كانت حامل وسقطت وده بسبب الاعتداء العنيف اللى حصلها من ضرب غير أدامي سبب كدمات كتيرة فى جسمها ودا غير أن فى أثر لتعذيب قديمة على جسمها أتعرضت له قبل كدا  .
تحدث "عامر" بصدمة: 
-أثر لتعذيب قديمة قصدك أن بنتي كانت بتتعرض للضرب وأنا كنت غافل عن ده كله.
نظر إليه الطبيب بشفقة: لازم يتم عمل محضر بالكلام ده ف أنا هبلغ الشرطة.
تحدث "أدم" هذة المرة قائلاً: 
-ملهوش لازمة تعبك يادكتور حضرته يبقى لواء فى الداخلية وأحنا هنتولى الأمر ده لكن طمني أكتر على أختي.
الطبيب بهدوء: متقلقش حالتها مستقرة هى دلوقتى واخده مخدر وشوية وهتفوق منه ومش عايز اقولكم حالتها هتبقى عاملة ازاى لما تفوق لان اللى مرت بيه مكنش شئ هين عليها..عن اذنكم.
تحدث "عامر" قائلاً: أنا هدخل أشوفها .
اومأ "عمران" رأسه بالإيجاب  بينما "أدم" أقترب منه وقال:
- ممكن بقا تفهمني إيه اللى حصل ووصل فيروزة للحالة دى ورائف جوزها فين مابنش ولا يعرف أى حاجة عن مراته ولا سأل عنها حتى أنا مش فاهم أى حاجة من اللى بتحصل ياعمران  الدنيا حاسسها اتلغبطت معايا.
نظر إليه "عمران" بأرهاق وقال: حاضر ياأدم هعرفك كل حاجة. وبدأ يقص عليه كل ماحدث.
ولج "عامر" إلى غرفة التى توجد بها أبنته أقترب منها وهو يجذب المقعد ليجلس عليه بجوارها، نظر إليها بألم ثم مد يديه ليمررها على وجهها المليئ بالكدمات الزرقاء لتفر دمعة هاربة من عيناه ليقول بحزن:
- أنا أسف يافيروزة أسف على كل اللى حصلك يابنتي أنا حاسس بالضعف لأن مقدرتش أنقذك منهم ..أنا طلعت أب فاشل وسيى معرفش يحمى بنته فى طفولتها ولا حتى لما كبرت يلا بقا قومي وحشنى صوتك وحنيتك عليا وحشتني كلمة بابا منك ...أنتى متعرفيش قد ايه أنتى غالية عندي..عارف أنك زعلانة منى وزعلانة أوى كمان لكن ياعمري كل اللى حصلك كان غصب عني محدش يعرف أنا كنت بمر بأيه ولا اتعرضت لأيه أنا مستغلتكيش زى ما انتى فاكرة ومكنتش عايز أجوزك لرائف لكني كنت محطوط تحت ضغط منهم كانوا هيقتلوا أخواتك كلهم لو معملتش كدا أنتى فاكرة أني كنت بتجاهلك كدا من فراغ والله العظيم كان غصب عني أجبروني تحت تهديد أني أوافق أنك تتجوزي وألا بدل واحد يبقى الكل مكنش سهل أني أفرط فى واحد منكم وكنت عارف أن أنا اللى هتضر فى الأخر والضرر جه فيكي ياعيوني...
أمسك يديها ليقبلها بحنان ثم قال ببكاء:
- عارفة ليه مكنتش بحب أقرب منك كتير ومعملتي ليكي كانت جافة لأن كل لما ابصلك أحس بوجع ينهش فى قلبي  وكأن حد ماسك سكينة وبيقطع فيه كل لما أبص فى عينك لأن كنت بفتكر كارما اللى أوهموني أنها أتقتلت مكنتش أعرف أنها أنتى دلوقتى قدرت افهم وجعي ومشاعري اللى كنت بحس بيها وقتها...بس أوعدك لعوضك عن حرمانك من كل حقوقك بس أنتى قومى كدا وأرجعى فيروزة الجميلة اللى كنت أعرفها اللى عمرها ما أستسلمت أبداً....أخذ يمسح دموعه بكف يديه وهو يقول:  ياعمري أنتى متعرفيش قد ايه وحشتني لماضتك وضحكتك الحلوة اللى بتنور الدنيا.
ولج إليه "أدم" ثم أقترب منه بهدوء ليربت على كتفه وهو ينظر إلى شقيقته بحزن:
- ليه يابابا عملت كدا ليه سمحت أنى هى تدفع التمن ذنبها ايه فى ده كله.
أجابه والده بعد أن بلع غصه مريره فقال بألم: 
- ذنبها الوحيد أنها بنتي لو كنت أعرف أن بسبب شغلي هتأذي فى ولادي مكنتش أتجوزت من الأول ولا خلفتكم.
أتاهم صوتها المتألم فنهض "عامر" من مكانه ووقف عند رأسها ينظر إليها بقلق، بدأت تفتح جفنها ببطء شديد لكنها أغلقتهم على الفور من شدة الإضاءة ثم أخذت تفتحهم مرة أخرى، نظرت حولها بشرود ولكن سرعان ما تذكرت ماحدث معها فصرخت بهستيرية حاول "عامر" أن يتحكم بها قائلاً بقلق: فيروزة حبيبتي أهدى أنا بابا عامر متخافيش.
أخذت تهز رأسها بخوف وذعر لتقول بصريخ: 
- رائف أبعد عني حرام عليك سبني أنا معملتش حاجة 
بابا يابابا ألحقني خليه يبعد عني أنا مليش ذنب يابابا.
حاوطها "عامر" بذراعيه وهو يقول ببكاء:
- أهدى يابابا أنا جنبك محدش هيقدر يأذيكي متخافيش فوقى ياحبيبتي وبصيلي أدم نادى للدكتور. 
تحرك "أدم" منه مكانه سريعاً بينما "عمران" لم يتحمل أن يسمع صراخها هكذا ليدخل إليهم فرأى "عامر" يحتضنها وهى تتحرك بعشوائية وتصرخ بشدة.
اقترب نحوه وجذبها برفق محتضناً أياها وهو يقول:
- فيروزة سمعاني متخافيش محدش هيقرب منك أنتى هنا فى أمان...لم تستمع لما يقوله فظلّت تهذى وتصرخ ببعض الكلمات الغير مفهومة.
تحكم أكثر بجسدها فضمها أكثر إلى صدره ليقول هامساً فى أذنيها بحنان:
- حبيبتي أنا عمران أهدى متخافيش أنا جنبك ياعمري أنتى.
هدأت قليلاً وبدأت تستجيب لحديثه فرفعت رأسها وهى تنظر إليه بتوهان فقالت ببكاء:
- عمران أنا خايفة منه خليه يبعد عني ياعمران أرجوك.
مسد على شعرها برفق وقبل مقدمة رأسها ثم قال:
-متخافيش يافيروزة مفيش حد غيري معاكى ومحدش هيقدر يأذيكي طول ما أنا جنبك.
ارتخت أعصابها ووضعت رأسها على كتفه وهى تغمض عينيها بضياع فظلّ هو يربت على ظهرها وقال هامساً:
- أرتاحى ياحبيبة الروح أنا موجود ومش هتخلى عنك أبداً.
نظر إليهم "عامر" بنظرات مندهشة فهى أستجابت إليه فوراً وكأنه مأمنها وملجأها الوحيد حينها بدأ أن يشعر بتناغم شديد بينهما وفى تلك اللحظة تأكد بأن هناك شئ يملكه "عمران" نحوها.
ولج الطبيب مع "أدم"، فازاح"عمران" جسدها بعيداً عنه قليلاً عند دخولهم..فعادت تصرخ بهسترية مجدداً أقترب منها الطبيب وحاول أن يتحكم بها فلم يستطيع فوجه بصره نحو "عمران" قائلاً: لو سمحت قرب منها وحاول تمسكها علشان أقدر أشوفها.
ضمها إليه مرة أخرى فقام الأخر بأعطائها أبرة مهدة فهدأت "فيروزة" على أثرها فقام "عمران" بوضع رأسها على المنضدة وغطا جسدها جيداً، بينما هى ظلّت تهلوس ببعض الكلمات قائلة: عمران...عمران متسبنيش أنا خايفة.
تحدث "عمران" وهو يمسح بقايا دموعها مع على عينيها: - عمرى ماهسيبك يافيروزتي نامى وارتاحي .
بينما "عامر" قال للطبيب: هى بنتي مالها يادكتور.
الطبيب: متقلقش دى حاجة طبيعية أن هى تحصلها لأن اللى تعرضتله مكنش سهل عليها لكن هى مسألة وقت وهتعدى..ثم نظر إلى "عامر" فأضاف قائلاً: 
- ولازم تخلوا بلكم منها وتحاولوا تكونوا جنبها دايماً لأن هى ممكن لقدر الله تفكر فى الانتحار وتأذى نفسها.
تحدث "أدم" بهدوء: تمام يادكتور.

فى القصر ولجت "نازلى" لغرفة "أنيس" لتوقظه من النوم، فأخذت تناديه: أنيس..أنيس أصحى.
فتح جفنه بثقل شديد فنظر إليها وقال بصوت ناعس:
- ماما مالك فى حاجة ولا ايه.
اجابته "نازلى" بقلق: قوم كدا وصحصح معايا الفجر أذن والنهار قرب يطلع وأبوك معرفش هو راح فين وأنا قلقانه عليه.
اعتدل فى جلسته وبدأ بفرك عيناه من النعس وقال:
- ياحبيبتي هتلاقيه  فى الشغل ولا حاجة .
تحدثت الأخرى بضيق: شغل ايه فى الوقت ده يابني الله يرضى عنك قوم شوفه فين.
اردف "أنيس" بكسل: ياماما متشوفى أدم أكيد هو يعرف بابا فين ماهو شغال معاه .
جذبته من ثيابه وقالت بحنق: ابوك واخوك مش موجودين فى البيت ومش بيردوا على تليفوناتهم ما تخلص يازفت بقا أنا بقالي اكتر من تلات ساعات مش عارفة اوصلهم وخايفة أوى .
نهض من مكانه ليتجه إلى المرحاض قائلاً: 
-حاضر هدخل الحمام وهغير هدومي وبعدها أبقى أنزلك تحت نشوف ايه الحكاية ياأمي.
رددت عليه "نازلى" بهدوء: ماشى هستناك تحت بس ما تتأخرش فاهم.
بعد مرور نصف ساعة هبط "أنيس" من على السلالم ليجد والدته تجلس بقلق بجانب جدته، اقترب منهما وقال بتثأب:
- مالكم فى ايه على الصبح هو محدش يعرف ينام براحته فى ام البيت ده.
نظرت إليه الجدة بضيق: تصدق بالله أنك بارد ومعندكش دم.
جلس مقابلها ليقول بلامبالاة: عارف ايه الجديد ياتيتا ممكن أعرف بقا عايزين ايه.
الجدة: ابوك مش بيرد على التليفون هو وأدم.
أنيس: يمكن فى حاجة مهمه مشغولين بيها علشان كدا مش بيردوا.
والدته: حاجة ايه يابني أبوك أصلا عنده أجازة من الشغل النهاردة وبليل لما قلقت على أختك فيروزة قالى انه هيروح يشوفها ومن ساعتها معرفش حاجة عنهم.
هب واقفاً من مكانه ثم قال:- متقلقيش هعمل مكالمة مهمه ورجعلكم تانى .
أقترب منهما "عمر" فنظرت إليه "نازلى" وقالت متسائلة:
- عمر ايه اللى صحاك دلوقتى!
جلس على الأريكة بأهمال وقال:
- الساعة ٦ الصبح فطبيعي أني أصحى.
الجدة: والله وده من أمتى النشاط اللى حل عليك فجأة ده.
تحدث "عمر" بزهق: اصحى متأخر مش عاجب ولما أصحى بدرى بردو مش عاجب أعمل ايه فى نفسي اوعل فيها علشان تستريحوا.
ضربته والدته بخفة على رأسه: هو لسانك ده ميعرفش يسكت أبدا. 
عمر: ماما ماتقومى تحضريلي الفطار علشان ميت من الجوع.
الجدة: استنى شوية وكلنا هنفطر مع بعض.
عمر:لا أنا مش هستني حد يلا يانازلى بقا والله ياجماعة عندى محاضرة الساعة ٧ونص مع دكتور متخلف ولازم احضرله فخلونى افطر وأمشى علشان الحقها بدل مسقط.
نظرت إليه "نازلى" وقالت بأستهزاء: عمر حبيبي أنت كدا كدا فاشل فى دراستك ياروحي ف متوجعش دماغنا بقا .
نظر إلى جدته وقال: شوفتى..شوفتى مرات ابنك علشان متجوش تزعلوا بقا لما اجيب درجات وحشة و علشان تعرفوا أن هى السبب وعلى طول بتقعد تقطم فيا.
الجدة: قومى يانازلى حطيله يفطر علشان يغور من قدامي مش ناقصة هى فقعة مرارة.
نازلى: حاضر ياماما حاضر وأنت يازفت ماشى صبرك عليا يافاشل ..
جاء "أنيس" ليرتمى بجسده بجانب "عمر" فقالت الجدة:
- عملت ايه عرفت حاجة عنهم.
تحدث "عمر" متسائلاً: هما مين دول؟.
أنيس: لا ياتيتا معرفتش وكلمت كذا حد من معارف أدم وبابا وقالولي أن محدش منهم راح المقر أصلا.
عمر: أنا مش فاهم حاجة.
أنيس: مش مهم تفهم وياريت تقعد ساكت زى الكنبة اللى أنت قاعد عليها دى.
أردف "عمر" بضيق: هو ليه أنتو دايما مستقلين بيا وكأني واحد حيوان ملهوش لازمة ما بينكم.
نظرت إليه جدته وقالت بحنان: مين بس اللى قال كدا ياعموره.
عمر: يعني حضرتك مش شايفة بيعملوني أزاى والله مفيش غير فيروزة أختى حبيبتي أحسن منهم كلهم مش عارف أنا ايه بس اللى خلاها تتجوز وتمشى وتسبني مع المعتيه دول.
الجدة: سنة الحياة ياعمر ولازم يجي يوم وكل واحد فيكم يتجوز وينشغل بحياته الجديدة يبني.
أنيس: مالك بس ياعم القموص هو حد كان كلمك ولا جه جنبك أنت شكلك فايق وبتتلكك.
عمر: اه بتلكك عندك مانع .
أتاهم صوت "أحمد" الذى تحدث بضيق: فى ايه على الصبح هو كل يوم كدا خناق ماتهدوا شوية واعقلوا.
الجدة: والله يابني ما تكلمت وقاعدة ساكتة أهو وفى حالي.
ضحك "أنيس" و"عمر" عليها بخفة بينما "أحمد " قال:
- يا أمي ياحبيبتي هو حد قالك حاجة وبعدين ياست الكل أنتى تعملى اللى عوزاه إن شاء الله تجيبي طبل بلدى من الصبح ومحدش يقدر يقول تلت التلاته كام دا أنا كنت كسرتوا.
مال "عمر" على شقيقه وقال بهمس: ستك عاملة زى المتهم البريئ وهو بيدافع عن نفسه مش أنا ياسيدي القاضي والنعمة ماأنا.
نظرت إليه فقالت بحنق: بتقول حاجة يازفت.
عمر: أبدا ياقمر دا أنا حتى بشكر فيكي مش كدا ياانيس.
أنيس: ونعمة كداب.
بعد مرور مدة كبيرة من الوقت كانت تأخذ الصالون ذهاباً وأياباً فقالت لها "حسناء": نازلى ماتهدى يابنتي خيلتيني.
نازلى: هتجنن يعنى ايه معرفش حاجة عن جوزي ولا عيالي لحد دلوقتى.
تحدث أحمد:  متقلقيش هما مش عيال صغيرة وهتلاقيهم داخلين علينا دل..بترت كلماته بصدمة عندما وجد شقيقه يلج إليهم ويحضتنه ابنته النائمة بين ذراعيه فنهض الجميع وهم يقتربون منهما بفزع، بينما صعقت "نازلى" من هيئة أبنتها المدمرة فهرولت نحو زوجها وقالت ببكاء شديد:
- بنتي ...بنتي يانور عيني إيه اللى حصلك ياقلب أمك..رفعت بصرها إلي زوجها وقالت بخوف: 
بنتك ايه اللى حصلها ياعامر مين اللى عمل فيها كدا مين اللى دمر قلب أمها بالشكل ده رد عليا .
نظر إليها بألم فلم يستطيع أن يجيب عليها بشئ فتركها وصعد بابنته إلى غرفتها ولكنه قبل أن يخطو بقدميه قال: محدش فيكم يطلع ورايا لأن هى محتاجة راحة ومش عايز حد يقلقها.
أقترب منها "عمران" ليطمنها قليلاً: 
-متقلقيش حضرتك دى مجرد حادثة بسيطة وبنت حضرتك هتبقى بخير هى محتاجة شوية وقت حتى تشفى من الكدمات اللى فيها مش أكتر.
تحدثت "نازلى" ببكاء: حادثة أمتى حصلت دى أنا مش فاهمة حاجة.
الجدة بحزن: مش وقتك يانازلى خلينا نطلع نطمن عليها.
صعدت معها إلى الأعلى ليتبقى بقية الأفراد بالأسفل. 
دخل "عامر" إلى غرفتها ليضعها على الفراش برفق وجلس بجانبها يقبل يديها بألم وحزن يفتك بقلبك لتسقط دموعه مجدداً على حالتها المحزنة.
ولجت نازلى وأقتربت منهما فقال وهو يمسح أثر بكائه:
- ايه اللى طلعكم ورايا مش نبهت عليكم محدش يطلع ليه مش بتسمعوا الكلام.
تحدثت "نازلى" ببكاء : أنت ايه يااخى بنتي معرفش ايه اللى حصلها وانت مش عايزني حتى أشوفها وأطمن عليها.
فأخذت تشهق بالبكاء بشدة ليضمها إلي صدره ليبكى معها فأتاها صوته المتألم: 
-مش قصدي يانازلى بس اللى شوفته مكنش سهل مكنش سهل عليا اشوف بنتي بالمنظر ده متعرفيش قد ايه أنا موجوع لوجعها أنا دمرت بنتي يانازلى دمرتها..ولكن وحياة كل دمعة نزلت منها وكل وجع هى حسته وكل أذى تعرضت له لجيب حقها حتى لو فيها موتي.
الجدة ببكاء: بعد الشر عليك ياحبيبي ربنا ينتقم من كل ظالم ومن كل اللى يأذيك أنت وولادك.
أبتعدت عنه لتقول بحرقة: هى هتبقى كويسة صح.
عامر: أه ياعمري بنتنا هتبقى كويسة وهتعدي كل اللى هى فيه عايزك تبقى قوية علشانها لأنها محتاجنا جنبها.
نازلى: هو ايه اللى حصلها .
نهض "عامر" من مكانه وهو ينوي على شئ وقال: دلوقتى هتعرفى.

فى الأسفل تحدث "أحمد" قائلاً: أدم أحنا مش فاهمين ايه اللى وصل اختك لكدا.
نظر إليه "أدم" بارهاق: حرفيا أنا مش قادر اتكلم بابا هيبقوا يحكلكم.
عمران: أدم أنا همشي لأن اتأخرت على عيلتي وهتلاقيهم قلقليين عليا ولو احتاجتم أى حاجة رن عليا فوراً.
اقترب منه "أدم" وصافحه ثم قال: بجد شكرا ليك من غيرك مكنتش هعرف أتصرف .
أبتسم "عمران" أبتسامة باهته حزنية:
- متقولش كدا أحنا بردو أخوات وديما لازم نقف مع بعض وأنا عمري ما أتأخر عنكم فى حاجة..يلا عن أذنكم.
أحمد: أذنك معاك يابني.
بينما أقتربت "سارة" من "أدم" وقالت بدموع: حبيبي أنت كويس.
"أدم" بإبتسامة مرهقة: الحمدلله ياسارة أنا بخير متقلقيش عليا.
لم تمر إلا ثوانٍ معدودة ليفزعوا بشدة من صراخ "عامر" الذى هبض السلم سريعاً فكان يصرخ بأسم شقيقه "خالد" فأخذ يناديه بصوت عالٍ: خالد....خالد أنت يازفت.
الجدة: عامر مالك بتزعق كدا ليه.
جاء "خالد" من غرفته وقال بقلق: نعم ياعامر فى حاجة.
اقترب منه كالاعصار وقال بغضب جحيمى:
- فيها أني جاي أخد روحك ياروح امك..أنهى حديثه وهو يصفعه بعنف على وجهه..فصرخت الجدة بخوف وقالت:
- عامر أنت ايه اللى عملته ده ازاى تضرب اخوك كدا أنت أتجننت .
لم يبالى لها ولا لأحد فجذبه مرة أخرى من قميصه وصفعه مجدداً، أقترب "أحمد" و"أنيس" منهما محاولين أن يسيطرون عليه لكنه كان فى حالة غضب لا مثيل
 لها ...ظلّ يسدد له بعض الضربات على جسده والأخر كان مستسلم إليه فقال وهو يصرخ به ببكاء: 
- اااه ياكلب يازبالة بتأذى أخوك فى عياله علشان شوية فلوس ملهمش لازمه قولي ليه بتأذيني فى بنتي بالشكل ده ليه دا أنا أخوك من لحمك ودمك للدرجاتي الفلوس عمت قلبك رد عليا ليه عملت كدا.
نظر إليه "خالد" بضعف وقال بدموع: سامحني ياعامر سامحني ...سامح أخوك أنا عارف أني غلطت فى حقك أنت وفيروزة كتير والذنب اللى عملته مايتغفرش.
تحدثت الجدة بتعب: 
أنتو أكيد أتجننتوا لا يمكن تكونوا ولادى ...ثم نظرت إلى "عامر" وأكملت: أنت بتمد أيدك على أخوك قدامنا هى دى تربيتي ليك.
نظر إليها "عامر" بقهر ثم قال بدموع: 
- أبنك اللى خايفة عليه مني ده كسرني ابنك اللى بتدافعى عنه خطف بنتي كارما وحط طفلة مكانها وولع فى اوضتها وراح حطها فى الملجأ واوهمني أنها ماتت لكن ميعرفش أن أفعاله النجسة هيجي يوم وتتكشف...رد عليا ازاى جالك قلب تشوف أخوك قدامك بيعيط بدل الدموع دم على بنته اللى فاكرها ميتة ازاى هان عليك تشوفني منهار قدامك فى اليوم ده مصعبتش عليك ولو للحظة وأنا بتوجع على موتها وهى عايشة وليه حرمنتي منها محستش بالشفقة عليا ولا على مراتي وهى كنت بتموت من القهرة على بنتها اللى ولعت ازاى تروح تجيب جثة طفلة من المشرحة وتحطها مكان بنتي وتولع فيها بجد أنا مصدوم فيك..مصدوم من أخويا اللى المفروض يكون السند والدعم لاخوه ويخاف عليه لكنك شيطان على هيئة بنأدم ..
أقتربت منه "نازلى" بصدمة فقالت بتلعثم وبكاء: أنت بتقول ايه كارما بنتي عايشة مامتتش ازاى ياعامر أنت  اكيد بتكدب عليا....أخذت تتحدث بهستيرية:
- لا لا لا بتكدبوا عليا حرام عليكم مستحيل أنا.. أنا بنتي عايشة ياربي ازاى دى ميتة بقالها ٢٧ سنة أنتو بتهزروا صح ...أمسكت يديه وقالت بأنهيار: 
- رد عليا ياعامر بنتي ميتة مش عايشة صح بالله عليك متوجعش قلبي...أجابها زوجها بصوت مبحوح: 
- بنتنا عايشة يانازلى مش ميتة زى ما الحقير اوهمنا.
أردفت "نازلى" بصدمة وبألم يعتصر قلبها على فلذة قلبها: 
-يعنى بنتنا عايشة وأنا اللى مفكرها ميتة دا أنا كل يوم أمسك صورتها وأحضنها واقعد اعيط على فقدانها وادعي ليها بالرحمة وهى فى الأصل عايشة ...طب ليه ليه اخوك عمل فينا كدا ليه أخوك يوجع قلبي على ضنايا بالشكل ده احنا عمرنا مأذناه فى حاجة ليه ياخالد تعمل في أخوك ومراته كدا ليه تحرق روحنا على موت بنتنا وهى لسه فيها النفس ...روح ياشيخ ربنا ينتقم منك ..روح حسبي الله ونعم الوكيل فيك يامفتري ربنا ينتقم منك ويحرق قلبك زى ما حرقت قلوبنا......
ثم وجهت حديثها لزوجها فقالت بحزن ودموع: عايزة اشوف بنتي هى فين ليه مجبتهاش معاك.
نظر "عامر" لشقيقه بألم وخذلان فقال بحزن:
- هتصدقوني لو قولتلكم أنا كارما هى نفسها فيروزة.
نظر الجميع إليه بصدمة فاكمل حديثه:
- عارف أنكم هتتصدموا بس لازم تعرفوا اللعبة الوسخه اللى أخويا ومراته الشريفة بيلعبوها عليا البيه بعد ماخطفها راح حطها فى الملجأ وبعدها بكام سنة لعب فى عقلي وخلاني اروح معاه واتبني طفل بعد ما خلفتنا أتأخرت أنا ونازلى ولما روحنا هناك اقنعني أنى أتبناها وهى فى الأصل بنتي اللى خلفتها و علشان يقهرني أكتر  ويكسرني خلاني أتعامل معاها وكأنها مش بنتي واحرمها من أبسط حقوقها ....عمري ما هسامحك ياخالد على اللى عملته فيا وفى بنتي اللى بسببك عاشت طول عمرها فاكرة نفسها يتيمة وأننا متفضلين عليها مع أن أبوها لسه عايش ..ربنا يعيشك الوجع اللى أنا عيشته طول عمرى وتدوق من نفس الكأس اللى شربتهولي.
نظر إليه "خالد" بندم ثم قال بحزن: أنت عرفت كل ده ازاى وامتى مين اللى قالك الكلام ده كله.
جائه صوت قوى من الخلف قائلاً: أنا اللى قولتله.
نظر "خالد" نحو الصوت بصدم وقال: أنت...
(الفصل الخامس عشر)

نظر إليه "خالد" بندم ثم قال بحزن: أنت عرفت كل ده ازاى وامتى مين اللى قالك الكلام ده كله.
جائه صوت قوى من الخلف قائلاً: أنا اللى قولتله.
نظر "خالد" نحو الصوت بصدمة وقال: أنت...!
الشخص: مفاجأة مش كدا.
ثم تقدم منهما ببعض الخطوات المثقلة ليقف أمام والده وقال بقوة عكس ما بداخله: 
-  مالك يابابا مستغرب وجودي ليه مكنتش متوقع أن أنا اللى هقول لعمي على كل حاجة.
خالد: وليد أنت جيت من السفر أمتى ومين اللى عرفك بكل الكلام ده.
تحدث "وليد" وهو ينظر إليه بحزن: 
- جيت من يومين وموضوع عرفت بكل اللى حصل منين فتقدر تسأل طارق اللى كنت بتحاول أنت وأمي تسكتوه وتخليه يتستر على عملتك لكن هو مستحملش وأتصل بيا فى اليوم اللى سمعكم فيه وقالي على كل حاجة وأنا قومت بواجبي مع عمي اللى مشوفتش منه أى حاجة وحشه تخليكم تعملوا فيه كدا.
هتفت والدته "نادية" بغضب قائلة:
- أنت شكلك أتجننت ياوليد أزاى تسمح لنفسك تتهمني بحاجات أنا أصلا معملتهاش أبوك هو اللى خطط لده كله ونفذه لوحده.
نظر إليها "خالد" بعدم تصديق أهى تنفى كل ما فعلته، أقترب منها قليلاً وقال بحنق:
- بقا أنا اللى عملت ده لوحدي مش دى كانت فكرتك من الأول وخلتيني أعمل العملة السودا علشان الفلوس.
هتف "عامر" بصوت عالٍ ليقول بغضب:
- لا يمكن تكونوا بشر زينا أنت ايه ياأخى شيطان معندكش دم هو دا كل اللى همك ...تعرف ياخالد أنت ومراتك شبه بعض ومتقلش عنها بحاجة نفس الطمع والجشع والحقد والغل مالى قلبكم...بجد ياخسارة يابن أبويا مكنتش أعرف أنك بالوساخة دى..أنا عمرى ما كلت حق حد فيكم أنا حفظت على كل قرش يخصكم ودلوقتى جه الوقت اللى نصفى فيه حسابنا..ثوانى ورجعلكم.
ذهب متجهاً إلى مكتبه بينما "وليد" نظر إلى والدته وقال بنبرة يكسوها الألم:
- ليه ياماما عملتي كدا بجد أنا مصدوم فيكم مكنتش أتوقع أنكم بالشكل ده.
تحدثت "نادية" بضيق قائلة: 
- بقولك ايه حل من على دماغي وبعدين متعملش نفسك بريئ أنت ناسي عمايلك المقرفة فلو كنت ناسي ياحبيبي أفكرك ..ولا فيروزة اللى ضحكت عليها ولا معملتك ليها وسهرك مع البنات ف تسكت أحسن.
نظر إليها "وليد" ليقول بندم: 
- أنا فعلاً عملت حاجات وحشة بس عمري ما فكرت أني أقتل حد أو أفكر لمجرد تفكير أني أعملها زيك
بسببك أنتى خسرت البنت الوحيدة اللى حبيتها أنا خسرت فيروزة حب عمري بسبب كلامك وأفعالك وأنا اللى كنت ماشى وراكي زى الأهبل فاكر أنك عايزة مصلحتي لكن مكنتش أصلا فارق معاكي أنتى دمرتيني.

لحظات و أتى "عامر" من الداخل وهو يحمل بيديه بعض الأوراق واليد الأخرى يحمل بها حقيبة مليئة بالمال أقترب من أخيها وأخذ يرميها بوجهه قائلاً بحزن:
- دى الفلوس اللى بعت أخوك علشان واللى حاولت تقتل عياله..خدها كلها ولو لسه عايز بقية فلوسي خدها..
فرت دمعه متعلقة من جفنه ليكمل بقهر حديثه:
بس قبل دا كله تقدر تمحي من ذاكرتي كل ليلة حزنت فيها تقدر بالفلوس دى ترجع بنتي لحياتها الطبيعية  
الفلوس اللى كنت هتموت عليها أحنا اللى بنعملها مش هى..وبعدين أنا مكلتش حقكم وورثكم محفوظ من زمان ومتقسم على كل واحد فينا..
أنهى حديثه وهو يعطيه ملف به ميراثه ثم أقترب من شقيقه الأصغر وأعطى الملف الأخر له، فنظر "أحمد" إليه ثم قال مندهشاً: ايه دا ياعامر .
عامر: دا حقكم فى كل حاجة وكمان أنا كتبت حسابكم من الشركة علشان ميجيش حد منكم يطالب بحقه بعد كدا مني او انه يتهمني بالسرقة .
أحمد: بس أنا مش عايز حاجة ياعامر هو من أمتى مابنا الكلام ده.
عامر: كل حاجة أتغيرت ومابقتش زى الأول ومن النهاردة كل واحد فيكم حر فى نفسه أنا خلاص أستكفيت من مشاكلكم لان اللى بيدفع التمن فى الأخر ولادي وأنا مش مستعد أخسر حد منهم علشان واحد ملهوش لازمة.
أخفض "خالد" رأسه ينظر إلى أسفل قدميه وقال بنبرة حزينة: أنا آسف ياعامر على كل اللى عملته معاك بجد الفلوس كانت عامية قلبي لكن أنا ماليش غيركم ياخويا ومن غيرك أموت.
تحدث "عامر" ببرود: أسفك عمره ما هيرجع اللى فات ولا هيصلح اللى أتكسر أصلها مش كوباية كسرتها وجاى تقولى أسف لا دا الموضوع أكبر من كدا دى حياة بنأدم .
تقدم بخطواته نحو زوجته "نازلى"التى تبكى فى صمت تام ليربت على يديها بألم ليحتويها بذراعيها ثم همس بتعب قائلاً: 
-خلينا نطلع يانازلى لأن خلاص ما بقتش قادر أقف.
ثم استدار بجسده للخلف مشيراً لابنه فقال بأمر:
- أنيس أطلع أطمن على أختك ومتسبهاش ولو فاقت ناديلي فوراً.
أجابها "أنيس" بأحترام قائلاً: حاضر يابابا متقلقش عليها أنا هكون جنبها لحد ما تفوق ومش هسيبها بس أطلع أرتاحلك شوية.
  ***********************************
فى مكان أخر ركن "عمران" سيارته فى الجراج ثم أتجه إلى داخل القصر، وولج  لغرفة الجلوس ليجد أبنه يجلس بجانب شقيقته وأولادها الصغار، قفز "سفيان" من مكانه راكضاً نحو أبيه الذى رفع جسده إليه ليضمه بكل حب فأتاه صوت الصغير قائلاً بعبوس:
- بابي كنت فين أنا أمبارح بليل صحيت وملقتكش نايم جنبي.
- كان عندي شغل ياحبيبي وبعدين مروحتش المدرسة ليه ياأستاذ سفيان.
تحدثت "هدى" قائلة بأبتسامة: - ابنك خد عدم وجودك حجة ومرضيش يروح المدرسة النهاردة.
نظر إليه "عمران" ليقول بعتاب: - ينفع كدا مش أحنا قولنا لازم نبقى شطار ونهتم بالمدرسة والمذاكرة.
سفيان: مجتش من يوم يعنى يابابي وبعدين أنا حابب أقعد العب مع بنات عمتو.
أنزله من حضنه وهو يقول: ماشى ياسيدي بس ماتتعودش على كدا....أبتعد عنه وأقترب من والدته ليقبل يديها بخفة ثم رفع رأسه ونظر إليها بأبتسامة هادئة، وقال:- صباح الخير ياست الكل.
ربتت على كتفه ثم قالت بحنان: - صباح النور ياحبيبي 
شكلك تعبان من الشغل.
عمران: جدا يا أمي أمبارح كان يوم صعب عليا بس الحمدلله عدى على خير .
الأم: طب الحمدلله، تحب أخليهم يحضرولك حاجة تفطر بيها.
تحدث "عمران" بإرهاق قائلاً:
- صحيح أنا جعان بس محتاج للنوم أكتر لأن حاسس أن جسمي شوية كدا وهينهار ف  هقوم أطلع أنام ساعتين أرتاح فيهم وبعد ما أصحى أبقى أشوف حكاية الأكل.
أردفت والدته بهدوء قائلة: - خلاص ياحبيبي زى ما أنت عاوز .
التفت برأسه يميناً ويساراً ثم تسأل: - أومال فين روفيدة.
أجابته "هدى" قائلة:- راحت الجامعة من بدرى.
تنهد الأخر بهدوء:- معجزة أنها معملتش زى الأستاذ ده ما أنا عارف عقلها صغير.
ضحكت "هدى" بخفة ثم قالت:- ماهى فعلاً مكنتش عايزة تروح وتقعد تقضى اليوم مع العيال لولا ماما زعقت ليها.
أبتسم "عمران" ليقول بمرح:- مش بقولكم عقلها عقل طفلة..  على العموم أنا طالع أنام سلام.
بعد مرور ساعتين أستفاق على أثر طرقات الباب المزعجة، فنزع الغطاء من عليه وقام من على الفراش بخمول ثم أتجه نحو الباب وفتحه للطارق ليجد شقيقته "هدى" تقول بضيق:- رامى مستنيك تحت ياريت تنزله وتشوفه عايز ايه وبعدها تمشيه.
ضيق جفن عيناه قليلاً ثم قال بهدوء:
- وأنتى بقا عايزانى أطرد الراجل من بيتي لمجرد مشكلة حصلت ما بينكم.
تحدثت مجدداً قائلة بعدم أستيعاب:
- اه وياريت تقوله مش عايزين نشوف وشك هنا تانى مفهوم.
نظر إليها بحده ثم قال بحذر: - هدى خلى بالك من كلامك دا بيكون جوزك وأبو عيالك ومينفعش كلامك دا يتقال فاهمة ياهانم.
أردفت "هدى" بعيون دامعة قائلة:
- أنت بتيجي على أختك علشانه مع أن هو اللى غلطان فى حقي مش أنا.
لانت معالم وجهه ليقول بهدوء:
- أنا مش باجي عليكى ولو هو فعلاً غلطان هجبلك حقك بس بردو مينفعش لما يكون فى بيتنا نعمله وحش أو نطرده فى الأول والأخر هو بيكون أبو بناتك صح يبقى مينفعش أوجه له أى أساءة فى حقه علشان خاطر البنات، وبعدين الأمور متتحلش بطريقتك دى لازم تحكمى عقلك وتوازى بين الأمور ...وأوعدك أن أنا ياستي هجبلك حقك وهخليه كمان يبوس رأسك وايدك ويعتذر بس كله بالهدوء والعقل تمام.
أومأت رأسها بنعم، ليكمل حديثه قائلاً:
- اسبقيني على تحت وأنا جاي وراكي ياهدهد وبلاش تعملي مشاكل ولسانك يفضل جوا بوقك بلاش فضايح مش هكرر كلامي تاني .
هدى: حاضر.
بعد مرور بضع دقائق هبط "عمران" إلى أسفل وتقدم بخطوات ثابتة نحو مكتبه ثم دخل وأغلق الباب خلفه أقترب من مقعده وجلس عليه مقابل زوج شقيقته، أستند بيديه على المكتب وهو يقول بهدوء:
- طمنى عملت اللى قولتلك عليه.
مد "رامى" يديه بملف فأخذه الأخر منه ليتفحصه بدقة
فأتاه صوت الأخر يقول:
- اه و قدرت أوصل لواحد أسمه عزوز وده بيكون الدراع اليمين لرائف هنا فى البلد وهو اللى بيقوم بكل التحركات اللى بيؤمره بيها سواء من خطف أو قتل أو سرقة أو تهريب مخدرات كل حاجة ممكن تتخيلها هو بيعملها .
رفع "عمران" رأسه نحوه ليقول بتسأل:
- عرفت مكانه ولا لسه أنا مش عايز أى أستهتار فى القضية دى أحنا مش بنلعب مع شوية عيال بيبيعوا مخدرات فى الشوارع وخلاص لا أحنا دلوقتى بنتعامل من منظمة كبيرة  ورائف هو الرأس هناك.
تحدث "رامى" بجدية قائلاً:
- متقلقش أنا ورجالتي وصلنا للزفت عزوز وحبسناه فى مكان محدش يعرفه لأن لو وديته السجن الخونة هيقدروا يهربوه .
تنفس الأخر بأرتياح وهو يغلق الملف بعد ما حصل على تلك المعلومات التى كان يبحث عنها ليقول بغموض: 
- وأخيراً هنقدر نمسك الحيوان رائف بكل سهولة هو فاكر نفسه باللى عمله أنه هينجوا شكله ميعرفش هو بيلعب مع مين...والله  لأخلص عليه بأيدي وأخد حقها وحق كل اللى أذاهم.
نظر إليه "رامى" بعدم فهم ليقول:
- هى مين دى اللى هتاخد حقها منه.
أجابه "عمران" وهو يتذكر هيئة "فيروزة" التى ألمته فقال بحزن : - أنسانة غالية عليا ولازم أجيب حقها من الحقير رائف هخليه يتمنى الموت وميطلهوش هعذبه زى ما عذبها وبعدها هبقى أنهى روحه بس لما أفش غليلي منه الأول.
    **********************************
فى الجامعة وتحديداً كلية الهندسة وأمام مدرج (٣) كانت تجلس  "روفيدة" على السلالم تشرح إحدى المسائل المستصعبة ل "لارين" و "سهر" الذين كانوا ينصتون إليها بشدة، أنهت حديثها بأغلاق تلك الملزمة، ثم قالت:
- فهمتوا حاجة ولا أرجع أعيدها من تانى.
نظرت إليها "سهر" قائلة بذهول: 
- لا دا كدا تمام أوى، مكنتش أعرف أنك بالشطارة دى ياروفيدة بجد أبهرتيني.
تحدثت "لارين" بأبتسامة هادئة فقالت: 
- ماشاءالله عليكي يافوفة جايبة الشطاردة دى كلها منين شكلك كدا بتاخدى كورسات برا.
ضحكت "روفيدة" بخفة وهى تجمع شعرها على جانب ثم قالت ببعض من الغرور وهى تشير بأصبعها عن نفسها:
- جيبها من العبد لله وبعدين ياست لارين هو فى أصلا كورسات للمواد بتاعتنا دى ده لولا شرح الدكتور كنا اتسوحنا.
ظهرت أبتسامة واسعة على ثغر "سهر" لتقول بمرح:
- أنا كدا خلاص ضمنت أني هنجح السنادى وبتقدير كمان .
قطبت "لارين" حاجبيها قائلة:
- وايه اللى خلاكي ضامة نجاحك بتقدير للدرجاتي.
أقتربت "سهر" من "روفيدة" وهى تضع ذراعيها على كتفها لتقول: - مش أحنا معانا روفيدة يبقى خلاص اطمني أننا هننجح أنتى مش شايفة شطارتها وذكائها يابنتي.
نظرت إليها "روفيدة" بطرف عينيها ثم قالت بهدوء:
- ياخوفي يافواز ياخويا من ثقتك الزايدة دى لأحسن نسقط كلنا.
أردفت "سهر" بكل ثقة ووقار:- الثقة فى الله نجاح.
بعد ثوانٍ أقترب منهما صديقاتهم إحدهم تدعى "ياسمين" والأخرى تدعى "هند" كانتا يرتديان ملابس خادشة لا تليق بفتاة جامعية، همست "سهر" بأذن "روفيدة" قائلة بضيق: 
- استغفرالله هما ايه اللى حدفهم علينا الساعة دى هى ناقصة تناحتهم.
أجابتها "روفيدة" بهدوء:- بالله عليك لتسكتي لأحسن يسمعوكى.
مدت "هند" يديها لتلقى السلام عليهن ثم دنت من "روفيدة" وهى تقول بأبتسامة مصطنعه:
- ايه الشياكة والأناقة دى يافوفة دول شباب وبنات الجامعة معندهمش كلام غير على لبسك الحلو والقيم.
رددت عليها "روفيدة" بكل هدوء :
- وليه يتكلموا على لابسي أنا على فكرة اللبس بتاعي شكله عادى جدا وكمان مناسب للكلية ف مش محتاج كل الهيصه اللى بتقولي عنها .
رمقتها الأخرى من مقدمة رأسها إلى أسفل قدميها ثم قالت بغيرة :- الصراحة هو يستاهل أن يتعمل عليه ضجة لأن شكله غالي أوى ومخلى ليكى قيمة.
تحدثت هذة المرة "سهر" وقالت بضيق:
- والله ياهند روفيدة هى اللى محليه اللبس وبعدين أنتى مركزة أوى مع لبسها ليه !.
صمتت دون أن تجيبها ، فتحدثت صديقتهم الثانية "ياسمين" وتسألت بكل سماجة:
- وياترى بقا أنتى بتجيبي هدومك منين ومين اللى بيدفعلك أصل اللى أعرفه أن باباكى ميت مش كدا.
نظرت إليها "روفيدة" لتجيبها بضيق من حديثها:
- صحيح أن بابا ميت بس ربنا عوضني بأحسن أخ فى الدنيا وهو اللى بيصرف عليا ومش مخليني محتاجة أى حاجة وبعدين أحنا مش فقراء للدرجاتي أحنا الحمدلله ربنا كرمنا من وسعه .
تحدثت "ياسمين" بأستهزاء: - ومدام أنتو مرتاحين أوى كدا ليه بتدرسى فى جامعة حكومية.
أجابتها "سهر" قائلة بحده: - والله دى حاجة متخصكيش وبعدين ياأستاذة مش شرط أن كل اللى معاه فلوس وغني يدخل جامعات خاصة وده كمان لأن الجامعات الحكومية أوقات كتير بتبقى أفضل مليون مرة من الخاصة .
تحدثت "هند" بتوتر: - خلاص يابنات أهدوا كدا أحنا مش جايين نتخانق.
التفتت إليها "لارين" وقالت بمزيج من السخرية:
- والله أحنا اللى هاديين لكن معرفش أنتو اللى مالكم عمالين تفركوا حوالينا ليه.
بهت وجههم، فأرتسمت شبه أبتسامة على خد "روفيدة" لتقول بهدوء وهى تلمم أغراضها:
- أنا هدخل أحضر محاضراتي يابنات هتيجوا معايا ولا ايه ظروفكم.
سحبت "لارين" "سهر" من معصهما فقالت: 
- أستنى هنيجي نحضر معاكى.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close