رواية كام اسمه حبيبي
الفصل الثالث 3 والاخير
بقلم شيماء سعيد
مرت ثلاثة أشهر و هي ترفض الحديث مع أحد تريد ترتيب أفكارها من جديد...
قامت من على الفراش ثم دلفت للمطبخ ثم أخذت بتحضير الإفطار....
دلف لها تامر بوجه حزين إلى متى ستظل هكذا صمت و عتاب بالنظرات؟!....
جلس على أحد المقاعد بالمطبخ ثم اردف بحزن...
= مش كفايه زعل و عتاب من غير كلام لحد هنا يا ماما؟!...
لم تنظر إليه فإذا حدث ذلك ستضعف أمامه مهما حدث فهو صغيرها و قطعة منها...
ردت عليه بصوت حاولت قدر المستطاع أن يكون جامد خالي من المشاعر...
= كويس انك عارف اني ماما يعني المفروض يتعمل ليا قيمة اكتر من اللي حصل... فاكر اني كده هتحط أدام الأمر الواقع...
أخذ نفس عميق و هو يمرر يده على وجهه عدة مرات ثم اردف بصرامه تلك المرة و كأنها هي ابنته ليس العكس...
= بقولك ايه إحنا معندناش بنات تقعد في بيت أهلها كل ده و جوزها يولع... كفايه دلع اتفضلي لمى هدومك و على بيتك...
كان يتحدث بصوت صارم و لكنه مرح لأبعد الحدود...
تخيل انها من الممكن أن تتجاوب معه و تنسى ما حدث...
و لكنها نظرت إليه نظرة اخرسته ليردف بتعب حقيقي...
= ماما انا مش قادر انك تكوني زعلانة اكتر من كده... انا عملت كده عشان عايزك تكوني مبسوطة.. يا رب أموت لو فضلتي على كده..
انتفضت بلهفة على إثر حديثه اللعين هذا و فتحت ذراعيها له...
ليضم نفسه بداخل صدرها بسعادة و لهفة فهي ليست والدته بل نصفه الآخر و ابنته أيضا...
طال ذلك العناق الشهي الذي ترقص له القلوب أخذت تحرك يدها على خصلاته بحنان...
فتحت قلبها له تتحدث لأول مره عن ذلك الحب المشوه الذي مرت به...
جلست على المقعد المقابل له مردفه بابتسامة متحسرة....
= يمكن انت عشان راجل زيه مش هتحس بوجعي لكن لازم اتكلم مع حد بدل ما أموت من الحسرة...
حسن اتعرفت عليه في الفندق اللي كنت بأشتغل فيه كان جاي مع وفد عنده اجتماع... من اول نظرة حبيته و هو كمان حبني و عشنا أجمل قصه حب... لحد ما رحت له مرة في الشركة و هناك دخل ابوه علينا فجأه لقيته اتحول واقف زي التمثال مش بينطق.... و انا قولت لابوه اني بأدور على شغل على أساس أنه يرد و يقول لا دي حبيبتي بس معملش كده.... لا و كمان عرفت انه عريس... خرجت من عنده مكسورة مجروحة زي العصفور المضروب بالنار.... و بعدها بيومين صحيت لقيت نفسي في مخزن مهجور اتعرضت لكل أنواع التعذيب و خرجت من هناك مشوهة من جوا و من بره... سنين عدت و أنا جسم من غير روح معنديش ثقة في حد حتى باباك تعب معايا جدا... و بعد كل ده جاي بكل بساطة يطلب السماح...
كان يسمع والدته و على وجهه معالم غير مفسرة فذلك الحديث سمعه من السيد حسن من قبل...
لن ينكر السيد حسن عجزه أو ضعفه أمام أبيه و لكنه اقصد انه عشقها و فعل ذلك من أجلها من أجل بقائها حية.....
جلس تحت قدمي والدته و قبل يديها عدة قبلات ثم تحدث بجدية..
= استاذ حسن قلي كل ده و انا عارف انك بتموتي من جوا... بس يا أمي هو كان خايف عليكي و انتي من جواكي متأكدة من ده... أرجوكي كفاية وجع قلب لنفسك عيشي سعيدة مره واحدة فى حياتك... اختاري الراجل اللي لسه قلبك متعلق بيه و بتبكي كل يوم على المخده بسببه...
_____شيماء سعيد______
في المساء كانت تجلس بغرفتها أمام التلفزيون و تضم إليها منة...
تشاهد باندماج أو هكذا تحاول أن تثبت و لكنها بالحقيقة شاردة بعالم آخر...
حسن حي بداخلها أشياء تخيلت انها ماتت من سنوات..
عادت ابنة العشرون عاما و كأن الخمسة و عشرون سنة لم يمروا....
قلبها أعلن العصيان و أنه يريده من جديد ليحيا معه تلك السعادة التي حلمت بها...
اعترفت بداخلها أنها مازالت تعشقه و لو كانت غير ذلك لنسيت من يكون بعدما بدأت حياتها من جديد بدونه....
أغلقت عينيها بتعب و إرهاق جسدي و نفسي بسبب ذلك الصراع اللعين الذي بداخلها.....
حرب قائمة بين القلب الذي يلتمس له ألف عذر و العقل الذي يعلن أنه عاجز لأول مرة عن التفكير بتلك المشكلة....
فاقت على صوته الهامس باسمها لتبتسم على نفسها بسخرية أصبحت مجنونة تتخيله بكل مكان...
و لكن عاد الهمس من جديد لتنظر إليه بلهفة و عقل مشوش...
كيف دلف اهي كانت شاردة به لتلك الدرجة التي تجعله يدق الباب و تفتح له منة و يجلس أمامها دون شعور منها....
نظراته كما هي لم تتغير مع السنوات عشق لهفة جنون مازال ذلك الوسيم الذي عشقته...
فاقت للمرة الثانية على صوته الصارم...
= مفيش عتاب أو خصام انا سبتك خمسة و عشرين سنة و فوق منهم التلات شهور اللي فاتوا... لحد هنا و خلاص قومي هاتي لبسك و يلا...
أصلا لبس منة و تامر هييجي الأسبوع اللي جاي عشان فرح منة و امير....
تحولت نظراتها للغضب من غروره الذي لم يتغير أيضا من أعطى له الحق بالقرار بدلا منها...
أردفت بغضب طفولي لم يظهر إلا منه و كأنها بالفعل ابنة العشرين عاما....
= انت بتقول ايه بنتي تتجوز من غير علمي ليه... انت مين عشان تقرر ده...
ابنك مرفوض يا بيه...
ابتسم لها بتلاعب ثم أردف بخبث...
= انا قررت عشان انا أبوها و كمان يا روحي انتي هتمشي معايا دلوقتي و هي هتيجي تعيش معانا هي و تامر و الولد أمير نفسه فيها...
و لو متجوزهاش ممكن يخطفها و يعمل فيها حاجات قليلة الأدب...
شهقت بخجل لذيذ قائلة...
= يا قليل الأدب انت و ابنك...
قهقه عليها بمرح و عشق جنوني اخيرا عادت لأحضانه من جديد بعد سنين من الحرمان...
لم يتردد لحظة و هو يأخذها بداخل أحضانه اشتاق لها لحد الجنون...
حبيبته بين يديه ناعمة رائعة شهية تجعله يريد أكلها بجوع سنوات....
حاولت الابتعاد عنه بغضب متصنع تلك المرة فهي الأخرى بقمة سعادتها داخل احضانه.....
لو بيديها تبقى هكذا الباقي من عمرها فقط تحتمي به و منه داخل ذلك الدفيء الجميل...
رفع وجهها له بحنان مردفا قبل أن يهبط على شفتيها يضمها تلك التفاحة المحرمة عليه سنوات طويلة أصبحت من حقه بعد طول انتظار تذوق طعمها الذي حلم به....
= بحبك...
هدأت كأنه أعطى لها مسكن لتكون بين يديه مثل ورقة التوت يحركها كما يشاء ثم أردفت بهمس ضعيف...
= و انا بحبك...
لا لم يتحمل أكثر نظر للمكان حوله ليجده خالي بعدما خرج تامر مع أصدقائه و خرجت منة مع أمير....
حملها بين يديه و دلف بها داخل غرفتها لتبدأ من هنا رحلة العشق الذي دامت سنوات من العذاب و السير على الأشواك...
______شيماء سعيد_____
بعد مرور ست شهور كانت تنظر لابنتها بإبتسامة صغيرتها ستصبح أم...
ضمتها إليها و هي لا تصدق أن منة كبرت.. لدرجه انها ستصبح أم...
حاولت نسيان ذلك الشعور بالغثيان المسيطر عليها و هي تردف..
= مبروك يا قلب ماما من جوا مبروك...
ثم نظرت لأمير بإبتسامة حنونة...
= مبروك يا ميرو هتبقى احسن اب في الدنيا عشان انتى راجل تستحق كل خير....
لم تكمل جملتها و شعرت بدوار شديد و في أقل من ثانية سقطت على الأرض فاقدة الوعي...
بعد نصف ساعة فتحت عينيها بارهاق شديد ثم وضعت يدها على رأسها قائلة بصوت متعب لحسن الذي يجلس أمامها بسعادة طفل صغير...
= في ايه؟!... ايه اللي حصل حاسة اني مش مضبوطة...
اقترب منها و قبل كل إنش بوجهها وفاء حققت له آخر أمنية كان يتمنى حدوثها...
تمناها هي و أخذها و تمنى حياة عنوانها الحب و عاشها و تمنى طفل منها و الآن هو بداخل أحشائها....
أردف بعشق و هو يضع يده على بطنها المسطحة.. ...
= في إن هنا حتة مني و منك مش مصدق اني ممكن اكون أب لطفل انتي أمه يا حب عمري...
أخذت عدة ثواني تتردد الكلمة بداخل أذنيها حامل بداخلها طفل من حسن...
معجزة أخرى فعلها الخالق بحياتها بعدما جعلها تكون زوجته...
و لكن ماذا ستقول لابناءها أنها حامل و ابنتها حامل تلك مصيبة...
اتسعت عيناها بصدمة و هي تردف..
= يا نهار اسود ام و جدة في يوم واحد...
تمت بحمد الله تعالى
