رواية كبرياء صعيدي الفصل السابع7والثامن8 بقلم نورا عبد العزيز


 رواية كبرياء صعيدي الفصل السابع7والثامن8 بقلم نورا عبد العزيز

الفصل الســـــابع (7) بعنــــــــــوان " المسئولية تلد الحُب"
~هناك سحر لم تجده لدي المنجمين، سحر فى عيون ليتك تهرب من النظر إليها قبل تسرقك~
 
ظلت "فيروزة" تبحث فى كل مكان فى المركز التجاري عن "عطر" تبحث عنها كالمجنونة ربما تجدها، وصل "عيسي" بعد ربع ساعة تقريبًا من سرعة سيارته فركضت "فيروزة" إليه خائفة وقالت بقلق:-
-هنعمل أيه يا عيسي؟ أنا جلبت عليها المكان وكل المحلات

نظر "عيسي" بضيق وقلق إلى "مصطفي" وصرخ بغضب قائلًا:-
-وأنت كنت فين عشان تختفي من تحت عينيك؟

كاد أن يتحدث "مصطفي" بقلق حتى قاطعه رنين الهاتف فقال بضيق:-
-روحي استنيني فى العربية يا فيروزة وكفاياكي بكي هنلجيها 

وضع الهاتف على أذنه بضيق وقال كلمة واحدة دون ان يستمع لحديث الطرف الأخري:-
-شوية وهكلمك

أغلق الهاتف وذهبت "فيروزة" إلى السيارة تنتظره كما أمرها، تلقي هاتفه رسالة من البنك تخبره أنه تم سحب مبلغ من المال من بطاقته البنكية فتنهد بهدوء وقال:-
-تبجي بخير، غور دور عليها فى المحلات هتلاجيها هنا ولا هنا

صعد "عيسي" للطابق الأخر يبحث عن "عطر" بنظره و"مصطفي" بالطابق الأول ، توقف محله دقائق بهدوء يلتقط أنفاسه بأرتياح بعد أن رآها تخرج من محل خاصة بالحجابات، ذهب إليها بغضب سافر من تركها ليد "فيروزة" وقال بضيق:-
-كنتي فين؟

دُهشت من وجوده أمامها وظلت صامتة لم تستوعب أنها تراه هنا، تحدث بجدية أكبر قائلًا:-
-بجولك كنتي فين ؟

تنهدت بهدوء غير مستوعب لشيء ولا تعلم سبب عصيبته الزائدة لكنها مُقدرة لغضبه فقالت بنبرة هادئة تحتوي غضبه:-
-كنت بشتري خمارين عشان معنديش أخمرة هنا غير اللى عليا  

نظر إلى عينيها الخائفتين من غضبه نبرته القاسية فتنهد بهدوء محاولًا تهدا روعته أمامها فقال بضيق:-
-جبتي اللى عايزاه

اومأت إليه بنعم فقال بضيق:-
-طب يلا

تقدم فى السير أمامها لتسير خلفه تراقبه وهو يتحدث فى الهاتف لتدرك أنه يُحدث "مصطفي" على الطرف الأخر، رأي مجموعة شبابية مكون من اولاد وبنات الجامعة يسيرون تجاههم فألتف إليها وأخذ يدها فى قبضته كطفلته التي يخشي أن يفقدها فى زحام المارة، نزل معها السلم الكهربائي وهى تحمل الأكياس فى يدها، رآها تنظر إلي مكتبة كتب ونظرها لم يفارقها حتى مع نزول السلم فأغلق الهاتف مع "مصطفي" قائلًا:-
-أسبجني أنت على العربية 

أغلق الهاتف ووضعه فى جيب عبائته وترجل من السلم معها فقال:-
-تعالي

ألتف إلى حيث المكتبة ودلف بها فشعرت بقشعريرة فى جسدها وعشقها للكتب وقراءة تسللوا إلى داخلها فظل يتنقل بين الأرفف ويده مُتشابكة بيدها مُنتظر أن تعلق عينيها بأحد الكتب، لكنها لم تطلب شيء ولم تظهر إعجابها ورغبتها بشيء فقال بهدوء:-
-لو عايزة حاجة اشتريها

هزت رأسها بحرج نافية رغبتها فى اى شيء يكفي ما جلبته "فيروزة" لها، ترك يدها تتجول وحدها وأرسل لـ "فيروزة" رسالة بأن تأتي لأجل هذه الفتاة الخجولة، رقتها وعزة نفسها تمنعها من طلب شيء منه فظلت تتجول بين الكتب فى صمت حتى جاءت "فيروزة" فقال بلطف إليهما وهو يرفع هاتفه أمام أعينهما:-
-يلا معاكم 5 دجائج بس تشتري اللى عايزينه على حسابي بس بعد الخمس دجائج أنتوا اللى هتحسابوا

تحمست "فيروزة" وأخذت صندوق الشراء وبدأت تجمع الكثير من الكتب بحماس والأدوات المكتبية وهى تقول:-
-يلا يا عطر أشتري قد ما تجدر دى فرصة مبيعملهاش غير مرة كل شهرين ثلاثة 

تنحنحت "عطر" بلطف وأخذت كتابين فقط وأكتفت بهما ليبتسم "عيسي" عليها فمهما فعل عزة نفسها وكبريائها يمنعوها من طلب أى شيء أو الطمع بشيء، أدرك ان هذه الفتاة كجوهرة ثمينة لا تغريها المجوهرات ولا يجذبها المال، دفع ثمن الأشيءا التى أشترتها "فيروزة" مع الكتابين التى أخترتهم "عطر" وخرج معهم ودخل إلى محل إلكترونيات وقال:-
-أختري التليفون اللى يعجبك

تنحنحت "عطر" بحرج فقال بجدية ولهجة أمر لا نقاش له:-
-أختري تليفون ما أنا مش كل ما تخرجي هجري أدور عليكي 

أومأت إليه بحرج ثم أخترت هاتف بسيط لتمنعها "فيروزة" بضيق قائلة:-
-جرا ايه يا عطر، جولنالك أنك مننا وزيك زي فى البيت دا، أنتِ ناجص تدفعلنا تمن نومتك

سحبت من يدها الهاتف وأخترت هاتف سامسونج بشاشتين مطويتين وقلم بلون وردي يليق بهذه الفتاة الوردية الجميلة فقالت بجدية هامسة فى أذنها:-
-هتحتاجي لابتوب صح؟

نظرت "عطر" إلى "عيسي" بحرج وقالت هامسة إليه:-
-أنا كلفتك كتير يا عيسي

لم يجيب عليها وطلب من الموظف أن يحضر له جهاز كمبيوتر محمول (اللابتوب) بأعلى إمكانيات وجودة وسماعة رأس وردية على شكل قطة ودفع تكليفتهم وغادر معهما، فتح "مصطفي" باب السيارة الخلفي لتصعد "فيروزة" وبجوارها "عطر" وصعد هو بجوار "عيسي"، رآهم "نصر" من سيارته ليضر المقودة بقوة من وجود "عيسي" معهم وكأن كل خططه دهست تحت إطار سيارة "عيسي" .....

________________________ 

وقفت "عطر" بحماس ورقة روحها أمام "حنة" تُريها ماذا جلبت من فساتين جديدة وأحذية فقالت بلطف:-
-بصي دا الفدريس دا أخترته فيروزة مع أن لونه مكنش عاجبني خالص

نظرت "حنة" إلى الفستان الأخضر الفضفاض وبأساور من المعصم برابطة جميلة وبه بعض الفراشات الصفراء من الأسفل لتقول "حنة" بخباثة شديدة وعينيها تراقب ملامح "عطر":-
-فيروزة اللى أخترته، مع أنك مبتحبيش اللون الأخضر بس سمعت ان عيسي بيحب الأخضر

تنحنت "عطر" بحرج وخجل لتتورد وجنتيها ثم ذهبت لتجلس قرب "حنة" وقالت بلطف هامسة من الخجل:-
-حنة، تفتكر ... يعنى قصدي هو 

ضحكت "حنة" بعفوية على ربكة "عطر" ولعثمتها فى الحديث حتى انها لم تستطيع تجميع جملة واحدة مفهومة وواضحة ثم ربتت على كتفها بدلال وقالت:-
-أتكلم يا عطر متكسفيش منى، أنتِ حبيته؟!

أبتلعت "عطر" لعابها بأرتباك وتحدثت بتعجل تنفي هذ الحديث:-
-لا ، لا يا حنة محصلش ، أنا بس استجدعته مش اكتر

فركت "حنة" ذقنها بلطف وعينيه ترمق "عطر" وعينيها التى تتحاشي النظر إلى وجه "حنة" فقالت:-
-أمممم قولتلي بقي، لا والصراحة هو جدع ورجل أنا مشوفتش منه قبل كدة حتى أبوكي الواطي 

رفعت "عطر" نظرها إلى "حنة" بضيق لتتابع الحديث بحدة:-
-مش قصدي بس هو عملته السوداء سبب وجودنا هنا، ياختى متفهماش هو أزاى بالندالة دى ومن العيلة دى 

-الله يسامحه ويسهله يا حنة
قالتها "عطر" بحرج ووقفت لترتب الملابس فى الدولاب فضحكت "حنة" على فتاتها التى تقف على حافة الحُب من رجل صعيدي....

___________________________ 

كان "ناجي" جالسًا فى أحد الفنادق السياحية فى الأقصر هاربًا من بلده بعد أن خسر كل ما يملك لصالح "عيسي" الذي أستولى على كل شيء، جاء إليه رجل ماكر بشخصية ذات نفوذ قوية فى الستينات من عمره يرتدي بدلة سوداء مع قميص رمادي ويقف خلفه حراس شخصيين وقال:-
-عملت ايه؟ 

-شوية أدينى شوية وجت
قالها بأرتباك ليجيب عليه "حامد" بنبرة حادة:-
-شوية ايه!! ناجي لو مش جد الشغلانة دى جولي من اولها إحنا مبنهزرش ومفيش حاجة أسمها أدينى وجت، كيف ما انت طلبت تخلص من أبوك فى ليلة ومجولتلكش شوية وجت، أنا كمان عايز شغلي فى وجته ميتجاليش شوية، متأخدش مصلحتك وتنخ

تنحنحت "ناجي" بضيق مما حدث ونظر حوله بخوف بعد أن ذكر "حامد" جريمة قتله لوالده وأخاه ثم قال بجحود:-
-أصبر يا حامد بيه، اللعبة كلتها أتغيرت لما المال كلته أتكتب باسم عيسي، أنا معيش تمن الكأس اللى بشرب هجيب منين 5 مليون جنيه أشيل بيه أثار 

تبسم "حامد" بمكر ثم مسك "ناجي" من عنقه وجذبه نحوه لتتقابل عيونهم فى نظرة مُرعبة وقال:-
-أسمع شغل العيال الصغيرة دا ميجيش معايا، أنت عملت شغلانة عشان تلاجي فلوس وتكبر يبجي تدفع تمنها فاهم دا مش لعب عيال وأنا مهصبرش عليك كتير معك لأول السبوع يا الفلوس تبقي عندي يا أما هأخد روحك مكان فلوسي

تركه "حامد" على طاولته ونظر إلى الحراس وقال بسخرية:-
-متحاسبهوش على الكأسيين خلوله الفلوس يروح بيها 

أومأ إليه الرجال وذهبه مما جعل "ناجي" يشعر بالغضب السفر من معاملة "حامد" له وكل هذا بسبب والده "عبدالحكيم" و"عيسي" الذي أخذ كل شيء منهم بالقوة...

___________________________ 

داخل شقة فى المدينة تطل على كورنيش النيل، كان "خالد" جالسًا على الأريكة ببنطلون فقط وصدر عاري ويمسك فى يده سيجارته ينفث دخانها وبجواره فتاة "رؤية" تنام على الأريكة ورأسها على قدمه مُرتدية بيجامة بيتي قطني باللون الأزرق تشبه عينيها الزرقاء وشعر برتقالي قصير ناعم يصل إلى عنقها رغم كثافته ويديه تغلغل بين خصلات حريرها فتمتمت بنبرة دافئة:-
-روق يا حبيبي بكرة كله يتحل

تنهد "خالد" بضيق شديد ثم قال:-
-أروج كيف يا رؤية، دا أنا الوحيد اللى طلعت ذكي وكأني كنت حاسس أن اليوم دا هيجي واشترت الشجة دى، كان زماني مرمي فى الشارع كيف نصر ولا كيف أبويا اللى معهوش جنيه فى جيبه

أعتدلت "رؤية" فى جلستها جواره ورفعت يديها إلى وجنتيه الناعم دون لحية تداعبها بدلال وقالت:-
-قولتلك يا خالد مش يوم ما قولتلي أن جدك مش همه حد غير عيسي وأنا قولتلك خاف من العجوز دا

رفع يده الأخري إلى عنقها يتأملها بعينيه ويديه تحتضن عنقها الناعم ببشرتها البيضاء وقال بنبرة هامسة:-
-أنا خوفت وعملت حسابي فى كل حاجة حتى فيكي يا رؤية، أنا عمري ما هنسي أن الراجل العجوز دا رفض يجي ويايا عشان يكبرني ويشرفني جصاد أهلك، أنتِ أحلي حاجة فى حياتي يا بت

تنهدت "رؤية" بهدوء بوجه عابس ثم قالت:-
-أنا عارفة أنه مش وقته يا خالد بس مش شايف أن خلاص جدك مات يعنى ممكن أرجع لأهلي وتيجي تطلبني منهم

قبل جبينها بإمتنان ثم نظر إلى عينيها وقال:-
-يا بت ما أنت كاتب عليكي رسمي وأنتِ مرتي وجايبلك شجة ومديكي كل حجوجك أنتِ فاكرة لو رجعتي لأهلك فى الجيزة بعد ما غبتي عنهم سنتين هأخدوكي بالأحضان، أنسيهم يا رؤية، أنسيهم عشان سلامتك ، خوف عليكي يا بت مش أكتر

أومأت إليه بنعم ووضعت رأسها على كتفه بحنان تختبي به من هذا العالم فوضع سيجارته بين شفتيه، قالت بهدوء شديد:-
-هتعمل أيه مع عيسي؟ هتسيب له البيت ومالك

نفث دخانه بأختناق ثم قال بزمجرة ونبرة انتقامية:-
-أسيب مالي لعيسي مستحيل على موتي

وقف من مكانه وأرتدي تيشيرته ثم دلف إلى غرفة النوم فتح دولاب الملابس وكان بداخله خزينة كبيرة الحجم فتحها وكانت مليئة بالأموال فأخذ حزمتين ووضع حزمة على الفراش ثم أغلقها ليري "رؤية" تجلس على الفراش تمدد جسدها فقالت:-
-هتمشي؟

تبسم وهو يلتف إليها وقال:-
-هجيلك تاني، الفلوس دى خليها وياكي لو أحتاجتي حاجة وكيف ما جولتلك 

تمتمت بضيق من كلماته التى حفظتها طيلة فترة زواجها منه:-
-مفيش خروج من البيت ولو أحتجتي حاجة خلي البواب يجبهالك، حافظة يا خالد

ضحك بلطف على فتاته الجميلة المُدللة لتبتسم بدلال وهى تمد يدها إليه بعفوية وقالت بنبرة هامسة مُثيرة:-
-خليك معايا شوية يا خالد، أنت وحشاني يا روحي

تبسم إليها وهو حائرًا أيركض إليها والعشق يشعل نيرانه بداخله لهذه الفتاة أم يذهب إلى أخاه المُنتظر ،وبنهاية المطاف أمام دلالتها وضربات قلبه الجنوني بها لم يقوى على الرحيل بعيدًا عنها فذهب نحوه مُبتسمًا وعينيه تتلألأ ببريق العشق الذي يغمره من رأسه إلى أخمص قدمه كالمسحورًا بسحر العشق .........

__________________________ 

كانت "عطر" واقفة مع "ذهب" فى المطبخ يصنعون الغداء معًا فقالت "دهب" بجدية:-
-لا ما هو سيدي نصر كان متجوز واحدة بنت ناس من كبار البلد الأول أتجدمها أبويا عبدالحكيم عشان سيدي عيسي بس أهلها رفضوها جالوا لا سيدي عيسي شديد وخافوا على بنتهم منه وعشان حديد الناس وميتجالش أن فى واحدة رفضت سيدي عيسي الدسوقي اللى بنات البلد كلتها تتمنى نظرة منه خدوها لسيدي نصر أول شهر كانوا كيف العصافير وسيدي نصر مجولكيش عليه كياد كان يجي جدام سيدي عيسي ويجوم أي بجي

تمتمت "عطر" بضيق من ضجة "ذهب" وحديثها الذي يصبب الصداع لها قائلة:-
-اي يا ست دهب

ألتفت "دهب" إليها تاركة الطعام من يدها وقالت وهى تضرب يديها ببعضهما:-
-أهو بجي يجى جصاد سيدي عيسي ويجعد يدلع ويهنن فيها بيكيده بس شوفي بجي يشاء ربنا أن البت متحبهوش رغم كل الدلع دا وأخدت حبوب منع الحبل عشان متحبلش منه ولما عرف فضحها فى الدار ورنها عجلة موته مخلصهاش من يده غير سيدي عيسي وبعدها بجى فى الطالعة والنازلة نسمع صوتها من فوج بتصرخ يا حبة عيني من التور اللى كان وياها ... سامحني يا رب أنا مبحبش أجيب فى سيرة حد بس أنا جولت أحكيلك أفضفضلك وبالمرة تخلي بالك لأحسن اهنا فى شوية تعابين وأولهم ستي خضرة دى نار يابا عليها لو جربتي منها تحرجك كيف النار وتبخ سمها فيكي هى اللى كانت مجوية جلبه على اللى عمله فى البينة ، ياريتها جت على الضرب دا فى الأخر بدأت تجوله مرتك بتبص على عيسي ويالهوي على اللى حصل يومها لا يتشاف ولا يتحكي

كانت "عطر" تستمع لهذا الحديث وهى تُعد طاجن السمك بعد أن تركت "دهب" الطعام وأهتمت بالحديث فقط، حتى أنهت حديثها فقالت بضيق من الصداع:-
-كويس أنه لا يتحكي ، خدي حطي الطاجن فى الفرن وأقلي السمك وأنا اللى غلطانة أنى جيت أساعدك ، أعمليلي بقي كوباية نسكافية وجبهالى الجنينة ويارب أعرف أذاكر لي كلمتين بعد الداع اللى جبتهولي

مسكتها "دهب" من يدها بدهشة وقالت:-
-خدي أهنان أنتِ هتطلعي للجنينة والرجالة جاعدين فيها، دا كان سيدي عيسي يجطع رجبتك ويدفنك حي

أتسعت عيني "عطر" على مصراعيها بدهشة من حديث "ذهب" وقالت بصدمة ضائقة:-
-يا لهوي على لسانك بعد الشر عني، الملافظ السعد يا دهب ، وبعيد مالكيش دعوة لما يجي يدفني حية متبقيش تحوشي عني ياخراشي عليكي.. أخلصي وأنكزي

خرجت من المطبخ وأخذت أجندة من فوق السفرة وخرجت للخارج جلست على المظلة فى الحديقة وفتحت اللابتوب وبدأت تبحث عن محاضراتها وهى فى سنتها الثانية فى الكلية، نقلت القليل منها حتى تعبت فجاءت "دهب" إليها بكوب النسكافية ومعه بسكويت فقالت:-
-لزومه ايه تعب الجلب دا ما سيدي عيسي عنده طابعة فى المكتب أدخلي أطبعي اللى عايزاه

قالتها وهى تأكل من البسكويت فرمقتها "عطر" بدهشة من تصرفاتها وهى تتعيش وتتعامل معها على أنها من العائلة لكنها ترحب بمعاملة "دهب" التى تشعرها أنها تملك صديقة هنا وشخص يشاكسها بمرحه فقالت بضيٌ:-
-أنتِ جايبة البسكويت عشان تأكليه

أخذت "ذهب" واحدة أخرى وهى تقول:-
-الحج عليا جولت أجبلك حاجة تسليكي وتخليكي تركزي شوية

ذهبت "ذهب" إلي الداخل وفكرت "عطر" فى طباعة الورق خصيصًا أن لديها الكثير من المحاضرات المتأخرة، حفظت الملفات والصور حتى رأت سيارة "عيسي" تدخل من بوابة المنزل مع أذان المغرب، رآها "عيسي فأوقف سيارته قرب المظلة  وترجل من السيارة ثم سار نحوها لتعتدل "عطر" فى جلستها بحرج حتى وصل أمامها وجلس فى مقابلتها، نظر إلى الأجندة ثم إليها فقال:-
-أي دا

تنحنحت "عطر" بهدوء قبل أن تبدأ الحديث معه ثم جمعت شجاعتها وقالت:-
-عيسي أنا عايزة أتكلم معاك فى موضوع ممكن ولا هعطلك

أومأ إليها بنعم ثم قال:-
-جولي 

أغلقت شاشة الكمبيوتر ويديها تحتضن كوب النسكافيه ثم قالت:-
-أنا كنت عايزة أرجع القاهرة

أتسعت عينيه على مصراعيها مما سمعه وشعر بوخزة فى قلبه من فكرة رحيلها لكنه تحل بالصمود وتعابير وجهه الباردة التى تخفي ما يحدث بداخله من ربكة وقلق ثم قال:-
-ليه؟ أنا مش جولتلك متطلبيش الطلاج وتيجي تجوليلي أرجع مصر

تحدثت بنبرة خافتة هادئة قبل أن يثور عليها:-
-مش عايزة أرجع بس أنا طالبة فى تانية كلية يا عيسي وضاع منى سنة مرة بسبب بابا مش معقول هفضل عمره كله طالبة أنا عايزة أتخرج وانجح عشان أعرف أشتغل وأشوف حياتي، أكيد مش هفضل الباقي من عمرى محبوسة فى بيت أكبر إنجازاتي أنى أدخل مطبخ أعمل أكلة مع رغي دهب 

تنهد بهدوء من حديثها وهى لديها كل الحق فى الدافع عن مستقبلها وتعليمها لكن رحيلها كيف له أن يسمح بهذا فقال بضيق بعد أن وقف من مكانه:-
-هفكر بس موعدكيش

كاد أن يذهب من أمامها ليشعر بشيء يجذبه فنظر إلى يده ورآها تتشبث بكم عباءته كطفلة صغيرة فرفع نظره إلى وجهها وكانت تنظر إليه بعفوية وعينيها الزرقاء تتلألأ ببريق لامع ودافيء يغلب أمره وقوته فقالت بلطف:-
-عيسي أرجوك فكر براحة أنا مش عايزة أخسر كمان كليتي زى أى حاجة تانية خسرتها ولو الموضوع صعب أنا مواقفة أسافر على الإمتحانات امتحن وأرجع معنديش مشكلة بس متحرمنيش من تعليمي ومستقبلي

أومأ إليها بنعم ثم نزل الدرجتين من المظلة ومع الأخيرة تلقي رصاصة من العدم فى صدره وسقط أرضًا لتصرخ "عطر" بفزع وهرع من مقعد إليه تناديه بذعر "عيسي" لتتلقي رصاصة هى الأخري فى صدرها بعد أن وقفت أمامه تمنع عن الرصاصة التالية التى تتجه إلى القلب وسقطت فوقه، ألتقط أنفاسه بصعوبة ورفع يده إلى جسدها المرتطم بصدره فتمتمت بالم شديد من نزيف جرحها:-
-عيسي......

فقدت الوعي بين ذراعيه ليفقد وعيه هو الأخر يعد أن سمع صراخ رجاله الذين هرعوا من أماكنهم بعد ضرب النار عليه ............

كبرياء صعيدي
الفصل الثــامــن ( 8 ) بعنــــــــــوان " مكر رجـــــــال "

فى حالة من الذعر والبكاء داخل المستشفي بعد ذلك الحادث، كانت "هدي" منهارة كليًا خوفًا من الفقد، فقدت زوجها والآن ابنها بين الحياة والموت ، لم تقل حالة "حنة" عن "هدي"، وقفوا أمام غرفة العمليات ينتظروا خروج الطبيب من الجراحة ، جاءت "سكينة" أخت "هدي" مع ابنها "عامر" فقال :-
-حصل أي يا خالتي 

تمتمت "هدي" بنبرة واهنة وشهقاتها قوية:-
-معرفش يا بني، معرفش مين اللى يأذي جوزى وابني ويحرج جلبي أكدة ، حسبي الله ونعم الوكيل 

نظر "عامر" إلى "فيروزة" الباكية وقال:-
-أهدئي يا فيروزة

رفعت نظرها به بحزن وخوف ثم قالت:-
-أنا خايفة يا عامر، عيسي لو جراله حاجة هيموت فيها يبجي أخويا وأبويا يسبوني كدة ضهري مكسور

ربت على كتفها بلطف وقال:-
-أهدئي يا حبيبتي وإن شاء الله هيقوم منها عيسي جوي 

فتح باب غرفة العمليات ليسرع الجميع نحو فخرج "عيسي" اولًا على الترولي فهرعت إليه "هدي" و"فيروزة" وأتجه "عامر" إلى الطبيب يقول:-
-طمنى يا دكتور، عيسي حالته زينة؟

تحدثت الطبيب نظرة هادئة ونبرة خافتة:-
-أدعوله بس الحمد لله ان الرصاصة مصابتش الجلب هو بس مستجابش للإفاقة فى غرفة الإفاقة فندعي ربنا ميدومش فى غيبوبة 

سمعت "هدى" كلمته الأخيرة فصرخت بألم خوفًا على ابنها الذي دخل غيبوبته من المرض، أخذوه إلى غرفة العناية المركزة وعاد الطبيب إلى غرفة العمليات وبعد ساعة تقريبًا خرجت "عطر" على الترولي فاقدة للوعي فهرعت "حنة" لها ومع خروجها ظهر "خالد" ومعه "نصر" إلى المستشفي مما أدهش الجميع، صرخت "هدي" به وهى تمسكه من عبائته غيظًا قائلة:-
-عملتها يا نصر، ورحمة فؤاد اللى ما بحلف بيه كدب لأدفعك تمن اللى عملته فى ابني يا ابن خضرة

أبعدها "نصر" بضيق عنه ليقف "عامر" فى المنتصف يحمى "هدي" وقال:-
-أيه اللى جابك يا نصر؟

نظر إلى "عطر" بهدوء وقال:-
-جاي لمراتي متخافش مش جاي لعيسي

صرخت "فيروزة" بيه بضيق شديد قائلة:-
-جصدك طليجتك ولا نسيت أنك طلجتها

كاد ان يقترب منها ليقف "عامر" مقابله بحدة وقال بنبرة مرعبة غليظة وعينيه يتطاير منها الشر:-
-حذاري تفكر تلمسها، ولا تفكر انهم لوحده بعد عملتلك فى عيسي... نصر وأسلم من شرنا لأن لا وجت ولا مكانه

نظر "نصر" إليهم فى صمت بينما تحدث "خالد" بنبرة هائجة مُستشاطًا غضب من طريقة "عامر" :-
-جر أي يا عامر ما تهدي على حالك أكدة 

مسك "نصر" يد اخاه بهدوء وقال بتهديد وعينيه يتطاير منها الشر:-
-هدي أعصابك يا خالد، كفاية المصائب اللى نازلة على رؤوسهم 

________________________ 

ضرب "خضرة" رجله بالقلم غيظًا من فعلته وقالت:-
-غبي جولتلك عيسي بس تضرب البت ليه؟

تحدث الرجل بخوف من غضب "خضرة" هذه المرة التى تشبه الحية بوجه حَسن لكن عقل شيطاني قائلًا:-
-والله يا ست خضرة كنت بضربه هو.. بس هى اللى اتحركت والرصاصة جت فيها ، والله ما ليا ذنب 

-بسبب غباء أمك دا الشكوك كلها هتروح على نصر ولدي لأن هو الوحيد اللى له صالح فى أذيت الإثنين لكن لو كانت عيسي بس كانت الشكوك هتلف على العيلة كلها وهنجول طمع فى الورث لكن دلوجت بسبب عطر ولدي هيبجي فى خطر 
قالتها بضيق شديد وهى تقف فى الطحونة الموجودة فى أخر البلد، تنهدت بضيق ثم قالت:-
-أخفي من خلجتي وجبل ما يحل الليل تكون سايب النجع كله شوف أى بلد من اللى حولنا أجعد فيها ومتظهرش غير لما اجولك فاهم 

اومأ إليها بنعم لتعطيه مبلغ من المال وخرجت من الطحونة وهى تضع البُردة على راسها تلتف بها وغادرت فى هدوء قبل أن يراها أحد، وصلت للمنزل إلى المنزل فقابلت "هدي" تستعد للذهاب إلى المستشفي لزيارة ابنها فقالت:-
-رايحة لعيسي؟ يلا ربنا يطمن بالك عليه ويجومه بالسلامة أنا مفهاش بجاله ثلاثة ليالي مفجاش ودى مش بشرة خير يا سلفتي

رمقتها "خضرة" بضيق شديد ثم قالت:-
-أطلعي منها يا سلفتي وكيف ما أنا خايفة على ولدي خافي أنتِ كمان على ولدك عشان انا بعت عامر للنيابة وبلغ باللى حصل والنيابة جاية النهاردة وهجولهم ان ميعملهاش غير ولدك نصر اللى اتجهر لما ولدي طلج منه البنت الغلبانة والنيابة والبوليس يشوفوا بجي شغلهم .... أنا حج ولدي مههملهوش واصل 

قالتها بتهديد صريح لتبتلع "خضرة" لعابها بضيق وخوف ولم تقوي على الجواب فصممت فى هدوء قبل أن ترتبك وتخطأ، خرجت "هدي" من المنزل وهى تقول:-
-همي يا فيروزة هنتأخر أكدة...

___________________________ 

فى المستشفي تحديدًا بغرفة "عيسي" كان فقدًا للوعي تحت أجهزة التنفس ويقف "ناجي" مع الطبيب بضيق شديد وقال:-
-يعنى فى أمل أنه يفوج

تبسم الطبيب بهدوء وقال:-
-وأمل كبير كمان لأن خلال ال72 ساعة اللى مروا عليه بدأ يستجيب وأخرهم أمبارح فتح عينيه الفجر ودا بشرة خير 

نظر "ناجي" بصدمة إلى وجه "عيسي" وهذا الرجل حتى الرصاصة لم تتمكن من القضاء عليه فأومأ للطبيب بنعم ليغادر بينما ظل "ناجي" يحدق بوجه "عيسي" ويفكر فى الغد إذا أستعاد وعيه سيظل مالك كل شيء وهو يصارع الموت للنجاة هنا فأغلق باب الغرفة ودلف إلى الفراش بهدوء ثم أخرج من جيبه عقد للتنازل عن الأملاك ومسك أصبع "عيسي" الأبهام وبصمه على عقد بيع كل الأملاك إلى "ناجي" وتمتم بهدوء:-
-أهو تعيش كيف ما تحب بس تعيش مذلول كيف ما ذلتني ويرجع الحج لأصحابه بجي

فتح الباب ودلف "خالد" إلى الغرفة ليرى والده واقفًا بجوار "عيسي" ويضع شيء فى جيبه، لكن سرعان ما ترجم "خالد" الموقف حين رأى اللون الأحمر على أصبع "عيسي" فأقترب وهى ويخرج منديلًا من جيبه وقال:-
-لما تعمل حاجة متسيبش دليل وراك يا أبويا ، خليك أذكي من اكدة

مسح أصبع "عيسي" جيدًا فنظر "ناجي" إليه بمكر وغادر الغرفة فضحك "خالد" بسخرية وعينيه تحدق بـ "عيسي" وقال:-
-سبجني أبويا تلاجيه مسابليش حاجة أبصمك عليها يا عيسي

غادر الغرفة ليحرك "عيسي" أصبعه وما زال غائبًا عن الوعي وكأنه يشعر بهؤلاء الذئاب الذين أستغلوا مرضه ليلتهموه كأنه قطعة حلوي لديهم ولا يبالي أحد بحياته فقط كل ما يهم الجميع المال..

 على جهة أخري كان واقفًا مع الطبيب وأتسعت أعين "نصر" على مصراعيها بصدمة ألجمته حين سمع الطبيب يقول:-
-إحنا ندعيلهم متستناش أن الرصاص للمدام جت جنب العمود الفقري ومنطقة حساسة ممكن لقدر الله تأثر على حركتها، إحنا هنحطها تحت الملاحظة ولعل الله يشفيها ويرحمها برحمته وأستاذ عيسي نتمني من الله أنه يفوق من غيبوبته فى أسرع وقت ومتأثرش الرصاصة عليه.... 
لم يبالي بحالة "عيسي"، بل كان مُمتن لتلك الرصاصة التى أتته بفرصة ذهبية حتى يصبح الكبير وكل شيء يكن تحت تصرفه، كان يدعي الله أن يموت" عيسي"ولا يعود لوعيه لكن ما حدث إلى "عطر" شل قلبه فى صدره وجعله يرتجف خوفًا من مرضها، دلف إلى غرفتها ورآها وهى نائمة فى سبات عميق لا حول ولا قوة لها، مرر أنامله على ذراعها بلطف وعينيه تتأمل وجهها بأشتياق وشغف حتى وصلت يده إلى انبوبة التنفس الموجود على فمها ليرفعه بخفة وأنحنى إليخا قبل جبينها بشغف وهمس فى أذنها قائلًا:-
-أنتِ بتاعي أنا وبس 
قبل أذنها ثم عنقها، فتحت الممرضة الباب لتُصدم مما رأته وهذا المختل عقليًا يقبلها بجنون وهى على فراش المرض تصارع الموت وكأنه لا يبالى بشيء سوى أرضاء رغبته وقلبه بها، لم تتخيل أن ترى هذا المنظر الغير ادمي لا يفعله بشري أو إنسان، بل شيطان دون خجل أو حياء من فعلته...... 
شهقت بـ "فزع" حين ربت على كتفها أحد من الخلف وكان مقدم الشرطة فسأل عن حالة "عطر" لتشير إليه عليها ليرى هو الأخر ما يحدث فدفع الباب بغضب من هذا الرجل الذي ينتهك حرمة مريضة فاقدة للوعي وقال:-
-أنت بتعمل أيه؟ هاتوا

دلف العساكر إلى الداخل وسحبوا "نصر" من ملابسه إلى خارج الغرفة ووقف أمام مقدم الشرطة الذي سأل بأشمئزاز:-
-أنت مين؟

-نصر ناجي عبدالحكيم الدسوقي
قالها بغرور دون ان يتهم لأى شيء على عكس مقدم الشرطة الذي تبسم بخبث شديد وقال:-
-أنت بجي نصر .. القاتل 

أتسعت أعين "نصر" على مصراعيها وقال:-
-جاتل أيه؟ أنا مجتلتش حد

-لا ما هو واضح من اللى شوفته... هاتوا 
قالها وألتف لكي يغادر وأمر الضابط المسئول أن يجمع كل أفراد العائلة للتحقيق فى هذه الجريمة...

___________________________ 

فى شقة "خالد" كانت تقف "رؤية" فى المرحاض مُتكئة على حوض المياه بضيق وتنتفض فزعًا وبقبضتها اختبار حمل إيجابي وأنفاسها تكاد تنقطع مع وجهها الشاحب ، خرجت من المرحاض خائفة وتمتمت بنبرة ضائقة:-
-يا نهار اسود يا نهار أسود ن أعمل أي فى المصيبة دي

كانت ترتجف فزعًا من الخوف عندما يعلم "خالد" وهى تتذكر شرطه بألا تنجب وتتردد فى أذنها تهديده الصريح حين قال:-
-أنا هتجوزك يا رؤية رسمي وأستتك واخليكي هانم لكن بشرط مفيش خلفة لحد ما أنا أجولك أحملي لو حملتي من ورايا مش هجولك هسجط لا انا هشيل رحمك كله وأحرمك تكوني أم عمرك كله  

جلست على الأريكة مفزوعة وتغلق قبضتها بأحكام على أختبار الحمل ......

_______________________ 
جلس "نصر" أمام وكيل النيابة هادئًا فقال:-
-أنا معملتش حاجة يا جناب النيابة، أنا مهأذيش مرتي 

رمقه وكيل النيابة بهدوء شديد ثم قال بنبرة خشنة:-
-بس حسب معلوماتي أنها طليقتك وانك طلقتها بعد ما وقفلك عيسي

تنهد "نصر" بهدوء شديد ثم جمع شجاعته وقال:-
-يا بيه أنا طلجتها تحت التهديد يعنى طلاج باطل وأنا راجل بيحب مرته ووجف وياها لما الدنيا كلتها غدرت بيها ولما أبوها اللى هو عمي رماها مستحيل أذيها، ريح بالك يا بيه أنا شخص سالم معملتهاش ولوز عندك ربع دليل أني عملتها واجهنى بيه، أنا  وجت الحادثة كنت فى الجهوة مع الرجال وكل على الجهوة يشهد بدا 

أقترب وكيل النيابة من المكتب يتكئ بيديه علي سطح المكتب وقال:-
-وعيسي، حسب اللى وصلنا أن عطر أخذت الرصاصة بالغلط بسبب تواجدها فى المكان وقتها يعنى ممكن تكون رصاصة طائشة غير محسوبة

تنهد "نصر" بهدوء قبل أن يجيب يرتب كلماته قبل أن تخرج من فمه فقال:-
-عيسي ولد عمي وأنا مش مجرم يا بيه

ضحك وكيل النيابة بخفة وقال:-
-مفيش مجرم بيقول على نفسه مجرم يا نصر وخليني اقولك أن موقفك مش احسن حاجة ووحش لأن حسب اللى سمعته من أنسة فيروزة ومدام هدي أن عيسي ورث كل حاجة وطلق مرتك منك اللى انت بتحبها بعد ما كنت بتضربها وضرب عليك نار دى كلها أسباب كفاية تخليك تعملها والمشتبه به وأحب أوضح لك ان مش شرط تنفذ بأيدك 

ظلت التحقيقات بين الجميع عن المجرم والعقل المدبر لفعل جريمة كهذه داخل البيت....

__________________________ 

وصل للممرض إنذار الجهاز من غرفة "عيسي" فأسرع بالدخول ليُصدم عندما رأى "عيسي" واقفًا يلتقط انفاسه بصعوبة ومتكئ بيديه على الحائط ويرتدي بنطلون أسود وصدره عاري محاط بالشاش الطبي، فزع عندما رآه هكذا وأسرع نحوه يقول:-
-أيه دا أنت رايح فين؟

تحدث "عيسي" بتلعثم وألم شديد قائلًا:-
-عطر، عطر فين؟ جرالها أيه؟

كان يتألم جسديًا وقلبه يتمزق أربًا من الفزع وأخر شيء رآه حين سقطت بين ذراعيه بعد أن حصلت على رصاصة مثله، ما زال يشعر بملمس دماءها الدافئة حين تدفقت فوقه ، أجابه الممرض بفزع على حالته وإصرار على التحرك:-
-مين عطر ، البنت اللى جت وياك ؟ فى الرعاية ... انت مينفعش تتحرك أكدة، تعال

دفعه "عيسي" بوجع وهو يصع يده على صدره من الم جرحه وخرج من الغرفة يبحث عن الرعاية التى بها محبوبته الصغيرة ولأول مرة يشعر أن قلبه عالقًا هناك داخل صدرها وبها، أخذه الممرض بصعوبة من إلحاحه الزائد إلى غرفة الرعاية ليراها أمامه فاقدة للوعي وشعرها الأسود مسدول بجانبها، تألم وهو يجلس بجوارها بصعوبة فلمس يدها بحيرة وناداها بصوت مبحوح:-
-عطر!! 

تذكر كل مرة كانت تركض إليه وتخبره بكلمة واحدة :-
-متسبنيش 

أغمض عينيه بصعوبة ثم قال بدفء ويده تلمس وجنتها بحنان:-
-أنا مهسبكيش يا عطر ، مهسبكيش واصل

تنفس بصعوبة ليأخذه الممرض بصعوبة إلى غرفته قبل أن تسوء حالته أكثر فجلس يتنفس بصعوبة على الفراش يفكر فيما حدث ومن الذي فعل هذا؟ جاء إليه "مصطفي" بعد وصل له الخبر فقال:-
-حمد الله على سلامتك، انا مبطلتش ادور على اللى عملها

رمقه "عيسي" فى صمت وعينيه تتحدث بالكثير فتابع "مصطفي" بهدوء:-
-أنا شاكك فى نصر والنيابة كمان بتحجج ومتهمين نصر خصوصًا أن الست هدي جالت لهم أنك كنت ضاربه بالنار فبينتجم منك 

أومأ "عيسي" بهدوء وعينيه تتواعد بالأنتقام ثم قال:-
-لا يا مصطفي، نصر معملهاش، ولا حد من العائلة يعملها 

عقد "مصطفي" حاجبيه بدهشة من حديث "عيسي" والجيمع واثقون أن الفاعل من العائلة وخصيصًا أسرة "ناجي" فتمتم بتلعثم:-
-كيف؟

رفع "عيسي" نظره إلى "مصطفي" بنظرة ثاقبة تحمل التهديد وقال:-
-جولتلك ميعملهوهاش يا مصطفي سامعني، إياك واحد فيهم يدخل الحبس ليلة واحدة، أنا حجي هأخده بدراعي والسجن مش هيربيهم لأن اقل محامي هيطلعهم منها لأن أنا واثج أن محدش فيهم عمل بأيده واللى نفذه زمانهم أترحمهم عليه، هيطلعوا يا مصطفي منها والجانون ميعرفش يعمل حاجة لكن جانون عيسي الدسوجي مهيطلعوش منه غير أموات 

فهم "مصطفى" سبب رغبته فى إنكار الاتهام لهم وأكد ذلك حين جاءه وكيل النيابة لاخذ اقواله لينهي "عيسي" الجريمة قبل أن يعاقبهم القانون متواعدًا بجحيم ينتظرهم بالخارج جحيم "عيسي" الدسوقي

خرج "عيسي" بعد يومين من المستشفي وذهب مع "عامر" ومصطفى" إلى البيت ليجد "ناجي" جالسًا على مقعد والده "عبدالحكيم" كأنه يترأس هذه العائلة وكبيرها فرمقه "عيسي" بهدوء وهو يتكئ على نبوته الذي ورثه عن جده ليقول "ناجي" :-
-حمد الله على السلامة يا ابن أخويا

همس "عيسي" مُتجاهلًا كلماته إلى "مصطفى":-
-عملت اللى جولتلك عليه 

أومأ إليه بنعم فنظر إلى "ناجي" وبجواره كانت تجلس "خضرة" بسعادة رغم أن سعادتها ينقصها وفأة "عيسي" وتضع قدم على الأخري وبجوارها ابنها "خالد" فقال "عيسي" بهدوء باردًا:-
-شايفك مرتاح وواخد راحتك فى داري يا عمي

ضحك "ناجي" بسخرية وهو يضع قدم على الأخري بغرور فقالت:-
-هههههه أنت طيب أوى يا عيسي واللى رباك وعلمك انت مجرد حفيده لكن أنا صُلبه وورثته يعنى مهما تتعمل مهتجيش حاجة فى اللى عندي 

تنهد "عيسي" بهدوء ثم قال بجدية:-
-وماله يا عمي ، الأيام وما بيننا لكن دلوجت أنا ههملك تتبسط فى بيتي بس بكيفي 

ألفت لكي يصعد الدرج فقال "ناجي" بنبرة جاحدة قوية:-
-بيتك منين هو انا مجولتلكش مش وأنت فى الغيبوية بعتلي كل حاجة يعنى مجباش بيتك

التف "عيسي" له بصدمة ألجمته ونزلت "فيروزة" مع "هدي" من فوق الدرج من صدمتها مما سمعته وقالت بتلعثم:-
-يعنى أيه؟

وقفت "خضرة" من مكانها بغرور وقالت:-
-يعنى كيف ما سمعتي يا سلفتي دلوجت أنتوا محلتكوش غير شوية الخلجات اللى عليكم 

تبسم "عيسي" بهدوء مما أدهش الجميع وكيف له أن يبتسم هكذا فنظر "خالد" إلى والده بحيرة وهكذا "ناجي" فقال "عيسي" بنبرة غليظة قوية مُتناسيًا ألمه:-
-هههه كنت خابر أن النجاسة فى دمك بس جولي كيف بعتلك حاجة مش ملكي

وقف "ناجي" من مكانه بدهشة وقال بتساؤل:-
-جصدك أيه؟

أقترب "عيسي" بنبوته إلى "ناجي" حتى وصل أمامه مباشرةً  وقال بنبرة باردة تُثير أعصابه وغضبه أكثر:-
-كيف أبيع لك حاجة مش ملكي ، مش واجب عليك يا عمي تعرف الحاجة ملك مين جبل ما تبصمني وأنا فى غيبوبة 

-ملك مين؟
قالها "خالد" بنبرة تلعثمية من الصدمة التى حلت عليه الآن فتبسم "عيسي" يقول بهدوء أستفزازي:-
-عطر! كل أملاك جدي وكل جنيه ملك عائلة الدسوقي باسم عطر 

أتسعت أعين الجميع على مصراعيها وكيف كتب كل شيء باسم فتاة ظهرت من العدم لم تكمل 3 شهور بينهم وأعطاها املاك وأموال بملايين، تبسم وهو يصعد غلى غرفته قال بتهديد:-
-حذاري تنسي أنى تربية عبدالحكيم الدسوقي، مصطفى

-عُلم يا عيسي بيه

فتح باب المنزل لهم لتدخل امرأتين وأقتربه من "خضرة" وابنتها "خديجة" وأخذه منه الذهب والمجوهرات ورجال "مصطفي" طردوا الجميع خارج المنزل بالقوة لا يملكون شيء ولا جنيه واحد، دلف إلى غرفته بتعب وأستلقي على الفراش وهو يتذكر تلك الليلة التى أخذ "عطر" من "نصر" بالقوة، دق باب غرفتها فجرًا لتفتح له بوجه ناعس فقال بهدوء:-
-ينفع اتكلم وياكي دجيجتين

أومأت إليه بنعم ودلفت إلى غرفتها وهىتهتز بصعوبة من نومها وعينيها شبه النائمتين فجلست على الأريكة مغمضة العينين تستمع لكلمة واثنين لا منه مُحدثها:-
-أنا هطلجك منه غصب عنه لكن خدمة جصاد خدمة يا عطر 

أومأت إليه بنعم وهى تفرك عينيها فتبسم على نومها بأمان هكذا أمامه وتساءل "عيسي" إذا كان "نصر" هل كانت ستبقي بأمان هكذا مُطمئنة على نفسها أمامه، سقطت رأسها من النوم ليضع يده سريعًا على وجنتها تتكئ عليها قبل أن تسقط، شعرت "عطر" ببرودة يده لتفتح عينيها بصعوبة ورأت وجهه فتنحنحت بحرج منه وأعتدلت فى جلستها وقالت:-
-أنت عايز ايه يا عيسي؟

تحدث "عيسي" بجدية كلمات قليلة كالصاعقة:-
-أنا كتبت كل حاجة باسمك 

أتسعت عينيها على مصراعيها من الصدمة وظلت تنظر إليه من هول الصدمة دون أن تتفوه بكلمة واحدة فضحك بعفوية على تعابير وجهها لتفوق من صدمتها لتقول "عطر":-
-معلش أنت قولت أيه؟ أنت أزاى عملت كدة أصلا، مش خايف أهرب وأسرق فلوسك 

تبسم "عيسي" إليها بعفوية ثم قال:-
-اللى تعرف ربنا وتصلي متسرجش ولو سرجتي أهو تيجي منك ولا تيجي من الغريب

ظلت ترمقه بهدوء حائرة فى حديثه ولم تستوعب كلماته المُدهشة ....

__________________________ 

وصلت "حنة" إلى المستشفي تحديدًا إلي غرفة "عطر" لكنها صدمت عندما وجدت الغرفة فارغة فهرعت إلي الخارج حيث الممرضة فسألتها بقلق:-
-هى عطر راحت فين؟

أجابتها الممرضة بهدوء قائلة:-
-أهلها أخدوها قالوا هيودها مستشفي أحسن فى مصر 

أتسعت عيني "حنة" على مصراعيها من إختفاء "عطر" ...............
 

تعليقات



<>