رواية قصة حنين الفصل الرابع4 بقلم صباح عبد الله فتحي
في الجامعة، تسير نوران وهي تضع سماعات الأغاني في أذنيها بينما تتراقص على ألحان الأغاني وتغلق عينيها، ولا تنتبه إلى السيارة التي تأتي خلفها كالصاروخ يسير فوق الأرض. الجميع يحاول أن يجعل نوران تنتبه للسيارة. ومن حسن حظها كان عاصي بالقرب منها ليركض إليها ويسحبها من أمام السيارة قبل أن تحطم عظام جسدها الرقيقة. تفتح نوران عينيها لتجد نفسها تستقر داخل أحضان عاصي وتشعر بشعور لأول مرة في حياتها، إذ اشتعلت نيران العشق داخل قلب هذه المرأة المتسلطة وهي لا تشعر بذلك. كانت نوران تنظر إلى عاصي بشغف وتتأمل تفاصيل جسده وملامح وجهه، بينما أغرقها العشق والشغف في بحر من الأحلام عندما تقابلت عيناها عيني هذا الرجل الذي سيطر على شغفها. تستيقظ نوران من بحر المشاعر التي غرقت بداخله على أصوات الجميع من حولها، بينما حدث ما لم يتوقع أحد حدوثه. يصفع عاصي نوران على وجهها بقوة وهو يقول بغضب سيطر عليه بسبب تصرفات هذه الصغيرة:
_ أنتِ أي غبية، مش بتفهمي ولا عاوزة تموتي؟ أهلك مش علموكي الأدب والاحترام؟ الزفت اللي في ودنك دي ماتتلبسش في مكان عام.
تنظر إليه نوران بشغف جنوني، لتقترب منه دون إنذار أو خجل وتقبله أمام الجميع. يصعق عاصي والجميع من تصرفها الوقح. ليغضب عاصي بشدة من تلك الفتاة التي أهانته أمام الجميع، يقوم بصفعها مرة أخرى بقوة أكبر من الأولى، ناسياً أنها فتاة رقيقة لا تتحمل العنف، فتقع نوران مغمى عليها أمام الجميع. تأتي حنين على الأصوات العالية، لترى عاصي وهو يصفع نوران، لكنها لم ترَ السبب. تذهب تجاه نوران وتقول بغضب بينما تجلس بجوارها على الأرض:
_ أنت إنسان قليل الأدب والاحترام، مش عندك ذرة رجولة! إزاي تتجرأ وترفع إيدك على أنسة وطالبة من اللي أنت بدرس لهم؟ أنا هرفع عليك شكوى وهقدم فيك بلاغ.
يرد كاظم بغيظ وهو ينظر إلى نوران وحنين باحتقار:
_ وأنتِ بقى اللي هاترفعي عليه شكوى وهاتعلميه الأدب؟ وبعدين إيه لزمت الحجاب ولبسك ده إذا كنتِ واحدة مش عندك شرف أصلاً؟
عاصي بغضب:
_ كاظم، أنت اتجننت؟ إزاي تتكلم مع الأنسه بالشكل ده؟
ترد فتاة قائلة:
_ آسف يا دكتور، بس الأستاذ كاظم مع حق، البنت دي مش عندها شرف ولازم تنطرد من الجامعة، دي أشكالها ماينفعش معها الاحترام أصلاً.
حنين بدموع:
_ حرام عليكم، هو أنا عملت لكم إيه علشان تتهموني في شرفي بالشكل ده؟ تعرفوا إيه عني أصلاً علشان تقولوا شريفة ولا من غير شرف؟
يرد كاظم بسخرية:
_ لا يا شيخة، وفري دموع التماسيح دي يا شاطرة، علشان الكل عارف مين انتي، ده انتي حتى بتعلمي العالم إزاي يقضوا ليلة سخنة.
تنظر حنين إلى كاظم بدهشة مما قال، وهي لا تفهم لماذا يقول عنها هذه الكلمات وهو لا يعرفها، ولا أحد يعرف عنها شيء، فقط يمزقون قلبها الصغير بهذه الكلمات التي لا تليق بأخلاقها وشرفها. صفع عاصي قاظم على وجهه وهو يقول بصوت عالٍ:
_ أنت اتجننت على الآخر؟ تعرف إيه عنها أصلاً علشان تتكلم عليها بالشكل ده؟
يرد كاظم بصوت عالٍ وتسيل دمعة من عينيه على وجهه، لم يتخيل أن شقيقه وقدوته في الحياة سوف يصفعه أمام الجميع بهذا الشكل من أجل فتاة لا يعلم عنها شيء:
_ وأنت تعرف إيه عنها يا دكتور علشان ترفع إيدك عليا وتهينني قدام الكل بالشكل ده؟
يشعر عاصي بحجم خطأه ويردف قائلاً بهدوء وهو يضع يده على جبينه:
_ كاظم، أنا آسف، مش قصدي اللي حصل.
يرد كاظم بصوت عالٍ:
_ تعرف إيه عن البنت دي يا دكتور علشان ترفع إيدك عليا بالشكل ده؟
عاصي وهو يحاول أن يصلح خطأه:
_ اهدى يا كاظم، أنا آسف، مش قصدي.
لكن كان الغضب يتحكم بكاظم بالكامل ويرد بصوت عالٍ قائلاً:
_ أقولك أنا أعرف عنها إيه، أعرف إنها بنت ك***لب ماكرة، واحدة وس***خة ما تستاهلش حتى ك***لب يبص لها.
حنين بغضب:
_ وانت مين أساساً علشان تتكلم عليا بالشكل ده؟ وإيه اللي مخليك متأكد أوي كده إني زي ما انت بتقول؟ وبعدين مين أنتم أساساً علشان تتكلموا عليا؟ مافيش حد فيكم يعرف عني حاجة علشان تحكموا عليا بالشكل ده.
ينظر كاظم إلى حنين وهو يقول بفحيح الأفعى:
_ عاوزة تعرفي بجد أنا ليه بقولك عليكي كده ولا انتي تعرفي وبتستعبطي؟
عاصي بضيق:
_ أنا عاوز أعرف إنت ليه بتتكلم بالشكل ده عن الأنسة حنين؟ وانت تعرف عنها إيه علشان تقول كده؟
يطلع كاظم الهاتف وهو يقول بغضب:
_ خد وشوف بنفسك يا دكتور وانت هتعرف كل حاجة، وهتعرف إنها واحدة وس***خة ما تستاهلش.
أخذ عاصي الهاتف من كاظم، وبعد لحظات، نظر إلى حنين بدهشة قائلاً:
_ انتي دي؟ معقولة؟
حنين باستغراب:
_ مش فاهمة، أنا فين؟ وإيه اللي في التلفون ده؟
تذهب باتجاه عاصي وتأخذ منه الهاتف، وتقول بصدمة بعد أن رأت ما في الهاتف:
_ دي مش أنا! مين دي؟ حسبي الله ونعم الوكيل!
---
**في الفلا**
اكتشف الجميع مو***ت محمد، جد حنين. جاء خالد إلى الفلا وترك أعماله عندما اتصل عليه الخادم وأخبره بما حدث. قال خالد بحزن:
_ خير يا دكتور، إيه سبب الوفاة المفاجئة دي؟ الحاج محمد ماكنش بيعاني من حاجة مؤخراً.
يرد الطبيب بأسف قائلاً:
_ للأسف، تعرض لصدمة جامدة، قلبت عنده بنوبة قلبية، وده سبب الوفاة.
خالد بحزن:
_ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون. بس إيه اللي صدمه؟
تأتي سلوى من باب الفلا أمام الجميع كما لو كانت في الخارج ولا تعلم شيئاً، تردف قائلة وهي تمسك في يديها الهاتف وتتصنع الدهشة:
_ الحق يا خالد، شوفت اللي حصل؟
يرد خالد بحزن، وهو يفكر أن سلوى تتحدث عن مو***ت الجد محمد:
_ أيوه يا سلوى، عرفت، وسبت الشغل وجيت على طول.
سلوى بمكر، وهي تعلم أن شقيقها لا يفهم ما تنوي قوله، ترد بخبث وهي تتصنع الحزن:
_ طيب، وهتعمل إيه دلوقتي؟ وهنصرف إزاي مع حنين بعد اللي حصل ده؟
خالد بحزن:
_ أنا مش عارف والله هنعمل إيه لما حنين تعرف مو***ت جدها محمد.
سلوى بخبث، وهي تنظر إلى خالد بذهول مصطنع:
_ انت بتقول إيه يا خالد؟ محمد ما***ت؟
خالد بدهشة:
_ أمال انتي بتتكلمي عن إيه؟
سلوى بغضب، وقد حان الوقت لتكمل ما تنوي فعله:
_ أنا بتكلم عن الز***فت حنين وعن اللي عملته والفضيحة اللي حصلت.
خالد باستغراب ودهشة:
_ انتي بتخرفي؟ تقولي إيه؟ وحنين مالها وفضيحة إيه اللي حصلت؟ مش فاهم عليكي.
سلوى دون مقدمة:
_ خد شوف بنفسك، وانت هتفهم كل حاجة.
يأخذ خالد الهاتف وينظر إليه، بينما قال بذهول:
_ مش معقولة، مستحيل تكون دي حنين، مستحيل تكون هي؟؟
**ما الذي في الهاتف يجعل الكل يحتقر حنين؟ وما الذي حدث لكي لا يقول الطبيب أن محمد ما**ت مسموماً؟**