رواية كشف سر الفصل الثاني2 بقلم خديجه السيد
ترد آيات بعصبية خفيفة بعد أن عرفت مبتغاه: ما تحترم نفسك يا أستاذ أنت أنا ست متجوزة وجوزي ظابط كمان وممكن أخليه يعرف مكانك من رقم التلفون اللي ظاهر عندي ويربيك
ليقول بخبث ذئب: آه جوزك اللي روحتي مع واحد غريب بيته من وراه مش كده
تقول بصوت مرتجف: أنت مين؟، وبتقول إيه؟
قائلا بجرأة وهو يتلاعب بأعصابها: مش دي الحقيقة؟، مش رحتي لواحد الشقة وأنتِ عندك 15 سنة و كنتِ بتحبيه و كنتو هتنامو مع بعض
اتسعت عيناها بصدمة فهبطت العبرات على وجنتيها وهي تقول بغصة مريرة في حلقها: أنت جبت الكلام ده منين وبعدين ده مش حقيقي
لتسمع بعد ذلك صوت غلق الهاتف وصوت الزمرات (تيت تيت) دليل على إنهاء المكالمة
تشعل بغضب ما قذفه بوجهها من حديث لاذع، لكن من أين عرف كل هذا
وضعت السماعة هي الأخرى ثم مدت يدها لحقيبتها البيضاء من على المقعد الصغير، وضعت بداخله هاتفها وارتدت الحجاب حول وجهها بإحكام كي لا تظهر خصلاتها واتجهت للخارج
*
بعد عدة ساعات، بمكتب زياد
يجلس على مكتبه وأمامه ملف قضية ما يدرسها باهتمام، دخل عليه اللواء منتصر ذو وجه وقور مبتسمًا، فوقف زياد باحترام فور رؤيته لرئيسه، وجعله يجلس ثم جلس هو الآخر، فنظر له زياد مبتسما : ده إيه الزيارة الجميلة ذ دي يا فندم
فتحدث اللواء منتصر بضيق مصطنع: جرى إيه يا ولد أنت هتكبر على خالك ولا إيه، انا بجي وقت ما أنا عاوز
ابتسم وهو ينتظر منه الحديث، فتحدث هو: بصراحة أنا ما بعرفش أكذب أنا جاي ليك في موضوع مهم
قائلا باستغراب : خير إن شاء الله
ارتسمت على ملامحه الجدية ممزوجة ببعض الخجل قائلاً : بص يا زياد بصراحة أنا عارف أني مليش حق أتكلم في حاجة زي كده بس أمك الله يسامحها هي اللي فضلت تزن عليا أني أجي وأكلمك
ضيق عيناه وقال بغضب مكتوم : تاني يا خالي هي ماما مش ناويه تكبر دماغها بقى أنا بحب مراتي و مرتاح كده
تنهد منتصر بضيق قائلاً : أمك يا زياد و ملهاش غيرك و نفسها يبقي ليها أحفاد .. حقها يابني
لوى شفتاه ببرود هاتفًا : وأنا كمان من حقي أعيش مع الإنسانة اللي بحبها طول عمري
منتصر بسخط : محدش قال طلقها ممكن تشوف حالك و تخلف وهي على ذمتك
زياد قائلا بجدية : ترضاها لي أحلام بنتك يا خالي أنها تبقى زوجة ثانية
منتصر باستغراب : أحلام؟، بس بنتي مش متجوزة
ليعيد زياد سؤاله بتصميم : أنا سؤالي واضح ترضى أحلام تبقى زوجة ثانية ولو سمحت جاوب بصراحة
هز برأسه بتنهيد : أكيد لا
ابتسم زياد قائلا : خلاص أنا كمان لا، ممكن بقى تخلينا في الشغل أحسن
***
وصلت الطابق بسرعه لتقف وتضغط على زر الجرس، فتح الباب بواسطة فتاة صغيرة لا يتعدى عمرها الخمس أعوام ، نظرت لها الفتاة وهى تقول بفرحة على وجهها : أبله آيات ازيك عاملة إيه
رسمت آيات البسمة على ثغرها بتصنع : ازيك أنتِ يا حبيبتي عاملة إيه؟، أومال فين ماما؟
وقبل أن ترد الطفلة تأتي سارة من الخلف : آيات اتفضلي عاملة إيه؟، مالك واقفة بره ليه؟، أدخلي وأنتِ يا فرحة أدخلي العبي جوه
أومأت الطفلة برأسها باحترام ثم ذهبت
آيات بملامح قلق واضحة: جوزك معاذ هنا ولا هنتفاجأ بيه داخل علينا زي المرة اللي فاتت
رمقتها سارة بتعجب مما تتفوه به: لا مش موجود بس بتسألي ليه
زفرت بضيق ظاهري تجيبها بنبرة مؤنبة يشوبها الألم: أنا في مصيبة يا سارة
**
بمنزل بسيط يقبع بإحدى البنايات المطلة على حي بسيط
- برضه خالك مش بيرد
صمتت أحلام بقلة حيلة والقلق ينهش قلبها وهي تغلق الهاتف بعد عدة محاولات
فوجهت سؤالها لمُعاذ تسأله بتأني ونظرات يشع منها الحزن وهي تجلس على المقعد شاردة الذهن: وأنت مالك أنت كمان هتفضل قاعد هنا على طول ما تروح بيتك تشوف مراتك وعيالك
رد معاذ دون النظر لها: لا انا مرتاح هنا
نظرت له والدته بغيظ: هو أنا هلاقيها منك ولا من أخوك زياد واحد على طول سايب مراته وعياله والثاني مش عاوز يتجوز على مراته ويفرحني بحته عيل
نظر لها مستنكرة حديثها: لا الصراحة ملوش حق يخرب بيته عشانك، يكمل بألم: كفاية أنه بيحب مراته وهي كمان بتحبه
اتسعت عيناها بصدمة قائلة: أوعى تكون لسه بتفكر فيها
رد بعصبية مفرطة: أنا منسيتش حاجة عشان أرجع أفتكرها من ثاني
رمقته أحلام بتعجب مما تفوه به، لهذه الدرجة لم ينسى، فهتفت بعدم تصديق : أنت بتقولي يا معاذ بعد سبع سنين، ده أنت اتجوزت وخلفت، وهي كمان اتجوزت يعني ما ينفعش تفكر فيها
هتف بضيق: آه، اتجوزت أخويا
نظرت له أحلام بسخط وقالت: أنت أكيد اتجننت بتفكر في مرات أخوك
نظر لها بعينين مكسورتين وقال : بس أنا اللي كنت بفكر فيها الأول، يعني أنا أولى بها
قالت بلهفة وهي تجز على أسنانها بغيظ منه: هششش وطي صوتك، وعيب الكلام ده خلاص السنين عديت وأنت اتجوزت وخلفت وهي كمان اتجوزت أخوك خالص بقى
قال بنبرة يملألها الحزن : أنا تعبان قوي مابطلتش تفكير فيها، أنا عارف أنه غلط بس حاولت أنساها ومعرفتش
انتشله صوت أحلام من شروده قائلة: ما حدش غصبك تتجوز سارة أختها وبعدين مش أنت اللي اخترت سارة بعد كده
قال بغصة مريرة فى حلقه:كنتِ عاوزاني أعمل إيه وهي بتروح مني، كان لازم أبقى قريب منها
اتسعت عينا أحلام بصدمة وقلق : يا نهارك أسود عشان كده طلبت أيد سارة أختها طب هي ذنبها إيه ؟
تنهد بانكسار من وضعه الحالي : ذنبها إني ما بحبهاش وبعدين أنتِ السبب أنا اللي قلت لك الأول قلت لك بحب آيات وأنتِ بكل جبروت جوزتبها لابنك أنتِ عشان بتحبي ابنك أكثر مني جوزتيهالو
ردت موضحة: لا مش كده طبعا أنا بحبك زي ما بحب أخوك بالضبط ده أنتم الاثنين ولادي بس النصيب
معاذ بعدم تصديق : والمفروض أصدق الهبل ده صح
قالت بنبرة يائسة من تصديقها : عشان دي الحقيقة أخوك هو كمان قال لي أن عاوز يتجوز بنت الحاج كامل أنا فكرت أنه يقصد هيتجوز سارة عشان أنتم كنتم قريبين من بعض وقلت أكيد يعرف الموضوع ده منك أنك بتحب آيات بس هي ممكن غلطتي أنا عشان مسألتوش هيتجوز أي واحدة من البنات واتفقنا يوم الخميس هنروح نخطب البنات ليكم و روحنا بس اتفاجأت هناك بأن أخوك بيطلب آيات ليه هو
قال معاذ بخفوت وعيناه حزينة: وأنا كان مفروض عشان منظرنا هناك أطلب أيد سارة مش كده
هاتفة بنفي قالت : قلتلك نصيبكم كده إن آيات تبقى لزياد وسارة تكون ليك مش زي ما أنت فاكر وأنا مش اخترتها لأخوك أنا اتفاجأت هناك زيي زيك أنه كان يقصد آيات مش سارة وبعدين حتى لو كنت طلبت أيد آيات مكانتش هتوافق عشان هي كمان كانت عايزة زياد و بتحبه
" كادت تزجره على وضعه وضعفه لكنها استمعت لرنين جرس المنزل"
وتكمل : أسكت بقى وفضها سيرة الظاهر خالك جاء
*
بمنزل سارة
تلاشت ابتسامة سارة هاتفة بذهول : أنتِ بتقولي إيه يا آيات يعني إيه حد اتصل بيكِ وهددك
لمعت عيناها بحزن : زي ما بقولك كده في واحد اتصل عليا معرفهوش و بقوللي على موضوع إني روحت لواحد الشقة بتاعته وكان هيعتدي عليا
قالت لها بطمأنينة : طب إهدي أنتِ قولتلي لحد على الموضوع ده يعني حكيتي لحد
أومأت برأسها بضيق هاتفة بنفي : لا أنتِ أول حد يعرف الموضوع ده بس
سارة باستغراب : بس إيه ؟
نظرت آيات لها تجاوبها : بس جوزك كان موجود
جحظت أعين سارة وهى تحدق بها بدهشة ثم قالت مستنكرة: معاذ؟، وهو هيعمل كده ليه يا آيات؟، إيه اللي هيستفيدوا من كده ؟
ردت بملامح ضيق : أنا عارفة بقى ما هو كان موجود و محدش حس بيه ده غير النظرة اللي بصلي بها وأنا خارجة
سارة بجدية : بطلي عبط يا آيات، معاذ لو عارف حاجة أكيد هيروح يقول لزياد وإذا كان على موضوع اللي اتصل بيك تلاقي حد بيهزر
هبطت العبرات على وجنتيها وهي تقول بغصة مريرة في حلقها : لا يا سارة ده مش هزار ده حد عارف عني كل حاجة أومال عرف إزاي موضوع زي ده؟
سارة : طب أنتِ هتعملي إيه دلوقتي، بصي اصبري ممكن مايتصلش تاني ويطلع حد بيهزر زي ما قلتلك
صمتت آيات بقلة حيلة و زفرت بضيق تهمس بالدعاء أن لا يتصل مرة ثانية
**
" .. بمنزل أحلام .."
سألت أحلام بلهفة : هاا عملت إيه .."
أومأ لها منتصر بهدوء يخفي خلفه توتره يقول : للأسف ما رضيش زي كل مرة
نهض معاذ دون اهتمام بمن حوله ، فأبعد نظره عنهم وقال حديثه بهدوء : طب استاذن أنا بقى
كسى الغضب معالم وجهها بعد أن رحل معاذ قائلة : يعني إيه أنا مستنياك كل ده عشان تقولي ما رضيش برده
تنهد منتصر قائلا : ريحي نفسك يا أحلام هو بيحبها ومستحيل يتجوز عليها
لوت شفتيها بسخرية مما قاله : نعم!، بيحبها هو أنا كلمتك من صباحية ربنا عشان تقولي بيحبها طب ما أنا عارفه اللي فيها
أومأ برأسه بهدوء فقال : أنتِ كده برده مش بتحلي الموضوع هو اللي في دماغه في دماغه زياد ما بيحبش حد يتحكم فيه ولا يمشي كلامه عليه اصبري ممكن ربنا يرزقه فعلا بطفل عن قريب من آيات
**
صعدت آيات منزلها ليس بفرح إنما كانت آلمة .. حزينة .. مكسورة .. أغمضت عينيها بأسىٰ
ثم تنهدت بانكسار من ضعفها أمام ما حدث، من ضغطوا عليها وقذفوها لذلك الماضي اللعين؟
فكم تتمنى أن تنسى هذه الأحداث أو تفقدها من ذاكرتها ثم قررت الذهاب وهي تمسح دموعها من على خدها وتحدث نفسها بأمل أن لا يتصل بها مرة ثانية هذا المدعو الغريب فهي بالفعل لا تعرفه حتي الآن ولا من أين حصل على هذه الأسرار ؟،
تعرف أن هذا الأمل ضعيف لكنها تتشبث بأمل أنه استطاع النجاة حتى لو كان أملا زائفا لتستمر بالحياة و تنسى الماضي
أنهت الصراع مع نفسها لتقرر الحصول على قسط من الراحة سيفيدها كثيرا في تجديد نشاطها وإعادة التركيز لكي تتخلص من ألم رأسها هذا
كادت أن تذهب للمرحاض الملحق بغرفة النوم لتأخذ حماما باردا تحت صنبور المياه لعل برودة المياه تلطف تلك الحرارة التي ألهبت جسدها
لكنها استمعت لصوت الهاتف الأرضي لتقف مكانها بذعر ترتجف بخوف أن يكون نفس الشخص الذي حدثها في الصباح
همست بنبرة ضعيفة : ألو؟
رد بصوت غاضب : أخيرا رديتي، بقى بتقفلي السكة في وشي فكراني مش هعرف أوصلك ومثلا مش عارف بيتك فين وعنوانك فين ولا جوزك بيشتغل فين وعنوانه فين هو كمان
صاحت بغضب بينما الدموع تجمعت في عينيها : أنت مين أصلا وبتعمل كل ده ليه هتستفاد إيه لما تخرب بيتي وتعرفني منين تعرف المعلومات دي كلها منين عني؟
هتف ببرود : شيء ما يخصنيش أنتِ تنفذي اللي أنا عاوزه بس
ردت بترقب بينما نفذ صبرها منه : وأنت عاوز إيه أصلا ؟
قال بإبتسامة ماكرة فقد وصل لما يريده، يقول : أهو كده جيني للكلام الصح والمفيد، بكره الساعة خمسة هستناكي في العنوان ده "... العمارة رقم 3 .."
اتسعت عيونها بصدمه و قالت مشمئزة مما سمعت ومن نفسها فقد وضعت نفسها في هذا المأزق : أنت أكيد مجنون، أنت متخيل إني ممكن أجيلك البيت
قال بعيون لامعة بخبث قائلا : ما أنتِ عملتيها قبل كده مع واحد ثاني مش هيصعب عليكِ تعملها ثاني وبعدين دماغك ما تروحش لبعيد احنا هنتكلم بس، هستناكي لو ما جيتيش هبعت صورك لجوزك
قالت بصوت مرتجف وعدم فهم : صور إيه؟
يكمل قائلا غير مهتم لما تسبب به: هو أنا ما قلتلكيش أصلا أنتِ لما زمان رحت لزميلك الفيلا كان حاطط كاميرا وهيصورك
فزعت مما قاله بصدمة كبرى وهبطت العبرات على وجنتيها تريد أن تصرخ : يا نهار أسود أنت بتقول إيه .. ألو ألو
لقد أغلق الخط .. لقد لعب بأعصابها ورحل، ما هذا الهراء الذي كان يتفوه به، صور وكاميرات ماذا؟، لكن هل هذا صحيح؟، وإن كان صحيح ماذا أفعل؟
= بتعملي إيه يا آيات واقفة كده ليه وماسكة سماعة التليفون؟