رواية حوريه بين انياب شياطين الفصل السابع والعشرون27والثامن والعشرون28الاخير بقلم خديجه السيد
بـعــد مــرور سـنـة.
سافر قاسم إلي ايطاليا ولم يعود حتي الآن وأصبح الفراق بينهما هو عنوان نهاية حكايتهم ولم يعد بينهم اتصالات ولا مقابلات ويكتفي قاسم بإرسال جواب كل شهرين او ثلاثه إلي حورية ويكتب فيه بعض كلمات بسيطة مثلا "كيف حالك وأنا بخير" حتي أسامه طفله الصغير يراه عبر الإنترنت عن طريق جمال الذي يرسل إليه صور طفله حتي يراه وهو يكبر ويطمئن عليه أم الطفل الثاني الذي كانت حامل فيه حورية فقد فقدت الجنين قبل لحظات من رحيل قاسم! وهكذا استمرت العلاقه بينهما لمده سنه كامله.
مشكلة خلف الأخرى تتراكم فوق بعضها وكأنهم يتعاونوا على تلك المسكينة التى تركض إليها المصائب ركضـًا وتستقبلهم هي بصـبر وثبـات لم يهتزوا شعـره ودون خروج حاجـز واحد للأعتـراض، كانت حورية في اضعف حالتها عندما أجهضت طفلها بداخل المستشفى وعرفت خبر وفاة الطفل قبل أن يأتي إلي الحياه كانت لا تـرى في هذه اللحظات سوى تلك الصـور، تلك الصور التى وضعت غشاوة على عينـاها لن تـزول تتجسـد أمامـها لتهـد كل جـدار من الحب صنعه قاسم يومًا لها داخلها فـ عندما فاقت وهي تصرخ بألم شديد وتبكي من الصدمة وهي في أضعف حالتها الصحية والنفسية كانت لا تحتاج سوي قاسم يكون جانبها ويخفف الضغط عـنـهـا ويضمها الي أحضانه ليشعرها بالأمان! لكن قد تفاجات بانه غادر البلاد! رحيل بدون وداع.
وكـانت طول الشهور السابقة تجلس حورية أمام الشرفة كعادتها هذه الايام الشـرود لا يتركها ولا تتركـه يتصاحبان اغلب الاوقات تظل تنظر هكذا تتفحـص المارين من بوابه القصر عسى تجد من بينهم قاسم ولكن فشلت ولم تجـد حوريه نور حياتها الذي انطفئ منذ رحيله ولم تجـد من يهون عليها الفراق ..بل اكتشفت ان بفراقة هذا اشد عليها الألم.. والوجع رغم أن الفراق كان اختياري وليس إجباري كالموت صفه واحده!
وكان رحيل قاسم بتلك الطريقه وفي ذلك الوقت واقع مرير وصدمة صعبة للغاية عليها، صحيح هي من اقترحت من البدايه ان ترحل وتتركه لكن لم تتوقع ان يفعلها هو ويرحل خارج البلاد في اكثر اضعف لحظات حياتها فهي الآن اشد الندم على ذلك الاقتراح
كانت حورية تجلس بداخل الغرفه أعلي المقعد الخلفي للمكتب وأمامها فوق الطاوله جواب من قاسم مثل العاده كأنه يعتقد أنه يريح ضميره بتلك الطريقة لكنه لا يعرف بأنه كان يشعل النيران داخلها أكثر
فتـحت بدريه البـاب لتجـد حورية شارده في قراءة خطاب إنتعـش قلبها وغمره بالضيق قبل أن تدلف الي الداخل وأشـارت لها وهي تقول بجدية:-
_هو لسه بيحاول يتواصل معاكي وبيكتبلك جوابات
نظرت لها حورية نظـرة من كثرة المشاعر التى تملؤوها وعجزت والدتها عن تفسيرهـا، لـم تعرف أهي حزن ام كسرة او غضب أم ندم والمبررات تكثـر! لتردف حورية بنبـرة غلفتها بالجمود:-
_ماما دخلتي امتى ما حستش بيكٍ
رمقـتها بدريه بنظرات ذات مغزى وقالت بإصرار:-
_لسه داخله من شويه بس انتي كنتي مركزه في قراءه الجواب ومش دريانه باللي حواليكٍ ولسه برضة مجاوبتيش على سؤالي اخره اللي انتي فيه ده ايه يا حورية
استطاعت سـلب تلك الشحنات السالبة والغاضبة منها كنسمات الهـواء ثم نهضـت لتقول بصـلابة:-
_سؤال حضرتك مجاوب على نفسه انا بقيت في اخر الحكايه خلاص انا طلبت وهو نفذ! انا كنت بحاول افضي الغضب اللي جوايا بالكلام وهو لما صدقه وبعد حتى ماهانش عليه يستنى لما افوق من البنج بعد عمليه الاجهاض ويطمن عليا ويشوفني محتاجه حاجه ولا لاء
ضيقت عيناها وهي تستطرد بقولها:-
_انا عايزة أفهم حاجه هتفضلوا طول عمركم كده كل واحد في بلد انتم الاثنين وكل واحد شايف الموضوع من وجهه نظره ان هو ما غلطتش والطرف الثاني اللي غلطان، وابنكم ما فكرتوش فيه العمر هيفضل يجري ما بينكم ما ينفعش تفكيركم ده
ابتسمت حوريه بمرارة فقد أنتهـى الأمر وربطتـها بعد رحيله بسلاسل لا تُفـك ممن دمـرها بمهـارة صورتها التي لم تصلح انكسارها بعـد وهمست بعبث:-
_هو شايف نفسه مش غلطان وانا اللي غلطانه في كل حاجه جبتي الكلام ده منين؟ من اونكل جمال صح، طب تمام خلي بعيد وهو ضميره مستريح ومش شايف نفسه غلطان في اي حاجه.. من فضلك انا مش عايزة أفتح السيرة دي تاني
تنهدت بدريه وهي تهتف لها بتوجس:-
_يا حبيبتي ماهو مش هينفع كده، وانتم الاثنين غلطانين والمفروض بقى والصح تحاولوا تصفوا كل المشاكل اللي بينكم انا بس قلقانة عليكي وبتكلم في مصلحتك
نظرت لها بهدوء مصتنع وكان لسانـها ينطـق بما لا يرغبه عقلـها وعينـاها توضح فيها ما تشعر به قلبها:-
_خايفه عليا من ايه؟ ما انا كويسة اوي أهو
لتقول بخفوت وحـزن علي ابنتها قبل أن تهمس بجدية:-
_لا مش كويسه بتحاولي آه بس لسه ماتجوزتيش المرحله دي خلي بالك يا حورية الأيام بتجري وبعد كده هترجعي تندمي على الايام اللي راحت وما عرفتش تصلحي مستقبلك فيها
اومـأت برأسها بسخرية مريرة وقد تلقلقت الدموع في عيناها وغامـت سحابة حزن وهي تتذكـر قاسم ليتبعدها مسرعه بامطار عبثها لتهتف بود ملتاع:-
_مستقبلي في ايدي بعمل فيه كل اللي انا عاوزاه، انا مش فاهمه انتي عاوزاني اعمل ايه اتصل بي ولا اروحله واعتذر له علي أنه سابني في اكثر وقت كنت محتاجه له واما صدق بعد، أروح اعتذر له علي ايه؟ علي اني أول ما فتحت عيني وانا في المستشفى في اكثر لحظه كنت ضعيفه فيها ومحتاجه لـي حد يسندني الاقي اختفى وسافر
نظرت بدريه لها بيأس لتهمس وهي تربت على شعرها بحنان :-
_هو ممكن يكون سافر عشان كان عارف رد فعلك او هو فكر وحاسبها كده اعتقد لما تفوقي هتنهاري لما تشوفيه ومش هتبقي عاوزاه، عشان كده سافر ومقدرش يستحمل الصدمه ماتنسيش يا حبيبتي ان اللي راح برده هو ابنه هو كمان
عقـدت ذراعيـها، ونطقـت بما ليس لها طاقة بـه ببطئ حتى كانت أنفاسـها كطلقـات هائمة وهي تقول بنبرة ينسدل منها اللوم:-
_وانا بقي المطلوب مني اقعد افكر هو عمل كده ليه؟ واخترع لي مبررات كان المفروض الاسئلة دي هو بس اللي يجاوب عليها لو جاءت في باله اصلا، مش هو حسبها من وجهه نظره وشايف ان الحل في الوضع اللي انا فيه ده أنه يختفي وما يواجهش.. مش هو مفكر ان مجرد الاوراق والجوابات اللي يبعتها كل شهر مره هي دي اللي هتطمني وتخلي نفسيتي تبقى كويسه، خلاص هو حر مش بالعافيه هاروح ارجعه واغيرله وجهه نظره وقراراته اللي اخذها
زجـرت بـدريـه بعينـاها لتسألها بخشونة:-
_طب وبعدين لحد امتى؟
توترت فعليًا ونظـرت أمامـها وقلبـها قبل عقلها يفكر في ذلك السوال الذي استحـوذ على تفكيرها دائما الي متي سيظل ذلك الحال بيتهما هكذا، هي لطـالمـا كـره السقـوط، ومازالت تكـره ولكـن مـاذا إن كان هذا السقـوط هو قلبها وتحطم علي يد من زرع فيها زهـورًا طيبة من الحـب؟ والان يجردها بسطو قاسي من ذلك الحب بكل بساطة، همست بضعـف لاحظتها في نبرتها :-
_انا ما اشتكتش ولا قلت مش كويسه ولا بقيت محتاجه له دلوقتي، ممكن اكون اتعودت اواجه في الفتره اللي سابني فيها لوحدي سنه بحالها اظن كفايه اتعود على الفراق.. بلاش نتكلم في سيرته انا نسيته وكرهته خلاص زي ما هو بعد ونسيني انا وابنه
ربتت على كتفها بحنان برفق وأجابت بدريه عليها قائله:-
_مش صحيح عارفه ليه؟ عشان يوم ما هتنسيه مش هتكرهيه يا حورية يوم ما هتقرري تنسى او تبعدي عن حد مش هتنسيه هو شخصيا لا هتنسى مشاعرك تجاهه، سواء حب او كره مش هيبقى من اعداءك ولا من حبايبك، هتحسي كأنه شخص عادي جدا وكأنه مدخلش حياتك من الأساس، والقوة مش في انك تنسى، القوة انك تتعودي تفكري ماتتوجعش ازاي ولا تفضلي واقفه مكانك تفكري في اللي فات
صمتت حورية بعجز وأبتلعت ريقها من صراحتها التي كانت كالسهم تخترقها لتصل لمقرها بجدارة!
**
بداخل غرفه جمال كان يقف أمام المرايا يغلق ازرار اكمام القميص باهتمام حتي يرحل للعمل لكن انتفض جسده فجاه بخضه عندما فتحت بدريه باب الغرفة بعنف وأغلقت الباب خلفها بوجه قاتم بضيق شديد تنهد جمال بيأس ثم هتف متسائلا باستفهام:-
_مالك يا بدريه قلبه وشك على الصبح ليه؟ في حاجه حصلت
نظـرت له بغيـظ متفجر من بين لؤلؤتيها، لتصيح فيه بحده:
_يعني اللي هيكون مضايقني ومعكر مزاجي غير موضوع بنتي اللي ما عارفه منها متجوزه ولا مطلقة والاستاذ ابنك مسافر وسايبها على ذمته ولا بيسال عليها حتي بتليفون
تنهـد بقـوة قبل أن يقترب منها مرة اخرى ليمسكها ويجلسها بجواره مرددًا بحزم :-
_هنرجع ثاني لنفس الكلام بتاع زمان اللي خلانا نتخانق مع بعض بلاش تظلمي يا بدريه هو برده حاله ما يختلفش عنها وتعبان من غيرها
هتفت فيه بعصبية مفرطـة إنفلتت منها لتحاول تمالك نفسها وهي تقول بحدة موازيـة حدته:-
_انا لا هفتح مواضيع ولا بتكلم انا من ساعه ما قاسم سافر وأنا ساكته وانت اكيد شايفه عارف ودائما بغلط حوريه واجي عليها ،بس بصراحه هو زودها قوي ولما بحط نفسي مكان بنتي بحسها اتظلمت منه برضه يعني ايه يسافر سنه بحالها ويسيبها على ذمته ولا بيتصل يسال عليها هي حته الجوابات اللي بيبعتها كل شهرين على رايها كده بيطمن عليها ونفسيتها بتتصلح دي بتسوا اكثر
اومـأ جمال بتفهم موافقًا ليقول بجدية :-
_صدقني هو لو عليه نفسه يجي يقعد جنبها و وحشته هي وابنه بس عارف اللي هيحصل رد فعلها من ناحيه عشان كده سايبها براحتها تفكر وتراجعي نفسها وهو كمان عشان لما يرجع يكون خلاص كل واحد اخذ القرار اللي هو عاوزه بدون ضغط من الثاني
كـزت بدريه على أسنانها بغيظ قبل أن تقول :-
_وهو القرار بقى اللي هياخذوه هم الاثنين انهم يتطلقوا ويسيبوا بعض مش كده هو ده الحل اللي مخليه مسافر سنه بحالها وسايبها مرميه هنا هي والولد ومش سائله عليها
نظـر لها ببعض الحدة و أردف بضيق:-
_هو انتي مالك ماسكه في حكايه أنه سافر وسايبها كانه كان بمزاجه مش هي اللي طلبت يمشي ويبعد عنها من الاول
رفـعت حاجبها الأيسـر متابعـة بتهكم صريح :-
_لا يا جمال هي طلبت هي اللي تمشي وهو اللي عرض عليها ان هو اللي يبعد! وبعدها كلنا صحينا على صوت صراخها وهو شايلها وهي غرقانه في دمها على ايديه ولما وصلنا المستشفى عرفنا اللي فيها انها اجهضت من الضغط ونفسيتها يقوم ابنك الناصح بدل ما يقف جنبها ويستغل الموقف وفي تعبانه ومصدومه اوي من اللي حصل عشان تحاول تلين وتفكر ترجعله ..لا يسافر ويبعد وبدل حتى ما يقعد هناك اسبوعين ولا شهرين حتى لحد ما الامور تهدا بينهم ويرجع ثاني، أهو دلوقت بقيله سنه بره ومش عارفين هيرجع امتى
صمت جمال بقله حيله فهو يعلم أنها محقه كان من المفترض قاسم أن يبعد فتره قصيره ويعود بعدها حتى لا يطول الخصام بينهما لكنه بفعلته تلك قد يصعب الامور بينهما اكثر، حتي عندما أجهضت الجنين رحل دون حديث ليقول:-
_ممكن يكون كان تعبان قوي هو كمان ومحتاج يبعد ما حدش عارف في دماغه ايه واللي مخليه لحد دلوقت مش راضي يرجع
اومـأت وهي تحاول ربط لسانها الذي سيوديها للغضب مره ثانيه حتمًا لتقول بهدوء ظاهري:-
_ما تزعلش مني يا جمال وخليك صريح قاسم غلط لما سافر وسابها هي وأسامه في وقت زي ده وبعد كل المده دي كلها
**
هبطت هاجر علي الدرج بخطوات بسيطة وهي تغادر مقر عملها التي توظفت فيه قبل خمس شهور بعد تخرجها من جامعتها وقد تركت العمل لدي قاسم وجمال بعد أن تعينه في أحد الشركات، لتقف في منتصف الطريق وكـانت الشمـس تكاد تغيـب بالكامـل تنهدت هاجر بضيق شديد وهي ترفع يدها تنظر إلى ساعه يدها بفارغ صبر فقد تأخر خطيبها عليها لتفتح حقيبتها تخرج الهاتف لتتصل به وتعرف سبب التأخير وفي ذلك الوقـت، لتشهق هاجر فجاه عندما شعرت بقبـلة رقيقة حنونـه علي وجنتاها ببطئ عصفها بها كزلزالاً هزت مشاعـرها المكبوته نحـوه! وقطـع ذلك اللحظة الحالمة وهي تنتفض والتفتت إليه بحدة وخجل تصيح بصوت مكتوم هاتفه:-
_يا نهارك ابيض قلتلك بدل المره الف ما تعملش الحركه دي واحنا في الشارع ينفع كده افرض دلوقت حد شافنا يقول علينا ايه
أبتعد عنها مسافه قصيره وتزيـن ثغره بابتسامة مشاكسة مستمتعة بذلك القرب الذي روى عطش روحه لعبيرها واجابها ببراءة مصطنعة:-
_هيقولوا واحد وبيحب مراته حد لي حاجه عندنا، وبعدين خلي حد كده يتكلم وشوفي انا هعمل فيه ايه
رفعت مقلتيها ونظرت إليه وهي تقول بعدم مبالاه مصتنعة:-
_هي مين دي اللي مراتك انا لسه ما وافقتش وبفكر واحنا مخطوبين حاليا وبس، يعني مش تاكيد وممكن في اي وقت لو لاحظت حاجه عليك افسخ الخطوبه على طول هو انت بتدبسني وخلاص
عقد جواد حاجبيه وهو يقترب يواجهها بغضب مصطنع ازعجها:-
_بدبس مين يا روح امك ما انتي بقيلك سنه لطعاني جنبك وكل ده بتفكري في ايه هو انا هفضل جنبك كده على طول زي ايقاف التنفيذ وفي الاخر تقولي مش موافقه ده عند امك ابقي اعمليها ساعتها وشوفي ساعتها هعمل ايه ان شاء الله حتى اتجوزك بالغصب
شهقت هاجر من كلماته الوقاحة ونظرت حولها بتوتر ثم ابتعـدت قليلاً وهي تزمجـر فيه:-
_وطي صوتك يا جواد شويه ايه الفضايح دي انت اما صدقت تتفتح وبعدين مين دي اللي تتجوزها غصب ليه ماليش اهل
هـز جواد رأسه نافيًا ببطئ وهو يقترب من وجههـا، ليهمس بصوت متهدج :-
_طب حلوه يا بنت الحلال يلا بينا نطلع على اهلك ونخلي الخطوبه جواز رسمي مش انا اللي كل ما اقول لك يلا بينا نتجوز تقولي استنى شويه حاسه نفسي مش جاهزه
تنهدت بيأس منه ثم ابتسمت بهدوء قبل أن تردد بمرح:-
_الله مش عروسه وبدلع ولازم افكر كويس بدل المره 10 انت في النهايه راجل لعبي وما لكش أمان لازم اتاكد انك بعدت عن السكه دي ومش هترجعلها ثاني ولا هتعرف واحده غيري كمان
ابتسم بحب ثم غمـز لها بطرف عيناه متابعًا بعبث :-
_كل ده ولسه بتتاكدي يا شيخه ده انا خللت جنبك، استنيتك لحد ما تخلصي اخر سنه في الجامعه واتعينتي كمان واشتغلتي هاستنى ايه ثاني اكثر
هتفت بنفس الابتسامـة العابثة التي حملت الكثير والكثير لترد قائله بجدية :-
_ده كان شرطة يا جواد من البدايه قبل ما نتخطب من شهرين صح ولا لأ ما فيش جواز هيتم غير لما انا اقول لك موافقه وواثقه فيك هقولك وقتها يلا بينا نتجوز انما دلوقتي لسه برضو احنا بقيلنا شهرين مخطوبين بس، لحقت اعرف ايه في الشهرين دول عنك أنا
ضحك وهو يبادلها الكلمة مصحوبة بغمزة خبيثة تعرفها جيدًا :-
_وبالنسبه لي الخمس شهور اللي قبل كده اللي كنا نعرف بعض فيهم ونازلين خروجات وفسح مع بعض دول مش ضمن الحسبه ولا ايه
نظرت هـاجر إليه بعبث مردفًا بإحراج:-
_لا مش ضمن الحسبه كنت وقتها لسه برده بعرفك كويس وامنتلك انما دلوقت بختبر صبرك واشوفك هتستحمل تبعد عن الماضي وعاداتك بتاعت زمان ولا لاء
هـز جواد رأسه نافيًا علي مضض خلفية لملامحه،ثم أمسـك بيدهـا ساحبًا اياها للسير بخطى مسرعة إلى حدًا ما:-
_ماشي يا هاجر لما اشوف اختبارتك دي هتخلص امتى بس صدقيني يوم ما يتقفل علينا باب هطلع عليكي كل القديم والجديد، يلا بقى نروح نتغدى قبل ما اروحك
**
كـانت حورية تجلس في الصالـون، على الأريكة الخشبية الصغيـرة، وعقلها منشغل بالتفكيـر فما يحدث حولها بالرغـم من كل ما تحاول إقنـاع نفسها بالنسيان الحل مثل ما فعل هو وذهب ولم يعود لكنها مازالت علي أمل وكل حين ولحظـة تنظـر على البـاب عله يعود ويأتي إليها ويخـرجها من ذلك القفص الذى حبست نفسها به أو ربمـا الذى حبسها هو به، احيانا تتساءل في نفسها هل اذا عاد لحظتها ستحـلق في سماء الندم طالبا منه العفو حتى يعفـوا عنها ام سوف ترجع إلى عادتها القديمة وتبعد عنه وترفض الصلح؟؟
رفعت عينيها بالصدفه نحو جمال حيث كان يجلس على بعد مسافه قصيره منها ويحمل اسامه ويلاعبه بمشاكسه ابتسمت رغم عنها بهدوء ثم لاحظت انه اخرج هاتفه من جيبه وبدا يصور اسامه اكثر من صوره واحده تنهدت حوريه بضيق وقد فهمت الى من سوف يرسل هذه الصور! خـرج صوتها حادًا صارمًا:-
_متهيالي الاضاءه هتبقى واضحه بره في الجنينه اكثر عشان الصوره تبان ويعرف يشوفه كويس ويعرف كبير ازاي وهو غايب عنه
توتر جمال بشده وأنزل الهاتف واجابها بهمس مماثل بجفاء:-
_هاه قصدك ايه يا حورية
ابتسمت حوريه ابتسامة صفراء ثم هدرت فيه بغضب تراكم لديها :-
_قصدي ما فيش داعي للف والدوران انا عارفه كويس حضرتك بتعمل ايه بتصور اسامه عشان تبعت الصور لقاسم ومش اول مره، أنا فاهمه الصور اللي كل يوم بتصورها وتقولي اصل حابب يكون عندي صور كثير على تليفوني، وانت بتبعتهاله مش كده
تنهد جمال ثم اغلق الهاتف ومط شفتيـه ليقول بنبرة عقلانية:-
_طب لو نفرض كلامك صح فيها ايه مش هو ابوه برده
تأففت حورية ثم قالت بـنـزق:-
_انا ما عنديش مشكله وما قلتلكش ما تصورش بس بلاش لف ودوران ولو حابب يشوف ابنه في اي وقت انا ما عنديش مانع ومش هامنعه
نظـر جـمال حوله وهو يقول بجدية :-
_قراتي الجواب اللي بعتهلك! على فكره وصدقيني انتم وحشنوا قوي كلكم وهو نفسه يشوفكم قوي بس هو مش عارف رد فعلك هيكون ايه لما تشوفيه ولسه زعلانه منه ولا لأ وهو مش عاوز يفتح القديم ثاني عشان كده سايبك براحتك تعيدي حساباتك
مـطت حورية شفتيـها وقال بلامبالاة مصطنع رغمًا عنها:-
_بجد طب تمام، قوله ما يشغلش نفسه بيا انا كويسه جدا وقول له كمان يبطل حكايه الجوابات اللي بيبعتها عشان المره الجايه هحرقها من غير ما اشوفها خليه في نفسه أحسن وبلاش يشغل نفسه بيا طالما هو اللي اختار يبعد
هـز جمال رأسه نافيًا وسارع يبرر :-
_وهو بعد ليه من الاساس مش عشانك برده يا حورية انتي عارفه قاسم كويس وعارفه هو بيحبك قد ايه وأنه اكيد مش مبسوط هو بعيد عنك مش كده
كانت في تلك اللحظه تخرج بدريه من المطبخ وتحمل في يديها طبق الطعام وخلفها الخادمه الذي جاءت بدلا من هاجر قبل ان تترك العمل لاجل توظيفها، وضعت بدريه الطعام من يديها فوق السفره وقد سمعت الى حديثهم لتقول هي بغضب جم:-
_خلاص يا جمال بلاش نتكلم دلوقت الاكل جهز تعالوا كلوا انتم الاثنين وياريت نقفل الموضوع ده وبعدين اللي عمال تتكلم عليه مسافر و الأحسن يجي هو يدافع عن نفسه بدل ما احنا عمالين نخترع ليه مبررات
هز رأسه جمال بقله حيله ونهض وهو يحمل اسامه في يديه نحو السفره بينما اومـأ حورية ونظراتـها تقطـر غيظ مكتوم لو أنفجـر سيدمر ما أمامها حتمًا، لتنهض حتى تصعد الى غرفتها لكنها توقفت عندما سمعت صوت جرس الباب نظرت خلفها لتجد مساعده المنزل و والدتها مشغولين في وضع الطعام فوق السفره طرق الباب عدة مرات مره ثانيه حتى حسمت أمرها هي وذهبت لتفتح حورية منزعجة من طرقه المستمر وعندما فتـحت البـاب لتتفاجئ بـ قـاسم أمامها بهيئته الجامدة وبعد هذه المدة الطويلة التى لم تراه فيها هزت راسها بعدم تصديق وقد اغرورقت عينيها بالدموع لتهمس دون وعي:-
_قاسم
تطلعت فيها بأعين تطلق تنبيهات لـ قلبة الذي أصبح يتراقص بفرحه بمجرد رايتها، كـان مذبهـل بطلتهـا المشرقـة عليه كعادته و التي تجذبه وكأنهما مغناطيس ولكن مثل مغناطيس قاتـل بالفعل وكأنه شعر هو بالأمان والطمأنينة تعود تدريجا الى قلبه وبعد رؤيتها، كان يقف بهيئتـه الرجولية الجذابـة عطـره الذى أنعش أنفهـا ولكنه جاء بمفعـول عكسي عليها جعل قسمات وجهها تتشنـج بشدة عندما ظهرت أمامها صوت أنثوية ليشيـر قاسم بيده حتي تدلف لتقترب منها بسعاده هاتفه:-
_مرحبا حورية كيف اخبارك اشتقت اليكٍ
لتتسـع حدقتـا عينا حورية من هـول الصدمة ما ترى أمامـها و بحاجبين معقدوين وصوت مقتضب هتفت:-
_داليدا
**
بـعـد فتـرة قـصيـرة كـانت حورية تجلس على الأريكـة تهز ساقيها بعصبية شديدة وهي تقطع شفتيها من الغيظ بأسنانها، وهي تري داليدا تجلس بمفردها أعلي طاوله الطعام وتأكل الطعام بشراسة فـ الجميع نهض يرحب بقاسم وهي ركضت الي السفره بلهفه لتأكل دون استأذن حتي فـ منظر الطعام الشهيه انساها لتجلس وتبدأ بالتذوق باستمتاع وغير متهما بأحد.
للحظـات أعتقـدت حورية أنه يمـزح معهـا عندما رأت داليدا معه وأنه جاء بيها الي هنا حتى يجعل الضيق يعتريهـا ليشعر بالنشـوة عندما يشاهد غضبها وغيرتها منها! فكيف بعد غياب سنه يعود ومعه تلك الفتاه الي هنا وماذا يقصد بفعلته هذه أحقة يريد غضبها ويشعرها بالغيظ والندم أم يقصد شيئا أخري لا تتمني أن يكون صحيح أبدا، ولكن تلك النظـرات الواثقـة والثبـات القهـرى لا ترغـب أكثر لقد قرأتهـا بين سطـور عينـاه اشتياقة لها.
وقاسم كان يجلس على المقعد يحمل اسامه بين ذراعيه ويقبل يده و رأسه بحب وبحنان وارتسـم ابتسامه صغيره باشتياق للصغير وهو يحتضنه الي صدره وحورية تجلس بعيد عنهم تراقب ما يحدث وتحترق من الغيظ.
أخرجـها من صدمتهـا خروج بدريه من المطبخ وهي تحمل بيدها كوب عصير و وضعته بحده أعلي الطاوله أمام داليدا التي تأكل باستمتاع وشهيه فغرت بدريه فاهها مستنكرة من جرأتها مرددة بغيظ شديد منها:-
_اتفضلي يا بنتي وكلي وبالراحه على مهلك ما حدش بيجري وراكي ..انا عارفه انتي ما اكلتيش بالك كام سنه بمنظرك ده وانتي عماله تاكلي نصف الصينيه ده انتي شويه وهتاكلينا
ابتسمت داليدا بشكر لها ثم همـست فاغرةً شفتيهـا بعدم فهم:-
_شكرا جزيلا على الطعام الرائع لكن لا افهم كلماتك جيد ماذا تقصدين
حمحم جمال بتوتر ثم جذب زوجته لتجلس جانبه بسرعه واخفض صوته قائلا بضيق:-
_خلاص يا بدريه اقعدي وسيبها تاكل براحتها برده دي ضيفه عندنا
تأفـفت هي بضيق وصاحت بنفـاذ صبر :-
_ما ترجمتش ليه اللي انا قلته خليها تخلي عندها دم وتمشي انا عارفه البيه الثاني يوم ما ربنا يهديه ويرجع يقوم جي وساحب في ايديه واحده ده ايه الهم ده يا ربي
هز رأسه جمال بيأس منها ثم أرتفع صوتـه الخشـن وهو يقـول بابتسامه هادئه:-
_احم حمد لله على سلامتك يا قاسم ما قلتلناش ليه يا ابني انك راجع النهارده كنت جيت استقبلتك في المطار
نظر قاسم إليه ثم بهدوء حرك عينه نحو حورية ولم يجد سوى الصمت منها صمت إكتسبته من الهروب وعدم الموجهة وعجزهـا أمامه همـس قاسم هادئًا بالرغم من امواجـه المتقلبة بداخله :-
_ما فيش داعي وبعدين ما كنتش مرتب وكل حاجه جاءت بسرعه
لم تتحرك حوريه إنش وأحد وامتثلت الصمت الذى هو السلاح الاقوى لتثير جنونه، فعاد يقول بحدة وهو يهز الصغير فوق قدمه :-
_المهم اخباركم ايه كل حاجه تمام واخبار الشغل
أبتسم جمال وقال بهدوء متسائلا باهتمام:- .
_الحمد لله كل حاجه كويسه ما فيش جديد واللي ببعتهلك دائما هو اللي بيحصل في الشغل، المهم انت اخبارك ايه وخلاص مش ناوي ترجع ثاني ايطالي صح
افتـرش الألم في تلك اللحظة على قسماتها وهي تنتظر اجابه ذلك السوال بفارغ الصبر وقبل أن يتحدث قاسم هتفت داليدا بصوت متهدجـة بنبرة سعيدة:-
_أوه الطعام رائع ولذيذ للغايه قاسم لم اكون اتخيل ان يكون أفضل بكثير من طعام ايطاليا، حتى انه اروع من الطعم الذي تذوقنا سوا في ذلك المطعم
وبالرغـم من طفيف سعـادة طافت روحها تتشبعهـا بجـدارة بفضل شعـورًا ملئ غريزتها الأنثوية بأنه عاد اخيرا إليها إلا أنها قد اتطفت فرحتها عندما سمعت هذه الكلمات وعقلها المتهور والغيور أطاح لها بانه لأجل ذلك كان هناك يلهي معها ورفض العوده وقد نسيها تماماً لذلك هي هنا معه.
**
صعدت حورية الي غرفتها وأغلقت الباب خلفها بقوة و وقفت بـ منتصف الغرفه ولكن كلامهم في الأسفل مسمـوع لها،كلامهـم الذي كـان كمطـرقة قويـة تسقط عليهـا لتُفيقهـا من حلمًا أعتقدته يمكن أن يصبح حقيقة ذات يومًا! قد عاد اخيرا قاسم وهذا ما كانت تتمناه أن يحدث لكن عودته لم تكن السعاده الكامله لها فقد فتـح جـروح اعتـقدت أنها اغـلقـت، الدمـوع كانت أول من يجري بين لؤلؤتيهـا دمـوع أشتيـاق لمن يحتويها فيخفف عنهـا ودمـوع حرمـان من سعـادة كانت تتقافز امامـها فعندما مدت يدها لها طارت في لمـح البصـر ركضـت للداخـل بحـزن ادمى بقلبها
حتي قاطعهـا دخول قاسم وهو يدلف الغرفه وكان يحمل أسامه بين ذراعيه نائم بهدوء مسحت دموعها سريعة قبل أن تلتفت إليه واقتربت منه تاخذ الطفل لينظر إليها مطولاً ثم مرددًا بخشونـة :-
_طلعتي ليه من تحت مش كنتي بتتغدى أنت واسامه ولا اول ما جيت انا سديت نفسك
وضعت حوريه الطفل براحه في فراشه قبل أن تجيب عليه بابتسامه ساخراً دون النظر إليه:-
_لا متقلقيش نفسي مسدوده من قبل ما تيجي ومش هتفرق مجيتك في حاجه بالنسبه لي
قد فهم قاسم ما تلمح إليه وبمهـارة تحـكم في غضبه الجـم من أسلوبها وهو يردف بجدية:-
_هي دي حمد لله على السلامه يا حورية هو انا ما وحشتكيش
نظـرت له وزجـت الحزن في نظراتها والذى يقع هو أثيـره، ثم جـزت حوريه على أسنانه كاملة بغيظ وقالت مرة أخـرى:-
_اقول لك حمد لله على السلامه لما تبقى تهمني وكان بيننا وداع قبل ما تمشي وتسيبني مش هقولهالك لما تسافر فجاه وترجع فجاه من غير مقدمات
غمغم هو بضيق حقيقي قائلا بيأس منها:-
_اتغيرتي أوي يا حورية
ترقـرت الدمـوع في عينيها لا تعـرف لها سبب معيـن، ولكن من الواضح أنه الألـم بشكل عام مهما أختلفت أشكاله لتقول بصوت متهـدج:-
_لا ما اسمهاش كده اسمها اتوجعت كتير واتكسر بخاطري اكتر فقولت كفايه عشم في الناس لحد كده ،اصل زعلي علي نفسي ما حدش هيحس بي غيري وصدقني محدش بينسي حاجه وجعته حتي لو قال نسيت
هتف بنعومة أكتسبها من بكاءهـا المفاجئ ولكن ماقاله عن الاشتياق كان حقيقي:-
_انا كمان مانسيتش يا حوريه عشان كده بعدت
رسمـت الأبتسامة التى رفضت الظهور بصعوبة وقالت:-
_طب اللي رجعك دلوقت؟ ايه نسيت وعرفت تريح ضميرك
ليخرج صوتـه واجاب مغمغم بضيق وحزن:-
_ما قلتلك ما نسيتش ولسه فاكر كل حاجه كانها حصلت امبارح
أسبلـت أهدابهـا وتنهـدت حورية لتهمس بعدهـا وردت عليه ببرود ثلجي:-
_ولما انت لسه فاكر ما فضلتش بعيد ليه طالما هو ده الحل بالنسبه لك.. ابعد عشان انسى
ضيق قاسم ما بين حاجبيه وهو يقول بضيق يعتريـه:-
_انتي كمان عملتي كده على فكره بعتي رغم اننا كنا في بيت واحد بس مانسيتيش فا اظن احنا الاثنين دلوقت بقينا متاكدين ان البعد عمره ما كان حل ممكن الكلام والمواجهه يريحونا شويه
كانت ملامحـها باهتـة، يكتسحها شيئ من الأستسلام الموجـع لقدرها المؤلم أكثر، وغلفت نبرتها بالقوة وهي تسأله :-
_جاي بعد سنه فراق عشان تقولي الحل العبقري ده انا من رأيي توفره ليك عشان مابقتش عاوزه ولا عاوزه كلام ولا عاوزه قرب
كمان
_امال بقيتي عاوزه ايه يا حـورية
قالها يتساءل بوضوح وعيناها كانت تود أن تنطق وتقولها أنها تريده هو وليس غيره، و الفراق كان اكبر عقاب لها لكنها ببساطه لم تقدر على قول ذلك الكلام ..حاولت إخـراج الكلمـات بصعوبة وكأنها تجذبها عنوة:-
_هي ايه حكايه الهانم اللي جايه معاك تحت دي وايه كمان موضوع كنتم مع بعض وبتشوفك كثير وبتتغدوا سواء هو ده بقى السبب اللي كان مخليك مش عاوز ترجع
ظل يتمعن بقسماتها بنظرات يصعب تفسيرها، ليمسح على شعرها الناعم وهو يقول بخفوت:-
_عزمت عليها عادي ذي عزومه مراكبيه تيجي يوم لمصر معايا بس لقيتها وافقت وراحت تحجز التذكره معايا ما عرفتش اقول لها لأ، واكيد مش هي السبب اللي كان مخليني بعيد عنك يا حوريه المفروض انتي بالذات تكوني عارفه انا كنت بعيد ليه.. على العموم هي هتمشي على اخر اليوم او احتمال بكره الصبح مش هتطول
أبعدت يده بحده وقالت حـورية بصوت قاتم غاضب بشده:-
_وانت تعزم عليها ليه من الاصل ما ليك حق ما ترجعش، مش لقيت حد يونسك في وحدتك هناك ما ترجعش تديها المساحه وترجع تقول هي اللي جاءت ورايا، ما انا عارفاك كويس وكنت بشوفك بتعمل ايه معاها هناك ومش بتحب تحرجها
هـز رأسه نافيًا فتابع بحدة تجلت في نبراته :-
_على فكره هي كانت تقصد بكلامها تحت لما قالت كنا بناكل سوا كانت هي مره واحده بس ومكنتش باكل معاها كنت قاعد ساكت و خلاص عشان محرجهاش عشان هي من ساعه ما شافتني رجعت وقاعد لوحدي كانت بتفضل تعزم عليا اجي مره اتغدى معاها، وما كناش لوحدنا كمان بعض اصدقائها كانوا معاها
نظـرت له باستفهام ثم زمجـرت فيه حـورية غاضبة:-
_لا حنينه كمان وقلبها عليك لا كثر خيرها بصراحه مالكش حق كنت خليتك معاها وكملت وعشت كمان سنه ولا اثنين ولا عشره طالما لقيت اللي يونسك، وفي داهيه الناس اللي هنا مستنياك ولا مهتمه تعرف اخبارك ايه أصلا
نظر لها يحاول إستيعاب ما تفوته به للتـو ثم ضحك باستخفاف ورد لها بنفس النبره:-
_ممكن تهدي شويه انتي مالك متعصبه ليه ما انا فهمتك اللي كان بيحصل هناك وما كنتش ببقى معاها ولا بقابلها زي ما انتي فاكره انا كنت قاعد طول الوقت في شقتي لوحدي
انتهي حزنها ورفضها انتهت موجـات عدم استسلامها لذلك القدر لتتهشم بصرخـة ارادته ورغبتها لتبدء اندلاع ثورة حارقة بدايتها كلماتها وهي تهتف بغضب بغيره حارقه:-
_انا مش متعصبه ولا فارق معايا ان شاء الله كنتم بايتين في شقه واحده حتي اعمل اللي انت عاوزه هو أنت بقيت تاخذ راي حد اصلا، مش مبسوط ومرتاح معاها انت حر
رفـع حاجبـه الأيسر يسألها باستمتاع رهيب يجتاحـه:-
_هو انتي غيرانه منها يا حورية؟
لتتسـع حدقتـا عينـاها وقد هربت الدماء من بين خلايـاها وأحمـر وجهها كحبه الطماطم من كشف غيرتها أمامه حلقـت فوق سمـاء طاغية مؤلمـة، للحظـات فكرت بالركـض من امامه أصبحـت تشعر انها الان مُـعراه أمامه ثم تأفـفت بضيق وصاحت بنفـاذ صبر بعصبية بغير مبرر:-
_أغير على حد لو بيهمني زي ما انا كمان مهمه بالنسبه لي انما الهانم اللي تحت دي ولا فارقه معايا ولا انت كمان ..بس ما تبقاش تنسى الناس اللي حواليك وخائفين عليك وانت معاها اصل سنه بحالها بره شكلها كده فعلا بتنسيكي اللي حواليك
اقترب منها فجاه بشده حتي أصبح انفاسـهم اللاهثـة أمام بعض بوضـوح، لفحـت أنفاسـه بشرتهـا البيضـاء ليرتعـش جسدهـا بتوتر لم تهتـز له شعرة لحالتها نحو جسدها الذى ينتفـض من قربـه، بل اقترب اكثر حتى حاوطهـا وإلتصقـت هى بالحائـط لتحاول جمـع شتـات انفاسها المبعثـرة بسبب هجومه المفاجئ ثم همس بصوت يكاد يسمع متجبرًا جامدًا:-
_ما اسمهاش كنت معاها ولا سافرت عشانها و وحياه اسامه يا حوريه كنت بشوفها بالصدفه وعدد المرات اللي كنت بقعد معاها فيهم مره ولا مرتين بالعدد بس! وحاجه اخيره ومهمه الناس اللي خايفين عليا وحواليا لسه بيهموني زي زمان
صمتت حورية برهبه وقلق ولم تخرج كلمه من بين شفتاها المنتكزتين، بينما أعيـن لامعة تشابكت بنظراتها، و رجـاء اخترقـها ليحاول هـزها، ولكن قابله بسد متيـن قوى وازداد قوة من جروحها وألامه، قبل أن يقول ببسمه يملؤوها الحب:-
_وحشتيني يا حوريه وحشتيني اوي وحشتني للدرجه مش عارف اوصفلك ولا اتكلم واقول ايه يعبر عن اشتياقي ليكي.. بس ممكن الكلمه دي هي اللي تعرفك احساسي إيه دلوقت وتلخص كل اللي انا حاسس بي وانتي قدام عيني دلوقتي بعد غياب طويل.. و حشتيني يا أنفاسي
نظـرت للأرض، تجز على أسنـانها لتمنـع دموعها من الهطول بصعوبـة بينما هو هز رأسه بيأس وقله حيله ليستـدير ويذهـب خارج الغرفه دون كلمة اخرى عندما وجد منها الصمت، لتسقـط هي على الأرض وانهـار قنـاع جمود الذي تلبسته هذه الدقائق.
**
صفت سياره تاكسي أمام مطعم بسيط وهبط منها كلا من جواد وهاجر نحو الداخل جلست هاجر أعلي المقعد وجواد أمامها حيث كان يطلب إليهما الغداء وكانت هاجر شارده من روعة المنظر ذلك حولها وهي تجلس أمام البحر المنظر الذي كان كأنه كالسحر يجذب من يراه له دون إرادة! وبالطبع لم تزول الابتسامة من وجهها وهم يجلسا سويًا بسعـادة تتشابك بين قلب كلاً منهما، بعد أن رحل النادل يحضر إليهم الطلبات نظر لها جواد وهو يسألها بخفوت حنون:-
_مبسوطه
نظـرت هاجر وعيناها تلمع ببريق لطالما عشقه، لترد دون تردد :-
_ طبعا جدًا جدًا
إتسعت ابتسامته على تلك الطفلة التي يسعد بشده طالما يراها سعيده مجـرد ابتسامه صغيره جذابه بفرح هو لأجلها ليقول جواد بود:-
_وحشتيني قوي يومك كان عامل ايه في الشغل النهارده
رفـعت كتفيهـا وهي ترد بلامبالاة ثم تذكرت شئ هام :-
_كله تمام وانت قولي صحيح عملت ايه في الصفقه اللي كنت متحمس ليها وقلت لو اتوافقي عليها هتبقى نقله كبيره قوي في حياتك.. كسبتها؟
ليمسح على شعره وهو يهمس بضعف واحتياج :-
_لا للاسف بعد كل المجهود اللي عملته والفلوس اللي صرفتها وراحت لحد ثاني يلا ما ليش نصيب فيها الحمد لله
نظـر إلي لؤلؤتيه اللامعتـان ببريق تعلمه هي جيدًا، لتجيب بحنان:-
_معلش ما تزعلش انت كنت فين وبقيت فين وشركتك دلوقت كبرت الى حد ما واتشهرت عن الأول خذ الامور براحه واجتهد وان شاء الله ربنا هيسترها معاك
رفـع حاجبه الأيسر يتـابع متساءلاً بيأس وضيق:-
_هو انا كل ده يا هاجر مش بجتهد انا تقريبا بشتغل ٢٠ ساعه في اليوم وباسافر وبارجع في نفس اليوم لو احتجت بضاعه من بره واول ما اعرف ان في صفقه جديده لو كسبتها هتعملي نقله كبيرة لشركتي بشتغل عليها ليل ونهار بس في الاخر النتيجه واحده لسه زي ما انا واقف مكاني ومافيش جديد ..انا حاسس اللي انا فيه ده اصلا عقاب من ربنا على اللي كنت بعمله زمان
هزت راسها هاجر بعدم رضي وهي تقول بجدية:-
_اهو هو ده التمرد بعينه يا جواد ما ينفعش تقول كده ربنا مش بيعاقب حد يا حبيبي هو بس بيختبرك وبشوف صبرك هتستحمل ولا من اول مشكله هترجع زي الاول وتقول شكلي مليش في السكه دي، قول الحمد لله انت احسن من غيرك اكيد
تنهد بعمق شديد ثم امسك يداها وهو يسألها بما يشبه الرجاء :-
_الحمد لله طبعاً، طب وانتي مش ناويه انتي كمان تبلي ريقي وتوافقي نتجوز ولا لسه بتختبريني
هـزت هاجر رأسها نافيـة بقوة :-
_تاني يا جواد ما احنا لسه متكلمين في الموضوع ده وقلتلك لسه شويه مستعجل على ايه
صمت ليحدق بـها لثواني صـدى كلماتـها يمـدد الحـزن والألم داخله كدوائـر تزداد في الأتسـاع والتوغل داخلـه لا يعلم لماذا حتي الان لا تريد ان يتزوجها رسميه ورفضها المستمر ذلك ينتج عنه فكره واحده فقط وهي أنها لم تعد تثق به حتي الآن؟ ثم هتف بغضب مكتوم:-
_مستعجل عشان ما فيش جديد في موضوعنا ده كمان وانتي لحد دلوقت مش واثقه فيا، هاجر انا فاهمك كويس حتى لو مش بتقوليها في وشي انتي لحد دلوقت فاكراني لسه بكلم بنات وبسهر وبخرج وعاوز اتسلى بيكي وبضحك عليكي مش كده مش هو ده سبب انك مش موافقه تتجوزيني لاحد دلوقت
لتقول بصوت وهو يكاد يختنق كانت ترتب خطواتـها لكسبها وليس لخسارتها الأبدية قبل أن تنفجر مثله والتي كانت كأعصار لم ينتظر خروجها من الاعصار الذي سبقه وتسارع وهي تبوبخه بلوم حقيقي:-
_لا طبعا هو انت ماسك عليا حاجه عشان تخليني اوافق عليك بالعافيه وانا ايه اللي هيخليني اضغط على نفسي واكمل في علاقه انا مش واثقه في الطرف الثاني ولا ضامنه نفسي معاه والدليل اللي انا وافقت ان احنا نتخطب ومش كده وبس سمحت لنفسي اتعرف عليك واعرفك قبل ما اوافق ارتبط بيك وخلت بابا وماما يوافقوا رغم انهم كانوا رافضين الموضوع خالص وقلقانين ..وكل ده وتقولي لسه مش واثقه فيك يا جواد هو انت لحد دلوقت مش مصدق ان انا بحبك زي ما انت بتحبني
كـز على أسنانـه بغيظ ليهتف بارتيـاح وابتسم بسعادة غامرة مرددا:-
_يا شيخه اخيرا نطاقتي طب طالما الموضوع كده ماخره ليه حكايه جوازنا انتي عارفه ظروفي كلها قدامك وانا مش بخبي عنك حاجه وقلتلك على قد ما هقدر هاجيبهلك صحيح دلوقت ساكن في شقه صغيره على قدي بس اوعدك اول ما الامور تتحسن معايا هجيبلك اللي احسن منها 100 مره
نظـرت هي لـه لتجـده يتطلع فيها بحب فهمسـت برقة :-
_انا مش عاوزه احسن منها 100 مره ولا حاجه وانا راضيه بالشقه اللي انت ساكن فيها دلوقت طالما على قدك انا لازم اراعي امورك وامشي حسب ظروفك واتعود على كده، وبعدين الشقه اللي انت فيها دي قلتلي قبل كده انها غاليه عليك عشان اول حاجه اشتريتها بمجهودك وليها ذكريات حلوه معاك بتفكرك ببداياتك، يبقي ليه احنا كمان ما نبقاش لينا ذكريات تخصنا احنا الاثنين سوا
إتسعـت حدقتاه بدهشة علي رضاها الدائم فهي الداعم له والسند طول الفتره الماضيه ودائما ترضى بقليل منه فتـابع بهيام :-
_اللي انتي عاوزاه يا حبيبتي هعمله ليكي طالما دي رغبتك تمام هنتجوز فيها بس وافقي بقى وريحيني
أبتسمت بهدوء وهمس هو بصوت لا يليق سوى بعاشق ولهان :-
_انا بحبك قوي يا هاجر وبحب رضاكي وبحس أن انا طول الوقت بتعلم منك حاجات جميله عشان كده مش عاوزك تضيعي مني ونفسي نتجوز بسرعه
رفعت يدها لتضع خصلات شعرها خلف أذنها بخفوت وخجل، ثم صدح صوتها في خلده عجيب بصراحة وهي تقول بصوت حزين:-
_اقول لك بصراحه بس ما تزعلش ولا تفهم غلط، السبب اللي مخليني مش مستعجله على الجواز دلوقت، عشان نفسي قاسم يرجع ويحضر فرحنا هو بالنسبه لي اخويا الكبير يا جواد وهو اللي رباني وأنا صغير ومن زمان بشتغل معاه وعشره طويله انا اصلا كنت متضايقه قوي ان ما حضرش الخطوبه مش كمان الفرح
صمت جواد ثواني ثم أمسك بيداها بين يـداه ليحتويهـا، قبل أن يقول بصوت هامس بتفهم:-
_انا فاهم قصدك وانا كمان والله كان نفسي يحضر خطوبتنا بس انتي شايفه إللي فيها المشاكل اللي بينه وبين حوريه انا مقولتلوش ان انا خطبت اصلا بس لما لمحتله يرجع رفض وقولي صعب ارجع دلوقت وما رضيتش اضغط عليه.. ربنا يصلح الحال ما بينها
اومـأت وهي تدعو متمنية :-
_يا رب يا جواد مدام حوريه برده حالتها صعبه وصعبانه عليا قوي.. باقول لك ايه يا جواد ما تيجي نروح نذور مدام حوريه النهارده وحشتني قوي وبقيلي كثير مش بشوفها بسبب شغلي وبعدين هتفرح قوي لما تشوفنا
**
في منتصف اليوم ظلت حورية حبيسه بغرفتها ولم تخرج منها مره ثانيه، ولم تتحَدث حورية مع قاسم ثاني بعد ما حـدث بينهمـا، وكأنهـا تؤكـد له أن رجوعه بالعودة الي هنا لن يـزول الماضي ابدًا، حتي خرجت بعد لحظات بفضول شديد لتعرف اهو يجلس مع تلك الفتاه داليدا بمفردهم ام لا لكن توقفت بعد خروجها من الغرفه بتردد لتفكر بضيق شديد إذا رآها قاسم سيعرف على الفور ماذا بها و يلاحظ غيرتها، ثم حسمت أمرها وتحركت إلي غرفه الضيوف تجلس بمفردها.
وجـلست امام التلفـاز تتصنـع عدم الاهتمـام واللامبالاة حتي صعد قاسم إليها متجهًا لهـا يبحث عنها وكـان بداخله يكاد يفـور من كثرة الغيـظ من رد فعلها فقد غائب سنه كامله حتي لا يلتقي بهذا الرد فهو يريد يحيطها في دائـرة الأمـان فلا يصبحوا عرضة للفراق ولكـن هي من الواضح ما زالت بداخل ذلك الصـراع شباكًا ولا تركها طوال فتره غيابه !!!
وعندما دلف فوجدها امام التلفاز شاردة والغيـظ يتضح على ملامحهـا ونظراتهـا الموجهة نحو التلفاز والتي كانت من المفترض أن توجه نحوه هو فابتسـم بهدوء نصف ابتسامة وهو يدلف ثم يقترب منها بخطوات هادئة انتفضت حوريه بخضه والتفتت اليه لتنهض بتوتر فاصبحـا وحدهمـا، كان ينظـر لخطوط وجهها التي اصبحت متعرجة من الحـزن البادي على وجهها وتنظر هي له نظرة أنكسار وإنهـزام لم تذقـه إلا اليوم ،اقتـرب منها بهدوء فعـادت هي للخـلف..وكأنها تخبره أن كلما حاول التقرب ستبتعد هي قدر الإمكـان ابتسم قاسم بهدوء و قال باهتمام :-
_اخبارك ايه واخبار اسامه كويسين في حاجه حصلت في غيابي
صمتت حورية ولم تجيب عليه واكتفت بلوي شفتيها بقهر ساخر من اهتمامه هل هو قادم الان بعد سنه فراق يتساءل عنهم بينما هو عقد حاجبيه باستغراب قائلا:-
_ساكتة ليه؟
نظرت للجهة الاخرى هروبًا من حصار عينيه وقالت بعدم فهم مصتنعة :-
_وهقول إيه؟
فهمـس متنهدًا بجدية :-
_قولي اي حاجه؟ طلعي اللي جواكي مثلاً
ابتلعـت ريقها من حقيقة قد تكـون إنسحبت دون ارادتها فسألته وهي تشعر من الألم الذي لم يزول بالكامـل:-
_لمين وليه؟ ليك انت اعتقد سنه بحالها غياب من غير ما تسال عني ولا تعرف عني حاجه دليل كافي ليا ان مبقاش يهمك حالي؟ وليه اتكلم اصلا هتفهمني وتسمعني زي الاول ولا دي الغياب نساههلك كمان
غـرز يـده بخصلات شعره وتغاضـى عن تلميحاتهـا والتي يعـلم سببهـا جيدًا، فمـد يده يتحسس وجنتاهـا التي إزدادت سخونة حادة من لمستـه، قبل أن يـردف بعبث :-
_انا ما اقدرش انساكي يا حوريه انا عاوزك تطلعي اللي جواكي علشان ترتاحي مش عاوزاكٍ تعبانه ومضايقه لسه
ازالت يـده عنها بعنـف وكأنه وباء تخشى الأصابة به، لتقول بجدية خشنة دون أن تنظر له :-
_ومين قال إني لو طلعت اللي جوايا هرتاح؟ اللي جوايا قاتلني ولو طلع على لساني بيقتلني أكتر وما بقاش في حاجه تريحني خلاص والحل الوحيد ليا ان انا اتعود على الوجع
جحـظت عيناه وهو يتساءل بهـلع هـل نفـذ خـزان الصبر والتحمل لديهـا فأنتـج أفواجًا محملة بالعصيان والتمرد فهمس بجزع :-
_طيب حاولي جربي وأنا هساعدك ذي الأول
وضعت يدها على وجههـا وكادت تبكِ وهي تردف بصوت مختنق :-
_مفيش حد يقدر يساعدني ولا حد هيعرف يطلعني من اللي أنا فيه حتي انت يا قاسم
نظـر لعيناها الحمراء من البكاء ليسألها بتوجس :-
_ليه كل ده؟ عشان اللي عملته زمان فيكي
نظرات إليه تبكِ كلما تذكرت فعلته القاسية وهي رحيله الذي كان كالسكاكـين تُذبح فيها بلا ذرة رحمـة لتقول بجمود:-
_تعرف انا اتعلمت ايه من غيابك عني إني مش أي حد ينفع الجأ ليه ومش أي حد اقوله محتاجلك ومش أي حد اسمح لنفسي اني ابين ضعفي قصاده ولا ينفع اثق فيه.. عشان في ناس لما هتبين ليهم ضعفك هيكسروك اكتر ويدوسو عليك أكتر ،في ناس بدل مانت فاكر انك هتستقوي بيهم هتكتشف انهم هما اللي هيدمروك ويقضو عليك
وبتلقائيًا عينـاها امتلأت بالدمـوع القهريـة، ولكـن لأول مرة تكتفي بهذا القـدر من الألم نقطـة ومن بداية السطر لن تـخط حرفًا واحدًا من الضعف مرة اخرى ستقـاوم بكل ذرة وإن كانت تلك مقاومة عشـق مسحـت تلك الدموع التي باتت تكرهها وهي تهمس بخبيه أمل :-
_كان نفسي من غير ما اتكلم ولا اقول انا محتاجه ايه احس بيك بجد جنبي وتسيب الدنيا كلها وتجري عليا وتقولي انا معاكي وجنبك وسامعك و تيطبطب عليا وتفهم كلامي حتي لو متلخبط ومش مترتب وعكس اللي انا قلته كنت عاوزاه.. عرفت بقى إن اللي أنا فيه مالوش حل
ثم هتفت بسؤالها كأنها تترجـاه أن ينجـح في أن يُنسيهـا المستنقع الذي سقطـت فيه لتمنـع هذا الحزن والألم من التوغل داخلهـا قائله بلوم :-
_أنت اللي رجعك دلوقت يا قاسم
كان ولا طاقة له الان برجـاء قد يقحمها في مواقف لا يرغبـه وفي آن واحد لا طاقة له بالرفض المستمـر هكذا فأومـأ بجدية متسائلاً :-
_انتي عارفة أنا سافرت ليه الاول
نظرت في عيناه تمامًا، يُسلـط أشعته المعجبة والقوية عليها ثم أغمـضت عيناها هامسة بألم :-
_مش عارفه بس كل اللي اعرفه أنه كان اغبي قرار انت فكرت تاخذه
لينظـر لها وعينـاه تمـوج عشقًا بدى لا نهائيًا وتقرأ هي بين سطـورها ما لم ينطقـه لسانه بأعين مضطربة ما جعل روحها تشتعل بالفعل هاتف:-
_كنت خايف ومتلخبط وكان لازم ابعد
كـزت على أسنانـها كاملة حتى كادت تنكسر وهـزت رأسها نافية وهي تزمجر فية:-
_كان لازم تبعد عني؟
وقد لمعت لؤلؤتيه ببريق عاشق تعرفه جيدًا، شاعرا بالتخبط والألم والحيره :-
_كان لازم أبعد فتره واستحمل احسن ما نفترق طول العمر يا حوريه كان لازم اجي على نفسي واختار انا البعد احسن ما تختاري انتي ويا عالم هترجعي امتى حتى ما كنتش بتصل بيكي وبمنع نفسي بالعافيه اسمع صوتك عشان ما ضعفش وارجع وكنت خايف لما اسمع صوتك غضبك مني تطلبي الانفصال رسمي ما اعرفش اتهرب من دي كمان
نظرت له بقوة لا تصدق ولا تتخيل ذلك الرحيل الذي نتـج عنه قسوة غير معهودة منه !ولكنـه كـجرحًا ليداويها فيما بعد لتصيح فيه بغضب خفيف :-
_طب ايه اللي جابك عندي دلوقت؟ ايه اللي جابك بعد ما بعدت سنه بحالها؟ ليه غيبت عنى كل ده!
اجابـه بجدية مناسبة بما وقـع عليها كحجرًا صلب كاد يفقد عقلها :-
_مغيبتش كتير ولا حاجة
هـزت رأسها نافيـة لتمط شفتاها وهي تجـيب بجـمود حقيقي أحتلـها :-
_لما انت شايفها انها كانت فتره قصيره أوي كده وما تستاهلش كل العتاب ده طب رجعت ليه لما انت مستحمل الفراق قوي كده؟
إبتلع قاسم ريقه بصعوبة وبالطـبع يزيل طيف الحزن بخبثه العاشق، وبسخرية إرتسمت على وجهها تحمل معنًا واحدًا:-
_عشان كنت عامل ذي العيل الصغير إللي كل شوية يرجع يتيم! ماكنتش حاسس بالامان وانا بعيد ولا بونس العيله
صمتت برهه تسترجع ما حدث منه بجزع ونظـرت له بضعف قبل أن تهمس له متساءلة :-
_وإيه اللى رجّعك يتيم تانى!
اقتـرب اكثر وهو يبحث عن حجة مقنعـة بين تلابيب عقله ولكن قلبه أجاب دون تفكير :-
_غيابك يا حورية
وبدءت دموعها تلقائيًا تنزليق من بين عينيها وهي تقول بصوت مقهوره:-
_مش أول مرة تبعد وتكسرنى وتوجع قلبى علي فكره بس المرة دي الوجع فتت قلبي مكسرهوش وبس
بالطـبع كانـت رد فعل متـوقع من شخص كـ حورية يُثـار غضبه بسهولة فعـاد خطوة للخلف وهو يتنهد متابعًا :-
_عارفة انتي محتاجة لإيه؟ عشان تطلعي من اللي انتي فيه وتتاكدي انك قادره تتخطي كل ده ..محتاجة لحد يقعد يهزك لحد ما يفوقك، لحد ما تفهمي إن الدنيا مانتهتش زي ما انتي متصورة وإن اللي حصل ده أصبح ماضي خلاص ولازم تتجاوزي وتعيشي اللي جاي
ترقرت العبرات الساخنة بين عيناها لتدفـعه صارخة وصاحت فيه بحدة هيسترية :-
_انت مش عارف يعنى ايه تكون بتحب حد وتتغير عشانه وتعمل كل حاجة حلوة هو عايزاها، ويجي فى ثانية كده يبعد عادى، لما يبقى كل احلامك من الشخص ده وبكل بساطة يختفي في اكثر وقت تكون عاوزه! لما فوقت في المستشفى ومالقيتكش جنبي تعبت اكثر وحسيت شعور وحش قوي انا عارفه وقتها ما كنتش موصله ليك الفكره دي وكنت طول الوقت بقول لك ابعد عني ما بقتش عاوزاك، بس انت برده ماكنش ينفع تاخذ القرار ده في الوقت ده يا قاسم وتسيبني كده بنهار وبعيط على فقدان ابني حته منك وانت مش جنبي
وقد إزدادت ضـربات قلبـه الذي بدء الألم ينهش فيه دون إرادة منه ليقول بصوت حاول اخراجه ثابتًا :-
_والله العظيم غصب عني خفت تصحي في الوقت ده وانتي تعبانه اكثر ومصدومه وتطلبي مني تطلقي قلت مش هتبقي طايقاني ولا عاوزه تشوفيني انا بالذات في اللحظه دي خالص عشان كده جئت على نفسي وبعدت
اقتربت هي هذه المـرة وهي تزمجـر فيه بغضب عارم ودموعها تتساقط في نفس الوقت منها بمرارة :-
_لا بعدت عشان غبي وحمار لحد دلوقتي مش فاهم انا عاوزه ايه؟ لما والدك مات اول حد فكرت فيه تروحله و تترمي في حضنه وتحكيله مين؟ مش كنت انا وانا رغم زعلي منك استقبلتك ولا لا؟ عرفت بقى ان انت اناني ومش بتحبني زي ما انا بحبك عشان اللي بيحب حد ما ينفعش يسيبه في ظروف صعبه وهو متاكد انه عمال يتوجع وتعبان
إن كانت الدمـوع رمز للضعـف، ستوشم هي رمزًا يليق بداخلهـا رفع قاسم نظراته وهو يرمقها بنظـرات نادم نوعًا ما فبادلتـه هي الندم أكبر ..ولكن السبب يختلف ندمهـا على ثقـة شعـرت انها منحتها للشخص الخاطئ !وهو ندم على سلوك فعله بشكل خاطئ اقتـرب منها بهدوء هامسًا :-
_انا اسف والله العظيم اسف حقك عليا بس خفت تنطقيها في وشي تقولي لي انت السبب في موت ابني مش عارف ليه عقلي صور لي أن البعد هيكون هو الحل المناسب في الوقت ده، وكل ما اقول كفايه كده ارجع! ارجع افتكر حالتك واضغط على نفسي واقعد هناك اكتر
تابع وهو ينظـر لها نظرة تحاول التشـابك بحبلاً واحدًا من الصبر او الهدوء ولكن لم يجد، فقال ملامح وجهه متألما بوهن :-
_أنا اتبهدلت اوي يا حورية بقيت أخاف من الناس واهرب من الزحمة اللي طول عمري عايش فيها بقيت عماله اتنقل من مكان لمكان ومن رصيف لواحد هربان زيي بقيت أنام وعينيه مفتوحين وكوابيس زمان ايام الملجه ابتدات ترجعلي ثاني لما بعدت عنك، حوريه انا في بعدك عرفت يعني ايه اكون يتيم بجد كنت فاكر لما ابقى بضرب من مشرفه الدر واتحبس في اوضه ظلمه لوحدي واهرب بالنوم من الجوع والبرد ولما اشوف رفض اهلي ليا أنهم يستقبلوني واحد من العيله، كنت فاكر كل ده هو اقصى الم هعيشه في حياتي.. بس انا عشت ألم الحب و وجعني اكثر من كل المعاناه دي ..بالعكس بقيت دلوقت باتمنى ارجع عيل زي زمان وكفايه عليا معاناه طفولتي
اقتـرب قاسم من حورية ليمسك وجههـا بين يديـه الخشنة، ليهمس بعدها بما يشبه الوجع يشتد عليه:-
_كنتي دايما بتيجي في بالي واقعد افكر فيكي واقول هي كمان اكيد قاعده بتهرب زيه باي حاجه وبتفكر فيا اكيد هي مش هتنساني بسهوله زي ما انا ماليش غيرها كنتي بتوحشيني كثير قوي وكان نفسي كثير قوي ارجع وتاخديني في حضنك وحشني ضحكتك وصوتك والكلام معاكي.. وحشتني كل حاجه كنت بعملها معاكي.
أغمضت عينها بشدة والدموع تنهمر من عينيها بغزارة مؤلمه،وإن كان القـدر ضده يدعوا من امامه الفراق فسوف يحاول إغتنام الفرص واتخاذه صديقًا ولو في الحـزن، ليقول متنهدًا بقوة وهو يتنفس الصعداء بصعوبة من شده العاطفه :-
_اقولك إيه يا حورية عشان تصدقيني؟ اقولك في حد يبيع روحه ولا نفسه أنا عملت كده لما فكرت ابعد عنك بس عملت كده عشان خاطرك استحملت عشان ما نتفرقش بعد كده.. حورية أنتي ما كنتيش مراتي وبس لا كنتي ذي الصاحب كمان وأنتي عارفة الصاحب عزيز في الزمن ده زيك بالضبط مقدرش اجيبك تاني ولا أقدر اعوضك
إبتلعت ريقها متوجسه وهي تستمع كلماته التي اهتزت بسببها مشاعرها العنيفه بينما زفـر بقـوة يحاول استعادة رباطة جأشـه قبل يتنحتح مستطردًا بقلق بالغ:-
_انا لو طلبت منك نرجع لبعض تاني هتوافقي؟ ولا البعد وصلك لمرحله تكرهيني فيها
الصمت كأن جوابها لكن لسانها خانها بقوله وهمسـت هي وكأنها ترغب في التأكد أن ما تعيشه الان لم يكن حلم وردي ليس إلا :-
_كنت كل ما ماما تفتح معايا الموضوع ده اقول لها ان انا كرهتك فعلا ومش طايقه سيرتك، بس هي ما كانتش بتصدقني وحتى لسه اخر مره قالتلي ان يوم ما هتنسي مش هتكرهي والكره احساس وانا لسه إحساسي ناحيتك زي ما هو ما تغيرش! ممكن غضبت منك و زعلت حسيت انك اناني بس لسه زي ما انت جوه قلبي وبيدق عشانك
فانفض جسده من كلماتها بعنف وبحـدة اعتاده منها مؤخرًا فهمس بعدها وهو يتنفس بشكل مضطرب :-
_يعنـي أفهم من كده لسه ليا وجود في حياتك
وقبل أن تتحدث دلفت هاجر مثل العاصفه وخلفها جواد دون أن تتطرق الباب لتقول هاجر وهي تبتسم هاتفه:-
_حوريه انتي فين انا عماله ادور عليكي وآآ استاذ قاسم حضرتك هنا؟
عقد جواد حاجبيه بدهشة وتفاجات هاجر بصدمه من عوده قاسم أمامها فهي لم تقابل أحد في الاسفل من أهل المنزل حتي تعرف انه قد عاد اخيرا ثم سرعان ما ابتسمت هاجر بسعاده تحت انظارهم في ذلك الجـو الذي كان فيه التوتـر والصدمـة مرافقين لنسمات الهواء :-
_أستاذ قاسم هو حضرتك رجعت حمد لله على سلامتك انا مبسوطه قوي ان حضرتك رجعت اخيرا وحشتنا قوي
مسحت حوريه دموعها بهدوء سريعه بينما
ابتعد قاسم خطوات للخلف بضيق مكتوم ثم ابتسم بهدوء قائلا:-
_وانتي كمان وحشتيني يا هاجر انا سالت عليكي وعرفت انك سبتي الشغل هنا من خمس شهور ما اعرفش ايه السبب فجاه بس متاكد ان اخذت القرار ده عشان موضوع دراستك ربنا يوفقك
ثم اقترب منه جواد وهو يقول بابتسامه هادئه حمحم بهدوء:-
_احم ازيك يا قاسم اخبارك ايه حمد لله على السلامه ما قلتليش انك رجعت ليه كنت جيت استقبلتك في المطار بنفسي
مسـح على شعـره بضيق قبل أن يرد بهدوء مفتعل فهو كان بحاجة شديدة إلي جواب حورية علي سوال لكنهم قد أتوا وقطعهم دون سابق إنذار:-
_تسلم يا جواد بس ما فيش داعي وبعدين كل حاجه جاءت بسرعه.. هو انتم اتقابلتوا بره وانتم جايين
هز جواد رأسه برفض وهو يقول ببساطة شديدة:-
_لا انا كنت بجيبها من الشغل وبوصلها زي كل مره لبيت الطالبات اللي هي ماجره هنا بس النهارده طلبت مني اوصلها هنا عند حوريه
إتسعـت حدقتـا عينا قاسم بعدم فهم قبل أن يسألـه بنزق والتوتـر كان أكبر دليل على حيرته لتتسـع داخله رويدًا رويدًا :-
_لا مش فاهم يعني ايه تجيبها وتوصلها وتعمل حاجه زي كده ليه؟ وهاجر موافقه على كده عادي انك توصلها وتجيبها
توترت ملامح هاجر وجواد من رد فعله ولكن حوريه قطـعت الشك باليقين وهي تقول بصوتـها الناعم بما سقط على أذنيه كسوطًا حدته من الصدمة :-
_أهدي يا قاسم وافهم الموضوع هاجر وجواد اتخطبوا من شهرين وآآ
كانت ذلك الكلمات تمثلت له في معنـى الصدمة الحقيقي وقاطعها سريعاً مشيرة بحدة مفرط بيده وهو يصيح فيهم بقوة :-
_نعم اتخطبوا ازاي وامتي؟؟ ويعني ايه اتخطبوا لبعض وانتي ازاي يا هاجر موافقه على حاجه زي كده، و توافقي تتخطبي لواحد زي ده هو انتي مش عارفه كويس وعارفه تاريخه المشرف ما لقتيش غير ده ما ينفعكيش طبعاً.. إزاي ما حدش يقولي حاجه زي كده
ولم يعطي قاسم فرصة واحدة للحديث منهم مرادفا بنبرة حادة قوية دون نقاش:-
_هي كلمه واحده يا هاجر الخطوبه دي لازم تتفسخ النهارده قبل بكره فاهمه ولا لاء!!
الثامن والعشرون الخاتمة
بعد أن طلب قاسم من هاجر ان تفسخ الخطوبه من جواد ساد الصمت قليلا بينهما ولم تستوعب هاجر طلب قاسم ولم تعرف بماذا يجب عليها قوله لذلك اخفضت رأسها بارتباك وفضلت الصمت، بينما جواد عقد حاجبيه بدهشة و استنكار وهو ينظر إلي قاسم الذي بادله النظره بغضب وحسم... حتي طلبت حورية بهدوء من هاجر و جواد الخروج من الغرفه للخارج بينما نظروا الي بعض بتوتر شديد ثم تحركوا للخارج واغلقوا الباب خلفهم.
ثم نظرت حورية إليه بعيونها تشع غضب شديد بينما عقد حاجبيه متسائلا بعدم فهم مصتنع بجمود:-
_نعم بتبصيلي كده ليه وطلعتيهم بره ليه كمان؟ وازاي جمال ما يقوليش على موضوع خطوبه هاجر لا وكمان ما بين الرجاله كلها مالقيتش غير جواد لحقت امتي تعرفه عشان تثق فيه كده اكيد عرف يضحك عليها بكلمتين
هزت رأسها بنفي تتحدث من انفعالها ليحمر وجهها بغضب قائله:-
_قاسم ممكن تهدى شويه انت مكبر الموضوع ليه كده واحده حبت واحد وهي شايفاه مناسب ليها وكويس احنا مالناش حكم عليها وبرده ماينفعش لمجرد انها كانت بتشتغل عندك من زمان انك تؤمرها بالغصب انها تفسخ الخطوبه وتعمل حاجه ضد رغبتها
اشتعلت عينه بغضب و ظهر خطوط حمراء تحتل بياض عينه قائلاً بشراسة :-
_نعم انا مكبر الموضوع هو انتي نسيتي مين جواد واللي جاءلنا منه ومن عيلته اذا انتي نسيتي يا حوريه انا مش نسيت في يوم ولا هنسى اللي انا شفته منهم، ولا يا حورية ليا الحكم عليها هاجر هي إللي اختي بجد ولازم اخاف عليها منه
نظرت إليه حورية قليلاً و هي تقول :-
_ممكن تهدي وتاخذ الموضوع بالراحه انا فاهمه كويس اللي بيدور في دماغك دلوقتي وليك حق تخاف كمان، واللي انت كمان ما نسيتش اللي حصل من عائله جواد وطبيعي كمان ما تنساش عشان اللي حصل ما كانش قليل ولا حاجه بسيطه ممكن تقدر تتخطاها
غربت عينه وهو يحاول الهدوء لكنه لم يقدر على ذلك كتم الألم والخزه منهم و أدمعت عينه رغم عنه وهو يضغط علي يده قائلا بصوت متقطع:-
_ممكن قلتله قبل كده هحاول انسى الموضوع وبلاش نفتح في القديم واحنا في النهايه اخوات، بس فعلا مانسيتش يا حوريه حتى لو ما حدش فتح القديم قدامي برده بفتكر كل حاجه كانها لسه حاصله امبارح، يا حوريه انا آآ
صمت قاسم مرتبك وغير قادر على تنظيم الكلمات من ألمه وتقدمت منه حوريه لترفع رأسه إليها لتنظر إلي بؤبؤت عينه و هي تمسح دموعه التي تخلع لها قلبها ثم قبله وجنتيه و هي تقول بهدوء و حنو:-
_هششش اهدا يا حبيبي انا فاهماك من غير ما تتكلم وشيء طبيعي تحس بكل ده مش مضطر كمان انك تغصب نفسك تسامح وتعيش معه اللي اذاك لان ده احساس مش هتعرف تجبر نفسك عليه.. انا فاهمه كل ده وعارفه انت حاسس بأي دلوقت
تنهد قاسم بعمق شديد علي ألمه وقربها منه و هو يمسد علي وجهها برقة قائلاً بحزن :-
_بالضبط كده مش قادر انسى ولا اسامح
ابتسمت علي دلاله كلماته التي فهمتها و هي تتحدث قائلة بصدق :-
_ممكن ناخذ الموضوع واحده واحده وتهدا بلاش تتعصب عشان خاطري، مش انت كنت بتقولي ان كل انسان معرض انه يغلط واحنا مش ملائكه ومطلوب مننا نسامح عشان نعرف نعيش، انا مش بقول لك الكلام ده عشان اقول لك انك لازم تسامح جواد وتنسى ولا اللي حصل ليك من عيلته.. بس لازم يا حبيبي تحاول تتعايش مع الموضوع وده عشانك انت بلاش تخلي الكره يتملك قلبك، أنت ممكن معذور عشان ما شفتش جواد وهو قد ايه اتغير عن زمان وبيحاول كمان يبقى انسان كويس
امسك بيدها يضغط عليها و هو يبتلع ريقه بصعوبة ويقول بعدم مبالاه زائفة:-
_اتغير تمام يتغير لنفسه مع اني اللي فيه الغدر صعب يتغير
شددت علي يده و هي تقول باطمئنان وصدق:-
_بس هو بيحاول يتغير فعلا يا قاسم وفهم الدرس صح المره دي، انا مش بدافع عنه ولا بقول اي كلام بس انا بقول اللي شفته منه بعد ما مشيت هو باسبوع واحد نقل في شقه ايجار ورفض انه يفضل هنا طالما انت مش موجود رغم ان اونكل جمال طلب منه يفضل وقال له انت مش قاعد لوحدك مع حورية بس هو شاف أن الاصول لازم يمشي.. ومشى فعلا ورفض اي مساعده من اونكل جمال في الشركه اللي فتحها وحاول هو يقف على رجله من نفسه ويجتهد ومن ناحيه ثانيه كان كل مده بيجي يزورني هنا ويسال ويطمن عليا انا واسامه ويشوفني محتاجه حاجه واوقات لما كان بيعرف انه اسامه تعبان كان من نفسه بياخذه ويروح يكشف عليه ويطمئن.. وفي الوقت ده كان بيقرب من هاجر وهي كمان بصراحه كانت بتصده في الاول، بس بعد كده بدات تميل لي هي كمان.. وهي اللي جاءت وصراحتني بكل ده عشان تاخذ رايي في الموضوع لما اتاكدت انها بتحبه هي كمان
ابتسم قاسم لها وهو يقول بسخرية:-
_وانتي طبعا بدل ما تنصحيها وتقوليلها بلاش قلتلها وماله يا حبيبتي حبيه ماهو اتغير وصدقتيه وهو اصلا مالوش امان
عقدت ما بين حاجبيها بتحدي و هي تقول بحدة :-
_اكيد طبعا في الاول رفضت زيك ما كنتش مطمئنه لي بس لما لقيت هاجر بتحبه وهو كمان واضح بيحبها اكيد ماكنتش هقف ضد حياتهم واتحكم فيها هم مش صغيرين ولا مستنيين الاذن مني ولا منك
ليعقد ما بين حاجبيه بحدة هو الأخري و هو يقول بغضب حارق :-
_تمام برده مش موافق على المهزله اللي حصلت دي وكان المفروض حد يقولي وياخذ رأيي كمان وتستنوا لما ارجع واحضر الخطوبه وابقى موجود سند ليها، انا كويس ما رجعتش لقيتها متجوزه كمان.. لا لا الخطوبه دي لازم تتفسخ انا مش مستعد اسلمها لواحد زي ده مش ضامن حياتها معاه هتكون شكلها ايه ولا تاجي بعد كام سنه كاسر قلبها، ساعتها هفضل الوم نفسي ان انا فضلت واقف ساكت وسايب ده يحصل
تنهدت حوريه بيأس وضيق من كثرة الحديث مع بغير اهتمام منه ولا إقتناع لتهتف بعقلانية:-
_يا قاسم دي حياتهم يا حبيبي مالناش دعوه اثنين بيحبوا بعض وعاوزين يتجوزوا احنا مالنا، جايز ما ينجحوش في حياتهم فعلا وجايز يكملوا عادي و زي اي اثنين ممكن يتعرضوا للمشاكل وأنت مالكش ذنب ده اختيارهم هما
وعندما انتهت حورية من كلماتها تفاجات بـ قاسم يتحرك بخطوات سريعة غاضبه نحوه الخارج ببرود وغير مهتم بحديثها، بينما اتسعت عينا حورية بدهشة وقلق وهي تصيح بضيق منه:-
_قاسم انت رايح فين هو انا كنت بكلم نفسي؟ طب تمام براحتك بس اعمل حسابك لو خطيت خطوه واحده بره الاوضه دي وانت في نيتك تفسخ خطوبه هاجر وجواد ..اعتبر الطلب اللي انت طلبته قبل ما يجوا مرفوض
توقف مكانه بعدم استيعاب ثم نظر قاسم إليها بتشوش و هو يقول ببلاهه :-
_طلب إيه؟ بتتكلمي عن ايه
قضمت شفتيها السفلية و هي تأن بخجل حتي احمر وجهها وهي تقول بصعوبة:-
_انت فاهم كويس، شوف انت كنت طلبت مني ايه قبل ما يجوا ويدخلوا علينا ويقطعونا
رفع رأسه إليها بلهفة وشوق وهتف بتوتر و رجاء:-
_قصدك لما طلبت منك تديني فرصه ثانيه ونرجع لبعض ،حوريه بلاش ملوعه في الكلام
اخذت نفس عميق و زفرته علي مهل و هي تقول بخفوت:-
_انا مش بلاوع في الكلام ولا حاجه وبتكلم بجد لو فتحت الموضوع ثاني مع هاجر و جواد وطلبت منهم يبعدوا عن بعض انا مش هارجعلك وانسى الموضوع ده خالص.. انما لو اتراجعت ورحت باركتلهم ممكن يعني
أمسك يدها قاسم بخوف و هو يقول بلهفه شديدة :-
_انتي هتنقطيني بالكلام اتكلمي مره واحده انتي بجد عندك استعداد ترجعيلي الكلام ده ما فيهوش هزار يا حوريه
هزت رأسها له بابتسامه عريضه بينما هو لم يكتفي بذلك ونظر إلي حورية بابتسامة ملهوفه عاشقة متيمة حد النخاع و هو يقول بتمني أن قد فهم ما تعني من كلماتها وهي الرجوع إليه صحيح:-
_مش وقت هز رأسك اتكلمي وقوليها في وشي انا عاوز اسمعها منك بجد هترجعيلي يا حوريه وفي امل انك تسامحيني! ارجوك قوليها وريحني
ابتسمت برقة و هي تقول :-
_ايوه يا قاسم في امل ان ارجعلك وادي فرصه لعلاقتنا من تاني ممكن كمان مع الوقت احاول انسى واسامح.. بس زي ما قلتلك سيب هاجر وجواد في حالهم
جز علي أسنانه بضيق شديد وقال بعدم رضي:-
_بتمسكيني من ايدي إللي بتوجعني يعني كده.. ايه دخل ده في ده! اعمل انا ايه دلوقت
عبست بوجهها كالاطفال و هي تقول :-
_شكلك مش عاوزنا نرجع لبعض تاني ولا اسامحك هو انت لسه بتفكر يا قاسم؟
هز رأسه بسرعه برفض ثم ابتسم بحب و هو يرفع يده يمرر إبهامه علي بشرتها بنعومة و هو يقول :-
_اكيد لا موافق طبعا من غير تفكير ابقي معاكي واختارتك انتي.. وده اللي حارق دمي هي دي لسه فيها تفكير ده اللي كنت عاوز من الاول اصلا
هزت رأسها بفرحه لتسرع هي تحاوط وجهه بين راحت يدها و هي تقول بحب :-
_بحبك قوي يا قاسم و وحشتني قوي.. حمد لله على سلامتك ما تفكرش تبعد عني ثاني وتسافر مده طويله زي دي حتى لو انا قلتها لك بنفسك.. اوعي تبعد عني
ابتسم قاسم بسعادة و هو يقبل يدها التي تداعب بشرته ليتحدث بأعين تلمع كـ ومضات انارة و هو يقول براحه كبيرة:-
_اخيرا يا حوريه طلعتي عيني
**
في الاسفل كانت هاجر بداخل المطبخ وهي تساعد الخادمة الجديده وتعاونها في وضع الطعام كما تعودت بينما كان يقف جانبها جواد شارد الذهن وهو يتذكر كلمات قاسم الجارحة له ويشعر بالحزن علي نفسه وعليه أيضا ثم ابتسم بسخرية وهو يتساءل نفسه اذا كانت مجرد كلمات فعلت فيه كذلك ما باله ما كانوا يفعلون مع قاسم في الماضي كيف كان يشعر حينها، لتنظر إليه هاجر بقلق وتلاحظ ملامحه الشاردة بحزن تنهدت بهدوء و هي تقول بابتسامه هادئه:-
_ما تقلقش اكيد مدام حوريه هتعرف تتكلم معاه وتقنعه هو ممكن بس عشان اتفاجئ وما كنتش حد قائل له من الاول
اشتـدت نظراته إليها باستنكار و هو يردف بسخرية مريرة:-
_حتى لو ما اقتنعش ما شفتيش طريقته كانت عامله ازاي اول ما عرف ان احنا اتخطبنا اكيد لسه لحد دلوقتي مش مسامحني على اللي عملته زمان فيه ولا نسي إللي عملوا عيلتي
نظرت هاجر إلى الخلف لتري الخادمه تتحرك للرحيل من خارج المطبخ ثم اقتربت جانبه لتقول بصوت متردد:-
_ما تزعلش مني يا جواد بس الماضي عمره ما بيتنسي خصوصا اللي عملوا اهلك في استاذ قاسم صعب برضه ينسى بسهوله ويسامح، المفروض تكون مش مستني منه ان يعاملك عادي ولا أكن في حاجه حصلت
أغمض عينه متألما بوهن وندم وهو يتحدث بفهم:-
_انا فاهم يا هاجر وعارف كده كويس بس كان عندي امل انه حتي ينسى ده مش واثق فيا خالص لدرجه أنه مش مامن عليكي معايا
رسمت هاجر ابتسامة هادئه مرددة بوجه مرتاح فخور:-
_انا قلتلك قبل كده ان استاذ قاسم بالنسبه لي اخويا واعرفه من زمان وعاشيرته ويعتبر اتربيت معاه في بيت واحد، انا كانت والدتي بتشتغل في البيت ده وانا كنت باجيء معاها وانا صغيره وهنا ابتديت اتعرف عليه واعرفه وهو كان بيعاملني كويس جدا كانه اخته فعلا و واحده من البيت.. ولما والدتي ابتديت تكبر وما بقتش قد خدمه البيوت قعدت في البيت وانا اشتغلت مكانها وهو اللي شجعني اكمل دراستي واشتغل في نفس الوقت، وكان بيفرح قوي بنجاحي ويشجعني ويوفر لي وقت اذاكر فيه براحتي من غير ضغط
هز رأسه بشرود وهو يقول بنبرة ساخراً بقهر:-
_قاسم من زمان كان طيب وعمره ما كان بيفكر ياذي حد احنا دائما بس اللي كنا بناذيه وهو رغم كده كان بيعاملنا كويس وما يستاهلش خالص اللي كنا بنعمله فيه لي حق فعلا ما يسامحنيش
ربتت هاجر علي كتفه وهي تبتسم هاتفه بثقه بالله عز وجل:-
_ما تقلقش ان شاء الله كل حاجه هتعدي على خير وانا واثقه من كده طول ما احنا مع بعض وبعدين مش انت خلاص اتغيرت فعلا الحمد لله وانا متاكده من كده
نظر جواد إليها بحب ثم حاول رسم ابتسامه صغيره وهو يحسد نفسه عليها ثم غربت عينه وقد لاحظ ما تفعله وانها تساعد في خدمه المنزل مثل سابق ليعقد حاجبيه بحدة وهو يقول بخشونة:-
_هاجر انتي بتعملي ايه مش قلتلك قبل كده تكبري دماغك من خدمه البيوت انتي خلاص دلوقتي قدمتي استقالتك وبتشتغلي في شركة وموظفه مش محتاجه تخدمي حد حتى لو هم طلبوا منك كده
استغربت هاجر بشده حديثه لكن ظهر علي ملامح وجهها الغضب لتقول بنبرة حادة:-
_انا بتعامل هنا عادي ذي البيت بيتي واتعودت عليه وبعدين دي في النهايه كانت مهنتي الاولى مش هقدر اغيرها انا خدامه بنت خدامه ومش بستعر منها والمفروض غيري هو اللي يعرف كده كويس
هز رأسه بسرعه بنفي ليمسك بيدها وهو يهتف بنبرة موضحه:-
_هاجر انتي فهمتي غلط يا حبيبتي أنا مش عاوزك تتعبي نفسك وانتي خلاص دلوقتي بقيتي موظفه ذيك زيهم ومش اقل من حد هنا حتى انا
أبعدت يدها من بين يديه بقوة وهي تقول علي مضض:-
_ما حدش هنا بيعاملني كده ولا في دماغهم اصلا ولازم تقتنع يا جواد ان دي كانت مهنتي وعمري ما هنكرها في يوم، شكلك انت بقى اللي لحد دلوقت مش قادر تتقبل موضوع ان انا كنت خدامه وانت بيه
لوي جواد شفته باستهزاء مرادفا بنبرة ساخراً علي حاله:-
_بيه مره واحده، بصي كويس يا هاجر قدامك انا بقيت زيك بالضبط مافرقش عنك حاجه او عن غيرك، وكل حاجه راحت ما بقاش فاضل لي من العيله غير اسمهم وبس
تنهدت هاجر بضيق شديد وقالت بهدوء مرددة:-
_ربنا يرحمهم اسفه ما اقصدش اضايقك
إبتلع جواد ريقه بصعوبة و هو يقبل يدها مرددا بإسف:-
_وانا كمان اسف حقك عليا لو ضايقتك بكلامي بس انا والله ما قصدتش كده وعارف كويس انك كنتي بتشتغلي ايه وعمري ما هقدر اغير الواقع واوعي ثاني مره تبصيلي إني انا اعلى منك لان ده مش صح بصي دلوقتي انا فين بعد ما كنت ايه؟ وعاوزكٍ برده تبصي لغيرك كده ان انتي بقى ليكي كيان ومش اقل من حد فاهمه
ثم انحنى جواد برأسه قليلا حتي يلثم يدها برقة وهو يقول بحنو :-
_هو مش قاسم رجع خلاص بقي ونقدر نحدد معاد جوازنا
حمحمت هاجر بتلعثم من الخجل وهي تتحدث برقه:-
_مش لما يوافق الاول يا جواد
تنهد جواد بأنفاس عاليه من التوتر ثم هتف بابتسامه مشرقه:-
_هيوافق ان شاء الله وانا هكلمه بنفسي كمان بس ما ترجعيش في كلامك انتي بس
سحبت هاجر يدها بسرعه عندما لاحظت دخول قاسم وخلفه منه زوجته حورية وكانت ملامحه توحي الي الغموض ولا تفهم هل هو قادم حتى يطلب منها نفس الطلب وان تبعد عن جواد وحينها لم تستطيع أن ترفض له طلب وفي نفس الوقت لم تقدر على البعد والسيطرة على قلبها وقبل ان يتساءل جواد عما حدث لها بتعجب استمع الى صوت خشن خلف منه قائلا:-
_هتكلمني في ايه يا جواد؟
أنصدم جواد في مكانه بارتباك وتوتر ليقول قاسم بصوت حازم بشده:-
_مالك اتوترت كده ليه مش كنت من شويه بتقول لها عاوز تكلمني في موضوع اتفضل عاوز ايه
التفت جواد إليه بقلق و هو يقول بنبرة حاول جعلها هادئة:-
_احم يعني احنا كنا ماجلين جوازنا لحد ما ترجع بالسلامه عشان تحضر الفرح بنفسك وده كان طلب من هاجر بصراحه وانا شايف يعني بعد اذنك طالما رجعت نقدر نحدد معاد الفرح
ابتلعت هاجر ريقها بصعوبة بالغة وهي تنتظر أجابته بفارغ الصبر ليصمت قاسم ولم يجيب لتقول حوريه متسائلة بتوجس:-
_قاسم مش بترد ليه؟
نظر إلي الجميع بهدوء ببطء شديد ومريب لـ اعصابهم ثم هتف بجدية قائلا:-
_ابدا بفكر ليكم في ميعاد مناسب عشان نبدأ في تجهيز الفرح وهيتعمل هنا ان شاء الله وكل حاجه هتكون عليا ودي هديه فرحكم مني
تنفس الصعداء الجميع أخيرا براحه كبيرة لتبتسم هاجر باتساع و هي تشعر بفرحة عارمة بينما لم يختلف الأمر عن جواد الذي ابتسم لسعادتها وتنهد براحه كبيرة و حضن قاسم بامتنان شديد وحب وقاسم بعد تردد رفع يده يبدله الحضن بهدوء وداخله سعيد لاجلهم.. واقتربت حوريه تحضن هاجر بسعاده وتبارك لها.
وفجاه استمعوا الى صوت ضجيج ياتي من الخارج أبتعد قاسم بسرعه عنه وعقد حاجبيه بدهشة وقلق متسائلا باهتمام:-
_هو في ايه؟ ايه الصوت ده؟
هزت رأسها حوريه بعدم معرفه بقلق هي الأخري لتتقدم بخطوات بسيطة نحو الخارج و خلفها الجميع لتتفاجئ بـ داليدا تسير بخطوات بشكل متعرج وتضع يدها فوق معدتها بألم حاد وهي تهز رأسها بصعوبة شديدة وتصيح متألمه بوهن:-
_أوه لا لا انا يجب ان ارحل من هنا في الوقت الحالي لم انتظر دقيقه واحده آآه اشعر بالم حاد في معدتي لا اعرف ما هذا الشيء الذي طلبتي مني ان اتذوقه أوه لا انا ذاهبه ولم اعود مره ثانيه شكرا على ترحيب.
لم يفهم أحد ماذا حدث وما بها بينما جاء جمال يركض علي الدرج بخطوات سريعة وهو قد أستمع الى صوت صراخها، ليجد زوجته تقف تلوح بيدها بابتسامه عريضه مرددة:-
_مع السلامه يا حبيبتي اديكٍ عرفتي المكان هنا ابقى وقت ما تحبي تيجي وتغيري جو اوعي تيجي هنا يووه قصدي تيجي هنا على طول طبعاً
ثم نظرت إلي زوجها و مطت شفتيها بطريقه حزينه بشده هاتفه:-
_ترجملها يا جمال كلامي لا تفكر اما صدقنا مشيت ومش عاوزينها تكرر الزياره ثاني ولا حاجه
وقف جمال بذهول من حالتها وهي تخرج بسرعه تعرج بقدمها من ألم معدتها، ثم التفت إلى زوجته ليصك علي أسنانه و هو يقول بحدة :-
_انتي عملتي ليها ايه يا بدريه ده انا سبتك معاها ربع ساعه بس وطلعت اعمل مكالمه تليفون ومسافه ما نزلت لقيتها ماسكه بطنها و بتجري ومش مستحمله تقعد هنا دقيقه! أنتي عملتي ليها إيه بالضبط يا بدريه
وقد لاحظت بدريه ان الجميع ينظر لها بفم مفتوح ومدهوشين من حالتها ولا يفهمون ماذا حدث وينظرون اليها باتهام، ثم رفعت مقلتيها ونظرت إليهم باستنكار شديد وقالت بهدوء كأنها لم تفعل شئ:-
_في ايه بتبصوا لي كده ليه هكون عملتلها ايه يعني هي اللي طفسه ومن ساعه ما جيت من بره، نازله في الاكل زي القطر ومش مديه لنفسها حتى دقيقه تتنفس اكيد الاكل كتم على معدتها وتعبت انا مالي
أقترب منها جمال بضيق شديد وقال بيأس منها:-
_عليا انا الكلام ده هي من ساعه ما جاءت من بره وانتي مش طايقاها مئه في المئه عملتلها حاجه
شهقت بدريه بصدمه مصتنع لتقول بحده اكبر لتغطي علي فعلتها:-
_ الله يسامحك يا جمال مش هرد عليك، الحق عليا أنا سبت كل اللي ورايا وقاعده مع الضيفه لوحدي واشوف كل طلباتها دي اخرتها تتهمني ان انا قصده اطفشها ما كنش العشم يا جمال
تنهد قاسم ولم يتحدث ليتحرك الي الأعلي بعدم مبالاه بينما اقتربت منها حورية بتوتر لتقول بهمس بغيظ:-
_ماما انتي عملتلها ايه بجد مخليها طالعه تجري كده
نظرت بدريه حولها لتجد جمال قد رحل هو الأخري، ثم هزت راسها ببساطة شديدة وهي تقول بشماته:-
_يا بنتي هتعملي زيهم انا عملتلها حاجه كل الحكايه بس اكلتها فسيخ ورنجه وبصل و شوربه عدس كمان.. بس الامانه لله حذرتها ان الاكل ده ممكن يعني يتعب معدتها بس هي ما سمعتش كلامي ونزلت علي الاطباق زي القطر لما مسحتها.. وانا عشان قلبي عليها وطيبه جبتلها شاي بالنعناع يروق عليها
ضغطت حوريه علي أسنانها بغضب مكتوم قائله بعدم تصديق:-
_كل ده حرام عليكي يا ماما ممكن تتعب كده اكيد مش متعوده على الاكل ده كله.. وبعدين حذرتيها ازاي بس هو انتي فاهمه لغيتها ولا عارفه تتعاملي معاها.. حرام عليكي يا ماما
ما كانش ينفع تعملي كده
ثم صمتت حورية ثواني وهي تتذكر كيف كانت تقترب من قاسم بشده لتقول بابتسامه غيوره بغل:-
_بس اقول لك حاجه احسن كانت غايظاني من ساعه ما دخلت عليا مع قاسم ان شاء الله بس ما تفكرش تيجي هنا ثاني
عقدت بدريه حاجبيها بحده وقالت بتهديد مرددة بحقد:-
_نـعـم تيجي ثاني بعد كل اللي عملته فيها عشان ما تجيش واطفشها ،طب يبقى تعملها وانا المره دي هعمل لها سد الحنك عشان تخلص خالص
**
في المساء.
كانت تجلس حورية علي الأريكة تضع الهاتف علي أذنيها وهي تتحدث مع حازم فهو أصبح الفترات الأخيرة على اتصال معها يطمئن عليها مثل ما وصى جده ثم التفتت نحو باب الغرفه عندما وجدته يُفتح ابتسمت باشراق وهي تجد قاسم يدلف ليتقدم نحوها باشتياق بعد غياب وقبل رأسها ثم سرعان ما تغيرت ملامح وجهه باحتقان عندما سمعها تردد على المتصل قائله:-
_متشكره جدا يا حازم انا كويسه شكرا لسؤالك عليا طول الفتره اللي فاتت.. وقاسم خلاص رجع كمان ان شاء الله هاجي ازوركم قريباً مع السلامه
وعندما أغلقت الهاتف معه هتف قاسم بصوت غاضب بشده:-
_انتي كنتي بتكلمي مين؟ حازم ابن عمتك صح مش كده وهو البيه من امتى وهو بيتصل بيكي وبتكلميه
هزت حوريه رأسها بالايجابي و هي تقول :-
_ممكن تهدا عادي ابن عمتي وبيتصل يطمن عليا ودي كانت وصيه جدو لي الله يرحمه وبعدين ما تقلقش وتخلي دماغك تروح لبعيد لان حازم اتجوز من خمس شهور ومراته كمان حامل
اتسعت عينه بغضب مكتوم قائلاً بقلق عليها:-
_حتى لو اتجوز ما تعرفيش اللي في دماغه وما تنسيش انه كان بيحبك وعاوزك وانه حاول كمان ياخذك بالغصب المفروض ما تامنيش ليه بعد كل اللي حصل يا حورية
هزت حوريه رأسها بيأس و هي تقول بقله حيله :-
_هو جاء واتاسف لي كثير وانا حاولت انسى عشان اعرف اكمل واعيش وفي النهايه دول اهلي، زي ما انا برده بحاول دلوقتي معاك يا قاسم أنسي وابدا من جديد معاك
ثم تابعت حديثها وهي تنهض وتضيق عينها لتقول بحديث ذات مغزي :-
_يا قاسم من فضلك بلاش كل شويه تفتح القديم انا فاهمه كويس كل اللي انت عاوز تقوله وفاكره كل اللي حصل مش محتاجه منك تفكرني كل شويه، وبعدين انا بتكلم معاه بحدود وبرده لسه مش ناسيه ولا متطمنه لي، وهو عارف كده ،عشان كده مش بيتخطي حدوده معايا وبيطمن عليا وعلى ماما عن طريق التليفون مكالمه كل اسبوعين حتى
صمت قاسم ثواني بثبات بعدم رضي ثم هتف بجمود:-
_تمام يا حوريه انا بتكلم كده عشان خايف عليكي ومش عاوزكي تتعرضي لاي حاجه ثاني تضايقك ولا تزعلك زي زمان، وبعدين انا رجعت خلاص ومش محتاجه لي ولا لي مكالماته
ابتسمت حوريه بحزن وهي تهمس بهدوء و رقة:-
_طب مافكرتش في كل ده قبل ما تسافر ليه يا قاسم ما جاش في دماغك ان ممكن فعلا ياذيني ثاني هو او غيره ولا حتى اسامه يتعب ويحتاجك وانا ما اعرفش اعمل ايه وانا لوحدي معاه، ما فكرتش في كل ده ليه قبل ما تاخذ الخطوه دي وتسافر
هز قاسم رأسه بنفي وألم و هو يقول بندم شديد:-
_فكرت وده اللي كان واجعني وانا هناك وحتى لما كنت بطمئن عليكم من جمال كنت بخاف يكون في حاجه حصلت وهو مش راضي يقولي، خلاص يا حوريه صدقيني عمري ما هاخذ الخطوه دي ثاني وابعد ولا انتي كمان تعمليها الافضل بدل ما نضيع عمر من وقتنا نتكلم و نتحور واكيد هنلاقي حل لمشكلتنا
تابع حديثه وهو ليدنو يضع وجهه جوار وجهها وهو يقول باهتمام :-
_لسه زعلانه مني؟
ابتعدت عنه حورية و هي تبتسم قائلة :-
_لا مش زعلانه طالما وعدتني مش هتعمل كده ثاني وتبعد وانا كمان مش هبعد عنك مهما كنت متضايقه منك ونبقى في بيت واحد وامنعك تتكلم معايا
هز رأسه براحه من كلماتها ليغمز بعينه و هو يقول باشتياق :-
_وحشتيني قوي الفتره اللي فاتت يا حوريه
نظرت إليه بابتسامة عريضة و هي تقول بغلاسه :-
_هو انت ايه اللي جابك هنا مش ليك اوضه تنام فيها
وضع ذراعيه بجانب وجهها يحتجزها و هو يقول بغيظ شديد ويعلم أنها تمزح:-
_لا اله الا الله شوفي احنا لسه بنتكلم في ايه وانتي في ثانيه قلبتي وعاوزه تطرديني من الاوضه لا يا حوريه دي اوضتي ومش هطلع منها
لترفع يدها تمسد علي وجهه و ذقنه التي أصبحت نامية أكثر من السابق ثم تضع يدها علي كتفه و هي تقول بضحك :-
_انا بهزر انت مالك اما صدقت تهب فيا واتعصبت كده ليه.. انت اصلا لو كنت رحت تبات في اوضه ثانيه في القصر كنت هتلاقيني وراك وبسحبك كده من الكرفته لحد هنا
تنهد بابتسامة عريضة وهو يهز رأسه بالايجاب مرددا بخبث:-
_ده بجد طب من غير ما تسحبيني ولا تتعبي نفسك انا قدامك اهو بين ايديك اعملي اللي انتي عاوزه فيه
قضمت شفتيها السفلية بخجل وهي تبتسم و تهز رأسها بالايجاب كاد أن يرفع يده الي وجهها لتتحدث هي سريعة بعصبية حادة عندما تذكرت ما حدث في الصباح:-
_عارف يا حبيبي لو الزفته اللي اسمها داليدا دي جت معاك هنا ثاني ان شاء الله بقريبها كلها مش لوحدها كمان، هعمل فيها اضعاف اللي عملته ماما فاهم ولا لاء
عقد حاجبيه بدهشة وتفاجأ من تغيرها في غصن ثواني وهو يقول كذلك حتي يثير غضبها قليلا:-
_يعني امك كانت قاصده اللي كانت عملته فيها عشان تطفشها وتمشي وما تجيش ثاني، مش بعيد اصلا تكوني انتي اللي حرضتيها تعمل فيها كده
احمرت عينها بغضب شديد وهي تقول بغيظ:-
_نعم هي مين دي اصلا عشان احطها في دماغي، وبعدين مالك صعبان عليك ولا ايه
نظر إليها و هو يغمز بعينه إليها قائلاً بخبث :-
_يا حبيبتي ولا صعبانه عليا ولا في دماغي هو ده وقته اصلا تجيبيلي سيرتها احنا كنا بنتكلم في حاجه ثانيه أهم صح ولا ايه؟
هزت رأسها بعدم فهم مصطنع و هو يقرب نفسه اليها ووضعت يدها علي صدره و هي تقول بدلع :-
_مش فاكره هو احنا كنا بنقول ايه
وبلحظة واحدة وجدته يجذبها لتتسطح أعلي الأريكة الي أسفله وهو فوقها لم تعلم كيف فعلها و بسرعة شديدة ضحكت بشدة و هي تري وجهه القريب و نظر إليها و هو يقول بمكر شديد:-
_مش مهم انا هفكرك واحده واحده.. يلا نعيد من الاول وعلى اقل من مهلنا.. من يوم ما شوفتك و رجعت وانا بتخيلك بين ايديا وفي حضني.. وحشتني يا قلب قاسم
**
بعد مرور اسبوعين.
بداخل مكتب قاسم بالقصر دلفت حورية إليه بوجه عابث لتنظر لذلك الجالس يتضارب كل الأفكار بعقله بوقت واحد و هو يحضر إلي فرح هاجر و جواد ثم تلاحظ علي زوجها الذي بيدور عليه شاق بالعمل و التجهيز للعرس، ليعقد حاجبيه عندما راها قائلاً بحنو وهو ينهض إليها:-
_صباح الخير يا حبيبتي صحيتي امتى انا قلت اكمل اللي ورايا في المكتب تحت عشان تنامي براحتك وما ازعجيش
نظرت إليه بزعل مثل الاطفال و من ثم تحركت إليه و تقدمت منه تضع يدها برقة علي كتفه و هي تضم شفتيها قائلة بعبث :-
_ ولله طب كويس انك لسه فاكراني، انا زعلانة منك على فكره وما كنتش هكلمك خالص الايام اللي جايه
امسك بيدها التي وضعتها علي كتفه ناظر إليها مقبلاً باطن كفها و هو يقول بحنو :
_ و حبيبتي زعلانة لية بقي
زمت شفتيها بلوم و هي تقول بخفوت :-
_ عشان من ساعة ما حددت ميعاد فرح هاجر و جواد وانت مشغول عني خالص
هز رأسه بتفهم فهو بالفعل خلال الايام الماضية لم يعد يجلس معها بسبب انشغاله تنهد بحرارة و هو يقول:-
_ انتي عارفة يا حبيبتي أن فرح هاجر و جواد النهارده خلاص و بقالي كتير بعيد عن الشغل
وانا وعدتهم هعمل ليهم فرح اسطوري الناس كلها تحكي عنه فمش عاوز اي غلطه عشان كده بعمل كل حاجه بنفسي
عقدت ذراعيها أمام صدرها و هي تلتفت عنه تقول بضيق :-
_بجد طب كويس انك لقيت حاجه اهم مني وانا بقيت اخر حاجه في أولوياتك
تنهد قاسم و حاوط كتفها يضمها إليه و هو يقول بهدوء بعد تنهيدة طويلة :-
_حبيبتي انا مقولتش كده ومش محتاجه تساليني انتي مهمه عندي ولا لأ بس غصبا عني مشغول الايام دي.. ممكن حبيبتي تستحملني الايام دي وانا اوعدك بعد الفرح باسبوع واحد هخدك ونسافر بره
حاولت كبح ابتسامتها لكنها خرجت واسعة بسعادة و قد تناست سريعاً أنها تغضب منه لتهتف بلهفة:-
_واللي يرجع في كلامه، عشان ما تجيش بعد كده تقولي طب استني يومين لا ثلاثه لا شهر شهرين وتضحك عليا وتاخذني على قد عقلي
دني يقبل ارنبة انفها و هو يمسد علي وجنتيها بابهامه قائلاً بضحكه عالياً على طريقه حديثها:-
_عيب عليكي كلام رجاله طبعا.. انتي عارف اني بحبك صح
نظرت إليه بابتسامة عريضة و هي تقول :-
_وانا كمان بحبك يا حبيبي
ليكمل حديثه وهو ينظر إليها بمكر ليبتسم بخبث و هو يقول غامزاً بعينه:-
_طب ايه رايك ما بتفكريش نخاوي الولد اسامه كبر ما شاء الله وبقي محتاج اخ يلعب معاه
طرقت علي صدره بيدها وهي تبتسم ليقترب من وجهها و هو دني حتي يقبلها لكنها هبت تبعد سريعاً و هي تطلق ضحكة رنانة و تقول باستمتاع علي سبيل المزاح :-
_انت قليل الادب وأنا رجعت في كلامي وهاروح اكمل نوم عشان فرح اخوك بالليل.. قلبك علي ابنك أوي
شعر بالغيظ عندما ابتعدت و تحركت لتفر هاربة الي الخارج ولكنه طول قامته ساعده بالامساك بها قبل أن تهرب منه ثم حاوط خصرها بذراعيه يضمها إليه برفق و هو يقول بتذمر :-
_ تعالي بس يرضيكٍ يعني إبنك يبقى نفسه في حاجه ونحرمه منها
أطلقت ضحكه عاليه وهو امسك بها بسرعه ولم يعطيها الفرصة للهرب منه ودني يلتقط شفتيها بخاصته يقبلها بعمق و جموح مشاعره و تسللت يده نحو جسدها يحاوطها و أنامله تتحسس جسدها بلهفة أبعدته عنها لتلتقط انفاسها اللاهثة ومن ثم نظرت إليه و هي تبتسم و هو ينظر إليها متأملاً إياها بقوة لتمسك بتلابيب كنزته تجذبه إليها و تكون هي المبادرة بتقبيله و هي تحاوط عنقه تزج نفسها بين أحضانه و كأنها تريد أن تدخل داخل أضلاعه و هو يستقبل ذلك بصدر رحب واستجابة سريعة لما تفعله ويكمل هو وليلتهم في سعادة انما هي تبادله عشقه بشغف اكبر.
**
في المساء بداخل قصر قاسم السيوفي، وعلي ساحه الفرح ليقترب جواد من هاجر منها لا يمنعه عنها سوي ضخامة حجم فستانها و هي تحاوط عنقه برقة يتميلان مع الموسيقي برومانسية ونظرات الأعين تتحدث حديث طويل ليحتضنها ويقبل وجنتيها و هو يقول بابتسامه مرحه:-
_قاسم هو بيسلمك ليا تحسي مكنش عاوز يسيب ايديك تروحي معايا هو انا للدرجه دي بخوف ولا قاسم اللي مافور شويه
ابتسمت هاجر و هي تستند جبهتها علي جبهته و هي تقول متنهدة بعمق :-
_ولا كده ولا كده هو بس قلقان عليا زي اي اخ بيسلم أخته لعريسها، المهم بس تفضل فاكر وصيته اللي قالها لك بالحرف واديك شايف لو زعلتني في يوم ورحتله معيطه بس من قبل ما احكي هيوريك النجوم في عز الظهر
هز رأسه جواد يحاوط خصرها يضمها إليه و هو يقول بعبث:-
_على فكره ده اخويا انا كمان ولو زعلتيني هاروح اشتكيله برضو واحده بواحده بقى
ابتسمت هاجر بسعاده و هي تدفن نفسها بين أحضانه ليقبل جواد رأسها و هو يقول بجدية:-
_ عايزك دايما واثقة فيا
رفعت مقلتيها ونظرت إليه وقد ارتجفت بؤبؤت عينها و هي تهمس بخفوت مرتجفة بصدق :-
_ وانا واثقة فيك دايما يا جواد
ابتسم بجانب فمه بحب و هو يدنو يلتقط شفتيها يقبلها بعمق و قوة و هو يشدد علي احتضانه لها حتي رفعها عن الأرض ليدور بها حولهم انصدمت هي بخجل شديد وهو يقبلها برومانسيه وسط الجميع بكل جرأة و بمشهد رومانسي بدأ الجميع بالتصفيق لهم و التهليل.
علي الجانب الآخر صارت بدريه تسير بخطوات غاضبه وغير مهتمه بزوجها الذي يسير خلفها بضيق شديد من افعلها وحاول رسم ابتسامه صغيره وهو ينظر إلي المعازيم حتي لا يأخذ باله أحدهم أن قد حدث شئ ما؟
جلست بدريه علي المقعد بغيظ شديد وهو اقترب بجوارها ولم تتحرك و لا تتحدث معه فقط تنظر إليه بضيق و ابتسامة لطيفة تظهر علي وجهها حين تري عدسات المصورين تلتقط لهم الصور ليقول جمال بخشونة:-
_ ممكن تفردي وشك عشان الناس وكمان انتي اللي زعلانه أنا لسه معملتش حاجة ولا كلمتك على العامله السوداء اللي عملتيها من شويه في الست
التفتت إليه بكامل جسدها و هي تقول بصياح :-
_نعم هي كمان صعبانه عليك الوليه قليله الادب إللي تتدب في عينها رصاصه دي ست مش محترمه، نازله فيك تسبيل وتضحك وتتمايص وفي الاخر جايه بكل وقاحه تتعرف عليك وتعمل نفسها بتشبه عليك.. وقال ايه فيك شبه من المرحوم جوزها إلهي ربنا ياخدها وراء جوزها في ساعه واحده البعيدة
حديثها وانفعالها وملامح وجهها يبدو كل شئ مضحك بالنسبه له لكنه حاول تمالك نفسه لينظر إليها رافعاً حاجبه لاعلي و هو يقول بضيق:-
_ هو انتي دخلتي جوه نوايا الناس ما ممكن فعلا اكون شبه جوزها وبعدين الست فضلت تتاسف وكانت حالتها صعبه وهي بتحكيلنا على جوزها وشكله لسه ميت قريب ومش قادره تنسى موته ربنا يصبرها والمفروض
ماكنتيش تعملي اللي عملتيه ده وتقدري حاله الست
شهقت بقوة وغيظ وهي تبتعد عنه وتشير بيدها و هي تقول بنفور :-
_لا وانت الصادق ده دلع ستات انا عارفاه كويس وبعدين يا نحنوح بدل ما قلبك عليها كده كنت المفروض توقفها عن حدها.. قال ممكن تطلع شبه جوزها فعلا وده ازاي ان شاء الله
هز رأسه جمال بهدوء وهو يقول باستفزاز أثرها أكثر غيره:-
_عادي يخلق من الشبه اربعين عمرك ما شفتي ناس قبل كده شبه بعض رغم ما فيش بينهم سابق معرفه.. وبعدين هو انا بادافع عن الست ليه عشان اللي عملتيه جوه الست لسه هتتكلم معايا وتقولي هات رقم تليفونك وانتي رحتي ملبساها التورته في وشها وعملتي كانها غصب عنك طارت منك.. والتورته برده هتطير من ايديك لوحدها يا بدريه
تطلعت فيه بحقد دفين وهي تردف بصوت مغلول:-
_ده اقل واجب عشان تعرف بس امور السهوكه بتاعتها اهي في الاخر راحت وطلبت رقم تليفونك وقدامي البجحه والله العظيم لو كنت سبتيني عليها انا كنت عرفتها ان الله حق عشان تعرف تقرب من واحد متجوز بعد كده وتعاكسه
لم يعجبه لهجتها ليتحدث بجمود و نبرة صوت قوية :-
_علي صوتك كمان واخربي فرح هاجر انا عرفت الم اللي انتي عملتيه بالعافيه من غير ما حد ياخد باله
تأففت وهي تلتفت جالسة باعتدال تعقد ذراعيها أمام صدرها تطالع علي الحفل بهدوء ليحاوط خصرها متقرباً منها حد التلاصق بينما هي تجلس بوجه قاتم ابتسم جمال علي عبثها مثل الاطفال فهو يريد قلبه أن يقوله قربها هي فقط من بين جميع النساء دائم الدوم مال عليها و هو يقول بحب :-
_كبري عقلك بقى هي مين دي بس إللي هبصلها وانتي جنبي يا حبيبتي هو انتي مش عارفه ان انا بحبك انتي وبس
نظرت بدريه إليه بجمود وبوجه عابث و هي تقول بحدة :-
_عارفه بس مش واثقه في اللي حواليك
أعاد ظهره الي الخلف وضمها إليه و هو يرفع رأسها ينظر إليها و هو يقول بجدية دون نقاش:-
_وانا همنع اي حد يقرب مني غيرك.. قلبي مش عاوز غيرك يا بدريه.. أنتي وبس
حاولت بدريه أن تظل ترتسم الجمود وعدم المبالاة لكن كلماته بغزل وحب صريح إليها لمفردها فقط لم تستطيع بعدها كتم ابتسامتها المشرقة بسعادة غامرة وابتسمت بحب أكثر و هي تراه يقترب منها يخفض راسه ليقبل موضع جبينها بحنان.
**
ابتسمت حوريه بشده وهي تقف بعيد تراقب رقص هاجر مع زوجها جواد وسط قرع الطبول و هتافات الجميع وتعلو الموسيقى الحماسية كاشاهد علي عاشقهم عزف له الروح راقصتهم السعيده، ووقع عينيها أيضا علي جمال وهو يحضن والدتها بدريه بحب وهي تبتسم له بسعاده مما أسعدها أكثر بين كل هذه الأجواء و شاركت هي الابتسامات و الدموع وكل شئ متناقض داخلها..
لتنظر خلفها حيث كان قاسم معها هنا منذ قليل لكن الان ليس موجود وقد اختفي تماماً من حولها لتنهض من اعلي المقعد وهي تبحث عنه هنا وهناك ثم لتذهب بتلقائيا نحوه المكتب وعندما فتحت الباب ببطء لتجده يقف بشموخ أمام النافذة الكبيره التي تتوسط الحائط، اغلقت الباب خلفها بهدوء وتحركت بخطوات ببطئ وهي لا تعلم ما به ولماذا ترك الزفاف فجاه وجاء هنا يجلس بمفرده؟
شعر بنسمات تقترب منه فافاق من شروده ناظرا لها و لخطواتها التي أصبحت خجوله وبريئه.. ليبتسم في هدوء وبعدها في تلك اللحظة فرد ذراعيه في الهواء في تشجيع منه و كـا دعوه منه أن تتقدم وبالفعل كانت تلبي احتياجه لها قبل أحتاجها له واقتربت منه مثلا الاطفال حين فتح يده لها فتقدمت منه بسرعه حتي اختفت داخل أحضانه و دفنت رأسها بصدره بينما ذراعيه الذي كان يفتحها اغلاقها ولفها حول خصرها وقربها منه بقوة وتملك وحب.
بعد مرور دقائق فتحت عينيها وتطلعت لعينيه وخرجت اسألتها من بين شفتيها وهي تتحدث:-
_انت قاعد هنا والكل عمال يدور عليك طلعت ليه وسبت الفرح.. في حاجه حصلت انت كويس يا حبيبي
شعرت فجاه وكأن روحها تسحب منها وان انفاسها تكاد تنقطع من فرط مشاعرها المضطربة وخجلها حين بدأ يلثم عنقها بشفتيه بقبلات رقيقه متفرقه صعوداً لأذنها، ضمها له بقوه قائلاً بصوت هادئ اجش:-
_ما تقلقيش عليا أنا كويس بس دماغي صدعت وما ليش في جو الافراح و زهقت قلت اقعد هنا شويه و ارتاح
رفعت يدها تحيط برقبته وتدفن وجهها بثنايا عنقه وهي تضم جسدها له كالغريق التي يتشبث بطوق نجاته وهي تهمس:-
_ممم طب ممكن اقتحم راحتك واقعد معاك ولا حابب تقعد لوحدك
ابتسم قاسم وشعرت هي بلمساته حين اخذ يتمسح بأنفه فوق بشره عنقها الحريريه.. وبأنفاسه الدافئه ثم خرج صوته الخشن في حنو بالغة بعاطفة شديدة :-
_انتي من زمان اقتحمتي حياتي وقلبي ومن غير استئذان كمان جايه تستاذيني دلوقت طبعاً خليكي جنبي
صمتوا الاثنين وكأن هذا ما كانت تحتاجه ليهدأ ثوره افكارها قليلاً شعورها بتلك الراحه والهدوء الروحي لتذوب بين يديه وقد اصبحت بين الحلم واليقظه حتي هتفت هي بابتسامه سعيدة:-
_الفرح شكله جميل قوي تحت وروحه حلوه وهاجر جميله اوي في فستان الفرح ربنا يسعدها.. و جواد كمان شكله فرحان قوي كل شيء نصيب يا حبيبي ممكن نصيبهم مع بعض ما تحاولش تقلق نفسك بقي
إلتفتت له لتصطدم بجسده بوجهها الذي كان ملاصق لها و وجهه قريب منها حتي اختلطت انفاسهم ببعض، تصنمت للحظه وهي تراه بهذا القرب وعيناه تغلف عينيها وخرجت كلماته وهو يهمس بصوته الغليظ بشوق ولهفة لاحظتهم بوضوح:-
_فعلاً كل شئ نصيب وانتى كنتى أحلى قدر و نصيب يا حورية انا كنت عامل زي اللي كان مستنيكى تظهرى وتكملي حياتي تعرفى لو مش ظهورك قدامى يمكن كنت كملت حياتى من غير ما أفكر فى ست تشاركنى حياتى كنت قبل ظهورك مشغول بالشغل وقتى كله كان شغل وبس مفيش أى متعه المتعه الوحيده كان إني أكبر أسمي وأملاك وخلاص، بس ظهورك أجمل صدفه حصلت لقلبى و متعه تانيه جميلة
كانت كلماته الاخيره كالجرس بداخل اذنها ونبرته الهامس جعلت قشعريرة تسري بجسدها لينتج عنها رجفه شعرت بها تسيطر عليها من كلماته امائت له برأسها بشده ليتابع هو بنفس نبرته الحنونه:-
_حبك كان غايب عنى معرفتش طعمه غير لما قابلتك و بقيتى مراتى مبقتش بفكر غير فيكى
فاكره لما كنتي دائما تساليني ليه مش ببعد عنك حتى بعد ما اثبت براءتك وبقيتي حره كنت ببقي نفسى اقولك أني قلبي و روحي مش عاوزين يبعدوني عنك،وكنت هعترفلك إن مشغلش بالى ولا واحده إمتلكت مشاعرى كلها غيرك يا حورية، قلبى وعقلى ما امنوش لست غيرك كنت أوقات بتمنى أنتي كمان تقوليلى كده خليكي جنبي وما تبعديش.... انا بحبك أوي
تجمدت الدماء داخل عروق حوريه من عشقه الواضح لها من عينيه قبل كلماته التي تخرج من شفتيه مثل اللهيب المشتعل، لتردف بمروغه:-
_طب وريني
عقد حاجبيه باستغراب قائلا متسائلا باستفهام:-
_اوريكي ايه؟
زفرت ببطئ تهدأ من روعها وتقول:-
_وريني بتحبني ولا لا، اصل بحبك دي مش اول مرة اسمعها منك وسمعت كلام احلي من اللي بيتقال في الافلام وعارفة اني اجمل بنت انت شوفتها ومفيش في جمال ضحكتي وانا اللي بتدور عليها بقالك سنين ومهما دورت مش هتلاقي زيي وعمرك ما هتزهق مني و كل الكلام ده..بس في الحقيقة انا مبقتش انبهر من الكلام ما بقاش بيأثر فيا ولا بيخلي عنيا تلمع وتطلع قلوب كلمة بحبك زي كلمة صباح الخير اللي بتتقال بين الناس كل يوم بنفس الطريقة ونفس تعابير الوش الثابته اللي مش بتتغير، وانا مش عايزة اضم كلمة بحبك لصندوق المشاعر اللي مليان كلام.. فـ أثبتت حبك بي الافعال وكلام جديد
ضايق قاسم عينه بقوة عليها مبتسم باستنكار:-
_هي بقت كده كلامي عن حبك بقى قديم ومش بيحسسك بـي انبهار ولا عينك بتلمع وتطلع قلوب لما بقول لك بحبك
بادلته الابتسامه بإشراق لتقول بعفوية:-
_هو انت حبك ده حقيقي ليا وكلامك كمان ولا مجرد تعود وبتظهره قدام الناس بس
سؤال مباغت ضرب بنواياها عرض الحائط فهي لم تشعر بهذه الاحساس غيره تجاهه ولا تعرف كيف ولماذا بعد كل ما حل بها من تحت رأسه كيف وقعت بحبه وأصبح كل حياتها ولكن شعرت برجفه غريبه تسري بجسدها وهي تقف أمامه و تري تلك النظره من عينيه ثم خرج صوته مهدئ حنون ولكن قوي قوه تليق به فقط :-
_انا عمري ماهمني الناس انتي مراتي بنسبالي روحي مبعرفش اكون مرتاح غير وانتي معايا تعرفي اوقات غصبا عني لما كنت بره مسافر وانتي مش معايا كنت بلاقي نفسي اجيب صورنا واخودها في حضني وأسأل نفسي واحاول افتكر كل مناسبه اخذنا فيها الصور دي؟ يعني مثلا كنا بنضحك هنا ليه طب انتي مكنتيش بتبوصيلي هنا ليه..وماكنتش بنام غير لما افتكر كل التفاصيل دي وافضل اضحك عليها
اردف هو بقوه يتابع ما بدأ:-
_انا يا حورية مش شايف نفسي استثنائي ولا غريب الغريب هو إلي مش بيعرف يكون سعيد مع الست إلي قلبه اختارها ،انتي حبيبتي وام ابني الوحيد واكيد هتكوني في المستقبل قريب ان شاء الله ام اولادي الثانيين منك برده.. اقول لك على حاجه كمان انا بقيت بحب غيرتك عليا قوي بجنون ولما يعدي موقف وما اشوفكيش غيران عليا بضايق اوي من جوايا واقعد اسال نفسي هي بطلت تحبني ولا ايه؟ رغم برده أن انا عارف انك واثقه فيا وان عمري ماهشوف ست اجمل ولا اذكي منك تخليني احبها كده
ليخرج صوته رخيم قوي من بين شفتيه التي ارتسمت فوقها ابتسامه واثقه :-
_ احب اقولك ان حتي غيرتك عليا يعني الغيره الطبيعيه مش بحبها فيكي ولا بحس بحبك ليا من خلالها علي الرغم من كدا انا أهو بقولها ليكي بنفسي غيري عليا بزياده حتي لو واثقه فيا لأن غيرتك الزياده عليا هي اللي بتكشف انك اد ايه بتحبني أوي رغم أنها برضه أوقات بتوصل لي مشاكل ما بينما ..كفايه يا حوريه وقفتك جنبي حتي لو بالكلمه الحلوه وضحكتك في وشي في عز الضيقه كانت بتهون عليا كتير اوي
تضخم قلب حورية بحب وعدم تصديق من كلماته الذي يصف بها حبه وعشقه المتيم لها، عشقه الذي طلامه تراه تاج فوق رأسها وقد لمست كلماته قلب حورية لتدفئه حين قالت بصوتها الهادئة الذي يملؤه الاسف و العاطفية الجيشه:-
_مش انا من شويه كنت بقول لك وريني بتحبني ازاي وباشكك في حبك ليا؟ انا سحبت كلمتي واتراجعت لاني مش هعرف دلوقت ارد عليك باي حاجه توصف مدى حبي ومشاعري وانت بتقول الكلام ده.. لا وكمان عيني مش بتلمع وتطلع قلوب دلوقتي وبس! لا دي بتلمع وكمان بتطلع فراشات.. انا بحبك اوي اوي يا قاسم وعاوزاكي دايما جنبي وفي حياتي
أقترب منها يجذبها داخل أحضانه واخذ يقبل شعرها بقبلات رقيقه ناعمه وهو يمسد فوق شعرها بيده الخاليه قائلًا من بين قبلاته بصوت اجش هادئ يغزوه الدفئ :-
_انا مش بقول لك كده عشان مستني منك رد
انا بوصفلك مشاعري اللي حاسس بيها واللي هي حقيقه.. وكفايه عليا تقولي لي بحبك وانا شايف عيونك بتلمع وبتقوليلها بصدق
ابتعدت عنه وهى تبتسم بحب وهو أيضا بينما
جائت انماله تحيط بوجنتيها وتمسح عليهم برقه نازعه اياها من دوامه مشاعرها المضطربة وخجلها وكانت بحركة مباغتاً اياها بحركه مفاجأه حين امتدت انماله خلف رأسها تتخلل اصابعه خصلات شعرها الحريري ليتحكم بها قبل ان يجذبها بداخل احضانه و يسند رأسها فوق صدره يضمها له بحمايه واخذ يربت فوق شعرها بحنو نزولاً بظهرها علي طول عمودها الفقري في صمت تام لم يخلو من اصوات انفاسهم المتصاعده اثر تقاربهم.
حاله من صمت دامت للحظات فهي حقاً لا تعرف ماذا يجب عليها ان تفعل الان؟ لكنها الآن بحاجه تظل هكذا بين احضانه لحمايتها وقد اقشعر جسدها من الدفئ وجسده الهادئ الذي قربه منها ارتخت عضلات حورية لتبتعد عنه برفق واخذت تحدق به بعشق خالص له قائله بصوت حنونه:-
_احنا مرينا بحاجات كثيره قوي يا قاسم حاجات حتى لو كنت زمان قاعده افكر فيها انها ممكن تحصلي ما كنتش هاصدق بس الحمد لله عارفنا نعدي كل ده مع بعض والاهم حبنا لبعض كمان كنا محافظين عليه لحد اخر نفس فينا.. عشان فعلا نصيبنا وقدرنا كانوا مكتوبين لبعض من اول يوم شفنا بعض فيه.
ارتفعت حورية علي اطراف اصابعها هامسه باذنه لتجعل قلبها وقلبه يرتجف داخل صدرهم وهي تحرك شفتيها بهمس:-
_"بحبك"
ارتسمت فوق وجهه ابتسامه مشرقه قبل ان يدفن رأسه بعنقها مقبلاً اياها بحنان وشغف:-
_"وأنا بموت فيكي يا حورية قلبي"
تمت بحمد الله