رواية حبيبت عبد الرحمن الفصل الحادي والعشرون21 والثاني والعشرون22 بقلم سلوي فاضل


 رواية حبيبت عبد الرحمن الفصل الحادي والعشرون21 والثاني والعشرون22 بقلم سلوي فاضل

اكمل عادل باقي يومه كالمعتاد بينما عادت حسناء بحال غير الحال وتبدلت الي حال افضل بل كادت تطير من السعادة .
دخلت حسناء بسعادة تنادي والدتها وعندما لم تجيبها تذكرت 
- شكل الفرحة نسيتني هي اكيد عند ضرتي الجديدة قصدي جارتنا الجديدة .
بدلت ملابسها وصعدتت اليها تدق الباب بسعادة شديدة .
والدتها من الداخل: ربنا يفرحك كمان وكمان ياللي بتخبط بس بالراحة على الباب وعلينا .
فتحت الباب فوجدت حسناء مشرقة وعلي وجهها ابتسامة سعادة  شديدة: من بوءك لباب السما أُمَّاه .
ضمت والدتها وقبلتها .
والدتها: ربنا يكملك بعقلك يا بنتي .
حسناء: ما هو أنت  لو عرفتي اللي حصل مش هتصدقي وهتعملي زي كده بالظبط .
سلمي من الداخل بابتسامة رقيقة: يبقي تدخلي وتحكي لنا وتفرحينا معاكي ، ربنا يديم فرحتك .
اتجهت اليها بابتسامة صافحتها:
- أنا اسفة على الدخلة دي والازعاج بس فرحانة قوي .
- ما تقولي يا بنتي شوقتينا .
- أخيرًا يا امي أخيرًا ورقي خلص وكله كمان مش فاضل غير امضت المدير .
ابتسمت والدتها وبينما شردت سلمي 
- بجد يا بنتي أخيرًا .
حسناء: اه يا امي ويا سلام لو تشوفي وشه لما عرف كان مش طايق نفسه بس قالي مش هيمضي الورق ويقرفني عارفة قال كمان ان حد هو اللي خلص لي الورق مش عارفة مين ؟ تفتكرى مين يا ماما ؟!
والدتها وهي تنظر الي سلمي:
- المهم ان الورق خلص أخيرًا عقبال ما يمضي ويتقبل في المدرسة اللي قولتي عليها و تترحمي من مشوار كل يوم ده .
- اه يا ماما بجد مش عارفة وقتها ممكن اعمل أيه فعلاً .
- أنا اقولك تعملي كوبايتين شاي مظبوط نشربهم سوا .
 - لا أنا هقوم اعمل الشاي واجي.

دخلت والدت حسناء المطبخ وتحدثت سلمي
- استغل أنا بقي حالة الانبساط دي واسألك أيه مش بتيجي تقعدي معايا أنت  مش حابة وجودي ومتضايقة ان طنط بتقعد معايا أنا اسفة اني شغلتها عنك .
احرجت حسناء ولم تتوقع ان تفهم الاخري ابتعادها بتلك الطريقة:
- لا والله واسفة اني وصلت لك الفكرة دي .
. – طيب مش بتيجي تقعدي معايا ليه؟ وما تقوليش مش فاضية عشان ساعات طنط بتقولي انك تحت ومش عايزة تطلعي تقعدي معايا .
- مش هعرف اتحجج يعني ( أومأت لها مؤكدة وهي تبتسم ) طيب ما تعديها المرة دي وأنا أوعدك اني اطلع لما جوزك ما يكونش هنا ما هبقي فاضية ومش ورايا مشاوير و ورقي خلاص فاضله تكه ويخلص ادعي لي سي سيد يمضي بسلام .
- لو هتطلعي يبقي اعديها 
- خلاص اتفقنا .
- أنت  عارف. ان عمري ما كان عندي اصحاب خالص .
- تصدقي أنا كمان كانوا بيقولوا عليا معقدة اقولك من النهاردة نبقي اصحاب بس أوعي تقولي عليا معقدة .
- مش هقول المهم توفي بكلامك .
مر اليوم بسعادة أخيرًا على حسناء ومن فرط سعادتها سهت عن امر ذلك الشخص الذي استطاعت من خلاله انهاء أوراقها ؛ لم يكن باليوم السعيد للجميع فكان بداخل سلمي حزن والم هي وحدها تعلم سببه ولم يشعر بها سواها هي وهي فقط من تتألم في صَمت . و باليوم التالي ذهبت لعملها وقدمت أوراقها لمديرها وعلي غير ما توقعت حصلت على امضاءه بسهولة وقبل خروجها قابلت سوزان و وجهها محتقن بالدماء ثارت عليها احتدت في الكلام وكان حديثها معها قريب من الصراخ .
- خلصتِ ورق وهتغورى من هنا فاكرة انك خلاص ارتاحتي لا يا حلوة أنت  ملقف مطمع لكل حد معدى ما تفتكريش انك احسن واحدة في الكون أنت  عانس وبايرة وكحيانة لو حد بص لاخلاقك هيغور من فقرك ويوم ما حد يفكر يتجوزك أو يقرب منك هيكون لسبب فوقي كدة و ما تحلميش كتير.

نظرت لها حسناء من اعلاها لأسفلها لم تجب أو تعلق عليها حاولت ان تبدوا ثابته ولم تهتز ولكن في داخلها كانت  هلامية فتلك الكلمات ضربتها في مقتل هي تعلم ان الأيام مرت بها وكبر عمرها ودخلت مرحلة العنوسة ويا لها من كلمة مرة ثقيلة على قلبها رحلت حسناء وكلمات سوزان تدور بخلدها كانت  تمشي بطريقها واجمة لبعض الوقت حتى قررت ابعاد تلك السموم عن عقلها وان تسعد بما وصلت اليه ومع بعض الخطوات للأمام نمت ابتسامتها على شفاهها بالتدريج حتى ارتسمت ضحكة واسعة على وجهها اتجهت الي مكان عملها الجديد وقدمت أوراقها هناك.

دخلت حسناء الي مكتب الموظف المختص لتسليم أوراقها وبالداخل كان هناك عبد الرحمن طرقت حسناء الباب نظر اليها عبد الرحمن ولفته بشدة شِدة شبهها لحبيبة تكاد تكون هي بدأ عقله في متابعة تفاصيلها ومواطن اختلافها عنها .
- صباح الخير أنا المدرسة الجديدة ومعايا الأوراق كلها موقعة.
الموظف المختص:
- أيوة اتفضلي هما بلغوني انك جاية قريب بس ما توقعتش السرعة دى .
- هو الامور في الاخر تمت بسرعة الحمد لله .
- طيب تمام هتسيبي الورق النهاردة وتعدى بكرة وتيجي بعد بكرة تستلمي ويتحدد لك جدول الحصص بتاعك .
- تمام يعني أنا النهاردة امشي خلاص كدة واجى بعد بكرة و مش مطلوب مني أي أوراق أو حاجة تانية .
- بالظبط كدة .
استأذنت حسناء و انصرفت.

طوال حديث حسناء مع الموظف وعبد الرحمن شارد في تفاصيلها يفرز مواصفاتها يحدد أوجة تشابهها واختلافها مع حبيبة وبالنهاية ترجم انها سوف تعمل معه بالمدرسة.
عادت حسناء للبيت سعيدة مرحة وبالبيت وجدت والدتها بالداخل .
- لا ده النهاردة يوم سعدي بقي ست الكل هنا في البيت وادخل الاقي قمرى واقفة في المطبخ اعادتي الي ذاكرتي يا أُمَّاه ذكريات الماضي القريب .
- لا دا احنا مزاجنا عالي قوي ما تفرحيني معاكي .
- أخيرًا يا ماما الغمة انزاحت وورقي خلص كله وقدمته في المدرسة الجديدة وكمان بكرة راحة مش هروح في مكان يعني على قلبك يا ست الحبايب وبعد بكرة ان شاء الله أول يوم عمل ليّا في المدرسة الجديدة بعيداً عن سي سيد .
- ربنا يسعدك كمان وكمان يا بنتي ويحقق لك كل اللي تتمنيه ويبعد عنك السوء ويفرحك ويريح قلبك
- تسلمي لي يا ماما ، قولي لي خير يعني ما طلعتيش ليه لسلمي على غير العادة .
- عادل فوق ما خرجش النهاردة راحوا للدكتورة عشان التعب زاد عليها جامد يا بنتي ربنا يعفوا عنها .
- شايفة انك اخدتي على اسمه أيه ده وبتتعاملي معاه كأنه ابنك بجد بالرغم من اني مش طايقاه وهو مسئول عن حالة سلمي وحملها التاني وهي تعبانة كدة .
- بطلي تحكمي بالظاهر و جربي تسمعي قبل ما تصدرى احكام  و توزعي اتهامات للي حواليكي . ادخلي غيري عشان لما يرجعوا هطلع اديهم الغدا واشوفهم محتاجين أيه .
- هتطلعي وافضل لوحدي، مش بتقولي هو معاها خليكي معايا أنت  .
- تعالي معايا مش قولت لها هتكونوا اصحاب يبقي لازم تكوني مع صاحبتك في شدتها ولا أيه ؟ 
- لوكانت  لوحدها كنت طلعت هطلع أنا الصبح.
 - ماشي على العموم مش هَأتاخر هطمن عليها بس.

جلست حسناء مع والدتها قصت لما كل ما حدث خلال اليوم تحدثا وضحكا وعندما وصلت سلمي وعادل صعدت والدت حسناء لتطمئن عليهما وعادت الي حسناء وهي حزينة من اجل سلمي مر اليوم و بالصباح بعد ان غادر عادل صعدت حسناء الي سلمي جلست معها بغرفتها سلمي مستلقية على الفراش نصف جالسة و حسناء تجلس مقابلة لها على الفراش اما والدتها فكانت  تهتم بامور منزل سلمي و لم يكن صغيرهم انس استيقظ بعد .
بعد أن خرج عادل بقليل تذكر انه نسي بعض الأوراق بالمنزل فعاد مرة اخرى الي هناك وقبل ان يطرق باب الغرفة لتيقنه من وجود حسناء بالداخل سمعها تحدث سلمي

بعد أن خرج عادل بقليل تذكر انه نسي بعض الأوراق بالمنزل فعاد مرة اخرى الي هناك وقبل ان يطرق باب الغرفة لتيقنه من وجود حسناء بالداخل سمعها تحدث سلمي:
- الصراحة ومن غير ما تزعلي أنا مغلطاكِ مهما ضغط عليكِ واجبرك انك تحملي وصحتك تعبانة ازاى تهون عليكِ نفسك وتطاوعيه وتحملي ومش مرة واحدة لا اتنين أنت  مش قادرة تتحركي من مكانك ازاى تطاوعيه كدة .
الحزن ، الحزن والالم هما الشعوران اللذان تملكا منه هي تراه بتلك الصورة البشعة المتجبر الغير مبالي بمن حوله لم يستطع ان يظل لفترة اطول ترك ما اتي من اجله وعاد حيثما كان لن يستطيع المواجهة اما بالداخل بعد ان انهت حسناء جملتها 
- ليه بتقولي انه اجبرني ده ما حصلش أبدًا بالعكس هو كان بيثور عليّا كل مرة يعرف اني حامل والمرة دي وعشان تعبي ما كانش بيقدر يتعصب أو يتكلم .
نظرت لها بعدم تصديق وكانها تقول لا تدافعي فلن اصدقك ، فاكملت سلمي:
- أنا ها احكي لك من الأول وأنت  بقي ابقي احكمي لوحدك ماشي 
أومأت لها حسناء موافقة 
- اهلي و اهله كانوا جيران من قبل ما أنا اتولد اصلا وكانوا اصحاب امي وامه دايما مع بعض بيتنا بيتهم و بيتهم بيتنا سنتين واتولدت أنا يعني الفرق بيني وبينه ست سنين فتحت عنيا لقيته قدامي عارفة قصت البنت اللي حبت ابن الجيران 
 -وهو؟
- ولا الهوا مجرد بنت صاحبت مامته وممكن تكون اخته ، كل يوم اعجب به اكتر من اللي قبله ما شوفتش غيره كنت دايما ضعيفة ومش بقدر على مجهود وكل ما اكبر تعبي يظهر وأنا في اعدادي الموضوع كبر لدرجة ان ي دخلت المستشفي والكل عرف حالتي ماما وبابا تعبوا والحزن اكلهم خصوصا اني وحيدتهم من حزن امي عليا تعبت واتملكها المرض و بعد ما خلصت ثانوي وقدمت ورقي في الجامعة بابا توفي في حادثة ومن صدمة امي وحزها على فراقه حصلته بعدها بشهر واحد وفضلت أنا وحيدة في الدنيا من غير اهل ولا معارف ماليش غير والدت عادل ، وعشت لوحدي.

- يعني عشان اهلك ماتوا يستغلك ويستقوى عليكِ .
ابتسمت سلمي بيأس:
- يا بنتي اسمعي وبعدين احكمي، بالعكس عادل عمره ما فرض عليا حاجة بالعكس أنا اللي اتفرضت عليه . بصي أنا طبعا بعدها تعبت ودخلت المستشفي وفضلت هناك فترة طويلة طنط مامت عادل وهو ما سبونيش أبدًا ولما خرجت طنط عليَّة مامته كانت  بتبات معايا كمان وكتير وعدت الأيام كده وطبعا أنا كنت بتعلق به اكتر لوقوفه جنبي وكنت حاسة انه كل عيلتي واسرتي ، المهم كلام الناس كتر وبقوا يتغمزا عليّا فيي الرايحة والجاية والغمز بقي كلام وتلميح وبعدين تلقيح ووقتها مامته كلمته والمفروض انهم اتكلموا من ورايا ما يعرفوش لحد النهاردة اني سمعت كلامهم .
- اللي هو أيه اللي سمعتيه؟ 
- طنط عليَّة عرضت عليه انه يتجوزني وقالت له انها شايفة ان اهتمامه بيَّا حب كان رده انه حب بس اخوي بعيد عن الجواز 
- وبعدين ؟
- سألته ان كان في واحدة عايز يتجوزها ولما كان رده لأ قالت له يتجوزني وانه مش هيلاقي واحدة تحبه زيي  ( تَنَهَدت واغمضت عينها بالم ) فهمت وقتها اني كنت مكشوفة قوي بس هو ما كانش شايف لا حبي ولا أنا كلي على بعضي ، فضل فترة يكابر لحد ما في مرة سمع حد بيتكلم عليا وحش اتخانق معاه خناقة كبير والشارع كله اتلم والحقيقة هما الاتنين طحنوا بعض .
- وطبعا كلام الناس زاد .
- زاد دي كلمة قليلة لدرجة اني كنت عايزة اعزل .
- ومامته وافقت؟!
- ما اداش فرصة لمامته انها ترفض أو تقبل ولا حتى سابني اكمل الجملة
- امال عمل أيه؟
سلمي:
- احتد عليا في الكلام في الظروف العادية كان قلب الدنيا بس عشان خاف اتعب كان بيحاول يكون هادى فاتكلم بصوت مش عالي بس بحدة قالي بالحرف
      " أنت  فاكرة لو نقلتي وقعدتي لوحدك هيكون حل لأ ، أنت  وقتها هتشوفي الأسوأ هتلاقي اللي بيخبطوا عليكِ في انصاص الليالي ويتجاوزوا حدودهم و اللي هيرزلوا عليكِ في الراحة والجاية مش سيرتك بس اللي هتكون لبانة لا سمعتك كمان "
حسناء:
- هو ده اللي ربنا قدره عليه؟!
تنهدت بيأس:
- ما فيش فايدة لا يا سيدتي مش ده اللي ربنا قدره عليه، بس أنا حقيقي مش قادرة اكمل وعايزة أنام جدًا ممكن بس تديني العلاج.

اشفقت عليها حسناء واحرجت لأنها اهتمت بالحكاية ونسيت ان سلمي تحتاج الي الراحة لا الي الارهاق ناولتها ادويتها وظلت بجانبها حتى غفت ثم تركتها ترتاح وذهبت لوالدتها تعاونها.
مر يوم والتالي ازدادت حالة سلمي سوءا اشفقت حسناء عليها وبشدة. وجدت نفسها تهتم بالطفل الصغير أنس تداعبه من الحين للأخر تأتي من عملها لوالدتها تساعدها بالأعلى عند سلمي وعندما يعود عادل تتجنب النظر اليه تشعر من داخلها ان هناك سبب أخر يجعلها تعامله بتلك الطريقة غير السبب المعلن والذي تتعمد اظهاره للجميع، اما هو فكان يشعر بالضيق للصورة التي سمعها تتحدث بها عنه و ايقن انها ان علمت بما فعله من أجلها ظنت به السوء.
بدأت حسناء تلاحظ نظرات عبد الرحمن لها فان جلست معه بنفس المكان أو مرت من امامه نظر اليها وتمعن النظر بها لا يبعد عينه عنها لمدة طويلة بالبداية بطبيعة الأنثى وخصوصا بحال حسناء شعرت بسعادة بالبداية فهي كانت مفتقدة لنظرات الاعجاب لا لنظرات الشفقة التي تراها كثيراً من جميع من حولها حتى والدتها أحيانًا، ولكن سرعان ما بدأت تشعر بالضيق منها فهي بطبيعتها جدية بعملها خصوصا مع معاملة الجنس الاخر .
 
عادت حسناء للبيت فوجدت والدتها وضعت الطعام على المائدة .

- خير اللهم اجعله خير، والله مش مصدقة نفسي ماما هنا وعملت الاكل وعلى الترابيزة كمان وسخن، لا لا لا أي يا أُمَّاه أنت  ما عملتيش كده من وقت وفاة بابا الله يرحمه .
- غلَباوية قوي، يا سيتي الموضوع ان عادل مسافر يومين وهو فوق وهيمشي على آخر اليوم فعملت الاكل وجهزته عشان على ما نتغدي يكون خلص وماشي نطلع أنا وأنت نقعد معاها وفي الغلب هنبات معاها كمان.
- ما شي يا ماما أنا هدخل اغير.
- بسرعة بس قولي لي أيه اللي فايدك ده.
حسناء وقد احمر وجهها:
- دي لعبة عشان انس.
- امممم ماشي بسرعة يلا.
بدلت حسناء ملابسها وجلست تتناول الطعام مع والدتها واعادوا تنظيم المكان وبعد قليل صعدوا الي سلمي وكان عادل على وشك المغادرة 
- خلاص يا ابني جهزت نفسك.
-  اه تمام معلش هنتعبكم معاَنا.
-  يا ابني الجيران لبعضيها وأنتم مليتوا عليا حياتي أنا كنت بزهق طول ما حسناء برة وكمان حسناء أخيرًا بقي لها صاحبة.
وقفت حسناء محمرة الوجه لم تركز في حديثهم، بل تركز فقط في رد فعلهم عندما يلاحظوا اللعبة التي معها ورد فعل عادل، اما عادل فكانت  كلماتها تتردد في عقله وتشعِره بالحزن، تحرك الصغير انس نحو حسناء بفضول طفل لمح علبة ملونة امامه وعليها رسومات ملفته للأطفال و بدأ يجذب الكيس ويحاول فتحه كانت  سلمي جالسة بالمكان معهم ولاحظت منذ دخول حسناء ما معها وحالتها تلك شعرت بغصة بالبداية اخفتها سريعا لم تنتبه اليها حسناء من شدة توترها ، ذهب نظر عادل الي انس وما يحاول فعله.

- شكلك جالك هدية يا انس من كتير قوي ما حدش جاب لك هدية ، أيه ده يا حسناء؟
أنتبه عادل لسؤال سلمي ونظر لحسناء ولوجهها شديد الحمرة وشرد بها 
 حاولت ان تبد ا طبيعية وتتخلي عن احراجها:
 - دي لعبة عجبنتي وقولت انس هيحبها .
ابتسم عادل برضا شعر ان وجوده يحرج حسناء فقرر المغادرة سريعاً اشفاقاً عليها
- مبروك عليك يا انس استأذن أنا يا جماعة .
- توصل بالسلامة ابقي طمني عليك هَانتظر منك مكالمة 
تركهم وغادر اخذت حسناء نفس عميق بعد رحيله 
-عاملة أيه دلوقتي يا بنتي؟ تحبي تدخلي ترتاحي في سريرك احسن .
- الحمد لله كويسة ما تقلقيش عليَّا أنا حقعد معاكم شوية ولما تنزلوا ابقي أنام أنا .
-  لا ننزل أيه احنا هنبات معاكي هنا أنا وحسناء.
سلمي:بجد يا حسناء هتباتي .
- والله لو مش هتضايقي يبقي اكيد هبات ونقعد نرغي لحد ما نقع في النوم من غير ما نحس كمان .
ابتسمت سلمي بسعادة فبهذه الفترة تحقق لها عدة امنيات شعرت مرة اخرى بخوف ورعاية الام من خلال والدت حسناء التي ترعاها كما كانت  تفعل والدتها واكثر واحساس الصداقة والاخوة من حسناء والغيرة ايضا فكل هذه الاحاسيس تمنتها يوما وكأن القدر اراد ان يكافئها باخر أيامها فهي اصبحت تشعر باقتراب الاجل واقتراب كلمة النهاية واسدال ستار حياتها بلا عودة، وبعد مرور بعض الوقت 
- كفاية كدة يا بنات نوم بقي يلا يا سلمي يا بنتي عشان ما تتعبيش لازم ترتاحي الدكتورة نبهت لازم ترتاحي على قد ما تقدرى .
- مش هتفرق دقيقة ولا اتنين زيادة أو نقص ادام النهاية واحدة .
- أيه اللي بتقوليه ده استغفري ربنا وتفائلي خير .
- ليه كده بس يا بنتي ربنا يشفيكي يا رب ويخليكي تربي ولادك وتفرحي بهم قادر يا كريم .

نهضت سلمي وعاونتها حسناء وتحركتا نحو الغرفة اثناء حديث حسناء .
- تعالي ندخل نقعد في السرير وتكملي لي الحكاية لو قادرة ما أنت  مش هتسبيني متعلقة كدة ولا أيه .
- ما تتعبيهاش يا حسناء سبيها ترتاح أنا هاخد انس في حضني وننام صح يا انس هتنام في حضن تيتة .
تبسم لها الصغير بمداعبة دخل كل منهم مكان نومهم .
- خلاص يا سيتي اعفا النهاردة واحكي لما تكوني كويسة .
- هو في احلي من النهاردة نحكي ونرغي فيه 
 - والأوامر اللي صدرت بره.
-عتبري انك قدمتي التماس واتقبل ولا مش عايزة تعرفي الباقي .
وكانت  سلمي استلقت على الفراش وسندت ظهرها على الوسادات الموضوعة على ظهر الفراش فجلست حسناء بتعجل 
- لا أنا عندي فضول من هنا لسنتين قدام .
- فكريني وصلنا لفين .
- لما اتخانق وكنت عايزة تنقلي واتخانق معاكي .
سلمي لا حول ولا قوة الا بالله ما قولتش اتخانق معايا قولت مسك نفسه عن انه يزعق لي وشد عليا في الكلام .
- ما علينا ، وبعدين .
- بعد ما قال كدة سألته طنط والحل أيه و قال اللي خضني وافق اننا نتجوز وفعلا كتبنا الكتاب في حضور معظم الجيران خصوصا الرغايين والنمامين والحشريين عشان متاكدين ان خبر كتب الكتاب يتعرف للكل كان جوايا سؤال وتمني السؤال هو ليه رضي يتجوزني وربط نفسه بيَّا واحدة مريضة ومالهاش حد وهو مش بيحبني واتمنيت انه يكون حس ببداية شعور تاني ليَّا غير الاخوة .
 م- وبعدين مش وقت تشويق .
- بطبيعة الأنثى ما قدرتش اصبر كتير وفضلت اهرى مع نفسي لحد ما في مرة اخدت قراري وسألته وكان كعادته صريح مش بيحب الكذب مع اني اتمنيت بعدها انه كان كذب عليا افضل وقبل ما تسالي قالي بالحرف 
      " بصي يا سلمي أنا ههكون صريح معاكي ومش هاحاول الف وادور عليكِ أنا لحد النهاردة ما قابلتش أي واحدة تشدني وارفض اتجوز غيرها أنت  كل حاجة فيكي جميلة ادبك واخلاقك طبعك خجلك كل حاجة فيكي لدرجة اني سألت نفسي ليه ما حبتكيش وعملنا الحكاية اللي البطل يحب بنت الجيران ويتجوزوا في الاخر بس ممكن نعمل حكاية البطل اللي اتجوز البطلة الجميلة وكونوا حياة هادية وجميلة زي البطلة يمكن مع الأيام تتولد اجمل قصة حب في الدنيا وبدل ما عنتر لف الدنيا عشان يقدر يتجوز عبلة وكتب فيها شعر وهما بعاد نكتبه احنا في القرب والمهم اننا بنحترم بعض ونقدر بعض وأوعدك اني هعمل كل حاجة تسعدك وعمرى ما اضايقك أو اتعبك " 
- وحبك مع الوقت ؟ وأنت  بتحبيه صح ؟
- لا هو لسه في مرحلة الاحترام عمره ما ضايقني دايما مهتم بيَّا وبصحتي وبالبيت أنا بحبه من زمان وحاولت والله يا حسناء بكل الطرق انه يحبني بس فعلا القلوب مش بإيدينا سبحان مقلب القلوب .
- ما تزعليش نفسك بكرة يندم .
مسحت سلمي دموعها التي انسابت:
- لا أوعي تقولي كدة مش عايزاه يندم هو يستاهل كل خير عارفة هو ما كانش عايزني احمل لا وقت حملي في انس ولا حتى المرة دي أنا اللي حطيته قدام الامر الواقع لما حصل الحمل حتى احم العلاقة قليلة جدًا عشان ما اتعبش عادل فعلا مثل يدرس ونعم الزوج دعوة امي ليا زي ما بسمع .
- أنت  بتدافعي عنه والسلام ازاى يعني ما ضغطش عليكِ ما أنت  لو كان نفسك في احساس الامومة فحسيتي بده في حملك الأول وانس ما شاء الله عسل وسكر ولسه صغير قوي .
- كنت عايزة اثبت له واثبت لنفسي ان عادية زي أي ست ممكن احمل مرة واتنين وتلاتة واني مش ناقصة أو قليلة .
- بس أنت  فعلا مش ناقصة أو قليلة يا سلمي كفاية طيبتك وبعدين في ستات كتير مش تعبانين وربنا ما ارادش يكون عندهم أولاد وفي زيي اهو ما اتجوزوش اصلا نعمل أيه بقي ننتحر .
سلمي وانهمرت دموعها: ساعات بحس اني حملت تاني عشان أنت حر بطريقة مشروعة كنت عارفة ان حملي في خطر كبير عليا ومع ذلك كنت مصرة بعمل كل حاجة عشان احمل بعيش احساس الموت كل يوم تقريبا روحي بتتسحب مني واطرافي تتلج وتتشنج بعجز عن الحركة والكلام . نفسي اريحه مني ومن تعبي نفسي يلاقي الي تديله الحب ويبادلها الحب هو كمان يدوق حلاوته وعذابه عشان حلاوة الحب في عذابه بس عايزاة يدوق حلاوته كمان وهي اللي تبقي حلاوته وبس .
- اغرب امنية الصراحة ، ربنا يديكي على قد نيِّتك ويفرحك يا رب .
-  أنا تعبت وعايزة أنام مش هاتنامي بقي .
- وأنا والله فعلا محتاجة أنام جدًا .

استلقيا كلاهما على الفراش و والت سلمي ظهرها لحسناء اغمضت عينها بالم وانسابت دموعها في صمت وحدثت نفسها دون صوت .
سلمي لنفسها:
 «آاااااه أنا تعبت قوي قوي يا رب أنا فعلا عايزاه يفرح ويحب لكن قلبي واجعني قوي فرحانة عشانه وموجوعة لانه ما حبنيش أنا كان نفسي يحبني واعيش الحب ولو أيام معدودة كان نفسي اعيش معاه حاجات كتير أنا بقرب منها وبحكي لها اللي يخليها تديه فرصة يمكن تحس به مش عايزاه يحب من طرف واحد ويتعب زيي هو استحمل عشاني كتير كفاية انه اتجوزني عشان يحميني من كلام الناس وما اكونش وحيدة في اخر أيامي» ( اغلقت عينها بألم وانسابت دموعها بغزارة وصمت تأوهت بداخلها ) آااااه .
اما حسناء فحدثت نفسها ايضا .
حسناء «أممم الراجل الغامض بسلامته سلمي بتقول فيه شعر مش عارفة مين فيهم اللي طيب ولا أنا الشريرة ؛ اممم مش عارفة هو أنا اصلا شاغلة نفسي ليه وأنا مالي».

اما في مكان اخر عند عادل كان جالس بالقطار شارد يحدث نفسه ايضا .
عادل بداخله:
«وبعدين معاك يا عادل فوق واصحي كده خليك زي عادتك وصارح نفسك اللي بتفكر فيه وبتتمناه صعب يمكن مستحيل أولا هي مش طايقاك اصلا وشايفة انك مستقوي على سلمي وأنت  سمعتها بنفسك ؛ ثانيا بقي سلمي أنت  وعدتها عمرك ما تجرحها ولا تتجوز عليها وهي حبتك وعملت كل اللي تقدر عليه واللي ما تقدرش عليه عشان تسعدك ما رضيتش تكون أنانية وحملت بدل المرة اتنين لدرجة ان صحتها تعبت جامد واتاخرت بسبب الحمل وممكن تفقد حياتها كمان فالمقابل ما يبقاش انك تحب عليها في حياتها أنت  متأكد انها حَسّت بحبك لحسناء واهتمامك بها لازم تحجم نفسك كفاية عليها وجع ثالث حاجة أنت  حاليا متجوز ومعاك طفل والتاني في الطريق وهي لسه انسة وحلوة ومحترمة وقافلة على نفسها و محوشاها لصاحب النصيب ما ينفعش تظلمها اكتر ما هي مظلومة من المجتمع اللي احنا عايشين فيه ؛ ابعد عنها وسيبها في حالها وارحم قلبك وقلب سلمي المجروح» .

هكذا أنته اليوم بقلوب حزينه واخرى حائرة، مرت عدة أيام عاد عادل حاول قدر المستطاع تجنب حسناء وهي فعلت المثل وسلمي تراقب وينفطر قلبها وبالمدرسة لدي حسناء استمر عبد لرحمن لا يقاوم نفسه كلما رأها ثبت بصرة عليها ورأها حبيبة بكل تفاصيلها لا يحب التحدث معها لاختلاف نبرتها عن حبيبة ولكن يحب النظر اليها والتمعن بها ؛ اما حسناء فكان هذا يرضي غرورها كانثي كثيراَ وأحيانًا ما كانت  تشعر بالضيق من ملاحقتها بعينيه ظنت انه اعجاب أو ربما حب من أول نظرة تسائلت هل أخيرًا وجدت الحب ولكنها لا تشعر بأي شئ تجاهه بل أحيانًا تشعر بالضجر . حسمت امرها وتجاهلت ما يحدث فهي لا تريد احداث المشاكل تريد الصفاء الذهني فقط .
اسبوع والاخر مر ابتعد عادل بالبداية وهي ايضا ولكنه لم يستطع الإبتعاد الكامل عنها اشتاق لسماع صوتها أو ملاقاتها صعودا أو هبوطا فعاد لتعامله العادي معها يختلس النظر اليها من الحين الي الاخر وهي ايضا تفعل المثل لم تسأل نفسها لما ولكنها شعرت بالفترة التي تجنبها بالاشتياق اليه ومشاكلته اشتاقت الي نبرته الموزونة وسعدت بعودته الي طبيعته معها وسلمي تتابعهما، تراقب تصرفاتهما تفهمهما اكثر من انفسهم تعلم الحب ذاقت عذابه ولم يؤتها الحظ ان تتذوق حلاوته اكتفت بقربها من حبيبها وان لم يشعر بها، تمدحه دوما امام حسناء لم تنافق، فقط تصفه كما تراه بعين المحب، تحترم صَراحته معها واحترامه لها فهو طوال سنوات زواجهم لم يجرحها بكلمة أو نظرة عاملها بلطف وحنان واخلص لها في اهتمامه بها .
مر اسبوعان وبيوم أثناء تواجد حسناء بالمدرسة وكالعادة لاحقتها نظرات عبد الرحمن و وجدت بعض الزملاء قد لاحظوا متابعته لها والابتسامة التي لا تفارقه وهو يمعن النظر بها فلم تجد امامها مهرب سوي الاعتذار عن مواصلة عملها لذلك اليوم والعودة للبيت وبالفعل عادت حسناء ولم تجد والدتها فصعدت لأعلى وما ان اقتربت وجدت باب منزل سلمي مفتوح واستمعت الي حوار دار بين عادل ووالدتها .
- كتر خيرك يا ابني مش عارفة والله اوفيك حقك ازاي من يوم ما ادخلت وخلصت لها ورقها المتاخر واتنقلت وهي رجعت تاني لطبيعتها بتضحك ومرتاحة وبطلت تعيط وتحزن على نفسها .
- بتشكريني على أيه بس كفاية وقفتك جنبنا والله مهما عملت مش هوفيكم حقكم ، وجودكم فرق مع سلمي كتيير قوي وانس ارتبط بيكم وبقي يناديكي تيته عوضتيه عن وفاة والدتي الله يرحمها ربنا يديكي الصحة . أنا همشي دلوقتي يا طنط هتحتاجي حاجة قبل ما امشي .
- تسلم يا ابني من كل شر .
خرج عادل واغلق الباب التفت لينزل الدرج فوجد حسناء امامه وتبدوا غاضبة .
- وحضرتك تدخلت وخلصت الورق اللي واقف عشان يفهموا اني على علاقة بك  وما اهتمتش بشكلي وانك اثبت لهم ان كلامهم صح واحد وقَّف الورق وواحد مشاه وطبعا تلاقيك بتعمل كل ده فاكر انك كده هتضغط عليها عشان اعمل لك اللي عايزة ؛ يبقي ما تعرفنيش أنا مفيش حاجة تضغط عليا مهما حصل .
- تعملي اللي عايزة اللي هو أيه متهيألي اني ما طلبتش منك أي حاجة وساعات اصلا مش بتكلم معاكي من الاساس  .
- وما تقدرش تطلب وخليك مش بتتعامل معايا احسن لولا تعب سلمي أنا كنت اتصرفت بشكل تاني .
ضاق منها لا يعلم سبب عصبيتها الي تلك الدرجة هو فعل ما فعل من اجلها ومن اجل راحتها فقط نظر اليها بضيق وغضب ورحل ؛ بينما هي غاضبة من نفسها وبقوة لم تكن تنوي ان تقذفه بتلك الكلمات هو بالفعل لم يضايقها و لم يطلب منها أي شئ  من البداية بل اخفي عنها انه من عاونها لانهاء تلك الأوراق و كف عنها مضايقات ذلك السيد . عاد كل منهما يتجاهل الاخر ويتجنبه وبدأت حسناء تشعر ان هناك مشاعر تنموا بداخلها له نهرت نفسها وبشدة كيف تفعل هذا بسلمي كيف تتسبب لها في مثل هذا الجرح هي تعلم بشدة حبها لعادل لن تتحمل ان علمت وقد تكون حياتها هي الثمن ولأول مرة تشعر حسناء بالاشمئزاز من نفسها والنفور منها لأول مرة تري نفسها الجاني .
كانت  سلمي تشعر بكل ما يجول بداخل عادل ايقنت انه وجد الحب ويحاول اخفاءه عنها رفقا بها واشفاقا عليها كرهت ضعفها ومرضها تمنت الموت وازداد تعبها بشدة تتدهور صحتها كل ساعة عن التي قبلها تحاملت سلمي على نفسها حتى دخلت الشهر السابع وحينها بدأت تستلم للتعب ؛ ومع المتابعة من الطبية المتابعة لها اخبرتهم ان اشتد تعبها ولم تتحمل اضطروا لاجراء قيصرية لها عمل عادل جاهدا على راحتها رافقها واخذ اجازة من عمله وباحد الأيام مساءا تعبت وبشدة لم تستطع اخذ نفسها أو التحدث كانت  بالكاد تحرك يدها كالغريق الذي يحاول التشبث بأي شئ لينجوا اخذها عادل واسرع الي المستشفي واتصل بالطبيبة المتابعة لها كانت  حالتها تدهورت بشدة لم يستطعوا انقاذها بالكاد انقذوا الجنين انجبت طفلة تحمل منها الكثير تركتها ذكرى منها رحلت تركت الدنيا باحزانها والمها تركت طفلين ذاقوا مرارة اليتم قبل ان يتذوقوا طعم الحياة.

الفراق ومرارته بالرغم من ان عادل لم يشعر بسلمي كحبيبة ولكنه كان يحبها كزوجة حنونة مضحية تنكر ذاتها وفراقها كان صعب وبشدة يرها بكل مكان حوله وكذكرى منها ولها لقب ابنته بسلمي كي يظل يناديها طوال العمر ووفاءا لها ؛ اما حسناء فمرارة الفراق كانت  لازالت في حلقها لم تشفي من مرارة فقد والدها والان سلمي لم تكف عن لوم نفسها لتلك المشاعر التي تحملها لعادل تسأل نفسها دوما هل شعرت بها سلمي هل جرحتها دون ان تشعر هي احبتها بصدق كاخت لها اشفقت عليها لما علمته عن علاقتها بعادل زوجها وعن عذابها وشقاها بحبها .
اما والدت حسناء فبكت فراق سلمي كما لو كانت  ابنتها حقا فهي احبتها وشعرت بها كحسناء زادت من اهتمامها بالصغار ولم تتخلي عنهم تتابع مع عادل حالة المولودة التي لازالت بالمستشفي ( الحضَّانة لم يكتمل نموها ) وتهتم بالصغير انس الذي كلما استطاع الحديث نادى على والدته  فيبكي الجميع فراقها .
شهر مر بعد وفاة سلمي تمالك الجميع نفسه ولازال الحزن يسكن القلوب لم تكف حسناء لوم نفسها على مشاعرها تجاه عادل التى تحاول بكل قوتها وءدها ؛ وبهذه الفترة قرر عبد لرحمن التقدم لها تحدث معها واعلمها بنيته لم تمهل نفسها الفرصة ووافقت على طلبه لتريح ضميرها وتبعد عن عادل واملت ان يكون عبد الرحمن يحبها فهي تري الحب في نظراته ولكن جزء في قلبها وعقلها يحدثها بوجود خطب ما وان ما تراه ليس لها ويخبئ لها امرا ما . لم تمهل نفسها فرصة للتفكير و وافقت هربا من عادل ومن تانيب ضميرها فهي من الاساس لم تتوقع ان يشعر بها عادل هو لم يستطع حب سلمي وهى زوجته و يعرفها منذ الطفولة فبالطبيعية لن يحبها في تلك الفترة القصيرة ولكن لسلطان القلوب رأي اخر .
بالفعل تقدم عبد الرحمن ووافقت حسناء لم ترفض والدتها فرأت ان عبد الرحمن كما يبدو شخص جيد سألت عنه وعلمت عنه طيب اخلاقه وبشاشته الدائمة وإنه لا يفرط في حقه دوماً فوجدت به مقومات الزوج الجيد ومع موافقة حسناء وترحيبها تمت الخطبة وحسب ما ارادت حافظة تم الزواج بسرعة ففي شهر واحد تمت كافة المتطلبات وتم الزفاف .
افاقت حسناء من شرودها على صوت عادل 
- حبيبتي مالك سرحانة في أيه كل ده اغيِر كده وصلنا خلاص . 
نظرت اليه بابتسامة:
- سرحانة فيك طبعا يلا نطلع للأولاد وحشوني قوي . 
أومأ لها واخذ كفها بيده باحتواء وحب وصعدا اليهم 
الفصل الثاني والعشرون 

كل تلك الفترة وحبيبة شاردة بالبلكونة تفكر في كلمات حسناء وكل ما مر عليها طوال العام الماضي عام تبدلت فيه احوالها وحياتها، عدة تغيرات وتحولات منها الجيد ومنها القاتل تشعر بالحيرة والتخبط لا تعلم ما عليها ان تفعل تخشي ان تتخذ القرار الخطأ، تخشي العودة لزوجها يعود اليه المرض ويتركها ويترك الحياة فتتذوق مرارة الفراق مرة اخرى لن تتحمل تلك المرة فهو اغلي من حياتها، وان تركته ماتت وهي على قيد الحياة فالحالتين موت لها، وابنتها، لا تريدها ان تعيش مثلما عاشت هى الحرمان من الاب أو الام أو كلاهما فالحرمان من احدهما مرار والم يفطر القلوب، أنتشلها من ظلمات افكارها دخول محمود الذي اقترب منها ومسد على راسها بحنان 
-متهيألي ده انسب وقت نتكلم فيه .
نظرت إليه بابتسامة منقوصة ويعلو وجهها الحزن والحيرة – جلس امامها ونظر لوجهها 
-شوفتيها بقت ازاي! حقيقي مش مصدق لحد دلوقتي حسيت انها واحدة تانية، عارفة على قد هي ما كانت  صعبانة عليا زمان ، على قد ماهي دلوقتي بقت قوية عارفة و محددة هي عايزة أيه ؟ عارفة يا حبيبة الفرق أيه بالرغم من انها نفس الشخص؟ 
 فنظرت إليه متابعة فهى حقا تتمني ان تكون مثلها وتتخذ القرار الصائب وتترك التخبط الدى لازمها منذ فترة طويلة 

- الفرق انها لجئت لأحبابها والدتها وجوزها أو خطيبها وقتها فتحت قلبها وعقلها سمعتهم وفكرت في كلامهم سابت الشماعة اللي بتعلق عليها اخطاءها وواجهت نفسها وقررت تعيش حياتها صح . 
نظرت اليه حبيبة بحزن وحيرة:
- هو فعلا عبد الرحمن راح لها واعتذر لها ؟ 
-اكيد مافيش سبب يخليها تكذب و الشيك اللي معاكِ اكبر دليل.
-طيب ما قاليش ليه ؟
-يمكن اجلتي الكلام .
ابتسمت حبيبة بحزن: عارف اكتر حاجة فرحتني انكم بقيتوا اصحاب لكن...وصمتت
-كملي ، لكن أيه؟
- كنت بتمني من زمان قوي تبقوا اصحاب من يوم ما تأخرت عليا وأنا في الدرس، اليوم ده اللي غير حياتي. فاكره يا محمود ؟
- ياااه يا حبيبة من  يومها ازاى انسي اليوم اللي قصرت معاكِ فيه واتعرضتي لحاجة تضايقك، دا أنا بلوم نفسي عليه لحد النهاردة بس لو اليوم ده هو سبب جوازك من عبد الرحمن فخلاص لازم اسامح نفسي، على العموم  كله بمعاد واكيد كل اللي مر علينا فيه الخير واحنا مش عارفين ، أنا عمري ما كرهت عبد الرحمن بس كنت بختلف معاه في الاسلوب وخايف عليكِ، ما توقعتش انه ممكن يحب ويتعامل مع مراته كده يمكن كل ده كان لازم نمر به عشان كلنا نعرف غلطنا في أيه ونصلحه يا حبيبة هو صلح غلطه مع طليقته و مع مامته وأنا صلحت غلطي معاه لاني اتاكدت اني ظلمته وقتها، بس المهم اننا دلوقتي اصحاب والأهم عيلة.
-عارف أنا فرحانة قوي انه عمل كده ما تخيلتش أبدًا انه ممكن يعتذر لها دا كمان اداها حقها.

 دمعت حبيبة وسالت بعضها على وجهها:
- عمل كده عشاني يا محمود كان حاسس بيا عارف اني كنت حاسة اني سبب عذابها، دايما بيعرف اللي جوايا من نظرة واحدة . 
- طيب اللي يلاقي حد يحبه ويفهمه كده يسيبه ويبعد عنه ولا يقرب منه ويقويه و يقوي به.

ابعدت نظرها عنه واخفضت وجهها فاكمل:
- عندك اللي مخبياه لسه يا حبيبة.

  نظرت اليه وعينها تأكد كلامه فاسترسل:
- ما اتكلمتيش مع عبد الرحمن ليه ؟
-ما ينفعش
-له علاقة بوالدته.
 أومأت برأسها مؤيدة فتابع حديثه:
- والدته تغيرت، الاصح نقول تبدلت، لا هي اللي جت هنا وتخانقت ولا هي اللي حبستك في البلكونة صدقيني دي كانت  كل يوم  تطمن عليكِ وأنت  بالمستشفى وأنت  بتولدي كانت  قاعدة مع عبد الرحمن على باب العمليات وما اتحركتش من المستشفى غير لما إطمئنت عليكِ وعلي جميلة والأيام اللي فاتت كانت  تكلم عبد الرحمن في الموبيل تطمن وما تجيش عشانك عشان حست إن وجودها بيوترك، حتى يوم السبوع أنا روحت لها لحد عندها  كانت  مش راضية تيجي عشانك، بإختصار يا حبيبة حتى والدته عرفت غلطها وصلحته مش فاضل غيرك يا حبيبة مش ناوية أنت  كمان تصلحي غلطك ؟!
-صعب اصدق يا محمود صعب، أنا فاكرة كل كلمة قالتها كأنها إمبارح.
-طيب قالت لك أيه؟ 

 نظر اليها ينتظر اجابتها فعادت مرة اخرى لصمتها فاكمل:
- أنا مقدر انك مش عايزة تحكي اللي دار بينكم بس عندي سؤال لازم تجاوبيه " تفتكري عبد الرحمن يستاهل منك تجرحيه وتهنيه بالشكل ده ؟
ردت حبيبة دون ان تفكر: 
-والله يا بابا عمري ما فكرت اعمل حاجة من دول والله أنا بتوجع قوي لما ده بيحصل بس بيكون غصب عني والله.
- للآسف يا حبيبة حاجات كتير عملتيها تجرحه وتحسسه بالإهانة 
▪️ لما تفكري في حياتكوا وتقرري حاجات مصيرية فيها من غير ما ترجعي له أنت  كده بتقللي منه و بتجرحيه.
▪️ لما تقرري الطلاق وتجهزي كل حاجة وتعرفيه عشان ينفذ ومن غير نقاش  أنت  كده بتهنيه.
▪️ لما ترفضي انك تتمهلي أو ترجعي لي في طلاقك أنت  كده صغرتيه و صغرتيني أنا كمان .
 وللأسف يا حبيبة بتكرري نفس الاخطاء تاني، لو كنت سمعتي حسناء كويس كنت عرفتي اننا أحيانًا بنحسب غلط ولازم نرجع للي بيخافوا علينا ويحبونا يحسبوا معَنا عشان نوصل للنتيجة الصح هي حسبت الأول لوحدها غلط وأنت  شوفتي النتيجة ولما رجعت لهم بردوا شوفتي النتيجة. احب اقولك لو فضلتي كده المرة دي عبد الرحمن حيضيع للأبد وافتكري كويس ان وقتها حتكوني أنت  السبب مش حقولك فكري في بنتك لا حقولك فكري في نفسك وفي حياتك، لو عايزة نصيحتي روحي لجوزك اتكلمي معاه قولي له كل حرف مخبياه عليه مهما كان مؤلم ومهما كنت خايفة.

نهض غاضبا منها فأمسكت يده تقبلها وتحدثت والدموع تغرق وجهها: 
-والله يا بابا عمري ما قصدت حاجة وحشة ليكم حقك عليا مش قصدي والله اصغرك أنا اسفة وغلطانة سامحني، أنا ماليش غيركم احبه واخاف عليه عمري ما قصدت لحد فيكم اذي وكل ما احاول احمي حد فيكم الاقي نفسي بزعله وباذيه بحس بوجع في قلبي وحزن بموت من جوايا والله ورحمة ماما وبابا عندك يا بابا ما تزعلش مني.

جذبها اليه فوقفت، ضمها بحنان ابوى واخوي ربت على ظهرها يبثها الامان فأخفت وجهها بصَدرِه وتشبثت به 
- مش زعلان منك أنا زعلان عليكِ، ربنا سبحانه وتعالي خلق الراجل والست كل واحد فيهم ليه دور ما ينفعش نبدل الادوار وكل واحد دوره مهم حماية الاسرة والبيت دي من القوامة للراجل ما تحطيش على كتفك عبء مش بتاعك الا اذا أنت  شايفة انه مش قادر يحميكي ويحمي بيته، أنت  مش شايفاه قد المسئولية؟ جاوبي بصراحة.

 يعلم انها لم تقصد هذا المعني ولم يجول بذهنها لكنها يوضح لها المعني الظاهر من تصرفها  يريها انها بتصرفاتها تلك ما زالت تسدد الي عبد الرحمن الإهانات دون أن تدري، صدمت مما قال، رفعت رأسها بصدمة وأجابت مسرعة:
- والله أبدًا عمرى ما شوفته كده، عبد الرحمن اماني يا محمود، معاه عمرى ما اخاف من حاجة  أنا بس بخاف عليه مش عايزاه يدخل في صدام مع والدته خايفة يتعب أو يكرهني.
- عارفة مرة زمان يا حبيبة كنت  خايف قوي من امتحان ومش قادر أذاكر ولا اركز من كتر الخوف يومها بابا قعد جنبي وقالي الخوف مهم بس بالقدر اللي يخليك تذاكر كويس وما تكسلش أو تتساهل ، قالي خاف باللي يخليك تتحرك وتنجح مش اللي يإذيك ويدمرك، وأنت  يا حبيبة خايفة بزيادة قوي، كفاية كده اقفي مع نفسك بطلي خوف ارجعي لجوزك أو على الاقل صارحيه بكل اللي جواكِ واسمعي منه الحقي قبل فوات الأوان، أنت عارفة انه لآخر لحظة بيوصيني عليكِ واكد عليا كتير اتكلم معاكِ بالراحة واكون قريب منك.
تحدثت ببكاء وما زالت تخفي وجهها بصَدرِه: 
-أنا خايفة قوي وتعبانة تعبانة قوي.
محمود وهو يمسد على راسها
- عشان يا حبيبة غميتي قلبك لجمتيه زمان كنت بتفكري وتستفتي قلبك واللي قلبك يدلك عليه تعمليه و ربنا كان دايما يلهمك الصواب مش قلبك اللي دلك على عبد الرحمن وكنت شايفاه من جواه في الوقت اللي كنت متأكد انه اسواء انسان ممكن ترتبطي به، أنت  قوية بقلبك شيلي الغمامة من عليه حرريه تاني.
رفع محمود راسها اليه ومسح دموعها:
- ما تستسلمش للدموع يا حبيبة خلي بدالها ابتسامة خلي دنيتك تنور بابتسامتك ونوري حياتنا كمان.

أومأت له موافقة فاكمل:
- ادخلى أوضتك اقعدي مع نفسك فكرى كويس، كويس قوي استفتي قلبك واللي يدلك عليه اعمليه يا حبيبة ولو محتاجة مساعدة أو استشارة أنا معاكِ فكرى كويس وخلي بالك الوقت اللي بيمر مش في صالحك الهجر والقسوة وحشين يا حبيبة بيوجعوا وبيقسوا خصوصا لما يكون الشخص عمل كل اللي يقدر عليه وبزيادة واتحمل كتير وما تنسيش للصبر حدود.

تحركت حبيبة لغرفتها تفكر في كل كلمة قالها محمود وتشعر انه على حق و انها يجب ان تتحدث مع عبد الرحمن خجلت من نفسها فهي جعلته يبدو في صوة سيئة امام الجميع لم تتخيل يوما ان توجه له أي اهانة أو تؤلمه فكيف ستتحدث معه الان سألت نفسها مرارا هل تصارحه بما دار مع والدته ام تصمت هل يمكن ان تتغير والدته حقا ، فما حدثتها به يومها كان راسغ بتفكيرها بدت يومها مؤمنه به طالبتها بالابتعاد عن ابنها دون راجعة حدثت نفسها ماذا ان كان ما تفعله الان ما هو الا اكمالا لما ارادت لتبدو امام الجميع الام التي تخاف على ابنها والا تسوء علاقتها به ان تطلقا فكرت كثيرا ولم تصل الي نتيجة كادت ان تعود وتتحدث مع محمود ولكنها تراجعت ماذا ان اذت بكلماتها عبد الرحمن مجددا ، تشعر انها لا يجب ان تتحدث إلا معه فهو سيفهما وسيتقبل منها فلن تسبب له احراج اكثر مما فعلت.
 شغل تفكيرها كيف ستذهب إليه؟ كيف ستقف امامه بعد كل تلك الإهانات التي تسببت بها وبعد كل هذا الشقاء؟! ترددت كثيرا ان تخبره بحديثها مع والدته وانها امرتها بالابتعاد لا تريد المزيد الالم له يكفي ما تشعر هي به وبالرغم من ان قلبها حدثها بعكس ما أنت وت الا انها اصرت على عدم البوح ستخبره بأي شي وتعود أو تظل على صمتها وان وجدت من والدته اصرار على موقفها سوف تنسحب بهدوء 


بصباح اليوم التالي استيقظت حسناء مبكرا تناولت الافطار مع زوجها عادل كانت  طوال الوقت تنظر له مبتسمة تحيطها ذكريات الماضي وقبل نزوله الي عمله ضمها اليه بحنان وقبل رأسها كما اعتاد ان يفعل دائما واعاد على مسامعها الكلمة التي طالما احبتها منه " بحبك " بعد مغادرته وجدت نفسها واقفة امام صورة زفافهم وتذكرت ما حدث بعد ان غادر عبد الرحمن في اليوم الذي جاء اليها واعتذر فيه واعترف لها عادل بحبه فيومها بالرغم من اضطرابها الشديد ومرور شريط حياتها مع عبد الرحمن خلال الاربع اشهر التي عاشتهم معه ومروا عليها كدهر كامل وبالرغم من أنت فاضها مع كل ذكرى لضربها الا انها بالنهاية احاطتها كلمات عادل ومصارحته بحبه وحمتها من ذكرياتها السيئة بقت جملته فقط تتردد على مسامعها " بحبك يا حسناء وهتجوزك وهتكوني احلي ام واحلي زوجة ، وطظ في كلام الناس ومليون طظ " وبموعد زيارة الطبيب النفسي التالية وجدته يدق الباب في موعد ذهابهم 
ذكريات
- عادل ازيك يا ابني خير احنا كنا رايحين للدكتور .
اجابها وهو مبتسم وينظر الي حسناء بحب
- اه يا طنط ما أنا فاكرمش كنت كل يوم بتصل اطمن قبل ما تروحوا وبعد ما ترجعوا .
اراد ان يشعرها باهتمامه الذي يحاوطها به دن ان تعلم ثم نظر اليها :
- ما أنا ما كنتش عايزك تعرفي عشان ما تفتكريش ان بضغط عليكِ .
تورد وجهها واشتعل خجلاً 
- احم احم طيب احنا كدة هنتاخر .
- ما أنا بستاذنك يا ماما اروح أنا معاها واسيب الأولاد معاكِ، ما أنا لازم اكون مع خطيبتي في كل خطوة ولا أيه؟ 
فاجائها فنظرت له متسعت العين فاكمل .
- ما احنا قولنا طظ في كلام الناس وبعدين أنا طالب القرب مش حاجة عيب .
- يا ابني هنتأخر .
اخرج عادل من جيبة علبة صغيرة قطيفة وفتحها امامهما وكان بها دبلة ومحبس وخاتم رقيق .
- هو احنا فعلا تأخرنا كتير بس ملحوقة ادام عرفنا اننا تأخرنا.
ابتسمت الام برضى وسعادة لابنتها التي اشتعل وجهها خجلا وارتسمت السعادة على تعابيرها  فتقدم عادل بعض خطوات باتجاه حسناء وألبسها دبلته، نظر إليها بحب شديد:
- ما تقلعيهاش من ايدك مهما حصل ممكن .
هربت منها الكلمات ولأول مرة يلجمها فرط السعادة لا الخوف فأومأت له موافقة ، من سعادة والدتها نست امر الطبيب والقت زغروطة رنانة فرحة تجمع على اثرها الكثير يلقون على مسامعهم التهانى فاخذ عادل بيد حسناء وجذبها من بينهم وترك طفليه مع والدتها وتحركا لموعدهم وهناك جلس مع الطبيب واستمع لتعليماته بأنت باه شديد ، التزم بكل ما قاله طبيبها بدقة شديدة .

افاقت من ذكرياتها وعلي وجهها ابتسامة سعادة منذ هذا اليوم شعرت بعودتها للحياة من جديد أنتشلها من أوجاعها وآلامها واخذ بيدها لطرق السعادة والاهم طريق الراحة والامان والحماية ، الامان والحماية الذي طالما افتقدتهما منذ وفاة والدها . منذ ذلك اليوم تقدمت حالتها بصورة اذهلت الطبيب بل اذهلتها هي . لم تتوقع ان قربها من عادل -مَن أحبت سرًا- له تأثير قوي عليها لتلك الدرجة.

ضحكت بخفوت لتذكرها يوم تحديدهم لموعد الزواج واصرارها على عدم عمل حفل زفاف وان يتم كتب الكتاب في حضور بعض المدعوين للإشعار فقط  فيومها غضب عادل منها و حتى في غضبه كان مراعيا لها تحدث بصوت جاهد ليكون عادى ولكنه مغتاظ منها ومن تقليلها من نفسها ثم القي على مسامعها ما سوف يحدث ولم يقبل به مناقشة وجعله امر واقع لا رجوع فيه .

- يعني أيه مش فاهم ؟
 - أيه اللي مش واضح بس بقول لك مش عايزة فرح نكتب الكتاب هنا في البيت مع كام حد من اصحابنا واقرايبنا وخلاص .
وجه حديثه لوالدتها بضيق
- ماما حضرتك موافقة على كلامها ده ؟!
- والله يا ابني اللي تتفقوا عليه أنا موافقة عليه المهم عندي تكونوا مرتاحين .
- طيب بصي يا حسناء أنا هاحترم رغبتك ومش هنعمل فرح بس حضرتك زي الشاطرة هتختارى فستان فرح و كتب الكتاب هيكون في مشيخة الازهر وهنعزم كل اللي نعرفهم واللي ما نعرفهمش كمان وما تنسيش تعزمي طنط حشرية دي اهم واحدة ؛ وكلامي ده ما فيهوش نقاش تمام .
- تسلم من كل ردى يا ابني ربنا يرفع شأنك زي من أنت رافع من قيمتها ومحافظ عليها .
افاقت من تلك الذكرى وعلي وجهها بسمة سعادة ثم اختفت واغلقت عينها بألم وهي تتذكر يوم زفافها الأول على عبد الرحمن .
بهذا اليوم استعدت كأي عروس ولكنها لم تكن سعيدة على الاطلاق كانت  تشعر بان زواجها هذا عقاب لها لأنها شعرت بزوج صديقتها الوحيده التي اءتمنها على حياتها بل واحبته،  تشعر ان لديه عبد الرحمن ما يخفيه، وان لزواجه منها سبب غير معلن، أكدت نظراته ظنها، فهي حائرة أحيانًا وغاضبة أحيانًا أخرى، بالإضافة الي شروده معظم الوقت وكأنه يتحدث مع نفسه ويلومها ، ظل على حاله هذا طوال حفل الزفاف ، لم تنوِ سؤاله فهي ايضاً لديها ما تخفيه وخشت أنْ يسألها هو الاخر؛ فتركت ما سيحدث للوقت. 

عندما دخلوا البيت الذي لم تهتم بتجهيزه وتركته لوالدته التي سعدت بذلك وبإلقاء الأوامر لها طوال الفترة السابقة للزفاف – لم تشعر بفرحة العروس بل قبض قلبها بشدة اكمل عبد الرحمن شعورها هذا بتصرفاته غير المفهومة حيرة وفتور تكاد تجزم ان وصل  الي حد النفور ،  ظل خارج الغرفة فترة طويلة بدلت فيها ثوبها وارتدت ما جهزت لها والدتها ظلت تفكر هل ما فعلته الصواب ام لا شردت وهي تتذكر ملامح عادل الحزينة عندما تقدم لها عبد الرحمن ووافقت اسود وجهه من شدة حزنه ، اغمضت عينها بألم عندما تذكرت نظرته لها و انكساره عندما رأها بثوب الزفاف تزف لغيره تسلمها والدتها الي عريسها و زوجها ، لم تتوقع ان ترى مثل تلك النظرة منه، ألمها انكساره، شعرت بغصة شديدة بقلبها، سألت نفسها بتلك اللحظة: هل لديه شعورا تجاهها هل اشعرته بحبها؟ هل خانت صديقتها الي لتلك الدرجة؟! ألم تستطع حتى اخفاء خيانتها؟

 لم تشعر يومها مع عبد الرحمن  بالقبول أو الراحة أو حتى الخجل المعتاد بهذا اليوم بل شعرت بالخجل من ذاتها شعرت بالخيانة بالسقوط في الهاوية، لم تعرف من خانت  تملكها فقط احساس بانها تبيع نفسها تسلمها لمن لا يملكها لشخص ليست من حقه ؛ لم يكن لدى كلاهما الرغبة انكمشت على نفسها بعد ان أنت هوا بكت بصَمت ولم يشعر عبد الرحمن بألمها أو ببكائها سواء يومها أو باي يوم اخر ففهي كل مرة يقترب منها تشعر بنفس الاحاسيس .

 وباليوم التالي عندما ذهبوا الي حافظة و واجهت مكرها وأنت هي بها المطاف ملقاه على وجهها جسدها معرى تتلقي الضربات كالأطفال كانت  تحدث نفسها بان ما تلقاه هو جزاء الخيانة هي تستحق ذلك ، هو العقاب المناسب لها 'الجلد' . كانت  تحاول الصمود، ليس من اجل كرامتها التي انتــهكت فقط، ولكن لتكفر عما فعلته بسلمي ، عادل ونفسها حتى عبد الرحمن جلادها اذته هي تشعر برجل غيره وتتألم من أجله، أهانته وإن كان لا يعلم .
مع كل مرة تُعنَّف تحدث نفسها " أنت  خائنة هذا اقل عِقاب لكِ تحملي عِقابك هذا مدي الحياة " لم تسعفها قوة تحملها يومها فوجدت النجاة في اعتذارها ففعلت ليتوقف ما يحدث ؛ لا تنكر انها انكسرت وبشدة وتألمت كما لم تتألم من قبل ليس من قوة الضربات فقط، لكن لأنها دخلت بقلب غمامة سوداء ، دوامة لن تخرج منها يوما،  تعتذر لسلمي يوميا .
بأول مرة ناداها عبد الرحمن باسم حبيبة علمت انها ليست الخائنة الوحيدة هو ايضا يفعل المثل هما يستحقان بعضهما البعض اعتقدت ان هذا من الممكن ان يسكن ضميرها الذي يقتلها كل ثانية  مع كل نفس يدخل أو يخرج منها ، ولكنه لم يكن كذلك بل زاد من نيرانها والمها فبكل مرة يضمها اليه بحنان لا يراها من الاساس يري حبيبته الغائبة لم تهتم لما يراها كذلك أو لما ابتعد عنها  فهي ذات النهاية بكل الاحوال وذات الواقع . تألمت وهي تتذكر ما وصلت اليه بالأخير فبكل مره تحادثها والدتها تشعر كأنها ترى عادل كانت  تشتاق لرؤيته لوجوده جوارها، الطامة الكبرى انه كلما ضمها عبد الرحمن تمنت ان يكون عادل بدلاً منه ، كلما قسى عليها تذكرت كلمات سلمي عن عادل وكيف كان يعاملها بالرغم انه لم يحبها يوما و حياتهم تقليدية ، فوصل بها جلد الذات انها كلما تذكرته لسبب ما افتعلت هي ما يجعل عبد الرحمن يعنفها وتنتهي ملقاه على وجهها تجلد دون رحمة فكانت  تراه بذلك الوقت مارد عملاق لا يشعر تتحول ملامحه البشوشة الي اخرى قاسية وعنيفة يتبدل كانه شخص اخر . كان جسدها يصرخ بها ان تكف عما تفعل وعن استفزازه ولكن عقلها يدلها ان تلك الطريقة الوحيدة للتخلص من ذلك الذنب . اغمضت عينها بألم شديد وهى تتذكر تلك المشاعر المتضاربة بكت بعنف عندما داهمتها ذكرى لأول يوم بدأت تترجاه فيه كالاطفال .

فبتلك الفترة ومن بعد زواجهم بقرابة الشهر كان عبد الرحمن عجز عن السيطرة على نفسه وقت غضبه وسمعها وهى تحدث والدتها انها بخير و لم تشتكيه وتشتكي افعاله هي ظنت انه قد يراعيها ويقلل من تعذيبه لها و لم تعلم ان هذا جعله يتوعد لها بالمزيد و باحد المرات اثناء عودتها معه للبيت مرا امام احدى ورش السيارات التي يعمل بها الاطفال كمساعد وان اخطاء تلقي من الصفعات الكثير واستمعت هي لرجاء الطفل شعرت انها مثل ذلك الصبي وان عبد الرحمن مثل صاحب الورشة، يومها من حظها العسر مر من جانبهم محمود بالسيارة فراي عبد الرحمن حبيبة جالسة بجواره تبكي ومحمود يبدو عليه الغضب بصمت فاشتعل غضبا ظنا منه انه قد يؤذيها كما يفعل هو مع زوجته يومها ومع أول خطأ بسيط وغير مقصود من حسناء تحول مجددا لذلك المارد .
- والله مش قصدى لما زعقت الطبق وقع غصب عني والاكل وقع عليك والله غصب عني.

 لم يمهلها فرصة جذبها من ذراعها لداخل الغرفة القي جاكت البجامة بطول ذراعه واخرج حزامه.
- خلاص والله مش هعمل كده تاني خلاص بالله عليك.
اشتد غضبه بشده بلحظة كان امامها صفعها ومزَّق ثيابها ثم دفعها على الفراش، حدثت نفسها بعقلها بالمعتاد .
-يا رب تكوني ارتاحتي شوفتي خيانتك وصلتك لفين دُوقي عقاب الخيانة، بس مش قادرة مش قادرة تعبت قوي مش قادره صرخت بصوت عالي تترجاه للتوقف ولمَّا خاب رجائها اتجهت للدعاء.
- كفاية خلاص والله! كفاية، آااااه، منك لله! منك لله! ربنا يوجع قلبك كمان وكمان! ربنا يحرق قلبك على غالي! منك لله يا عبد الرحمن! منك لله! كفاية بقي كفاية والله مش هعمل كده تاني.

  تعلم إنه بتلك اللحظات لا يسمعها عقله يصبح بمكان آخر، ينفِّس عن غضبه، كل المرات التي كاد ان يذوب جسدها من شدة عنفه، لم يكن يراها وتقابل قسوته بوابل من الدعوات من شدة قهرها.

افاقت من ذكرياتها المميتة على دموعها وشهقاتها التي ملئت المكان حتى استيقظ انس وذهب اليها جذب ملابسها بكفه الصغير لتنتبه لوجوده فنظرت اليه والدموع تغرق وجهها  جففت دموعها ثم حملته فسمح بكفه الرقيق اثر دموعها وتحدث .

- عيطي ناني ليه؟ مس تفقي هنا ماسي ( بتعيطي تاني ليه؟ مش تقفي هنا ماشي )
اجابته بابتسامة وسط دموعها:
- حاضر مش هقف هنا ناني .
تعلق الصغير بعنقها:
- انس عايز ينام مع ماما عسان لسه في نوم .
- انس يؤمر و ماما تنفذ على طول .
- عايز نوم عسان ( عشان ) لما تيته تيجي في لعب كتييير يلا بقي.

تحركت معه  نحو غرفته هو سلمي الصغيرة تأكدت من استغراق الصغيرة بالنوم ثم اتجهت لفراش الصغير عدلت وضعه على الفراش ونظرت اليهم بحب وحنان مطلق اتكات على ذراعها بجواره فتحدث وهو مغمض العين 
- مس (مش ) تضحكي على انس نامي معايا.

ابتسمت بدموع: 
-حاضر مش هضحك على انس.

عدلت وضعها واستلقت بجواره وهي تنظر له بابتسامة وحنان فطوق عنقها بذراعه الصغير وهو مغمض العين:
- مس عايز عياط، نوم عسان نلعب مع تيتة .
طوقته بذراعيها وضمته بحنان ام وقبلته: 
-حاضر يا عيون ماما .

بنفس الوقت اتصل عبد الرحمن بمحمود  
- أيه الاخبار عندك في جديد ؟
- أنت  عارف ان حسناء جات لها من يومين .
رد بقلق:
- هي جات سألت عليها وقولت لها انها عندك بس ما تصورتش انها هتروح لها حصل حاجة طيب قالت لها أيه عادوا القديم تاني ؟

- اهدي يا عبد الرحمن وترتني هو لو حصل حاجة هكلمك بعدها بيومين  هي تمام مفيش حاجة ما تقلقش بالعكس دى جات في وقتها وحبييبة من يومها بتفكر تيجي تعتذر لك .
 - متأكد أنا بقيت حاسس انها مش ناوية ترجع .
- لا بالعكس هي بس قلقانة مكسوفة عارفة انها بوظت الدنيا على الاخر لاني بصراحة ما جاملتهاش وصارحتها باللي عملته .
 - ليه كده يا محمود هي مش ناقصة مش قولت لك بالراحة .
- لا كان لازم تعرف غلطها بصراحة، أنا كنت متخيل انها تاني يوم هتجري عليك بس مش عارف بتفكر في أيه كل ده.

اجاب بقلق:
- ما يمكن كلامك جه بالعكس وقررت تبعد يا محمود .
اجاب بتفكير:
- شكلها ما دلش على ده تفتكر ؟! لا ممكن مكسوفة بزيادة مترددة لكن تبعد ما يتهيأليش .
 - حاجة واحدة ممكن تخلينا نتأكد ودي اخر حاجة ممكن اعملها وبعدها ابقي خلصت كل محاولاتي فعلاً .
- مش قادر اقولك تعالي كلمها أنا عارف انك استحملت منها وعشانها كتير ، ما تتسرعش يا عبد الرحمن ما تاخدش قرار متهور أنت  كمان .
 
 - كل ده وتسرع لا أنا باقي لي محاولة أخيرة، آخر حاجة ممكن تأثر فيها ولو ما فرقش معاها هتأكد انها مش عايزاني بجد ومش هقف في طريقها تاني .
- أيوة يعني هتعمل أيه فهمني .
 - هسافر .
- عبد الرحمن بلاش طريقة الكلام دي وضح قصدك وقول الكلام على طول .
 - بيختاروا مجموعة من المدرسين للسفر لدولة عربية وعروضوا عليا هوافق وهقدم رسمي .
رد بعصبية:
- أنتم بتفكروا ازاي! أنا مش فاهم سواء أنت أو هي! طاب هي صغيرة ومشوشة حضرتك أيه! بقي بدل ما تحاول تقرب بتتسابق معاها تبعد اكتر طيب فكروا في بنتكوا ذنبها أيه تقع بينكوا عايزها تيتم وأنت عايش تدور عليك وما تلاقيكش ما تحسش بحبك وحنانك ووجودك جنبها .

- وهي بنتي كده في حضني أنت  فاكر الربع ساعة اللي بشوفها فيهم كل يومين دول كفاية بالعكس دي بتوحشني من قبل ما تمشي بها وحتى لو فضلت هنا هتفضل بعيدة مع حبيبة تفتكر أنا ممكن احرمهم من بعض مهما حصل وبعدين أنا عندي سبب مش هقدر اقول لك عليه دلوقتي بس مش عايز حبيبة تعرف حاجة دلوقت.
-  لا طبعا لازم تعرف يمكن تفوق لنفسها .
تنَهَد بإحباط:
- يا محمود افهمني أنا مش عايزها تعرف دلوقتي وعندي اسبابي لما تيجي بالليل هفمك بس أوعدني انها ما تعرفش حاجة خالص منك .
- أنا مش بوعد واخلف ولحد ما افهم أوعدك مش هقولها بس لو كلامك ما عجبنيش وحسيت انكوا ختظلموا بنتكوا لازم أعرفها، لازم اللي بيحصل ده ينتهي .
- خلاص بالليل نتفاهم بس تعالى البيت عندي مش عند ماما مش عايزها هي كمان تعرف حاجة الكلام ده بيني وبينك بس .
انهي المكالمة وهو يفكر بتركيز يتمني ألا تخذله حبيبة تلك المرة وأن يتم مراده على خير .

اكمل عبد الرحمن يوم عمله ثم ذهب لوالدته دخل للبيت دخل غرفته بصمت وهدوء جلس على الفراش باتجاه البلكونة نظر اليها وكانه يتذكر الماضي وكيف جذبته حبيبة لأول مرة وكيف تحدث معها والأيام تلتها قضاها ينتظر مجرد رؤيتها من بعيد ليدق قلبه ويرفرف من فرط السعادة  مرورا لكل الاحداث التي مرت عليهم تذكر يوم ان كادت تتجمد من شدة البرد تذكر يوم خروجه من المشفى بأول مرة وهي تجلس تحت قدمه تقبلها والدموع تغرق وجهها تترجاه ألا يتركها، اغلق عينه بألم أرجع رأسه للخلف وهو يسند بكلتا يديه بجانبيه على الفراش وتحدث بهمس: 
 - أنا وفيت بوعدي وما ببعدتش، أنت يا حبيبة أنت  اللي مُصِره على البعد مش عارف ليه؟ 

بتلك اللحظة دخلت حافظة نظرت إليه بحزن وندم اقتربت منه ولأول مرة تمسد على رأسه بحنان جلست بجواره رفع  راسه ونظر إليها بحزن وألم، يحمل من الهموم جبال ابتسم لها بحزن ثم اخفض رأسه مرة اخرى فجذبته إليها وضمته بحنان أم بالغ، تصرف لم تقم به منذ زمن بعيد كان يتمناه كثيراً لكنه لم يشعر بحلاوته الان ليس جحوداً، لكن ربما لأنه لم يعتده، أو لكثرة الخذلان ومرارة الانتظاري فافسدا مذاق ما يفترض أن يشعر به بتلك اللحظة، لم تتوقع منه أي رد فعل تعلم انها اذاقته من القسوة الكثير فتحدث وهي تجاهد لاخفاء ألمها وحزنها من أجله:
- معلش يا حبيبي اصبر عليها هي تعبت كتير بس بتحبك صدقني ، قولت لك كتير اروح لها وأنت رافض يمكن لو اتكلمت معاها تلين.

اعتدل في جلسته ربت على كتفها ابتسم بألم:
- مش عايز اضغط عليها خليها براحتها ( اخذ نفس عميق ) جميلة بس وحشتني .
- طيب تعالي اتغدى وخد العلاج وارتاح شوية .
 - حاضر هغير واجي .

بدل ملابسه وجلس معها يتناول الطعام كان كلاهما يدعي تناوله كلاهما شارد حافظة بالماضي وهو بالمستقبل، غاصت حافظة بذكرياتها تتذكر حديثها مع والدتها بإحدى المرات.
- يا أمَّا بقولك مش طايقة نفسي أمه حاشرة نفسها في الصغيرة والكبيرة وهو طوع ايدها ده بيبوس ايدها في الراحة والجاية وكل ما تشتكي مني يضْربني .
- بتتلكك ولا بتبقي غلطانة .
- بقولك بيضْربني!
-بصي بقي أنا عارفة عِندك ودماغك اللي عايزة كَسْرها جوزك حقاني طبعه شديد مش بيحب الحال المايل وشايل امه فوق راسه مش بيطيق عليها الهوا وأنا قولت لك كده من قبل الجواز وبعدين مش هيعمل معاكِ كده لو اهتميتي بها، بس أنا عارفاكِ اكيد حاطاها في دماغك بتضايقها وقرفاها وبتجيبي الضَرب لنفسك.
- يعني أنكتم واسكت أنا عايزة اقول لابويا.
- براحتك أبوكِ هيطلقك منه وهيحبسك في البيت لحد ما تتجوزي تاني مش هتشوفي الشارع ولا حتى في احلامك وأول واحد هيخبط هيقبل واكيد المرة دي هيكون كبير أو ارمل مطلق ويا سلام لو زوجة تانية  ومش هتقدري تنطقي لو عايزة أبوكِ بره اهو تحبي اندهه.
اسود وجه حافظة وصَمَتت فاكلمت والدتها:
- كتمتي يعني! اتعدلي مع جوزك وبطلي عِند، وعلي رأي اللي قالوا "العِنْد يورث الكُفر" .
عادت حافظة من شروها ابتسمت بألم وهمست لنفسها:
- كان عندك حق فضلت اعْنِد واغل في نفسي لحد ما ضيعت نفسي وحياتي ودلوقتي حياة ابني بعد ما كان هيروح مني فوقت لنفسي بعد فوات الأوان .

مر اليوم برتابة وشرود عبد الرحمن وبالمساء ارتدي ملابسه وهم للخروج رأته حافظة 
- أنت  خارج تاني يا ابني.
- أيوة يا ماما عايزة حاجة.
- كنت بقول يعني اروح ...
لم يمهلها لتكمل حديثها وقاطعها:
- لأ يا امي ما تروحيش لو سمحتي .
- أنا عارفة انها خايفة ترجع بسببي يمكن لو ...
- يا امي الله يكرمك ما تصغرنيش تاني وسبيني اتصرف زي ما أنا شايف .
- حاضر يا ابني، أنا عايزاك ترتاح والله.
- ما تقلقيش هيرحكم كلكم قريب، سلام



تعليقات



<>