رواية حبيبت عبد الرحمن الفصل الثالث عشر13والرابع عشر14 بقلم سلوي فاضل


 رواية حبيبت عبد الرحمن الفصل الثالث عشر13والرابع عشر14 بقلم سلوي فاضل


اهتم عبد الرحمن بحبيبة ولم يخبرا أي احد بحملها حتي أنت هت الامتحأنات وكأنا سعيدان للغاية. مر الوقت و حان وقت اخبار الجميع بحملها، كان موقف عبد الرحمن سيئ جدًا لا يعرف كيف سيخبر محمود وكيف سيراه  بعدها. 
وفي اليوم الذي قرر عبد الرحمن اخبار محمود، اتصل به ودعاه بالمساء بحجة انهم لم يتقابلا منذ فترة لانشغال حبيبة بالمذاكرة والامتحأنات وقبل ان يحضر محمود جلس عبد الرحمن مع حبيبة. 
عبد الرحمن: حبيبة أنا حقول لمحمود النهاردة خلاص ما ينفعش ناجل اكتر من كده، أنت  تقريبا خلصتي شهرك الثالث كلها كام يوم على حسبة الدكتورة وتدخلي الرابع. 
حبيبة: تفتكر حيقول أيه؟ 
عبد الرحمن: احنا في الأول والاخر متجوزين يا حبيبة مش عاملين حاجة غلط – ثم وضع كفيه حول وجهها برقة مبتسما - حبيبة مهما حصل سبيني أنا اتكلم مع محمود فهماني أوعي تبرري أي حاجة أو تحاولي تفهميه اني ماكنتش عارف. 
حبيبة: حاضر. 
عبد الرحمن: حبيبة أوعي تصغريني أنا بأكد عليكي سبيني مني لمحمود،  حتي لو زعل شوية في الاخر احنا متجوزين ودي حاجة ترجع لنا. 
حبيبة: حاضر يا عبد الرحمن. 
وقفت حبيبة واختل توازنها سندها عبد الرحمن. 
عبد الرحمن: حبيبة ماتخافيش ثقي فيا اطمني بقي. 
حبيبة: حاضر يا حبيبي. 
ضمها عبد الرحمن ومسد على راسها: أوعي تخافي وأنا معاكي صدقيني كله حيعدي ومحمود استحالة يزعل منك، شوية ويبقي عادي ويبقي خال كمان.- فابتسمت حبيبة- أيوة كده، عايزك بقي تقابليه عادي مبتسمة وسعيدة أنت  حامل وحتبقي احلي وارق واحن ام. 
وصل محمود وبسمة وجلسوا جميعا احتفي بيهم عبد الرحمن فقد احضر الكثير من الحلوى و المشروبات ، وبعد فترة قال عبد الرحمن وكانت  حبيبة بجانبه فضمها اليه وامسك يدها: 
عبد الرحمن: أنا وحبيبة عايزين نقول لكوا خبر حيفرحكوا. 
بسمة: أيوة كدة عايزين اخبار حلوة فرحونا بقي. 
عبد الرحمن:  حبيبة حامل. 
محمود اعتدل في جلسته: ازاي يعني؟ 
عبد الرحمن: ازاي (ضحك ) عادي يا محمود اتنين متجوزين وحيجيلهم بيبي صغير. 
محمود: في وعد. في ان حبيبة خلصت امتحانات من كام يوم بس - صمت قليلا ثم اكمل- كان شرطي يوم ما جيت تخطبها انكم تأجلوا الحمل سنة وأنت  وافقت. 
عبد الرحمن: فعلا وقولت لي وقتها عشان مذاكرتها واهو الترم الأول كان تقديرها جيد جدًا والترم ده التقدير مش حيقل عن كده. 
محمود: لا كده في تهريج،  وعلي كده أنت م عرفتم امتي انها حامل اكيد مش في الكام يوم دول . 
امسك عبد الرحمن يد حبيبة وشد عليها ليطمئنها فقد توترت كثيرا: لا عرفنا من شهرين حبيبة في اخر التالت. 
محمود وكان جالسا فوقف: أنت  شايفني صغير قدامك ولا أنت  اللي  شايف الناس كلها صغيرة زيك. 
وقف عبد الرحمن: محمود احفظ لسانك وياريت ما تغلطتش. اقعد حنتكلم بالراحة ما تنساش ان التوتر ده غلط عليها وعلي حملها. 
محمود: صح المفروض اسكت واسقف لك واقول برافوا قدرت تخدعني،  أنت  ضحكت عليا مرتين مرة لما عملت نفسك موافق على شرطي عشان تتجوزوا ومرة تانية تيجي تقولي احنا اذينا حبيبة دي حالتها سيئة وبيجيلها كوابيس تعالي نبقي كويسين، عشان أطمن لك واقول خايف عليها وهي كانت  تعبانة عشان اجبرتها تحمل وما فكرتش فيها وفي مذاكرتها ولا احترمت وعدك. وأنت  عارف واعتقد انك فاهم السبب الحقيقي لتأجيل الحمل. وطول الفترة اللي فاتت شايفها تعبانة وأسألكم تقولوا ضغط مذاكرة ما بتاكلش وأنا أصدقكم. 
عبد الرحمن: يا محمود ما تخليش غضبك يخليك تحيد عن الحقيقة أنا ما خدعتكش حبيبة كانت  وقتها تعبانة فعلا واللي أنا وأنت  عملناه هو الصح وهو اللي طمنها وبطلت تحلم بكوابيس والحمل ده قدر، ربنا اذن وأنا كنت معاها طول الوقت بساعدها وبهتم بها لأنها مراتي ما تنساش مراااااتي. 
محمود: لا طبعا مش ناسي، و ياريت اقدر انسي اكتر قرار غبي اخدته في حياتي.- وجه كلامه لبسمة – يلا يا بسمة نمشي. 
فوقفت حبيبة: لا يا – وشعرت بدوار شديد وهي تتحدث فخفض صوتها- محمود ما... 

غابت عن الوعي؛ فسندها عبد الرحمن وحملها وادخلها  الغرفة ووضعها على الفراش، دخل معه محمود وبسمة، وحاول عبد الرحمن وبسمة افاقتها كأنا بجانبها وكان محمود خائف عليها يتابع ما يحدث وهو واقف امام الفراش غاضبنا من عبد الرحمن وترك الغرفة عندما استعادت وعيها؛ فبكت حبيبة بشدة. 
بسمة: ما تعيطيش يا حبيبة مش حلو عشانك المفروض تكوني مبسوطة ده احلي احساس ممكن تعشيه مبروك يا حبيبة. 
عبد الرحمن: اهدي يا حبيبة محمود استحالة يزعل منك، هديها شوية يا بسمة. 
خرج عبد الرحمن لمحمود: حبيبة منهارة جوة ولو أنت  شايف اني اجبرتها على الحمل فده معناه انه مش غلطتها ولو أنت  شايف انه قدر فتبقي ارادت ربنا اللي هي اكبر مني ومنك ومش المفروض نعاقبها، أنت  عارف قيمتك عند اختك وبنتك حبيبة ادخل لها وطمنها ولو عندك مشكلة تبقي معايا خد موقفك مني مش منها. 
نظر اليه بصمت لم يعقب فكان يحدث نفسه بنفس الكلام ، فدخل لحبيبة ولم يعلم ماذا يقول وكانت  نائمة تبكي وبسمة بجانبها تهدئها وتحاول طمأنت ها فلما اقترب منها قامت بسمة وجلس محمود بجنبها ومسح دموعها: 
محمود: مبروك يا حبيبة، أنا مش زعلان منك أنت  بنتي واختي مافيش اب يزعل انه حيبقي جد ولا اخ يزعل انه حيبقي خال، بس أنا كنت شايف بدري شوية على الخطوة دي على العموم ارادة ربنا فوق كل شئ اكيد ده خير ان شاء الله. 
جلست حبيبة وتعلقت بعنقه وازدادت في البكاء ربت عليها محمود 
محمود: ما تعيطيش بقي. 
حبيبة:  بالله يا محمود ماتزعلش مني. 
محمود: مش زعلان منك أنت  بنتي - ثم قبل رأسها واكمل- أنا حمشي بقي عشان إتأخرنا و عندي شغل بكرة. 
غادر محمود فدخل عبد الرحمن اليها طمأنها وضمها اليه بقوة وظل بجانبها حتي خلدت للنوم. 
حزن عبدالرحمن بشدة للصورة التي اخذها محمود عنه وللإهانة التي وجهها له وحاول اخفاء شعوره عن حبيبة لحملها وكي لا تسوء حالتها. 
عاد محمود لمنزله ثائرا غاضبا فبدأت بسمة معه الحديث بعد ان بدلا ثيابهما واعدت لهما كوبين من الشاي وجلسا بالغرفة 
بسمة: اهدي كده يا محمود وافتكر ان ارادت ربنا فوق كل شئ. 
محمود: يعني اسكت وخلاص. 
بسمة: يا حبيبي أنا اريد وأنت  تريد والله يفعل ما يريد. في الأول والأخر ده قدر وليه معاد وهما متجوزين ماعملوش حاجة حرام. 
محمود: اللي ما يحترمش وعده ما لوش كلمة اطمن ازاي على اختي. 
بسمة: اقول لك على حاجة لازم تأخذها في بالك.- أنت به لها محمود- أنا محستش ان حبيبة كانت  مغصوبة، حسيت زي ما تكون عاملة حاجة ومستخبية منها. 
محمود: أيوة ما بقول لك ضغط عليها واجبرها. 
-: لا يا محمود احساسي بيقولي لا، لو هو ضغط عليها كان حيحس انه منتصر ويوريك وهو بيقول لك انه الأقوى.، فاهمني لكن هو زي ما يكون مكسوف وبيداري . هو كان بيقول لك أيه وأنت م لوحدكوا. 
محمود وهو يفكر فيما قالته: كان بيوصيني عليها،  وقالي ان مشكلتي معاه مش معاها. 
-: شوفت بقي كمان كان بيدافع عنها وخايف عليها، أنا مش حتكلم تاني. 
تعجب محمود حديث بسمة وما زاده  تعجباً هو احساسه بانها على صواب. 

وباليوم التالي ذهب عبد الرحمن لوالدته ليبشرها بحمل حبيبية، اختلطت مشاعر حافظة لثواني قليلة  فشعرت بفرحة الحفيد وغضب لزيادة قوة علاقة ابنها بحبيبة عكس ما ارادت وحاولت الا تبدي ذلك لعبد الرحمن ولم تشعره بأي فرحة أو اهتمام بالخبر 
-: بقي كده واضح انها مش سهلة ده ردها على كلامي معاها،  مبروك خليك تحت رجلها واسمع كلامهما وانسي امك مش أنا سبب مرضك روح لها قاعد ليه؟! 
-: ليه يا امي الكلام ده؟  طيب قولي لي مبروك،  أنا اسف عشان تأخرت عليكي الفترة اللي فاتت كانت  امتحأنات وتعب حمل فكنت معاها طول الوقت حقك عليا - وقبل راسها. 
اجبته وهي تحاول استعطافه بكلامها:  يا عبد الرحمن أنا عارفة اني شديدة معاك، بس ما ينفعش مراتك تتهمني اني سبب مرضك دا أنت  ابني الوحيد. 
تعجب لما يسمعه: حبيبة قالت لك كده؟ مش معقول! 
ردت مدعيه الإنكسار: كده يا عبد الرحمن تكَذِبْنِي. على العموم مبروك يا ابني. 
-: العفو يا امي حقك عليا- فقبل يدها- ماتزعليش يا امي حقك عليا أوعدك ده عمره ما حيحصل تاني. 
ابتسمت بأنت صار أخيرًا تغلبت عليها بامرٍ. 

خرج عبد الرحمن من عندها وبراسه العديد من الاسئلة هل فعلا قالت حبيبة هذا الكلام ؟ ولما لم تخبره عندما تحدث معها عن والدته؟ وكيف فحبيبة تخشاها وتخاف الحديث معها؟ عاد عبد الرحمن للبيت استقبلته حبيبة بابتسامة وضمته كعادتها ثم وضعت الغداء، لم يأكل عبد الرحمن جيدًا وكان شاردا بعض الشيء. 
-: مالك يا حبيبي. في حاجة شغلاك؟ احكي لي. 
نظر اليها مطولا ثم أخيرًا تحدث: أنت  اتكلمتي مع امي لما كنت في المستشفى؟ 
تغير وجه حبيبة وحاولت التهرب فنهضت وبدأت جمع ما على المائدة. 
-: عادي يا حبيبي كلام زي أي كلام. 
فامسك  يدها: حبيبة اقعدي و قولي لي قولتوا أيه؟ 
-:  كلام يا عبد الرحمن مش فاكرة ما كنتش مركزة وقتها خالص. 
-: حاولي تفتكري يا حبيبة لو سمحتي وقولي لي قولتوا أيه؟ 
وقفت وأخذت بعض الاطباق: ححاول ولو افتكرت حقولك 
امسك عبد الرحمن يدها ونظر اليها بضيق شديد وغضب ثم تركها ودخل الغرفة، تألمت حبيبة ولم تعرف ما يجب عليها قوله فأنت هت من تنظيف المائدة ثم دخلت إليه فلم يلتفت لها وظل غاضبا منها جلست حبيبة بين يديه تتألم لغضبه منها تشعر بغصة بقلبها 
حبيبة: أيوة يا عبد الرحمن تكلمنا وما قولتش عشان مش عايزة اضايقك وقولت انها كانت  زعلانه عشانك. – نظر اليها عبد الرحمن بضيق شديد ولم يتحدث - دمعت حبيبة واكملت - قولت لها اني بحبك واني بتمني رضاك وبعمل أي حاجة عشان تكون سعيد، وسألتها أيه يريحها وأنا اعمله 
عبد الرحمن: وقولت لها انها سبب مرضي. 
حبيبة: يا عبد الرحمن أنا ماقولتش كده بالظبط الكلام ليه جانب تاني ومعني تاني، أنا كنت خايفة ومرعوبة عليك. 
عبد الرحمن ولازال غاضب: المشكلة يا حبيبة ان اكتر اتنين قريبين مني فاكرين حبي ليهم ضعف، خوفي عليهم استسلام، مسامحتي ليهم قلت حيلة كنت فاكر اني كبير في عيونكم بس واضح انكم مش شايفيني كده. 
انهارت حبيبة وقبلت يده: والله العظيم أبدًا. والله يا حبيبي مش كده ولا خطر ببالي الكلام ده، طاب حقك عليا،  أنا اسفة. 
تألم عبد الرحمن منها وعليها وكان اكثر ما يغضبه انها بدأت تخفي عنه وبات لها سرا بعيدا عنه عكس ما إعتاد منها وشعر ان هناك بقية لم تقصها عليه وزاد ذلك بداخله شعوره بانها تنوي على شئ لم تخبره به. حاولت حبيبة بكل الطرق مصالحته، لكنه كان يتركها لا يجلس معها بنفس المكان حتي حل وقت النوم دخلا الفراش فاقتربت حبيبة منه تحدثت وهي تبكي: 
حبيبة: حقك عليا والله مش حزعلك تاني أنت  كبير قوي في عيني والله العظيم، طيب سامحني المرة دي ومش حعمل كده تاني، رد عليا أنت  أول مرة تخاصمني كده والله قلبي وجعني - فأدار لها ظهره وقد اعتصر قلبه الما- طيب خدني لطنط ابوس أيدها ورجلها كمان واطلب منها تسامحني، والله مهما عملت مش حنطق ولا حتكلم. 
فالتف اليها بغضب وامسكها من ذراعيها بقوة قال لها: بردوا فاكرة اني ممكن اقبل لك اهانة ، بردوا شايفة اني حسيب أي حد حتي لو كان امي يعمل كده واسكت، فاكرة اني ممكن اكون سبب في اهأنت ك. كنت فاكر انك اكتر واحدة فهماني. 
حبيبة وبدا عليها التعب الشديد: والله أبدًا. طيب اعمل أيه؟ أو اقول أيه؟ أنت  أول مرة تخاصمني أنا...أنا -وبدأت تفقد وعيها - مش عارف... 
أنت فض عبد الرحمن وبدا يربت على وجهها بخفة ينادي عليها واحضر لها الماء  وجلس بجانبها وامسك يدها يحاول افاقتها 
عبد الرحمن: حبيبة. حبيبة فوقي. حبيبة 
بدأت حبيبة تستعيد وعيها وتفيق وعادت تبكي 
حبيبة: أنا اسفة والله اسفة. 

ضمها اليه بقوة: 
-خلاص يا حبيبة، خلاص مش زعلان منك. 

استرسلت منتحبة: 
-والله مش قصدي، والله أنت أحسن زوج في عنيا والله مش قصدي أحسسك بأي حاجة من دي والله، والله يا عبد الرحمن والله. 
-والله مصدقك. 

ومسح دموعها ثم قبل جبينها، أخذ يمسد على رأسها ويضمها إليه: 
-ماتزعليش، حقك عليا ضغط عليكي بزيادة. 
توسلته راجية بصدق: 
-ماتزعلش مني بالله عليك، ماتزعلش مني. 
-والله مش زعلان، ارتاحي يا حبيبة شكلك تعبان قوي، أنا حاقعد جنبك لحد ما تنامي، أهدي. 

جلس جوارها بالفراش، يداعب شعرها ويربت على ظهرها ويقبلها كلما بكت اثناء نومها حتي غلبه النوم. 

مرت الأيام سريعا، ولم يتغير حالها وظل لديها ما تخفيه عن عبد الرحمن فأحيانًا يجدها متوترة، وأخري قلقة وأخري نادمة وفي كل الأحوال يتملكها حزن عميق، تحاول دومًا إظهار عكس الكامن داخلها، سألها مرارًا دون جدوى، وفكر كثيرًا بمحادثة محمود ولكنه يتراجع بكل مرة؛ لسوء العلاقة بينهما. 

مضي شهران وأصبحت حبيبة ببداية شهرها السادس، عاد عبد الرحمن من عمله ولم يجد حبيبة تنتظره كعادتها، فدخل غرفتهما باحثًا عنها؛ فوجدها على الفراش باكية، ومتأهبة للخروج ، فزع من حالتها؛ فوقف أمامها وامسك بذراعيها باحتواء، وتحدث بقلق جم: 
-مالك يا حبيبة؟! في أيه؟ حد حصل له حاجة؟ 

رفعت رأسها ونظرت إليه بندم وعذاب، ولم تستطع التحدث، واخفضت بصرها أرضًا ولم يتوقف نحيبها؛ تملكه الذعر من حالتها جلس وضمها إليه متسائلًا 
-حصل إيه لكل ده؟ اتكلمي يا حبيبة. 

ابتعدت قليلًا ولازالت على حالها، ثم خرج صوتها مذبوحاً: 
-طول الفترة اللي فاتت كنت بتسألني عن اللي شاغلني واللي ما كنتش عارفه أقوله وجه الوقت إنك تعرفه. 

صمتت وكأن الكلمات ماتت على شفاهها، ترفض الخروج، وتحدث هو متسائلًا 
-واللي شاغلك هو السبب في  حالتك دي؟ وليه دلوقت؟ ولابسة ليه؟ كملي يا حبيبة ساكته ليه حاموت من القلق. 
-من وقت ما دخلت المستشفى وأنا بسأل نفسي، لو أنا كنت بعيد عن حياتك كان كل ده حيحصل لك؟ كانت  علاقتك بوالدتك حتدمر كده؟! 
بكت  بانتحاب ثم حاولت تمالك ذاتها مسترسلة: 
-كنت حتتعب وتدخل المستشفى؟ تأكدت إن أنا السبب في كل حاجة وحشة حصلت لك، في الوقت اللي كنت أنت السبب في كل حاجة حلوة حصلت لي. 
-كلامك غلط يا حبيبة، وبردو مش فاهم أيه علاقة ده بحالتك؟ 
-لا يا عبد الرحمن هي دي الحقيقة، أكتر حاجة باظت في حياتك بسببي هي علاقتك بوالدتك، ودي حلها الوحيد إني أبعد؛ عشان ما يجيش اليوم اللي تكرهني فيه، يوم ما حتلاقي علاقتك بها تدمرت بسببي هو اليوم اللي هَتكرهني فيه وتكره وجودي في حياتك، أنا أكتر واحدة أعرف يعني أيه أم، وإنها استحالة تتعوض، الزوجة بتتعوض يا عبد الرحمن لكن الأم لأ. 
عبد الرحمن: بردوا مش فاهم يا حبيبة تبعدي ازاي؟ ومين قال لك ان ده حيحصل اصلا؟ حبيبة أنت  عايزة توصلي لأيه؟ 
حبيبة: عايزة اصلح اللي بوظته يا عبد الرحمن عايزة ارجع لك حياتك زي ما كانت  عايزة ارجع لك الهدوء اللي كان فيها، عايزة اطمن انك مش حتدخل المستشفى تاني مش عايزة قلبي يوجعني عليك ومش عايزاك تتعذب بسببي. 
عبد الرحمن: أنا حياتي بقت احسن، بقي عندي حد احبه واخاف عليه ويخاف عليا، بقيت احب ارجع كل يوم البيت عشانك، بنام كل يوم عشان افتح عيني واشوفك قدامي، يا حبيبة أنت  بقالك فترة تفكيرك مشوش مش زي الأول اهدي كده وقومي اغسلي وشك تعالي نخرج نغير جو. 
حبيبة: يا عبد الرحمن اسمعني أنا فكرت كتير قوي. 
عبد الرحمن: طيب تعالي اوديكي يومين عند محمود تهدي و حبقي اجيلك نتكلم. 
حبيبة: أنا خلاص عرفت أنا عايزة أيه ومش حرجع فيه. احنا لازم نسيب بعض. 
عبد الرحمن: أنت  عارفة يعني أيه نسيب بعض احنا مش مخطوبين وحنسيب بعض، احنا متجوزين وأنت  حامل ومفيش سبب للي بتقوليه مش بعد كل اللي مرينا به تيجي تقولي كده. 
حبيبة: اديك قولتها حاولنا وأنت  تعبت وكنت حتروح مني وأنا عندي ابعد بس أنت  تفضل كويس. 
عبد الرحمن: احنا بقالنا ساعة بنتكلم في نفس النقطة وأنت  مصرة توصلي لنفس النتيجة. بتدمري حياتنا عشان افكار مش صح، أنت  عارفة يعني أيه طلاق؟ الطلاق مر على الرجل والست خصوصا الست حصرة والم، ربنا حلله بس خلاه ابغض الحلال بيحصل لو استحالة العشرة لو حد كره التاني وكره عشته معاه، أنت  كرهتيني يا حبيبة؟ 
حبيبة تتألم ومنهارة:  لا والله أبدًا،  أنا عمري ما اكرهك ومش عايزاك تكرهني أنا ببعد عشان ده ما  يحصلش يمكن حملي هو اللي حيهون عليا بعدك، كل ما توحشني احضن بنتنا واحس بحضنك ونفسك جنبي واشوفك  في كل مرة تيجي تطمن عليها. 
ضمها عبد الرحمن بقوة يتألم ويشعر بضياعها منه: واللي يحب حد كده يسيبه ليه يا حبيبة؟ في ناس بتفضل طول عمرها بتدور على الحب وفي ناس ما تعرفش انه موجود، واحنا ربنا كتبنا لبعض حبينا بعض من غير حول ولا قوة، يبقي ليه نفترق ونتعذب؟ 
حبيبة والدموع تغرق وجهها: بالله يا عبد الرحمن ما تصعبهاش عليا اكتر هي صعبة والله لوحدها. أبدًا حياتك تاني مع واحدة والدتك تكون راضيه عنها وانساني وارضي والدتك. 
عبد الرحمن: عادي يا حبيبة أبدًا تاني، أنت  ممكن تبدئي تاني وتكوني لحد غيري تقدري يا حبيبة. 
قامت حبيبة وجلست بين يديه: والدموع تغرق وجهها: عمري ما حكون لحد غيرك عمر ما حد يلمسني غيرك وحتفضل طول ما فيا نفس حبيبي وابو بنتي. 
عبد الرحمن: وأنا مش حطلقك يا حبيبة حوديكي عند محمود لحد ما تهدي. 
ثم وقف وساعدها كي تنهض من على الارض وخرج للصالة و وراءه حبيبة وفي ذلك الوقت وصل محمود وقبل ان يطرق الباب سمعهم يكملون حديثهم 
عبد الرحمن: مفيش سبب واحد يخليني اعمل اللي أنت  عايزاه. 
حبيبة: في يا عبد الرحمن عمرك ما تقبل انك تعيش معايا وأنت  عارف اني عايزة ابعد. 
فالتفت لها  وامسك ذراعها بقوة: ليه يا حبيبة شوفتي مني أيه وحش؟ اذيتك في أيه؟ كرهتيني؟ 
حبيبة: والله أبدًا ما شوفتش غير حب وعمرك ما اذيتني ولا قربت مني غير باللي يفرحني وعمري ما أكرهك أبدًا. 
عبد الرحمن وهو ثائر بشدة: ودي اسباب تخليكي عايزة تطلقي، لو أنا مجنون تعالي نسال الناس قوليهم اسبابك وشوفي حيقولوا أيه؟ 
حبيبة تترجاه ولازالت منهارة: بالله يا عبد الرحمن كفاية. 
عبد الرحمن ولازال ثائر وممسك بذراعها: ليه بتعملي كده ليه مصممة تخلي المهزلة دي مستمرة أنت  عارفة اني من ساعة ما اتجوزنا وأنا مش بفرض عليكي حاجة. ليه تفرضي عليا موقف زي ده. 
حبيبة و ذرعها يؤالمها بشدة: خلاص يا عبد الرحمن مفيش فايدة أنا كلمت محمود وزمانه جاي. - تألمت بشدة-  دراعي يا عبد الرحمن أنت  بتوجعني. 
أنت به عبد الرحمن لشدته عليها فتركها ووجد اصابعه تركت اثرا في ذراعها. فجلس بأقرب كرسي 
جلست حبيبة وأكملت: لو كملنا يا عبد الرحمن حيحصل في حياتنا اكتر من علامة في دراعي حيحصل بينا اللي يهدم بيتنا ويضيع أي حاجة حلوة بينا، لو تفتكر كلام طنط معاك في مرة عمل بينا مشكله وكانت  ممكن تكبر، أنا مش عايزة كده،  صدقني نسيب بعض دلوقتي احسن. 
تأثر عبد الرحمن بشدة لما وجد نفسه اذاها لأول مرة دون ان يشعر تماكه شعوره بالخوف عليها منه و سأل نفسه هل يمكن ان يؤذيها مرة اخري دون ان يشعر، في هذا الوقت دق محمود الباب ففتح له عبد الرحمن، نظر محمود لكل منهما وللأول مرة يشفق على عبد الرحمن ويشعر بالغضب من حبيبة لكنه لم يبدي موقفه. اغلق محمود الباب ولم يتكلم 
بدأ عبد الرحمن الكلام وهو شارد مشوش يتملكه الحزن: محمود حبيبة حتقعد عندك كام يوم كده وبعدين حاجي اتكلم معاك ونشوف حنعمل أيه. 
حبيبة: لأ أنا مصرة، وأنت  اكيد مش حترضي اكون معاك وأنا مش عايزة. 
نظر اليها عبد الرحمن وهو مصدوم منها يخاف عليها من نفسه. 
كان محمود غاضبا منهما لا يعجبه  ما يحدث يشعر بحيرة عبد الرحمن و لا يفهم موقف حبيبة. 
عبد الرحمن: مش عايزة يا حبيبة! -اغمض عينه يتمالك نفسه- طيب خليكِ عند محمود وأنا حاجي بعد يومين لو لسه.. 

فقاطعته تحاول ان تبدو صلبة متماسكة: 
-لا يا عبد الرحمن دلوقتي من أنا مش حغير رأيي أنا عايزة اتطلق مش عايزة اكمل حياتي معاك. 
حاول عبد الرحمن التماسك  ولم يجد مفر وشعر بهدر لكرامته بإصرارها على الطلاق و في وجود محمود . 
نظر عبد الرحمن لحبيبة بحزن شديد وكانه يسالها عن السبب الحقيقي وراء ما تفعله: ده اخر كلام عندك. 
حبيبة وقد ثقل كلامها  وجسدها تحاول التماسك: أيوة طلقني. 
عبد الرحمن: أنت ... أنت  – فنظر اليه محمود بحدة – أنت  طالق يا حبيبة. 
فقدت حبيبة وعيها كادت ان تسقط ولكن اسرعت يد محمود تسندها، أنت فض عبد الرحمن وحاول الاقتراب منها ففزع فيه محمود: خليك عندك 
وحملها وكاد ان يخرج بها وهي فاقدة الوعي. 
عبد الرحمن: محمود ماتنزلش بيها كده ما تفرجش الناس عليها لو أنا مضايقك أنا حفضل بعيد ادخل الأوضة فوقها الأول أنا حفضل هنا. 
فدخل بها محمود وافاقها ثم اخذها و غادر ولم يتحدث مع أي منهما وظلت حبيبة تبكي طول الطريق. 
انفطر قلب عبد الرحمن حزنا لا يصدق انه اضاع حبيبة لا يصدق انه لن يضمها الي صدره وانه لن يراها صباح كل يوم ويفتح عينه على رؤياها. وكاد ان يجن لا يفهم لما فعلت واصرت فجرحته مرتان  لإصرارها على الابتعاد ولأنها جرحت كرامته امام محمود. 
كان محمود غاضبا جدًا و لم يتحدث مع حبيبة حتي بعد ان عادا للبيت ولم يستطع حتي النظر بوجهها فدخل غرفته ولم يخرج منها يتحرك بعشوائية ذهاباً واياباً يكاد يجن من حبيبة ومما فعلت وما وصلت اليه. 
اما حبيبة فكانت  منهارة تسيل دموعها على وجهها بدون توقف، انفاسها متصارعة تسال نفسها هل ما فعلته التصرف السليم ام انها اضاعت حب عمرها وستندم عليه ما بقي من حياتها، لم يستطع أي منهم التحدث مع بسمة التي حاولت فهم ما حدث من محمود. 
بسمة: في أيه يا محمود؟ حبيبة مالها أيه اللي حصل؟. 
محمود: أنا مش قادر اتكلم خالص يا بسمة كل اللي اقدر اقوله ان حبيبة اتطلقت. 
صدمت بسمة فلم تتوقع هذا الرد أبدًا ولم تستطع مناقشته هي لم تراه بمثل هذا الوضع من قبل انه كاد يستشيط غضبا ، فذهبت لحبيبة تواسيها وحاولت فهم اسباب الطلاق منها لكن لم تستطع حبيبة التحدث فكانت  تبكي بقهر شديد ولم تتوقف أشفقت عليها بسمة كثيرا ولم تعرف ما يمكن ان تفعله من اجلها

 «مواجهة حامية»

مرت ليلة طويلة حزينة تألم فيها الجميع، وبصباح اليوم التالي أنت قل عبد الرحمن لبيت والدته، اتصل به بمحمود وطلب منه توثيق الطلاق ولم يتحدث معه في أي شئ.

سعادة غامرة وفرحة شديدة سرت بداخل حافظة عند سماعها ما حدث وكل ما يؤرقها هو حمل حبيبة فهو الحبل الوحيد الرابط بين ابنها وحبيبة وهو بابا مفتوح وامل في العودة فقررت ان تجعل بينهما من المشاكل ما يغلق هذا الباب دون رجعه وبدأت تفكر فيما تفعل لتصل لهدفها.

وثق عبد الرحمن الطلاق وتزايد حزنه اضعاف مضاعفة وتبدلت احواله واختفت الراحة من حياته بالرغم من مرور ثلاثة أيام فقط الا انه شعر بهم كاعوام طويلة فقرر ان يبحث عن راحته والا يضيعها أو يفرط بها وفي صباح اليوم التالي ذهب للمأذون و رد حبيبة لعِصْمته ولم يخبر احد، ترك منزل والدته وعاد الي منزله واستلم هو الإخطار الذي وصل الي منزل محمود من المأذون كي لا يعلم احد برده لها سيتركها تتذوق مرارة ما ارادت و سيتحين الوقت المناسب لاعلامها.

مر اسبوع على حبيبة تقتل نفسها من البكاء، ذبلت وبدا الإجهاد جلياً عليها وما زاد همها والمها مقاطعة محمود لها لا يتحدث معها ولا يجلس معها في مكان واحد حتي وقت الطعام لا يجلس معهم، دخلت بسمة لحبيبة الغرفة تطمئن عليها:

بسمة: حبيبة عاملة أيه النهاردة؟

حبيبة: وهي منكسرة ويتملكها الحزن: عايشة، هو محمود حيفضل مقاطعني كده؟ كلميه يا بسمة أنا محتاجة له قوي.

بسمة: مش عارفة يا حبيبة بس هو رافض يتكلم في أي حاجة وبيقفل أي مجال للكلام.

بكت حبيبة بشدة: يا بسمة أنا محتاجاه يكون معايا، أنا تعبانة قوي بالله يا بسمة كلميه.

ربتت عليها بسمة: طيب يا حبيبة أيه اللي حصل بينكم أنت م كنتم كويسين وشوفته بيتعامل معكي ازاي أيه اللي وصلكم لكده؟ طيب لو عندك مشكله ليه ما اتكلمتيش مع محمود يتدخل بينكم؟

لم تجب حبيبة واستمرت في البكاء.

بسمة: خلاص يا حبيبة ما تعيطيش ححاول اتكلم معاه، تعالي معايا ندخله أنا وأنت .

نظرت اليها حبيبة تخشي ردت فعله فأكملت بسمة.

بسمة: ما تقلقيش أنا معاكي.

طرقت بسمة باب الغرفة وكان مفتوحا ومحمود جالسا بركن السمر يفكر

بسمة: محمود ممكن ندخل.

نظر محمود اليهم: لأ

بسمة: ليه بس حبيبة عايزة تتكلم معاك.

بكت حبيبة لرفضه التحدث معها.

محمود: عايزة تدخلي يا بسمة ادخلي لوحدك. 

اشارت بسمة لحبيبة ان تتحدث

حبيبة: محمود أنا تعبانة قوي ومحتاجة لك.

محمود: بسمة يا تدخلي لوحدك يا تخرجوا أنت م الاتنين.

بسمة: افتكر وصية طنط وعمو الله يرحمهم يا محمود واسمعها يمكن عندها اللي تقولوا.

حبيبة: بالله يا محمود ما تسبنيش لوحدي أنا محتاجاك. 

محمود: ليه مش بقيتي تاخدي قراراتك لوحدك وتنفذيها من غير ما تراعي أي حد خليكي لوحدك. 

اقتربت حبيبة من محمود بضع خطوات وقالت: مش كنت متضايق من عبد الرحمن هو بعد خلاص.

فالتفت لها محمود غاضبا وارتفعت نبرته بالحديث: الكلام ده لما كان عايز يخطبك مش وأنت كنت متجوزة وحامل كمان، بتفكري لوحدك وتفكيرك بقي غلط ما بقتيش حبيبة اللي قلبها بيدلها على الصح.

حبيبة: بالله يا محمود خليك معايا اعمل أي حاجة بس خليك معايا. 

محمود: بقيتي يا حبيبة بتبكي اكتر ما تتنفسي، ونص كلامك رجاء، تقدري تقولي لي سبب واحد للطلاق؟! ولو عندك سبب ماجتيش تتكلمي معايا ليه؟ ده لو كنت معتبره اني اخوكي، لو كنت حاسة اني مكان بابا من جواكي فعلا كنت جيتي اتكلمتي معايا.

صمتت حبيبة وازداد بكائها والتفت لتخرج من الغرفة ونظرت لبسمة التي اقتربت منها وطوقتها بذراعها وتحدثت.

بسمة: يا حبيبي أنا عارفة انك زعلان عليها مش منها بس خليك رؤوف بيها وبحالها يمكن عندها سبب مش قادرة تقوله.

محمود: اقعدي يا حبيبة حسألك سؤال وتجاوبي بصراحة.

جلست حبيبة ودموعها تغرق وجهها ونظرت اليه.

فاكمل محمود: بصي في عيني كده وجاوبيني، قرار حملك أنت اللي أخدتيه لوحدك ولا عبد الرحمن اللي طلب منك؟ 

تذكرت حبيبة كلمات عبد الرحمن عندما شدد عليها الا تخبر محمود وبنفس وقت لا يمكنها ان تكذب. كرر محمود السؤال ثم اكمل

محمود: كان قرارك لوحدك، من غير ما تفكري لا فيه ولا فيا حطتينا احنا الاتنين في موقف سيئ قصاد بعض صغرتينا احنا الاتنين . ده غير قرارك اللي بعده الطلاق ولما هو قال حيجي يتكلم معايا رفضتي واصريتي ليه؟ وقدامي بس تيجي تكلميني تقولي "يا بابا " ؟! إزاي يعني حكمتي ان طفل لسه ما اتولدش انه يعيش مشتت بين ام واب مطلقين؟ وكالعادة مفيش سبب ونسالك تعيطي.

انهارت حبيبة وانخرطت في البكاء 

بسمة: محمود خايف عليكي يا حبيبة، أنا كمان شايفاكي من فترة مشوشة و مش عايزة تتكلمي، اهدي محمود معاكي مش عليكي وكلامه ده خوف عليكي، قربي يا حبيبة من محمود وقولي اللي جواكي أنا حسيبكم ومتأكدة ان الاب اللي جواه هو اللي حيتكلم. 

خرجت بسمة واغلقت الباب فتحدثت وهي خجلة تخفض وجهها ولم تجف دموعها 

حبيبة: يا محمود أنا موجوعة قوي ومش قصدي أصغركم والله أنا مابقتش عارفة أيه الصح وأيه الغلط خليك جنبي ما تسبنيش - فأمسكت يده- ورحمة بابا وماما خليك جنبي. .

محمود: حاضر يا حبيبة بس من دلوقتي ما تعمليش أي حاجة غير اللي اقول عليها حتي لو مش عاجباكي. 

حبيبة: حاضر 

محمود: طيب قومي يا حبيبة 

بكت حبيبة ونظرت له برجاء: مش قادرة يا محمود اسندني.

سندها محمود وساعدها لتنهض .

محمود: ليه يا حبيبة عملتي في نفسك كده؟ - فصمتت ولم تجب فاكمل - عبد الرحمن اتصل بيكي؟

بكت حبيبة بشدة أماءت رأسها نافية: ومش حيتصل يا محمود مش حيتصل.

ووضعت راسها على كتفة وانهارت، فضمها محمود و واساها وهو مشفق عليها وحزين من اجلها.

كان محمود يتلمس اخبار عبد الرحمن من بعيد ليستطيع تحديد موقفه ونيته تجاه حبيبة التي ظهرت جليه عندما علم بعودته الي منزله وترك منزل والدته ولكنه لم يخبر حبيبة.

تفاجئ محمود بعد ان انهي مقاطعته لحبيبة من تصرفها فكانت كل يوم في الساعة العاشرة تعد لنفسها كوب من الشاي وتدخل البلكونة وتظل شاردة تبتسم أحيانًا وتبكي أحيانًا وكانها تتحدث الي نفسها. لم يفهم كل من محمود وبسمة سبب تصرفها وقلقا عليها بشدة، لم يكونا يعلما ان عبد الرحمن يفعل الشيء نفسه في ذات المعاد، فكان هذا موعد سمرهما اليومي الذي لم يقطعه أي منهم.

مر شهر على عودة حبيبة لبيت والدها، تدهورت خلاله صحة عبد الرحمن بسبب احواله مع حبيبة وبسبب والدته التي دأبت تهدده وتلح عليه في العودة لمنزلها أو الزواج بأخري ولإهماله العلاج أو المتابعة ولم تكن حبيبة بحال افضل منه فهي ايضا وهنت وظهر الاجهاد عليها بالكاد تأكل من اجل طفلها .

اراد عبد الرحمن ان تكون هذه الفترة درسا لحبيبة تذوق فيه مرارة قراراتها ولتشعر بخطئها بحقها وبحقه وبحق طفلتهما التي بداخل احشائها. ثم وجد ان حان الوقت المناسب للتحدث مع محمود وتوضيح الامور ومناقشاتها فاتصل به وطلب مقابلته خارج المنزل بعيدا عن حبيبة كان محمود يتوقع اتصاله و وافق على مقابلته لكنه حرص ان تتم بالبيت وقبل حضور عبد الرحمن تحدث محمود مع بسمة

محمود: بسمة عبد الرحمن شوية وجاي مش عايز حبيبة تخرج من أوضتها ولا تبان نهائي.

بسمة: ما كنت قابلته بره احسن، لما صدقنا بدأت تتقبل الوضع هي من وقت ما عرفت انه جاي وهي قلقانة ومتوترة ومش على بعضها وده مش كويس عشان الحمل كفاية الفترة اللي فاتت. 

محمود: أنا عندي سبب ومش وقته اني اشرحه وبعدين هي اللي خليتنا كلنا في الوضع ده.

اجابت بقلة حيلة: ما بقتش فاهمة حد منكم.

بعد قليل حضر عبد الرحمن بالموعد المحدد كانت حبيبة بغرفتها تتابع من خلف باباها وما ان سمعت صوت عبد الرحمن تصارعت دقات قلبها وكأنه يريد الخروج من بين ضلوعها وتصاعدت انفاسها محاوله الوصول اليه انسابت دموعها على وجهها لا تستطيع ايقافها، دخل عبدالرحمن الصالون ومعه محمود الذي بدأ الحديث:

محمود: خير يا عبد الرحمن.

عبد الرحمن: خير ان شاء الله، كنت افضل نتقابل برة.

محمود: متهيألي الكلام ده لازم يكون في البيت عمري ما شوفت حد بيتكلم في الحاجات دي في كافيه أو قهوة.

عبد الرحمن: وأنت عارف أنا جاي اتكلم في أيه.

محمود: اكيد المؤخر ومستحقات حبيبة.

عبد الرحمن: اكيد لأ، ومش قصدي انها مش حتاخد حقها، قصدي انه لسه بدري على الكلام ده أنت عارف عدة حبيبة تنتهي مع الولادة. - ثم صمت قليلا - هي عاملة أيه؟ بتابع مع الدكتورة ولا لأ طمني على البيبي؟ 

تابع محمود عبد الرحمن وطريقة كلامه وكل شئ وتأكد من انه لازال يحبها ويتألم من اجلها فساله:

محمود: لو قصدك انك تقابلها. - فقاطعه عبد الرحمن 

عبد الرحمن: لأ، أنا مش عايز اقابلها أنا جاي اتكلم معاك، على فكرة نتيجتها ظهرت تقدير السنه امتياز والعام جيد جدًا. 

محمود: فعلا أنا نسيت نتيجتها. ليه يا عبد الرحمن المردة دي عايز تتكلم معايا؟ بالرغم ان كل مرة كنت بتهتم انك تتكلم معاها.

اخذ نفس عميق: عشان الوضع اتغير لما جيت اتقدم كان جوايا احساس لها وكنت عايز أتأكد ان هي حاسة بحاجة من ناحيتي ودي كانت أول خطوة ومن غيرها ما كنش ينفع نكمل حتي وقت ما حصل المشكلة اللي قبل الفرح على طول كان يهمني انها تتأكد انها غير واني استحالة أوجعها ولو كانت شكت في ده كان معناه ان اللي بينا ما يوصلش لدرجة الجواز. وخلال السنة اللي كنا فيها مع بعض كانت بتحصل حاجات صغيرة بينا كنا بنقعد مع بعض نتكلم ونحلها. المرة الوحيدة اللي كان الخلاف بيني وبينك بسبب والدتي خلص الكلام فيها بدخولي المستشفى. لكن دلوقتي الوضع اختلف، مش مخطوبين بنحل مشكله حصلت بيني وبينها ولا في بيت واحد تقعد مع جوزها يتكلموا ويحلوا المشكلة بقينا منفصلين وللآسف من غير سبب حقيقي أي كلام بيني وبينها حكون بضغط عليها ترجع وأنا مش عايز كده ده غير اني عندي سبب تاني مش حقدر اقوله، يا محمود حبيبة كانت متغيرة الفترة اللي فاتت وحاولت اتكلم معها كتير ومفيش فايدة عندها سر قافله عليه ومش عايزة تطلعه أبدًا وفي الغالب هو سبب طلبها الطلاق، اللي بيني وبين حبيبة ما بقاش مشاعر وبس بقي في طفلة قربت تيجي الدنيا لازم نفكر فيها. يا ريت يا محمود تتكلم معاها عشان نعرف أيه المشكلة اللي عندها.

محمود: هي قالت انها اتكلمت معاك وشرحت الاسباب.

عبد الرحمن: اللي قالته مش السبب هي نفسها مش مصدقاه. 

محمود: طيب أيه الاسباب اللي قالتها.

عبد الرحمن: خلينا نتفق الأول ان كلامها غلط، هي شايفة انها سبب مرضي وسبب الخلاف بيني وبين امي وده مش صح. بص يا محمود حبيبة متأثرة جدًا بالخلافات اللي كل شوية تظهر بيني وبينك ده غير ان امي للأسف متمسكة بأفكار غلط وأنا بحاول معها لحد النهاردة تغير فكرها يعني المشكلة ملهاش علاقة بحبيبة زي ماهي بتقول .

شرد محمود قليلا: طيب لو أنت شايف اسبابها ضعيفة طلقتها ليه؟ 

عبد الرحمن: عشان خوفت عليها مني -صمت قليلا وتابعه محمود بترقب- كانت بتهرب مني مش قادرة تبص في وشي مسكتها من دراعها وواجهتها وعيني في عينها، وما حستش بنفسي وأنا بضغط عليها غير لما تألمت و لقيت أيدي معلمة في دراعها خوفت عليها مني ، عشت لحظة ضعف وهي ضغطت عليا فحصل اللي حصل.

رسم محمود مسبقا سيناوريو لما يمكن ان يقصه عبد الرحمن ولكنه لم يتوقع أبدًا ان يسمع منه هذا الحديث ، سعد بخوفه على حبيبة وقدر له مدي التغيير الذي حدث له والذي لم يتوقعه يوما والذي لم يكن يصدقه لولا ان رءاه وسمعه منه. 

كاد ان يلين محمود وأهّب نفسه لمجاراة عبد الرحمن وان يلين معه. قطع حديثهم جرس الباب ، فتحت بسمة فوجدت حافظة والدت عبد الرحمن وكانت تنوي شرا وجهها عابس صوتها عالي تشتاط غضبا أول ما سمعت حبيبة صوتها ارتجفت خوفا وهمست باسم عبد الرحمن، 

بسمة: اهلا يا طنط اتفضلي.

خطت الي الداخل وهي تتحدث بفظاظة: هو فين ضحكتوا عليه خلاص. 

بسمة: أيه الكلام ده يا طنط اتفضلي طيب. 

حافظة: مفيش بينا كلام.

خرج اليها عبد الرحمن و محمود

عبد الرحمن: امي! عرفتي ازاي اني هنا؟!

حافظة: اتصلت بيك في البيت كتير ورحت لك ولما تأكدت انك مش هناك قلت اكيد هنا، ما أنت سارح وراها في كل حته.

عبد الرحمن غاضبا و يحاول امتصاص غضبه: تعالي يا امي نرجع البيت نتكلم هناك بلاش نتكلم هنا.

حافظة: وليه البيت خلينا هنا؟ وارفع صوتك عليا اكتر وفرحها ما أنت اتعودت ترفع صوتك عليّا عشان المحروسة ، أنا قولت عاملة لك عمل ولا سحرت لك اللي حصل لك ده مش عادي.

عبد الرحمن يحاول كتم غضبه: يا امي أيه اللي بتقوليه ده كفاية، كفاية تجريح في الناس ورميهم بالباطل. تعالي نمشي من هنا لينا بيت نتكلم فيه.

وامسك يدها ليخرجا فجذبت يدها منه بغضت وتحدثت بصوت هجوري

حافظة: بيت ما أنت سيبت البيت وقاعد بعيد مكان ما كانت معاك بتدور على ريحتها فيه ومش طايقني ولا طايق تتكلم معايا، هي فين هاتها تتفرج وتشوف بتعاملني ازاي خليها تفرح وتصفق لك أنا جاية مخصوص أوقفها عند حدها وافرج الناس عليها عشان تلم نفسها.

اشتد غضب عبد الرحمن ومحمود منها وبدأ عبد الرحمن يقفد توازنه.

محمود: كده كتير قوي أنا ساكت عشانك يا عبد الرحمن بس كلمة كمان ومش هسكت.

لم تستطع حبيبة منع نفسها وفتحت باب غرفتها لتطمئن على عبد الرحمن وشعرت بالخوف عليه وساءت حالتها فكانت تبكي وترعش وتكاد قدمها لا تحملها. فلمحتها حافظة،

حافظة: أيوه كده باني واظهري اتمسكني كمان وكمان سبتيه بس وأنت حامل عشان تخلي سكة بينكم بتتقلي وأنت عارفة انه راجع يتحايل ويبوس رجلك بس بعينك حجوزه واحدة تانية على هوايا زي ما حصل المرة اللي فاتت ما أنت مش أول بخته وأنت عارفة.

انهارت حبيبة وخرج عبد الرحمن عن شعوره فامسك بيد والدته وقال

عبد الرحمن: أنت ليه مش عاملة لي حساب؟ ليه بتتعمدي تصغريني؟ أنت الوحيدة اللي بتصغريني؟ مع اني بكبرك دايما وياريت بتصغريني لوحدي أنت بتصغري نفسك كمان عمري ما تخيلت انك ممكن تعملي فيا كده.

فجذبت حافظة يدها منه بغضب: بتمسكني من دراعي يا عبد الرحمن؟! ماشي بس مش أنا لوحدي اللي صغرتك مراتك كمان صغرتك و قبلي كمان، بس أنت مش قادر عليها.

فنظر عبد الرحمن لحبيبة واختل توازنه فداست والدته على جرحه الملتهب وعلي المه دون رحمة، نظرت اليه حبيبة وبكت بصوت مسموع واماءت بالنفي مرات عديدة فخرجت من غرفتها واقتربت منهم.

صرخ بها محمود: ادخلي جوه.

حافظة: ليه تدخل ؟ سيبها تتفرج وتقوله لا ماحصلش وتنزل دمعتين وهي عارفة انها عملت كدا ما هو مش بالكلام - ثم التفتت لعبد الرحمن واكملت - ولسه حتعمل وتدوس ومش حتعمل لك حساب اكتر واكتر، بس وأنت بتعملي كدة ابقي قولي له أنت ليه حملت في الوقت ده بالذات؟ وانك كنت عارفة حتسبيه امتي ابقي عرفيه انك كنت بتلعبي بيه.

عبد الرحمن وظهر عليه تعب شديد لاحظه الجميع وسنده محمود:كفاية يا امي يلا نروح البيت.

اقتربت منه حبيبة وهي تبكي: والله أبدًا يا عبد الرحمن والله مشيت عشان ما يحصلش كده والله أنت غالي عليا والله بحبك اكتر من نفسي.

حافظة: اتمسكني اكتر واكتر مش ده اللي قولتيه في المستشفى.

فصرخت بها حبيبة: كفاية يا طنط حرام بقي - ثم نظرت الي عبد الرحمن الذي بدأ ينهار - والله ما حصل أنا اتكلمت معها بس مش ده اللي حصل والله العظيم وحياة بنتنا.




تعليقات



<>