
رواية حوريه بين انياب شياطين الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر 16 بقلم خديجه السيد
بعد مرور اسبوع.
بداخل مطار ايطاليا جلست حوريه بصمت بداخل الطائر تنظر خارج الزجاج بشرود تنتظر حتى تنتهي عدد الساعات القادمة لتصل إلي أرض الوطن لعلها ترمي أحزانها ومعاناتها بها بينما كان قاسم جالس بجانبها ينظر نحوها كل حين واخر وهو لا يصدق حتي الآن و يتوقع ما حدث منذ قليل وكيف كانت ردت فعلها عندما التقت بـ طفلها أول مرة وكيف تجاهلته ببرود شديد.
كانت حوريه تجلس أعلي الفراش بالمستشفى بعد ولادتها مباشره وكانت ترفض بشده ان تحمل طفلها كلما حاول معها قاسم أو احد من الممرضين، حتي وجدها تنظر له بإغماء عندما تتمتم بخفوت وتعب "حوريه انا تعبت مش عارف اسكتة ولا عارف اتصرف معاه ازاي من فضلك خذيه وشوفيه اكيد جعان "
ابتلعب لعابها الجاف و تنفست بعنف وهي تجيب بجفاء عليه"شفلك حد من بره يساعدك من الممرضين.. انا كمان ما بعرفش اتصرف معاه ازاي ولا عارفه ولا عاوزه اعرف، شوف حد يعلمك تعمل له لبني صناعي ازاي "
ضغط على يده بغضب مكتوم وهو يقول"
يعني هتسيبي ابنك مع الممرضين وهم اللي يهتموا به وانتي قاعده تتفرجي عليه و هو عمال يعيط؟ وبعدين مفروض يرضع منك افضل لي ولصحته ده ابنك "
نظرت إليه بانفعال لتمرر حوريه يدها علي شعرها بغضب و هي تتنفس الصعداء بقوة و تقول صائحة" لا مش ابني وبطل تقولي الكلمه دي كل شويه "
هتف قاسم بجدية و تحدي"لا ابنك غصبا عني وعنك ابنك يا حوريه.. اسامه قاسم السيوفي ومكتوب في شهاده الميلاد الام حوريه اسامه عتمان"
تطلعت فيه بـ أعين حادة أمام أعينة متسائلة كـ البلهاء بعدم فهم لتتحدث حورية مرة أخري بحدة " اسامه مين؟ انتي سميته اسامه "
هز كتفه الأيسر بعدم مبالاه وقال"ايوه امال هاسيبة كل المده دي من غير اسم و في المستشفى كمان طلبه بيانات عنك وعنه واول ما ارجع مصر هسجله باسمي وهطلعله شهاده ميلاد"
لويت شفتيها بسخرية و داخلها غضب شديد يتسرب لاوردتها و هي تنظر إليه قائله باستهزاء "هو انت خلاص بقيت بتتعامل كانه موجود في حياتنا أمر واقع وكمان طلعتله اسم و سميته على اسم بابا الله يرحمه وهتسجله علي اسمك كمان عادي"
رفع بصره لها وقتلته بنظراتها المشتمئزة ليقول بصوت هادئ مرددا" انا قلتلك من البدايه ان انا هعمل كده ومش هارجع في كلامي و اسم والدك شفته في بطاقة الشخصية بالصدفه و عجبني وانا اخترته طالما انتي مش عاوزه تهتمي بي"
هو بالفعل كان يقصد قاسم أن يسمي الطفل اسامه علي اسم والدها وليست صدفه كما قال لها وفعل ذلك حتى يحن قلبها إليه ويذكرها بـ والدها المرحوم أسامه عتمان.
صمتت قليلًا ثم أرجعت نظراتها بعيد عنه بضيق شديد و ابتلعب ريقها بارتباك و هي تقول بعدم مبالاه مصتنعة " انت حر اعمل اللي انت عاوزه ..بس يا ريت تشوفنا هنخرج من المستشفى امتى؟ ومن فضلك رجعني مصر على طول ما بقتش حبه وجودي هنا "
وبالفعل بعد أن تحسنت صحتها قليلا أخذها قاسم ليرحلون إلي مصر وبعد مرور ساعات قد رجعوا إلى مصر بالفعل هو و حورية ولم يتغير شيء ومزالت حوريه علي موقفها تعاند وغير مرحبه بـ الطفل.
**
في قصر قاسم السيوفي.
جلست حوريه بجانب النافذة علي طرف المقعد و هي تبكي بصمت ومزالت كما هي علي نفس حالتها التي كانت فيها فـ ايطاليا تشعر بالخزي من نفسها و من الجميع رغم أن قاسم كان يحاول الايام السابقه تركها بمفردها حتي تفكر و تراجع نفسها في قرار شأن طفلها وكان ينتظرها بفارغ الصبر تأخذ القرار منها لحالها دون ضغط لكن لم تاتي حتي الآن اغمضت عيناها بقوة و تركت دموعها تتساقط بضعف و استسلام.
حتي سمعت صوت طرقات علي باب الغرفة و انفتح الباب بهدوء و دلفت هاجر وهي تحمل الصغير وهو يبكي جائع وتقدمت منها قائله ببراءة" مدام حوريه ابن حضرتك عمال يعيط ومحتاج حضرتك ترضعيه "
جحظت حورية عيناها بصدمة و ألتفتت لها وهي تصرخ بحدة في أرجاء الغرفة قائله"انتي مجنونه هو مين ده اللي أبني ابعدي من جنبي حالا و خدية من وشي "
أنتفضت هاجر بذعر لتقول بتوتر"انا اسفه بس انا عملت ايه غلط هو مش ابن حضرتك برده"
نهضت إليها وامسكت بيها بغل شديد من يدها و هي تصرخ بيها بحدة "انتي بتعيديها ثاني قلتلك مش ابني ما بتفهميش اطلعي بره و خذي معاكي وأياكي ثاني مره تجيبهلة "
اتسعت عينا هاجر بصدمه و شعرت بالإهانة فهي لأول مرة تتعرض لـ شئ كذلك بداخل القصر سواء كان من قاسم أو جمال يتعاملون مع كل الخدم بكل ادب و احترام أدمعت عيناها بألم شديد تشعر به ألم في ذراعيها ليدلف قاسم فجاءه مما اضطر حوريه تتركها بضيق شديد وابتعدت وقال وهو بهدوء" هاتيه يا هاجر وروحي شوفي شغلك انتي"
أخذ منها الطفل وخرجت هاجر تبكي بقهر في الخارج، اقترب قاسم بخطوات غاضبه هاتف بجدية" في ايه هي غلطت فيه عشان تكلميها بالطريقه دي هي معاها حق مش ابنك ده عشان تخلي بالك منه "
وقفت بمكانها تواليه ظهرها و بجمود تام أردفت" قلتلك اسكت وما تقولش الكلمه دي ثاني مره وشوف البهايم اللي انت بتشغليهم في البيت دول كمان"
هتف بوجه متهجم يردد بغضب وبصوت عالي" حــوريــه اتكلمي عن العاملين هنا بادب ممكن يكونوا بالنسبه لك خدم فعلا بس انا بالنسبه لي بحترمهم وما بحبش اهين حد في بيتي وبعتبرهم اهل البيت ..وانا ما بشغلش بهايم في البيت يا هانم "
صمتت قليلًا وهي تتذكر ما فعلته بها قبل قليل كيف صرخت بعصبية حادة بوجهها وأمسك بيدها بقوة و اشعرتها بالإهانة وهي ليس لها ذنب، لتهمس بخجل شديد و هي تنظر بالأرض"انا اسفه ما قصدتش ما اعرفش مالي ومش طايقه حد، بس انت لازم تقول لها ما تدخليش بـي ثاني هنا ولا تجيبهلي "
ابتلعت ريقها بارتباك و هو يقول بتساؤل لا يصدق" هو انتي ناويه تطولي في اللي انتي فيه ده كثير حوريه انتي بقيلك كثير على الوضع ده ما ينفعش لازم تنتبهي لنفسك وتهتمي بي "
جلست على الفراش لتسمح لنفسها بأن تنهار أمامه وهي تهمس بصوت موجوع"انا مش قادر اهتم بـ نفسي عشان اشوف غيري من فضلك سيبني بحالي "
تجاهل حديثها وسألها بقلق"مالك يا حوريه قولي لي فيكي ايه ..انتي في الوضع ده من ساعه ما ولدتي كل ده عشان اسامه جاء علي الدنيا انتي اللي غاويه تعب لـ نفسك على فكره خذي الأمور ببساطه اكثر من كده شويه و بلاش كل حاجه تاخذيها على اعصابك "
ابتسمت حوريه بمرارة شديد وهي تقول بصوت متعب" "يا ريت الامور ببساطه كده زي ما بتتكلم انا في دوامه ما لهاش نهايه "
هز قاسم رأسه بتنهيدة وتقدم منها وهو مازال يحمل الطفل قائلا بصوت حنون"طب ايه رايك تيجي معايا نروح عند دكتور نفساني اتكلمي معاه ممكن يساعدك ويعرف فيكي ايه "
تطلعت فيه بعصبية حادة وتمتمت من بين بكائها وهي تشعر أنها في أضعف حالاتها"
انا مش مجنونه وكل اللي انا عاوزاه تبعد عني وتبعد ده كمان عني .. ومش عاوزه حد جنبي اصلا وعاوزه كل الناس تسيبني في حالي زي ما الناس بتعمل دائما كده اول ما بقع في مشكله وكلهم يبعدوا عني ويسيبوني "
كاد أن يتحدث مره ثانيه لكن سمع صراخ بكاء اسامه ليتحرك وتوجه إلي الخارج في حين تابعته عينها بترقب لا تصدق أنه أصبح يهملها ولا يهتم بها مثل سابق؟ عندما كان يصر يعرف ما بها و يفهمها دون حديث لكن الان اصبح كل الاهتمام الى الصغير فقط.
لتذهب ببطئ و تكاسل لترتمي علي الفراش الخاص بها لتمسك بالوسادة تحتضنها بشدة و هي تدفن بها وجهها حتي لا يصله صوت بكاءها و أن تركت نفسها لتبكي وصوت بكائها العالي و شهقاتها التي تخرج من قلبها بعمق شديد لا تعلم ماذا حل بيها.
**
بعد مرور اسبوعين.
بداخل فيلا عتمان زاهي، بداخل المطبخ أغلقت بدريه الهاتف بملامح جليديه جامده فـ منذ قليل كان يتحدث معاها جمال واخبارها ان حوريه أنجبت طفل وسماه قاسم أسامه علي اسم زوجها المتوفي! لم تعرف تحدد مشاعرها تجاه ذلك الطفل اتغضب ام تفرح؟ لكنها حزنت بشده عندما تذكرت أيضا أن جمال أخبرها عن حاله حوريه ليست بخير أبدأ وحتى الآن لم تريد تقبل فكره اني لديها طفل حملت به نتيجة اغتصاب.
لكنها تعرف وتعذر ابنتها حوريه تعرضت لقسوه وعنف كثير من الجميع وظلم بلا حدود فـ بالتاكد هي الان حائره ولا تعرف كيف التصرف وما هو الصحيح من وجهه نظرها، فهي ذات نفسها بدريه لا تعرف شعورها نحوه حفيدها؟.
خرجت ميسون من غرفة ابنتها جومانه الي الأسفل نحوه المطبخ فتح الباب لتجد بدريه تقف أمام البوتاجاز كانت تحضر الطعام لكنها كانت تقف بهدوء و شرود و ابتسامة تشق ثغرها لتنظر بدريه للخلف إليها عندما شعرت بها و وجدتها تقف مستندة علي الباب الذي أغلقتة للتو لتنظر إليها و لتلاحظ ميسون توترها و ارتجافها وتجد بين يدها هاتفها عقدت حاجبيها بحزم وهي تقول بحده" بقيلك ساعه واقفه عندك بتعملي ايه الاكل هيتحرق وانتي يا هانم نايمه على ودانك "
حاول أن تبلل ريقها الذي جف بشدة و اصبح كالحجر وهي تهتف بتوتر"هاه اسفه ما اخذتش بالي هعمل غيره على طول اهو "
ألتفتت بسرعه بدريه تخفي الهاتف و اشغلت نفسها في تحضير الطعام بهروب لكنها ظلت ميسون خلفها لتقول بشك واضح" هو انتي كنتي ماسكه التليفون في ايدك وسرحانه ليه كنتي بتكلمي مين و شارده أوي كده في"
لترتبك أكثر و لم ترفع عيناها نحوها و هي تقول بتلعثم "ما كنتش بكلم حد ده نمره غلط وانا كنت ببص على حاجه في التليفون وما كنتش سرحانه ولا حاجه "
هزت ميسون رأسها ببرود بالايجابي والتفتت لتذهب الي الخارج وظهرت ابتسامة جانبية علي جانب شفتيها بسخرية وهي تتقدم نحو مكتب والدها فـ حين رفع عتمان وجهه ينظر إلى ابنته قائلا بعدم اهتمام" عدي عليا بعدين يا ميسون مش فاضيلك ورائي شغل كتير"
لكنها دلفت و هي تغلق الباب خلفها و تكمل طريقها اليه غير مبالية بحديثه واعتدال جسدها و شموخها وهي تهتف بثقه" حتى لو قلتلك الموضوع يخص حوريه "
**
بداخل الغرفه بدأت حوريه تفتح عيناها ببطء لتجد أنة الصباح الباكر نهضت بهدوء متنهدة لتغسل وجهها و لترتدي ملابسها وبعدها وهي تخرج من غرفتها متجهة للاسفل، بدأت تهبط السلم ببطء هادئ لتسمع صوت صراخ اسامه يبكي كالعادة وهي كعادتها تجاهلتة ولكن فجاة توقفت على صوت قاسم وهو يتحدث مع جمال و وسط حديثه هتف بخشونة"انا بفكر اجيب مربيه لي اسامه تهتم به طالما حوريه مش راضيه "
كان جمال يجلس على المقعد هو من يحمل الطفل و يحاول اني يهدئ لكن دون جدوى ظل يبكي تنهد جمال بيأس و بقله حيله هاتف "اعمل اللي انت شايفه صح يا قاسم طالما لمصلحه الولد "
تقدمت منهم حوريه بهدوء وجلست أمامه تنهد قاسم بقوة و هو يقول بحده"كويس انك صحيتي كنت لسه بتكلم انا وجمال عشان نشوف هنتصرف ازاي ونعمل ايه مع اسامه واحنا شايفين امه عايشه على قيد الحياه و مش مديه له اهتمام "
لتقول حورية بهدوء و هو يراها تهرب بعينها بعيداً عن عينه قائلة"سمعتك وانت بتقول هتشوف لي مربيه تمام فكره كويسه"
رفع قاسم حاجبه الأيسر بغضب و هو يقول باستهزاء "يا سلام فكره كويسه! هو ده اللي ربنا قدرك عليه ده بدل ما تخلي عندك شويه رحمه وتقومي بواجبك تجاهه وتهتمي وتخلي بالك منه انتي! هو مش انتي برده سيادتك والدته ولا ايه "
هزت حوريه رأسها بنفي و هي تقول بضيق "
سبق وقلت لك ما ليش دعوه بي مش هقعد كل شويه أعيدلك نفس الكلام ومن فضلك يا قاسم بطل كل شويه تضايقني وتضغط عليا بالموضوع ده عشان مش هتوصل لحاجه ولا هتغير رايي عشـ"
نظر إلي عينها بغضب يحاول أن يسيطر علي نفسه إلا لم يشعر علي نفسه هو ينظر إليها بحدة و هو يقول بصوت عالي غاضب كالرعد "عشان هو زفت جي نتيجه اغتصاب عرفت وحافظ الكلمتين دول بس برده ايه ذنبه في اللي انتي بتعمليه بطلي جحود قلب بقي "
كانت في تلك اللحظة تدلف هاجر تحمل فناجيل القهوه و الخادمه الثانيه روان خلفها وقد استمعوا إلى كلماته، ابتلعت حورية ريقها بصعوبة بالغة و هي ترفع برأسها إليهم لتصدم عندما وجدت هاجر و روان وهم ينظرون نحوها و يراقبونها وقد استمع كلا منهم إلى حديث قاسم وهو يتحدث عن اغتصابها.
نظرت له بهدوء مصطنعة تحاول مدارات إحراجها، إلا أنها قد شعرت بالتعري الحقيقي أغمضت عينها بشدة وتحاول كبح دموعها إلا أنها تساقطت بغزارة و هو أصبح يعلن نفسه علي ما قاله في تلك اللحظه التي دخلت فيها هاجر واستمعت إليه لكن غضبه عماه، حاولت حورية التحرك فهي تشعر أن قدمها قد تجمدت و لا تقدر علي التحرك و هي تنظر إلي الاسفل بخزي لتركض الي الاعلي نحوه غرفتها
ليغمض قاسم عينه بقوة و هو يشعر بها ليصك علي أسنانه و هو يتنهد بضيق شديد و هو يمرر أصابع يده بخصلات شعره.
بينما هاجر كانت متجمدة مصدومة بذهول تشعر أن دلو من الثلج سكب عليها وافافت علي صوت جمال بتحذير قائلا الي الاثنين "هاجر ..روان اللي انتم بتسمعوا هنا مش محتاجه اقول لكم ما يطلعش بره ولو اتعرف مش هيبقى قدامي غيركم انتم الاثنين اللي قولتوا فاهمين "
هزت هاجر راسها علي الفور وهي تقول بصوت متوتر"حاضر يا جمال بيه مش محتاج تقول عن اذنكم.. يلا يا روان نكمل شغلنا "
اشار جمال اليهم بالانصراف ثم نظر إلي قاسم
بعتاب قائلا"مش قادر تمسك نفسك شويه ما كانش لازم حد يعرف الموضوع ده يا قاسم وخصوصا اللي بيشتغلوا هنا وهي قاعده قدامهم الـ 24 ساعه هترفع عينيها دلوقتي فيهم ازاي "
مسح قاسم وجهه بضيق وهو ينطق بانفعال"
اهو اللي حصل أنا ما اخذتش بالي منهم اصلا انهم واقفين وبعدين انا تعبت من حوريه كمان، انت مش شايف بنفسك تصرفاتها كل ما احاول اتكلم معاها عن ابنها برده مصره على قرارها ومش قادره حتى تبص في وشه هي ازاي كرهاه بالطريقه دي "
هتف جمال بصوت حازم"هي مش كارها ابنها نفسه يا قاسم هي كارها النتيجه اللي جي بيها صعب علي بنت تتقبل ان حد اغتصبها
واخذ حاجه مش من حقه فما بالك في طفل كمان نتج عن الاغتصاب ده والمطلوب منها انها تتقبل فكره اغتصبها وفكره الطفل ابنه هو .. اللي هي مش قادره تستوعب ان ابنها هي كمان الموضوع هيكون صعب عليها سيبها تاخذ وقتها"
نهض بخطوات تدق بالأرض بقوة و هو يجيب بوجهه بعنف ونفاذ صبر "هو انا كل ده مش سايبها براحتها ومديها وقتها يا جمال وعارف ان انا الزفت السبب في اللي حصل عشان كده بحاول اصلح على قد ما اقدر بس بالطريقه دي شكلها ولا عاوزه مئه سنه عشان تغير قرارها "
هز رأسه بضيق شديد وقال بجدية"ما عشان كده قلتلك ان الافضل لي ينزل وانت إللي صممت ده هي حتى ذات نفسها طلبت منك بدل مره 10 وانت رفضت"
ليقول بنبرة صوته بخشونة و قوة "وهو خلاص جاء على الدنيا دلوقت واللي حصل اهو اعمل ايه أنا دلوقتي اقتله عشان ترتاح انت وهي.. انت بتلومني عشان ما كنتش عاوزه أبقي السبب في ظلم طفل ما لوش ذنب وليه يدفع ثمن غلطتي عارف ان انا السبب واديني بتحمل النتيجه وبحاول اعمل كل اللي بقدر عليه "
هز جمال رأسه و هو يقول بتنهيدة " وطي صوتك عشان ما حدش يسمعك تاني.. انا فاهم وعارف كويس ان انت بتحاول طول الوقت تكفر عن ذنبك و دي حاجه كويسه فيك يا قاسم وبتاكدلي انك لسه قاسم اللي اعرفه بتاع زمان اللي ما بيسكتش على الغلط، غيرك بيهرب بعد عملته ومش بيعترف بغلطة.. عشان كده خليك واثق ان ربنا هيقدر كل اللي انت بتحاول تعمله ده وهيسامحك "
**
بعد مرور وقت، طرق قاسم باب غرفة حورية التي تجلس تحتضن نفسها بكلتا ذراعيها و تبكي بقهر لم تكن تتوقع أن يتحدث قاسم معها بهذه اللهجة و يعايرها أمام المساعدين بالمنزل بقسوة هكذا و يحدث كل ذلك لمجرد أنها لم تحب وتتقبل إبن مغتصبها فـ عقلها دائما ينظرها أن طفله بمفرده وليس طفلها هي أيضا هزت رأسها بضعف و هي تنفجر بالبكاء و شهقاتها تعلو بحدة ثم رفعت يدها بهدوء تمسح دموعها التي تسيل بغزارة علي وجنتيها و هي تقول بصوت متحشرج من كثرة البكاء " مش عاوزه أشوف حد لو سمحت امشي"
تنهد قاسم بضيق شديد من نفسه قبل منها عندما سمع صوت بكائها فهي تعرف أنه سوف ياتي خلفها ويصلح ما فعله في الاسفل، فتح الباب بهدوء دلف الي الغرفة ليتقدم منها بابتسامة هادئة و هو يشعر بالندم يأكل داخله و هو يراها ذابلة هكذا و تنهد بضيق شديد هو يهمس بندم "كل الدموع دي عشان زعقتلك تحت "
لم تجيب عليه و اشاحت بوجهها بعيد عنه و هي تحاول منع نفسها بصعوبة من افلات شهقة عالية من داخل صدرها تدل علي انها تنهار و ضعيفة للغاية حاولت رسم الجمود بينما هو جلس جوارها و ربط علي كتفها و هو يقول بهدوء" ممكن تبطلي عياط انا اسف على اللي عملته تحت واسف عشان كلمتك بالطريقه دي و زعقتلك جامد قدام الخدم حقك عليا"
رفعت رأسها تنظر إليه بوجهها يغرقه الدموع و أعين حمراء بشدة من كثرة البكاء لـ تبعد يده عنها معتدلة في جلستها و هي تقول بصوت متقطع و قد بدأت بالبكاء مره ثانيه "مالكش دعوه بي ولو وجودي بقى مضايقك قوي كده انا ممكن امشي من دلوقت"
أردف قاسم بصوت حاد بجدية"طب اسكتي وبطلي هبل انتي عارفه كويس ان انا ما اقدرش اسيبك تبعد عني وبعمل كل ده من خوفي عليكي ولله يا حورية مش عاوزك تندمي في يوم بعد كده حاولي تبص لي الامور من ناحيه ثانيه بعد كام سنه لما يكبر الطفل ده ويشوفك وانتي بتعاملي كده ايه موقفه هيكون وقتها"
مسحت تلك الدمعة الساقطة للتو من عينها و هي تهتف "وانا حبي لي مش بالعافيه مش قادره اتقبله انت ليه فاكر ان الموضوع بمزاجي انت ما بتعملش حاجه غير انك بتضغط عليا وبس وفاكر بالطريقه دي غصبا عني هقبله بس انت غلطان "
نظرت إليه و قد سقطت دمعة من عينها حتي استقرت علي شفتيها و هو يراقبها بدقة ليتحدث بقوة قائلاً "تمام معاكي حق ممكن طريقتي غلط بس عشان ما قداميش غيرها عمال احاول معاكي كل يوم وكل ساعه وكل وقت وانتي برده رافضه وقاسية عليه"
مسحت دموعها السائلة عن عينها حتي تراه جيداً فقد تشوشت الرؤية بدموعها لتنظر الي عينه تجد رجاء منه تعلم أنه معه الحق تماما لكن هي غير قادرة بالفعل لتقول بهمس "
يا قاسم من فضلك افهمني انا "
قاطعها وهو يتنهد بضيق شديد ويشعر بالاختناق ليمد يده إلي رابطة عنقه يفكها قليلاً و هو يقول بثقل " افهميني انتي يا حورية انا بقول لك الكلام ده لمصلحتك عشان عارف الشعور ده ومش عاوز أسامه هو كمان يحس باللي انا حسيت بي، اقسى حاجه في الحياه انك تحسي نفسك مش مرغوبه في الحياه خصوصا من اهلك لما يبقوا مش متقابلين وجودك وهم عايشين انا جربت الاحساس ده وعارف لما زمان اللي مفروض يبقى والدي رفض يستقبلني و رحت عشت في دار ايتام "
عقدت حاجبيها بذهول كبير قضمت شفتيها السفلية مع ضغطها علي كف يدها بارتباك"
هو انت تعرف والدك مين و هو عايش! طب هو سايبك و بعد ليه"
رمقها بنظرة خاطفة رغم الألم القاتل بقلبه لينظر الي الاعلي و هو يعبث بخصلات شعره قائلاً " هو ما سيبنيش عشان يبعد عني يا حوريه هو ما قابلنيش من البدايه من قبل حتى ما اتولد و اجي علي الدنيا ولما كبرت شويه والدتي ماتت وما كانش ليا حد غيره ساعتها قالها لي في وشي ورفض يستقبلني واضطريت اعيش طفولتي كلها و حياتي في دار ايتام "
ثم رسم ابتسامة مزيفة علي ثغره و نظر إليها قاسم و اعتدل حتي جلس جوارها و حاوط كتفها فهو بحاجة إلى أحضانها في تلك اللحظة! لتميل برأسها علي صدره وأغمضت عينها بشدة لتسقط عبارتها علي صدره بغزارة ليمسد علي خصلات شعرها ليقول و هو يشدد من احتضانها بعد أن طبع قبلة هادئة علي قمة رأسها مرددا بجفاء "اتعرضت هناك لإهانة كبيرة بس مهما مرت السنين ما نسيتش اللحظه دي من حياتي ابدا .. علشان الظلم من اقرب الناس ليكي ما بيتنسيش وانتي كمان اتظلمتي وجربتي ده يبقى ليه تخلي غيرك يحس بيه "
صدمت حوريه من حديثه و نبره صوته التي تحمل من الحزن و الخيبه كثير فهي لاول مره تراه ضعيف وهو أيضا لأول مرة يتحدث عن ذلك امام احد؟ تنهد بقوة و هو يسند جبهته علي جبهتها و هو يقول بهدوء عكس ما بداخله" عشان كده انا بحاول اساعد أسامه على قد ما اقدر يا حوريه هو ما لوش ذنب وبلاش نبقى قاسيين عليه.. عشان خاطري حاولي تعيدي النظر في الموضوع ده بلاش تندمي بعد فوات الاوان، الندم متاخر مش بيفيد يا حورية"
أغمضت عينها بقوة شديدة لا تعلم بالتحديد ما أصابها و لا تعلم ماذا تسمي ما تشعر به الآن ولا تعرف تحدد موقفها لكنها عندما ذكرت نفسها باغتصابها هزت راسها سريعا وهي تقول بصوت مرتعش"والوجع اللي انا حاسه به ليل ونهار مش بيروح يا قاسم حتى لو هو مش السبب زي ما انت قلت برده مش قادره "
**
بداخل القصر في منتصف الليل خرجت حورية من غرفتها وهي تستمع أصوات صراخ الطفل و بكائه الحاد يأتي من غرفة قاسم تحركت بخطوات متثاقلة أمام غرفته مترددة أن تدلف وتراه سبب بكائه لكنها تراجعت للخلف بتوتر شديد وكادت أن ترحل لتفاجئ بـ باب الغرفة يفتح ويخرج قاسم حامل الطفل بين ذراعيه عقد حاجبيه باستغراب عندما راها أمامه ثم سرعان ما ابتسم قائلا " مساء الخير كويس انك صحيتي عشان قاعد ملبوخ بيه جوه ومش عارف اسكته واللي في البيت كلهم نايمين دلوقت "
هزت رأسها بقوة ورفض قائله علي عجالة "قلت لك ما اعرفش اسكته ولا اتعامل معاه من فضلك أبعدة عني انا كنت خارجه عشان انزل اشرب من تحت عشان المياه اللي عندي خلصت عن اذنك"
ليميل قاسم بـ الطفل للامام قليلاً ليصبح أمام وجهها و هو يقول بخفوت يمده نحوها مرددا"
انا مش عاوزك تسكتي يا حوريه انا عايزك تمسكي بس لحد ما احضر الببرونه كده اوكده انتي كمان رايحة المطبخ معايا يلا امسكي"
ولكنه توقف حين استمع اليها تنطق بانفعال وتهز رأسها برفض بسرعه"امسك مين خليك مكانك قلت لك لا قبل كده انا ما ليش علاقه
بي "
نظر لها بأعين يائسة حزينة من تصرفاتها تجاه ثم بدون مقدمات أعطاه لها بحذر مما أضطر حوريه تفتح يدها رغم عنها وتأخذة التقطتة منه بصدمه وهو يقرأ بسم الله عليه وابتعد عنها تارك الطفل تحمله لاول مره منذ ولادته
ليقول بنبرة حادة"يعني دلوقتي اعمل ايه لازم حد يسكته ويشيله لحد ما احضرله الببرونه خمس دقائق مش هتاخر من فضلك يا حوريه امسكيه "
وقفت حوريه متجمدة مصدومة بذهول
كانت تشعر في ذلك الوقت بمشاعر متخبطة بين الخوف والارتباك و عيناها تجوب وجهه الصغير لاول مره تراه كان ينظر إليها بأعين دامعة ليرتعش قلبها من التوتر اول مرة تشعر بشعور كذلك و لم يكن الامر في الحسبان بالنسبة إليها رفعت راسها لـ قاسم لتجدة الذي ابتسم لها بحب وكأنه يخبرها أنها مهما فعلت سوف تصبح والدته و تشعر به كما هو شعر به من قبل عندما حمله بين ذراعيه ثم انتبهت الى نفسها وشهقت بعنف وبتوتر وجسدها يرتعش بضعف عندما أصبح بين ذراعيها" استني قلتلك مش عاوزاه لا لا ابعده "
ابتعدت عنها قاسم ولم يهتم لها بينما هي
انتفضت كالملسوعة و كأنها أفاقت علي نفسها للتو أنه أصبح بين ذراعيها لتنظر إليه و هي تقول بهجوم " قاسم ما تستعبطش ابعده عني قلتلك، انت كده يعني بتحطني قدام الامر الواقع انا ممكن بكل سهوله اسيبهلك في اي حته "
نظر إلي هجومها الغير مناسب لتوترها و ارتباكها أمامه ليضع يده بجيب بنطاله و هو يقول ببرود"انا مش بحطك قدام الامر الواقع ولا بخليكي بالعافيه تتقبلي طالما انتي مش عاوزه براحتك بس انا فعلا محتاجلك ولازم حد يمسكوا مكاني خمس دقائق الدنيا مش هتخرب يعني يا حورية ..انا عارف انك مش عاوزاه من اول ما اتولد بس مكنتش اعرف انك قاسية للدرجه دي يعني أنك تسيبي طفل في سنه لوحده من غير رقابه و ممكن يجرا له حاجه "
صمتت قليلًا ولم تعرف بماذا تجيب عليه لذلك فضلت الصمت وبعد ربع ساعة كانوا بداخل المطبخ يجهز قاسم الببرونه إليه و وضع الماء الباردة فوق عين البوتاجاز اغمضت عيناها بصعوبة بالغة وهي تشعر بـ الطفل يسند رأسه علي كتفها صامت لتقول بتوتر شديد" ممكن تنجز شويه انت مالك بطيء كده ليه"
ليلاحظ هو توترها و ارتجاف جسدها وهي تحمله ليقول ببرود اعصاب "انا كده بطيء انا لسه عملت حاجه ما انا ولعت على الميه اهو تسخن على طول.. وبعدين اسكتي شويه و ما تلخبطنيش عشان ما انساش حاجه "
ثم تقدم منها ليرفع وجهها إليه و قد اصبحت وجنتيها حمراء بشدة ليسأل بهدوء و هو يراها تهرب بعينها بعيداً عن وجهه الصغير قائلاً " وبعدين مالك متوترة و خايفة من اية هو مش هياكلك على فكره"
تراجعت الي الخلف خطوة و هي تضع يدها خلف رأسه و تبتلع ريقها بارتباك واضح هاتفه بضيق شديد"كان ممكن تسخنها على طول بالكادر او تاخذ ميه سخنه من السخان مش حبكت تسخن ميه على البوتاجاز دلوقت "
هز قاسم رأسه بعدم مبالاه وقال ساخرا"بس الميه الصحيه لي الطفل انها تسخن على البوتاجاز افضل ،هو انتي مش قلتي ما تعرفيش في تربيه الاطفال حاجه يبقى بلاش تفتي فيها"
جزت علي أسنانها بغضب مكتوم من بروده
بينما هتف قاسم بصوت هادئه"وبعدين مستعجله علي ايه وراكي حاجه ده حتي حظك حلو اسامه ساكت اهو أول وما شيلتي ومش عمللك ازعاج ..شكله مبسوط في حضنك "
لتنظر إليه بعيونها ببطء شديد لتجد وجهه يشع عاطفه و براءه جارفة مثل ما قال لها قاسم عندما رآه اول مره اقترب منها الصغير وطبع لسانه الصغير بوجهها وبدأ يحركه برفق وقد اغمضت عيناها بقوة وتوجس من حركته التي لا تفهم لماذا يفعل ذلك و عندما تنفست رائحتها العبقة التفت إلي الصغير الذي كان يتمطأ بهدوء ويفتح فمه الصغير وينظر إليها بفضول شديد كأنه يحفظ ملامحها، لتسال نفسها كيف تستطيع الصمود أمام كتله هذه البراءه يا الله لتقول حوريه بضيق شديد مصتنع" قاسم خلص انا ابتديت ازهق وبعدين هو عمال يلحس كده ليه فيا هو كمان .. بسرعه شكله جعان قوي"
كانت بالفعل تكذب فهي مستمتعه بقربه ابتسم قاسم بخفوت وهو يقول بهدوء"لا مش جعان قوي ولا حاجه بس ممكن دي طريقه الترحيب بيكي او بتعرف عليكي ما هو معذور برده اول مره في حياته يحضن والدته "
توترت أكثر من حديثة لتشعر بضعفها لتقول باستخفاف"اه ابتدينا في الاستظراف بقى و هو هيعرف منين ان انا أمه اصلا "
انتهاء اخيرا من طعامه وأقترب يأخذه منها لتشعر بالفراغ وهو يقول بيأس وضيق"من ريحتك الطفل بيحس بكل حاجه يا حوريه حواليا وأول حد بيتعرف عليه هي والدته و بيتعرف عليكي من ريحتك من المده اللي بيكون فيها في بطنك ..انا خلصت هاتي شكرا انك جيتي على نفسك الشويه دول واخذت بالك منه "
**
قد مر شهرين و مازالت حوريه مستمرة في تجاهل الطفل رغم جميع محاولات قاسم المستمره نحوها وهو يحاول بكل ما فيه ان يحنن قلبها عليه لكنها دائما رافضه تقبله في حياتها. ومن ناحيه اخرى كان قاسم هو من يهتم به من كل اللوازم التي يحتاجها حتى بعد أن فكر في البداية ان يجلب له مربيه تراجع عن هذه الفكره خوفه علي اسامه طفله فهو لا يعرف ولا يثق بأن يجلب أحد ليس محل ثقه كافيه وقد تضر الطفل في اي لحظة بالذات أنه دائما اسامه مريض منذ ولادته وكل يوم تقريبا يذهب قاسم به الى المستشفى.. رغم انه الطبيب كان يطمنة ان هذه الامراض ليست خطيرة جدا ودائما تأتي إلي اطفال حديثي الولاده لكنه كان دائما في حاله قلق علية.
وكان كل ذلك بالتاكيد يؤثر على حاله قاسم النفسية وعملة حتي أنه قد بدا يهمل فيه واحيانا اخرى لا يذهب إلى العمل من الأساس ويظل ساهر بجانب اسامه ويحرص على أن يعطيه ادواته في المعاد واهتمامه به حتي نقل فراش الصغير بجانب فراشه في الجناح حتي يطمئن اكثر.
حتي في يوم اقتحمت هاجر غرفة المكتب بقوة و دلفت بخوف شديد وقلق من غضبة! أنتبه قاسم الي من دخل الي مكتبه بهذه الهمجية ليرفع رأسه عن الاوراق ليوبخ الفاعل لكن هتفت هي بسرعه"الحق يا قاسم بيه أسامه حرارته عاليه وتعبان جدا وعمال اعملة كمادات مياه باردة من الصبح بس للاسف الحراره مش بتنزل "
لينهض قاسم علي الفور من مقعده بذعر شديد و أخذ الطفل بسرعه إلي الطبيبة المختصة لتقول له كـ العاده أنه مريض تأفف بضيق و هو يصيح بها"هو كل يومين هاجي المستشفى بي ما تشوفي شغلك كويس وتدي له دواء يخفف من تعبه ده شويه ده مش بينام طول الليل من الألم"
إجابته الطبيبة بعملية" يا فندم ما قلت لحضرتك قبل كده ان ده شيء طبيعي الاطفال في السن ده يجي لهم الامراض دي ومهما عملنا حظرنا هتيجي برده، ما تنساش ان طفل صغير و كميه الادويه الكثيره دي برده صعبه عليه وهو لسه مولوده وبيستوعب الدنيا حواليا "
مسح قاسم وجهه بعنف شديد قائلا بقلق" والمره دي ايه سبب الحراره العاليه "
لتجيب الطبيبة بأسف"عنده حمى وللاسف مضطرين نركب له محاليل ولازم يفضل يومين في المستشفى تحت الرعاية لحد ما الحراره تنزل"
اتسعت عينا قاسم برعب وهو يهتف قائلا بانفعال"نعم هيبات في المستشفى هنا يعني حالته صعبه زي ما انا متوقع الحراره فعلا المره دي عاليه قوي، مش كفايه المره اللي فاتت قلتلي عنده جفاف وفضل طول الليل عمال يستفرغ "
هزت راسها له وهي تقول بقله حيله"ايوه فعلا عنده جفاف ولسه بنعالجه وده بيجيء نتيجه قلة نسبة المياه والأملاح المعدنية بجسمه و ده بيسبب الإصابة بالإسهال أو القي وانا نبهت على حضرتك نتيجه خطوره المرض ده لو زاد في حالة عدم الاهتمام بعلاجه فور اكتشافه"
جز علي أسنانه بغضب مكتوم قائلاً بحزن عليه"وانا ما سكتش وفضلت سهران طول الليله جنبه لما الحمد لله بقى بخير وبطل يستفرغ ..بس المره دي الحراره عاليه وعنده حمي"
هزت الطبيبة كتفها بعدم حيله لتقول"حضرتك ده مش ذنبي دي حاجه متوقعه لاي طفل لسه مولود والمفروض تكون الام حريصه وعارفه الكلام ده و لو مش عارفه تتعلم او تسال عشان تاخذ حظرها قبل ما الاعراض تسوا .. وفين امه اصلا من كل ده ازاي هي ما اخذتش بالها من الحراره اللي عماله تعلى من الصبح "
صمت قليلًا قاسم وأبتسم بمرارة ثم رفع يده يمرر أصابعه علي بشرة الصغير بحزن شديد عليه كيف لطفل صغير مثله ان يتحمل جسمة كله هذة الامراض ليقول بصوت مخنوق "شوفي اللازم و اعملي بسرعه"
ظل قاسم كالعاده جانب الطفل بمفرده حتي أن ظل معه طول اليومين مرافق له في نفس الغرفه حتي تاكد من أن الحراره قد بدات تنخفض واطمئن عليه أخذه ورحل الي القصر.
في القصر نهض جمال بسرعه عندما وجد قاسم يدلف من باب القصر بوجه شاحب مرهق وكان يحمل الطفل بين ذراعيه نائم بهدوء اقتربت منه هاجر بخطوات مترددة تاخذه منه ليقول قاسم بتحذير قائلا" تخلي بالك منه المره دي كويس و وقت ما اكون مش موجود جنبه تقعدي أنتي جنبه وما تتحركيش واياكي ثاني مره تعرفي انه تعبان وما تقوليش على طول "
هزت راسها له بالايجابي بتوتر شديد وكادت أن تتحدث وتبرر موقفها لكن قاطعها قاسم بصوت حاد"مش عاوز اسمع اعذار وده اخر تحذير ليكي "
تنهدت هاجر بحزن وأخذته منه بارتباك وتحركت بخطوات بسيطة نحو غرفه قاسم لتضع الطفل في فراشه وتجلس جانبه في إنتظار قاسم أن يأتي حتي تخرج هي.
نظر جمال متعنًا في قاسم وهو يسأله"كنت فين كل ده يا قاسم شكلك تعبان و مرهق ما اتصلتش ليه تطمني عليك "
اومأ برأسه بتعب وإرهاق ثم اخبره باختصار "اسامه كانت حرارة عالية وكان لازم يفضل في المستشفى يومين اضطريت افضل جنبه ما الهانم أمه ولا في دماغها"
نظر له بتفهم قائلاً بلين"معلش المهم انه بخير الحمد لله اطلع انت ارتاح شويه شكلك تعبان "
جز على أسنانه بغضب شديد ولم يعد يتحمل ذلك ليصيح بانفعال"ارتاح هو انا عارف ارتاح ولا انام من ساعه اللي حصل اسامه كل يوم حالته في النازل وشكله هيفضل على طول مكمل حياته كده، وأمه هي فين قاعده فوق طبعا ولا على بالها حاجه حتى لما بتعرف انه تعبان ولا بتهتم وتسالني عليه ..بس انا مش هفضل ساكت كثير علي اللي بتعمله ده"
حينها تحرك قاسم ينوي الذهاب إليها لـ يلحق به جمال بسرعه قائلا بجدية" قاسم خلاص سيبها الأمور مش هتتحل كده "
ابعد يده عنه بعنفوان ومرارة وهو يقول بصوت عالي" ابعد عني يا جمال انا لازم احط حد لـ الموضوع ده كل مره اقول خلاص اكيد مش هتفضل طول الوقت كارهيه ومتجاهله وجوده و اسيبها براحتها يومين ثلاث عشرة بس ما فيش فايده هي مش عارفه اللي بتعمله ده بياذيه ازاي؟ انا طول الوقت لوحدي معاه وهو محتاج ليها "
**
كانت حوريه في الاعلي بداخل المرحاض تغتسل ولم تستمع الى اي شيء لما يحدث بالاسفل حتي امسكت بـالملابس لـ ترتديها وخرجت وهي تمسك المنشفه وتجفف شعرها المبتل وفي لحظه انفتح الباب بقوه شديدة ودلف قاسم شهقت بقلق ونظرت إليه بدهشة وقبل أن تتحدث و تساءل ماذا يفعل هنا ولماذا دلف بهذه الطريقه، لـ يقف هو معتدلاً وهو يقترب منها بخطوات غاضبه و قد نفذ صبره الي هذا الحد يكفي أنه صامت الي هذا الوقت نظرت إلي حاجبيه المعقودين بحدة و فكه المشدود بعصبية جعلها تبتلع ريقها بصعوبة و إصابها القلق أوصالها بارتباك ماذا قد حصل اوصل لهذه الطريقه اقترب برأسه أكثر منها لتعود هي الي الخلف أكثر لينظر إليها بشرازاً قائلاً "قاعده هنا ولا على بالك حاجه اكيد طبعا سامعه اللي بيحصل تحت ومطنشه زي العاده انا خلاص تعبت منك مش هتفضلي في القرف ده كثير لازم تنتبهي لمصلحتك واللي انتي بتعملي في ابنك "
استغربت بشده هجومه عليها هكذا وما كادت أن تعود إلي الخلف حتي اصطدمت ركبتها من الخلف بالفراش لـ تتألم لكنه تجاهل ذلك و هو يقترب أكثر ناظر إلي لب عينها بقوة و هو يشير برأسه إليها قائلاً "هي كلمه واحده ما فيش غيرها تنزلي معايا دلوقتي حالا وتهتم بي الولد كل يوم حالته في النازل وكل يوم تعبان وكل يوم اجري بي علي المستشفى ..كل يوم في القرف ده لوحدي وانتي ولا على بالك حاجه علشان كده غصب عنك يا حوريه هتقبليه انا سبق واتكلمت معاكي كثير بكل ادب و هدوء وانتي ما فيش فايده يبقي خلينا اجرب مره بقى اغصبك تتقبلي "
اغمضت عينها بيأس شديد من حديثه المستمر حول ذلك الموضوع و ضغطه الشديد عليها والمرهق لـ أعصابها لـ تنهمر دمعة وحيدة قد انزلقت من بين اهدابها و هي تهدر ببرود زائف" انا مش هحبه بالعافيه ولا هتقبله بالطريقه دي ومش هقرب منه مهما حصل هو بالنسبة لي ولا حاجه وانا مش شايفاه اصلا ومش عاوزاه "
هز رأسه بعدم تصديق من جحود قلبها يخشي أن يحدث أي شئ سيئا إلي الطفل لا تعلم انها هي من تؤذيه نظر إليها قاسم بغضب ليجذبها بعنف و هو يصرخ بجنون" انتي مفيش دم ولا احساس بقول لك الولد تعبان ومحتاجلك ده انا لسه راجع بي من المستشفى دلوقتي.. انتي ايه عاوزه يموت مش فارق معاكي خالص "
نظرت إليه بحده و هي تقطع حديثه و لا تريد حتي سماع صوته لـ تسحب يدها من يده رغماً عنه و تضع يدها علي اذنها و هي تصرخ به باكية " أيوة عايزة يموت انا حتي مش طايقاه ولا طايقة صوتة مش بقدر اتحمله ولا عاوزه ابص في وشه ولا احضنة ولا احس بي .. وما بقتش طايقاك انت كمان سيبني في حالي بقي وابعد عني لو فضلت كل شويه تضغط عليا بالطريقه دي هاسيبك واهرب منك ثاني و اروح لـ أهلي اللي باعوني ان شاء الله حتى يقتلوني ما بقتش فارقه "
تطلع فيها هنا بقوة وهتف بعدم استيعاب وحدة "ده ابنك "
نظرت له بأعين يائسة مريرة تقول من بين بكائها" لا مش ابني وقلتلك مش عاوزه انت ما بتفهمش ليه؟ ليه مش بتحس بيا ليه مش صعبانه عليك زي ما هو صعبان عليك انا حياتي اتدمرت بسببه أبوه دمرني ونفسي يموت "
وضع سبابته علي شفتيها لتصمت ثم امسك بيدها ينزلها عن اذنها و هو يصك علي أسنانه بغضب قائلاً بانفعال شديد "اخرسي خالص اياكي تقوليها ثاني مره ما تقوليش عليه كده، انتي ازاي بتتمنى الموت لـ طفل بريء ما لوش ذنب في اي حاجه ولا عملك حاجه وحشه"
نظرت إليه بضعف شديد لـ ترتجف شفتيها و هي تهمس بألم "الطفل إللي أنت هتموت عليه دا و متمسك به ومش عاوزة يموت انا دفعت ثمن حياتة كثير قوي من حياتي انا ضعت واتدمرت بسببه و بسبب ابوه .. ازاي عاوزني احبة واتقبل طفل جي بالطريقه دي، نتيجه اغتصاب "
احتل اللون الاحمر عينه مغلف بغضب شديد لـ يصيح"انتي ازاي بقيتي بالقسوه دي يا حوريه ازاي مش عارفه تفرقي بين الصح والغلط؟. انا مش قادر اصدق وداني من إللي بسمعه منك"
ابتسمت حوريه بمرارة شديد وهي تصيح بهسترية و ببكاء بحرقه وتمتمت بنبرة مقهوره بحسره"قسوه! تصدق معاك حق انا اللي بعد كل ده طلعت ما عنديش قلب ولا رحمه ولا بحس وكمان قاسية.. تعرف انت ايه عن القسوه عشان تتهمني بيها شفت ظلم ايه اكثر من اللي انا شفته في حياتي عشان بكل سهوله تيجي تقول لي أنتي جبتي القسوه دي منين؟ مهما شفت وحسيت و اتظلمت مش هيبقى قد ظلمي يا قاسم! تعرف انت يعني ايه واحده تفضل حياتها كلها تحت رحمه ناس مش بيحبوها ويتمنوا ليها الشر، إللي المفروض اسمهم اهلي، اتغصبت زيي على الجواز من حد مش بتحبه ومضطر تكمل معاه حياتك عشان بس حد طلب منك كده وامرك؟ روحك اتاخذت منك بالعافيه علي ايد واحد عديم الرحمه وحسيت انك جسمك مشلول ومش قادر تدافع عن نفسك؟ دخلت السجن ظلم وشفت بعينيك الذل والاهانه ذيي؟ اتصدمت واتظلمت من اقرب الناس ليك وانت شايف في عيونهم قد ايه انت رخيص وهم شاكين فيك وشايفينك واحد مش محترم وخائن وبعت شرفك؟ ومهما تحاول تدافع عن نفسك من كل ده برده اللي في دماغهم في دماغهم وهفضل في نظارهم واحدة رخيصة بتبيعي نفسها لاي واحد تشوفه في سكتها."
ازداد بكاءها بحدة و شهقاتها تتعالي وهي تهتف بقهر"عرفت ايه هي القسوه اللي أنت بتتكلم عنها بقي؟ وانا ليه مش قادره اتقبله ومش هقبله مهما عملت عشان لما بسمع صوت ولا اشوفه ما فيش غير حاجه واحده بس اللي بتيجي في دماغي وهي أن ازاي أرحب و وابقى مبسوطه زيك كده وانا بحضن ابن اللي اغتصبني ..الفكره لوحدها والشعور يقرف. "
غصة مريرة بقلبه دائما تضغط علي نفسها و علي اعصابة لما هذه دائما لما كل هذا الألم لما يحدث كل هذا معاه صمتت لحظات وصوت بكائها يمزق داخله تنهد تنهيدة طويلة و هو يقول بهدوء منافي لما كان عليه منذ لحظات همس لها"ما انتي بقيتي واحده منهم اهو بتتحولي زيهم وتظلمي زي ما هم ظلموكي، انا مقدر كل اللي انتي بتقوليه واللي انتي فيه بس صدقيني لو فضلتي كده هتندمي بعدين علي معاملتك لي ..بلاش تظلمي يا حورية هو ضحيه زيك"
ابتلعب لعابها الجاف ثم همست بصوت يكاد يكون مسموع" انا تعبت من الكلام معاك و رايحه انام يا ريت تسيبني في حالي "
تحركت حورية بالفعل نحوه الفراش متجاهله اياه بينما ظل واقف قاسم لحظات يتابع حركتها مثيرة الاستفزاز كور قبضتـاه معًا يشعر بالغليان الذي كان فتيله لرؤية امام عيناه اقترب منها قاسم ليمسكها من ذراعيها بعنف وقسوة وهو يستطرد بحدة مُخيفة قاسية كمخالب الشيطان" اتحركي قدامي و شوفي ابنك واطمئني عليه "
لم تنظر له وهي تتابع بحدة " ابعد عني انا ما ليش ولاد عشان اطمئن عليه "
زفر بعنف وهو يتركها لـ تحاول العودة إلي الفراش و الأفلات ليطرق بكلتا يديه على الفراش بقوة افزعتها لترفع رأسها تنظر إليه بقلق و يقبض علي فكها بقوة قائلاً بـتحذير "من غير كلام كثير قلت لك اتحركي معايا، انتي لسه مشوفتيش وشي التاني اياكي و غضبي يا حورية "
همست بتلقائية مغموسة بالألم "اعمل اللي تعمله هو انت هتهددني كل شويه ..اقول لك على حاجه عشان اريحك أحسن انا عايزة ارجع لاهلي و امشي من هنا رجعني لاهلي و سيبني في حالي و انت اشبع بي"
حينها صاح بها بانفعال "مش هتتحركي خطوه بره القصر يا حورية واهلك دول الافضل ليكي انك تنسيهم زي ما هم نسيوكي.. ويلا عشان انا جبت اخري منك يلا معايا عشان ما تشوفيش مني حاجه مش هتعجبك"
وقبل أن تتحدث ليصرخ بوجهها بكل ما يحمله قلبه من غضب و رفع يده الي الاعلي يريد ان يصفعها"حـــوريـــة وبعدين اسمعي الكلام و انزلي قدامي شوفي أسامه"
لكن شهقتها المختلطة بصدمه وبخوف كانت بمثانة افاقته علي نفسه من تلك الحالة التي كان بها لا يري و لا يسمع ليبتعد عنها خطوة الي الخلف بسرعه ينظر عليها و علي ملامح وجهها ليجدها تنظر إلى الأسفل تمنع نفسها بصعوبة أن تبكي من صدمتها به وصدمتة من نفسه أيضا ابتعد عنها بالفعل بعد أن شعر بأنه من الممكن أن يؤلمها لـ يواليها ظهره بحدة وهو يتنفس بقوة بينما هي تحركت و تجاهلته وهي تتوجه للفراش لترفع الغطاء ثم تسطحت ودثرت نفسها أسفله لتنام هز رأسه بسخرية و بيأس منها وتحرك للخارج ليغلق باب الغرفة بقوة شديدة بينما هي ارتفعت شهقاتها لتصبح كالسكين ينغرز بقلبها المسكينة.
**
يقف أسفل الماء البارد التي تنهمر علي جسده تبرد من نيران مستعرة تنهش بقلبه اغمض عينه و هو يحاول الثبات بالهدوء بالتاكيد سوف ياتي يوم وتستسلم حوريه وتهتم الى طفلها أطلق تنهيدة طويلة فيما يفعله معها حاول قاسم بشئت الطرق إقناعها بالتراضي وحاول إقناعها رغم عنها حتي تقتنع بان ذلك الطفل ليس له ذنب ولا علاقة بفعلته معها وهو اغتصابها لكنه في كل مره يفشل في اقناعها وتظل هي مصره على عدم تقبلة بكل قسوة وجحود.
كم تقتله نظراتها نحو طفله من الاحتقار و الاشتمزاز هو يعرف تلك النظر جيد وقد عاني بسببها سنوات بمفرده وحتى الان مزال كل ذكريات الماضي داخله و رفض والده عصام الصريطي إليه! يتذكر هذه اللحظات جيد جدا ولا تذهب عن ذهنة لذلك يريد باسرع ما يمكن ان يحنن قلب حوريه علي الطفل قبل ان يكبر ويشعر بالكره هذا و يعاني مثلا بالضبط.
استند بكلتا يده علي الحائط وهو يفكر اذا كان هذا رد فعلها تجاه طفلها قطعه من وروحها ورفضته لانه جاء نتيجه اغتصاب فماذا سوف تفعل اذا عرفت انه هو المغتصب نفسه وهو من قتل روحها دون ادراك منه، بالتاكيد لم تصدق حديثه وأنه لم بقصد ذلك ويتعذب مثلها واكثر او لم يكون هذا مبرر كافي لتغفر هذا الخطا الشنيع.
أغلق صنبور الماء ثم أمسك بمنشفة يلفها حول خصره و هو يخرج من المرحاض و ذهب الى الخارج و ارتدي ملابسه وبعدها نظر قاسم نحو الصغير ليجده نائم بعمق شديد من كثرة الادويه التي أخذها ثم تحرك بخطوات بسيطة الي الخارج واغلق الباب خلفه بهدوء وهبط باتجاه الجنينه وسط الاشجار والورود ليقف يتنفس بعمق طويل و إرهاق لعله يجد الراحه لـ يسمع صوت من الخلف التفت بهدوء ليجد جمال متقدم منه و ليجلس على المقعد خلفه قائلا" شفتك وانا في الاوضه فوق قلت انزل اشوفك، معلش يا قاسم انا عارف و متاكد ان الوضع صعب عليك بس ما قدامكش حاجه غير انك تصبر عليها"
ليجلس هو على المعقد جانبه متنهدًا بعمق وهو يسأله مستنكرًا "لحد امتى بس يا جمال، تعرف كان معاك حق وهي كمان لما قلتوا لي لازم الطفل ده ينزل وما يجيش الدنيا يا ريتني فعلا كنت سمعت كلامكم أفضل لي من العذاب اللي هو فيه دلوقت "
عض على شفتاه بأسى وهو يخبره"انا لما بسرح بخيالي بعد سبع سنين لو الوضع ده فضل زي ما هو وحوريه مش متقبله هو ساعتها هيبتدي يفهم ويستوعب كرهه لي من معاملتها معاه وهيتعقد لما لاقي امه قدامه ومش عاوزه ومش هيقدر يستحمل اللي انا استحملتة زمان من اهلي، وانا مش عاوزه يحس باللي انا حسيته يا جمال"
تطلع فيه جمال بعطف ليقول بصوت اجش "قاسم خلاص ما تقلقش نفسك وتتعب زياده كل ده ممكن مش يحصل وفي امل كبير ما يحصلش ويطلع خوفك على الفاضي ..عشان احنا لسه عندنا امل ان حوريه في اي وقت تبدا تحن وتحب أبنها وصدقني ده ممكن يحصل قريب أوي.. ايه رايك لو فكرنا نعرضها على دكتور نفساني احنا كان لازم نعمل الخطوه دي من البدايه اصلا هتفرق معاها "
لوي شفتيه باستخفاف وهو يقول بيأس"ومين قال لك ان انا ما فكرتش في كده و عرضت عليها ورفضت قلت لك الموضوع صعب مش سهل زي ما انا كنت فاكر ان كلها كام يوم هتاخذهم وبعدها هتتقبل وجوده "
قبل أن يتحدث جمال معه تفاجأ بـ هاجر تدلف إليهما وهي تحمل اسامه بين ذراعيها والدموع تنهمر أمام عينيها بقلق شديد و خوف أشد "قاسم بيه المره دي انا ما ليش ذنب حضرتك دخلت الاوضه وقلتلي اطلعي بره خلاص مش عاوزك "
نهض جمال بقلق بينما هب قاسم يقف بوجه شاحب متسائلا بحده" بتتكلمي عني ومالك شايله اسامه كده ليه "
ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة وهي تهتف بصدق" أنا عديت من قدام اوضه حضرتك بالصدفه ولقيت الباب مفتوح مش عارفه ايه اللي خلاني ادخل قلقت و لما دخلت لقيته نايم على وشه وقاطع النفس حاولت اصحي فيه بس مش راضي ينطق"
اتسعت عينا قاسم بصدمه و انقبض قلبة برعب وهو ياخذ منها الطفل بلهفة شديد ليراه ثم ليصيح بصوت عالي بزهو"جمال بسرعه اتحرك دور العربيه لازم نطلع بيه على المستشفى ده مش بينطق فعلا"
شهقت هاجر تبكي بحزن شديد في حين تحرك جمال بسرعه للخارج بخطوات مذعورة بينما هبطت حورية علي صوت الصراخ لتقول بتوتر شديد"هو في ايه ما لكم واقفين كده ليه حد حصل لي حاجه"
رفع قاسم عينه إليها بحقد وهو صائح بعنف وقسوة"افرحي يا حوريه دعواتك استجابت و اسامه مش راضي ينطق وقاطع النفس ارتحتي انتي كده "
صمتت قليلًا حينها أغمضت عيناها باستكانة غريبة وكأنها تسبح وسط احزانها وهي تقول بصوت مهزوز"مش بينطق ازاي هو انت مش رجعت بيه من بره وقلت انه كويس يبقى ايه اللي حصل له فجاه "
نظر لها بمعني مغزي ألمها تلك النظره وهو يهز رأسه بقلة حيلة مرددة بصوت حزين "مش وقت كلام هاروح بي المستشفى اشوفه ماله ومن عارف هارجع به ثاني ولا لا "
حينها فقط بدأت تهز رأسها نافية وهي تتوسله"استني يا قاسم خذني معاك"
نظر لها بحدة لينطق من بين أسنانه بحزم"لاء خليكي مكانك ما تتحركيش انا اللي مش عاوزك المره دي وبقولهالك ما لكيش دعوه بي فعلا "
تحرك قاسم للخارج يصعد سيارته وقبل أن يسير جمال تفاجأ بـ حوريه تفتح الباب وتصعد في الخلف عقد حاجبيه باستغراب بينما قاسم تجاهلها تماماً وأشار إلى جمال بجفاء أنه يطلع بسرعه.
**
احيانًا يأتيك العذاب دفعه وحده ويصبح الواقع كحلم لم يكن على هواك وتصبح تلك الصدمة عكس تجاه مشوارك.
بعد فترة قصيرة وصلوا إلي المستشفي وعندما جاءت أن تدلف حوريه الي غرفة الكشف معه لتجد قاسم يغلق الباب في وجهها و منعها من الدخول معاه.
صدمت حوريه من فعلته واغضبها بشده حتي حاولت أن تفتح الباب لتجدة اغلقه من الداخل صرخت صرخه مكتومه بغيظ شديد منه لتمر أمام باب الغرفه بفقدان اعصاب لتأخذ الممر ذهابًا وإيابًا ومرة تقف تتلصص خلف الباب لعلها تسمع صوت اسامه ويريح قلبها المنفطر نصفين من الرعب بينما جمال يجلس علي إحدي المقاعد بإهمال يرجع رأسه للخلف ليمر أكثر من نصف ساعة وهي بالخارج بدأت العبرات تفر من مقلتيها عندما تذكرت ما حدث منذ قليل.
كانت بالصدفه تمر أمام غرفه قاسم لتسمع صوت بكاء وصراخ أسامه توقفت لحظات تفكر أن تدلف وتراه لماذا يبكي بهذه الطريقة وحتي فتحت الباب لكنها حسمت أمرها و تراجعت وتحركت ترحل بتردد وتوتر معتقده أن قاسم بالداخل معاه ومشغول في شيئا أو بالمرحاض وسوف يذهب إليه علي الفور، وبعدها بقليل سمعت أصوات صراخ قاسم لتنزل تراه ما يحدث و اتسعت عيناها علي مصراعيها عندما وجدت قاسم يحمل اسامه فاقد الوعي.
شطر قلبها نصفين من حديثه وقلبها ينبض برعب من هيئته وهي تتخيل ان يحدث إليه شيئا سئ بالفعل وسوف تكون هي السبب حينها ليس غيرها وما إن رأت حورية قاسم يخرج حتى اهتاجت اكثر وهي تصرخ "انت باي حاجه ترفض تدخلني اطمن عليه معاك حتى لو مش متقبله في حياتي واتمنيت موته زي ما انت فاكر ان انا دعيت الدعوة دي من قلبي وانا ما كنتش قصدها طلعت مني كده من غير ما اقصد بس اكيد مش هتمنى موت طفل فعلا"
اقترب جمال مهدئ إياها بقوله"خلاص اهدي يا حوريه مش وقته الكلام ده خلينا نطمئن علي اسامه الاول هو فين يا قاسم بقى عامل ايه دلوقت"
تنفس قاسم بصوت مسموع ولم يتحدث بينما ناظر للفراغ رفعت عيناها لملامحه المتألمة وهي تقول بهمس مترددة وببطء شديد لا تريد ان تسمع منه تلك الاجابه المؤلمه التي كانت تصارع حالها قبل قليل حتي لا تسمعها،لتهتف بنبرة متحشرجة "في ايه انت مش بترد ليه "
عقد جمال حاجبيه بقلق شديد قائلا"قاسم في ايه مش بترد ليه اسامه كويس"
ظل قاسم صامت جامد في حين خرجت ممرضه من نفس الغرفه تجر فراش متحرك بداخله طفل صغير في نفس عمر اسامه لتعرف حوريه علي الفور أنه طفلها اندفعت نحوها وهي تقول بحزم"استني هنا انتي كمان أنتي واخذه الطفل ده و رايحه بي فين "
رفعت الممرضة عيناها لها وهي تهتف بنبرة آسف"هو حضرتك والدته الطفل ده البقاء لله يا مدام الطفل تعيش انتي شدي حيلك"
وكأن دلو به ماء بارد سكب علي رأسها في تلك اللحظة شخصت عيناها بقوة وتوقفت دقات قلبها ثواني وعقلها لا يستوعب ما تقوله هذه الممرضة تمتمت بضعف وانكسار وعيناها بدأت تدفع حبات الدموع من عينيها بقوة وهي تهز رأسها لا تريد ان تصدق ذلك الحديث"انتي بتقولي ايه انتي مجنونه لا طبعا اسامه عايش ما ماتش صح يا قاسم ..هاه انت ساكت ليه رد عليا.. اوعي تفكري اللي حصل ده عشان دعيت عليه والله العظيم قلتها من وراء
قلبي "
تطلع جمال في قاسم بصدمه يهز رأسه بعدم تصديق وهي دمعاتها تغزو صفحة وجهها ثم اندفعت نحو قاسم تمسك بيده بتوسل تمتمت من بين بكائها بصوت موجوع "قاسم لااااا هو لازم يعيش عشان يسامحني والله ما كنت اقصد اكره ولا ادعي علية بس انت معاك حق انا اللي موته برده عشان انا سمعت صوتة وهو عمال يعيط بس ما رضيتش ادخل ومشيت وقلت اكيد هتسمع صوت وتطلع لوحدك "
نظر قاسم لها بغضب وشراسة وهو يسمع اعترافها أنها قد سمعت صوت بكائه وكعادتها تجاهلته لكن هذه المرة غيره نظر لها بأعين يائسة حزينة.
لتعرف أنها ستعاني حتى تتخطى هذا الألم وصعب تنال الغفران سقطت فجاه بالارض أمامه علي ركبتها من صعوبه الألم والخزه هذه المرة غير ونزيف روحها يصك ذلك القسم بدماءها الباردة ثم تابـعت فصرخت فيه بانفعال ولأول مرة تتوسل أن تري طفلها وتطمن عليه "ابوس ايدك رجعهلي يا قاسم وانا والله العظيم المره دي هفضل تحت رجلة لو مش هتحرك خطوه واحده واهتمي به واخلي بالي منه وهفضل جنبه على طول زي ما انت كنت عاوز ..بس رجعهلي عشان خاطري بلاش يروح بالطريقة دي ويوجع قلبي اكتر ما هو واجعني آآآآآه يــا أبــنـي انـا اللي قـتلـتـك "
اعترفت أخيرا أن طفلها و أزاحت قناع القسوه عنها وأظهرت خوفها الشديد له لكن يبدو أنه بعد فوات الاوان، سمع قاسم كلمتها وصراخها الذي كان مثل سهم قاسي انطلق ليصيب قلبه الذي يتلاطم بين امواج عشقها وقسوتها الغير مرغوب بهم الآن اطلاقًا في ذلك الوقت.
كانت مازالت حورية بالارض تبكي بقهر وعنف لتجد قاسم صامت بهدوء شديد لـ تعلم أن صراخها ولا حديثها بالتأكيد سوف يرجع ابنها ربما اصبح الآن فقط فقدانه بهذه الطريقة كالسكين ينغرز بقلبها المسكينة فيبدو أن الحظ دائما يختارها هي دون عن الجميع أن يصبح السكين البارد من نصيبها لينغرز بمنتصف قلبها بقسوة شديدة ثم ضربت على صدرها عدة مرات بعنف تعاقب نفسها ثم تمتمت بانهيار عصبي" لااااا آآآآآه أســــامــــه أبــنـي يااااارب سااااامحني "
الفصل السادس عشر
___________________
كانت مازالت حورية بالارض تبكي بقهر وعنف لتجد قاسم صامت بهدوء شديد لـ تعلم أن صراخها ولا حديثها بالتأكيد سوف يرجع ابنها ربما اصبح الآن فقط فقدانه بهذه الطريقة كالسكين ينغرز بقلبها المسكينة فيبدو أن الحظ دائما يختارها هي دون عن الجميع أن يصبح السكين البارد من نصيبها لينغرز بمنتصف قلبها بقسوة شديدة ثم ضربت على صدرها عدة مرات بعنف تعاقب نفسها ثم تمتمت بانهيار عصبي" لااااا آآآآآه أســــامــــه أبــنـي يااااارب سااااامحني "
تنهد جمال بيأس وحزن وعندما نظر نظره خاطفة نحوه الطفل الصغير الذي فوق الفراش وقد فارق الحياه عقد حاجبيه بدهشة و ذهول ونظر إلى قاسم بحيره وتوتر.
لينظر قاسم لها بهدوء و هو يتفحص وجهها بدقة يعلم حالتها تلك فهي الآن تشعر بندم قاتل وحزن شديد أخفض قاسم جسده بغضب وهو يمسكها من ذراعيها يرفعها عن الارض وهي مستسلمه بجسدها بضعف ليتحدث و هو يشير برأسه المقابلة لها قائلاً "لو كنتي مهتمه بي شويه وجنبه طول الوقت ما كانش كل ده حصل"
لتنفجر بالبكاء بهسترية وهي تهز رأسها بندم وحزن بينما ليشد هو علي قبضة يده حولها وهو يقول بغضب ساحق " و كنتي عرفتي من ملامحه وحفظتيها وعرفتي ان إللي في السرير ده مش ابنك يا حورية..و ده مش اسامه! "
استفاقت من غفوتها ومن وصلة بكاء طويلة
وبرقت عينها بقوة و توقفت عن بكائها، ابتلعت ريقها و هي تنظر إليه بأعين راجية و هي تقول بلهفة شديد كانها وجدت نور وسط ظلام شديد و نجاتها اخيرا "بجد يعني هو لسه عايش.. ابوس ايدك ريح قلبي و انطقها يا قاسم عشان خاطري"
نظر إليها قاسم و هو يهز رأسه بايجاب قائلاً بعمق " ايوه ده مش ابنك انا لما دخلت الاوضه عشان اخلي الدكتوره تكشف على اسامه لقيت واحد جوه بيعيط على ابنه اللي توفى قبل ما اجي بـ 5 دقائق وانا كنت قفلت الباب ورايا عشان ما تدخليش وما عرفتش الممرضة تخرجة غير لما خلصت كشف على اسامه وبعد كده خرجت بي ..و والده الطفل ده كانت لسه ما وصلتش ولما الممرضه خرجت بالطفل فكرتك ان أنتي والدته "
لتنظر بتلقائيه خلفه إلي الدخل بصدمة لتجد بالفعل رجل يجلس على المقعد داخل الغرفة بيكي بشده،مسحت دمعة سقطت علي وجنتها و هي تنظر إلي قاسم متأثرة علي حالته لتقول بابتسامة باهتة " و أسامه فين؟ هو كويس دلوقتي؟ طمني عليه "
ليقول وهو يتنهد بضيق يمسح بيده علي وجهه قائلاً "هو فاق بس لسه مش كويس وتعبان الدكتوره طلبت اشعه لي عشان تشوف سبب الاغماء, هو بقيله كام يوم مش مظبوط و على طول تعبان وكان محتاجلك "
ادمعت أعينها بقوة حتي احمرت من كبحها للبكاء وهي تهمس بارتجاف"انا عاوزه اطمئن عليه لازم اشوفة خليني اشوفه عشان خاطري يا قاسم وانا والله العظيم مش هبعد عنه ثاني وهفضل جنبه طول عمري لحد ما يبقى كويس .. أبوس ايدك خليني اشوفة "
أبتعد قاسم عن طريق الباب بهدوء دون حديث حتي تدلف الي الداخل وهي اسرعت بخطوات سريعة نحوه الداخل في حين هوي هو علي المقعد بتعب ولاحظ نظرات جمال الغاضبه والغير راضيه تجاه.
**
بداخل مكتب عتمان داخل الفيلا كان مزال يعمل في منتصف الليل حتي فتح الباب فجاه و دلف حازم بخطوات سريعه إليه رفع عتمان رأسه بوجه محتقن هاتف بحده" في ايه هو انت وامك مستلمنى النهارده عاوز ايه انت كمان "
حمحم حازم بارتباك وقال بأسف"اسف يا جدة بس كنت عاوزه اكلمك في موضوع مهم انا قعد افكر كثير في حل لـ حوريه عشان ترجع هنا وتفضل معنا وما حدش يقرب ليها وخصوصا إللي إسمه قاسم ده"
ترك ما بيده بضيق شديد وقال بغضب"هو انا خلاص ما بقاش ورايا غير الهانم حورية ومشاكلها اللي ما بتخلص و يا ترى ايه الحل العبقري اللي وصلت له "
ابتلع حازم ريقه بصعوبة بالغة وهو يقول بصوت خافض"بعد اذن حضرتك يعني طبعا انا فكرت ان ما فيش حل غير أني اتجوز حورية ساعتها ما حدش لي حاجه عندنا و اهل جوزها كمان هيبعدوا عنها وهي هتكون تحت طوعك هنا في البيت زي زمان ومش هتخرج ولا هتعمل حاجه الا باذن منك "
عقد حاجبيه بدهشة ثم ابتسم ساخرا مرددا"
هو انت فاكرني ياض مختوم على قفايا ومش فاهم اللي فيها، انت مش عاوز تتجوزها عشان المشاكل انت عاوز تتجوزها عشان بتحبها مش كده "
ضغط على أسنانه بحده وقال بصوت مخنوق"
طب حتى لو الكلام ده صح ايه الغلط في اللي انا قلته يا جده ما هي مش هتفضل كده هربانه بعيد عننا كتير الحل انها تتجوز حد من اهلها يستر عليها ويعرف يحكمها وكمان عشان نخلص من كلام الناس ونظرتهم لينا "
صمت قليلًا عتمان يفكر بذلك الحديث ثم هتف بصرامة"طب والعيل؟ دي زمانها ولدت هتعمل في ايه ده كمان"
صمت حازم ثواني بحيره وتوتر شديد ثم قال " اللي انت تشوفه طبعا عاوز تاخذه وتتصرف انت براحتك عاوز تخليه برده براحتك ..كل اللي انت عاوزه هيحصل ما تقلقش "
ضايق عينه ينظر إليه ثم ارجع رأسه إلي الخلف واتسعت ابتسامته بمكر"هي فكره مش بطاله "
التمعت مقلتيه بسعادة وهتف حازم بلهفه شديد قائلا"يعني حضرتك موافق اني اتجوز حوريه"
هز رأسه عتمان بالايجاب و أردف بصوت خبيث منتصر وهو يتخيل منظر حورية عندما يزوجها الي حازم و يستطيع أن يفرض عليها سيطرتة مثل سابق من جديد" ماشي موافق اعتبرها من النهارده خطيبتك وقرأت فتحتها، لما نشوف بقي المره دي هتكون حجتها ايه علي الجواز منك "
**
خرج قاسم من غرفه الطبيبه بعد أن تأكد من الاشاعات ليس بها شيء خطير وعندما خرج وجد جمال يقف أمام العيادة يتطلع فيه بوجه محتقن تحرك قاسم متنهد و هو يغلق ازرار سترته و توجه إلي بعيد بجانب بعيد عن غرفه حوريه واقترب منه جمال بوجه متهجم ينظر بلا تعبير ليقف و هو يشير إليه قائلا"ما كانش ينفع اللي انت عملته ده يا قاسم ما تلعبش باعصابها بالطريقه دي ثاني ،هي مش متحمله فعلا "
جلس قاسم علي المقعد ثم أشار إلي جمال يجلس جانبة و هو يتنهد بضيق ويمسح بيده علي وجهه قائلاً "عارف بس هي ما كانتش هتحس وترجع عن اللي بتعمله غير لما تتوجع بالطريقه دي ..كان لازم اعمل ان اسامه بيموت واحسسها بالذنب "
جلس جمال بجانبه لكن هل ما سمعه حقيقة للتو اتسعت عينه بصدمة و هو ينظر إليه بغضب هاتف به بحدة "كان لازم! تعمل أن بيموت هو ما كانش هيموت فعلا وتعبان ولا ايه؟ والاشاعات اللي طلبتها الدكتوره دي إيه كمان"
صمت قليلًا قاسم ولم يجيب عليه ليقول بصوت عالي"قاسم ما تفضلش ساكت هي دي لعبه بتلعبها عليها هي كمان "
تنهد قاسم و هو يهز رأسه بنفي قائلاً "اهدى واسمعني يا جمال ولو الكلام ده وصل ليها بجد هيكون فيها زعل بيني وبينك جامد، هاجر لما نزلت تجري بـ سامه وتعيط انه مش بينطق اخذته منها وانا حاسس ان قلبي هيوقف من الخوف بس هديت شويه لما حسيت بضربات قلبه بس رجعت قلقت لما هو قلبه شغال الحمد لله ليه مش بينطق؟ عشان كده طلبت منك بسرعه تتحرك عشان نطلع بي على المستشفى وفي الوقت اللي نزلت فيه حوريه افتكرت وهي بتدعي عليه وكرهها لي وهنا جاءتلي الفكره ان انا لازم اوجع قلبها عليه شويه"
ليقف جمال أمامه بحدة و هو يكمل بدل منه قائلاً من بين أسنانه "عشان كده اول ما وصلت رحت قافل الباب في وشها ودخلت لوحدك عشان تتفق مع الدكتوره كلامكم يبقى واحد وحظك من السماء اني لقيت فعلا مريض جوه قبليك وابنه توفى ولما خرجت بي الممرضه فضلت ساكت وسايبها تنهار ومش عاوز تقول لها ان ده من مش ابنها مش كده.. بذمتك دلوقتي مين اللي قلبه قاسي ازاي جاءتلك الجراه تعمل فيها كده "
طأطأ قاسم رأسه و هو يبتلع ريقه بتوتر ليقول بغضب "قلتلك مضطر اعمل كده انت ما شفتش الايام اللي فاتت كانت بتعامله ازاي؟ أنا عارف ومتاكد انها مش بتكرهه بس هي فعلا مش متقبلاه و مكنش في طريقه غير دي قدامي.. وبعدين انا كلامي كله مش كذب هو فعلا لسه تعبان وبسبب الاغماء اللي حصل له عشان نسيت ادي له دواء معين مع باقي الادويه وانا نسيت اشتري اصلا انا فعلا مش قادر اهتم بي لوحدي ومحتاجلها جنبي طول الوقت ..ممكن الغلطه دي تتكرر ثاني وانا ما اخذتش بالي عشان كده كنت لازم ابقى معاها قاسي "
تنهد بثقل و هو يكمل حديثه بهدوء مصتنع وهو يتذكر انهيارها وصراخها الحاد الذي مزق قلبه" ومش لوحدك كانت صعبانة عليكي انا كمان بس حاولت اتمسك واكمل للاخر و الحمد لله نتيجه اللي انا عملته أهو بان وهي دلوقتي قاعده جنبه ومش قادره تسيبه لحظه..وبعدين ما تنسيش انها برده السبب وهي قالت بنفسها انها سمعت صوته كان ممكن تلحقه قبل ما الحاله تتدهور و لولا ان ربنا ستر وهاجر اخذت بالها في الوقت المناسب كان الله اعلم ايه اللي هيحصل دلوقت "
ليشير إليه بسبابته و هو يرسل إليه نظرات تهديد قائلاً بحدة"برده ده مش مبرر على اللي انت عملته يا قاسم كان ممكن يجرى ليها حاجه ده انا نفسي قلبي وجعني وانا شايفها كده وسمعت خبر موت اسامه بعد الشر.. الحاجات دي ما فيهاش هزار ما تحاولش تعيدها ثاني انا مش هقول لها المره دي لكن لو حاولت تعمل حاجه زي كده مره ثانيه هقول لها يا قاسم وابقى ساعتها ازعل براحتك مني"
**
في الداخل.
كانت تجلس علي إحدي المقاعد في المشفي وتنظر إلى أسامه وهو نائم بهدوء أعلي الفراش وعبراتها تهبط بصمت تدعو الله في داخلها أن يشفي طفلها و يسامحها علي تقصيرها معاه حتى دعيت هي ايضا ان تنسى
تلك اللحظات الصعبه مسحت دمعاتها بأناملها
ثم انتهت من تلاوة القرآن ووضعت المصحف في حقيبتها ثم أسندت رأسها علي الفراش وربطت علي وجهه برفق و قبلته من يده و رأسه بحنان شديد وهي تبكي بصمت وتتاسف له كثيرة.
ثم أجفلت من شرودها علي ظهور قاسم امامها فجأة وقال بنبرة ساخراً"شفتي أسامه يا حوريه واطمنتي عليه رغم انك ما تستاهليش ان يبقى كويس وكان الافضل ليكي تتحملي ذنب اللي حصل له وتفضلي عايشه بالذنب ده طول عمرك عشان تعرفي كان ممكن في اي لحظه توصلي ابنك للموت "
ضعف صوتها وهمست وهي تخفض عيناها حتي تخفي ما بقي بقلبها من الألم"قاسم عشان خاطري ممكن تسكت انت مش فاهم حاجه ولا حاسس بيا ولا عارف انا حاسه بايه ولا اللي جوايا "
كان هو يتنفس بعنف وغضب يأكل جسده وهي يصيح بقوة"ايه اللي حصل قولي كل ده عشان أسامه جي نتيجه اغتصاب وما جاش نتيجه زواج عادي! هو انتي لو كنتي كملتي حياتك مع جاد فاكرها هتبقى ورديه وهيعاملك كويس وعمره في حياته ما كان هيغصبك على حاجه زي كده "
نظرت أمامها بأعين مفتوحة لم ترمش قط من صدمتها به، مقلتيها تغزو بعبراتها وجنتيها التي ذابت من دموعها التي سكنتها، وسعت عيناها علي مصراعيها التي باتت باللون الأحمر وعبراتها غزت مقلتيها وهي تراه يسخر منها و من معاناتها وضعت يدها علي فمها تمنع شهقاتها التي بدأت تعلو"هو انت مستهون بكلمه اغتصاب قوي كده "
هز رأسه وهتف بعدم استيعاب وكأنه أنتبه إلي حديثه وفقد جزء من عقله عندما هتف بهذه الكلمات المؤلمه ولا يصح قولها امامها" انا ما قصدتش كده انا كنت "
ابتسمت من زواية شفتيها ابتسامة تزين ثغرها مؤلمة وهتفت بسخرية لاذعة بها آلام الدنيا كلها"كنت ايه يا قاسم هو انت حتى لو فاكر جاد أخوك كان عملها و انا متجوزاه ما كنش هيبقى اسمه اغتصاب برده؟ ما كنتش هتوجع زي دلوقت واحس باللي انا حساه بالله عليك ما تقولش كلمه ثاني قبل ما تفكر فيها ويا ريتك فعلا حاسس باللي جوايا بدل ما انت بقيت تستهون بوجعي كده بكل سهوله وتستهتر بي"
اخذت حوريه نفس عميق لتقول بصوت متألم نابع من أعماق فؤادها الهزيل وتبكي بانهيار "الاغتصاب يا قاسم عامل زي الروح اللي بيترفرف جوه صاحبها وبتعافر عشان تعرف تعيش في الزمن ده! الزمن اللي بقينا فيه بنعاقب المظلوم مش الظالم الزمن اللي الناس لما بتعرف واحده اغتصبت اول حاجه بتفكر فيها وبتقولها ممكن يكون بمزاجها؟ طب ايه اللي وداها لي اصلا في وقت زي ده؟ طب هي تعرفه قبل كده فين ولا شافته ولا كان في علاقه بينهم قبل كده اصلا؟ طب هي كانت لابسه ايه وقت الاغتصاب؟ ما يمكن هي اللي خليته يعمل كده وكانت بتغريه؟ ما يمكن راحتله بزاجها؟ و يمكن ويمكن! هيجيبوا كل اعذار الدنيا لي لكن هي لا طبعا اكيد في حاجه غلط ما فيش شاب هيعمل كده في واحده من نفسه الا لو في حاجه كانت ما بينهم من الاول مع اني حتى لو كنت اعرفه قبل ما يعمل فيا كده برضه إسمه اغتصاب و واسمه ظالم؟ "
تعالي منسوب الادريالين في جسدها فأصبحت مثل الجمر الحارقة داخلها وهي تقول بصوت ضعيف جدا" انت عمرك ما هتحسي باللي فيا يا قاسم حتى لو اتظلمت زمان من اهلك زي ما بتقول لي برده دي حاجه ودي حاجه ثانيه خالص! والدليل انك ما كنتش بتحس بيا حتى الايام اللي فاتت وانا كنت داخله علي مرحله اكتئاب حاد!و لما كنت ببقى قاصده ابعد عنكم عشان مش قادره استحمل اللي انا فيه اكثر من كده لكن أنت ما سبتنيش في حالي و فضلت تجيب الحق عليا وتفضل تضغط عليا وتتهمني بالاهمال والقسوة وانا ما عنديش قلب ولا رحمه ولا بحس, مع ان انت فعلا اللي مش بتحس مش انا يا قاسم عشان ما اخذتش بالك مني ولا كنت مهتم بيا كنت شايف حاجه واحده بس و مصمم تتهمني بيها ان انا قاسية ومش بحس ..وفجاه نسيت كل اللي انا حصل لي واتعرضت لي وما ادتنيش اعذار حكمت عليا وبس عشان انت ما كنتش عاوز تشوفني غير كده و بس "
كان قاسم مذهول من حالتها و ما أصابها في وقت ما غابت عيناه عنها الأيام الماضية فهو كان يراقبها دائما و جانبها طول الوقت من بعيد وقريب لكن الان لم يعد ذلك ولم يلاحظ ألمها ووجعها هذه المره كان اهتمامه فقط إلي اسامه وقد نسي روحه المتألمة! التي كانت تحتاجه و تنهار وتتالم بمفردها.
تقدم بسرعة وذهب إليها ثم أمسكها من ذراعيها وأدارها له وهتف بقوة في محاولة منه لكي يرجعها لصوابها"انا اسف حقك عليا يا حورية انتي معاك حق انا فعلا قصرت معاكي انا الظالم واللي ما بحسش وانا فعلا اللي استاهل يتقال علية قاسي مش انتي خالص يا حورية ..حقك عليا ما تزعليش مني "
حوريه ببكاء حارقه وكلمات متقطعة من كثر البكاء"انا مش بقول لك كده عشان تقول لي انا اسف ولا حقك عليا انا بقول لك كده عشان خلاص تعبت من اتهاماتك ليا طول الوقت و ضغطك ..ايه اللي انا عملته غلط عشان تعمل معايا كده ايه مش من حقي اقول انا تعبت كفايه اللي بيحصل لي ومش قادره استحمل اكتر من كده وابعد شويه ..من حقكم كلكم بس تشتكوا وانا لا"
كانت تتحدث ودموعها تبهط كالشلال وهو يتابعها بسكون وعيناه جامدة و داخله من مشاعر تجاهها حارقه تسير بقلبه تقسمة إلي نصفين ثم امسك بكف يدها الايمن من علي ذراعيها بهدوء ثم نظر لداخل مقلتيها وتمتم بقوة يخفي خلفه آهات الألم"لا طبعا من حقك من حقك تعملي كل اللي انتي عاوزاه وما حدش يلومك انا اللي غلطان حقك عليا كان لازم انتبه لكل ده من نفسي واخذ بالي من كل التعب والارهاق اللي كنتي فيه وبتحاولي تتمسكي "
رفعت مقلتيها له وثبتت نظرها عليه كانت نظرات متألمة عاتبة حزينة وقالت"انت كان كل اهتمامتك اسامه وبس يا قاسم وما كنتش واخذ بالك مني خالص ..ويا ريت كده وبس لا كمان كنت بتضغط عليا وتتعبني وجي دلوقتي شمتان فيا وكان نفسك يجرى له حاجه عشان قلبي يتوجع عليه هو انا ناقصه وجع قلب اكثر من اللي انا فيه يا قاسم حرام عليك بجد انت ما كنتش عارف انا كنت عامله ازاي وانا بستقبل خبر موتة "
أخذها بين أحضانه يربط علي ظهرها بحنان وقال بصوت مطمئن" والله مش شمتان فيكي بس كان صعبان عليا اللي بتعملي في نفسك وفيه ..و ما كانش نفسي هو كمان يتعذب من رفضك لي نفس ما انا اتعذبت، كنت خايف تفضلي كده لفتره طويله عشان كده ما كنتش مركز ولا منتبه انا بعمل ايه فيكي ولا الضغط اللي كنت بضغطة عليكي "
تشبثت حورية به وهي تبكي بقوة فقد كانت تضغط علي نفسها في الأونة الأخيرة بعدم البكاء والانهيار حتي تستمد قوتها بمفردها وتعود كما كانت سابقة بسرعة ولكن بمجرد ما اخذها قاسم إلي أحضانه تركت نفسها وإنهارت في البكاء تكشف ضعفها له كعادتها الذي طالما كان هو منبع أمانها بعد أن تخلي عنها الجميع فقد كان قاسم مثال الامان والسند، ظل يربط علي جسدها برفق تهدأ من بكاءها حتي هدأت بالكامل ومن بعدها خرجت من احضانه عندما هتف متسائلا"حقك عليا انا اسف لسه زعلانه مني؟ "
رفعت مقلتيها ونظرت إليه برأسها وتمتمت بنبرة باكية"مش بعرف ازعل منك يا قاسم اللي عملته معايا كثير أوي يخليني اشفعلك اخطاء كتير ..بس ما تاخذش على كده كثير انا ما ليش غيرك وبلاش توجعني انت كمان "
مسح دموعها برفق وابتسم بحب لتقول بصوت متوتر "هو انت زعلان مني انت كمان"
هز قاسم رأسه برفض بسرعه وهو يقول"
لا خالص الظاهر انا كمان ما بعرفش ازعل منك.. خلاص خلينا ننسى وما نتكلمش في الموضوع ثاني الحمد لله أسامه دلوقت بقى بخير وهيبقى احسن مع الوقت انا واثق من كده طول ما انتي جنبه وانا كمان "
نظرت إلى طفلها أعلي الفراش بنظرات حزينه وهي تهمس"الحمد لله"
هز رأسه بخفه وشبّك يده في يدها وهو يقول بابتسامه هادئه"كفايه عياط بقى اسامه هيصحى لو شافك كده هيزعل على زعلك .. انا هاروح اكمل اجراءات الخروج عشان ناخذ معنا اسامه ونمشي هنكمل علاجه في البيت وهنحاول انا وانتي نهتم بي مش كده ..مش انتي قلتي مش هتسيبيه وهتبقي جنبه "
هزت راسها له بالايجابي مبتسمه بهدوء و
تحرك قاسم وتركها متجه إلى الخارج حتي يخلص الإجراءات اللازمة ثم يرحلون لكنه توقف قبل أن يفتح باب الغرفة عندما سمع صوتها الرقيق تقول بلهفه "قاسم"
توقف مكانه والتفت نحوها ناظر إليها باهتمام"نعم يا حوريه عاوزه حاجه "
صمتت لحظه باضطراب تاخد أنفاسها بصعوبة
وتمتمت بصوت مبحوح من البكاء"هو انا لو وافقت اتجوزك عشان تحمينا انا وابني ابقى كده انانيه "
تجمد مكانه بذهول فرفع مقلتيه عليها فتشابكت الاعين ببعضهما يتبادلان النظرات
فاقترب منها بسرعة وامسك يدها برفق و قال وهو ينظر لها بعمق عيناها" لا مش هتبقي انانيه يا حوريه ..هتبقي احسن واحده دخلت في حياتي وهحاول اسعدها على قد ما اقدر عشان اخليها أسعد واحده في الكون وهتبقي مراتي و حبيبتي كمان"
تنحنحت هي بخجل شديد و هي تنظر إليه بعمق عينها لا تزاح عن بؤبؤت عينه بروح عاجزة تنهد قاسم من تلك المشاعر الذي غير قادر على تجاهلها مطلقاً ثم مال عليها يقبل رأسها عدة مرات ثم ابتعد يقبل باطن يديها و هو يقول بخفوت"بالمناسبه وانتي بتقولي ابني كده بحس بفرحه كبيره جوه قلبي و روحي كأنها بتترد ليا من جديد عشان خلاص بقيتي معترفه بي أن ابنك"
ابتلعت حورية ريقها بتوتر و احراج قائله"
هو مش ابني برده "
أومأ بتأكيد وأجابها بثقه" طبعا انتي امة وانا ابوه يا حوريه"
**
بعد مرور اسبوع
في قصر عصام الصريطي بداخل غرفه جواد كان يجلس على المقعد ممده جسده وهو بتحدث في الهاتف وعلي ثغره ابتسامه خبيثه و أطلق ضحكه عاليه وهو يتغزل بها و انفتح الباب بقوة فجاءه و دلفت ناريمان و اعتدل جواد بسرعه بخضه و أغلق الهاتف متنهد بضيق عندما راها هي والدته لتقول هي بعصبية شديدة و تلوح بيدها أمامه بسخرية لاذعة"قفلت التليفون ليه ما تكمل صياعه مع الهانم اللي كنت قاعد بتكلمها وانا ولا على بالك بس انا اللي استاهل اللي مشيت وراء عيل ذيك "
تنهد و هو يلتفت إليها بكامل جسده و هو يتحدث بجدية "في ايه يا ماما في حد يخش على حد كده من غير ما يخبط وداخلي فيا شمال كده ليه "
جزت علي أسنانها بشراسة وهي تقول بصوت حاد"قاسم و حورية بقى لهم اكثر من شهرين ونصف راجعين وكل ما اجي اقول لك يلا ننتقم وناخذ حق اخوك تقول لي لا استني شويه انا عمال ارتب واضبط في الامور وشكلك كده ولا على بالك اصلا وعمال تخذني على قد عقلي عشان ما اعملش حاجه"
اقترب منها جواد بخطوات بسيطة متحدث بخبث"عشان تعرفي انك ظلماني بس، اللي كنت بكلمها دي روان الشغاله اللي بتشتغل في قصر قاسم وعمال الغيها الأيام إللي فاتت واعمل عليها لعبه اللي انا بحبها عشان تقول لي كله اسرارهم ..وخدي الكبيره حوريه ولدت من شهرين وسميت ابنها على اسم ابوها اسامه "
شهقت ناريمان بعدم تصديق و أشهرت سبابتها في وجهه وصاحت باشتمزاز واحتقار" شوف البجحه ده بدل ما تنزله جايبه القوه دي منين عشان تجيب عيل ذي كده ما لوش اب على الدنيا والله شكلها في الاخر بتشتغلنا وهي عارفه مين ابوه "
لوي شفتيه باستخفاف وهو يقول"سيبك من حكاية العيل دلوقت ده في مصيبه اكبر حوريه وقاسم هيتجوزوا؟ "
حملقت في وجهه بصدمة و ذهول وقالت بصوت متلجلج: "نعم انت بتقول ايه قاسم هيتجوزها وهو عارف انها كانت في يوم مرات اخوك وهي ازاي توافق على حاجه زي كده ملقتش غيره تتجوزه "
ليجلس جواد و هو يهز رأسه بثقه مرددا"ما فيش غيره اصلا تتجوزه انتي مش شايفه عمال يحميها مننا ازاي وطلعها براءه، انا متفاجئتش اصلا زيك لاني كنت شاكك في الموضوع ماهو اكيد مش بيعمل كده لله في لله في حاجه كان عاوزها منها وشكله كده كانت عينه منها من البدايه"
ليتنفض جواد في جلسته بسرعة فجاه بطريقة افزعته عندنا سمع صراخ ناريمان وهي تهتف بصوت حاد قوي بغضب "الزباله الواطيه البنت دي لازم تموت مش هسيبها تفرح وتتجوز وتخلف بدل العيل 10 وانا قلبي محروق على ابني هنا .. فااااهم"
**
بداخل قصر قاسم السيوفي في جناحه كان يقف أمام المراه يرتدي بدلته السوداء الانيقه وعلى ثغره ابتسامه سعيده مرتاحة فاخيرا الاوضاع بدات تعود كما يريد هو! في البدايه تقبلت حوريه أسامه طفلها و اعترفت انها والدته حتى بعد عودتهم من المستشفى اخذت حوريه الصغير بداخل غرفتها ومن هنا اصبحت تهتم به وبكل ما يريدة من صحته وطعامه وهو كان يراقب ذلك من بعيد بسعادة غامرة وقد تغيرت معاملتها معه إلي الافضل
والشيء الثاني والاهم؟
انها وافقت على زواجهما، أرتدي جاكت البدله وتحرك يرتدي ساعه اليد وهو يهتم بالخارج نحو العمل لكنه أستمع الي صوت طرقت الخادمة علي الباب وتحرك قاسم و هو يفتح الباب بهدوء لتسرع روان بالقول "قاسم بيه في واحد تحت بيسال على مدام حوريه والحرس تحت منعه بالعافيه وهو مصر يدخل يشوفها "
عقد حاجبيه باستغراب ليصك علي أسنانه بغضب و هو يقول" هو مين ده ومصمم يشوفها بتاعي إيه"
هزت كتفها بجهل وهي تقول بتلعثم"ما اعرفش يا قاسم بيه مش راضي يقول اسمه ما قالش غير حاجه واحده وهي أن مدام حوريه آآ هو يبقي خطيبها "
لتحمر عينه بشدة و هو يقبض علي كف يده و هو يقول بغضب شديد و صوت بحده"وخطبها امتى بروح امه ده كمان ..اوعي من قدامي خليني اشوف البيه اللي خطب مراتي ده يطلع مين "
في الاسفل بداخل المطبخ كانت هاجر تقف امام حوريه بهدوء التي ظلت تعتذر إليها بأسف وخجل كثير على فعلتها الوقحه معها لتقول بصوت نادم" بجد يا هاجر مش زعلانه مني انا عارفه ان انا زودتها معاكي ساعتها بس معرفش عملت كده ازاي، لو لسه زعلانه مني ومش مسامحاني قولي ده حقك "
أجابت هاجر بابتسامه طيبه لطيفه قائله" ليه بتقولي كده يا مدام حوريه انا بجد مش زعلانه ولا مضايقه من حضرتك "
تنهدت حوريه بابتسامه رقيقة وهي تقول براحه"انتي طيبه اوي يا هاجر ما تتصوريش كلامك فرحني قد ايه انا كنت طول الوقت كل ما افتكر اللي انا عملته فيكي ازعل من نفسي قوي انا عمري ما عملت حد كده بالطريقه دي
عشان كده كان لازم اجي و اتاسف"
ابتسمت هاجر بلطف قائله بسعادة"حصل خير كفايه أن حضرتك جيتي بنفسك و اعتذرتي مفيش حاجه خلاص انا نسيت اللي حصل اصلا من وقت لما عرفت ان حضرتك هتتجوزي قاسم بيه هو طيب قوي و انسان كويس و يستاهل كل خير"
صمتت حورية وهي شارده لتقول هاجر بتوتر وإحراج" انا مش قصدي حاجه والله بس انا بعتبر قاسم بيه ذي اخويا عشان كده فرحانه لي "
هزت راسها حوريه وهي تبتسم بهدوء لتقول بنبرة عميقة"لا مش زعلانه انا فاهمه قصدك وانتي معاكي حق هو فعلا قاسم انسان كويس ويستاهل كل خير "
بادلتها هاجر الابتسامة بفرحه إليها وهي تلاحظ حبها له وفجاه سمعت حوريه صوت أصوات عراك بالخارج عند بوابه القصر تحركت بخطوات بسيطة تنظر خلف النافذة بتعجب"
هو ايه صوت الخناق ده ايه اللي بيحصل بره"
اقترب هاجر هي الأخري تنظر معها لتقول بقلق شديد" ده شكله كده قاسم بيه بيتخانق مع حد بره"
**
في الخارج وقف قاسم سريعاً يمنع حازم من الداخل و هو يقبض علي كفه بقوة عندما سمع صوته يصرخ" اوعي من قدامي وخليني ادخل اشوف خطيبتي مش هتمنعني ومش هامشي من هنا غير لما اشوفها واخذها معايا كمان"
ليرفع قاسم حاجبه الأيسر بحدة و هو يهز رأسه ناظراً إليه بشراسة وقبل أن يقبض على روحه أستمع الي صوت حورية من الخلف تهتف بخفوت" حازم انت بتعمل ايه هنا"
رفع حازم عينه بلهفة وابتسم حين رأها لقد مر شهور كاملة و لم يراها ثبتت عينه عليها يحملق بها باشتياق و هو يحاول التنفس بهدوء و السيطرة علي نفسه مرر عينه عليها من أعلاها الي أسفلها كانت بالفعل جميله حد الهلاك تنفس الصعداء براحه قليله وهو يتخيل أنها ستصبح ملكه وحده وكل ذلك تحت أنظار قاسم الذي احمرت عينيه بغضب دفين والتفت قاسم نحوها ليقف أمامها و هو يتحدث من بين أسنانه بحدة " ادخلي جوة انتي كمان اللي طلعك دلوقت"
اسرع حازم يهتف بصوت عالي"حوريه ما تدخليش لازم اتكلم معاكي في موضوع مهم يخصنا احنا الاثنين "
دفعه قاسم عنها بقوه و هو يصرخ به بغضب "
يخص مين يا زباله انت ما لكش علاقه بيها اصلا و اوعي تفكر لو لي لحظه انك ممكن تاخذها مني فــاهــم"
عقد حازم ذراعيه أمام صدره و هو ينظر إليه بتحدي و يقول بعناد شديد " لا مش فاهم واللي مفروض يفهم هو انت انها ما لهاش علاقه بيك ومن هنا ورايح الوضع هيتغير وهي خطيبتي من اللحظه دي "
عقدت حاجبيها بدهشة ثم نظرت إليه متسائلة"حازم انت بتقول ايه؟ ايه الكلام اللي انت بتقوله ده انت جاي هنا تعمل ايه اصلا "
امسك بذراعها يضغط عليه بقوة و هو يقول بفحيح مقرباً رأسه منها "انتي بتتكلمي معاه ليه قلتلك ادخلي جوه وسيبي لي الحيوان ده اتصرف معاه ..اسمعي الكلام يلا وادخلي"
رفعت مقلتيها و هي تنظر إليه بضيق شديد و تقول بعناد " في ايه انت عمال تؤمر فيا وتزعقلي ليه مش هادخل يا قاسم ده برده ابن عمتي وضيف عندك ما ينفعش تعمله بالطريقه دي خليني اسمع وافهم منه "
ليصك علي أسنانه حتي كادت أن تتحطم و هو يصرخ بها يهدر بجنون "نعم يا اختي هو انتي كمان عايزه تقعدي معاه وتسمعي "
انتفضت بخضة من صوته العالي وارتجفت و لكنها تظهر الثبات وهي تحاول الابتعاد عنة قائله بحده زائف "اوعي ايدك كده وبطل همجيه شويه هتكلم معاه كلمتين عشان يمشي على طول ما انا عاوزه افهم برده الكلام اللي بيقوله ده وعاوزني في ايه؟ ممكن تكون حاجه مهمه تخص ماما "
كان يود الفتك به و هو يسمع بذلك الحديث الغبي و تكاد عينه أن تخترق جسدها ظل متماسكاً و متمالكاً لنفسه بصعوبة فهو بكاد يكبح عشقها لكنه سيلقنه درساً لن ينساه و لن ينظر إليها مرة أخرى ،هي لة وحده فقط تنفس قاسم الصعداء بصعوبة بالغة وهو يقول بهدوء زائف"تمام يدخل بس وانا معاكي واسمعه عشان الكلام لو ما عجبنيش تسيبيني اتصرف "
أستمع الي صوت حازم يقول بجدية وبرود"
بس انا عاوز اتكلم مع حوريه لوحدنا "
التفت قاسم نحوه بغضب شديد وهو يقترب إليه و يقبض على رقبته بعنف اتسعت حازم عينه بصدمه وهو بتنفس بصعوبه ويحاول يبعده عنه ليصرخ بوجهه بانفعال" ياض انت طلعتلي منين هو انت هتتشرط عليا كمان يا روح امك "
في لحظة دقات قلبها كانت تقرع كالطبول و أنفاسها تتسارع بقوة وهي تركض تحاول تبعد قاسم عنه تمتمت بتوسل "قاسم عشان خاطري هما كلمتين وعلى طول هطلع واقول لك ايه اللي حصل ما بيننا ..ابعد عني وسيبه بقى عشان خاطري هيموت في ايدك قااااسم"
**
بعد مرور فترة قصيرة اخيرا نجحت حورية في أن تبعد قاسم عن حازم و بعد معاناه وافق قاسم علي مضض وعدم رضي أن يجلسون سوا و يتحدثون جلست حوريه أمامه وتنهدت بهدوء و هي تتحدث قائله"ادينا بقينا لوحدنا
ممكن تفهمني بقى عاوز ايه من كل اللي بتعمله وايه موضوع ان انا وأنت مخطوبين ده كمان "
أخذ نفساً عميقاً زفره علي مهل و هو يرجع رأسه الي الخلف و من ثم هز رأسه بايجاب موافقاً مبتسم قائلا" ده مش كلام وخلاص دي حقيقه يا حورية انا طلبت ايدك من جدة وهو وافق وقرانا فاتحه كمان "
حملقت في وجهه بصدمة وابتسمت بشده باستخفاف قائله بسخرية "ويا ترى كمان حددت انت وجدك ميعاد الفرح واخترتولي الفستان شكله ايه ولا سيبتوا دول اقرر فيها لوحدي انا عاوزه ايه.. لا بصراحه مش عارفه اقول لك ايه ولا اشكرك ازاي أنك سبتلي حاجه اختارها بنفسي اخيرا "
صمت ثواني حازم لينظر إليها و هو يقول بتوتر شديد"حورية انا ما قصدتش كده اكيد طبعا عاوز رايك بس هو ده الحل الوحيد لكل مشاكلك حاولي تفكري في الموضوع من كذا زاويه احنا لو اتجوزنا كل اللي عاوزين ياذوكي هيبعدوا عندك وانا هعرف احميكي منهم
ونبقى من ناحيه ثانيه عرفنا نوقف جدو عتمان عنك و اتجوزك واستر عليكي "
نظرت له بعدم تصديق و بمرارة وكانت حورية تحاول استنشاق بعض الهواء بسبب شعورها بالاختناق من حديثة وقالت بصرامة"تستر عليا؟ هو انت كمان مصدق زيهم ان انا خنت جوزي ولما انت مش مصدقني جايه على نفسك وعاوز تتجوزني ليه؟ اه عشان تستر عليا ..امال ناوي تعمل ايه بقي في موضوع ابني اللي انت متاكد أن هو جي عن طريقه الخيانه مش اغتصابي "
رفع منكبيه للأعلي بعدم معرفه وقال وهو يمط شفتيه للأمام بتوتر"هو انا ما قررتش قرار نهائي في الموضوع ده بس جدو قال ممكن.."
هزت راسها بعدم استماع وأشارت إليه يصمت و يتوقف عن ذلك الحديث فهو و جده ماذا يردون منها بعد كل ما حدث لها لتقول باحتقار وغضب "جدك قال اه ده انت ناوي كمان تقضي حياتك معايا بمشوره جدك طب اسمعني كويس يا حازم ويا ريت كمان توصل الرساله دي لي جدك بالمره! انا زمان جدك برده طلب مني اتجوز بالغصب وانا وافقت للاسف واستسلمت واديني بادفع ثمن الغلطه دي لحد دلوقتي، عشان سبت غيري يتحكم في حياتي ويختار بدل مني ويقرر حياتي هتمشي ازاي بس مش ناويه اعيد نفس اللي حصل زمان ولا هسمح لاحد يتحكم في حياتي من ثاني مهما كان مين"
لينظر إليها و هو يسأل بجدية "يعني ايه "
لتنظر إليه و هي ترفع حاجبها لاعلي قائلة بكبرياء "يعني طلبك مرفوض يا حازم للاسف جيت متاخر لان انا دلوقتي مخطوبه فعلا! بس مش ليك انا مخطوبه لواحد احترم قراري وطلب ايدي مني مش عمل زيك و راح يطلبني مين اللي كسرني زمان عشان يكسرني ثاني "
رفع حاجبه الأيسر لاعلي و هو ينظر إليها بتفحص بغيره وغضب قائلا"تقصدي طبعا قاسم صح انا كنت شاكك من الاول ان في حاجه ما بينكم وللاسف كلام جدة صح و الهانم دايره على حل شعرها معاه وجوزك منه ثمن ما طلعتث براءه مش كده بعتيله نفسك بالرخيص يا حورية"
دوت صوت صفعة قوية بالارجاء حين صفعه حوريه حازم بقوة من شدة غضبها عند سماع حديثه هذا الاحمق تطلع فيها بعدم تصديق وغضب وحقد لتقول بقوه قائلة باشتمزاز'
انت بني ادم زباله وحيوان ما تستاهلش حبي ليك زمان لما كنت بعتبرك اخويا بجد وممكن اتسند عليك في يوم بس النهارده عرفت ان انا غلطانه وكان لازم احط في اعتباري ان انت في النهايه تربيه عتمان"
ليهمس حازم من بين أسنانه بتوعد "احسن ما اكون زيك تربيه رخيصه وانا كمان كنت غلطان عشان حبيتك وانتي ما تستاهليش يا ريتني كنت عارف انك بتيجي بالطريقه دي من زمان للي يدفع اكثر بس ملحوقه احنا فيها وهاخذ دلوقتي حقي منك يا حورية و قلبي اللي حبك هدوس عليه"
وقبل أن تستفسر حورية ماذا يقصد امسك حازم بخصلات شعرها المرفوعة يجذبها اليه حتي فردت خصلاتها و انسدلت متعثرة لتصرخ هي بألم شديد من مفاجأة حركته ليقرب وجهه من وجهها بقوة و هو يتحدث بالقرب من شفتيها يكاد يلامسها و هو يتحدث بشر " المرة دي مش هسيبك غير وأنتي لي يا حورية حتي لو مجرد مده مش علي طول
بس اوجعك ذي ما كل مره بتوجعني "
لتشهق بقوة وصدمة و تحاول دفعه عنه و هو يطلع إليها بنظرات ثاقبة تخترقها قبل أن تظهر شبح ابتسامة تزين ثغره و هي تشعر بأن قلبها كاد أن يخرج من قفصه الصدري من شدة خفقانه لتصرخ به بعصبية"ابعد عني يا حازم انت اتجننت "
كتم فمها بيده بعنف وقسوة ونظر إليها بغضب شديد و هو يقبض علي رقبتها ليلصق شفتيه علي وجنتها و هو يتحدث برغبة حارقه" انا ابقى مجنون فعلا لو سبتك لـ البيه اللي بره يشبع بيكي لوحدة وانا ما اخذش من الحب جانب ده انا حتى ابن عمتك واولي من
الغريب "
اتسعت عينا حوريه بذعر شديد ثم لف ذراعيه حول خصرها بطريقة شهوانية مُخيفة ثم ابتسم ساخرا ابعد يده عن فمها و نظر إلي شفتيها برغبه و اغمضت عينها من فرط الرعب و هزت راسها بنفي بخوف شديد وجسدها يرتعش بضعف و قد التمعت عينها تزرف الدموع بارتجاف ،بينما ابتلع حازم ريقه الملتهبة و هو يقترب من شفتيها ليحصل علي قبلة رغم عنها إلا أنه شعر بها تتحرك بعنف بين ذراعيه لتفتح عينها وهي تصيح بهسترية
"لاااا ابعد"
لكن اقترب اكثر،كانت تحبس أنفاسها و هي تراه هيئته المُخيفة يقترب منها مرة أخرى غير مهتم برفضها وسحبها إليه بقوه يريد ان يقبلها رغم عنها ومرة أخرى هتفت بصراخ لكن هذه المرة هتفت باسمه باستنجاد " قاااااسم"
و في ثواني اقتحم قاسم الباب واحتدت عينه التي أصبحت حمراء عندما شاهد حازم يمسكها بقوة ويحاول الاعتداء عليها بالغصب وقبل أن يقترب منها تفاجأ بـها قد إستجمعت قوتها وشجاعتها بلحظه ودفعت جسدها للخلف بقوه حتي تحررت من بين يديه ولم تكتفِ بذلك بل رفعت قدمها وضربته بغل أسفل بطنه جعلته يصرخ كـ النساء ويتلوي علي الارضيه بسبب عنف ضربتها؟ لكن قاسم لم يكتفي بذلك تقدم منه وقبض علي تلابيب ملابسه حتي جعله ينهض من مكانه انخلع قلب حازم بسبب هيئة ولم يستطيع التحدث
و قد اشتدت يده علي ذراعيه يضغط عليه بقوة و تشنجت عضلات جسده كاملة و هو يشعر بالحرارة تنبعث من صدره بنيران مستعرة توحي بما داخله من غضب أعمي.
ابتلع حازم ريقه بصعوبة بالغة و يشعر بأن أطرافه أصبحت كالثلج مع ارتجافة تسري بكامل جسده ليصرخ به بعصبية و اصبحت عروق رقبته بارزة و وجهه و رقبته حمراء بشدة " يا ابن الـ** انا كنت حاسس من الاول مجيتك هنا وراءها حاجه ..جمااااال"
دلف جمال و الحراس الي الغرفة بسرعة وعندما وجد جمال حورية تجلس بالارض تبكي بقهر فهم علي الفور ما حدث!
بينما صرخ حازم بقوة شديدة وقد شعر أن ذراعيه انخلع عن جسده راجية اياه أن يرخي قبضته عن ذراعيه لكن ما زاد الا ضغط علي ذراعه بقوة وهو يخرج منه إلا كلمات أثارت الرعب بقلبه حين نطق بفحيح "خذوا الزباله ده على المخزن تحت لحد ما اجي اربيه من اول وجديد عشان شكل عتمان كان مشغول ونسي يعلمك الأصول و الاحترام ..بس ملحوقه انا هاخذ الدور مكانه و اربيك يا وسخـ** "
ذهب جمال بسرعه وابعد قاسم عنه بصعوبة بالغة و امسك حازم بيده و سحب جسده الضعيف من الألم و هو يسير الي الخارج بعد أن أشار للحراس علي حازم و هو يهز رأسه بايجاب بإشارة علمها جيداً الرجال وأخذه منه و خرجوا.
ظل قاسم يقف يتابع خروجه مع رجاله من الغرفة ولون عينه السوداء الكاحلة مثل ظلام حتي وصل لمسامعه صوت بكاء حادة التفت قاسم خلفه يبحث بعينه عنها حتي وجدها تجلس بالارض منكمشة بجسدها و تنظر له تبكي بصمت،استقامت بصعوبة في وقفتها ونظرت له بحزن ولكن قلبها يرقص فرحًا علي أنه سمعها وجاء إليها و مثل كل مره ينقذها.
ابتسم قاسم لها ابتسامة خطفت قلبها ونظرت له باسف وعيناها تطلب السماح من عيناه أنها لم تسمع حديثه من البداية ولم تجلس معاه بمفردها لكنها لم تكن تعرف نوايا وبعدها فرد ذراعيه يشجعها لكي تدخل مكانها وها هي تركض باتجاهه تقتحم أحضانه حتي انه من قوة دفعها اندفع للخلف ولكن تماسك وضمها له بقوة وعلي وجهه ابتسامة هادئة دفن رأسه في عنقها وهي تنغمس في حضنه بقوة تنعم بالدفئ والأمان الذي افتقدته قبل لحظات عندما هجم عليها حازم ابتعد عنها قليلا ولكن ظل ممسكًا وحاوط وجهها قائلا بقلق"انتي كويسه حوريه ردي عليا طمنيني "
نظرات له بدموع تمتمت أعتذار وأسف"انا اسفه "
رفع حاجبه لاعلي و هو يقرب وجهه منها يسند جبهته علي جبهتها و هو يسأل"علي ايه يا حبيبتي لو في حد المفروض يتاسف فهو انا عشان اتاخرت عليكي وسبتك مع الحيوان ده تحسي بالخوف وانتي لوحدك"
لم تنتبه إلى تلك الكلمه" حبيبتي" فهو الآن مشاعره هي من تقوده لكن هي أيضا غارقه في أحزانها ولم تسمع، لكنها ابتلعت غصة مريرة بحلقها و هي تتنهد براحة و اغمضت عينها بامان تريد أن تشعر انها بجواره الآن لتهمس قائلة"انت متاخرتش خالص يا قاسم وعلى طول بتيجي في الوقت المناسب وتلحقني بس انا اللي غلطانه المره دي عشان ما سمعتش كلامك بس ما كنتش اعرف انه هيعمل كده"
ثم شهقت ببكاء حارقه وهي تهتف بين دموعها بقهر"انا اتصدمت انا كنت بعتبره اخويا هما ليه دايما يعملوا فيا كده ليه بيوجعوني بالشكل ده ومش بيفكروا فيا ذي ما بيفكروا في نفسهم وبس، دول المفروض اهلي"
ليحاوط خصرها بيده و هي تستند بكلتا يديها علي صدره ليضع قاسم كف يده علي وجهها برقة و هو يهمس بخفوت " انسيهم كلهم يا حوريه عشان ترتاحي طالما مش بيجيء لك منهم غير الاذى، دول مش اهل ما يستهلكيش.. انتي ملكيش حد غيري انا وبس و اسامه احنا عيلتك الصغيره مش كفايه عليكي دول "
ابتسمت باتساع رغم عنها بين دموعها علي حديثه و هي تنظر إليه تهز رأسها بايجاب و تذكرت فجاه شئ هام حازم وما سوف يفعلة به لتقضم شفتيها السفلية بتوتر"هو انتم هتعملوا في ايه.. قصدي حازم انت قلت لهم ياخذوا تحت هتعمل معاه ايه"
شعرت بكف يده يتجمد علي وجهها عندما تذكر فعلته وابتسم ابتسامه مظلمه قائلا"ما انا قلتلك قدامه هاربهلك شويه عشان بعد كده يتعلم ما يقربش لوحده غصب عنها ..وبعدين بتسالي عليه ليه ايه خايفه عليه بعد اللي عمله فيكي"
لتنظر إليه و هي تقول بتوتر و هي تفرك بيدها "قاسم انا خايفه عليك انت انا مش خايفه علية بلاش تضيع نفسك عشانة خلاص سيبه كفايه اللي عملته في ده ذراعيه شكله اتكسر "
صك علي أسنانه و هو يرفع حاجبه لاعلي مبتعدا عنها واضعاً يده بجيب بنطاله و تقدم منها خطوة في خطوتين وابتسم بشر هادرا"يا حنينه ذراعيه اتكسر هو انا كده اخذت حقي منه عارفه يعني واحد يقرب لـ خطيبه قاسم السيوفي وانتي عاوزاني اكتفي بـ كسر ايده ده انا ناوي اكمل تكسير باقى جسمه وبرده هكون لسه مشفتش غاليلي منه "
هزت راسها بنفي بخوف شديد و هي تهمس بارتجاف و قد تحرك قاسم للخارج وهي تركض خلفه و تقول برجاء " قاسم عشان خاطري بلاش ارجوك لا "
لينظر الي عينها العسلية الناعسة و هو يقول بتحذير صارم"حوريه طلعي نفسك من الموضوع ده خالص فاهمه"
صرخت باسمه عدد مرات بأن يتوقف لكن قاسم لم يهتم إليها و اكمل طريقه الي الأسفل بخطوات سريعة وقفت تنظر إليه بيأس وقلق بينما خرج من غرفته جمال لتذهب إليه وامسكت بيده و هي توقفه لتقول بارتجاف "
انكل جمال الحق قاسم هيموتة "
هز جمال رأسه بعدم مبالاه وقال ببساطة"
ما تكبريش الموضوع قوي كده يا حوريه قال لك هيربيه بس مش اكتر ..وبعدين الطب اتطور دلوقت ما تقلقيش "
اتسعت عينا حورية من عدم اهتمامة لتهمس قائلة بضيق"ايه الجنان اللي انا قاعده فيه ده"
ثم لتتحدث هي سريعاً بتوتر و خوف " يا اونكل جمال لو سمحت الحقوا شكله مش هيسيبه غير وهو علي الاقل مضيعله مستقبله "
ابتسم جمال مقترب منها ليحاوط كتفها بيده
فهو يعرف قاسم جيدا مهما تحدث معه لم يتراجع عنه ما سوف يفعله ليقول بحنو"يا حبيبتي اهدي ما تقلقيش قاسم عارف مصلحته كويس ومش هيضيع نفسه "
هزت راسها بضيق وعدم تصديق لتسمع صوتة الساخر بعصبية شديدة "جرى ايه يا حنين انت كمان ما تبعد عنها هو انا هالاقيها منك ولا من اللي تحت انت التاني "
التفتت حورية بلهفة شديد و كبح جمال ابتسامته وابتعد عنها رافع يده باستسلام ورحل لتسرع حوريه عندما وجدت قاسم أمامها مره ثانيه تشير سريعاً بيدها وهي تريد أن تتحدث لكن هتف بقوه شديدة"قلت لك على جوه ولا كلمه"
صمتت حورية يضيق مكتوم ثم تحرك قاسم بخطوات غاضبه لكنه توقف مكانه ونظر إليها بنبرة حادة دون نقاش" اه واعملي حسابك اخر الاسبوع هيكون فرحنا أنا وأنتي "
انهي حديثه ورحل بينما هي وقفت لحظات تستوعب ما قاله ثم شهقت بقوة وهي تتجه لغرفتها سريعاً وبعدها ارتمت علي الفراش وهناك بسمه حالمة علي ثغرها واسعه تترسم علي ملامحها وعقلها يفكر في جميع أحداث اليوم! هل حقاً غار عليها من حازم بالفعل؟ ام انها تتخيل؟ هل حقا ستصبح زوجته بعد أيام قليلة؟ أم توهمت ما سمعته؟
أغمضت عينها بخفه وهناك بسمه واسعة علي وجهها وهي تنعم بالدفئ والأمان بذلك الشعور الجميل وقلبها بدأ في الخفقان لذلك الذي كان يخترق منذ لحظات من الغيره الحارقه! و تدعوا الله ان يكون ما يحدث معها نقطه بدايه الى سعادتها.
**
غضبه المتأجج الذي يتصاعد الان هو ما يحركه الأن حتي تصاعد لذروته ليفتح الباب بعنف مصدرًا صوت قوي لـ ينتفض جسد حازم برعب عندما جابت عيناه المكان في لحظة خاطفة و وجد قاسم يقف أمامه على بعد مسافه قصيره جدا ابتلع حازم ريقه بصعوبة شديدة وهو يقول بتوتر"انت حابسني هنا ليه وايه الطريقة الهمجية اللي ضربتني بيها دي انا مش هسكت وهطلع من هنا وابلغ عنك "
ابتسم قاسم ساخرا و أنظاره المشعة بالشرر صوب ذلك الحقير الذي تجرأ ولمس حورية وأطلق ضحكه عاليه اثارت الرعب اكثر داخله عندما صاح بغضب " لا و واثق كمان انك هتطلع من هنا حي"
امسك حازم ذراعيه وهو يشعر بألم حاد يعتصرة وقال بخوف حاول اخفاء"ايوه طبعا هخرج و جدو مش هيسكت على اللي انت عملته معايا.. ايه الجنان ده هي سايبه كده تعمل اللي انت عاوزه وما حدش يعاقبك "
تقدم منه يهدر بعنف وهو يقترب منه و يُشير عليه بسبابته " كويس انك عارف اني مش اي حد يعمل حاجه وما يتعاقبش و إنت لسة مشفتش جنان مني.. بس لسه هتشوفه ما تقلقش إنت اللي هتندم في الأخر على اللي عملته في حورية"
نهض الأخر من مكانه ليقف قبالته يلوح بيده صائحًا بغلظة " عشان انا اللي كنت بحب حوريه قبل انت ما تيجي واخذتها مني انا دلوقتي احق بيها "
لتحتد نظراته فجأة يهتف بوعيد كبير وهو يقف أمامه مباشرةً لا يفصل بينهما سوي سنتيمترات ليشعر حازم بصعوبة في إختراق جسده ثم هتف قاسم ببضع كلمات باردة جعلت غضب الأخر يتأجج الضعف وشرارة الإنتقام تلمع بعيناه " اخر مره تجيب اسمها على لسانك النجـ** ده واخر تحذير كمان انك تنطق انك بتحبها عشان اللي زيك ما يعرفش يعني ايه حب, منين بتحبها ومنين رايح تاذيها باكثر طريقه عارف انها هتقتلها "
إنكمشت ملامحه بندم شديد وشعر حازم أنه بالفعل تسرع في رد فعله وخسر حوريه للابد في هذه اللحظه ثم انتبه الى صوت قاسم يقول بنبرة قوية بطيئة نسبيًا يظهر بها حدته وجديته في الأمر وبصره معلق بالأخر بتحدي وشر"بس ملحوقة انا هكسب فيك دلوقت ثواب واعلمك الادب والذوق اللي جدك نسي يعلمهم لك "
توترت ملامحه بإستنكار ورعب شديد وهو يراه احمرار وجهه بعنف وقسوة شديدة ويقترب يُنبأه بتنفيذ كلماته في تلك اللحظة.
**
في منتصف الليل.
في قصر عصام الصريطي خرجت ناريمان بخطوات بسيطة جدا من بوابة القصر الخاص بها ثم وقفت تنظر حولها تراقب شديد و حذر وتحركت تسير مسافه قصيره و وصلت إلى قصر قاسم السيوفي و دخلت من البوابه الخلفي كانت لم تجد احد يقف حينها دخلت و صعدت القصر وهي تنظر حولها بقلق شديد و تبتلع ريقها بصعوبة شديدة وتوتر فـ إذا رآها أحد هنا تعرف جيدا أنها لم تخرج حيا وصلت اخيرا الي غرفه حوريه وفتحت الباب ودلفت إلى الداخل لتري حورية نائمه بعمق و جانبها طفل صغير لتعرف علي الفور أنه طفلها الذي أنجبتة قبل أيام! وقفت ناريمان تطلع فيها بحقد دفين وغضب وهي تتقدم نحوها من الفراش وسحبت الوساده التي أعلي رأسها و وضعتها بسرعه فوق وجهها بقوة تضغط عليها
بغل شديد.
انصدمت حورية مما يحدث وهي تشعر بـ أنفاسها تختنق ثم ِبدأت ناريمان تزيد من ضغط يديها أعلي الوساده حتي شعرت حورية بالهواء ينعدم من حولها فلم تعد تستطع التنفس فاخذت تضربه بقبضتها فوق يدها المحيطه بـ الوساده محاوله جعلها ان تبتعد عنها وافلاتها لكنها لم تتحرك من مكانها وظلت تضغط علي الوساده بقبضتها القوية فلم تشعر بشئ وبدأت تهدر أنفاسها الأخيرة الا مدت يدها جانبها تبحث عن أي شيء لتمسك هاتفها أعلي الكوميدينو و بقوة وعنف ألقته بوجهها
أغمضت عينها ناريمان بتفاجئ و بألم شديد بوجهها مما اضطرت تترك الوساده وهي تتألم بغضب شديد وعندما وجدت حورية تسحب الوساده عن وجهها واعتدلت ،ركضت ناريمان بسرعه وخوف إلي الخارج.
اخذت حوريه تتنفس الصعداء بصعوبة شديدة وهي تنظر حولها برعب وقلق ولم تراه احد بداخل الغرفه اتسعت عيناها بهلع فـ قبل قليل كانت ستموت ثم بسرعه نظرت جانبها وتنهدت براحه عندما رأت طفلها نائم جانبها بسلام ثم حملته ونهضت تصرخ بقوة شديدة وخوف.
أضاءت الانوار بالقصر و بسرعه ركض قاسم إليها يحاوط بيديه وجهها ليجدها تبكي بشدة وهي تحضن طفلها الذي أخذ يبكي هو الآخر علي بكائها، ابتلع قاسم ريقه بارتباك وخوف شديد" في ايه مالك بتصوتي ليه "
في تلك اللحظة جاء خلفه جمال بقلق ليسمع صوتها وهي تصيح بهسترية"الحقني يا قاسم في حد كان عاوز يموتني و دخل الاوضه أنا حسيت بي بيكتم نفسي بالمخده وكنت هموت لولا ضربته بالتليفون سابني وجري "
اتسعت عينا قاسم بذهول وقلق والتفت نحو جمال هاتف بحده"جمال بسرعه اتحرك شوف البهايم اللي واقفين بره دول بيعملوا ايه وازاي يسيبوا حد يدخل القصر ..هما نايمين ولا ايه "
عقد جمال حاجبيه بدهشة و عدم تصديق فمن يستطيع ان يدخل إلي هنا ويحاول قتلها ايضا هز رأسه بالايجاب وتحرك للخارج بينما اقترب قاسم هو بها يفرد يديه الي خصرها بسرعة يلتقطها بين ذراعيه يهديها هي و الصغير قائلا اهدي يا حوريه ما تخافيش ما فيش حد هيجي جنبك وانا هنا "
تنفست حوريه بقوه تحاول أن تتماسك
ثم مسح دموعها برفق وابتسم الي الصغير متمتم بحنو"هششش بس يا حبيبي انت كمان كفايه عياط ما تخافش "
جاء جمال وهو يقول بجدية "ما فيش حد بره يا قاسم والحرس كلهم موجودين على البوابه وصاحيين.. انتي متاكده يا حوريه ممكن بيتهيالك ولا حاجه يا بنتي"
ابتعدت حوريه عن قاسم وهي تقول بسرعه وخوف"ايوه طبعا متاكده وانا بيتهيالي حد بيقتلني ليه؟ صدقني يا قاسم والله العظيم كان في حد عاوز يقتلني انا مش بحلم ولا بيتهيالي صدقني"
نظر قاسم لها بحيره و هو يشدد علي ضمها لها ليتحدث بهمس قائلا "اهدي يا حوريه ..دور تاني يا جمال اكيد مش هيلحق يهرب شوف البوابه اللي وراء "
لينظر إليه و هو يقول بجدية "بعت فعلا حد يشوفها مش مستنيك تقولي.. وانتي يا حوريه اهدي انا مش قصدي انك بتكذبي بس مستغرب مين ده اللي هيجيلة الجراه يدخل القصر وهيعرف ازاي وسط كل الحرس دول "
قبل أن تتحدث حورية تقدم أحد الحراس ينظر إلى الأسفل قائلا بخشونة"جمال بيه ما فيش حد عند الباب الخلفي بس باب المطبخ اللي بيطل علي الجنينه كان مفتوح ..ممكن حد من حضراتكم نسيتوا تقفلوا "
شهقة عالية بفزع خرجت من حورية لترفع يدها تشير إليه بايدي مرتجفة و هي تقول بسرعة "شفتوا بنفسكم عشان تصدقوني باب المطبخ كان مقفول انا نزلت اعمل من حوالي ساعه ونصف احضر الببرونه لي اسامه.. اكيد دخل منة وهو اللي نسى الباب مفتوح وهو خارج يهرب "
بدأ الشك يتسرب داخل قاسم صك علي أسنانه بغضب قائلاً بانفعال"جري ايه يا جمال رجالتك ما بقوش يشوفوا شغلهم كويس ليه؟ أنت ازاي اصلا مش معين حد عند البوابه اللي وراء ولا عند باب المطبخ "
اشار جمال الي الحارس بالانصراف وهو يقول بجدية"اهدى يا قاسم اكيد معين حد منهم يقف عند باب المطبخ بس وقت ما تبقوا صاحيين مفيش حد يتجرا ويوقف يشوف حد من اهل البيت وده كان طلبك ولا نسيت.. انا مش بشغل اي حد والسلام هنا يا قاسم ببقي عرف تاريخه كله "
مسح قاسم وجهه بعنف يتذكر ذلك فهو بالفعل من امر بعدم وقوف الحراس هنا من غيرته أن ينظر نحوها أحد من الحراس تنهد قاسم بعمق وقال بضيق"تمام اتصرف و اعرف مين اللي قلبه جامد كده و دخل القصر وطلع لحد اوضه حوريه و كان عاوز يقتلها بكل بساطة كده "
هز جمال رأسه موافقه و تحرك للخارج بينما تنهد قاسم وهو يقول بنبرة هادئة" خلاص يا حوريه انا هاهتم بالموضوع ما تخافيش و أهدي بقي اسامه عمال يعيط و قلقان زيك "
توقفت حوريه عن البكاء وهي تنظر إلي اسامه وتقبل وجهه ويده بحنان ليقول قاسم بهدوء"
يلا ادخلي نامي ورانا بكره يوم طويل أوي"
اتسعت حدقتها بذعر وهي تقول بقلق بالغ"
لا لا انا مش عاوزه انام خلاص مش هيجيلي نوم اصلا انام ثاني روح انت نام وما تشغلش بالك بيا "
لينظر إليها و هو يهتف بجدية " يعني ده اسمه كلام هيجي لي انا كمان نوم ..ادخلي نامي يا حوريه وما تخافيش يعني هتفضلي صاحيه طول الليل الساعه خلاص داخلة على خمسه الفجر"
صمتت قليلًا ثم لتلتفت اليه برأسها و هي علي وشك البكاء من الخوف قائلة " ما هو انا مش هيجي لي نوم يا قاسم ما هو ممكن اللي عمل كده يرجع ثاني ويعمل المره دي في اسامه حاجه.. ذي ما عمل اولاني ومحدش منكم حس بيه فخليني صاحيه احسن "
ليضمها إليه أكثر و هو يقول بحنو بجوار اذنها " ما ينفعش تخافي وانا جنبك،انا عندي حل ادخل معاكي احرسك وافضل جنبك زي كل مره لحد ما تنامي "
صمتت مرة أخري لتنظر إليه و هي تقول بتوتر ومزالت تحمل اسامه بين ذراعيها الذي هدء وصمت من البكاء وهمست بخجل " مش هينفع المره دي اسامه بيصحى كثير بالليل وبيعوز يرضع وبعدين انت كمان محتاج تستريح وتنام"
هز قاسم رأسه بتفهم قائلاً بضيق شديد"اه صح نسيت موضوع رضاعه اسامه ..طب خلاص ادخلي نامي وانا هفضل قاعد قدام الاوضه بتاعتك هقعد قصاد الباب بالضبط اظن كده ما حدش هيقدر يدخلك يعمل لك حاجه لا انتي ولا اسامه "
رفعت بصرها إليه و هي تسبل عينها ببراءة قائلة " بجد "
ابتسم قاسم بخفوت وهو يقول بهدوء منافي غضبه قبل قليل" طبعا انا كمان مش هبقى مطمئن عليكم غير بالطريقه دي ..يلا ادخلي نامي وارتاحي وما تقلقيش نفسك خالص من حاجة انا مش هتحرك من مكاني غير لما النهار يطلع "
ابتعد قاسم عنها مبتسم بحنان وهو يراها تدلف الي غرفتها وقبل أن تغلق الباب رفعت مقلتيها ونظرت إليه وهو هز رأسه يرسل إليهما نظرات حنونه مطمئنه حاولت حورية رسم ابتسامة علي ملامحها الخائفة واغلقت الباب بينما أطلق هو تنهيدة طويلة واقترب يجلس بالارض يسند رأسه علي باب غرفتهما كـ حارس و حامي الي أسرته الغاليه إليه.
مرت ساعات طويلة و جاء الصباح وكان قاسم مزال يجلس على الأرض يسند رأسه علي باب الغرفة مغمض العينين نائم بعمق وتعب فهو ظل ساهر طول الليل ولم ينام اللي عندما اتي الصباح، خرج جمال من غرفته متحرك الي الأسفل ليجد قاسم نائم أمام غرفه حوريه وبدا يفيق و يفتح عينيه بصعوبة بالغة ليرفع وجهه يراه جمال يقف أمامه مبتسم بسماحة قائلا"
يا عيني على الحلو لما تبهدله الايام ما تجوزتوش لسة وبتنيمك بره من الأول كده.. الحب مبهدله صحيح مش كده "
جز قاسم علي اسنانه بغيظ شديد ليحاول ينهض إليه لكن تألم بشده من ظهره وهتف بحده" جمال اسكت خالص مش عاوز اسمع نفس.. وقرب هات ايدك قومني مش حاسس بظهري "
ابتسم جمال بشده وهو يقترب يساعده على النهوض ليفتح الباب فجاه ويسقط قاسم علي ذراعيه و ظهره بقوه متألم بشده شهقت حوريه بقوة وهي تقترب منه بتوتر" انا اسفه ما اخذتش بالي والله فكرتك قمت من بدري ونمت في اوضتك.. انت كويس"
ابتسم جمال باتساع عليه وهو يراه ينهض بصعوبة بملامح متألمة بشده وابتسم باصطناع قائلا" اه الحمد لله حصل خير مش حاسس بس بكتفي ولا ظهري"
ضيق جمال عينه بخبث و هو ينوي مشاكسته قائلا بأسف مصتنع" ظهرك وكتفك مره واحده! لا لازم ناجل الفرح النهارده يا جماعه مش هتعرف تتجوز من غير كتفك وظهرك يا راجل"
نظر إليه قاسم مضيقاّ عينه بتوعد رافع حاجبه" تعرف توريني قفاك وتمشي من وشي"
كبحت حورية ابتسامتها بصعوبة بالغة من ما يفعله جمال معه بينما هتف مسموع بـمرح و مشاكسة " كده الحق عليا انا عاوز مصلحتك..انا بس خايف عليك تكسفنا أول ليله عايزك ترفع راسنا يا عريس"
احمرت عينيه بغضب دفين بينما ابتعد جمال عنهم و هو يغمز له بطرف عينه باستفزاز ورحل، ضغط قاسم علي يده بغيظ شديد منه لـ يقف معتدلاً و هو ينظر إليها يراها تبتسم بشده عليه لـ يتحدث قائلاً بحده" إيه انتي كمان واقفه كده ليه يلا اتفضلي اجهزي بسرعه"
اتسعت حدقتها بصدمة ثم حمحمت بهدوء وهزت راسها بقله حيله وهبطت الي الأسفل.
**
بداخل القصر كان رأسًا علي عقب و كل من بداخله يقوم بالتنظيف في ركن من أركانه ويزين المكان و يجهز الطعام الطازج رغم كان حفل الزفاف عائلي فقط بناء على رغبه حوريه التي رفضت ان تقيم حفل زفاف مره ثانيه بعد ما حدث لها وقاسم رغم ان لم يتزوج مطلقا وهذه اول زيجة له لكن وافق على رغبتها فهو غير مرحب بشده الى الحفلات المزدحمه،وقف قاسم في الاسفل مرتدي بدله رسميه اناقيه وعندما نظر الى الاعلى نظره خاطفه توقف قلبه هنا و دق بقوة وهو يراه حورية تنزل بخطوات بسيطة بفستان طويل من اللون الابيض ذو أكمام طويلة و رفعت خصلات شعرها الي الاعلي و زينته بمشبك شعر من اللون الفضي و وضعت احمر شفاه خفيف اللون و حذاء ذات كعب عالي من اللون الفضي أيضاً وكانت تحمل طفلها بين ذراعيها مرتدي بدله صغيره بنفس لون بدله قاسم الأسود جعلته جذاب مثله.
تحرك قاسم نحوهما مثل المسحور فقد لمست اوتار قلبه وابتسم بحب و أخذ منها اسامه يحمله و تشبث بكفه الصغير في جاكيته برفق
ابتسم قائلا" شكلك حلو قوي "
احمرت وجنتيها وابتسمت له حورية بلطف" وانت كمان شكلك حلو بالذات بعد ما شيلت اسامه شكلكم حلوين جنب بعض قوي "
ضم الصغير لصدره أكثر واحاطه بكلتا يديه ولاحظ ملامحها الحزينه فجاه ليقول بصوت خشن " مالك في حاجه مضايقاكي"
حاولت حورية الابتسامه رغم عنها وهي
تهمس بصوت موجوع" ابدا بس كنت عايزه حد معايا النهارده من اهلي خصوصا ماما "
التفت قاسم لـ جمال الذي فهم نظراته ليذهب إلى الخارج قليلا ثم اقترب منها قائلا بهدوء"
"وتفتكري دي حاجه تفوت عليا "
عقدت حاجبيها بعدم فهم ثم نظرت إلى الخلف لتجد والدتها تقف تبتسم بسعاده اليها نظرت إليه حوريه بقوة وفرحة قائلة وهي تتجه نحوه" انت بجد احسن حاجه حصلت لي في حياتي "
ثم اقتربت إليه واحتضنها متناسية حضور والدتها و الجميع تستطرد حديثها بسعادة وفرحة" متشكره قوي يا قاسم متشكره جدا جدا علي كل حاجه حلوه بتعملها معايا"
ابتسم لسعادتها وضمها لأحضانه غير عابئ بالجميع مثلها ولكن ما إن استوعبت ما حدث ابتعدت عنه تخفض عيناها في الارض تكاد تموت من الخجل و ركضت نحو والدتها تحتضنها وترحب بها باحراج شديد.
بعد مرور فترة وصل الماذون و جلس قاسم جانبه و جاء جمال حتي يكون شاهد على الزواج هو وشخص اخر وكانت حوريه تجلس على الجانب الآخر و اخذت بدريه حفيدها تجلسة فوق ركبتها وهي تجلس امامهم بابتسامه سعيده و تعالت الأصوات بفرحه سعيده عندما هتف الماذون بجملته الشهيره"
بارك الله عليكم وجمع بينكما في خير "
وفي تلك ذاته اللحظة لجت ناريمان للداخل و وجدت الصمت يخيم المكان عندما دلفت ولاحظ الجميع دخولها ابتسمت هي باتساع واقتربب منهم بدأ بتوتر بعض الموجودين من حورية و بدريه بينما قاسم نهض بثبات وهو يضيق عينه علي ذلك الكدمه الزرقاء التي بوجهها وعندما وقفت ناريمان أمامه تطلع فيها قائلا بجدية" نعم جايه عاوزه ايه؟"
ابتلعب لعابها الجاف ثم همست بصوت يكاد يكون مسموع" مالك بس يا قاسم بتكلمني كده ليه يا أبني انا مش جايه في شر ما تخافش بس صوت ضحككم وفرحكم عاليا جدا عاليا لدرجه مستفزه بس انا رغم كده متضايقتش خالص"
وقفت حوريه خلف قاسم بارتباك وعدم ارتياح إليها بينما اخفضت ناريمان رأسها بحزن وانكسار وهي تهتف بضعف" بس الصوت استفزني اني انزل وافرح معاكم وابارك لـ حوريه مرتين مره على البيبي ومره على الجواز"
لوي جمال شفتيه باستخفاف علي حالتها ولم يصدق حديثها وأقترب منها بحذر يراقب افعالها بشك.
تنهد قاسم بضيق شديد منها فهي بتأكيد جاءت حتى تفسد فرحه حوريه، بينما ضمت بدريه أسامه إلي أحضانها بقلق شديد وهي تنظر إليها.
ثم فجاه ابتسمت ناريمان بسعادة بجنون وقالت بابتسامة وحب" مبروك يا حبيبتي الايام بدات تضحك لك اهي خرجتي براءه وخلفتي طفل جميل و دلوقتي اتجوزتي.. بس انا مش زعلانه ده نصيبي ولازم ارضى بي وانتي كمان لازم ترضي بي وما تكسفنيش وتاخذي هديتي "
خفق قلب حوريه بألم شديد وحزن عليها وقبل أن تتحدث وتخفف عنها اتسعت عيناها علي مصراعيها وهي تراها تحاولت ملامح وجهها مثل الافاعي يتلون جلدها وأخرجت سكينه من حقيبتها تريد تغرزها بقلبها وهي تصيح بقسوة شديدة" هي دي هديتي يا حوريه مــوتـــك "
كان أول ما راها جمال الذي ركض نحوها ليأخذ هو السكينه بدل من حورية صرخت بدريه بصدمه وخوف وشهقت حوريه بحده بذهول و بهلع وكان كل ذلك حدث بسرعه البرق.
بينما تصنم قاسم في مكانه لحظات يحاول أن يستوعب ما يحدث ثم أفاق واقترب منه وقلبه ينبض برعب من هيئته وجمال يتألم و الدماء تنزف منه صائح بذعر شديد "جماااااال"