رواية مقيد باكذيبها الفصل الثالث والعشرون23والرابع والعشرون24 بقلم هدير نور


 رواية مقيد باكذيبها الفصل الثالث والعشرون23والرابع والعشرون24 بقلم هدير نور


كانت صدفة نصف نائمة تحاول ان ترتاح بعد موجة الغثيان التى اصابتها عندما سمعت طرق حاد متتالى على باب الشقة مما جعلها تتحامل على نفسها و تنهض بتثاقل لكى تذهب و تفتحه... 
لكن ما  ان فتحته مت

تراجعت الى الخلف بفزع عندما دلف عابد الراوى الى الداخل كالاعصار و الذى و دون اي مبررات قام بصفعها بقوة صفعة جعلتها تكاد ان تسقط على الارض... 
لكنها تماسكت بضعف بالطاولة التى بجانب الباب حتى تبقى على قدميها هتف عابد و هو يندفع نحوها بوجه اسود عاصف 
=بقي انتى يا روح امك... بتتبلى على بنتى و تلبسيها مصيبتك.... 
ليكمل و هو يقبض على شعرها يجذبها منه بقـوة مما جعلها تصرخ متألمة
=طيب وحياة امك لأدفنك مكانك.... و اعرفك ازاى تتبلى على اسيادك اللى اشرف منك و من اهلك.. 

و لكن ما انهى كلماته تلك الا و شعر بيدين تجذبانه بقسوة من الخلف بعيداً عنها و صوت راجح الغاضب يعصف بانحاء الارجاء بقسوة
= تدفن مين.....يا عم انت.... 
ليكمل بشراسة  عندما وقعت عينيه على وجه صدفة الذي كان يظهر عليه بوضوح علامات حمراء اثر اصابع عابد ليشتعل الغضب بداخله كبركان ثائر 
=انت ضربتها.....مديت ايدك على مراتى...

هتف عابد و عينيه تلتمع بالقسوة 
=ايوة ضربتها....
ليكمل و هو يصراخ بوجه اسود عاصف
=و هقطملك  رقبتها كمان...ليه هى احسن من بنتى اللى ضربتها و مديت ايدك عليها... 

قاطعه راجح بشراسة و ازدراء
=مراتى جزمتها برقبة بنتك الرخيصة الزبالة..... 

زمجر عابد يزجره بنظرات ممتلئة بالكراهية و الشراسة
=قطع لسانك... بقى بتقارن بنت الحسب و النسب باللمامه تربية الشوارع اللى انت متجوزها....طيب عليا النعمة لحسرك عليها... 

انهى جملته مندفعاً  نحو صدفة محاولاً الهجوم عليها مرة اخرى مما جعل راجح يندفع نحوه على الفور و قد جن جنونه فور ان رأي صدفة ترتعد بخوف و هى تحاول  التراجع الي الخلف بعيداً عن عابد و الخوف ظاهر علي وجهها الشاحب...
قبض علي عنق عبائة عابد و غضب عاصف يشتعل بداخله دافعاً اياه بقوة الى الخلف  
=لو ايدك اتمدت عليها....قسماً بالله لأقتلك....

صرخ عابد بشراسة و هو يحاول تجاوزه و دفعه بعيداً
=طيب ورينى هتقتلني ازاى.. 
و دينى لأموتهالك.... 
انهى جملته قابضاً علي ذراع صدفة التي اطلقت صرخة مرتعبة و هي تنفجر باكية فلم يشعر راجح بنفسه الا هو يندفع نحوه  يلكمه بقوة  بوجهه... مما جعله يتراجع الي الخلف متعثراً و يفقد توازنه و يسقط بقوة علي الارض لكنه سرعاً ما انتفض واققاً و هو يصرخ بصدمة بينما يدلك فكه و هو لا يصدق انه قد ضربه
=بتضربنى....بتضرينى يا ابن الكلـ.ـب يا ناكر الجميل ... بتضرب ابوك... علشان واحدة زى دى.... 

قاطعه راجح بقسوة و هو يمسك بصدفة المرتجفة الباكية و ينحيها خلف ظهره بحماية حتى لا يستكع عابد الوصول اليها
=بتكدب على مين يا عابد يا راوى طول عمرى لا اعتبرتتى ابنك... ولا انا اعتبرتك ابويا.... شوفت منك كتير من و انا عيل مكملتش 7 سنين.. كنت بحط الجزمة في بوقى و مبنطقش على بهدلتك و مرمطتك فيا.... 

ليكمل بعنف و هو يقترب منه حتي وقف امامه مباشرة و تعبيرات وحشية مرتسمة على وجهه غارزاً اصبعه في صدره و هو يزمجر بشراسة
=لكن مش هسكت و لا هقف اتفرج عليك و انت باهين و بتمد  ايدك على مراتى....  

زمجر بشراسة و هو يضغط على كلماته بقسوة 
=مراتى خط احمر يا عابد يا راوى..... 

قاطعه عابد بقسوة و غل هو يدفع يده بعيداً عن صدره
=مراتك...!! مراتك مين ياخويا اللى انت محموق  اوى علشانها..... 
ليكمل بشراسة و هو يرمقه بازدراء و حدة
=مراتك اللي خانتك يا نطع مع راجل تانى... و انت طردتها و بعدها رجعت رجعتها تانى بعد ما ركبتلك الاريال فوق راسك..... و جاى بقى تلبس مصيبتها في بنتى انا.. علشان تدارى على نجاستـ.ها..... 

قاطعه راجح بشراسة غافلاً عن تلك التى شحب وجهها فور سماعها كلمات عابد تلك شاعرة بالدوار يجتاحها لتنهار جالسة على الارض و هى تتنفس بصعوبة و قد بدأت تدرك لما طردها راجح.. لما قام بضربها و نعتها بتلك الشتائم البشعة
=قطع لسانك... و لسان اللى يقول عليها كده مراتى اشرف من الشرف... اشرف من بنتك الصايعة بتاعت.... 

لكنه قطع باقى جملته عندما وصل الى مسمعه صوت انتحاب صدفة  الممزق الصادر من خلفه ليدرك انها قد سمعت حديثهم و فهمت ما فعله.. 
استدار نحوها ليجدها جالسة على الارض بوجه شاحب يحاكى شحوب الاموات تبمى بحرقة اسرع نحوها جالساً على عقبيه امامها يحيط وجهها بيديه هامساً اسمها بصوت مرتجف لكنها دفعت يده بعيداً رافضة لمسته حاول لمسها مرة اخرى و هو يشعر باليأس و الالم لكنه انتفض واقفاً عندما سمع عابد يغمغم بسخرية لاذعة من خلفه 
=ايوة ايوة.. يا خويا داددى فيها اوي... ما هى راكبة و مدلدلة.... ياخى اتفو علي ده صنف رجالة

صرخ به راجح بينما يندفع نحوه يدفعه بقسوة نحو الباب و قد بدأ يفقد السيطرة علي اعصابه
=اطلع برا... برا و كفاية بقي لحد كده متخلنيش اتجنن عليك

ليكمل و هو في ثورة غضبه 
=و اعمل حسابك لحد كدة و خلصت .. انا معتش شغال معاك... 

هتف عابد بتوجس و قد اختفى اللون من وجهه 
=تقصد ايه...؟! 

اجابه راجح بحدة و هو يتطلع بعينه بقسوة
=يعنى الحمار اللي كان شايل الشغل على دماغه هيسيبك... و اعمل حسابك برضو هاخد حقى على داير المليم... نص كل حاجة.... 

اطلق عابد ضحكة قصيرة ساخرة و هو يلوي فمه بتهكم
=نص ايه يا خويا.. سمعنى تانى كدة... 

اجابه راجح بشراسة هاتفاً بصوت حاد لاذع 
=نص الوكالة و الـ9 محلات... ايــــه حقـى 

قاطعه عابد مغمغاً بسخرية لاذعة 
=حقك..!!  و حقك ده بقى بتاع ايه....فاكرنى يمكن اكون ناسى... 

زمجر راجح و هو يضرب بقسوة علي صدره و هو يكمل 
=حق تعبى و شقايا يا عابد يا راوى... حق ما انا طفحت الدم و اتهد حيلى و انا بكبر محلك الصغير  بتاع الاجهزة المخروبة و المستعملة لأكبر وكالة للأجهزة الكهربائية المستوردة و ده اللى اتفاقنا عليه من اول يوم اشتغلت فيه معاك... 

قاطعه عابد و هو يبتسم ببرود
=طيب و معاك ورقة بقى تثبت كلامك ده...

اندفع راجح نحوه يتطلع اليه بقسوة و شراسة مرعبة 
=يعنى ايه هتاكل هتعبى و شقايا... 

اقترب منه عابد هامساً بالقرب من اذنه بصوت هسيس منخفض حتى لا يصل الي مسمع تلك التى كانت لازالت جالسة على الارض تتطلع امامها باعين متسعة ينساب منها الدموع بصمت وهى تبدو كما لو كانت بعالمها الخاص
=لا اعتبره.. مقابل انى قبلت اربى عيل ابن حرام زيك و خدتك في حضنى و ربيتك... و اديتك اسمى.. بدل ما كنت تترمى في الشارع زى كلاب السكك لقيط.... لا لك اب و لا ام

فق
راجح السيطرة على اعصابه فور سماعه كلماته تلك ضارباً  راحتيه في صدر عابد بقسوة دافعاً اياه نحو باب الشقة الذي كان منفتح علي مصراعيه مزمجراً تحركه فورة الغضب المشتعل بصدره و السعير الذي يكوي اعماقه 
=طيب اتكل على الله و غور من وشى بدل ما اتغبى عليك و اعرفك انا ابن حرام ازاي...

تراجع عابد بخوف من لهيب الغضب المحترق بعينيه مندفعاً خارجاً بينما وقف راجح  يغمض عينيه بقوة معتصراً قبضتيه و قد تسارعت انفاسه و احتدت بشدة وهو يحاول التحكم في غضبه حتى لا يلحق به و يفعل ما قد يندم عليه...
لكنه فتح عينيه شاعراً بالبرودة تجتاحه فور تذكره لصدفة و ما سمعته... 
التف عائداً اليها جالساً علي عقبيه امامها لكنها لم تنظر اليه حيث كانت عينيها لا تزال مسلطة على الارض تبكى بصمت ليشعر بقبضة حادة تعتصر قلبه فور ان رأى اثر الدموع على وجنتيها الشاحبتين 
احاط ذراعيها بيديه قائلاً بصوت معذب
=صدفة... و الله كان غصب عنى... انا عارف انى غلطت لما شكيت فيكى بس... 

نفضت يده بعيداً  عنها رافضة لمسته و هي تصرخ بهستيرية
=متلمسنيش.... 
لتكمل منتحبة و هي تضربه فى صدره براحتى يديها 
=ازاى قدرت تصدق..انى ممكن اخونك.... 

اخفض راجح رأسه شاعراً بالخجل و الندم لا يعلم بما يجيبها فهو نفسه لا يعلم كيف لم يثق بها 

ارتجفت شفتيها في قهر و هى تهمس بصوت ممتلئ بالألم و الحسرة
=عملت ايه يا راجح علشان تشك فيا.... 

تحولت دموعها الى شهقات بكاء عالية ممزقة و هى تكمل بصوت منخفض ملئ بالحسرة
=شوفت منى ايه وحش علشان تصدق عليا كده......
لتكمل وهي تضرب بيدها فوق صدرها 
=ده انا كنت لحد وقت قريب كنت بتكسف منك.... بتكسف منك و انت حلالى ازاي تصدق ان اقدر اخونك مع راجل تانى... او اخلى راجل تانى غيرك يلمسنى..... 

ظل راجح مخفض الرأس و هو لا يجروء علي رفع رأسه و مواجهتها بينما الالم يمزق قلبه
همست بصوت مختنق وهي تحدث نفسها 
=ضربتنى... و طردتنى في نص الليل و لقيت نفسي لوحدى في الشارع.... خلتنى لأول مرة في حياتى احس يعني ايه اكون يتيمة..ماليش حد....و لا مكان اروحه و لا ايد تطبطب عليا...ملقتش قدامى غير بيت اشجان و ابنها...... 

لتكمل صارخة بهستيرية ضاربة اياه بصدره براحتى يديها و الالم الذى شعرت به بهذا اليوم يعاودها
=انطق قولى عملت ايه.. عملت ايه علشان تضربنى.... عملت ايه علشان ترميني بايدك لأشجان و ابنها.. 

تشدد جسد راجح بعصبية فور سماعه كلماتها الاخيرة تلك 
=عملوا فيكى حاجة...؟! 

التوت شفتيها بابتسامة ساخرة يظهر بها مدي ألمها
=يهمك اوي... لو افرق معاك مكنتش رمتنى....مكنتش صدقت عنى حاجة بالوساخة دى.... 

قاطعها بحدة و هو يشعر بانه على  الحافة من فقد اعصابه 
=عملوا ايه يا صدفة......؟؟ 

اخذت تتطلع اليه و الدموع تنساب من عينيها بصمت قبل ان تهمس بصوت مرتجف و الالم و الخوف الذي شعرت بهم وقت ان هاجمها اشرف يعاودانها من جديد
=اشجان سلمتنى لأبنها علشان ياخد منى اللى هو عايزه... 
لتكمل بمرارة و انتحابها يزداد بشدة مما جعل جسدها يرتجف بقوة
=وقالتلى بكرة تتعودى و اهو يبقى اسمك بتدفعى حق لقمتك.... لقمتى اللي كانت نص رغيف ناشف مليان بالعفن وحبة ملح... ده كان تمن شرفى عند اشجان و ابنها....... 

جن جنون راجح و قد غلت الدماء بعروقه فور سماعه كلماتها تلك زمجر بقسوة بينما يضغط على فكيه بقوة و قد اصبحت الرؤية امامه ضبابية من شدة الغضب 
=لمسك..؟ 

هزت رأسها بصمت هامسة بصوت مختنق 
=لا.. ضربته على راسه بحته حديدة و هربت من الشقة... 
لتكمل بصوت مختنق  و قد تحولت دموعها الى شهقات بكاء عالية ممزقة.... 
=هربت.. و لقيت نفسى لوحدى في الشارع في نص الليل...و ماليش مكان اروحه.... 

صمتت للحظة قبل ان تتابع  بكلمات متقطعة من بين نشيج بكائها
=و فى.. الاخر ملقتش.. قدامى... غير... حتة تحت شجرة فى الشارع نمت تحتها... نمت و انا مرعوبة من كل صوت يقرب من المكان اللى انا نايمة فيه..... خايفة لا اللى معرفش اشرف يعمله فيا... يعمله غيره من السكرانين و المدمنين اللى الشارع مليان بيهم.... 
انهت جملتها دافنة وجهها بين يديها بينما حلقها ينقبض وهى تحاول كتم شهقات بكائها لكنها فلتت منها منكسرة.. 
شعر راجح بقبضة تعتصر قلبه و بألم يكاد يحطم روحه الي شظايا و هو يستمع الي ما عانته بسببه و سبب غبائه و غيرته العمياء تجمعت دموع  كثيفة في عينيه لكنه قاومها بشدة 
اقترب منها ببطئ ممسكاً بمؤخرة عنقها ليدفن وجهها بعنقه مما جعلها تنفجر باكية مخرجة نشيج صغير متألم كان كالسكين الذى انغرز بقلبه... 
همس بصوت متألم مختنق و هو يعقد يديه من حولها يضمها اليه بقوة
=سامحينى يا صدفة... حقك عليا.. 
انحنى عليها موزعاً قبلات خفيفة على وجنتيها و عينيها... و هو يقسم بداخله انه سيجعلهم يدفعون ثمن كل ما فعلوه بها و بانه سيعوضها عن كل هذا فهى زوجته و حبيبته الهواء الذى يتنفسه و بدونها يختنق فهي الحياة بالنسبة له.
رفع يدها طابعاً قبلة عميقة براحتها قبل ان يهمس بالقرب من اذنها بصوت مرتجف ملئ بالندم و الحسرة
=حقك عليا يا حبيبتى...حقك عليا... 

انتفضت مبتعدة عنه ما ان تمالكت نفسها دافعة اياه بعيداً و هى تصرخ بصوت ممزق 
=اسامحك... ازاى... اسامحك ازاى بعد ما عملت كل ده فيا... انت اثبت ان مفيش ما بنا ثقة... و انى رخيصة في نظرك... بتصدق عنى اي حاجة... و زى ما صدقت المرة دى هتصدق اى كلمة اى حد هيقولها عليا

قاطعها سريعاً بانفس ممزقة و هو يشعر بكلماتها كالخنجر بصدره 
=انتى اغلى و اهم حاجة في حياتى يا صدفة.... و الله العظيم كان غصب عنى.... ظبطوها صح... و انا بغبائي صدقت غيرتى و جنونى بيكى هما السبب.... 

نهضت بتثاقل علي قدميها متجهة نحو الباب و هى تحاول عدم التأثر بكلماته تلك.. فكيف يمكنها ان تكمل معه حياتها بعد ما فعله... 
نهض راجح هو الاخر مسرعاً يلحق بها ممسكاً بذراعها قائلاً بلهفة 
=طيب راحة فين.... 

نزعت ذراعها من بين يده هاتفة بحدة وهى تمسج وجهها من الدموع العالقة بها
=همشى... انا معتش ليا مكان هنا... 

تنفس راجح بعمق محاولاً تهدئت اعصابه التى كانت على حافة الانهيار فهو لن يستطع تحمل رؤيتها تبتعد عنه مرة اخرى
=طيب اهدى يا صدفة... اهدى يا حبيبتى.. 
ليكمل و هو يحيط و جهها بيديه هامساً بصوت ممزق مختنق  يملئه اليأس
=قوليلي اعمل ايه علشان تسامحنى... وانا و الله مستعد اهد الدنيا و ابنيها علشانك... 

انتفضت مبتعدة عنه مزيحة يده التى كانت تحيط وجهها بحده تمتم بقسوة بينما صدرها يعلو و ينخفض بينما تكافح لألتقاط انفاسها محاولة عدم التأثر  بحالته تلك
=تطلقنى..... 

اهتز جسده بعنف كما لو صاعقة قد ضربته و ارتسم معالم الارتعاب على وجهه فور سماعه كلماتها تلك
اجبر شفتيه علي التحرك هامساً بصعوبة و ثقل
=اطلقك...؟!  عايزة تسيبنى يا صدفة

ارتبكت فور رؤيتها للألم الذى ارتسم داخل عينيه همت بالنفى حتى تزيح هذة النظرة من عينيه لكنها توقفت متجمدة مذكرة نفسها بقسوة بما مرت به بسببه.. و عدم ثقته بها.. و اهانته لها
همس راجح من بين اسنانه المضغوطتين و قد بدأت البرودة تتسلل الى جسده عندما ظلت صامتة امسك بيدها يجذبها اليه بلطف 
=طيب اهدى...  انتى دلوقتي اعصابك تعبانة و لما تهدى كل حاجة هتتحل...... 

قاطعته و هى تتراجع مبتعدة عنه هاتفة بحدة
=ايه اللى هيتغير..هينغير حاجة من اللى حصلى لا..... احنا معتش ينفع نكمل مع بعض.. 

لتكمل هامسة بألم و قد بدأت عينيها تصبح ضبابية ممتلئة بالدموع
=انا معملتش حاجة غير انى حبيتك و صونتك و صونت بيتك و صونت شرفك... مشوفتش حاجة وحشة منى علشان تظن بيا الظن الوحش ده..... مكنتش استاهل منك ابداً اللى عملته فيا.... 

اخفض رأسه و الشعور بالندم يتأكله من الداخل بينما ضعف غريب يستولي عليه عندما وقفت تنظر اليه وعينيها تنبثق منها خيبة الامل و الجرح.... 
=عندك حق يا صدفة...انا مستهلكيش...... 
صمت قليلاً قبل ان يغمغم و هو ينظر اليها بتضرع 
=بس انا برضو مش هقدر اسيبك تمشى..... 
ليكمل بتصميم و صرامة قاطعة
=مش هتمشى يا صدفة... على جثتى لو سيبتك تمشى

فقدت اعصابها فور ان سمعت كلماته تلك ضربته فى صدره و هى تصرخ بشراسة وهى في حالة من الهستيرية
=لا همشى... همشى و مش هعقد معاك و لا دقيقة واحدة..... 

اسرع بتقييد  يديها التي كانت تضربه بها و هو يشعر بالخوف يتسلل بداخله عندما رأى وجهها يشحب و انفاسها تتثاقل متذكراً مرضها.. 
احاطها بين ذراعيه لكنها اخذت تقاومه مما جعله يشدد من ذراعيه حولها هامساً باذنها محاولاً تهدئتها
=طيب خلاص... خلاص اهدى هعملك اللى انتى عايزاه بس اهدى......اهدى يا حبيبتى 

هدأت صدفة و استكان جسدها فور سماعها كلماته تلك اخذ راجح يمرر يده على ظهرها و هو يكمل
=عايزة تعقدى لوحدك حاضر بس انا اللى همشى... مش انتى... 

هزت رأسها برفض و عندما همت بفتح فمها اسرع بالقول
=ده بيتك و لو حد هيمشى يبقى انا.... 
ليكمل و هو يحيط وجهها بيديه طابعاً على جبينها قبلة حنونة بينما الالم يمزق قلبه بقسوة ...
=ارتاحى... و انا شوية وهكلم امى تطلع تحضرلك الاكل و تديكى الدوا.. و لو تقدر تبات معاكى تبات....علشان متبقيش لوحدك

ظلت صدفة تتطلع اليه بصمت غير قادرة على النطق بحرف واحد شاعرة بكامل طاقتها تنفذ منها... 
طبع راجح قبلة اخرى على جبينها و قد تطلب منه الامر كل ما لديه من قوة ارادة لكى يستدير و يغادر الشقة بهدوء و يتركها بمفردها كما تشاء... 
بينما وقفت هى تراقب مغادرته تلك بجسد مرتجف قبل ان تنفجر باكية و الالم يمزق قلبها... 

  ༺༺༺༺༻༻༻༻

في ذات الوقت... 

دلفت نعمات الى المنزل لتجد عابد جالساً على الاريكة ببهو الشقة اقتربت منه قائلة و هى تضع مفاتيحها بالحقيبة التى بيدها
=ايه ده خير... مش قولت هتبات النهاردة برا علشان مستنى بضاعة ..... 
لكنها ابتلعت باقى جملتها لاطمة فوق صدرها بفزع فور ان رفعت رأسها و رأت جبينه المكدوم بشدة
=نهار اسود... ايه اللى شلفط وشك كده... اتخنفت مع مين؟! 

اجابها عابد بحدة و هو يفرك جبينه المكدوم برفق
=المحروس ابنك... 

هتفت نعمات قائلة  بغضب و هي تقترب منه
=مين مروان... ليه هو اتجنن يمد ايده ازاى عليك........... 

قاطعها مزمجراً بقسوة
=مروان مين يا وليه انتى.. اللي هيضرينى... انا بتكلم عن الفرخة بكشك بتاعتك اللى مفضلاه علي الكل حتى  على عيالك اللي من صلبك... 

اتسعت عينين نعمات هاتفة بصدمة و هى لا تستطع تصديق ان راجح يمكنه فعل ذلك
=راجح...؟!!! 
لتكمل سريعاً و هي تهز رأسها بقوة
=لا طبعاً استحالة راجح يعمل حاجة زي دى....... 

هتف عابد بغيظ و هو ينتفض واقفاً
=خلاص... خلاص ياختي يبقي انا كداب و ابن كلـ.ـب و بتبلى عليه.... 

دفعته نعمات في صدره معيده اجلاسه و هي تهتف 
=مقولتش كده... يا عابد بس مستغربة ازاى راجح يعمل كده.... طيب و ليه اصلاً

زفر و هو يرسم الحزن على وجهه حتي يكسب عطفها
=انا نفسى مصدوم ازاى يعمل فيا كده.... ده ابنى اللي مخلفتوش... 

ليكمل بألم و اسف
=كل اللي حصل انى رجعت البيت  علشان اكلى لقمة قبل ما ارجع الشغل... لقيته ماسك فى هاجر و نازل فيها ضرب.... 

صرخت نعمات بفزع و قد شحب وجهها 
=هاجر...؟!!!!  ضرب هاجر..  ليه؟! 

غمغم قائلاً  بمكر
=شوفتى انتى اتصدمتى ازاى... تخيلى بقي اللي انا حسيت به وانا شايفه بيضربها... 
ليكمل بغضب و شراسة 
=لا و مش مكفيه ضربها لا... ده بيتيلى عليها قال ايه بنتى انا العيلة اللي مكملتش 18 سنة بتحب توفيق الحلاونى اللي متحوز ومخلف..... و متفقة معاه كمان.... 

همست نعمات التى بدأت تشعر بالدوار و المرض
=متفقة معاه ازاي....مش فاهمة

اجابها عابد وهو يلوح بيده بغضب
=قال ايه بنتك اتفقت معاه على انهم يشككوه في مراته و بعتوله صور لها كأنها هى اللى  بعتاها لراجل غريب... 

ليكمل بقسوة و شراسة
=ابن الكلـ.ـب بيلبس بنتى مصيبة مراته علشان يبررلها وسختها... 

انهارت نعمات جالسة بوجه شاحب و هي لا تصدق ما يحدث
ليكمل عابد بمكر و هو يتابع ردة فعلها علي كلامه
=جيت الومه و اعاتبه على اللي عمله في اخته مد ايده عليا  انا كمان و نزل فيا ضرب.... 
هزت نعمات رأسها و هي تضرب يدها بساقها 
=اخص عليك يا راجح... اخص عليك..... 

غمغم عابد بحدة
=علشان كدة... طردته من الشغل و دينى ما هخليه يطول جنية واحد طول ما انا عايش.... 
ليكمل بارتباك عندما وجد نعمات تنظر اليه باعين متسعة مليئة بالصدمة
=و انتى قومى... قومى شوفى البت وشها وجسمها متبهدلين لو كده نخدها على دكتور يشوفها

نهضت نعمات على الفور عند سماعها كلماته تلك و القلق و الخوف ينتاباها مسرعة نحو غرفة هاجر لكى تطمئن عليها... 

بينما تابعها عابد بنظراته و ابتسامة ماكرة تملئ وجهه سعيد بنجاح خطته حيث بعد خروجه من شقة راجح قام بضرب رأسه بالحائط عمداً حتى يتسبب بالكدمات لنفسه و يقنع نعمات بما فعله حتى يجعلها تنقلب عليه وتصبح بصفه و هذا ما نجح به بالفعل... 

༺༺༺༺༻༻༻༻

بعد مرور نصف ساعة... 

كان راجح يجلس بالشارع على الرصيف  امام المنزل رافضاً البقاء بسيارته التى قد توفر له بعض الدفئ في هذة الليلة قارصة البرودة لكنه فضل البقاء هنا كما لو كان يعاقب نفسه على ما حدث لصدفة....او ربما لكى يشعر ببعض ما مرت به في تلك الليلة التى قضتها بالشارع... 
شعر بقبضة حادة تعتصر قلبه فور تخيله لها و هى في مثل حالته تلك وحيدة بشارع مظلم لكنه على الاقل رجل يقدر على حماية نفسه من أى خطر قد يتعرض له.. 
لكن هى من كان سيحميها اذا هاجمها احدى الكلاب المفترسة التى تملئ الشوارع.... او انتبه اليها احدى السكيرة و مدمنى المخدرات و حاول الاعتداء عليها.... 
ابتلع الغصة التى تشكلت بحلقه فور تخيله رعبها و خوفها بهذا الموقف.. اقسم بداخله بانه سيجعل كل من تسبب في هذا يدفع الثمن خاصة اشجان و ابنها الحقير... 
اخرج هاتفه على الفور متصلاً باحدى الارقام ليسرع بالقول فور ان اجابه الطرف الاخر... 
=ايوة يا مسلم... انت لسه شغال الواد اشرف ابن اشجان

اجابه مسلم بارتباك و خوف
=لا والله العظيم يا راجح باشا توبت و بعدت عن السكة الشمال دى... و البركة فيك بعد ما جبتلى شغل اعرف اصرف به على امى و اخواتى.... و لو مش مصدقنى انا ممكن...... 

قاطعه راجح سريعاً
=مصدقك يا مسلم.... بس انا طالبك في خدمة.... 

اسرع مسلم قائلاً بلهفة
=خدامك يا باشا اؤمر.... 

اجابه راجح بهدوء يعاكس الغضب المشتعل بصدره
=عايزك تقرب من الواد ده تانى و تعرفلى بيبجيب البلاوى دى منين و في اقرب وقت يستلم فيها المخدرات دى اعرفلى بيخبيها فين  و بعدها اخلع منه.... 

اجابه مسلم على الفور
=حاضر يا باشا.... اللى تؤمر به 

غمغم راجح بهدوء
=و متقلقش يا مسلم... نفذ اللى قولتلك عليه و فى الاخر هشوفك.. 

قاطعه مسلم قائلاً بعتاب
=ده كلام برضو يا راجح باشا... ده انت خيرك مغرقنى..لولاك كان زمانى مسجون ولا مقتول بسبب السكة الزفت اللى كنت ماشي فيها 
ليكمل باصرار 
=باذن الله... هجيبلك اللى انت عايزه خلال يومين هو اصلاً كان بيزن عليا بقاله فترة عايزنى ارجع للشغل معاه... 

همهم راجح قائلاً بهدوء
=ماشى يا مسلم مستنى منك الخبر... قريب... 

انهى معه و اغلق الهاتف قبل ان يرفع عينيه يتفحص نافذة غرفة والدته ليجدها مضاءة امسك الهاتف و اتصل بوالدته حتى تذهب للاطمئنان على صدفة 
اجابت والدته بعد عدة اتصالات 
=خير عايز ايه... 

تعجب راجح من نبرة والدته الجافة معه لكنه غمغم قائلاً 
=معلش ياما... هتعبك ممكن تطلعى تطمنى على صدفة و تشوفيها كـ.... 

قاطعته والدته بحدة و جفاف
=لا يا حبيبى مبطلعش اشوف حد.... 
لتكمل بغضب وقسوة
=بعدين انت ليك عين تطلب منى حاجة بعد اللي عملته في ابوك و اختك .. يا اخى اخص عليك و على تربيتك...

غمغم راجح قائلاً بنفاذ صبر
=ياما انتى مش فاهمة حاجة... 

قاطعته نعمات بقسوة
=مش فاهمة ايه....  بقى تمد ايدك على الراجل اللى رباك... بقى ده جزاته بعد ما رباك وعملك راجل تمد ايدك عليه....النهاردة ضربت ابوك و اختك بكرة تضربنى و تدينى بالجزمة ما انت خلاص فجرت... 
صمتت للحظة قبل ان تتابع بنبرة صارمة يملئها الغضب
=من النهاردة اعتبر نفسك مالكش لا ام و لا اب... و شوف حالك بعيد عننا...و كتر خيرنا اوى لحد كدة.... 

ثم اغلقت الهاتف بوجه دون ان تترك له مجال للرد 
اخذ راجح نفساً طويلاً مرتجفاً بينما عينيه مسلطة على الهاتف الذى لايزال بيده لا يصدق ان والدته من تحدثت معه بتلك الطريقة القاسية... 
امتلئ قلبه بالألم شاعراً لأول مرة في حياته معنى انه يكون يتيم فوالدته دائماً كانت تغرقه بحنانها و لين قلبها و الان تركته رافضة وجوده بحياتها اصبحت عينيه ضبابيبتين  ممتلئتين بالدموع همس بصوت متحشرج ملئ بالألم
=حتة انتى ياما... حتى انتى




الفصل الرابع والعشرون 
اخذ راجح نفساً طويلاً مرتجفاً بينما عينيه مسلطة على الهاتف الذى لايزال بيده لا يصدق ان والدته من تحدثت معه بتلك الطريقة القاسية... 
امتلئ قلبه بالألم شاعراً لأول مرة في حياته معنى انه يكون يتيم فوالدته دائماً كانت تغرقه بحنانها و لين قلبها و الان تركته رافضة وجوده بحياتها اصبحت عينيه ضبابيبتين  ممتلئتين بالدموع همس بصوت متحشرج ملئ بالألم
=حتة انتى ياما... حتى انتى
لكنه حاول مكافحة الدموع و نهض بتثاقل حتى يصعد و يطمئن علي صدفة بنفسه.... 

       ༺༺༺༻༻༻

دلف راجح الشقة بهدوء ليجد الردهة فارغة و الهدوء يعم المكان مما جعل القلق ينبض بداخله... 
اتجه  نحو غرفة النوم على الفور و هو يشعر بقلبه يعصف بداخله  ليجد باب الغرفة مفتوح على مصراعيه دلف الى الداخل بهدوء و عينيه مسلطة بقلق علي تلك المستلقية فوق الفراش مغلقة العينين  جلس على عقبيه على الارض بجانب الفراش.. 
ليشعر بقبضة حادة تعتصر قلبه فور ان رأى اثر الدموع على وجنتيها الشاحبتين... 
مرر يده برفق فوق خدها يزيل تلك الدموع... 
منحنياً عليها موزعاً قبلات خفيفة على وجنتيها و عينيها... و هو يقسم بداخله انه سيعوضها عن كل هذا..و سيجعلها تسامحه على حماقته.. 
رفع يدها طابعاً قبلة عميقة براحتها قبل ان يهمس بالقرب من اذنها باسمها بلطف محاولاً ايقاظها و هو يزيح شعرها المتناثر على وجهها الى خلف اذنها.. 

فتحت عينيها ببطئ ليرى الألم المرتسم داخلها مما جعله يرغب بسحق توفيقو هاجر على ما تسببوا به..و تخريب لحياتهم  

اخذت تتطلع اليه عدة لحظات بتشوش قبل ان تنتفض جالسة مبعدة يده بحده و هى تهتف برعب حقيقي
=متلمسنيش.... 

انتفض راجح واقفاً مغمغماّ بصوت مثقل محاولاً تهدئتها
=اهدى يا صدفة... اهدى... 

قاطعته بحدة مقاطعة اياه و هى تنتفض واقفة على قدميها
=مش ههدى...
لتكمل صارخة بغضب عندما رأت يقترب منها 
=و ابعد عنى...... 

توقف راجح مكانه و هو يشعر بالعجز واليأس فهو لم يكن يرغب سوا  باحتضانها حتي يخفف شعوره باليتم و  يهدئ من الالم الذى اصبح لا يطاق بصدره. 

همس بصوت يملئه الحزن و اليأس ليكمل و هو ينظر اليها بتضرع 
=انا عارف انى غلطان.. بس انا و الله بحبك...و حبى ده اللى ودانى في داهية...انا عمرى ما حبيت حد قدك انتى كل حاجة في حياتى.... 

هزت صدفة رأسها رافضة الاستماع اليه ليكمل بيأس
= سامحينى... انا مش هقدر اعيش من غيرك...انا ممكن اموت لو سبتينى.... 

تراجعت مبتعدة عنه هاتفة بحدة و هى تحاول بصعوبة الا تتأثر بكلماته تلك
=لا تقدر تعيش زي ما قدرت تعيش قبل كده بعد ما ضربتنى و طردتنى برا حياتك...
لتكمل و عينيها تلتمع بالقسوة لأول مره يراها بها
=و مش هسامحك يا راجح... عارف ليه

اتجهت نحوه و هى تكمل بصوت مرتجف وقد احتقنت عينيها بدموع حارقة امسكت يده تضغطها علي بطنها المتتفخة بعض الشئ
=علشان خاطر دول... دول اللي لو كنت عرفت انى حامل فيهم قبل ما تكتشف ان انا مش الست الوسخـ.ـة الخاينة كنت شككت في نسبهم... وقولت انهم مش ولادك.... 

تسارعت انفاسه و احتدت بشدة شاعراً بالارض تميد اسفل قدميه و قد فرت من جسده الدماء فور سماعه كلماتها تلك استقرت عينيه المتسعة بالصدمة الى يده التى لازالت فوق بطنها اجبر شفتيه على التحرك هامساً بصوت مختنق مرتجف
=انتى حامل.......؟!! 

اومأت برأسها بصمت لتغمره فرحة عارمة جعلت شفتيه تتسع بابتسامة مشرقة و هو لا يصدق بانه سيصبح لديه طفل اخيراً من صدفة... لكن ذبلت ابتسامته تلك و اختفت فور تذكره ما فعله بها اصبحت قدميه كالهلام غير قادرتان على حمله رفع يده عن بطنها يتطلع الى يده تلك و عينيه لازالت ممتلئة بالصدمة و الم يكاد يحطم روحه الي شظايا همس بصوت منخفض مرتجف وقد اخذت ضربات قلبه تزداد بعنف
=يعنى انتى ... كنت حامل لما انا كنت بضربك... 

هزت رأسها هاتفة بصوت مرتجف مختنق بينما تقاوم حتى لا تنهار امامه..
=اها كنت حامل... 
و رغم الالم و الحزن اللذان يعصفان بداخلها الا انها تصنعت القسوة قائلة بحدة
=عرفت ليه بقى مش هرجعلك....لأن عمرى ما هسامحك على شكك فيا.... 

امسكت بيده بين يديها المرتجفة هامسة وهى تضغط على يده بقوة
=و لأنى كل ما هشوف الايد دى مش هفتكر الا و هى بتضربنى...

انهت جملتها و تركت يده غافلة عن العذاب المرتسم على وجهه و استدارت عائدة الى الفراش تكمل بصوت مهزوم وهى تدير ظهرها له
=انا بكرة الصبح هشوف مكان اروحـه اي مكان ان شالله يكـ...... 
لكنها ابتلعت باقي جملتها صارخة بفزع منتفضة في مكانها عندما سمعت صوت مدوى لتحطم شيئاً ما استدارت نحوه ليهتز جسدها بعنف بصدمة عندما رأته يضرب يده بالمرأة الكبيرة التى كانت تشكل نصف الجدار بالغرفة...
ضرب يده بها مرة اخرى و هو يصرخ وقد كان اشبه بالمجنون المغيب الذي يعميه غضبه
=دى ايدى اللي مدتها عليكى.. يا صدفة... اهها يا صدفة
كان يصرخ بكلماته تلك و هو يضرب يده بعنف وقوة بزجاج المرآة و هو فى حالة اشبه من اللاوعى كما لو كان قد فقد عقله... 

اندفعت نحوه على الفور تمسك بذراعه  تجذبه بقوة محاولة منعه من ضربها بالزجاج المهشم وقد صعقها مظهر الدماء المنساب منها لكنه قاومها و نزع يده منها واستمر  بضربها بالزجاج بقوة محطماً بها بقايا المرآة المعلقة فقد كان كالمجذوب الذي يحركه الغضب من نفسه دون تفكير او حساب... اعمى لا يرى امامه سوى ما فعله بها... 
فكلما تذكر صراختها و مظهرها و هى ملقية على الارض تتلاقى ضرباته بينما هى حامل بطفله يجعله يرغب بقتل نفسه... 

جذبته صدفة بقوة هذة المرة تمنعه من ضرب يده صارخة به و هى تحاول ايقافه من ايذاء نفسه
=كفاية... كفاية.... يا راجح حرام عليك.... 

لتنجح اخيراً  بجذبه بعيداً عن المرآة حيث وقف مكانه ينهج بعنف والعرق  يتصبب من كامل جسده و وجهه و عينيه كانوا محتقنين كالدماء
اخذ يحدق بها بنظرات مليئة بالبؤس و الندم قبل ان يجذبها نحوه يحتضنها بقوة دافناً وجهه بعنقها حاولت دفعه رافضة لمسته لكن تجمدت مكانها عندما بدأ جسده يهتز بقوة بين ذراعيها بينما نشيج حاد يصدر منه.. 
جفت الدماء بعروقها عندما ادركت انه يبكى همست باسمه بصوت مرتجف و عقلها لا يستطع استيعاب انه يبكى حقاً... 
تعالى نحييه بشهقات ممزقة بينما يشدد من احتضانه لها و يده الملطخة بالدماء تتشبث بقوة  بظهرها مما جعل عبائتها تتلطخ بدمائه.. تشبث بها كما لو كان لا يقدر على تركها... 
ظلت صدفة متصلبة بحضنه  والضغط الذي قبض علي صدرها يهدد بسحق قلبها 
لكنها استسلمت اخيراً و احاطت خصره بذراعيها تضمه اليها و يدها تمر برفق فوق ظهره العريض محاولة تهدئته بينما تبكى هى الاخرى على ألمه و ألمها... 
ظلوا على حالتهم تلك عدة دقائق حتى توقف نشيج بكائه لكنه ظل دافناً وجهه بعنقها الذى اصبح غارقاً بدموعه... لكنها شهقت فازعة عندما رفعها بين ذراعيه فجأة  و اتجه بها نحو الفراش يستلقى عليه وهى لازالت بين ذراعيه بوجهه المدفون بعنقها همت صدفة بالنهوض لكنها ثبتت بمكانها عندما سمعته يهمس بصوت ضعيف متحشرج من اثر البكاء 
=انا معتش ليا حد غيرك كله باعنى و ضربنى في ظهرى.... حتى امى.... انا ماليش غيرك يا صدفة.... 
ليكمل بصوت منخفض متعب بكلمات متقطعة كما لو كان يحدث نفسه.. غير واعى 
=كله باعنى... يا صدفة .. كله باعنى..

اخذ يهمهم بتلك الكلمات بصوت منخفض كما لو كان غير واعى  انقبض صدر هاصدفةو هى تستمع الى هزيانه هذا... 
ظل على حالته تلك من الهزيان حتى صمت فجأة و شعرت بانفاسه قد اصبحت ثقيلة لتعلم انه غرق بالنوم... 
ضغطت بشفتيها برفق فوق رأسه المدفون بصدرها قبل ان تحاول ان تنسحب من بين ذراعيه لكنه تشبث بها بقوة وهو يتلملم في نعاسه رافضاً تحريرها... 
مما جعلها تنتظر قليلاً حتى يستقر بنومه قبل ان تحاول مرة لتنجح بالتحرر من بين ذراعيه و النهوض... 

اتجهت نحو الحمام و اخرجت صندوق الاسعافات و عادت الى الغرفة مرة اخرى جلست بجانبه على الفراش و بدأت بمسح الدماء من يده حتى ترى مدى الضرر الذى اصابه لتكتشف عدة جروح بها لكنها لم تكن عميقة تأكدت من عدم وجود شظايا من الزجاج عالقة بها قبل ان تبدأ بوضع عليها المطهر مما جعله يتلملم في نومه بعدم راحة لكنه لم يستيقظ... 
استمرت بتضميد جراحه ثم عقدت من حولها بعض اللفائف الطبية.. 
و ما ان انتهت ظلت جالسة بمكانها تتفحص وجهه و اثر الدموع العالقة به فلأول  مرة تراه يبكى ...فقد كان دائماً فخوراً لا يظهر ابداً ألمه امامها حتي بعد مشاجراته مع والده فرغم علمها مدى الالم و الحزن الذي يشعر  بهم بسبب معاملة والده القاسية له الا انه كان يكتفى بالاستلقاء بحضنها فقط و يظل صامتاً 
انحنت ممررة شفتيها فوق جبينه تقبله بحنان و هي تتمنى لو تستطيع مسامحته و نسى كل ما حدث لكنها لا تستطيع فالألم من شكه بها و تصديقه بانها تستطيع خيانته مع راجل اخر يمزقها من الداخل... 
نهضت بتثاقل متجهة نحو باب الغرفة تخرج منه لكنها التفت بمدخلها تلقى نظرة اخيرة عليه قبل ان تستدير و تغادر ... 

   ༺༺༺༺༻༻༻༻

في الصباح... 

استيقظ راجح و هو يشعر بثقل رهيب برأسه و ألم ينبض بيده رفعها امام عينيه التى كانت لا تزال غائمة بالنعاس لكنه انتفض جالساً فور ان رأى الضمادة التى حول يده ليتذكر ما حدث بالأمس التف ينظر الى الجانب الاخر من الفراش بحثاً عن صدفة لكنه وجده خالياً انتفض واقفاً متجهاً نحو الحمام ليجده فارغ هو الاخر...
اسرع بالخروج و قلبه يقصف في صدره بجنون ظناً منه انها قد غادرت لكن هدئ ذعره فور ان وجدها نائمة بغرفة الاطفال...اطمئن عليها...
ثم دلف الى المطبخ لكى يحضر لها الافطار فقد اهملها بالامس و اهمل دوائها...لكنه الان سيراعها...سيراعها هى و طفله ارتسمت ابتسامة واسعة على وجهه فور تخيله لفتاة تشبه صدفة بجمالها الرائع...  
حضر الافطار لها فوق الصينية ثم وضعهافوق  الطاولة التى بجانب الفراش الذى تستلقى عليه و بجانبه الدواء الذى يجب ان تتناوله.... 
ثم غادر المنزل حتى يذهب الى الوكالة و يرى ما يجب عليه فعله مع والده... 

بعد مرور ساعتين..

استيقظت صدفة لتجد صينية الطعام بجانبها خفق قلبها على فعلته تلك الحنونة تلك تناولت طعامها و اخذت دوائها الذى تركه لها من ثم دلفت الى غرفة النوم حتى تنظف الغرفة و تزيل الفوضى التى تسبب بها راجح بالأمس لكنها فوجئت عندما رأت المكان نظيف و قد اختفت شظايا الزجاج التى كانت متناثرة بالامس وتم تبديل شراشف الفراش التى كانت ملطخة بدماءه... 

بعد مرور بعض الوقت كانت  جالسة على القراش تمشط شعرهل المبلل برفق بينما تشاهد التلفاز بعد ان انتهت من الاستحمام و تبديل ملابسها التى كانت ممتلئة بدماء راجح الى اخرى نظيفة عندما فتح باب الغرفة و دلف راجح الى الداخل.. 
استمرت بتمشيط شعرها دون ان تلتف اليه متصنعة الانشغال بمشاهدة التلفاز جلس راجح بجانبها من ثم وضع ورقة فوق ساقها اخفضت عينيها اليها تتفحصها بارتباك هامسة بتردد
=ايه ده..... 

اجابها بهدوء و هو يفتح الورقة امام عينيها
=ده عقد بيع و شرى منى ليكى للشقة دى.... يعنى من النهاردة الشقة دى بقت بتاعتك رسمى.... 

تصلب جسدها بصدمة فور سماعها كلماته تلك لكنها هزت رأسها بقوة و هى تخرج من صدمتها قائلة بعدم فهم
=ليه... كتبتها باسمى ليه...؟!

مال الي الامام ممسكاً بيديها بين يديه 
=علشان تبقى امان ليكى اى مشكلة بنا مهما كبرت انا اللي امشى و انتى اللى تفضلى معززه مكرمة في بيتك...مع ان و الله مش ناوى ازعلك تانى مهما حصل..... 

نزعت يديها من بين يديه مغمغة بارتباك 
=بس انا مقولتش انى هرجع ليك يا راجح..... 

انقبض صدره بألم عند سماعه كلماتها القاسية تلك لكنه اومأ برأسه قائلاً بهدوء يعاكس ما يشتعل بداخله من ألم
=حتى لو مرجعتليش يا صدفة... برضو الشقة بتاعتك...
ليكمل بصوت يملئه الندم و هو يتذكر ما تعرضت له بسببه
=انا لا يمكن اخليكى تعيشى اللى عشتيه ده تانى.... 

قاطعته بحدة و هى تتراجع بعيداً عنه
=بس انا مش عايزة منك... حاجة... ولا محتاجة منك حاجة.... 
انهت جملتها ممسكة بورقة العقد تهم بتمزيقها لكنه اسرع بجذبها منها و هو يهتف بحدة و فضب
=اعقلى و بطلى شغل العيال ده 
زفر بحنق قبل ان يقترب منها قائلاً بنبرة خطرة
=انا قولت الشقة بتاعتك تبقى بتاعتك....و بطلى عند في كل حاجة علشان انا تعبت..... 
ليكمل بصوت مختنق و هو يفرك وجهه بيده التى كانت ترتجف بوضوح
=انا تعبان بجد يا صدفة... فبالله عليكى متزودهاش عليا

صمتت صدفة تتطلع الي عينيه الممتلئتين بالتوسل و الحسرة مما  جعل قبضة تعتصر قلبها ألماً عليه...اومأت برأسها بصمت
ليزفر راجح براحة قبل ان يستقيم واقفاً ممسكاً بذراعها يجذبها برفق منه قائلاً
=يلا قومى البسى... علشان نروح للدكتور انا كنت حجزت امبارح عند الدكتور رأفت علشان موضوع الانيميا... بس لما عرفت بموضوع الحمل كلمت شهد و عرفت منها كانت متابعة مع مين في حملها و حجزتلك عن دكتورها ميعاد النهاردة.... 

اومأت صدفة برأسها قائلة بهدوء
=شهد عاملة ايه في السعودية اتأقلمت هناك.... 

اجابها بينما يحثها برفق للتوجه نحو خازنة الملابس
=بخير الحمد لله...يلا البسى بسرعة... 

اتجهت الي الخازنة مخرجة ملابسها من ثم دخلت الحمام حتي تبدل ملابسها....

   ༺༺༺༺༻༻༻༻

في وقت لاحق... 

كانت صدفة مستلقية علي الفراش المعد للفحص بينما كان راجح يجلس علي المقعد الذي بجانب رأسها عينيه مسلطة بلهفة علي شاشة التلفاز التي سيظهر عليها شكل طفلهم في اى لحظة...
امسك بيد صدفة بين يده يضغط عليها بلطف و لمفاجأته استجابت له و ضغطت على يده برفق مما جعله يبتسم...
اخذ الطبيب يجري فحصه عدة دقائق من ثم استدار اليهم بالنهاية و ابتسامة واسعة تملئ وجهه قائلاً...
=مبروك يا استاذ راجح... المدام حامل في توأم.... 

انحبست انفاس راجح فى صدره و قد اهتز جسده بعنف فور سماعه تلك الكلمات..
اخذ يتطلع الي الطبيب عدة لحظات باعين متسعة بالصدمة و هو لا يصدق ما سمعه تنحنح و هو يهز رأسه بقوة مخرجاً نفسه من تلك الصدمة هامساً بارتباك
=انت قولت ايه.. يا دكتور معلش...؟ 

ابتسم الطبيب بتفهم و هو يعيد ما قاله.. 
=قولتلك مبروك المدام.. حامل في توأم... 

تقافزت نبضات قلبه بجنون بصدره و هو لا يصدق...لا يصدق انه سيكون له طفلين بدلاً من طفل واحد...طفلين يشبهان زوجته الفاتنة...
اخفض عينيه نحوها ليجدها تتطلع اليه باعين ملتمعة بالدموع و هى تراقبه 
=انتى كنت عارفة...؟؟ 

اومأت برأسها بصمت مما جعله يرفع يدها طابعاً قبلة حنونة براحتها و ابتسامة سعيدة تملئ وجهه لكن تلاشت ابتسامته تلك و اختفت فور ان اتته فكرة جعلت كامل جسده يهتز فقد قام بضربها و هى حامل بطفليه...و كم كانت ضعيفة بهذا الوقت و بحاجة اليه و بدلاً من ان يراعها قام بسحقها بسبب غبائه و تصديقه لفخ اقامه بعض الحقراء... 
ادركت صدفة ما يدور في عقله على الفور من الكأبة و الألم الذين ملئوا عينيه مما جعلها تضغط على يده هامسة باسمه.. 

رفع عينيه اليها لتشير نحو شاشة العرض الصغيرة هامسة برفق و هى تحاول تخراجه من حالته تلك
=هنشوفهم دلوقتى....

اومأ برأسه بصمت و سلط عينيه علي الشاشة لكنها شعرت بيده التى تمسك بيدها اصبحت باردة للغاية مما جعلها تضغط عليها بحنان فرغم  حزنها و غصبها منه الا انها لا تستطيع ان تراه بحالته تلك.. 

انحبست انفس راجح داخل صدره فور رؤيته لصورة طفليهم تظهر بالشاشة الصغيرة فقد كانوا مجرد نقطتين صغيرتين لم تكن لهم ملامح واضحة لكنه رغم ذلك وقع صريعاً في حبهم في الحال و شعور من الدفئ و الحماية يغمرانه تجاههم.. 
اخفض عينيه الي زوجته التي كانت  تبكى بصمت  مما جعله ينحنى و يقبل جبينها بحنان و يده تفرك خدها.. 

غمغم الطبيب الذى لم يكن هذا المشهد جديداً عليه فمعظم الازواج الذين يأتون اليه تكون هذة ردة فعلهم عند رؤيتهم طفلهم لأول مرة غمغم مبتسماً 
=الحمدلله.. كل حاجة تمام.... 

همست صدفة بصوت مختنق متردد من ردة فعل راجح على ما ستقوله
=طيب يا دكتور... انا.. انا كنت اتعرضت لنزيف من فترة و الدكتور قالى اخد بالى اول 3 شهور... 

ابتلعت باقي جملتها عندما شعرت براجح يتصلب بجانبها وقد شحب وجهه بشدة مما جعلها تقلق عليه....
غمغم الطبيب الذى كان غافلاً عن حالتهم تلك... 
=متقلقيش يا مدام صدفة.. اللى انا شايفه قدامى دلوقتي ان حالتهم بخير.. بس ده ميمنعش ان احنا نبقى حذريين لحد ما نعدى ال3 شهور الاولى لان دول اخطر شهور... و هكتبلك علي حقن مثبتة وباذن الله كل حاجة هتبقى بخير.... 

انهي كلامه ثم خرج من مكان الفحص عائداً الي مكتبه تاركاً الفرصة لها لكي تعدل من ملابسها... 
ساعدها راجح علي  الجلوس وقف امامها مباشرة بوجه شاحب وعينيه محتقنة بشدة هامساً بصوت مرتجف مختنق كما لو كان يتألم
=النزيف ده حصل بسببى مش كدة....؟! 

نظرت اليه عدة لحظات وهي تعقد حاجبيها بعدم فهم قبل ان تدرك مقصده فقد كان يظن ان النزيف الذى اصابها بسبب ضربه لها.. 

هزت رأسها على الفور قائلة بنبرة قاطعة
=لا مش انت السبب يا راجح... 
لتكمل سريعاً دون ان تترك له الفرصة لمقاطعتها 
=النزييف جالى فى اليوم اللى هربت فيه من بيت اشجان... كانت زقتنى و اتخبطت في ظهرى جامد.. بعدها طلعت اجرى في الشارع... 

اشتد وجهه و اصبح اكثر قتامة و قد تسارعت انفاسه و احتدت بشدة شاعراً كأن ستار اسود من الغبب يعمى  عينيه....غضب عاصف يجعله يرغب بقتل كلاً من اشرف و اشجان على ما تسببوا به لها.. لكنه كان السبب الحقيقى وراء ما عانته على ايديهم لو لم يصدق تلك الاتهامات لما تعرضت هى لكل هذا الالم و العذاب...

اغمض عينه يتنفس بقوة محاولاً السيطرة على ما بداخله من ألم و غضب لكنه فتح عينيه بصدمة عندما شعر بها تلف ذراعيها حول خصره تحتضنه برفق مربتة بحنان فوق ظهره كما لو كانت تدرك ما يدور بداخله راغبة بالتخفيف عنه...حاول التمتع بقربها هذا منه لكنها اسرعت بنزع ذراعيها عنه و نهضت معدلة من ملابسها قبل ان تلتف حول ستارة الفحص و تخرج و تتجه نحو مكتب الطبيب...
ظل راجح مكانه عدة لحظات يحاول التحكم في تسارع تنفسه و ارتجافة جسده قبل ان يستدير و يلحق بها للخارج... 
وصف لها الطبيب ادوية جديدة خاصة بحالة الانيميا الحادة التى لديها.. و فيتامينات... بالاضافة الى الادوية الاخرى الخاصة بالحمل ثم نصحها بالراحة التامة.. و الاكثار من تناول الطعام الذى سيمدها بالحديد مثل البنجر.. الكبدة.. العسل الاسود و الكثير من الاطعمة الاخرى على ان تقوم  بزيارته كل اسبوع حتى يقوم بفحصها و الاطمئنان عليها...

༺༺༺༺༻༻༻༻

في احدى المنازل بمنطقة شبة نائية... 

غمغمت اشجان  التى كانت تستند على صدر توفيق المستلقى بجانبهاعلى الفراش
=هتفضل مستخبى كتير كده... خايف من راجح الراوي... 

استدار اليها توفيق قائلاً بحدة
=و هو انا هربان من راجح بس... انا هربان من راجح... و من رجالة منصور علام...

قطبت حاجبيها قائلة بعدم فهم 
=و منصور علام عايز ايه منك...هو كمان؟! 

زفر بحدة قائلاً بغضب 
=منصور علام انا عليا له فوق المليون جنية و كاتب علي نفسي بهم وصولات...بسبب البضاعة اللي جبتها اول ما فتحت الأچنص... و هو صاحب راجح و كان كل ما اتأخر في سداد الاقساط يبقى عايز يقدم الوصولات دى للنيابة بس راجح كان بيهديه و يسكته عليا و انه ضمني........ 

ليكمل و قد تجهم وجهه بغضب
=طبعاً بعد اللي حصل... راجح اتصل به وقاله انه بيرفع حمايته من عليا و انه حر يتصرف معايا زي ما هو عايز يتصرف و فعلاً راح قدم الوصولات للنيابة و رجالته قالبة الدنيا عليا....

هتفت اشجان و هى تعتدل جالسة
=احييية عليك و على وقعتك السودا... 

تناول توفيق سيجارة من العبوة التى فوق الطاولة بجانب الفراش قائلاً بهدوء
=لا متخفيش ما انا عرفت هخرج ازاي من الليلة دي... 

لوت اشجان شفتيها قائلة بسخرية
=ازاى بقي يا ملك عصرك... 

اجابها و هو يشعل السيجارة التى بفمه
=عرفت ان راجح فض الشراكة مع عابد و طبعاً طلعله بالميت كدة يجى 6.. 7 مليون جنية.... 

همت اشجان بمقاطعته واخباره انها علمت من عابد انه قام بطرده ولم يعطيه شئ لكنها اغلقت فهمها عندما سمعته يكمل قائلاً
=هخليه يدفعلي بنفسه تمن الوصولات.... هخطـ.ـف الحلوة اللي متجوزها و هخليه يدفع دم قلبه علشان يرجعها.... 

اتسعت شفتى اشجان فى ابتسامة و قد التمعت عينيها فور سماعها كلماته تلك
=طيب و هتخطـ.ـفها ازاى و هى مرزوعة في بيتها 24 ساعة و لو خرجت بيبقى معاها عابد بيقولى من يوم ما رجعت و هى منزلتش غير مرة و كانت معاه... 

ابتسم توفيق قائلاً 
=ما شاء الله...ده  عابد واقع لشوشته معاكى و بيحكيلك كل حاجة اهو... اومال ليه ياختى.. من يوم ما زقيتك عليه و انتى مش عارفة تضحكى عليه و تخليه يكتبلك محل واحد من محلاته..و كل اللي بتطلعيه منه ملاليم..  

اجابته اشجان بحدة و هى تختطف السيجارة من فمه 
=و انا كنت اعرف اخد منه  حتى حتة تلاجة ولا غسالة طول ما كان راجح ماسك الشغل...علشان اخليه يكتبلى محل من محلاته.... 

ربت توفيق على ساقها  العارية قائلاً بمكر
= اهو ياختى راجح مشى و رينى شاطرتك انتى بقى..... 

اخذت اشجان نفساً عميقاً من السيجارة التى بيدها قائلة 
=متقلقش.... المهم قولى هتوصل ازاى للبت صدفة.... 

اجابها و هو يتناول سيجارة اخرى و يقوم باشعالها
=مش مهم تعرفى المهم عندى اختار وقت يكون راجح مش في البيت فيه.....  

قطبت اشجان حاجبيها قائلة 
=و هتعرف منين.....ده

اجابها مبتسماً و هو يستدير ينظر اليها بسخرية
=من هاجر حبيبتىى طبعاً.. اتفقت معاها تراقب بيخرج كل يوم امتى و بيرحع في حدود الساعة  كام علشان اعرف انفذ في الوقت الصح... 

زفرت اشجان بحدة قائلة بغضب
=هي البت دي لسه بتكلمك... مش قولت هتخلص منها

هز توفيق قائلاً ببرود
= و اخلص منها ليه... دي منجم دهب و بستفيد منهل

ليكمل بسخرية و هو يمسك بذقنها يدير وجهها اليه
=ايه ده يا شوشو بتغيري عليا ولا ايه...

دفعت اشجان يده بعيداً قائلة بحدة
=اغير على ايه بلا نيلة.. هي جت عليها.. ده انت تعرف نسوان بعدد شعر راسك....

ابتسم تقائلاً و هو يعتدل في جلسته
=جدعة يا شوشو.. و ده اكتر حاجة بحبها فيكى انك ست عاقلة...... 
ليكمل و هو يلتقط من السيجارة نفساً عميقاً
=الا صحيح مفيش اخبار عن متولي جوزك.....
اشاحت بيدها قائلة بتأفف 
=ياخويا افتكرلنا حاجة عدلة...و   لا معرفش عنه حاجة.. دخله علي 3 شهور من يوم ما غار سافر الكويت كأنه ما صدق ابن الورمـ.ـة

لتكمل و هي تضرب توفيق علي ذراعه
=و يلا يا خويا خد نفسك و امشى بدل ما نلاقى عابد طابب علينا و نروح في داهية....ميعاد رجوعه قرب...

اومأ برأسه من ثم اطفئ السيجارة التي بيده قبل ان ينهض و يلتقط ملابسه و يرتديها ثم غادر مسرعاً.. 

   ༺༺༺༺༻༻༻༻

بعد مرور اسبوع... 

كانت صدفة جالسة بغرفة الاستقبال تربت بحنان على بطنها التى اصبحت اكثر بروزاً عن قبل.. 
و عقلها شارد تفكر بعلاقتها براجح و علاقتهم المتوترة فقد كانت تتجنب الحديث معه و تظل بغرفة الاطفال لا تخرج منها طوال فترة وجوده بالمنزل فقد كانت لاتزال غير قادرة على مسامحته رغم محاولاته لتعويضها فقد كان يراعها يهتم بمأكلها و مشربها.. يصنع لها الطعام بنفسه و يقوم بالاعمال المنزلية بأكملها رافضاً ان تحرك اصبع واحد من يدها...رغم انشغاله فقد كان يذهب من الصباح لا يعود الا بعد حلول الليل لا تعلم الي اين يذهب خاصة انه لم يعد يعمل بالوكالة مع والده... 
تعالى طرق حاد متتالى على باب الشقة مما جعلها تنهض بتثاقل  
لكى تذهب و تفتحه..  
التقطت الطرحة من على المقعد و وضعتها على رأسها قبل ان تفتح الباب لتتراجع الى الخلف توارب الباب عندما رأت رجلاً غريباً يقف بالباب
=ايوه يا استاذ عايز مين...؟! 

اجابها الرجل بصوت لاهث
=انتى الست صدفة مرات الريس راجح... 

اومأت له قائلة علي الفور 
=ايوة انا... في ايه... مين انت

غمغم الرجل قائلاً 
=انا خميس شغال في الوكالة بتاعت الحاج الراوى...  حاولت اتصل علي الحاج عابد تليفونه مقفول و خبطت علي الشقة اللي تحت محدش رد.... 

قاطعته صدفة بحدةو قد بدأت ضربات قلبها تتسارع بخوف وقلق
=ليه... في ايه؟!! 

اجابها خميس على الفور
=اصل جالنا تليفون  على الوكالة من مستشفى النصر ان راجح باشا عمل حادثة بالعربية و نقلوه على هناك... 

لطمت صدفة يدها على صدرها هاتفة بفزع و قد شعرت بانفاسها تنسحب من داخل صدرها كما لو  ان المكان يطبق جدرانه من حولها 
=راجح.... ماله.... حادثة ايه

اجابها خميس و هو يهز كتفيه
=اللى اعرفه... انه عمل حادثة بالعربية و ان حالته مش خطرة علشا ن كده جيت ابلغكوا..

انفجرت صدفة باكية بانتحاب حاد شاعرة بقلبها يكاد يغادر صدرها  اندفعت تحاول الخروج و هى لا تكاد ان ترى امامها لكن اوقفها صوت خميس
=راحة فين يا ست صدفة... البسى عباية ولا اى حاجة عليكى هتنزلى بعباية البيت... ألبسى و انا هوصلك للمستشفى انا عربيتى و اقفة تحت... 
ليكمل و هو يهبط الدرج
=هستناكى تحت في العربية لحد ما تغيرى هدومك.. 

تراجعت صدفة للداخل وهى تومأ برأسها قبل ان تسرع للداخل حتى تبدل ملابسها و شهقات بكائها تمزق صدرها... 

بالاسفل... 

تحدث خميس الذى كان ينتظر بسيارته 
=ايوة يا توفيق باشا... كله تمام... 
كلها 10دقايق و هتبقى عندك...


تعليقات



<>